منظمة التجارة العالمية وأثرها على اقتصاديات الدول النامية
Title: منظمة التجارة العالمية وأثرها على اقتصاديات الدول النامية
Author: وفاء حسن عمر الفكي, مضوي
Abstract: قام البحث بالتعريف بأهمية التجارة الدولية متتبعًا مراحل تطورها من خلال شرح
وتحليل بعض نظريات التجارة الدولية، وإيجاد تفسير نظري ملائم لقيام التجارة بين الدول
مبينًا المواقف السياسية المختلفة التي تتبناها الدول إزاء تجارتها الدولية.
قد قامت الدراسة بالتعريف بخطوات إنشاء منظمة التجارة العالمية منذ أن برزت
كفكرة في مؤتمر "بريتن وودز" إلى أن أصبحت كيان مؤسسي قانوني يتولى مسئولية تنظيم
التجارة على المستوى العالمي.
هدف البحث للإجابة على عدة أسئلة تتمثل في ماهية إيجابيات وسلبيات اتفاقيات
التجارة الدولية على الدول النامية؟ وما هي الآثار الاقتصادية التي ستنعكس على هذه الدول
من جراء الانضمام لمنظمة التجارة العالمية؟
تمت الاستعانة بالمنهج الوصفي التاريخي لسرد وتوصيف الحقائق والوقائع التاريخية
بالإضافة إلى المنهج التحليلي في تحليل اتفاقيات جولة أورجواي ثم منهج دراسة الحالة
لدراسة بعض الحالات التي تساعد في التحليل واستخلاص النتائج.
اعتمد البحث على المكتبة بشكل أساسي في جمع البيانات من خلال الكتب والدوريات
التي تناولت الموضوع بالدراسة والتحليل كما اعتمد على بعض البيانات المستمدة من شبكة
المعلومات (الإنترنت).
خلص البحث لأهمية منظمة التجارة العالمية التي جاءت كتأكيد لأهمية التجارة بين
دول العالم وأنه ليس بإمكان الدول النامية البقاء خارج إطار المنظمة لما لها من آثار ستنعكس
على جميع بلدان العالم سواء كانت متقدمة أو نامية، وأن منظمة التجارة العالمية لها جوانب
إيجابية وجوانب سلبية وأن هذه الإيجابيات والسلبيات تختلف من قطر لآخر وتتفاوت من
قطاع إلى آخر وأن الجانب الإيجابي لهذه الاتفاقيات يمكن تعظيمه إذا تم تطبيق الاتفاقيات
بوضوح وشفافية مع الدراسة المتعمقة لما تحويه هذه الاتفاقيات من التزامات ومزايا وإذا ما
أسهمت الدول المتقدمة في دعم جهود التنمية في الدول النامية.
من خلال دراسة نموذجين للدول النامية (السعودية، الصين) خلص البحث إلى أن
هنالك صعوبات عديدة تواجه الدول النامية في طريقها للانضمام لمنظمة التجارة العالمية وأن
مدى استفادة البلدان النامية من منظمة التجارة العالمية يعتمد على اقتصاديات هذه البلدان
ودرجة انفتاحها. ومن خلال دراسة إيجابيات وسلبيات اتفاقيات التجارة الدولية وملاحظة تزايد
عدد الدول المنضمة إلى منظمة التجارة العالمية خلص البحث إلى أن الدول النامية تفضل
محاولة تحسين أوضاعها الاقتصادية والانضمام لمنظمة التجارة العالمية بد ً لا من البقاء خارج
الإطار العالمي للتجارة الدولية.
https://dspace.univ-ouargla.dz/jspui/bitstream/123456789/5790/1/9_NACER.DOCمنظمة التجارة العالمية وآثارها على الدول النامية
عدنان فرحان الجوراني
2011 / 8 / 3
الادارة و الاقتصاد
مقدمة:
لقد اتسمت التجارة العالمية في النصف الثاني من القرن الماضي بالارتفاع غير المسبوق في حجم تلك التجارة وتنوعها ، وأصبحت تتم بين مختلف الدول في منظومة متكاملة من خلال أسس وقواعد ونظم تحددها مجموعة ضخمة من الاتفاقات الثنائية والاقليمية والدولية تبلورت وتطورت على مدى عشرات السنين ، وكانت جميعها تهدف الى تسهيل حركة التبادل التجاري للسلع والخدمات وتذليل العقبات أمامها بين مختلف دول العالم ، وقد نطلب ذلك قيام منظمة متخصصة تشرف على تنفيذ هده الاتفاقيات وتذليل العقبات أمام نمو وازدهار حركة التجارة الدولية وحل المشاكل التي تظهر من خلال الممارسات الفعلية ، وعلى هذا الأساس فقد تم انشاء منظمة التجارة العالمية عام 1995.
لقد ظهرت فكرة إنشاء منظمة التجارة الدولية لأول مرة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية قبل بدء عمل الجات, حيث أعدت الحكومة الأمريكية عام 1945 مشروعا لإنشاء منظمة دولية للتجارة, على غرار إنشاء صندوق النقد الدولي و البنك العالمي, و لكن الكونغرس الأمريكي رفض هذا المشروع, و كان ذلك عام 1950, و مع مرور الوقت و تشعب عمليات التجارة الدولية و تطورها خاصة في الثمانينات, نادى البعض بإنشاء منظمة التجارة الدولية في جولة الأورجواي, و على الرغم من المعارضة الأمريكية,إلا أنها وافقت مؤخرا.
و تتضمن اتفاقية إنشاء منظمة التجارة العالمية 16مادة عامة تغطي مختلف الجوانب القانونية و التنظيمية التي تحكم عمل هذه المنظمة.
ان ظهور منظمة التجارة العالمية كمنظمة دولية جاء نتيجة لنجاح المفاوضات متعددة الأطراف التي تمت في اطار الاتفاقية العامة للتعريفات الجمركية ( الجات) ، وقد تعاون كل من الجات ومنظمة التجارة العالمية على اقامة نظام تجاري قوي يهدف الى نمو التجارة الدولية ، وازالة العقبات التي تعترضها.
تتناول هذه الدراسة التطور التاريخي لنشوء منظمة التجارة العالمية وبيان وظيفتها وهيكلها التنظيمي والدور الذي تؤديه ، ثم عرض لأهم الآثار المتوقعة لانضمام الدول النامية لتلك المنظمة ، وتقوم فرضية الدراسة على " بسبب الضعف الهيكلي للبلدان النامية في معظم المجالات الاقتصادية فان قيام منظمة التجارة العالمية له فوائد كبيرة تصب في مصلحة الدول المتقدمة وليس النامية".
