| اقتصاديات | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: اقتصاديات الأحد 27 يناير 2019, 7:44 pm | |
| الغلاء وحسن التدبير
مشكلة الغلاء:
إن مشكلة غلاء الأسعار مما عمَّ بها البلوى، وكثرت منه الشكوى، وطار خبره وانتشر، وصار حديث الناس في مجالسهم ومنتدياتهم.
وهذه المشكلة لا بد من النظر إليها بمنظار الشريعة؛ لأنها إذا لم تعالج معالجةً صحيحةً أدَّتْ إلى كوارث ونتائج سيئة؛ كانتشار الفقر، والبطالة، واليأس، والسرقة، والإجرام، وإلحاق كثير من الطبقة المتوسطة بالفقراء، وشيوع الربا والزنا، وقلة الزواج والعفاف، وكثرة الأيامى، وحصول الهم والغم والحزن وغيرها، فكان لا بد من الوقوف على أسباب هذه الأزمة لنقدر على علاجها.
أسباب الأزمة:
1-التمادي في الذنوب والمعاصي:
إن المؤمن ليعلم علمَ يقينٍ أن ما يقع في الناس من مصائب وكوارث ووباء وبلاء وغلاء؛ إنما يكون ابتداءً بسبب ذنوبهم وإعراضهم عن ربهم؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30]، وقال تعالى: ﴿ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران: 165]، وقال تعالى: ﴿ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [السجدة: 21]؛ أي: لنُذيقَنَّ هؤلاء الذين خرجوا عن الطاعة من المحن والبلاء والغلاء في الدنيا قبل العذاب المُعدِّ لهم في الآخرة، لعلهم بذلك يرجعون إلى رشدهم، وينيبون إلى ربهم.
فكيف يُستغرب الغلاء وقد كثر الربا وشاع الزنا؟!
كيف يُستغرب الغلاء، والغش والرشوة صارا هما الأصل في المعاملات؟!
كيف يُستغرب الغلاء وقد ضُيِّعت الصلوات، واتُّبِعت الشهوات؟!
كيف يُستغرب الغلاء وقد شاع الظلم والتبرُّج والسفور والخمور والقطيعة والعقوق؟!
كيف يُستغرب الغلاء وقد تُرك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟!
يقول النبي صل الله عليه وسلم: ((ما ظهر الربا والزنا في قوم إلا أحلُّوا بأنفسهم عقاب الله عز وجل))[1].
ويعم العقاب إذا لم يُنكر المُنكر؛ كما قال النبي صل الله عليه وسلم: ((إن الناس إذا رأوا المنكر، فلم يُغيِّروه، أوشك الله أن يعمهم بعقابه))[2].
ويقول صل الله عليه وسلم: "يا معشر المهاجرين، خمسُ خصال إذا ابتليتم بهن - وأعوذ بالله أن تدركوهن - لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يُعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان، إلا أُخذوا بالسنين، وشدة المؤنة، وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم، إلا مُنعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يُمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلَّط الله عليهم عدوًّا من غيرهم، فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله إلا جعل الله بأسهم بينهم"[3].
العلاج:
وعلاج ذلك بالعودة الصادقة إلى الله:
العودة الصادقة إلى القرآن، وإلى السنة، وإلى دين الله؛ قال تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الأعراف: 96]، وقال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2، 3]، وقال تعالى: ﴿ قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ﴾ [طه: 123].
ورسم القرآن طريق الحياة الطيبة؛ حياة النعيم والرغد والغِنى الحقيقي والسعادة الفعلية، فيقول الله تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97].
فالغلاء والوباء وسائر البلاء يعالج بالتفرُّغ للعبادة، والتفرغ للعبادة ليس معناه الانقطاع عن الكسب؛ وإنما معناه: أن يكون العبد حاضر القلب والجسد أثناء العبادة، وألا ينشغل بالعمل عن العبادة، وألا يترك الصلاة من أجل العمل، وألا يؤخر الصلاة من أجل العمل، وألا يقف في الصلاة شارد الذهن مشغولًا بالدنيا.
قال تعالى: ﴿ مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 96]، وقال تعالى: ﴿ وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ [الجمعة: 11]، قال ذلك بعد أن قال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الجمعة: 9].
وقال صل الله عليه وسلم: ((إن الله تعالى يقول: يا بن آدم تفرَّغ لعبادتي، أملأ صدرك غنًى وأسد فقرك وإلا تفعل؛ ملأت يديك شغلًا ولم أسد فقرك))[4].
وقال صل الله عليه وسلم: ((من كانت الآخرة همَّه، جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همَّه، جعل الله فقره بين عينيه، وفرق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قُدِّر له))[5].
علاج الغلاء والوباء وسائر البلاء بالتوبة إلى الله والاستغفار:
قال تعالى: ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31]، فالبلاء لا ينزل إلا بذنب ولا يُرفع إلا بتوبة.
والاستغفار من أعظم مفاتيح الرزق لمن يداوم عليه، ويجعله من أوراده؛ قال تعالى: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾ [نوح: 10، 12].
قال القرطبي: "هذه الآية دليل على أن الاستفغار يُستنزل به الرزق والأمطار"[6].
وفي الحديث: ((من أكثر من الاستغفار، جعل الله له من كل همٍّ فرجًا، ومن كل ضيقٍ مخرجًا، ورزقه الله من حيث لا يحتسب))[7].
ومن أسباب الغلاء:
2-كفران النعم:
إن لله تعالى في هذه الدنيا سننًا وقواعد لا تتغيَّر ولا تتبدَّل، ومن هذه السنن أن الطاعة والشكر سببٌ للنعمة ودوامها، وأن المعاصي والجحود سببٌ للعذاب بالنعمة وزوالها؛ قال تعالى: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7]، فكثير من الناس ما داموا في نعمة، ينشغلون بها عن المنعم، ولا يشكرون الله على فضله وجوده وإحسانه، فيسلبهم الله النعمة!
وقال تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الأنفال: 53].
وتأمل لتُصدِّق:
قال تعالى: ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ [النحل: 112].
وتأمَّل كذلك لتتيقَّن:
قال الله تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ * فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ * ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ ﴾ [سبأ: 15 -17].
كانت سبأ من الحضارات العريقة والقوى العظمى التي ليس لها مثيل في زمانها، كانت تملك قوةً عسكرية جبارة، تأمل ثقتهم بأنفسهم كما في سورة النمل؛ قالوا لملكة سبأ "بلقيس": ﴿ نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ ﴾ [النمل: 33].
قال قتادة: إن المرأة كانت تمشي تحت الأشجار، وعلى رأسها المكتل فتتساقط الثمار من الأشجار حتى تملؤه دون قطاف؛ وذلك لكثرته ونضوجه واستوائه[8].
وقيل: لم يكن ببلدهم شيء من الذباب ولا البعوض، ولا شيء من الهوام؛ وذلك لاعتدال الهواء وصحة المزاج[9].
أعطاهم الله كل هذه النعم؛ ليعبدوه ويشكروه: ﴿ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ ﴾ [سبأ: 15].
فماذا كان منهم؟
انشغلوا بالنعمة عن المنعم، وأعرضوا عن طاعة الله، واستخدموا النعمة فيما يُغضب الله!
فماذا كانت النتيجة؟
سلب الله منهم النعمة، وضيق عليهم في الرزق، وأبدلهم بهذه الرفاهية والرخاء صعوبة وبلاء وشدة،
أرسل عليهم سيل العرم - وهو سيل جارف يحمل في طريقه من شدَّته الحجارة - فأغرق أرضهم، وماتت أشجارهم وثمارهم، وأبدلهم بهذه الجنان صحراء قاحلة، تتناثر فيها الأشجار الخشنة، وما ذلك من الظالمين ببعيد.
العلاج:
قال عمر بن عبد العزيز: "قيدوا النعم بالشكر"[10].
إذا كنت في نعمة فارعها فإن المعاصي تزيل النعم وحافظ عليها بشكر الإله فإن الإله سريع النقم
والشكر حقيقته عمل؛ لذلك لما أمر الله آل داود أن يشكروه قال: ﴿ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ﴾ [سبأ: 13]؛ أي: اعملوا عملًا تكونون قد أدَّيتم به شكر الله عليكم.
قال ابن القيم عليه رحمة الله: "وهو ظهور أثر نعمة الله على لسان عبده ثناءً واعترافًا، وعلى قلبه شهودًا ومحبة، وعلى جوارحه انقيادًا وطاعة.
والشكر مبنيٌّ على خمس قواعد: خضوع الشاكر للمشكور، وحبه له واعترافه بنعمته، وثناؤه عليه بها، وألا يستعملها فيما يكره، فهذه الخمس: هي أساس الشكر، وبناؤه عليها، فمتى عُدِم منها واحدة، اختلَّ من قواعد الشكر قاعدة"[11].
♦ ومن العلاجات الناجعة لهذه الأزمة:
الدعاء واللجوء لرب الأرض والسماء:
الدعاء أقصر الطرق لقضاء الحاجات، يختصر لك المسافات؛ قال رب الأرض والسماوات: ﴿ فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنعام: 43]، وقال صل الله عليه وسلم: ((الدعاء ينفع مما نزل، ومما لم ينزل، وإن البلاء لينزل فيلقاه الدعاء، فيعتلجان إلى يوم القيامة))[12].
وكان من دعاء النبي صل الله عليه وسلم: ((اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحوُّل عافيتك، وفجأة نقمتك، وجميع سخطك))[13].
♦ ومن العلاجات الناجعة لهذه الأمة:
صلة الرحم:
ألم يقل النبي صل الله عليه وسلم: ((من سرَّه أن يُبسط له في رزقه، ويُنسأ له في أثره، فليصِل رحمه))[14].
إن قطيعة الرحم سببٌ للعقوبة في الدارين، ففي الحديث أن النبي صل الله عليه وسلم قال: ((ما من ذنب أجدر أن يعجل لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من قطيعة الرحم والبغي))[15].
وفي المقابل: صلة الرحم سبب للغنى والبركة والزيادة والنماء في الأموال والأولاد وفي كل شيء.
يقول صل الله عليه وسلم: ((إن أعجل الطاعة ثوابًا لصلة الرحم حتى إن أهل البيت ليكونوا فجرة، فتنموا أموالهم، ويكثر عددهم، إذا تواصلوا))[16].
إن كثيرًا منا بحاجة ماسة إلى أن يعيدوا حساباتهم مع أنفسهم تجاه أقاربهم وذوي أرحامهم، فالقطيعة داءٌ وبيل شر مستطيل.
♦ ومن العلاجات الناجعة لهذه الأزمة:
إحياء حقوق الأخوة بين المسلمين:
وأقصد إحياء معاني الجود والكرم والبر والإيثار والإحسان، حتى يُغيِّر الله ما بنا؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((مثل المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطُفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمَّى)) [17]، وقال صل الله عليه وسلم: ((من نفَّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسَّر على معسر، يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا، ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه))[18].
وحقوق الفقراء والضعفاء قبل غيرهم؛ فقد روى البخاري في صحيحه أن النبي صل الله عليه وسلم قال: ((هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم))، فعدم الاعتناء بالفقراء، وإهمال حقوقهم، من أسباب الوباء والغلاء والحرمان، وفي قصة أصحاب الجنة في سورة القلم لما بخل الأغنياء ببعض ثمار بستانهم على الفقراء، ماذا حدث لبستانهم؟
قال تعالى: ﴿ فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ * فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ ﴾ [القلم: 19، 20]؛ أي: محترقة فانية.
ومن العلاجات الناجعة لهذه الأزمة:
• الاقتصاد وحسن التدبير وترك الإسراف:
قال الله تعالى: ﴿ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأنعام: 141]، وقال صل الله عليه وسلم: ((كلوا، واشربوا، وتصدَّقوا، والبسوا في غير إسراف ولا مخيلة))[19].
تعاهدوا المسرفين في كل زمان ومكان، تجدوا أن الله حوَّل عليهم النعمة، مَرَّ جابر بن عبدالله، ومعه لحم، على عُمرَ رضي الله عنهما، فقال: ما هذا يا جابر؟ قال: هذا لحم اشتهيته فاشريته، فقال: "أو كلما اشتهيت شيئًا اشتريته! أما تخشى أن تكون من أهل هذه الآية ﴿ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ ﴾ [الأحقاف: 20]؟![20].
كما لا بد من تربية الأولاد على هذا المبدأ؛ ليسايروا سائر الأحوال، ولتكون الأسرة متحدة في هذه التدابير، وذلك مما يعالج به الغلاء.
قيل لإبراهيم بن أدهم: إن اللحم قد غلا! فقال: "أرخصوه"؛ أي: لا تشتروه، وأنشد في ذلك
وإذا غلا شيء عليَّ تركته *** فيكون أرخص ما يكون إذا غلا
فليس المسلم الحكيم بالذي يُرهق نفسه بكثرة الشراء، ويهدر الأوقات والأموال والأعمار، وفي كثير من الأحيان يكون مصير ما اشتراه براميل القمامة.
كان أبو الدرداء يقول: "إن من فقه الرجل رفقه في معيشته"[21]، كما قال تعالى: ﴿ وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ﴾ [الإسراء: 29].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "فالذين يقتصدون في المآكل نعيمهم بها أكثر من نعيم المسرفين فيها، فإن أولئك إذا أدمنوها وألفوها لا يبقى لهذا عندهم كبير لذَّة مع أنهم لا يصبرون عنها وتكثر أمراضهم بسببها" [22].
ومن العلاجات الناجعة لهذه الأزمة:
• حسن إدارة الأزمة:
فيتم اختيار المسلم صاحب الكفاءة والعلم والأمانة؛ إذ إن الأزمة ليست أزمة موارد، إنما هي أزمة أمانة وعلاقة بالله وإدارة؛ فقد مرت بكثير من البلاد في كثير من العصور أزمات ونكبات وسنون عجاف، ففي مصر مثلًا في عهد يوسف عليه السلام، كانت السنون العجاف؛ لكن الملك جعلها في عنق يوسف حين قال: ﴿ قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ﴾ [يوسف: 55]، فنجا بالأمة من الأزمة.
وفي عام الرمادة - في بداية العام الثامن عشر من الهجرة – في عهد عمر رضي الله عنه، وقعت أزمة طاحنة تمثلت في حصول قحط شديد حتى تجمَّع في المدينة من غير أهلها قرابة الستين ألفًا، قلَّ الطعام وجفَّت الينابيع، وغارت المياه حتى كانت الوحوش تأوي إلى الناس، واستمرت هذه الأزمة تسعة أشهر، وسمَّوه عام الرمادة، قيل لأن الريح كانت تأتي على الأرض فلا تسفي إلا ترابًا كالرماد.
ماذا فعل عمر رضي الله عنه؟
1- حث الناس على التوبة والإكثار من الدعاء، واللجوء إلى الله والصلاة.
2- طلب الغيث من الله.
3- كتب إلى عُمَّاله في الأمصار طالبًا الإعانة، فبعث إليه عمرو بن العاص - والي مصر - ألف بعير تحمل الدقيق، وبعث في البحر عشرين سفينة تحمل الدهن، وبعث بخمسة آلاف كساء، كما أمدَّه سعد بن أبي وقاص ومعاوية رضي الله عنهما.
4- أما عن عمرَ رضي الله عنه، فكما قال مولاه أسلم: كنا نقول: لو لم يرفع الله المَحْلَ عام الرمادة، لظننا أن عمر يموت همًّا لأمر المسلمين.
ومن العلاجات الناجعة لهذه الأزمة:
الصدق في المعاملات:
فالمسلم لا يحتال، ولا يكذب ولا يغش؛ بل يكون صادقًا أمينًا صافيًا سمحًا إذا باع وإذا اشترى، وإذا قضى وإذا اقتضى، والتاجر له دورٌ عظيم، فالتاجر المسلم يتحلَّى بحسن النية والرفق بالمسلمين، وأن يوفر لهم الجيد بالثمن المناسب، وليحذر أن يزداد ربحه على حساب معاناة الآخرين.
فقد خرج النبي صل الله عليه وسلم إلى البقيع والناس يتبايعون، فنادى: ((يا معشر التجار، فاستجابوا له، ورفعوا إليه أبصارهم، فقال: إن التجارَ يُبعثون يوم القيامة فجارًا إلا من اتقى وبرَّ وصدق))[23].
