عدد المساهمات : 75521 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
موضوع: الإعصار الحلزوني cyclone السبت 19 يناير 2019, 4:58 pm
الإعصار الحلزوني cyclone شكل من أشكال العواصف الدوامية، منطقة ضغط جوي منخفض، تتناقص قيمة الضغط فيها من الأطراف باتجاه المركز لذا يعرف أيضاً بالمنخفض الجوي. وكلما ازداد فارق الضغط مابين مركز الإعصار وأطرافه، اشتد عمقه وتعاظمت فعاليته. ويتجه الهواء والرياح نحو مركز الإعصار في حركة دوامية شبه دائرية عابرة خطوط الضغط المتساوي بشكل زاوي (20- 30درجة) معاكسة في وجهتها وجهة حركة عقارب الساعة في نصف الكرة الشمالي، والعكس في نصف الكرة الجنوبي (شكل1). ويتميز الإعصار عموماً بنشاط يتمثل بحركات الصعود الهوائية التي تقترن فيه، مع ما يصاحب ذلك من اضطراب في الجو.
نشأة الإعصار وأنواعه
إذا كان مصطلح إعصار يستخدم للدلالة على المرحلة التي يبلغ فيها المنخفض الجوي أقصى درجات شدته، مع ما يرافقه من سرعات عالية للرياح، واضطراب كبير في الحالة الجوية، إلا أنه نتيجة اقتران الإعصار بالضغط المنخفض، فإن كلاً منهما يستخدم للدلالة على الآخر. غير أن بعض الباحثين يفضلون استخدام مصطلح إعصار مرادفاً للهوريكان Hurricane والأعاصير المدارية وشبه المدارية الأخرى إذ تبلغ سرعة الرياح الدرجة 12 بحسب مقياس بوفورت Beaufort [ر. الريح] بسرعة 32.7م/ثا فأكثر. في حين تنظر معظم المؤلفات المناخية إلى الإعصار بصفته مرادفاً للمنخفض الجوي الذي يمكن أن تتطور فعاليته ليبلغ مرحلة العاصفة وما يليها (14م/ثا وما فوق بحسب مقياس بوفورت). ويميز بعض الباحثين المنخفضات المتنقلة، التي يشار إليها بالأعاصير، من المنخفضات الجوية المستقرة نسبياً والشاسعة الامتداد (المنخفضات الحرارية كمنخفض الهند الموسمي، والمنخفضات القطبية، ومنخفضات الهواء القطبي، والمنخفضات الحاجزية). وإذا عدّت أي منطقة ضغط جوي منخفض محدودة المساحة مصاحبة باضطراب في الجو، هي منطقة إعصارية، فإن الأعاصير في العالم يمكن أن تصنف في ثلاث مجموعات رئيسة:
الأعاصير الكبيرة الحجم، وتعرف بالأعاصير الموجية، أو المنخفضات الجبهية، وتتمركز في العروض الوسطى.
الأعاصير المتوسطة الحجم، وتعرف بالأعاصير المدارية، وتتمركز في العروض المنخفضة.
الأعاصير الصغيرة الحجم، وهي المعروفة باسم التورنادو Tornado (الدوارات) وتكثر في العروض شبه المدارية.
ولتجنب الخلط مابين أعاصير العروض الوسطى (الأعاصير الجبهية) والأعاصير المدارية، لما بينهما من اختلافات، ليس في الشدة، وإنما في طريقة النشأة والتطور، يلجأ بعضهم إلى استخدام مصطلح منخفض جبهي (أو موجي) للإشارة إلى أعاصير العروض الوسطى تمييزاً لها من الأعاصير المدارية. وتختلف الأعاصير فيما بينها من حيث نشأتها، وآلية تكوينها وتطويرها. فالأعاصير المدارية وأعاصير التورنادو لم تتضح بعد تفاصيل معالم نشأتها وطرق تشكلها، غير أنه بات معروفاً أنها تتشكل في مناطق التسخين الشديد ـ خارج العروض الاستوائية التي تضعف فيها قوة كوريولس (قوة انحراف الأجسام المتحركة يميناً في النصف الشمالي ويساراً في النصف الجنوبي للكرة الأرضية) كثيراً لتتلاشى عند خط الاستواء ـ حيث تتولد حالة عدم استقرار شديد للهواء الذي يرتفع من جراء ذلك بشدة نحو الأعلى في حركة هوائية دوامية حول مركز المنطقة التي انخفض الضغط فيها كثيراً قياساً بما حولها. وإذا كانت الأعاصير المدارية تتشكل فوق البحار المدارية فقط، فإن التورنادو تتشكل في العروض المدارية والوسطى فوق اليابسة، كما تتشكل فوق البحار، وكلاهما (الإعصار المداري، والتورنادو) يتألفان من كتلة هوائية متجانسة عموماً، حارة دوماً. أما الأعاصير الجبهية، فتتشكل من جراء حدوث تصادم بين كتلتين هوائيتين مختلفتي الحرارة والرطوبة، كما يحدث عموماً بين خطي عرض 30-60 درجة شمال خط الاستواء وجنوبه.