أولا : نشأة منظمة التجارة العالمية :
بعد نهاية الحرب العالمية الثانية بدأت الدول المنتصرة بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية تشكيل خريطة العالم وفق مصالحها السياسية والاقتصادية والعسكرية وغير ذلك ، ومن هنا أنشأت منظمة الأمم المتحدة عام 1945 ، كما تم انشاء صندوق النقد الدولي والبنك الدولي .
وقد بدات جهود الأمم المتحدة لتنظيم التبادل الدولي للتجارة في عام 1946 من خلال المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع لها ، وفي عام 1948 تم اعداد ميثاق "هافانا" لتنظيم التجارة الدي وقعت عليه 53 دولة واقترح فيه انشاء مؤسسة دولية لتنظيم التجارة ، الا أن الولايات المتحدة اعترضت على مشروع الميثاق، وذلك للمعارضة التي أبدتها اتحادات المنتجين في الولايات المتحدة الأمريكية على مبدأ تخفيض التعريفة الجمركية وسياسة التوسع في الاستيراد.
وفي نفس الوقت الدي رفضت فيه الولايات المتحدة مشروع ميثاق "هافانا" دعت بعض الدول للتفاوض بشأن تخفيض الرسوم الجمركية وتخفيض القيود الكمية على الواردات بهدف توسيع التجارة العالمية ، في البداية كان التفاوض يتم بين كل دولتين على انفراد وحول سلع معينة ثم جمعت هده الاتفاقيات وعممت في اتفاق متعدد الأطراف اطلق عليه "الاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة "General Agreement on Tariffs and Trade وأطلق عليها اختصارا اسم (الجات).
وقع على هده الاتفاقية في أكتوبر عام 1947 مندوبو 23 دولة لتصبح الاتفاقية سارية المفعول ابتداء من يناير 1948، وقد تطورت هده الاتفاقية بحيث أخذت شكل ومقومات المنظمة الدولية وأصبحت كما لو كانت احدى المنظمات العالمية .
الجات هي عبارة عن اتفاقية دولية متعددة الأطراف تضمن حقوقا والتزامات متبادلة عقدت بين حكومات الدول الموقعة عليها والتي تعرف اصطلاحا بالاطراف المتعاقدة بهدف تحرير التجارة الدولية السلعية من القيود التي تعوق حركتها ، وقد اتخدت الاتفاقية الى جانب ذلك مجموعة من الأهداف العامة أهمها:
1. العمل على رفع مستوى معيشة الدول المتعاقدة.
2. الارتفاع بمستوى الدخل القومي الحقيقي.
3. استغلال الموارد الاقتصادية ، والتوسع في الانتاج والمبادلات الدولية السلعية.
4. زيادة حجم التجارة الدولية وازالة القيود المحلية من خلال تخفيض القيود الكمية والجمركية.
5. اتباع المفاوضات كوسيلة لحل المشكلات المتعلقة بالتجارة الدولية السلعية.
وقد تطورت عضوية الجات على مدار السنين الى أن وصل عدد أعضائها الى 96 دولة عام 1991 اضافة الى طلبات مقدمة من 31 دولة تطلب الانضمام الى العضوية . والهدف الرئيسي للجات كان "اقامة نظام تجارة دولية حر" ، ومن أجل تحقيق هدا الهدف فقد تبنت السياسات التجارية التالية : ( المنظمة العربية، 2005، 45)
1. اتباع مبدأ عدم التمييز في المعاملة بين دولة وأخرى في التجارة الدولية ويخضع التعامل بين مجموعة الدول الأعضاء لقاعدة معاملة الدولة الأولى بالرعاية .
2. العمل على منع القيود الكمية في التبادل التجاري بين الدول الأعضاء.
3. حل الخلافات بين الدول الأعضاء فيما يخص التجارة الدولية عن طريق التشاور.
تعتبر المفاوضات التجارية وسيلة الجات في تحرير التجارة العالمية من خلال اقامة نظام تجاري عالمية مؤسس على قاعدة تعدد الأطراف المتعاقدة . فهده المفاوضات تشكل الاطار المناسب لخلق صيغة عالمية لتحرير العلاقات التجارية الدولية لها قوة الالتزام من جانب الدول المتعاقدة ، وفي اطار هده الطبيعة التفاوضية تضمنت الجات منذ نشأتها في يناير 1948 وحتى تاريخ انشاء منظمة التجارة العالمية في 1995 ثماني جولات للمفاوضات متعددة الاطراف وهي : ( المنظمة العربية، 2005، 45)
1. جولة جنيف 1947 (التعريفات الجمركية والاجراءات الحدودية).
2. جولة آنيي 1949 (التعريفات الجمركية والاجراءات الحدودية).
3. جولة توركي 1950 – 1951 (التعريفات الجمركية والاجراءات الحدودية).
4. جولة جنيف الثانية 1955-1956 (التعريفات الجمركية والاجراءات الحدودية).
5. جولة دبلن 1959 – 1962 (التعريفات الجمركية والاجراءات الحدودية).
6. جولة كنيدي 1963 – 1967 (التعريفات الجمركية واجراءات مكافحة الاغراق).
7. جولة طوكيو 1973-1979 (التعريفات الجمركية والتدابير غير الجمركية).
8. جولة اورجواي 1986 – 1993 (التعريفات الجمركية – التدابير غير الجمركية – القواعد- الخدمات – الملكية الفردية – تسوية المنازعات – المنسوجات – الزراعة – انشاء المنظمة)).
وقد كان محور الاهتمام في هده الجولات هو تشجيع النمو والتنمية وازالة تشوهات التجارة واقامة نظام تجاري متعدد الأطراف أكثر استقرارا وانفتاحا ، وقد ركزت الجولات الأولى على تخفيض التعرفة الجمركية بينما ركزت جولة اورجواي على محاولة ازالة القيود غير الجمركية.
وتعتبر جولة اورجواي أهم الجولات وأكثرها طموحا ، حيث تم التفاوض فيها ولأول مرة حول السلع الزراعية ، وادخلت قطاع الخدمات وتحرير انتقال رؤوس الأموال من دولة الى أخرى، وحماية الملكية الفكرية، كما أنها اختلفت عن الجولات السابقة في أن النتائج يجب قبولها جميعا أو رفضها جميعا ولا مجال فيها للقبول الجزئي ، وبعد مفاوضات دامت سبع سنوات وقع ممثلوا (117) دولة في مدينة مراكش ، في 15 نيسان 1994 اتفاقا عالميا للتجارة أصبح يعرف باتفاق مراكش كما تم الاعلان عن انشاء منظمة التجارة العالمية (WTO ( التي بدأت أعمالها في الأول من كانون الأول عام 1995، لتحل محل اتفاقية الجات .