وفي رواية: "إن التجار هم الفجار، فقالوا: يا رسول الله، أليس قد أحلَّ الله البيع؟ فقال: بلى؛ ولكنهم يحلفون فيأثمون، ويُحدِّثون فيكذبون))[24].
ومن أعظم ما يعالج به الأزمة:
القناعة والرضا:
فلقد أوصانا النبي صلى الله عليه وسلم أن ننظر في أمور دنيانا إلى من هو دوننا، ونهانا أن ننظر إلى من هو فوقنا؛ فقال صلى الله عليه وسلم: ((انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله))[25]، وقال صل الله عليه وسلم: ((قد أفلح من أسلم، ورزق كفافًا، وقنعه الله بما آتاه))[26].
هي القناعة فالزمها تعش ملكًا لو لم يكن لك إلا راحة البدن وانظر لمن ملك الدنيا بأجمعها هل راح منها بغير القطن والكفن
[1] متفق عليه.
[2] أخرجه أحمد، وابن حبان، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع.
[3] رواه ابن ماجه، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع، وصحيح الترغيب والترهيب.
[4] رواه الترمذي وابن ماجه، وصحَّحه الألباني.
[5] رواه الترمذي، وصححه الألباني.
[6] الجامع لأحكام القرآن.
[7] أخرجه الإمام أحمد، وصحَّحه الشيخ أحمد شاكر.
[8] تفسير ابن كثير.
[9] تفسير ابن كثير.
[10] حلية الأولياء: أبو نعيم.
[11] مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين.
[12] رواه الترمذي، وحسنه الألباني.
[13] رواه مسلم من حديث ابن عمر.
[14] رواه البخاري.
[15] رواه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وصححه الألباني.
[16] رواه ابن حبان، وصححه الألباني في صحيح الجامع.
[17] رواه مسلم.
[18] رواه مسلم.
[19] رواه أحمد وابن ماجه والنسائي والحاكم، وصححه الألباني.
[20] الزهد: الإمام أحمد.
[21] نضرة النعيم، نقلًا عن الزهد؛ لهناد السري.
[22] قاعدة في المحبة: ابن تيمية.
[23] رواه ابن حبان، وصححه الألباني في الصحيحة.
[24] رواه أحمد والحاكم، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.
[25] رواه مسلم.
[26] رواه مسلم. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: اقتصاديات الأحد 27 يناير 2019, 7:45 pm | |
| ثقافة الاستهلاك والاتزان الاقتصادي
إنَّ ثقافة الاستهلاك قد تخدم أدوارًا مختلفة لفئات اجتماعية مختلفة، وحتى لمجتمعات مختلفة، وبشكل واضح فإن ثقافة الاستهلاك غير ضرورية لتوضيح لماذا يطعم الجائعون أنفسهم، ولماذا يكسو المقرورون أنفسهم لكنها تساعد فعلًا في توضيح سبب تناول الوجبات السريعة، ولماذا يغرق الناس في الديون من أجل شراء مجموعات عديدة من الملابس والسيارات الغالية.
الأمر الأكثر تحديًا هو اللُّغز الغامض في سبب تحدِّي الفقراء الواضح في البلاد الغنية والفقيرة على السواء، للتعقُّل والاتِّزان الاقتصادي بشرائهم للماركات العالمية الغالية؛ لكي يزوِّروا إحساسًا معينًا بالهوية.
إنَّ مضامين انتشار ثقافة الاستهلاك والمؤسسات الثقافية التي تبنى عليها من قلب مركزها في العالم الأول والأماكن الأخرى حيث تبنَّتها الأقليات القليلة المنتفعة، إلى بقية أنحاء العالم، هو تغيير اجتماعي على قدر حقيقي من الأهمية العالمية، فإن من المهم أن نصوغ نظرية حول ثقافة الاستهلاك ودورها في قلقلة وتشويش قضية إرضاء الحاجات الأساسية.
إنَّ المشروع الفكري للرأسمالية هو إقناع الناس بأن يستهلكوا أكثر من حاجاتهم البيولوجية الطبيعية؛ ليسهموا في استمرار عملية تراكُم رأس المال بغية الربح الخاص.
وبكلمات أخرى للتأكُّد من أنَّ النظام الرأسمالي العالمي مستمرٌّ للأبد؛ إذ تعلن ثقافة فكر الاستهلاك حرفيًّا: أنَّ معنى الحياة يوجد في الأشياء التي تملكها وبذلك، فـ ((أن نستهلك)) يعني: إننا أحياء تمامًا، ولكي نبقى أحياء تمامًا يجب أن نستهلك باستمرار.
إنه الآن أمر عادي تقريبًا أن يُصنَّف المجتمع شرقًا أو غربًا، شمالًا أو جنوبًا، فقيرًا أو غنيًّا على أنه مجتمع استهلاكي.
فعلى ما يبدو إنه ليس هناك شيء أو أحد محصَّن ضد التحوُّل إلى سلعة، والتحوُّل إلى تجارة، وضد أن يُشرى ويُباع، إنَّ ما يدعى عادة بالثقافات المضادة يندرج في ثقافة الاستهلاك، وتثير تهديدًا صغيرًا.
وبالفعل بتقديمها كلًّا من التنوُّع والخيارات الحقيقية والوهمية، فإنها تصبح مصدرًا لقوة عظيمة للنظام الرأسمالي العالمي وللثراء الشخصي لأولئك القادرين على التمتُّع بغزارة ووفرة الصيغ الثقافية المتوافرة بشكل غني عن البيان.
لقد استطاعت مجموعات البيئة في بعض صيغها أن تتحدَّى الثقافة الاستهلاكية بالتأكيد؛ لكن دليلًا من قمة الأرض في ((ريو)) عام 1992م برهن على أنَّ بعضًا من نماذجها الرئيسة على الأقل ظهر على أنه على طريق عملية الاندماج، وأنَّ أولئك الذين يرفضون الاندماج يهمشون، إنَّ تحضير الشركة في كل من تظاهراتها الأصلية والمزيفة، جار مجراه بشكل جيد؛ لكن الشركات هي التي تسيطر وبإحكام على العملية وليس الخضر. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: اقتصاديات الأحد 27 يناير 2019, 7:45 pm | |
| البخل من منظور الاقتصاديات النفسية
ما الذي يدفع الفرد إلى أن يطلب شظفَ العيش، وقساوةَ المعيشة على لينها وحلاوتها، بحيث يُصبِح مأكلُه غثًّا، ومشربُه كريهًا، وثيابُه باليةً، وحياتُه خشنةً قاسيةً؟! هل لأنه من الفقراء المحتاجين إلى المال أم لأنه يعيش في نسق من الحياة الضاغطة التي فرضت عليه البخل بالمال؟ أم لأنه من البخلاء الذين لا يرتبط سلوكهم بالفقر أو الغنى؟
فلماذا إذًا يبخل الإنسان؟ وهل يقتصر البخل على الجوانب المادية من حيث إمساك المال، أم أنه يشمل الكف والمنع والإمساك في جوانب الحياة النفسية والاجتماعية كافة؟
إن البخل هو إمساك المال ومنعه وتجميعه واكتنازه وحفظه في مورد لا ينبغي إمساكه فيه، فهو الاحتفاظ بالمال في صورة سيولة نقدية معطَّلة غير مستغلَّة أو متداولة، وهو الإمساك والتقتير عمَّا يحسن السخاء فيه، وهو ضد الإنفاق والجود والكرم، وعدول عن الإنفاق في الحاضر والمستقبل.
فالبخل إذًا يرتبط بمن يملِكون المال، فلا يُقال: إن فلانًا بخيلٌ إلَّا وهو ذو مال، وهو صفة تبعد عن الفقراء المحتاجين إلى المال؛ ذلك لأن الفقير ليس لديه ما يكنزه أو يمنعه؛ كي يُطلق عليه بخيل، فالبخيل هو من يملك المال، ولديه قدرة على الإنفاق؛ لكنه يُعطِّل عن عمد وقصد تلك القدرةَ، فيمتنع عن الإنفاق.
وعادة ما يرتبط البخل بالذمِّ والقُبْح، والبخل سلوك إنساني مُعقَّد ومتشابك يتكوَّن من العديد من الانفعالات والدوافع النفسية والاجتماعية والاقتصادية، وهو سلوك قد يُرينا كيف أن هوس الثراء يدفع الفرد إلى الرغبة العارمة في امتلاك المال، حتى لو كان ذلك على حساب الذات التي تمرَّدَتْ على كل الرغبات والملذَّات في سبيل رغبة واحدة هي المال، ولذَّة واحدة هي جمع المال واكتنازه.
كذلك البخل هو انحراف في غريزة المحافظة على البقاء، وهو الصورة المرضية من الرغبة في التملُّك والادِّخار؛ ذلك أن الأسوياء من الناس قد يميلون إلى سلوك التملُّك والادِّخار والمحافظة على بقائهم بهدف الشعور بالأمن في المستقبل؛ لكن البخلاء يتجاوزون بسلوكياتهم الهدف من المحافظة على البقاء والتملُّك والادِّخار والاقتصاد والتوفير في شكل من العدول الدائم عن الإنفاق في الحاضر والمستقبل.
جاء في كتاب (هوس الثراء وأمراض الثروة) قول مؤلفه د. أكرم زيدان: إن سلوك البخل ينقسم إلى عدة أنواع منها: بخل الحرص والتدبير، وبخل الوهم والخداع، وبخل الحسد، وبخل المحافظة، والبخل الانفعالي.
♦ بخل الحرص والتدبير: وهذا النوع من البخل لا يصل في إمساكه ومنعه وتقتيره إلى الدرجة المرضية التي يمكن أن نصف فيها الفرد بأنه مريض بالبخل، فهو بخيل ويصف الناس بالبخل.
♦ بخل الوهم والخداع: وهذا النوع من البخلاء لا يدرك أنه بخيل؛ بل على العكس يخدع نفسه أنه كريم وجواد ومعطاء.
♦ بخل الحسد: إذ يتَّصف البخيل الحسود بأنه مادي وقاسٍ وعدواني، حقود ومشاكس، كتوم ومنغلق على ذاته، ودائمًا ما لا يقنع بما يمتلك، وينظر إلى ما في أيدي الآخرين حتى لو كان ما يمتلكه الآخرون تافهًا وقليلًا قياسًا بما يمتلكه.
♦ بخل المحافظة: فقد يتَّصف البخيل المحافظ ببعض خصائص البخيل الحسود؛ من حيث الادِّخار القهري والكتمان والعدوانية، لكنه يتميَّز بالحقد على الآخرين إذا كانوا يمتلكون أكثر منه.
♦ البخل الانفعالي: حيث لا يقف البخل عند الجوانب المادية والمالية فقط؛ وإنما ينتشر إلى جوانب الحياة النفسية والاجتماعية كافة، ويبدو ذلك فيما يمكن أن نُسمِّيه البخل الانفعالي، وهو تلك الحالة التي يمسك فيها الفرد عواطفه الإيجابية ومشاعره التي تخدم الآخرين، فيبدو عن عمد قليل الكلام عديم الانتباه، فاقدًا للاهتمام، ولا يُبالي بمشاعر الآخرين ورغباتهم.
إن البخل لا يقف عند الجوانب المادية من حيث إمساك المال ومنعه؛ إنما قد يمتدُّ إلى جوانب الحياة النفسية والاجتماعية كافة، فلا يرتبط بجانب واحد من الشخصية؛ بل ربما يشمل الشخصية كلها، وفي كتابه (البخلاء) يحدِّثنا الجاحظ عن أنواع البخل والأنماط السلوكية للبخلاء، فيذكر البخيل المفتون، والبخيل المضياع، والبخيل النفاج، والبخيل الذي ذهب مالُه في البناء، والذي ذهب مالُه في الكيمياء. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: اقتصاديات الأحد 27 يناير 2019, 7:46 pm | |
| من مظاهر الضعف المالي
للأسف وكما يرى الخبير النفسي الدكتور أكرم زيدان في كتابه (سيكولوجية المال)، فإن سيكولوجية بعض الأفراد تقوم على النظر إلى الاستدانة بوصفها سلوكًا عاديًّا إيجابيًّا، لا يشعُرون من خلاله بالخَجَل أو القَلَق؛ فيقومون بالاستدانة في كل وقتٍ وحينٍ، سواء تعرَّضوا لضغوط مالية، أو لم يتعرَّضوا، غير مُبالين بمتى وكيف يستطيعون سَدادَ الدَّيْن ورَدَّ حقوق الدائنين، حتى إنهم يتعجَّبُون عند مطالبة الآخرين لهم بسَدادِ الدَّيْن.
وقد يُبالغ الفرد في سلوك الدَّيْن بسبب الشعور بالإحباط المادي الذي لا يقوى على تحمُّلِه أو مواجهة آثاره النفسية والاقتصادية والاجتماعية، وعدم قدرته على إدارة الضغوط المالية التي يتعرَّض لها؛ ممَّا يدفعه إلى الدَّيْن الذي يرى أنه يُحقِّق له وظيفتين أساسيتَينِ: القضاء على الشعور بالحرمان؛ إذ يُلبِّي للفرد بعض حاجاته المادية، والمساعدة على الابتعاد عن المصدر الأساس للإحباط من خلال التفكير في كيفية سَدادِ الدَّيْن.
إن الفرد عادة ما يقع ضحيةً للديون عندما يكون مدفوعًا بصورة مبالغ فيها إلى شراء الأشياء وتملُّك كل شيء، سواء كانت هذه الأشياء ضروريةً أو غير ضروريةٍ، يحتاج إليها أو لا يحتاج، تُناسب إمكاناته المادية أو تعوق هذه الإمكانات، فهم أفراد مهووسون بالشراء، ويعانون جنون التسوُّق، كلما اشتهى الفرد منهم شيئًا، اشتراه بماله أو مال غيره، المهم أن يشتريه، وبطبيعة الحال يدفع هذا الهوس الفرد إلى استدانة كثيرٍ من المال.
والمهووسون بالشراء إذ يشترون اليوم أشياءَ لا يحتاجون إليها، سوف يُضطرون غدًا - تحت وطأة الديون - إلى بيع أشياء قد يكونون في أشدِّ الحاجة إليها.
إلى جانب ما سبق، فأحيانًا ما يستدين الفرد من أجل المسايرة الاجتماعية مع الأصدقاء والأقران المحيطين به، خاصة إذا كان الفرد من طبقة اجتماعية واقتصادية أقل من الطبقة التي ينتمي إليها أصدقاؤه وأقرانه، فسلوك الدَّيْن يُحقِّق للفرد مطلبَينِ أساسيين: القضاء على الشعور بالنقص والدونيَّة، والحفاظ على عضوية الفرد في المجتمع؛ لذا فغالبًا ما يكثُر سلوك الدَّيْن بدافع المسايرة الاجتماعية من بداية المراهقة حتى بداية مرحلة الرُّشْد، ويندر أن تجده في مرحلة الرُّشْد كنتيجة للمسايرة الاجتماعية، فهو في هذه المرحلة يكون مدفوعًا بأسباب أخرى بعيدة من المسايرة الاجتماعية، وتتصل مباشرة بأسباب اقتصادية ومالية لمواجهة الأزمات أو تدبير المصروفات اليومية في أوقات الشِّدَّة.
ومن هنا قد وجد دافيس ولي في دراسة لهما بعنوان: (اتجاهات الطلاب نحو الديون) - أن الديون تكثُر في الطبقات الفقيرة ذات الدخل المنخفض، وأوضحت الدراسة أيضًا أن سلوك الدين يرتبط بالعُمْر، وأن اتجاهات الفرد نحو هذا السلوك تتغيَّر وَفْق المرحلة العمرية التي يمرُّ بها، ففي مرحلة الطفولة ينعدم سلوك الدين تمامًا، حتى إن كثيرًا من الأطفال لا يدركون معنى كلمة دين؛ لكن مع بداية مرحلة المراهقة يدرك الفرد معنى الديون، وقد يتعامل بها ويمرُّ بخبرتها.
ويشير الباحثان إلى أن سلوك الديون يزداد في المرحلة الجامعية، وأننا إذا أردنا أن نفهم ديناميات سلوك الدَّيْن، فيجب أن نطبِّقَه وَفْق نظرية دورة الحياة والنظرية السلوكية، وذلك فيما يتصل بتغيير الاتجاهات.
