ونحن نستقبل 2019: ماذا أنجز عام يلملم أوراقه، و ما الذي يحمله عام جديد؟
في الوقت الذي يلملم فيه العام 2018، أوراقه مؤذنا بالرحيل، تبدو الأحاسيس متضاربة بين آلام عاشها الناس خلاله، وآمال تحدوهم مع بداية العام الجديد 2019، على العديد من المستويات شخصية واجتماعية وسياسية.
وقد حفل العام 2018 بالنسبة للعالم العربي، بالعديد من الأحداث، التي شكل بعضها استمرارا لمآس عصفت به من اليمن إلى سوريا، في حين مثل بعضها تطورا سلبيا لقضيته القديمة الجديدة وهي القضية الفلسطينية، لكنه لم يخل من الإيجابيات.
ولعل أبرز ما شهده 2018، كان وفاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بالوعد الذي قطعه على نفسه، بنقل سفارة بلاده في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس الغربية، بعد اعترافه في 2017 بالقدس عاصمة موحدة للدولة العبرية، وهو التطور الذي أدى فيما بعد إلى أعمال عنف أسفرت عن مقتل العشرات من الفلسطينيين الذين بدأوا في 30 مارس/ آذار فعاليات "مسيرة العودة الكبرى" للمطالبة بحقهم في العودة إلى أراضيهم.
ويلي هذا التطور في الأهمية، قضية مقتل الإعلامي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول بتركيا، وهي القضية التي ماتزال أصداؤها تتردد حتى الآن، ففي الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول، دخل الكاتب السعودي إلى مقر القنصلية لإنهاء بعض المعاملات الرسمية، لكنه لم يخرج منها مطلقا بعده، لينتفض العالم حتى تعترف الرياض بمقتله في العشرين من نفس الشهر داخل القنصلية.
إيجابيا وعلى المستوى السعودي أيضا، منحت النساء السعوديات في الرابع من يونيو/ حزيران 2018، الحق في قيادة السيارات، وهو حق ناضلن من أجله لسنوات طويلة.
وفي العراق أجريت في الثاني عشر من مايو/ أيار، أول انتخابات بعد تحرير البلاد من تنظيم ما يعرف بـ "الدولة الاسلامية"، وتصدّر تحالف "سائرون" بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر نتائج هذه الانتخابات، في حين حلّ ائتلاف رئيس الوزراء حيدر العبادي ثالثا.
وكان 2018 أيضا عام استمرار الأزمة الخليجية والتي بدأت في يونيو/ حزيران من العام 2017، بإعلان كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، ومقاطعتها سياسيا واقتصاديا، لكن ديسمبر من 2018 شهد تلقي أمير قطر الشيخ تميم من حمد آل ثاني دعوة للمشاركة في قمة مجلس التعاون الخليجي التي انعقدت بالرياض.
ومع نهاية ديسمبر 2018 أيضا، تمت زيارة أول رئيس عربي إلى سوريا منذ 2011، ففي 17 ديسمبر/ كانون الأول 2018، قام الرئيس السوداني، عمر البشير، بزيارة مفاجئة لسوريا استقبله خلالها بشار الأسد بحفاوة، ليزيد الحديث بعدها عن إعادة دول الخليج لعلاقاتها مع دمشق، والسعي لإعادة سوريا للجامعة العربية.
وعلى مستوى الحرب الدائرة في اليمن، والتي أودت بحياة الآلاف من المدنيين وأدت إلى انتشار الأوبئة، حملت نهاية 2018 أخبارا مبشرة، فبعد محادثات مكثفة برعاية الأمم المتحدة توصل الحوثيون، والقوات الحكومية اليمنية المدعومة من قوات التحالف العربي بقيادة السعودية، إلى اتفاق هدنة في مدينة الحديدة في 13 ديسمبر/ كانون الأول.
وفي الجزائر شهد العام 2018 إقالة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة للعديد من كبار ضباط الجيش، في وقت تواصل فيه الحديث عن اعتلال صحة الرئيس، وعن احتمالات إجراء الانتخابات الرئاسية الجزائرية في موعدها المحدد في إبريل/ نيسان من العام 2019 وعما إذا كان بوتفليقة سيترشح فيها أم لا.
وهكذا يبدو العام الذي يلملم أوراقه راحلا، حافلا بالأحداث التي شهدتها المنطقة العربية بين كثير سلبي وقليل إيجابي، ويبقى أن الناس يعلقون آمالا كبيرة على عام جديد قادم، يحسنون فيه الظن بالمستقبل، ويتمنون أن يحمل معه حلا لأزمات كثيرة ينهي الحرب في اليمن ويعيد الاستقرار كاملا لسوريا، وينهي الأزمة الخليجية التي قطعت أواصر العديد من العائلات، ويبشر بعهد جديد من الديمقراطية، لا أحد بيده حل سحري ولكن الجميع يحدوهم الأمل ويتمنون أن تتحقق أمنياتهم في عام أفضل من سابقه.