ثانيا : الهيكل التنظيمي لمنظمة التجارة العالمية:
يتألف هيكل المنظمة من الأجهزة التالية:
1. المؤتمر الوزاري : يتألف من وزراء تجارة الدول الأعضاء ، ويعتبر المؤتمر هو رأس السلطة في المنظمة ، ويجتمع المؤتمر الوزاري مرة كل عامين على الأقل ، وقد انعقد المؤتمر الوزاري الأول في ديسمبر (كانون الأول) 1996، في سنغافورة .
2. الأمانة العامة: تتكون من المدير العام للمنظمة ، وموظفين يتمتعون بالاستقلال التام عن دولهم.
3. المجلس العام: يضم ممثلين عن الدول الأعضاء في المنظمة ، يجتمع مرة واحدة على الأقل شهريا ، وله عدة وظائف منها تلك التي يسندها له المؤتمر الوزاري، كما أنه جهاز لفض المنازعات التجارية، وفحص السياست التجارية ، وتخضع له جميع المجالس الرئيسية واللجان الفرعية ومجموعات العمل.
4. المجالس الرئيسية: تتكون المجالس الرئيسية من :
• مجلس تجارة السلع : ويحتوي على عدة لجان ، منها اللجنة الزراعية ، ولجنة الاجراءات الوقائية ، ولجنة مراقبة المنسوجات ولجنة الممارسات ضد الاغراق وغيرها.
• مجلس تجارة الخدمات : ويشرف على عدة مجموعات منها مجموعة المفاوضات حول الاتصالات ولجنة تجارة الخدمات المصرفية .
• مجلس حقوق الملكية الفكرية : ويهتم ببحث القضايا المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية دات العلاقة بالتجارة .
5. اللجان الفرعية : تتكون من أربع لجان هي :
• لجنة التجارة والبيئة : وتعنى بدراسة تأثير التجارة على البيئة.
• لجنة التجارة والتنمية : التي تهتم بالعالم الثالث وبالأخص الدول الأقل نموا.
• لجنة القيود المفروضة لأهداف ترتبط بميزان المدفوعات : وتقدم الاستشارات بالقيود التي ترد على التجارة لأهداف ترتبط بميزان المدفوعات.
• لجنة الميزانية والمالية والادارة: وتشرف على المسائل الداخلية للمنظمة.
6. مجموعات العمل : وتختص بدراسة الترشيحات لعضوية المنظمة ، اضافة الى مجموعة العلاقة بين التجارة والاستثمار، والمجموعة المختصة بسياسة المنافسة.
ثالثا: أهداف المنظمة ومبادئها:
هناك ثلاث مبادئ أساسية بنيت عليها هذه الإتفاقية:
المبدأ الأول: عدم التمييز بين الدول الأعضاء: معناه أن منتجات أي دولة طرف في الجات يجب أن تلقى نفس المعاملة التي تلقاها منتجات أية دولة متعاقدة أخرى, و يضمن هذا المبدأ شرط المعاملة التجارية المساوية بين الدول الأطراف في الجات, و يمنع لجوء الحواجز التجارية بصورة انتقائية.
المبدأ الثاني: إزالة كافة القيود على التجارة: سواءاً كانت تلك القيود جمركية أو غير جمركية, مثل الحصص الكمية, و لكن يستثنى من ذلك تجارة السلع الزراعية و تجارة الدول التي تعاني من عجز جوهري مستمر في ميزان المدفوعات, حيث يحق لها في هذه الحالة فرض القيود اللازمة على تجارتها.
المبدأ الثالث: اللجوء إلى التفاوض: وذلك لغرض فض المنازعات التجارية الدولية بدلا من اللجوء إلى الإجراءات الانتقامية التي تتسبب في تقليل حجم التجارة الدولية.
وتتمثل أبرز أهداف منظمة التجارة العالمية في ايجاد منتدى للتشاور بين الدول الأعضاء حول المشكلات التي تواجه التجارة العالمية ، وآليات لفض المنازعات التي تنشأ بينهم ، اضافة الى تقديم بعض المساعدات الفنية والمالية للدول الأعضاء ، وفيما يلي نبدة مختصرة عن أهم أهداف المنظمة :
1. ايجاد منتدى للمفاوضات التجارية : هدف المنظمة هو جمع الدول الأعضاء في شبه منتدى يبحث فيه الأعضاء شتى الأمور التجارية ويتفاوضون ضمن جولات متعددة الأطراف .
2. تحقيق التنمية : تسعى منظمة التجارة العالمية الى رفع مستوى المعيشة للدول الأعضاء والمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية لجميع الدول وبخاصة النامية منها والتي تمثل نسبة تزيد عن (75%).
3. تنفيذ اتفاقية اورغواي : أنيطت بمنظمة التجارة العالمية تنفيذ اتفاقية اورجواي ، والتي تحتاج من أجل تحسين سير أعمالها الى اطار مؤسساتي سليم وفعال من الناحية القانونية.
4. حل المنازعات بين الدول الأعضاء.
5. ايجاد آلية تواصل بين الدول الأعضاء : اتاحة فرصة للدول الأعضاء للاطلاع على النظام التجاري لكل دولة على حدة ومناقشة جميع جوانبه وابراز النواحي التي قد تتعارض مع الالتزامات التي تفرضها اتفاقيات المنظمة.
رابعا : شروط الانضمام الى منظمة التجارة العالمية:
تضم منظمة التجارة العالمية في عضويتها حوالي 137 دولة ،ومن المتوقع أن يزداد هذا العدد في غضون السنوات القادمة ، حيث تتفاوض 32 دولة حاليا للانضمام الى المنظمة ، وهناك عدة شروط للانضمام الى هذه المنظمة أهمها: ( اللقماني، 2004، ص 55)
1. تقديم تنازلات للتعرفات الجمركية : حيث تشترط المنظمة تقديم جدول للتنازلات يحتوي على تعرفات جمركية تشكل التزامات لايمكن رفعها من حيث المبدأ الا في حالات خاصة.
2. تقديم التزامات في الخدمات : تقدم الدولة جدولا بالالتزامات التي ستتبعها في قطاع الخدمات يشتمل على قائمة بالحواجز والشروط التي تعترض القطاعات والنشاطات المهنية الخدماتية ووضع جدول زمني لازالتها.
3. الالتزام باتفاقيات منظمة التجارة العالمية : تتعهد الدولة الراغبة في الانضمام للمنظمة بالتوقيع على بروتوكول انضمام يشمل الموافقة على تطبيق والتزام جميع اتفاقيات منظمة التجترة العالمية.
4. يتم قبول عضوية الدولة باعتماد احدى الطريقتين التاليتين:
• الطريقة الأولى : تتلقى الدولة المعنية رسائل من لجنة مخصصة للنظر في طلبات العضوية الجديدة ، تكون مكونة في الغالب من الدول الصناعية الكبرى ، اضافة الى أهم الدول ذات العلاقات التجارية مع الدولة الراغبة في اكتساب العضوية.