ويرى لونت وليفينغستون في دراسة لهما بعنوان: (التفسيرات اليومية للديون الشخصية) - أن وسائل الإعلام تمارس نوعًا من الضغط الإعلاني على سلوك المستهلكين، فتدفعهم إلى المزيد من الشراء، فيضطرون تحت ضغط الحاجة والإغراء إلى الاستدانة لتلبية حاجاتهم.
باختصار: الدَّيْن هو مظهرٌ من مظاهر الضَّعف المالي والاستسلام لضغط الحاجة، وهو سلوك كثيرًا ما يُؤدي بصاحبه إلى العنت والإرهاق. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: اقتصاديات الأحد 27 يناير 2019, 7:47 pm | |
| القواعد الأخلاقية المرتبطة بالمجال الاقتصادي ودورها في تحقيق الأمن
جديرٌ بالتذكير بأن الرسول صل الله عليه وسلم نَهَجَ المجتمع المدني بمجموعة من الضوابط الأخلاقية والاجتماعية المنظِّمة للمجال الاقتصادي.
ومما ينبغي الإشارة إليه أنه صل الله عليه وسلم ربط استقرار هذه القوَّة الاقتصادية بتحقُّق شرط الإيمان بالله، فليس في الدين الإسلامي اقتصادٌ منفصلٌ عن الإيمان بالله، وعن القيم الجماعية، وعن صِلَة الرَّحِم، وليس في ديننا اقتصادٌ منخرم عن أخلاق الإسلام الفاضلة، نعم كما أنه ربط النجاح الاقتصادي بالابتعاد عن المعاملات الاقتصادية الفاسدة التي تؤذي الآخرين بأكل حقوقهم بالباطل، وتجعل الربح الاقتصادي يتضخَّم عند فئة قليلة من المجتمع، وفي هذا المطلب سنُحاول معرفة بعض تجليات الأمن المتعلِّقة ببعض هذه القواعد.
جديرٌ بالتذكير أن مظهر الأمن الاجتماعي تجلَّى لنا في كون الرسول صل الله عليه وسلم لم يجعل التجارة علاقات تجارية جافَّة؛ بل جعل حركتها تدور مع حركة المجتمع، وجعل القوة الاقتصادية متوقِّفة على توفُّر مجموعة من القيم الاجتماعية؛ كقيم التكافُل والتعاوُن، ونقتصر على بعض هذه القواعد: قاعدة صلة الرحم، والإنفاق، والتقاسم والتشارُك، التيسير والتسامح كالتالي:
♦ مظهر الأمن من خلال ربط الاقتصاد بصلة الرَّحِم: من المعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم حثَّ على صلة الرحم، وربطها لنا بالرزق الكبير؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: سمِعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: ((مَنْ سرَّهُ أن يُبْسَطَ له في رزقه، أو ينسأ له في أثره، فليَصِلْ رحِمَه))[1] من خلال هذا الحديث يتجلَّى لنا مظهر الأمن في كونه صلى الله عليه وسلم ربط توسِعة الرزق بتحقُّق صِلة الرَّحِم؛ أي: إنه صلى الله عليه وسلم بيَّن لنا أن الزيادة في القوة الاقتصادية التي تشكل نوعًا من الأمن الاقتصادي مرتبطةٌ بتحقُّق التواصُل مع الأرحام الذي هو يدخل في نطاق الأمن الاجتماعي، وبتعبيرٍ آخر: إن مظهر الأمن هنا يتجلَّى لنا في كون الرسول صل الله عليه وسلم أشار إلى قاعدة مهمة؛ وهي أن الأمن الاقتصادي للأفراد مرتبطٌ بتحقيق أمن اجتماعي بصلة هذه الأفراد لأرحامِها.
♦ مظهر الأمن من خلال ربط الاقتصاد بالتقاسم: إن المتأمِّل في المجهودات النبوية في المجتمع المدني الموجهة لتحقيق أمن اقتصادي يتبيَّن له التقاسم بين أفراد المجتمع المدني، والحديث التالي يؤكد لنا هذا الأمر ((الناس شركاء في ثلاث: الماء، والكلأ، والنار))[2]، ويتجلَّى لنا مظهر الأمن هنا في كونها تحدث نوعًا من اللحمة الاجتماعية، ونوعًا من التعاون والترابُط رغم أنها قد تنتج عنها بعض المشاكل أو النزاعات؛ لكن الرسول صل الله عليه وسلم وضع ضوابط ضابطة لحدوث مثل هذه الأمور، والمتأمِّل في تجليات الأمن كذلك لهذه القاعدة يتبيَّن له أنها تؤدي إلى تحقيق أمن اقتصادي؛ لأن التعاون والتشارُك يؤديان إلى ربح في الوقت وزيادة في الإنتاج .
♦ مظهر الأمن من خلال ربط الاقتصاد بالإنفاق: من المعلوم أن الرسول صل الله عليه وسلم حثَّ المجتمع المدني على الإنفاق وإغناء الفقراء، كما أنه وضَّح لنا أن القوة الاقتصادية تتضاعف بالإنفاق في سبيل الله تعالى، وقد وردت مجموعة من الآيات بخصوص هذا الأمر، وفيما يلي بعض الأمثلة:
♦ ﴿ أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ ﴾ [البقرة: 267]، إن المتأمل في هذه الآية يتبيَّن له أن صورة الأمن تتجلَّى في أمره عز وجل بالإنفاق على الآخرين؛ أي: إن صورة الأمن هنا تتجلَّى لنا في كونها تُحقِّق أمنًا اقتصاديًّا ونفسيًّا للآخرين بواسطة هذا الإنفاق.
♦ ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 261]، يتجلَّى لنا الأمن الاقتصادي في هذه الآية في كون الله تعالى يُضاعف لنا مقدار ما نتصدَّق به، كما أن مظهر الأمن يتجلَّى لنا في كون الله تعالى ربط لنا القوة الاقتصادية بالإنفاق في سبيل الله تعالى، وبهذا فإن الإنسان قد يصل إلى درجات لا حدود لها من الأمن الاقتصادي بالإنفاق في سبيل الله تعالى، ومما ينبغي الإشارة إليه أن الإنفاق يُحقِّق لنا كذلك نوعًا آخر من الأمن، وهو الأمن النفسي للشخص الذي تم الإنفاق عليه؛ حيث يشعُر بالاطمئنان والأمن نتيجة إنفاق الآخر عليه، كما أن صورة الأمن في هذه الآية تتجلَّى لنا في تحقيق الأمن الاجتماعي بإشاعة رُوح التعاون والتواصُل مع أفراد المجتمع بفلسفة الإنفاق.
♦ ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 262] يمكن ملاحظة تجليات الأمن هنا، في كون هذه الآية يَعِدُ فيها اللهُ عبادَه المنفقين في سبيل الله بالأمن وعدم الخوف، كما أن مظهر الأمن هنا يتجلَّى لنا في تحقُّق أمن اقتصادي للأفراد بالإنفاق، يدل عليه ﴿ لَهُمْ أَجْرُهُمْ ﴾؛ لكن ينبغي الالتزام ببعض الآداب الاجتماعية كعدم المنِّ بالصَّدَقات.
والناظر للسيرة يتبيَّن له أن الرسول صل الله عليه وسلم حقَّقَ أمنًا اجتماعيًّا واقتصاديًّا، ونفسيًّا ومكانيًّا للآخرين بواسطة الإنفاق، وشجَّع الصحابةَ على الإنفاق، وفيما يلي بعض الأمثلة:
♦ الحديث الذي رواه مسلم: "عن أبي سعيد الخُدْري، قال: أصيب رجل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثمار ابتاعها، فكثُر دَيْنُه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تصدَّقُوا عليه))، فتصدَّقَ الناسُ عليه، فلم يبلغ ذلك وفاء دينه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لغُرمائه: ((خذوا ما وجدْتُمْ، وليس لكم إلَّا ذلك))[3]، إن صورة الأمن هنا تتجلَّى لنا في كون الرسول صل الله عليه وسلم حقَّق الأمن لهذا الرجل الذي كثر دَيْنُه بإشاعة مبدأ الإنفاق والتكافُل معه.
وممَّا ينبغي الإشارة إليه أن الإنفاق في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بلغ أقصى مراتب الكمال؛ حيث نجد أنه خصَّص الصحابيَّ بِلالًا للقيام بهذه المهمة، وفي هذا السياق يقول الكتاني - كما ورد في "مختصر السيرة لابن جماعة -: "كان بلال المؤذن على نفقات رسول الله صلى الله عليه وسلم"، وكان يُوصيه صلى الله عليه وسلم بالإنفاق؛ فعن عبدالله، عن النبي صل الله عليه وسلم، قال: ((أنفِقْ بلالُ، ولا تَخْشَ من ذي العرش إقلالًا))[4].
وفيما يلي بعض الأحاديث التالية التي ذكرها الكتاني في كتابه "التراتيب"، باب: المنفق على رسول الله، تبيَّن لنا هذا الأمر ذلك:
♦ في سنن أبي داود والبيهقي عن عبدالله الهوزني، قال: لقيت بلالًا بحلب، فقلت: يا بلال، حدِّثني كيف كانت نفقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ما كان له شيء، وكنت أنا الذي ألي ذلك منه منذ بعثه الله حتى تُوفِّي، وكان عليه السلام إذا أتاه الإنسان مسلمًا يراه عاريًا، يأمرني فانطلق فأستقرض، فأشتري له البردة، فأكسوه وأطعمه"[5] إن هذا الحديث يكشف لنا على نوع من الأمن النفسي والاجتماعي الذي كان يُحقِّقه الرسول صل الله عليه وسلم للناس والذي تمثَّل لنا في شكل أمن غذائي ناتج عن الإطعام، واجتماعي ناتج عن كسوة هؤلاء المحتاجين.
♦ في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم أتى قومًا من مضر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فتمعَّر وجهُه لما رأى بهم من الفاقة، فدخل بيته فلم يجد شيئًا، ثم خطب في الناس ووجههم إلى الصدقة لسدِّ حاجاتهم؛ (راجع الحديث بتمامه في صحيح مسلم)، هذا الحديث يكشف لنا عن نوع من الأمن الذي كان الرسول صل الله عليه وسلم يُوفِّره للأفراد بإشاعة فلسفة الإنفاق.
♦ مظهر الأمن من خلال ربط الاقتصاد بالتسامح: من المفيد أن نذكِّر بأنه صلى الله عليه وسلم وجَّه المسلمين في هذه المعاملات إلى قيم التسامُح، وفي هذا السياق يؤكِّد لنا كتاب الإدارة في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الأمر "وكانت توجيهات الرسول صل الله عليه وسلم تقضي بضرورة التسامُح بين المتبايعين"[6].
والأحاديث التالية تؤكد لنا ذلك:
♦ عن عبيدالله بن عبدالله، أنه سمِع أبا هريرة رضي الله عنه، عن النبي صل الله عليه وسلم، قال: ((كان تاجر يداين الناس، فإذا رأى معسرًا، قال لفتيانه: تجاوزوا عنه، لعلَّ اللهَ أن يتجاوز عنا، فتجاوز الله عنه))، يتجلى لنا مظهر الأمن هنا في كون الله تعالى قد حقَّق لهذا التاجر الأمن؛ بسبب تحقيقه الأمن لهذا المعسر.
♦ وروي عن الرسول صل الله عليه وسلم أنه قال: ((رحم الله رجلًا سمحًا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى"[7]، أي: سمحًا جوادًا متساهلًا، يوافق على ما طلب منه، (اقتضى) طلب الذي له على غيره"[8]. ويتجلَّى لنا مظهر الأمن هنا في تحقيق أمن اجتماعي وأمن نفسي لهؤلاء المعسرين والمحتاجين برحمتهم، والأخذ بعين الاعتبار لظروفهم وأحوالهم.
خلاصة:
♦ مما سبق يتبيَّن لنا أن الإسلام ربط لنا الاقتصاد بمجموعة من القواعد الأخلاقية الاجتماعية؛ لتحقيق الأمن لجميع الأفراد، ولتبيان أن المال مال الله، لا ينبغي أن ننسى فيه حق الفقراء والمحتاجين، ولم يجعل الاقتصاد خاليًا من الرُّوح متحجِّرًا، لا صلة له بالدين؛ بل جعل الكفر بأنعم الله سببًا في انعدام الأمن الاقتصادي على الإنسان.
وجعل لنا قوة المدخول الاقتصادي مرهونة بتحقق صلة الرَّحِم والإنفاق، وتحقُّق قيم التكافل والتضامن وبتقوى الله تعالى وبذكره.
[1] صحيح البخاري، كتاب: البيوع، باب: من أحب البسط في الرزق، ج 3، ص 56، رقم 2067.
[2] أخرجه أبوداود، حديث 3477، ابن ماجه، حديث 2472، وأحمد 5 /364.
[3] صحيح مسلم.
[4] التراتيب؛ للكتاني، ج 1، ص 343.
[5] التراتيب؛ الكتاني، ج 1، ص 343.
[6] الإدارة في عهد الرسول صل الله عليه وسلم؛ عجاج الكرعي، ص 180.
[7] صحيح البخاري، كتاب: البيوع، باب: السهولة والسماحة في الشراء والبيع، ومن طلب حقًّا فليطلبه في عفاف، ج 3، ص 57، رقم 2076.
[8] صحيح البخاري، كتاب: البيوع، باب: السهولة والسماحة في الشراء والبيع، ومن طلب حقًّا، فليطلبه في عفاف، ج 3، ص 57. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: اقتصاديات الأحد 27 يناير 2019, 7:48 pm | |
| الحياة الاقتصادية في الإسلام وأثرها الإنساني والعالمي
تعريب العملة وإقامة دُور لضربها:
على نهجِ الإسلام في الإفادة من الحضارات السابقة تعامل الرسول صلى الله عليه وسلم مع العملة، فعندما ظهر الإسلام أقرَّ الرسول صلى الله عليه وسلم النقودَ على ما كانت عليه، وتعامل الرسول صلى الله عليه وسلم بهذه النقود، وزوَّج ابنته فاطمة لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، بصداق قيمته 480 درهمًا، وفرض الرسول صل الله عليه وسلم زكاةَ الأموال بهذه النقود السائدة.
وعمِل الخليفة أبو بكر بسُنَّته صل الله عليه وسلم، ولَمَّا استخلف عمر بن الخطاب وفتح الله على المسلمين بلادَ الفرس أقرَّ النقود الساسانية في إيران والعراق كما هي بلغتها وحروفها وشعاراتها.
لكن نظرًا لاتِّساع دائرة العالم الإسلامي، ولوجود الحاجة إلى نقود كثيرة، وأيضًا لوجود شعارات مسيحية أو فارسية تخالف العقيدة الإسلامية على هذه النقود الأجنبية - شعر المسلمون بضرورة إنشاء دُور لسكِّ العملة خاصة بهم، حاملة لشعارات الإسلام.
وقد ذكر ابن خلدون في المقدمة تعريفًا للسكة يفيدنا أن: السكة: هي الختم على الدنانير والدراهم، المتعامل بها بين الناس، بطابع من حديد، تنقش فيه الصور أو الكلمات المطلوبة بطريقة خاصة.
وقد بدأ هذا الشعور يتألَّق ويدخل حيِّز التنفيذ عندما أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة 18 هجرية ببناء دارٍ لسكِّ العملة الفارسية في طابع فارسي؛ كي ينقش عليها (لا إله إلا الله محمد رسول الله)؛ بهذا كان لعمر فضلُ وضع الشعار الإسلامي على نقود فارس، ليتداولها المسلمون في غير حرج من دينهم؛ ونظرًا لقلَّة إنتاج النقود في أيدي الناس نتيجة اتِّساع الدولة الإسلامية تعطَّلتِ الأمور، وعالج الخليفة عمر تلك الأزمة باستيراد المحاصيل مِن مصر، وبإكثار سكِّ النقود؛ بأن أمر دار السك أن تنقص الوزن، فتجعله ستة مثاقيل لكل عشرة دراهم، بدلًا من مثقال لكل درهم، واتَّخذ عثمان رضي الله عنه، هذا الوزن في نقوده التي كتب عيها (الله أكبر).
أما معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه (41 - 60هـ)، فأراد أن يرجعها إلى الوزن الأول، ولكن زياد بن أبيه أقنعه باستعمال الوزن الخفيف.