إن الأعاصير المدارية التي تعرف بأسماء محلية في مناطق حدوثها (الهوريكان في الأطلسي الشمالي وشرقي المحيط الهادئ، التيفون Typhoon في المحيط الهادئ الشمالي الغربي، والإعصار ـ السيكلون ـ في المحيط الهندي، والباغيو Baguio في الفليبين، والويلي ـ ويلي Willy- Willy في أسترالية وورد ذكر الأعاصير في كتب التراث بأسماء مختلفة بحسب شدتها وفاعليتها، ومنها التنين والدوار والدوامة والزوبعة) لا تتشكل أبداً فوق اليابسة، وإنما ينحصر تشكلها في مناطق محددة من البحار المدارية التي تزيد درجة حرارة مياهها السطحية على 27 درجة مئوية، وتكون قوة كوريولس فيها واضحة ـ كما هو الحال فيما بين خطي عرض 5- 20 درجة شمال خط الاستواء وجنوبه، يستثنى من ذلك المحيط الأطلسي الجنوبي الذي لا تتشكل فيه مثل تلك الأعاصير (شكل2). وما إن تصل تلك الأعاصير إلى اليابسة حتى تأخذ بالتلاشي، بعد أن تشيع الخراب والدمار، كما أنها تضمحل وتتلاشى إذا ما تحركت فوق سطوح مائية باردة، وتنساق هذه الأعاصير مع الحركة الجوية السائدة في العروض المدارية (الشرقيات التجارية) بمعدل سرعة 15-30كم/ساعة. ومع أن قطر الإعصار المداري يراوح بين 100- 1000كم. إلا أن الضغط ينخفض في مركزه انخفاضاً كبيراً (يصل إلى 950 مليبار ومادون) وهذا دليل على عمقه الشديد وفعاليته الكبيرة، إذ يتدفق الهواء حول مركزه في حركة دوامية بسرعة تزيد على 100كم/ساعة لتصل أحياناً إلى أكثر من 300كم/ساعة. ويميز في الإعصار المداري ثلاثة أجزاء، أكثرها هدوءاً منطقة المركز المعروفة بعين الإعصار (قطرها 10-50كم) المتحلق حولها جدار ضخم من الغيوم الكثيفة الذي يزيد بعده الأفقي على 100كم والمتميز بحركات هوائية عمودية صاعدة عنيفة، ويمثل هذا الجدار الجزء الشديد الاضطراب في الإعصار، ولينتهي الإعصار بهوامش من جوانبه المختلفة يقل اضطرابها جداً عن منطقة الجدار ويعد التورنادو أعنف أعاصير الأرض. ويبدو على هيئة قِمْع خارج من أسفل سحابة رعدية (ركام مزني) يصل حتى سطح الأرض، يتكون في أغلب الحالات في العروض الوسطى في مقدمة بعض الجبهات الباردة. ويتميز التورنادو بامتداده الأفقي المحدود، إذ إن قطره لا يزيد عموماً على 0.5كم، وبشدة حركة الهواء الدورانية حول مركزه التي قد تصل سرعتها إلى أكثر من 300كم/ ساعة. ويترافق عبور التورنادو بانخفاض مفاجئ في الضغط الجوي يبلغ نحو 25-50 مليبار، مما يترتب عليه تفجر المباني وتحطمها نتيجة فارق الضغط بين داخلها وخارجها. وينحصر حدوث التورنادو فيما بين خطي عرض 15-45 شمال خط الاستواء وجنوبه، ولاسيما في حوض المسيسبي (الولايات المتحدة) وشرقي جبال الأنديز (الأرجنتين) والقارة الأسترالية. وتعرف أعاصير التورنادو التي تتكون فوق البحار باسم الشواهق المائية water spout وهي خطرة جداً على وسائل النقل البحرية.