• الطريقة الثانية : تتقدم الدولة الراغبة في العضوية بنفسها بقائمة تشمل تخفيضات في التعرفات الجمركية تكون أساسا للتفاوض.
خامسا : مزايا العضوية في منظمة التجارة العالمية :
هناك فوائد عديدة يمكن أن تجنيها الدول الأعضاء في المنظمة أهمها: ( المنظمة العربية، 2005، 74)
• ان تنفيذ اتفاقيات المنظمة بوجه عام يجعل من الممكن توسيع نطاق الفرص التجارية بالنسبة للدول الأعضاء .
• ان النظم متعددة الأطراف الأكثر صرامة تكفل وجود بيئة تجارية أكثر أمنا وتزيد القدرة على التنبؤ بما قد يستجد وتقلل من أوجه عدم اليقين في العلاقات التجارية .
• لا يجوز الا للدول الأعضاء ممارسة الحقوق المحددة في اتفاقيات منظمة التجارة العالمية.
• ان اتفاقيات منظمة التجارة العالمية تمس الى حد كبير درجات الشفافية في سياسات التجارة وممارسات الشركاء التجاريين مما يفرز أمن العلاقات التجارية.
• يمكن للأعضاء اللجوء الى آلية تسوية المنازعات التابعة للمنظمة للدفاع عن حقوقهم ومصالحهم التجارية.
• تمكن العضوية البلدان من النهوض بمصالحها التجارية والاقتصادية من خلال المشاركة الفعالة في المفاوضات التجارية متعددة الأطراف في اطار منظمة التجارة العالمية ، وهذه تضمن اتساق أية قواعد جديدة أو تعديلات للقواعد الموجودة مع مصالح الأعضاء.
سادسا: تأثير منظمة التجارة العالمية على الاقتصاد العالمي:
لقد كان لقيام منظمة التجارة العالمية أثارا مهمة على الاقتصاد العالمي ، من خلال ربط علاقات ومصالح تجارية دولية متشابكة بين عدد من البلدان ، ومع ميلاد هذه المنظمة اكتمل عقد مؤسسات النظام الاقتصادي العالمي الحديث الذي يتسم بهيمنة النظام الرأسمالي بمبادئه وآلياته.
وتسعى الدول الأعضاء الى الاستفادة من تحرير التجارة وحركة رؤوس الأموال الدولية. وقد سبقت ميلاد هذه المنظمة مفاوضات عسيرة برهنت على التناقضات القائمة بين الدول الصناعية الكبرى الباحثة عن أسواق لتصريف منتجاتها ، والدول النامية التي تسعى لحماية اقتصاداتها من المنافسة الشديدة ، والاستفادة من عائدات الضرائب والرسوم الجمركية على السلع الواردة واعتبار المنظمة جهازا جديدا لتمرير سياسات القوى العظمى المهيمنة.
ان ابرز سمات الاقتصاد العالمي في الوقت الراهن تتمثل في حركة السلع والخدمات ورأس المال والمعلومات والأيدي العاملة عبر الحدود الوطنية والاقليمية ، وهي مرتبطة بتطور تكنولوجيات الاتصال التي أدت الى جعل العالم يبدو كقرية صغيرة.
وتهدف المنظمة الى تقوية الاقتصاد العالمي من خلال تحرير التجارة من جميع القيود ، ورفع مستوى الدخل القومي الحقيقي للدول الأعضاء ، وزيادة الطلب على الموارد الاقتصادية والاستغلال الأمثل لها ، وتوسيع وتسهيل الوصول الى الأسواق الدولية ، والتعاون مع المؤسسات الدولية الاخرى ( صندوق النقد الدولي ، والبنك الدولي) لتحقيق الانسجام بين السياسات التجارية والمالية والنقدية.
وقد حظي موضوع عولمة الاقتصاد خلال السنوات الأخيرة بجانب هام من اهتمامات المفكرين الاقتصاديين والسياسين في جميع أنحاء العالم بعد أن بدا واضحا للعيان أن التطورات الاقتصادية السريعة والمتلاحقة التي يشهدها عالمنا المعاصر أدت الى نظام اقتصادي جديد أعاد ترتيب الأولويات والايديولوجيات الاقتصادية للدول ، والى بروز منظومة من العلاقات والمصالح الاقتصادية المتشابكة التي ساهمت في قيام نظام اقتصادي عالمي أكثر تعقيدا .
ان ميلاد هذه المنظمة بعد سنوات عديدة من المفاوضات الشاقة ، جاء كثمرة للأوضاع التي ميزت العالم منذ بداية التسعينات من القرن الماضي والمتمثلة في العولمة وتشابك الاقتصادات وارتباط مصالح العديد من الدول النامية بالدول المتقدمة والشركات الكبرى العابرة للقارات وتنامي دور المؤسسات الدولية في رسم مسار التنمية للدول النامية والتحكم فيه ، هذا بالاضافة الى سعي دول الشمال الغنية للسيطرة على النصيب الأوفر من الاقتصاد العالمي عبر شركاتها وفروعها المنتشرة في أنحاء العالم، والتي أصبحت تتحكم في جزء كبير ومتزايد من عمليات الانتاج وتوزيع الدخل العالمي ، وكذلك سعي تلك الدول لحل مشاكلها الاقتصادية والاجتماعية ولو على حساب الدول الفقيرة.وأبرز مظاهر العولمة مايلي:
أ. تدفق التبادلات التجارية كمحرك للنمو الاقتصادي:
تكمن الخاصية الرئيسية للعولمة الاقتصادية أساسا في الزيادة السريعة و المتزايدة للتجارة الدولية منذ الحرب العالمية الثانية، إذ نلاحظ التزايد السريع لقيمة تبادل البضائع أكثر من قيمة الإنتاج و المداخيل (إجمالي الناتج الداخلي الخام). وعلى سبيل المثال، فإن حصة الخدمات (المواصلات، التأمينات، الاتصالات السلكية و اللاسلكية، السياحة و حقوق التأليف) من التجارة العالمية ذات التكاثر المسترسل و المستمر بشكل واضح، إذ تمثل هذا الأخير اليوم 1/5 التبادلات، هذا من جهة، ومن جهة أخرى تتزايد حصة المنتوجات المصنعة على حساب المنتوجات القاعدية الموجهة للتحويل في القطاع الصناعي، إذ انتقلت نسبة الخدمات من 56 % سنة 1982 إلى 73 % سنة 1992 .
هيمنة الدول المتقدمة: تحقق الدول المتقدمة أكثر من ( 75%) من التجارة العالمية بينما تتزايد واردات المواد الاستهلاكية العادية والقادمة من الدول المتخلفة بوثيرة معتدلة. فعلى سبيل المثال، و خلال الإثنى عشر سنة الأخيرة ، انتقلت حصة هذه المواد من 19.7 % إلى 26.9 % (و11.4 % إلى 13.9 % فقط لمجمل القطاع الصناعي).