وقد وصَلَت دراهمُ معاوية إلى المتحف البريطاني في لندن، وهي دراهم عليها صورته متقلدًا سيفه، وعندما تولى عبدالملك بن مروان - خامسُ الخلفاء الأمويين - الخلافةَ، وتركزت السلطة في يده في جميع أرجاء الأمة الإسلامية؛ بدأ يصبغها بالصبغة العربية الإسلامية في جميع الميادين الإدارية والمالية؛ فضُرِبت في عهده أول نقود عربية بعبارات إسلامية، بل سُجِّلت عليها الشهادتان (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، بالخط الكوفي البسيط، وقد استطاع عبدالملك أن يُحقِّق نجاحًا كبيرًا في تعريب النقود، فتمَّ التعريبُ الكامل للنقود سنة 77 ه، فاحتلَّت الكتابات العربية وجهَي الدينار، ونُقِشت عبارات التوحيد والبسملة وسَنة الضرب، أما وزن الدنانير، فقد حدده الوزن الشرعي وهو 4.25 جم[1]، وسار الخلفاء الأمويون على خُطى عبدالملك في سكِّ الدنانير العربية الإسلامية[2].
وبعد سقوط بني أمية سنة (132هـ) نَقَص عبدالله بن محمد (السفاح) وزن الدرهم حبة، ثم حبتين فيما ضربه من النقود؛ لقلَّة موارده من المعادِن وكثرة ما أنفقه في القضاء على الثوراتِ، وجاء بعده أبو جعفر المنصور عام 146هـ، فنَقَص بدوره من الدرهم ثلاثَ حبات، في محاولةٍ لإيجاد توازن بين المعروض من النقود والطلب على الواردات، كما ضربت نقود في عهد الخليفة المهدي عام 163 هـ بشهادة التوحيد، وضُربت نقود في عهد هارون الرشيد (170 - 193هـ)، كُتب عليها بالخط الكوفي شهادة التوحيد، ونقش حرف (ه) أسفل لفظ الجلالة إشارة إلى اسم هارون، وتميَّزت هذه العملة بالدقة أكثر من النقود السابقة.
وفي مصر ضُربت أول نقود إسلامية في عهد الدولة الطولونية، بعد أن أسس أحمد بن طولون عام (257هـ) دارًا لضرب النقود والدنانير التي عُرفت بالأحمدية، وامتازت بعيارِها الجيد، وذلك بعد توحيد مصر والشام.
لقد ازدهرتِ الحياة الاقتصادية - ولا سيما التجارة - في ظل الدولة العربية الإسلامية بصورها وأشكالها كافَّةً؛ وذلك بفضل انتشار الأمن، والاهتمام بالطرق التِّجارية، وتشجيع التبادل التِّجاري، ووجود مراكز تِجارية حضارية كالمدن المهمة والعواصم.
وقد أدَّت التجارة دورًا كبيرًا في نشر الثقافة العربية الإسلامية وإيصالها إلى بلادٍ لم تصلها الفتوحات؛ فكان للتجار الصادقين الأمناء دورٌ مهم في نشر رسالة الإسلام، ولو تصفَّحنا كتاب الدعوة إلى الإسلام (لتوماس أرنولد)، لوجدناه حافلًا بصورٍ رائعة لكثيرٍ مِن التجَّار الصادقين الذين نشروا الإسلامَ بأخلاقهم.
كما ازدهرَت الزراعة وتنوَّعت المحاصيل لتلبِّي حاجات وأذواق الناس؛ وذلك بسبب تنوع التربة والمناخ، واتِّساع الأرض والتكامل الاقتصادي وفتح الحدود بين كل بلاد الإسلام[3].
كما أن النظام الاقتصادي عمِل بطبيعتِه على تحقيق الرخاء؛ من خلال ازدهار الصناعات اليدوية، والموارد المعدِنية، والآلات الخشبية، والعطور، والآلات الطبية، وصناعة الوَرَق، والسكر؛ إلى جانب ذلك كانت هناك الموارد الاقتصادية الشرعية، وعلى رأسها:
الزكاة: (2.5%)، وهي واجبة في النقود، والذهب، والفِضة، والثمار.
والخَراج: وهو ضريبةٌ تُفرَض على الأرض المزروعة المصالح عليها.
والجِزْية: وهي مبلغ يدفعه أهل الذمة من النصارى واليهود للدولة الإسلامية، مقابل أن تقوم الدولة بحمايتهم والدفاع عنهم، وتتراوح ما بين 12 و 48 درهمًا في السنة حسب حالة الفرد.
والغنائم: وهي المال الذي يظفر به المسلمون على وجه الغلبة والقهر من الكفار، وخُمُسه للهِ وللرسول صل الله عليه وسلم وذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل، وكذلك الفيء، وهو ما أخذه المسلمون دون قتال.
والعشور: وهي ضرائب على بضائع التجَّار.
فضلًا عن الأوقاف والصدقات الكثيرة، وصور التكافل الاجتماعي التي لا تكاد تحصر، ولعددٍ من القرون كانت الخلافة الإسلامية أكبر دول العالم اتساعًا؛ لدرجة أن هارون الرشيد كان يقول للسحابة: أمطري كيف شئتِ فسيأتيني خراجُك.
وإلى جانب عوامل النموِّ الاقتصادي المعروفة من زراعة ورعي وصناعة وتجارة، كانت هناك مصادر متنوعة أخرى تصل لخزينة الخلافة الإسلامية، وتمكِّنها من الاستبحار في العمران ومظاهر المدنية والترف، وما هو في حدود المعقول وما هو خارج عن حدود الدين والعقل.
وقد رصد (جورجي زيدان) - في كتابه (تاريخ التمدن الإسلامي) - الإيرادات على أيام الخليفة العباسي المأمون في جدول يتضمَّن ما يجيء من الأموال النقدية والبضائع والأمتعة والمحصولات، وذلك في الأقاليم والولايات المختلفة، وكان مجموع جباية الدولة ثلاثمائة وتسعين ألف ألف وثمانمائة وخمسين ألف درهم؛ أي: ما يقرب من أربعمائة ألف ألف درهم، هذا بالإضافة إلى قيمة الموارد العينيَّة.
أما في عهد الخليفة (المعتصم بالله)، فقد أورد (قدامة بن جعفر) - في كتابه (الخراج وصناعة الكتابة) - إيرادات الخلافة؛ حيث بلغ المجموع الكلي للإيرادات 388311350 درهمًا[4].
ولقد أورد ابن خرداذبة - في كتابه (المسالك والممالك) - جباية أرض السواد وجباية أقاليم المشرق، وأقاليم الدولة الإسلامية الأخرى؛ وقد احتسب جورحي زيدان على أساسها في كتابه (تاريخ التمدن الإسلامي) أثمانَ الكميات من الحاصلات بحسب السعر السائد وأضافها إلى الجباية النقدية، ونظم بها جدولًا تضمَّن الإيرادات موزعة على الأقاليم، وقد بلغت جملتها 299265340 درهمًا، وهي تعود إلى ما قبل سنة 232هـ (القرن الثالث الهجري)؛ على النحو التالي:
1- إيرادات السواد: 78319340 درهمًا.
2- إيرادات بقية ولايات العراق: 17300000 درهم.
3- إيرادات ولايات المشرق: 132096000 درهم.
4- إيرادات ولايات الشام:1990000 دينار، وتعادل 29850000 درهم.
ويلاحظ أن الجباية كانت تميل إلى الانخفاض[5]، بحيث بلغ الفرق بين الجباية على عهد المأمون، وما صارت إليه في أواسط القرن الثالث، قريبًا من المائة ألف ألف درهم، ويعود هذا الانخفاض في الإيرادات إلى عوامل عديدة؛ منها ما هو معروف موثق، ومنها ما يمكن استنتاجه من سير الأحداث التاريخية؛ فمن العوامل الموثقة أن الخليفة المأمون خفض نسبة الخراج إلى خُمسي الغلة بدلًا من نصفها، وكان الخليفة الواثق بالله أمر بإلغاء أعشار السفن التجارية تشجيعًا للتجارة، كما أن الخليفة المهتدي بالله أمر في سنة 252ه بإسقاط ما تبقى على أصحاب الأراضي من الديون، وكانت اثني عشر ألف ألف درهم، أما العوامل الأخرى، فمنها ظهور بعض الإمارات شبه المستقلَّة؛ فقلَّت المبالغ التي تُحوَّل إلى بيت المال، ومنها انخفاض مبالغ الجِزية لدخول الناس في الإسلام، يضاف إلى ذلك سوء المكلَّفين بجباية الضرائب.
الأثر الحضاري للاقتصاد الإسلامي في العالم:
كانت الخلافة الإسلامية، بل كانت الأرض الإسلامية كلها، مفتوحة بلا حدود، سواء فيما بين المسلمين بعضهم البعض، أو فيما بينهم وبين غيرهم من أبناء الأديان والحضارات الأخرى، ما لم تكن هناك حالة حرب.
وقد قسَّم المسلمون الأرض إلى أقسام ثلاثة: دار إسلام، ودار حرب وهي التي يجاهرنا أهلُها بالعداء، ودار عهد وأمان، وهي بقية العالم.
وعبر دار الإسلام وبلاد العالم الأكبر والأوسع - وهي الداخلة تحت راية العهد والأمان - كانت العلاقات السلمية الاقتصادية والثقافية والعلمية تمتدُّ بلا قيود إلا في إطار الأحكام العامَّة التي تقتضيها عوامل الأمن.
وقد تنوَّعتْ طرائق التأثير الإسلامي الاقتصادي في البلاد الأوروبية وغيرها حسب المجالات الاقتصادية المعروفة، بحيث نستطيع القول: إن هذه التأثيرات شملت مجالات الزراعة والصناعة، والفنون والزخرفة، وغيرها[6].
ففي المجال الزراعي أدخل المسلمون إلى الأندلس قائمة طويلة من النباتات؛ مثل: الأرز، والقطن، وقصب السكر، والبرتقال، والليمون، والباذنجان، وغيرها.
كذلك قام المسلمون بإدخال أساليبهم في ري النباتات إلى الأندلس؛ فشقُّوا القنوات، وأدخلوا النواعير بنوعَيْها، سواء منها ما كان يعتمد على قوة تيار المياه، أم تلك التي تجرها الحيوانات في ربوع الأندلس لتروي المزروعات المختلفة؛ حتى إنهم قاموا بإدخال الطريقة البدائية لرفع الماء - والمعروفة في مصر باسم الشادوف - إلى تلك البلاد التي لم تكن تعرفها من قبل.
كما أفادت إسبانيا المسيحية من الطرق والوسائل التي ابتكرها واستخدمها المسلمون في ري المزروعات إبان الوجود الإسلامي بها؛ بالقنوات التي استولى عليها المسيحيون في وادي نهر الإبرو، أو على طول فالانسيا (بلنسية)؛ تلك القنوات التي شقَّها المسلمون، وأفاد منها الإسبان بعد ذلك[7].
غير أن هناك أثرًا تركه المسلمون، لا يظهر إلا نادرًا في جنوب أوروبا، وإن ظهر فإنه يظهر في إطار غير زراعي؛ ذلك الأثر هو القنوات الجوفية التي تكون مجرى للماء تحت الأرض عن طريق الربط بين سلسلة من الآبار، وهو يظهر بصورة واضحة في مدريد، وقد استُخدم ذلك الأسلوب في إفريقيا لري الأراضي، وجلب المياه التي تبعد عن الأراضي بمسافات شاسعة.
وكما هو معلوم فإنه ليس لمدريد أي تاريخ يُذكر قبل الفترة الإسلامية، ولعلَّ اسم مدريد، وأصله عربي (مجريط)، يتعلَّق بهذه الممرات المائية[8].
وكما ازدهرت الزراعة - وكان لها تأثيرها في أوروبا - كذلك ازدهرت الصناعة في ظلِّ الحضارة الإسلامية.
ونستطيع أن نقول: إن العصر العباسي شهِد تطورًا كبيرًا في عالَمَي الزراعة والصناعة، ولا ننسى هنا أن سفير هارون الرشيد حمل ساعةً تتكوَّن من آلات معقَّدة، مصنوعة بطريقة فنِّية إلى بلاط شارلمان، مما يدلُّ على الأسبقية المطلقة للمسلمين في صناعة الساعات، لدرجة أن هذه الصناعة قد تطوَّرتْ فأُلِّفتْ فيها كتب، على رأسها كتاب (في موضوع الحركة الذاتية) للجزري، ألَّفه حوالي (سنة 602 هـ - 1206م)، وهو يضم صورًا للآلات المعقَّدة التي تتكوَّن منها الساعات، ولئن كان أهل الحرف والصناعات هم الأساس لأيِّ نهضة في الصناعة؛ فإننا نعجب عندما نجد في كل صنعة من الصناعات - كبيرة أو صغيرة - كتبًا ألَّفها الصنَّاع والحِرْفيون أنفسهم عن صناعاتهم، سواء كانت هذه الصناعات ذات صلة بالعلم أم بالمأكل والمشرب؛ فهناك صناعة أدوات الكتابة، والورق، والزجاج، والصياغة، وسكِّ النقود، وفن الطبخ، والمباني والعمارة، وهذا يدلُّ على أن العامل المسلم في العصور الوسطى كان رجلًا متعلمًا يمارس صنعتَه على أصول مقرَّرة مسطورة في كتب؛ لأن أسلوب معظمها يدل على أن مؤلِّفيها كانوا من رجال الصنعة الممارسين لها، يكتبون لأهل صنعةٍ مثلهم، فهم يستخدمون المصطلح الجاري بينهم والعبارات التي لا يفهمها إلَّا العمال أنفسهم[9].
وإن مَن يتأمَّل بلاد المسلمين وما خلَّفته فيها العصور الماضية من الآثار يجد أن معظمه من عمل أولئك الصنَّاع؛ فالمساجد والقصور الباقية وما تنطوي عليه من روائع العمارة والهندسة، وزينتها ونقوشها، ومنابرها ومشربياتها وسقوفها، وأعمال الخشب والمعادن والرخام، كل ذلك يدل على روح فنِّي أصيل وذوق شرقي بديع، وكذلك النسيج الجميل الذي اشتهر به الكثير من بلاد الإسلام؛ فقد كانت بعض نماذجه ترقى إلى مستويات لا تقل عمَّا تخرجه أحسن مصانع النسيج المعاصرة، وإن الإنسان ليرى زخارف (تاج محل) في مدينة أكرا بالهند، ويقارنها بزخارف القصور في المغرب في مدن تطلُّ على المحيط الأطلسي ويتعجب كيف استطاع (تقليد) فني واحد أن يسود في مساحات شاسعة كهذه[10].
ولقد استطاع الصنَّاع في بلاد العالم الإسلامي أن يقوموا بالوفاء بكل حاجات بلادهم من الأشياء المصنوعة؛ فهم قدَّموا للناس كل ما لزم لهم من المنسوجات بكل أنواعها، سواء كانت صوفية، أم كتانية، أم قطنية، أم حريرية؛ بل أخرجت المناسج في الهند، وإيران، والشام، ومصر، واليمن، أقمشةً رقيقة متقنة راجت في العالم كله.
وقد استوردت أوروبا من بلاد الإسلام منسوجاتٍ شتى، راجت في أسواقها بأسمائها التي تدل على أصولها؛ فعرَفت أوروبا قماشًا حريريًّا رفيعًا سمي بالفستيان fusian، وأصله مصنوع في فسطاط مصر، ومن هنا جاء اسمه.
وعرَفَت أوروبا الدِّمَقْس الذي يُصنع في دمشق، وسمِّي في أوروبا بالدماسك Damask، وكانت توجد منه أنواع شتَّى، واستورد الإيطاليون الحريرَ الموصلي الرفيع، وشاع في أوروبا، باسم الموسلين وصنعوه في بلادهم، ومثل هذا حدث للحرير البغدادي؛ فقد كان الإيطاليون يُحرِّفون اسم بغداد إلى بالداكو Baldacgo، واستوردوا كذلك قطنيات حمراء رقيقة من غرناطة كانت تسمى بالغرناطيات Grandines [11].