الشكل رقم 4
Tropical cyclones form when the energy released by the condensation of moisture in rising air causes a positive feedback loop over warm ocean waters.[1]
أما أعاصير العروض الوسطى ـ المعروفة بالأعاصير الجبهية، أو المنخفضات الموجية ـ فتتشكل عموماً في مناطق التصادم الهوائي في العروض الوسطى، وبذا فإنها تتألف من قطاعين مختلفي الهواء، أحدهما قطاع من الهواء البارد، والآخر من الهواء الحار. وتشكل الجبهتان الحارة والباردة الهيكل الأساسي في الإعصار الجبهي (شكل4). وإذا كانت المفاهيم القديمة ترجع نشأة الأعاصير الجبهية إلى تموجات تتشكل وتتطور على طول سطح انفصال جبهي كبير ـ كالجبهة القطبية التي تفصل بين الهواء المداري والهواء القطبي ـ متممة دورتها الحياتية في ثلاثة أيام تقريباً، فإن المفاهيم الحديثة تربط تشكل الأعاصير الجبهية بالحركات الجوية العلوية ذات الشكل الموجي التي تقود إلى تشكل مراكز جوية منخفضة الضغط عند السطح لتتطور فيما بعد وفق مراحل التطور الموجي المعروفة. وتبدو الأعاصير الجبهية على خرائط الطقس على هيئة حجيرات ضخمة ذات شكل إهليلجي (أبعادها 1000×2000كم وسطياً)، وتتحرك نحو الشرق في مجموعات ضمن نطاق غربيات العروض الوسطى بمعدل سرعة يراوح بين 30-50كم/ساعة. وتختلف الأعاصير الموجية بعضها عن بعض في فعاليتها، بحسب درجة عمقها، لذا فإن شدة اضطراب الجو، وازدياد سرعة الرياح خلف الجبهة الباردة، قد يجعلانها تبلغ أحياناً مبلغ العاصفة لتقارب بذلك شدة الرياح في الأعاصير المدارية. وللأعاصير دور بارز في مناخ المناطق التي تتعرض لها، كما أنها تترك آثاراً مباشرة في مختلف جوانب البيئة البشرية. فالأعاصير الموجية بأمطارها وثلوجها مصدر خير وبركة، كما أنها عامل خراب في حال مرافقتها للعواصف الثلجية العنيفة والأمطار السيلية. ويكون الجو في أكثر حالات اضطرابه عند مرور الجبهة الباردة من الإعصار. أما الأعاصير الدوارة (التورنادو) فتحمل الدمار لما تصادفه في طريقها فوق البر والبحر، إذ تقتلع الأشجار، وتحطم المباني، وترفع السيارات عدة أمتار في الجو، ولا تنجو منها السفن أيضاً، ويندر أن تمر سنة من دون أن تشيع الأعاصير المدارية الخراب والدمار في منطقة أو أكثر من العالم، وليس مرد آثارها التخريبية إلى سرعة الرياح الدورانية الشديدة فقط، وإنما أيضاً إلى غزارة الأمطار التي تسبب الفيضانات الضخمة، وإلى المد البحري المرافق لها والذي يرفع المياه ثمانية أمتار تقريباً. والأمثلة عن الأعاصير المدارية كثيرة: فإعصار كاميلي الذي أصاب ساحل ولايتي المسيسبي ـ لويزيانة (الولايات المتحدة) في يومي 17-18 آب عام 1969 ذهب ضحيته 256 شخصاً، وخسائر مادية مقدارها مليار ونصف المليار من الدولارات. كما أن الإعصار الذي أصاب بنغلادش يومي 11-12 تشرين الأول من عام 1970 أدى إلى وفاة أكثر من 300 ألف شخص وألحق أضراراً مادية تجاوزت مليار دولار، وكذلك الإعصار الذي ضرب بنغلادش أيضاً يوم 2-3 أيار 1991 وأدى إلى وفاة أكثر من 120 ألف نسمة وتشريد الملايين من السكان.
الإعصار المعاكس (أنتي سيكلون)
يطلق الإعصار المعاكس anticyclone على أي منطقة ذات ضغط جوي مرتفع ـ لذا يعرف أيضاً بالمرتفع الجوي ـ تتزايد قيمة الضغط فيها من الأطراف نحو المركز، ويشكل الإعصار المعاكس منظومة جوية أكبر عادة بكثير من الإعصار. ويتصف بهدوء مركزه، ونشاط حركة الهواء الأفقية عند الأطراف. وتكون الحركة الهوائية خارجة منه ومتباعدة عنه باتجاه مراكز الأعاصير. ويأخذ الهواء المتحرك وجهة موافقة لوجهة حركة عقارب الساعة في نصف الكرة الشمالي، وعكس ذلك في نصف الكرة الجنوبي
نموذجان من الأعاصير المعاكسة
الإعصار المعاكس المستقر نسبياً: ويعرف بالإعصار المعاكس الدافئ، لكونه يمتلك مركزاً دافئاً، ويستمر الدفء فيه نتيجة الهبوط الديناميكي المتواصل في الهواء، ويتقوى الإعصار المعاكس الدافئ مع الارتفاع. والمثال عن هذا النموذج، الضغط المرتفع شبه المداري.
الإعصار المعاكس المتنقل: ويعرف بالإعصار المعاكس البارد. ويكون في حركة سريعة، ومدة دوامه قصيرة عموماً، كما أنه يتصف بضحالته ـ معاكساً بذلك الإعصار المعاكس الدافئ. وينحصر تشكل الأعاصير المعاكسة الباردة في العروض العليا عموماً ضمن الهواء القطبي أو البارد جداً، والأمثلة عنها: الإعصار المعاكس السيبيري، والإعصار المعاكس الكندي. وقد تمتد منها ألسنة نحو العروض الوسطى في فصل الشتاء.
وتعد الأعاصير المعاكسة منابع للكتل الهوائية كافة. ويتصف الجو عند سيادتها بالهدوء والاستقرار والصحو، لكون الحركة الهوائية في داخلها هابطة، والرياح المنطلقة من أطرافها خفيفة السرعة. غير أنه قد يصاحبها في بعض ليالي الشتاء تشكل الضباب، والسحب الطبقية المنخفضة التي ينجم عنها أحياناً هطول بصورة رذاذ.