وعلى العموم، فإن مساهمة الدول السائرة في طريق النمو تعرف تزايدا ملحوظا منذ بداية التسعينات في مجال التجارة العالمية.
إن هذه الظاهرة الحديثة العهد، ما زالت هامشية و لكن يتوقع بعض الخبراء استمرارية و تواصل سريعين لها. و يمكن التماس هذا بشكل خاص في الدول الصاعدة و (الدول الأسيوية و أمريكا اللاتينية) التي تشهد نموا اقتصاديا سريعا خلال العقد الأخير. تنمو واردات هذه الاقتصاديات النشيطة كذلك و تمثل أسواقا ذات اهتمام متزايد.
التأثير على البيئة: يؤدي هذا التطور الهائل للتجارة العالمية الفريدة من نوعها، إلى التأثير على البيئة و ذلك على مستويين :
الأول: إنه يدفع إلى التخصص و الاستغلال المكثف للعمليات الإنتاجية مما ساهم بشكل كبير و واضح إلى تدهور المحيط البيئي.
الثاني: إنه يكشف بوضوح بعض المشاكل البيئية وترسيخ بعدها العالمي. إن هذا النوع من النمو يفرض علينا توازنا عالميا للبيئة في مجالات محددة (مثلا منع المتاجرة ببعض المواد الخطيرة أو بعض الكائنات الحية المهددة بالانقراض).
ب. انفجار و تدفق التبادلات المالية والاستثمارات في الخارج:
تميزت العولمة بتسريع التبادلات المالية وتطور الاستثمارات المباشرة في الخارج. إن مصدر هذه الحركة يعود جزئيا إلى تعميم الانزلاقات المالية وعدم التحكم فيها خلال الثمانينات. ومما سهل من هذه المهمة، وجود الابتكارات التكنولوجية التي تؤدي إلى توزيع الإعلام و التحويلات الفورية. عرفت كل نشاطات البورصة والبنوك الداخلية و كذا الحركات للرساميل تحررا مطلقا.
فعلى سبيل المثال إن التزايد المالي في الأسواق المصرفية فـي الفترة ما بين ( 1980- 1988) تضاعف بحوالي 8.5 مرة في دول منظمة التعاون و التنمية الاقتصادية (OCDE) و تدفق الاستثمارات المباشرة في الخارج بـ 3.5 مرات وكذا التدفق التجاري و الناتج الداخلي الخام العالمي بـ 1.9 مرة.
وهكذا فإن الاستثمارات المباشرة في الخارج زادت سرعتها بثلاث مرات عن المبادلات التجارية خلال سنوات الثمانينات. وقد بلغ مجمل الزيادة السنوية للاستثمارات حوالي 870 مليار مقابل 290 مليار خلال العقد السابق ، وبهذا تصبح أهمية ووزن قطاع الخدمات تعادل وتساوي الاستثمارات الصناعية.
الدول الصناعية : شهدت الولايات المتحدة الأمريكية تقلصا ملحوظا لحصتها في الاستثمارات في الخارج و لكن تحولت هذه الدولة إلى البلد الرئيسي المستقبل لهذه الاستثمارات، بينما كرست حضورها و تواجدها في العالم كل من هولندا و بريطانيا العظمى وألمانيا، من جهة أخرى حققت فـرنسا و اليابان تغلغلا معتبرا. وتاريخيا، ساهمت الدول المتخلفة بقسط ضئيل في هذه الحركة ما دام أن تزايد الاستثمارات تمركز في الدول المصنعة عموما. و لكن انعكس اتجاه الاستثمارات في أواخر الثمانينات، إذ أن حصة الدول السائرة في طريق النمو من الاستثمارات قي الخارج عرفت تزايدا ملحوظا و انتقل من 15 % في سنة 1989 ليصل إلى 43 % في 1993. و لكن تدفق الاستثمارات في اتجاه الدول المتخلفة تميز بتمركز جغرافي بارز (جنوب شرق أسيا خصوصا) و بسرعة فائقة، تبرز و تنفرد خصوصياتها في الأزمة المالية الاسيوية الأخيرة التي شهدتها هذه المنطقة عام 1997.
التشجيع على عدم وضع قواعد تنظيمية. مكنت السيولة المالية للمؤسسات من خلق تحويل و انتقال وحداتها الإنتاجية بكل سهولة في البلدان التي تتساهل كثيرا في مجال الضرائب والقوانين البيئية. لذا يمكن للبلدان الصاعدة أن تتسامح في مجال المعايير الاجتماعية والبيئية قصد جذب أكبر عدد ممكن من الاستثمارات ورؤوس الأموال الأجنبية. هذه الفرضية يجب أخذها بكل تـحفظ. ولكن الشيء المؤكد في هذا الشأن هو أن تجميد أو الكف عن الرقابة والصرامة للقواعد و الإجراءات القانونية، الاجتماعية و البيئية وبخاصة مرونة في العقوبات ؛ كل هذا جعلها عوامل جذب وإغراء للرساميل المتأتية من المؤسسات التي يهمها الربح فقط.
ج. الدور الضروري لقوة الشركات المتعددة الجنسيات:
إن الظواهر التي وصفناها سابقا، كانت الشركات المتعددة الجنسيات وراء تفعيلها أو المساهمة فيها أو تشجيعها. إذ تزامن هذا التزايد في الشركات و بالتوازي مع هذه الحركة العالمية التي أدت ازالة القيود التجارية و التي عادت عليها بأرباح و منافع هائلة. تمحورت مبادلات الشركات العظمى المتعددة الجنسيات حول أربعة قطاعات أساسية (البترول، السيارات، التكنولوجيا العالية و البنوك) جلها من الدول المصنعة المتقدمة ولكن تعتمد هذه الأخيرة على خلق شبكة من الفروع في الخارج كامتداد وتوابع لها بما في ذلك الدول النامية، وتتضمن تلك الشركات العظمى جل إن لم نقل كل المبادلات العالمية، و تحقق %70 من الاستثمارات المباشرة في الخارج باعتبارها المحرك الرئيسي لتوسعها.
و تقدم هذه الشركات أداة للتسيير، و مهارة جيدة في مجال التحكم التكنولوجي و إيجاد منفذ للتغلغل في الأسواق العالمية و لكن يمكن أن تعتمد بالمقابل على الأسواق المحلية. لذا فهي (أي الشركات العظمى) تستفيد من وفرة اليد العاملة الرخيصة في سوق العمل.