وكان الناس يصنعون في حي العتابية في بغداد قماشًا ممتازًا - (والعتابية منسوبة إلى صحابي جليل هو عتاب بن أسيد) - فوصل هذا النسيج إلى أوروبا، وسمِّي العتابي Aattbi، وقلَّد صناعته الأندلسيون وصدَّوره إلى فرنسا؛ حيث عُرف باسم تابي Tabi[12].
وفي نهاية القرن التاسع الهجري (الخامس عشر الميلادي) - أي في الفترة التي شاع فيها استعمال فن تطعيم المعادِن في الشرق الإسلامي - أصبح تأثير فن صياغة المعادِن الإسلامي أوسع انتشارًا في أوروبا، وتمثَّل ذلك في ظهور عدد كبير من الطسوت، والأطباق الكبيرة، والأباريق، والشمعدانات، مصنوعة بهذه الطريقة في البندقية، واستمرَّ ظهورها طوال النصف الأول من القرن.
وقد كان الصناع الأوروبيون يُقلِّدون الطريقة الفنية الشرقية في صنع أشياء على هيئة القطع المستوردة بصفة عامَّة، ولكن مع زيادة في أشكال الزخارف القائمة على خطوط، ويحتمل أيضًا أن تكون الرسوم الشرقية هي النموذج، أو على الأقل مصدر الإلهام لستِّ قطعٍ فنية من النُّحاس محفورة برسوم دائرية بيضاء على خلفية سوداء[13].
وعلى الرغم من أن الفخَّار سهل الكسر، وأن نقله بِناءً على ذلك كان صعبًا، فإن نماذج منه ترجع إلى العصور الوسطى، قد وصلت إلى أوروبا من الشرق الإسلامي في أعداد قليلة، ونجد دليلًا على ذلك في طراز الصحاف الفخارية المعروفة باسم بتسني (bacini)، وهي عبارة عن آنية مسطَّحة مستديرة مطلية بالطلاء الخزفي؛ كانت توضع - نظرًا لتأثير ألوانها - في الكنائس الإيطالية؛ إما في الواجهة الأمامية لمبنى الكنيسة أو في برج الأجراس.
وهناك تأثير مباشر بصورة أكبر، مارسه الفخَّار الإسلامي، وخاصة الأنواع الأندلسية المطليَّة بالقصدير المزجج، وبما يسمى بالسجرفيتو Sagraffito؛ أي: الزخارف ذات البريق المعدني، وقد وجدت هذه الأنواع والزخارف في صناعة الفخار الإيطالي؛ التي لم تلبث أن بلغت شأوًا بعيدًا من الازدهار، وكانت هناك بعض أشكال الزخارف على الآنية الخزفية؛ مثل القصاع الصغيرة، والزهريات، والقُدور، وأواني العقاقير.
أما الزجاج الإسلامي، فقد وُجد في أماكن أوروبية قليلة في العصور الوسطى مع صعوبةِ نقله، مع أن اكتشاف آنية زجاجية إسلامية في السويد، وجنوب روسيا، وفي الصين، يدلُّ على أن بُعْد المسافة لم يَحُلْ دائمًا دون نقل هذه الأواني، وكانت تلك الأواني في العادة تستقرُّ في الكاتدرائيات والكنائس والأديرة.
وهناك قطع أخرى نعرفها عن طريق قوائم المتاحف، مثال ذلك نجده في القائمة الخاصة بمقتنيات شارل الخامس ملك فرنسا (1379م - 1380)؛ إذ نقرأ في هذه القائمة: (ثلاثة أوانٍ من الزجاج على الطراز الدمشقي)، بالإضافة إلى طَسْت وزجاجة سراج، وقطع زجاجية أخرى من دمشق أيضًا.
وقد كان تجليد الكتب من الفنون التي تحملُ طابع المسلمين كما هو معروف، وقد تعلَّمتْ أوروبا هذه الصناعة من المسلمين، واشتملت عملية تطويرها على إحلال الورق المقوَّى محل الخشب (مادة داخلية) لجلد الكتب، والكتابة المذهَّبة على الجلد، وخاصة بواسطة أداة محماة، وفي الحالة الأخيرة، أي: حالة الكتابة المذهبة؛ فإن لدينا دليلًا حقيقيًّا يؤكد أسبقية المسلمين على أوروبا في هذا الفن؛ إذ يظهر أول ذكر لعملية تذهيب الكتب في كتاب مغربي يتناول فنون صناعة الكتب، وأُلِّفَ في المدة الواقعة بين سنتي (454 - 502 هـ/ 1062 - 1108م)؛ في حين أن أول تجليدٍ استُعمِل فيه التذهيب بأداة محماة، عمل لسلطان من أواخر سلاطين الموحِّدين في المغرب، يرجع تاريخه إلى عام 654/ 1256م، وفي المقابل نجد أن أقدم استعمال غربي لهذا الفن كان في إيطاليا، ويعود تاريخه إلى العام 863 هـ/ 1459؛ أي: بعد أكثر من قرنين من الزمان[14].
[1] عبدالوهاب القرش: العلاقات الحضارية، ص (82 - 84).
[2] عبدالفتاح غنيمة: ميادين الحضارة العربية الإسلامية، وأثرها على الحضارة الإنسانية، ط3/ ط2، دار الفؤاد العلمية بالإسكندرية، 1994م، ص (28، 29) بتصرف، وانظر الكتاب العظيم لأستاذنا الدكتور محمد ضياء الريس (رحمه الله): الخراج والنظم المالية للدولة الإسلامية.
[3] ابن رستة: الأعلاق النفيسة (118)، ابن خردازبة: المسالك والممالك (84)، وهناك إشارات كثيرة في كتب الجغرافية الإسلامية تدل على ازدهار الزراعة، وكثرة العمران الريفي.
[4] أحمد عبدالباقي: معالم الحضارة الإسلامية ص (148، 149، 150).
[5] المرجع السابق، (152).
[6] أحمد الباشا: التراث العلمي للحضارة الإسلامية، ص (141).
[7] المرجع السابق، ص (142، 143).
[8] عبدالوهاب القرش: العلاقات الحضارية، ص (221).
[9] أحمد الباشا: التراث العلمي للحضارة الإسلامية، ص (143 - 146).
[10] عبدالوهاب القرش: مرجع سابق، ص (234).
[11] المرجع السابق، ص (181).
[12] حسين مؤنس: عالم الإسلام ص (218، 219، 220)، (بتصرف)، الزهراء للإعلام العربي 1410 ه - مصر.
[13] المرجع السابق، ص (150).
[14] عماد الدين خليل: قراءات في الفكر الغربي حول الفن الإسلامي، ص (21 - 28). |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: اقتصاديات الأحد 27 يناير 2019, 7:49 pm | |
| ازدهار الحياة الاقتصادية
إنَّ النظام الاقتصادي في الإسلام قائم على تصور معين، وهو أنَّ الله هو الخالق والمالك لهذا الكون وما فيه، وهو الوهاب والرزَّاق، استخلف الإنسان في هذه الأرض، ومكَّنه مما فيها من أرزاق وأقوات، وقوى وطاقات، وجعل له حرية التَّصرف فيها، ولكن بشرط أن يكون وفق منهج الله وحسب شريعته، فالأمر ليس فوضى، وإنَّما هناك حدود وقيود واضحة؛ فالله هو المشرِّع، وله الحكم وحده، والإنسان مُستخلَف في الأرض، وليس مالكًا لما في يديه من أرزاق.
وبعبارة أخرى: إنَّ النظام الاقتصادي في الإسلام قائم على أساس الكسب المشروع، والإنفاق المشروع، وأداء ما أمر الله بأدائه، وتنمية المال بوسائل لا ينشأ عنها الأذى للآخرين، فلا بُدَّ من الطهارة في النية والعمل، والنظافة في الوسيلة والغاية، فإذا قام التصور في النظام الاقتصادي على هذا الأساس، ازدهرت الحياة الاقتصاديَّة، وشاع الرخاء، وأما إذا قام على غير هذا الأساس المشروع، انتكست الحياة الاقتصاديَّة، وعمت الأزمات؛ ذلك أنَّ المفاهيم الاقتصادية، التي تقوم على أساس الكسب المشروع والإنفاق المشروع - ينتج عنها أن يشيع التفكير في المصالح العامة، وأن يحسن الناس التعامل بمصادر الثَّروة، وهذا فيه صالح الجميع، وأما التصور الثاني القائم على الطُّرق غير المشروعة، ففيه مصلحة أفراد معينين، هم النهَّابون والمحتكرون والمرابون، الذين يقتصرون في الإنفاق على شهواتهم الخاصة، ولا تهمهم إلاَّ مصالحهم الشخصيَّة، ولو كانت على حساب الآخرين، والإضرار بهم أو حتَّى سحقهم.
فمن البنود التي يقوم عليها النِّظام الاقتصادي في الإسلام: تيسير وتوفير فرص العمل والرزق لكل قادر، وحسن توزيع الثَّروة بين الأفراد على أساس الحق والعدل بين الجهد والجزاء، فالأصل أنْ يكلف الجميع بالعمل، كلٌّ حسب طاقته واستعداده وفيما يسَّره الله له، فلا يكون أحدٌ كَلاًّ على الجماعة، وهو قادر على العمل، ولكن هناك حالات خاصة تُستثنى وهي التي تُعالَج بالزكاة والصدقة.
قال عليه وآله الصلاة والسلام: ((لأن يغدو أحدُكم فيحتطب على ظهره، فيتصدق منه، فيستغني به عن الناس - خيرٌ له من أن يسأل رجلاً أعطاه أو منعه ذلك، فإن اليد العليا خيرٌ من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول))؛ [ صحيح الألباني - صحيح الترمذي: 680]، وقال: ((من استعفَّ أعفَّه الله، ومن استغنى أغناه الله، ومن سأل الناس وله عدل خمس أواق، فقد سأل إلحافًا))؛ إسناده صحيح، رجاله ثقات، [الألباني - السلسلة الصحيحة: 2314].
ومن البنود كذلك: التزام جانب القصد والاعتدال، واجتناب السرف والشطط في الإنفاق، والاستمتاع بالطيِّبات التي أحلها الله، والبعد عن النمط الاستهلاكي الترفي، وأن تبقى الحاجات الاستهلاكيَّة محدودة بحدود الاعتدال؛ {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف: 31].
وأيضًا: أن يقوم التكافُل بين المؤمنين، فينتفعوا جميعًا برزق الله الذي أعطاهم، فمن وهبه الله سَعَةً في الرِّزق، أفاض وأنفق على من قُدر عليه رزقه؛ شعورًا منه بنعمة الله عليه، وشكرًا له عليها، وذلك بأن يُحسن التصرف فيها، والإحسان إلى الخلق؛ {وأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إلَيْكَ} [القصص: 77].
ويتمثل هذا التَّكافُل في الزكاة المفروضة والصدقات التطوعيَّة؛ فالزكاة هي قاعدة المجتمع المؤمن المتكافل المتضامن، والصَّدقة عطاء وسماحة، وطهارة وزكاة، وتعاون وتكافل، والنفس التي تنفق في سبيل الله لا تخشى الفقر؛ لأنَّها نفس تتصل بالله وتعتمد عليه، ولا يتزعزع يقينها فيما عنده؛ فهي إنَّما عليها أن تأخذ بأسباب الرِّزق الظاهرة في الأرض، ثم تستيقن أنَّها ليست هي التي ترزقها، وإنَّما خالقها ومسببها، فرزقها مقدر في السماء، وما كتب الله لا بُدَّ من أن يكون؛ {وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وما تُوعَدونَ} [الذاريات: 22]، وأمَّا الكف عن الإنفاق، فإنَّما ينشأ عن دوافع السوء التي يثيرها الشيطان في القلوب، من مخافة الفقر والحرص والشح، والتكالب والتطاحن على متاع الدنيا؛ {الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الفقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالفَحْشَاءِ واللهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وفَضْلاً وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 268].
وما من مجتمع يقوم على التكافُل والتعاون المتمثل في الزكاة والصدقة، وتسوده روح المودة والحب والرِّضا والسماحة - إلاَّ بارك الله لأهله في مالهم ورزقهم، وفي صحتهم وقوتهم، وفي طمأنينة قلوبهم وراحة بالهم.
وأمَّا الوجه الآخر للتكافل والتعاون بدفع الصَّدقات: فهو الرِّبا وما فيه من قبح وشناعة، وجفاف في القلب وشرٍّ في المجتمع، وفساد في الأرض، وهلاك للعباد، وفساد في حياة الجماعة وتضامنها بما يبثه من روح الشره والطمع والأثرة والمقامرة، فالنظام الرِّبَوي نظام يسحق البشرية سحقًا، ويشقيها في حياتها أفرادًا وجماعات ودولاً وشعوبًا؛ لمصلحة حفنة من المرابين، ويحطُّها أخلاقيًّا ونفسيًّا وعصبيًّا، ويحدث الخلل في دورة المال ونمو الاقتصاد البشري نموًّا سويًّا، والمجتمع الذي يتعامل بالرِّبا لا تبقى فيه بركة أو رخاء، أو سعادة أو أمن أو طمأنينة، ولا يبارَك لأهله في مال، ولا في عمر، ولا في صحة، ولا في طمأنينة بال، بالبركة ليس بضخامة الموارد، بقدر ما في الاستمتاع الطيب الآمن بهذه الموارد؛ {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} [البقرة: 276]، والبشرية الضَّالة التي تأكل الرِّبا وتوكله، تصيبها البلايا في أخلاقها ودينها، وصحتها واقتصادها، وتتلقى حربًا من الله تصب عليها النِّقمة والعذاب؛ {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} [البقرة: 279].
والنظام الرِّبوي: نهايةُ الأمر فيه أن يصير جميع المال إلى عدد قليل جدًّا من المُرابين، ولكن النظام الاقتصادي الإسلامي قائم على دوران المال في الأيدي على أوسع نطاق؛ حتَّى لا يكون في أيدي الأغنياء وحدهم، وممنوعًا من التداول بين الفقراء؛ {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} [الحشر: 7]؛ فجعل الله للفقراء حقًّا في الزكاة، وفي الغنائم، وحرم الاحتكار والرِّبا.
كما شرع الله نظام الإرث، وهو نظام عادل يتمشَّى مع الفطرة، ومع واقع الحياة والإنسانيَّة في كل حال، وفيه ضمان لتفتيت الثَّروة وعدم تجمعها في أيدٍ قليلة، وهذا يدعو إلى أن يضاعف الفرد جهده في تنمية ماله؛ مما يضمن للأمَّة النفع والفائدة من هذا الجهد، وانتفاع ورثته من هذا المال من خلال مبدأ التكافل الاجتماعي في نظام الإرث؛ يقول سيد قطب: "فهو نظام يضمن تفتيت الثَّروة المُتجمعة على رأس كلِّ جيل، وإعادة توزيعها من جديد، فلا يدع مجالاً لتضخم الثَّروة وتكدسها في أيدٍ قليلة ثابتة، وهو من هذه الناحية أداة مُتجددة الفاعليَّة في إعادة التنظيم الاقتصادي في الجماعة، وردِّه إلى الاعتدال، دون تدخُّل مباشر من السلطات، هذا التدخل الذي لا تستريح إليه النَّفس البشرية بطبيعة ما ركب فيها من الحرص والشح، فأمَّا هذا التفتيت المستمر والتوزيع المتجدد، فيتم والنفس به راضية؛ لأنَّه يماشي فطرتها وحرصها وشحها، وهذا هو الفارق الأصيل بين تشريع الله لهذه النفس وتشريع الناس".
وأنا أستغرب من هؤلاء الذين يظلون لسنوات طوال دون توزيع للميراث؛ بحُجَّة عدم تفريق شمل الأسرة، أو احتفاظًا بالتركة وذكرياتهم فيها، وغيرها من الحجج الواهية، فهل هم أدرى بمصلحتهم من الله، الذي خلقهم وهو أعلم بهم من أنفسهم، حتَّى يشرعوا لأنفسهم ويمتنعوا عن توزيع الميراث؟! فهذا حقٌّ شرعه الله، ولا يجوز لأحدٍ أن يحول دون إعطائه لأصحابه؛ بل إن كثيرًا من المشاكل والأحقاد، والخصومات وقطع الأرحام - نتجت عنْ عدم توزيع الميراث، والتساهل في هذا الأمر؛ فما هذه العقول المظلمة، وما هذا التفكير السقيم العقيم؟!
إن ازدهار الحياة الاقتصادية يحتاج إلى تحريك المال وتنميته بالطُّرق المشروعة، وتداوله بين الأيدي، وأداء حقِّ الله فيه، لا تكديسه وكَنْزه والبخل به والشح، أو تجمعه في أيدٍ قليلة؛ كما يحتاج إلى حركة وعمل وجهد، وإسهام الجميع في العمل والبناء، وحسن استغلال مصادر الثروة، والاهتمام بالمصلحة العامة، والبعد عن الأثرة والأنانيَّة. ومما ورد عن ازدهار الحياة الاقتصاديَّة في عهد نور الدين زنكي: ما أشار إليه د. حسين مؤنس في قوله: "التزم نور الدين أحكام الشريعة أيضًا فيما يتَّصل بجبي الضرائب"[1]؛ وكانت مقاديرها قد تزايدت مع الزَّمن، وابتكر ظَلَمة الحكام منها أشياء بعد أشياء ناء الناس بثقلها، حتَّى استغنى الكثيرون من التجار عن المتاجرة، وأخفى الناس أموالهم، وارتفعت نسبة الخراج الذي يُجبى على الأرض، حتَّى لم يبقَ للزرَّاع ما يتقوتون به، وكانت النتيجة الطبيعية لذلك - أي: بعد إلغاء الضرائب غير الشرعية[2] – أنْ نشط الناس للعمل؛ فأخرج التجار أموالهم ومضوا يتاجرون، وأعلن كلُّ إنسان ما عنده، فجاءت الجبايات الشرعية بأضعاف ما كان يُجبى من وجوه الحرام؛ فأقبل يُعِدُّ للجهاد آلته مما آتاه الله، ونشط في البناء والتعمير، واستطاع بالقليل الذي وصل إليه أن يهيئ الجيوش بعد الجيوش، ويبني مئات المدارس والمساجد والمستشفيات، ويقيم أسوار المدن وقلاعها، وبُنيت الأسواق التجارية، وازدهرت الصناعات المختلفة، والزِّراعة الواسعة حتَّى أصبحت كلٌّ من مصر والشام تموج بالبساتين والمروج، وتزخر بالمحاصيل والصناعات.
كما ارتبط بهذا الازدهار الاقتصادي توفيرُ فرص العمل، والتدريب المهني، والتعليم الحرفي، وهذا مما أشار إليه ابن جبير في قوله: "وسائر الغرباء ممن عَهِدَ الخدمة والمهنة يُسَبِّب له أيضًا أسبابًا غريبة من الخدمة: إما بستانًا يكون ناطورًا فيه، أو حمامًا يكون عينًا على خدمته، وحافظًا لأثواب داخلية، أو طاحونة يكون أمينًا عليها، أو كفالة صبيان يؤديهم إلى محاضرهم، ويصرفهم إلى منازلهم، إلى غير ذلك من الوجوه الواسعة".
وبعدُ، فإنَّ الحلال يأتي بالخيرات والبركات، والحرام يأتي بالبلايا والمحق والعذاب، فاكفنا اللَّهم بحلالك عن حرامك، وأغننا بفضلك عمن سواك، اللهم آمين، والحمد لله رب العالمين.
أضواء على مقومات النظام الاقتصادي
هذه نظرات سريعة إلى مقومات النظام الاقتصادي الإسلامي وخصائصه التي تميزه عن الأنظمة الاقتصادية الأخرى:- 1- أنه نظام رباني فذ فريد، مستقل عن الأنظمة الأخرى، فواضعه هو الله - تعالى - خالق العباد ومبدع الأشياء، والعالِم بما يصلح الإنسان على اختلاف الأماكن والأزمان، بينما الأنظمة الأخرى من صنع البشر، ومن أهم صفاتهم الجهل والنقص، والخطأ والتأثر بالأهواء. ولذلك كان من الخطأ الكبير وصف نظام الإسلام بأنه اشتراكي، أو رأسمالي، أو غير ذلك، وإن كان يلتقي مع كل من الأنظمة السائدة في بعض الأمور، إلا أنه يختلف عن جميعها في أمور أخرى مهمة اختلافاً جذرياً.
2- تتجلى صفة الربانية في النظام الإسلامي باعتماده في أنظمته المختلفة على العقيدة الإسلامية التي تتمثل في الإيمان بالله - تبارك وتعالى - أنه الرب الخالق البارئ المالك الرازق المشرِّع والحاكم والمدبر للأمور كلها، وأنه - وحده - المعبود الذي توجه إليه - وحده - جميع أنواع العبادات والقربات والأعمال الصالحة، ويختص بالتعظيم والإجلال، والخوف والرجاء والحب والطاعة، والانقياد والاستسلام، كما أنه المتفرد بجمع صفات الكمال، التي لا يشركه فيها أحد من خلقه، التي أثبتها في كتابه وسنة نبيه – صل الله عليه وسلم. ومما تتضمنه العقيدة الإسلامية أن الإنسان مخلوق مكرم، ومكلف مستخلف، وحر مختار، خلقه الله - تعالى - لعبادته، وقلَّبه في الظروف المختلفة؛ لاختباره، وكشف حقيقته، وأنه يراه ويراقبه، ويعلم ما يخفي وما يعلن، وأنه - سبحانه - سيحاسبه، يوم القيامة ويجازيه الجزاء العادل، وأنه لن يفيده في ذلك اليوم أحد ولا شيء إلا إيمانه وعمله، وأنه سيرجع إلى ربه وحيداً فريداً، مجرداً من ماله وأهله وأنصاره، وأنه سيكون في قبضة الله - جل وعلا - لا يستطيع الفرار أو الإفلات.
3- والمرجع الوحيد لهذا النظام هو التشريع الإسلامي المتمثل في الكتاب والسنة وما تفرع منهما كالإجماع والاجتهاد، وفهم السلف الصالح من أهل القرون الثلاثة الأولى وهديهم، والمصالح المرسلة وغيرها. فلا يُقبل أي قانون إذا خالف نصاً صحيحاً صريحاً من الكتاب والسنة. وأما ما اجتهد فيه العلماء ولم يخالف نصاً صريحاً، فيؤخذ بالاجتهاد الأقوى دليلاً، والأصلح نفعاً، والأيسر تطبيقاً، وما كان من ذلك في الأمور العامة فما يعتمده الإمام أو الخليفة أو السلطان فهو المُلزِم النافذ الواجب الطاعة.
4- ويتميز النظام الإسلامي بأنه في جوانبه المختلفة - ومنها الجانب الاقتصادي - يراعي المبادئ الأخلاقية، والقيم النبيلة، ويتقيد بها، ويلتزم بالحفاظ على الفطرة السليمة، وتُعنَى تشريعاته بالحفاظ على المقاصد الخمسة الكبرى في الحياة وهي: الدين، والحياة، والعقل، والعِرض، والمال.
وبهذا يكون ذا أصل رباني يختلف اختلافاً جذرياً عن الفلسفات والتشريعات والأفكار والأنظمة الأخرى، ويتجلى هذا فيما يلي:- 1 - أن مفهوم الصلاح والنجاح في نظر الحياة الغربية تابع للمنفعة المادية، فقيمة الإنسان ما يملكه من المال. والعقلية الاقتصادية الغربية تفسر السلوك البشري على أنه نتيجة عملية حسابية دقيقة موجهة بحذر وعناية نحو النجاح الاقتصادي، وهذا النجاح يعرفونه بأنه تحويل الإنسان إلى مكاسب مالية، والحصول على الثروة سواء كانت في صورة نقود، أو في صورة مواد وسلع، وهذا هو الهدف الأسمى والغاية النهائية للحياة، وهو معيار النجاح الاقتصادي عندهم.
2 - الأخلاق عندهم تابعة لهذه الفلسفة، فالنجاح في كسب المال بما تبيحه القوانين عندهم، هو فضيلة في حد ذاته، كما أن العَلاقات الاجتماعية تابعة للمنفعة المادية، فإقامة عَلاقة مع صديق تُعَد جيدة ما دامت تحقق نفعاً مادياً للإنسان، والدقة في المواعيد والأمانة والصدق فضائل ما دامت مفيدة مادياً. والترف والإسراف والتبذير مباح لديهم، وكذا شرب الخمور وتعاطي الربا وتناول المخدِّرات مباح مادام ممارسها لا يضر غيره، كما أن الزنا والخيانة الزوجية، واتخاذ الخليلة والخل، والشذوذ الجنسي جائز ومسموح به مادام برضا الطرَف الآخر، وليس للحلال والحرام قيمة لديهم، ولا مراعاة في سلوكهم وتعاملهم.
والإنسان يتصرف في ماله كيف شاء فيستطيع أن يصرفه كما يشاء بشرط ألا يخالف القانون، فلا بأس أن يوصي أو يهب ماله كله لكلب أو هرة، ويَحرم منه أولاده وأقاربه وأرحامه. كما أن الصدقات والقرض الحسن والإنفاق في سبيل الله تعد خسارة ومخالفة للتصرف السليم المقبول لدى جمهورهم، كما أن صرف جزء من الوقت عندهم للصلوات والأذكار ولتلاوة القرآن، أو لرعاية الأهل والأولاد وتربيتهم، أو للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو للتفقه في الدين، أو لصلة الأرحام ولزيارة الإخوة في الله، كل هذا يعد عندهم مأثما وخسارة ودليلا على الحمق وضعف التفكير.
بينما النجاح الحقيقي والفلاح الصحيح في حكم الإسلام يكون في تحقيق العبودية لله - تعالى - ومحبته والإيمان به وطاعته والحصول على رضاه، وهذا هو الذي ينجي الإنسان في الآخرة من عذاب النار، ويكون سبباً لدخول الجنة، إضافة إلى كونه سبباً للحصول على الاطمئنان في الدنيا والحياة الكريمة العزيزة السعيدة بقدر الإمكان، كما أنه يجعل المجتمع كله كريماً مطمئناً، سليماً عزيزاً سعيداً أكثر من أي مجتمع آخر في ظل أي نظام وضعي.
3 - والإسلام يقيم اعتباراً كبيراً لمبدأ الحلال والحرام، ويأمر المسلم أن يبذل بعض ماله في الزكاة، والصدقات والكفَّارات طمعاً في ثواب الآخرة، ويحذره من اكتساب المال ولو كان كثيراً عن طريق الربا بنوعيه الفضل والنسيئة (الفائدة)، والميسر (القمار) وبيع المواد المحرَّمة، والحلف الكاذب، والدعاية بما هو خلاف الحقيقة، والغش، وبيع النجس، وبيع الغرر، والكهانة، والسحر، والبغاء، وبيع التماثيل وأنواع الفنون التي لا تُراعَى فيها الضوابط الشرعية؛ إلى آخره.
4- يعتمد الإسلام في تطبيق نظامه الاقتصادي وغيره، وعدم مخالفته والخروج عليه على أمرين: أولهما: تربية المسلم وتقوية ضميره، وخوفه من الله والدار الآخرة. ثانيها: نظام العقوبات الشرعية الرادعة التي تنفذها الدولة؛ كما أشار إلى ذلك الخليفة الراشد عثمان - رضي الله عنه - فقال: "إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن".
نظرة الإسلام إلى المال والثروة والسلع: 1- الأصل في المال والثروة في الإسلام أنه نعمة وخير، كما يفهم من قوله - تعالى - عن الإنسان: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ}؛ [العاديات: 8] والخير هنا المال، كما ورد عن السلف، ومثله قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((نعم المال الصالح للرجل الصالح))[1] وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده))[2]، وقوله- صل الله عليه وسلم -: ((ما جاءك من هذا المال وأنت غير مستشرف له فخذه وتموَّله، وما لا فلا تُتْبعه نفسك))[3].
كما يدل على ذلك استعاذته - صلى الله عليه وسلم - من الفقر، فكان من دعائه قوله- صلى الله عليه وسلم -: ((اللهم إني أعوذ بك من الفقر والقلة والذلة، وأعوذ بك من أن أظلم أو أظلم))[4] وقوله - صل الله عليه وسلم -: ((اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى))[5]. وهذا لا يتعارض مع حثه - صلى الله عليه وسلم - على الزهد في الدنيا ومدح القناعة كما في قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس))[6] وقوله - صل الله عليه وسلم -: ((كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل))[7]. ذلك لأن الزهد إنما هو عدم تعلق قلب الإنسان بالمال، ومتاع الدنيا، وليس هو خلو اليد منهما، وقد عبَّر عن ذلك أحسن تعبير أحد الفقهاء فقال: ما فَقْدُ مالٍ تَبْتَغِيه الزُّهْدُ لكِنْ فَراغُ القَلْبِ مِنْه الزُّهْدُ هذا سُلَيْمانُ بنُ داوُدَ النَّبِي يُدْعَى مِنْ الزُّهّادِ مَعَ ما قَدْ حُبِي والمال هو قوام الحياة، والسبيل إلى تحقيق الإنسان عامة حاجاته، وقد قال الله – سبحانه -: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا}؛ [النساء: 5]. قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله -: "ينهى - سبحانه وتعالى - عن تمكين السفهاء من التصرف في الأموال التي جعلها الله للناس قياماً، أي تقوم بها معايشهم من التجارات وغيرها، ومن هاهنا يؤخذ الحَجْرُ على السفهاء". ولكن المال مع ذلك سلاح ذو حدين، فيمكن أن يكون خيراً عظيماً للإنسان إذا استخدمه في وجوه البر والخير، وكسبه من طريق حلال، كما يمكن أن يكون شراً كبيراً، إذا استخدمه الإنسان في المعاصي والآثام. ومن المؤسف جداً أن أكثر الناس يستعمله في المحرمات ويكسبه من طرق حرام، فيكون وبالاً عليه في الدنيا والآخرة. وهذه النظرة للمال هي من أهم وجوه الاختلاف بين النظام الإسلامي والأنظمة الأخرى.
وبمثل هذه النظرة إلى المال ينظر الإسلام إلى السلع والبضائع، يعدها نعماً، ويسميها رزقاً وطيبات، وهذا يحمل معنى الحسن والنقاء والطهارة، والقيم الأخلاقية، وأما المواد الضارة كالخمر والخنزير والميتة وأمثالها فيسميها خبائث؛ يقول الله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}؛ [البقرة: 172] ويقول عن المؤمنين من أهل الكتاب: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ}؛ [الأعراف: 157]. وكلمة الرزق تحمل معنى إيمانياً، إذ تُذكِّر أن الله هو المانح المعطي الرازق، فتذكر الإنسان بربه الذي أنعم عليه بهذه السلع؛ كي يشكر الله عليها، ويؤدي حق الله - تعالى - فيها. ويعد الإسلام السلع ملكا للمجتمع، ويأمر الأغنياء، أن ينفقوا منها على الفقراء، ويذم من يمنعها عن غيره؛ قال الله - تعالى -: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ}؛ [يس: 47]. فهذا منطق الكفار، وأما حال المؤمنين فكما وصفهم الله - تعالى - في كتابه العزيز: {الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنّاً وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}؛ [البقرة: 262]. والتمتع بالسلع والطيبات محمود إذا كان لقصد العيش وَفْق شريعة الله - عز وجل - وهو - سبحانه - ينكر على من يحرمه فيقول: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}؛ [الأعراف: 32]. ولكن الإسلام يحرم الإسراف وهو: الإنفاق في الحلال بما يزيد عن الحاجة. والتبذير وهو: الإنفاق في الحرام، وفي الحلال على طريق السفه. ويأمر بالاعتدال؛ كما قال رب العزة - تبارك وتعالى -: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا}؛ [الإسراء: 29]. وهذا فارق كبير بين نظام الإسلام، والأنظمة الأخرى، وخاصة النظام الرأسمالي حيث يبلغ الإسراف والتبذير فيها مداهماً، دون حساب ولا رقيب، ولا إنكار، ولا لوم، بينما الإسلام لا يكتفي باللوم والإنكار على المسرفين والمبذرين، بل يعاقب عليهما، ويحرم أصحابها من حرية التصرف في أموالها، ويحجر عليها، ويضعها في يد وصي ينفق عليها منها بالمعروف كما سبق في الآية التي مضت {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا}؛ [النساء: 5].