تؤهل هذه الخصائص، الشركات المتعددة الجنسيات لاكتساب وزن في كل تفاوض مع الدول سواء الشمالية منها أو الجنوبية. و في هذا الإطار تستطيع هذه الشركات اكتساب الوسائل اللازمة للتأثير بشكل كبير في السياسات العمومية و بخاصة البيئوية، و هذا ما يفسر المشاركة الفعالة للشركات الكبرى في اللقاءات و المفاوضات الدولية حول البيئة والتنمية و كذا في المناقشات المتعلقة بمدونات حسن السلوك الإرادي و المهيأة خصيصا لهذه الشركات.
سابعا:أثر اتفاقية منظمة التجارة العالمية على الدول النامية :
لاشك أن اتفاق الجات هو اتفاق الأغنياء و البلدان النامية في هذا المجال تعتبر تابعة و قابلة لما يصدر عن الأغنياء. و قد ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" على لسان محررها "لورنس أنفراسيا" مصورا حال الدول النامية :" لقد كانوا وعلى مدى أسابيع ينتظرون في الخارج و يرتقبون ما يجري في الداخل, و ذلك في الوقت الذي يتفاوض فيه المسئولون الأمريكيون و الأوروبيون بشأن من يحصل على جزء من الكعكة الخاصة بالتجارة العالمية, فقد كانت البلاد النامية تستغرب ما بقي لها". وبسبب الضعف الهيكلي للبلاد النامية في مجال الثروة و القوة إذ لا يزيد حجم تجارتها عن %27 من التجارة العالمية, فهي دائما الخاسر الكبر, ففي مجال السلع الزراعية و المنسوجات سوف تواجه هذه البلاد حجما أقل من الوسائل الجمركية على صادراتها المتواضعة, و مقابل ذلك سوف يطلب منها فتح المزيد من أسواقها في مجال الإستثمار و التسويق و الخدمات و السلع الزراعية الأوروبية و الأمريكية, الأمر الذي يقلل من مقدرتها على التنافس مقابل هذا السيل من التدخل الإقتصادي الخارجي.( حمدي ، 1996، ص 39)
حوالي ثلثي أعضاء المنظمة هم من الدول النامية ومن المتوقع أن تلعب هذه الدول دورا كبيرا كونها أصبحت تمثل قوة في الافتصاد العالمي ، وتتعامل المنظمة مع احتياجات الدول النامية في اطار ثلاثة اتجاهات هي:
1- لجنة التجارة والتنمية : هذه اللجنة تعمل من خلال المنظمة وضمن هيكلها التنظيمي ، وتتضمن اتفاقية منظمة التجارة العالمية عددا من الترتيبات التي تتعامل مع الدول النامية ، وكانت اتفاقية الجات قد تضمنت في الجزء الخاص في التجارة والتنمية وهو الجزء الرابع الذي تضمن مفهوم تبادل المنافع في مفاوضات التجارة بين الدول المتقدمة والنامية، كما أن الاتفاقية العامة للتجارة في الخدمات (GATS) تمنح الدول النامية بعض المعاملة التفضيلية تحت عنوان التكامل الاقتصادي ( الجزء الخامس من هذه الاتفاقية).
2- منح شروط خاصة للدول النامية : تحتوي اتفاقية منظمة التجارة العالمية على شروط وترتيبات خاصة بالدول النامية أهمها ما يلي:
• منح زمن اضافي للدول النامية كي تنفذ التزاماتها ، وكذلك ترتيبات لزيادة فرص الدول النامية في التجارة من خلال تعظيم قدرتها على الوصول الى الأسواق كما في مجال النسيج والخدمات.
• تقوم المنظمة بحماية أعضائها من الدول النامية من خلال حماية عوائد الدول النامية وخاصة في مراحل التكيف المحلي والدولي مثل العمل ضد الاغراق وتدهور ميزان المدفوعات ، كما تقدم المنظمة مساعدات للدول النامية فيما يخص التعامل مع معايير الصحة المرتبطة بالتجارة والمعايير الفنية.
3- المساعدات الفنية:وهذه تقوم بها سكرتارية المنظمة عن طريق تدريب الموظفين المحليين على مختلف المواضيع الخاصة بالتجارة ، اضافة الى تقديم المشورات القانونية فيما يخص النزاعات التجارية.
ومن المتوقع أن تحقق الدول النامية ايجابيات عديدة نتيجة لانضمامها لمنظمة التجارة العالمية ، أبرز هذه الايجابيات ما يلي:
1- يتوقع الخبراء أن تنمو تجارة العالم بفضل بروتوكول النفاذ الى الأسواق وذلك بمعدل يصل الى ( 5%) سنويا ، وسف تتحقق المكاسب لبعض منتجات الدول النامية من الصناعات التقليدية نتيجة لزيادة صادراتها وخاصة من المنسوجات والملابس.
2- يتيح فتح الأسواق أمام صادرات الدول النامية فرصا تصديرية بشكل أوسع نتيجة لالغاء الحواجز ورفع الدعم عن النتجات المحلية.
3- تؤدي ازالة الحواجز والعوائق أمام التجارة الى زيادة التبادل التجاري والاستثمار المشترك ونقل التكنولوجيا بين مختلف دول العالم ومنها الدول النامية.
4- تؤدي هذه الاتفاقية الى تطوير الهياكل الانتاجية ورفع القدرة التنافسية للصادرات المحلية في الدول النامية وتنمية الكوادر البشرية كي تستطيع هذه الدول المنافسة في الأسواق العالمية.
5- توفر الاتفاقية للدول النامية فترات انتقالية للتطبيق بما يمثل فرصة لاعادة بناء القدرات والهياكل الانتاجية والمعرفية والاستغلال الأمثل للامكانيات المتاحة.
6- يوفر التعاون والتكامل الاقليمي امتيازات وامكانيات للتبادل التجاري والاستفادة من مزايا التخصيص وتقسيم العمل وانتقال عناصر الانتاج وانخفاض تكلفة الخدمات المرتبطة بالتجارة .
7- يتوقع أن تزيد الصادرات الزراعية للدول النامية بعد الاهتمام بالمواصفات القياسية وكذلك الاهتمام بالقيود البيئية.
8- رفع الدعم عن المنتجات التصديرية المباشر وغير المباشر قد يؤدي الى حدوث فائض في الموازنة يمكن استخدامه في تمويل أنشطة أخرى.
9- منح االأسبقية للدول النامية في المعاملة التفضيلية وخاصة الدول المستوردة للغذاء من حيث القروض والمعونات والهبات.
10- الاستفادة من دعم منظمة التجارة والمؤسسات الدولية الاخرى الخاص بتنمية وزيادة استجابة الاقتصاد المحلي لمواجهة متطلبات تحرير التجارة العالمية من خلال برامج الاصلاح الاقتصادي وبرامج التكييف الهيكلي ، وبرامج التدريب والمساعدات الفنية والتكنولوجية .