فلسفة الإنتاج والعمل في الإسلام: 6- ويعد الإسلام استخراج خيرات الكون، واستثمار ما فيه، وإحياء الأرض، والانتفاع بخيراتها هدفاً من أهدف خَلْقِ الإنسان، وواجباً دينياً عليه، وعبادة ينوي بها التقرب إلى الله - عز وجل - قال الله - تعالى -: {هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا}؛ [هود: 61]. وقوله: {وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا}. أي: وطلب منكم عمارتها، وسمي المستعمرون كذلك لأنهم ادَّعوا أنهم جاؤوا لعمارة البلاد التي احتلوها ولإصلاحها، وتهيئة أهلها لحكمها، وكذبوا، بل جاؤوا لنهب خيراتها، واستعباد وأهلها، فهم أجدر بأن يسَمَّوْا مستدمرين، وقال – سبحانه -: {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً}؛ [لقمان: 25]. وقال: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً}؛ [البقرة: 29]. وقال: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} [الملك: 15].
وهذه النصوص وأمثالها تعطي قيمة أخلاقية عالية للإنتاج والعمل، وتبين تحريم البطالة والكسل والفراغ، ولو كان من أجل زيادة التعبد، خلافاً لدعاوى المتصوفة المتأخرين، فتأمل قوله - تعالى -: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ}؛ [الجمعة: 10]. أي: إذا قضيتم صلاة الجمعة، واستمعتم إلى خطبتها، فاخرجوا من المساجد وتعاطَوا أعمالكم المختلفة ونشاطكم في الأرض لكسب الرزق. قال ابن كثير: "روي عن بعض السلف أنه قال: "من باع واشترى في يوم الجمعة بعد الصلاة بارك الله له سبعين مرة؛ لقول الله - تعالى -: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ}".
وقد ندبنا الله - تعالى - إلى استخراج كلِّ كنوز الأرض، والاستفادة منها لتوفير السلع للناس، وتحسين مستواهم الدنيوي والمادي، وقد تعهد ربنا - سبحانه - أن يُوجِد في الأرض الخيرات والأقوات التي تكفي البشر، وتزيد عن حاجتهم مهما تزايدوا وكثروا، ودون دفعهم لتقليل النسل أو تنظيمه، خلافاً لنظرية الكاهن الإنكليزي (مالتوس) الذي ادَّعى أن عدد البشر في تزايد، وثروات الأرض في تناقص؛ لذلك على البشر تحديد نسلهم، وإلا حلَّت بهم المجاعات والأمراض والمصائب، وقد أثبت الواقع خطأ هذه النظرية، وصحة ما أخبر به الرب الكريم الرحيم حيث قال: {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا}؛ [هود: 6]. والدابة: كل ما يدب على الأرض أو يمشي عليها، كما بين الله - جل وعلا - في قوله: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير}؛ [النور: 45]. ولا شك أن الإنسان ممن يمشي على رجلين، فهو دابة على هذا، وإن كان الناس اصطلحوا فيما بعد على استعمال كلمة الدابة للحيوان خاصة، كما يدل على ذلك قوله - عز وجل -: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ} [فصلت: 9، 10]، وتأمل قوله - تعالى -: {وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا}. لتدرك أن الله - تعالى - وضع في الأرض الأقوات اللازمة الكافية للإنسان على مر القرون والأزمان، وبارك في هذه الأرض، وكثَّر فيها هذه الأقوات والخيرات.
وقد يسأل البعض: ما دام الأمر كذلك فلماذا تحدث هذه المجاعات؟ ولماذا تعيش كثير من الشعوب في ضيق مادي وفقر شديد؟ والجواب أن هذه المشاكل الاقتصادية الكثيرة وهذا الضيق والفقر المدقع إنما هو نتيجة عوامل ثلاثة:
أولها: كسل كثير من الشعوب، وتأخرهم في الاستفادة من خيرات أرضهم، وجهلهم بالطرق الحديثة التي تساعد على كثرة الإنتاج وتيسره.
ثانيها: سوء التوزيع، وخاصة إذا تذكَّرنا ما حل في البلاد المحتلة، فقد نهبها المحتلون المجرمون الجشعون، واستغلوا أهلها، ولم يعطوهم إلا الفتات، وكدسوا الأموال الطائلة، ولم يَخْرجُوا حتى تركوا أكثرها خراباً يبابا. كما أن من سوء التوزيع تسلط من خلَفهم على الحكم من أبناء البلاد الفقيرة الأقوياء وغالبهم ممن كان يتعاون مع المحتل الأجنبي على ثروات البلاد، والاستئثار بها، وحرمان الأكثرية الشعبية من هذه الثروات، بقوة الحديد والنار، والتغطية على ذلك بالتأييد الأجنبي.
ثالثها: هذه الحروب الطاحنة والنزاعات الدموية، والصراعات المحلية التي تستنزف الثروات، وتخرب البلاد، وتقضي على ما يسمى البنية التحتية فيها، وتقتل الآلاف المؤلفة، وتشرد الملايين، وتملأ الأرض فسادا ووراء هذه الحروب والمنازعات في الغالب يد المحتلين المجرمين تغزيها وتسعرها لتبقي تسلطها وتحكُّمها في هذه البلاد، وأكثرها بلدان إسلامية، ولتمنع قيام نهضة إسلامية، تمهد السبيل لإعادة الخلافة الإسلامية، التي تقيم للمسلمين كياناً قوياً واسعاً يحقق لهم العزة، والسيادة والمجد، وينقذهم من مخالب تلك الذئاب البشرية المسعورة، ولا أحد يجهل تلك الألغام المؤقتة التي تركها المحتلون في غالب البلاد التي خرجوا منها، ليرجعوا إليها من النافذة بعد أن خرجوا من الأبواب، ومن تلك الألغام منطقة كشمير بين الهند وباكستان، ومنطقة الصحراء الغربية بين الجزائر والمغرب، وغيرهما كثير وقد أصبح من البدهي المكشوف مكر أصحاب الشركات الكبرى للسلاح وغيره لإيقاد نار الحروب والفتن بغية تسويق منتجاتها، وزيادة أرباحها، وتكديس الأموال في جيوب أصحابها، دون أن يبالوا بمآسي الشعوب وقتل أبنائها وتيتيم أولادها وحرمان نسائها من رجالها وأبنائها، فالمال عند هؤلاء المجرمين أغلى وأسمى وأعز وأعلى من سلامة الناس وسعادتهم، وراحتهم وطمأنينتهم. ولا شك أن من المعروف أن هؤلاء الرأسماليين هم الذين يصنعون السياسيين ويقودونهم، وبدون أموالهم ومساعداتهم لا يستطيعون أن يصلوا إلى كراسي الحكم حسب أنظمة الديموقراطية الزائفة.
وأنا حين أحمِّل الدول المحتلة سواء الاحتلال القديم أو الحديث، وسواء الاحتلال السياسي والعسكري أو الاحتلال الاقتصادي - لا أعفي أبناء البلاد الفقيرة وخاصة الحكام وأهل الحل والعقد فيها من المسؤولية، إذ لولا جهلهم وقلة وعيهم وسذاجتهم، من ناحية، وأطماعهم في الوصول إلى السلطة والاستئثار بالأموال الطائلة، وممالأة الدول الأجنبية من ناحية أخرى على حساب الوطن، لولا ذلك لما استطاع الأجنبي الغادر من تحقيق ما أراد.
7- حرية الملكية الفردية وصيانتها: من أهم أسس الاقتصاد الإسلامي أنه صان الملكية الفردية وحماها عن أي اعتداء، هذا طبعاً إذا كان وصل إليها صاحبها عن طريق مشروع، وقد قرر الله - تعالى - ذلك في كتابه الكريم فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ}؛ [النساء: 29]. وقال: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}؛ [البقرة: 188]. وأكد ذلك النبي الكريم - صل الله عليه وسلم - في أكبر تجمع حاشد جرى في حياته وهو حجة الوداع - فخطب في الناس تلك الخطبة التاريخية العظيمة، التي قرر فيها أهم مبادئ الإسلام وتشريعاته فقال بعد أن مهد لانتباه الناس بخطابات مثيرة: ((أي شهر هذا؟ وأي يوم هذا؟ وأي بلد هذا؟ أليس شهر ذي الحجة، ويوم عرفة، والبلد الحرام؟)) فأجابوا: نعم. فقال: ((فإن دمائكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا)). ثم في آخر خطبته أشهد الله أنه قد بلغ الناس ما أمر تبليغه إياهم[8]. كما أكد - صلى الله عليه وسلم - ذلك مرة أخرى في مناسبة ثانية فقال: ((كل المسلم على المسلم حرام؛ دمه وماله وعرضه))[9]. وقال - صل الله عليه وسلم - أيضاً: ((ولا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه))[10].
وبهذه التقريرات الجازمة الحازمة يعيش المرء في المجتمع الإسلامي آمناً مطمئناً على نفسه وعرضه وماله من أي اعتداء، فإذا حصل عليه أي اعتداء رغم ذلك فهناك القضاء ليعيد إليه حقه المسلوب كاملاً غير منقوص، ولا يستطيع أحد كائناً من كان حتى ولو كان رئيس الدولة نفسه أن يظلم أحداً شيئاً، أو أن يأخذ شيئاً منه أو ينال منه إلا بحقه، والشريعة هي الحامية لذلك، والدولة كلها مستخلفة لتنفيذ شرع الله - عز وجل. وهذه مَيزة عظيمة لنظام الإسلام عن الأنظمة المستبدة، والأنظمة الاشتراكية والشيوعية التي لا يأمن أحد من الناس على الزوجة فضلاً عن أملاكه وعرضه. ولا شك أنه في ظل هذا الأمن يعم الاستقرار والطمأنينة، فيخرج الناس أموالهم ويستثمرونها فتنشط الأحوال الاقتصادية وتكثر فرص العمل، وتعمر البلاد، وتزدهر الأوطان وينعم الناس.
8- إشراف الدولة على النشاط الاقتصادي: ومن وظيفة الدولة في الإسلام الإشراف على النشاط الاقتصادي؛ حتى لا يحدث أي خلل فيه، وخوفاً من أن يتدخل بعض المنتفعين والأغنياء وأصحاب الشركات الكبرى وغيرهم للتلاعب بالسوق، واحتكار البضائع، وإحداث الأزمات، والقيام بالغش والظلم والخداع، فالدولة حارسة للقوانين المأخوذ، من الشريعة الإسلامية بقوة السلطان، ولكن الإسلام يحرم على أصحاب السلطة وعلى الدولة نفسها ممارسة التجارة والزراعة والصناعة، فينافسون الناس، ويظلمونهم، ويستأثرون بالكسب والأرباح دونهم، متمتعين بصفتهم الرسمية، وهيبة الحكم، وإن ممارسة الدولة نفسها للتجارة والزراعة والصناعة يؤدي إلى ظلم كبير، إذ لو حدث أي خلل أو غش أو تلاعب فمن الذي يراقبه ويحاسب عليه؟! هذا فضلا عن الفشل والإخفاق الذي يحُل بكل ما تقوم به الدولة من هذه الأنشطة؛ لأن الذي يقوم عليها هم الموظفون، وبما أن هؤلاء لا يستفيدون شيئاً من هذه المشروعات لو نجحت، كما أنهم لن يخسروا شيئاً إذا خسرت، فيؤدي هذا إلى ضعف حماستهم وحرصهم على نجاحها وتقدمها، فلا يبذلون الجهد المطلوب، ولا يهتمون الاهتمام اللازم لنجاحها وتقويتها، وعلى هذا فسيكون مصيرها الانهيار والإفلاس كما حدث في كثير من البلدان التي تنهج النهج الاشتراكي، أو الشيوعي الذي تسيطر فيه الدولة على وسائل الإنتاج، أو تمتلك كل شيء وتؤمم المؤسسات والشركات والمصانع والمزارع، وما خبر ما حل بالمعسكر الشيوعي العالمي منا ببعيد. وما يعرف بأملاك الدولة وهي في الحقيقة الأراضي التي ليست لأحد، فهي أملاك الله التي لم يتملكها أحد، يأمر الإسلام بالسماح لأي أحد بتملكها، إذا سبق إليها، بشرط أن يعمرها ويحييها خلال ثلاث سنوات، فإذا لم يحيها خلال هذه المدة نزعت منه، وردت إلى حالها الأولى، وذلك قطعاً لكل طريق يعطل الأراضي عن الاستثمار والإعمار وإفادة الناس. وفي هذا يقول النبي - صل الله عليه وسلم -: ((من أحيا أرضاً ميتة فهي له، وليس لعرق ظالم حق))[11] ويقول: ((من عمر أرضاً ليست لأحد فهو أحق بها))[12]. واختلفوا: هل يحتاج ذلك إلى إذن السلطان؟ فرأى الشافعي وصاحبا أبي حنيفة أنه لا حاجة إلى ذلك وذهب أبو حنيفة إلى وجوبه، ولعل الأول هو الأرجح لعدم ورود ذلك في الأحاديث، والله أعلم. وكان الخليفة الراشد الثاني عمر - رضي الله عنه - يمهل من يحوط أرضاً ثلاث سنوات ليعمرها، فإن لم يفعل نزعها منه. وهذا هو الذي ينسجم مع الغرض الذي شرعه الله من وضع اليد على الأرض وتملكها، فهو أراد بذلك إحياءها، ولم يرد تعطيلها وحجزها عن الإفادة منها واستثمارها، ومن وظيفة الدولة المسلمة جمع الزكاة من الأغنياء، وتوزيعها على الفقراء، هذا في المواشي والمزروعات، وأما في النقود فقد ترك لصاحب المال إخراج زكاة ماله بنفسه، وفي هذا تحقيق المصلحة المثلى بإيصال المال إلى مستحقيه، فبعضهم يعرف مالك المال، وربما كان من أقاربه فهو يساعده بذلك، ويصل رحمه، وربما كان بعض الفقراء لا يعلمهم الناس، فتتولى الدولة إيصال الزكاة إليهم. ثم إن علمت الدولة أحداً منع زكاة ماله عاقبته بأخذ الزكاة منه قسراً، وزيادة على ذلك تأخذ نصف ماله الذي وجبت فيه الزكاة؛ كي تمنع أي أحد أن تسول له نفسه هضم حق الفقراء. وفي هذا يقول النبي - صل الله عليه وسلم -: ((من أعطاها مؤتجراً فله أجرها، ومن منعها فإنا أخذوها منه، وشطر ماله، عزمه من عزمات ربنا - عز وجل - ليس لآل محمد منها شيئ))[13]. وللقيام بواجب إشراف الدولة أنشأ المسلمون وظيفة المحتسب الذي يرأس جهازاً خاصاً في الدولة يسمى الحسبة، وذلك في وقت مبكر وفي عهد الخلفاء الراشدين، يتولى العاملون فيه مراقبة المكاييل والموازين، ومنع الاحتكار لأقوات الناس، ومنع الغش، ومعاقبة المتلاعبين بالأسواق والأسعار، والذين يبيعون المواد المحرمة ويصنعونها وينتجونها، وغير ذلك من الشؤون والمخالفات، وطرق الكسب الحرام، وكل ما فيه إضرار بمصلحة الناس، وشؤون معاشهم وحياتهم.
9- يتبنى الإسلام مبدأ الحرية الاقتصادية: ويمنع الدولة من التدخل لتحديد أسعار السلع، ويترك ذلك لحركة السوق الطبيعية بناء على قانون العرض والطلب، حرصاً على تحقيق العدالة، ومنعاً لظلم البائعين والمستهلكين؛ ذلك لأنه ليس من العدل إجبار البائع على بيع سلعته بسعر أقل مما يصل إليه التعامل الحر في السوق، فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: غلى السعر على عهد - رسول الله - صل الله عليه وسلم - فقالوا: يا رسول الله لو سعرت؟ فقال: ((إن الله هو الخالق القابض الباسط الرازق المسعر، وإني لأرجو أن ألقى الله، ولا يطلبني أحد بمظلمة ظلمتها إياه في دم ولا مال))[14]. هذا إذا كانت السوق تسير بوضع طبيعي تجري فيه المنافسة الحرة، ويتوفر فيه تكافؤ الفرص، وتشرف الدولة عليه، فتوفر الشروط الطبيعية، وتمنع الغش والاحتكار والتلاعب. أما إذا وقع شيء من الاحتكار وتمالؤ التجار على رفع الأسعار، والتلاعب بالسوق، فحينئذ يجوز للدولة أن تتدخل، وتمنع الظلم، وتحدد الأسعار؛ دفعاً للظلم والاستغلال. أقول: وبسب أن الموضوع قد طال، وبسطه يحتاج إلى كتاب فأكتفي بما سبق وأختم الموضوع بذكر بعض المبادئ الاقتصادية التي لم تذكر مجرد ذكر فأقول: من هذه المبادئ ما يلي:
10- يسعى الإسلام لتداول المال بين جميع الناس، ويحارب حصر تداوله بين الأغنياء، فقد أرسى القرآن هذه القاعدة بقوله - تعالى -: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ}الحشر7 [الحشر:7]، كما يسعى الإسلام لتفتيت الثروة كلما انقضى جيل من البشر عن طريق نظام المواريث، ويساعد على التقريب بين الطبقات إضافة إلى ذلك بواسطة نظام الزكاة والصدقات والكفارات والأوقاف.