كما أن هناك الكثير من الآثار السلبية المتوقعة أبرزها ما يلي: ) خليفة ، 2004، ص 22)
1- رفع الحماية عن الأسواق المحلية سوف يكون في صالح الدول المتقدمة وبالتالي سوف تتأثر المنتجات المحلية للدول النامية والتي تتميز بتدني الجودة وارتفاع السعر.
2- تطبيق مبدأ الدولة الأكثر رعاية سوف يؤدي الى فقدان الدول النامية المعاملة التفضيلية التي كانت تتمتع بها في ظل الاتفاقيات السابقة.
3- يؤدي ادراج الحماية الفكرية ضمن مكونات اتفاقية منظمة التجارة العالمية الى احتكارات تكنولوجية لصالح الدول المتقدمة وزيادة التكاليف على الدول النامية.
4- الالغاء التدريجي لدعم المنتجات الزراعية التصديرية في الدول المتقدمة سوف يؤدي الى ارتفاع أسعارها في الأسواق العالمية مما يؤثر سلبيا على الدول النامية المستوردة للغذاء.
5- قد يؤدي الإنخفاض التدريجي في الرسوم الجمركية إلى عجز أو زيادة عجز الموازنة العامة في الدول النامية, أو عدم تنامي الإيرادات اللازمة لتمويل النفقات العامة المتزايدة مما يؤدي إلى زيادة الضرائب, و فرض ضرائب أو رسوم جديدة على الأفراد و المشروعات مما قد يكون له آثار سلبية على تكلفة الإنتاج.
6- لقد حاولت الدول النامية إدراج موضوع انتقال العمالة لكونه عنصرا من عناصر الخدمات التي يقصد بها هنا: الخدمات المصرفية و التامين و سوق المال, و النقل البري و البحري و الجوي و المقاولات و السياحة و الإتصالات السلكية و اللاسلكية, و غايتها في ذلك إزالة العوائق التي تضعها البلدان المتقدمة في مواجهة العمالة المتنقلة أو المهاجرة, إلا أن هذه الأخيرة رفضت التفاوض في هذا الموضوع و التزمت بتوفير حقوق المقيمين بها فقط, و هذا يعد تقييد لتصدير العمالة الأجنبية التي تعتمد عليها الدول المتخلفة كإحدى المصادر الرئيسية لزيادة دخلها الوطني. ( بن موسى ، 1996، ص 157)
7- على مستوى الخدمات فلم تراع المنظمة العالمية للتجارة انعدام التوازن بين حجم قطاعات الخدمات في الدول الغنية وحجمه في الدول الفقيرة. ولم تراع المنظمة أيضا ارتباط بعض قطاعات الخدمات في الدول النامية بمصالحها الإستراتيجية مما نجم عن ذلك مجموعة من المخاوف أهمها إن مـزايـا الحـجـم الكـبـير الذي تتميز به الشركات العملاقة في الدول الغنية يجعل الدول النامية غير قادرة على المنافسة مهما بذلت من جهد في الأفق المنظور فما نلاحظه من اندماج في شركات البنوك ومؤسسات التأمين العملاقة خير دليل على أنها إستراتيجيات للسيطرة على قطاع الخدمات على المستوى العالمي، كما أن اتفاقية تحرير الخدمات تقضي مبدأ معاملة مقدم الخدمة الأجنبية بنفس المعاملة التي تمنح للمواطنين إلا أن ذلك يفوت الفرصة التي تمكن من حماية المشروعات الوطنية للخدمات. ( بن موسى ، 1996، ص 156)
8- تعتبر الدول النامية أن تحرير الاستثمارات وعولمة الأسواق المالية ترافقه مخاطر جمة وأزمات ماليـة مكلفة (أزمة المكسيك عام 1994 ودول جنوب شرق آسيا 1997 والبرازيل وروسيا وآسيا 1999...). وأهم هذه المخاطر مخاطر تعرض البنوك للأزمات. ومخاطر التعرض لهجمات المضارب المدمرة. ومخاطر هروب الأموال الوطنية للخارج ، اضافة الى مخاطر دخول الأموال القذرة (غسيل الأموال). وهي مخاطر تدخل عبر آليات تحرير رأس المال المحلي والدولي. ( عبد الدايم، 2006، ص 10)
9- إن بعض الدراسات تؤكد أن الدول الأكثر فقرا في العالم تخسر ما بين 162 مليارا إلى 265 مليار دولار من عائدات التصدير نتيجة لتطبيق اتفاقيات جولة الأورغواي ككل في حين أنها تدفع ما يتراوح بين 145 مليارا و292 مليارا نتيجة الزيادة في تكلفة فاتورة الغذاء وهو ما يعني زيادة تهميشها في الاقتصاد العالمي ويعمق من عدم العدالة مما سينعكس سلبا على الشرائح الاجتماعية متدنية الدخل. وهناك مؤشرات أخرى خطيرة على المستوى الاجتماعي تتمثل في تركيز الثروة لدى عدد محدود من الشركات عابرة الحدود والقارات إذ توجد 200 شركة عملاقة من هذا الصنف تتصدر قائمة هذه الشركات تقوم بتنفيذ وممارسة ربع النشاط الاقتصادي العالمي لكنها مع ذلك لا تستخدم سوى 0.075 % من القوى العاملة مما يدل على أن النظام الرأسمالي لا يعير أي اهتمام للتشغيل في فلسفته الاقتصادية. ( عبد الدايم، 2006 ، ص 11)
10- تزايد احتمالات أن تستخدم الدول الصناعية المتقدمة العلاقة بين التجارة والبيئة كشرط جديد للضغط على اقتصاديات البلدان النامية، الأمر الذي سيضاعف من خسائر الدول النامية،
ثامنا :الآثار التقديرية لاتفاقية منظمة التجارة العالمية:
قامت منظمة التعاون والتنمية (OECD) والبنك الدولي (WB) ببعض الدراسات لتقدير الآثار الكمية الناجمة عن تطبيق الاتفاقية وأهم هذه الدراسات ما يلي: ( العفوري ، 2000 ، ص 14)
الدراسة الأولى: تتوقع هذه الدراسة أن يرتفع الناتج المحلي الاجمالي للعالم بمقدار ( 213) مليار دولار مقارنة بأسعار عام 1992 خلال عشر سنوات من قيام المنظمة ، وذلك مقارنة مع الناتج الذي كان سيتحقق في حالة عدم اتباع قواعد منظمة التجارة العالمية. أما توزيع هذه الزيادة بين دول العالم فبحسب الدراسة ستحصل دول منظمة التعاون والتنمية على ( 64%) من اجمالي الزيادة ، أما النسبة المتبقية وهي ( 36%) سوف تتوزع مناصفة بين الدول النامية والدول المتحولة من نظام التخطيط المركزي.
الدراسة الثانية :هذه الدراسة أعدت قبل الانتهاء من جولة اورغواي ، وقدرت أن العالم ككل في حاة التحرير الجزئي للتجارة سوف يحقق ما مقداره ( 119) مليار دولار اضافية ، أما في حالة التحرير الشامل فسوف ترتفع المكاسب الى ( 262) مليار دولار، وفي حالة التحرير الجزئي ستحصل الدول الصناعية المتقدمة على مانسبته ( 84%) من الزيادة المتوقعة ، بينما الدول النامية ستحصل على نسبة ( 10,3%) والدول المتحولة تحصل على ( 5,5%) .
الدراسة الثالثة : اعتمدت هذه الدراسة على الوثيقة النهائية لجولة اورجواي ، ووفقا لهذه الدراسة سوف يزيد الناتج المحلي الاجمالي العالمي بمقدار (212) مليار دولار، وسوف تحصل الدول الصناعية المتقدمة على ( 139) مليار دولار ، أي ما نسبته ( 65,5%) من اجمالي الزيادة ، ويوزع الباقي على الدول النامية بمعدل ( 16,6%) ، والدول المتحولة بمعدل ( 17,6%).
تاسعا: الانتقادات الموجهة الى منظمة التجارة العالمية: وجهت العديد من الانتقادات لمنظمة التجارة العالمية أهمها ما يلي:
1- الاهتمام بالمصالح التجارية على حساب التنمية: يتلخص هذا الانتقاد في أن منظمة التجارة العالمية تهدر التنمية أو التغيير الهيكلي للاقتصاد مقابل المصالح التجارية وتعمد إلى عدم التمييز بين أثر تحرير التجارة الدولية والاستثمارات الأجنبية في رفع معدل النمو، وأثره في تغيير هيكل الناتج القومي إذ من الممكن جدا أن يكون أثر هذا التحرير إيجابيا فيما يتعلق بمعدل النمو وسلبيا فيما يتعلق بالتنمية.( عبدالدايم ، 2006، ص 2)
2- منظمة التجارة العالمية تنادي للتبادل الحر مهما كان الثمن: يتجلى هذا الانتقاد بصورة صارخة على مستويات عدة نذكر منها السلبيات التي نتجت عن تحرير السلع الزراعية والخدمات.
3- الدول الصغيرة غير مؤثرة في المنظمة: تعتمد المنظمة آلية التفاوض ومن العوامل المؤثرة في التفاوض القدرة الاقتصادية للبلد وهيبته سياسيا وعسكريا واقتصاديا إلا أن التفاوض يتوقف في الأساس على الكفاءات وعدد الخبراء فعلى سبيل المثال لا الحصر الولايات المتحدة الأميركية حضرت مؤتمر سياتل بما يقارب 260 خبيرا بينما الدول النامية لديها نقص في الخبراء وحتى في بعض الأحيان غير قادرة على تمويل مدة إقامتهم ولذا تصبح الدول الصغيرة غير فاعلة وغير مؤثرة بفعل عوامل هيكلية. وحتى في الحالات التي تملك فيها الخبراء الذين يدافعون باستماتة عن مصالح دولهم وشعوبهم فإن هؤلاء الخبراء تتعرض عواصم بلدانهم للضغط من طرف الدول المتقدمة لتغييرهم أو استبدالهم باعتبارهم مشاكسين ومعرقلين لسير المفاوضات. وحتى في الحالات التي ينجح هؤلاء الخبراء في تحقيق مكاسب على المستوى النظري في صياغة الاتفاقيات تتعرض هذه الدول لمشاكل جديدة تتعلق بالتنفيذ. ( عبدالدايم ، 2006، ص 3).
4- المنظمة تساهم في توسيع الهوة بين الأغنياء والفقراء في العالم : تقف وراء هذه الانتقاد المنظمات غير الحكومية فلقد انطلقت مظاهرات كبيرة في مدينة سياتل بالولايات المتحدة الأميركية وفي باريس وجنيف لتطرح مجموعة من الانتقادات أهمها الانتقادات الاجتماعية فقد وزع بيان وقعته 1200 منظمة من 87 دولة تندد باتساع الهوة بين الفقراء والأغنياء مما أدى إلى انتشار الفقر والمجاعة والتهميش والبطالة.
5- منظمة التجارة العالمية ضحية للصراع بين الأقطاب الاقتصادية الثلاثة الكبرى: يؤخذ على منظمة التجارة العالمية هيمنة الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي واليابان. فإذا تعارضت مصالح هذه الأقطاب الاقتصادية تعطلت المفاوضات وفشلت المؤتمرات وإذا اتفقت المصالح هدرت مصالح الدول النامية.
6- منظمة التجارة العالمية غير ديمقراطية: يتعلق هذا الانتقاد بقضية بالغة الخطورة والأهمية في منظمة التجارة العالمية وبها يرتبط مصيرها ومستقبلها وهي آلية اتخاذ القرار. ففي جولة الأورغواي كانت الدول المتقدمة مصرة على أن يكون اتخاذ القرار يتم بناء على توافق الآراء بينما كانت الدول النامية ترى بأن الآلية المناسبة هي التصويت. وتم التوصل إلى صيغة توفيقية بناء على مقتضيات المادة 9 من اتفاقية إنشاء منظمة التجارة العالمية وإذا تعذر الوصول إلى توافق الآراء يتم اللجوء إلى التصويت ومع ذلك أصرت الدول المتقدمة من جانبها على عدم تنفيذ هذه المادة.
الخلاصة:
ان قيام منظمة التجارة العالمية قد حقق مكاسب كبيرة جدا للدول المتفدمة ، حيث تسيطر هذه الدول على مانسبته (75%) من التجارة العالمية، بينما تزداد واردات المواد الاستهلاكية والعادية بالنسبة للدول النامية ، وحتى الآن فان الآثار السلبية لتحرير التجارة بالنسبة للدول النامية هي أكثر من الآثار الايجابية ، وعلى الدول النامية كي تستفيد من انضمامها للمنظمة أن تقوم بما يلي:
1- ضرورة وأهمية الاستمرار في تعزيز قدراتها ورفع كفاءتها من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة.
2- المطالبة بضرورة توفير المزيد من الدعم في مجال النفاذ للأسواق وتخفيف القيود الخاصة بالمواصفات والمعايير .
3- ان استمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية يمثل فرصة للتوسع في انتاج الحبوب.
4- يجب المطالبة في فتح أسواق الدول المتقدمة أمام الصادرات الخدمية فيما يخص انتقال العمالة كمطلب أساسي للدول النامية.
5- أهمية تعزيز القدرات في مجال السلع والخدمات والاستفادة من المساعدات وفترات السماح التي تمنحها منظمة التجارة العالمية للدول النامية.
http://www.arab-api.org/images/training/programs/1/2007/23_C31-10.pdf