11- يفرض الإسلام العدالة في تشريع الضرائب، وبعيد النظر فيه كي لا يكون مجحفا بالطبقات الفقيرة، ويجعله متناسباً مع مقدار الثروة التي يملكها الإنسان، ولذلك يقلل ما أمكن من الضرائب غير المباشرة على السلع الضرورية أو يلغيها.
12- يحث الإسلام على ما يوجب تحقيق الاكتفاء الذاتي للبلاد وخاصة في الأقوات الضرورية للناس حتى لا يتحكم أجنبي فيها.
13- كما يوجب إقامة تعاون اقتصادي كامل مع الدول الإسلامية وإقامة السوق الإسلامية المشتركة، والاستغناء عن الدول الأجنبية ما أمكن.
14- يوجب الإسلام: تحقيق التوازن الاقتصادي مع القوى الاقتصادية الدولية الكبرى، بل وتحقيق التوازن العسكري أيضاً.
15- يوجب الإسلام الحصول على أرقى التقنيات العلمية واستخدامها الزيادة الإنتاج وتحقيق الازدهار الاقتصادي.
16- لا يمنع الإسلام من مشاركة المرأة في العمل المناسب لطبيعتها النفسية والعضوية، بشرط عدم الإخلال بواجبات بيتها؛ من رعاية الزوج والولد، وبشرط تجنب الخلوة والاختلاط بالرجال، والتقيد باللباس الشرعي.
والحمد لله أولاً وآخراً. ـــــــــــــــــــــــــ [1] رواه أحمد (4/197) عن عمرو بن العاص وسنده صحيح. [2] رواه الترمذي والحاكم عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وحسنه الألباني في "صحيح الجامع - 1887". [3] رواه بنحوه الشيخان وغيرهما عن عمر". [4] رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه والحاكم عن أبي هريرة، وصححه الألباني في "الإرواء - 860". [5] رواه مسلم والترمذي وابن ماجه عن ابن مسعود. [6] رواه ابن ماجه والطبراني والحاكم والبيهقي في الشعب عن سهل بن سعد، وصححه الألباني في "صحيح الجامع 922". [7] رواه البخاري وغيره عن ابن عمر. [8] رواه مطولا مسلم في صحيحه، وأورده الألباني في "حجة النبي - صل الله عليه وسلم - ص71 و 88. [9] رواه مسلم (ص 1986). [10] أورده الألباني في "الإرواء - 5/ 280/1459" وعزاه إلى أحمد (5/72) والطحاوي في (شرح المعاني - 2/340) و(المشكل 4/41) وابن حبان والبيهقي وغيرهم، وصححه. [11] رواه أحمد وأبو داود والترمذي عن سعيد بن زيد، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (5976) ومعنى (ليس لعرق ظالم حق) أي أن من يغتصب أرض الآخرين فيغرس فيها أو يزرع، فلا حق له، وبقلع غراسه وزرعه". [12] رواه البخاري عن عائشة. [13] رواه أبو داود (الزكاة 5/1575) والنسائي (الزكاة 4/2442) والدارمي (الزكاة 36/1/333/1684) وأحمد (5/2و4) كلهم من عن معاوية بن حيدة القشيري، وحسنه الألباني في "صحيح السنن". [14] رواه أحمد (3/156، و2/337و 373و 3/85 و 282) وأبو داود (البيوع 51/3451) والترمذي (بيوع 73) وابن ماجه (تجارات 27) والدارمي (البيوع 13) وصححه الألباني في "صحيح السنن". |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: اقتصاديات الأحد 27 يناير 2019, 7:51 pm | |
| تحديات الأزمة الاقتصادية.. رؤية إسلامية
لا شكَّ أنَّ غالبية المجتمعات المسلِمة تعاني أزمةً اقتصادية تضطَّرها إلى التخلِّي عن الكثير من تطلُّعاتها ورغباتها دوليًّا واستراتيجيًّا؛ بل والتخلِّي عن كرامتها أحيانًا كثيرة!! تُرى؛ ما أسباب تلك الأزمة؟ وما هي التحديات التي تواجهها تلك المجتمعات المسلمة؟
فقر المجتمعات الإسلامية: إنَّ الفقراء لديهم المَيْل الحدِّي المرتفع للاستهلاك، وبالعكس؛ فهو منخفضٌ لدى الأغنياء، فما إن يحصل الفرد الفقير على جزء من المال حتى يبادر ويسارع إلى إشباع كلِّ حاجةٍ كانت تلحُّ عليه، فلا يبقى لديه من المال شيءٌ، فَفِي الغالب تكون احتياجاته أكثر بكثير من موارده، والمسألة نسبيَّةٌ، فالغني أيضًا تكون احتياجاته أكثر من موارده، ولكن بكيفية أقل من احتياجات الفقير لذلك.
الثورة التكنولوجية الهائلة: هذه الثورة أتاحت لجميع بني البشر ما لم يكن يطمح إليه أحد من قبل؛ وهو ما دفع الفقراء إلى الاستمتاع بما كان يستمتع به الغني، وبالتالي تفاقمت مشكلة التقليد والمحاكاة، ومحاولة حصول الفقير على التكنولوجيا الحديثة؛ ليشبع بها النقص في حياته، فقد ترى أن فقيرًا يمتلك وسائل التكنولوجيا الحديثة ويحصل عليها وهي ليست من الضروريات؛ بل من الكماليات أو الحاجيات، قبل أن يحصل على الغذاء والكساء والمسكَن التي هي من ضروريات الحياة
إغراء الدِّعاية والإعلان: لقد برع المنتجون والمروِّجون للسلع بالمشاركة مع أصحاب شركات الدعاية والإعلان في ترويج السلع والخدمات وتزيينها للناس، سواء كانوا محتاجين إليها أم لا، وذلك عن طريق الدِّعايات والإعلانات التّجارية التي تعرض أمامَ الناس في كلِّ زاوية وركن؛ في طريقه، وفي الصحف والمجلات، وفي المحطات الإذاعية والمرئية، وعلى شاشات الفضائيات؛ حيث برع أصحاب شركات الدِّعاية والإعلان في ترويج تلك السلع والخدمات وتزيينها للناس، عن طريق الدِّعايات والإعلانات التجارية الَّتي تعرض على شاشات الفضائيات ومحطات التَلْفَزَة، والتي يقوم بإعدادها اختصاصيّون بارعون في الموسيقى والإخراج الفني والعروض المغرية، مستغلِّين المرأة في ذلك، ونتيجة لذلِك؛ أتقن كثيرٌ من أبناء المسلمين ثقافة الاستهلاك؛ فها هم يتباهَوْنَ في اختيار أنواع وأشكال أجهزة الجوَّال، و(الستالايت) و(الريسفير) والسيارات، وماركات الملابس العالمية؛ وهو ما يدفع الناس إلى الاستهلاك، ولو لم يكونوا بحاجة ملحَّة إلى ذلك النوع الذي يروَّج له، ولكن كثرة العرض والدِّعاية ترسِّخ في ذهن المستهلك أهمية السلعة أو الخدمة، فيُقدِم على شرائها.
الاستدانة رضوخًا للثورة التكنولوجية: قد يضطرُّ ربُّ الأسرة الفقير للاستدانة؛ نظرًا لما يتعرَّض له من ضغوط من شتَّى أفراد أسرته، الذين هيمنت على عقولهم ورغباتهم (الميديا) الحديثة، وأصبحت تتحكَّم حتَّى في رغباتهم ومتطلَّباتهم.
وكذلك أصبح الرجل العادي - بفضل الثورة الإعلامية الناجمة عن ثورة الاتصالات والمواصلات والتكنولوجيا - يتطلَّع إلى التقدُّم والحصول على المنتجات الجديدة والأدوات والخدمات والسلع والأطعمة الجديدة؛ ونظرًا لانتشار أطعمة ومشروبات وسلع عالمية أمكن نشر الكثير من عادات الأكل والشرب واللِّباس الخاصَّة بكلِّ شعبٍ وأمَّة، ولقد أدَّى تفكُّك الاتحاد السوفييتي إلى أن يُسارع الناس إلى مطاعم (ماكدونالدز) ويُقبلوا كي يتناولوا (الهامبورجر) ويشربوا المشروبات الغازيَّة!!
الإنتاج المغري: لقد ازداد أمر الاستهلاك سوءًا عندما دخل القمار في عمليات الاستهلاك، من خلال السحب على المنتجات المُشترَاة، ومن خلال الجوائز اليومية في المسابقات، وكذلك الجوائز الأسبوعية، والجوائز الكبرى الشهرية... إلخ.
ويظهر الغَرَر والتكالُب على الشراء عندما يكون الدافع لشراء السلعة أو الخدمة هو الحصول على قسيمة الاشتراك في السحب - أكثر من إرادة الاستفادة من السلعة المباعة، أو الخدمة المُتاحة بصرف النظر عن وجود الحاجة لتلك السلعة أو لا، ويكون الداعي لمن يدخل السحب هو الحصول على المال من غير وجه حقٍّ، وبطريق الغرر الناجم عن الكسب في مسابقات السَّحب وغيره.
التقليد وتَبَعِيَّة الغَيْر: لا يُنكر أحد أثر ظاهرة تقليد المغلوب للغالب والفقير للغني وانبهاره به، وهي أمور غريزية ذكرها عُلماء الاجتماع في كُتُبهم ومؤلفاتهم، فقد أشار ابن خلدون – رحمه الله - إليها في مقدِّمته، إذ يقول: "إن المغلوب مولَعٌ أبدًا بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيِّه ونِحْلَتِه وسائر أحواله وعوائده، والسبب في ذلك أن النَّفس أبدًا تعتقد الكمال في مَنْ غلبها وانقادت إليه؛ إمَّا لنظره بالكمال بما وقر عندها من تعظيمه، أو لما تغالط به من أن انقيادها ليس لغَلَبٍ طبيعيٍّ، إنما هو لكمال الغالب، فإذا غالَطَتْ بذلك واتَّصل لها اعتقادًا؛ فانتحلتْ جميع مذاهب الغالب وتشبَّهت به، وذلك هو الاقتداء، أو لما تراه - والله أعلم - من أنَّ غَلَب الغالب لها ليس بعصبية ولا قوة بأس، وإنما هو بما انتحلته من العوائد والمذاهب".
الزيادة السكانية: معدَّل الزيادة السنوية في السكان داخل العالم الإسلامي من أعلى المعدَّلات في العالم؛ وهو ما يترتَّب عليه زيادة في الطلب على السلع والخدمات والمنتجات بأنواعها؛ سواء كانت ضرورية أو كمالية وترفيهية.
ولا يُنكر الإسلام التزايدَ في عدد السكان، ولكنه في مجمل تعاليمه يحثُّ على أن تكون الزيادة في النوعية بالمقابل مع الزيادة العدديَّة؛ فالحديث ذاته الذي يُستدلُّ به على الكثرة في العدد - أشار رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى النوعية المطلوبة؛ ليكون المسلمون ممَّا يستحقُّ أن يباهي ويفاخر بهم رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهم أولئك الذين يتَّبعونه في أقواله وأفعاله وسلوكه.
ففي الحديث عن سعيد بن أبي هلال، أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((تناكحوا، تكاثروا؛ فإني أُباهي بكم الأمم يوم القيامة)). ولتأكيد هذا المعنى؛ حذَّر - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن يصل المسلمون إلى مرحلة الضعف والغُثاء، بحيث يصبحون لا قيمة لهم في الحضارة الإنسانية، ولا مكان لهم في الحياة اليومية، ويصيرون كالأنعام يأكلون ويتمتَّعون.
وفي الحديث: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها)). فقال قائل: أوَمن قلَّةٍ نحن يومئذ؟ قال: ((بل أنتم يومئذٍ كثيرٌ، ولكنكم غُثاءٌ كغُثاء السَّيْل، ولينزعنَّ اللَّهُ من صدور عدوِّكم المهابة منكم، وليقذفنَّ الله في قلوبكم الوهن)). فقال قائلٌ: يا رسول الله، وما الوهن؟، قال: ((حبُّ الدنيا وكراهية الموت)).
من هذا يتبيَّن لنا أنَّ الأمَّة الإسلامية، لابدَّ لها من حفظ ذاتيَّتها وكيانها والاعتماد على نفسها كي تكون لها مكانَتُها بين الأمم الأخرى، فإنَّ أُمَّة تعتمد في مأكلها ومشربها على غيرها من الأمم هي أُمَّة فاقدة للكثير من حريتها، ولكي تستقل بنفسها فلا بد أن تقوى وتقوي ذاتها.
لابدَّ من الاعتماد على النفس: لابد للمسلمين من التمسُّك بسنَّة النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وعدم اتِّباع أنماط الاستهلاك الغربية البعيدة كليَّةً عن العادات والتقاليد الإسلامية. لقد دعا معظم فقهاء المسلمين ودعاتهم إلى ضرورة أن يقوم المسلمون بأنفسهم، واعتبروا تعلُّم كلَّ ما هو نافع وضروري للمسلمين فرض كفاية، إذا لم يقم به البعض أصبح واجبًا على الكلِّ.
إن الأمر يُصْبِح خطيرًا جدًّا عندما يَعْتَمِدُ المسلمون على غيرهم في كل شيء؛ في استيراد لُقْمَة الخُبز والدَّواء والكساء وكافة المستلزمات الحياتيَّة، حتى فوانيس رمضان صارت تأتي من الصين!!
إنَّ استيراد القمح والكساء والدواء من دول معادية للمسلمين معناه أن تكون رقاب المسلمين بقبضة أعدائهم، يتحكَّمون فيها كيْفَما شاؤوا، ولذلك يجب أن يحرِّروا رقابهم بالامتناع عن استهلاك أيِّ سلعة أو خدمة من دولةٍ مُعادية للمسلمين، أو لقضاياهم، أو استِبْدال تلك السلعة بمثيلاتها. وبدلاً من ذلك لابدَّ من السعي نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي وتحقيق التكامل الاقتصادي، وتفعيل السوق الإسلامية المشتركة.
خطورة السِّلعة المستوردة: إنَّ الدراسات والبحوث أثبتت أنَّ هناك مقاييس ومواصفات للسلع المصدَّرة لدول العالم الثالث لا تقبل بها الدول المتقدمة!! وبطبيعة الحال؛ فهي أقل بكثير من معايير ومواصفات الجودة المطبَّقة في الدول الغربية، كما أنَّ كثيرًا من الأغذية لا تصلح للاستهلاك البشري، ومن هنا يجب أن يتنبَّه المسلمون لهذه المخاطر، ويعملوا على زيادة الوعي والتثقيف الصحِّي بخطورة استهلاك هذه الأغذية. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: اقتصاديات الأحد 27 يناير 2019, 7:51 pm | |
| تعريف التربية الاقتصادية في الإسلام
"تشكيل السلوك الاقتصادي للمسلم المنبثق من تكوينه الشخصي: إيمانيًّا، وخلقيًّا، ونفسيًّا، وثقافياً، وفنياً ومن خلال تزويده بالثقافة الفكرية وبالخبرات العلمية الاقتصادية وبما يتفق مع مقاصد الشريعة، لتحقيق الحياة الرغدة الكريمة لتُعينه على عمارة الأرض وعبادة الله عز وجل"[1].
وبالنظر إلى تعريف التربية الاقتصادية ومقارنتها مع تعريف التربية الإسلامية، نجد بأن التربية الاقتصادية في الإسلام ما هي إلا غصنٌ نضرٌ في جذع شجرة وارفة، والتربية الإسلامية أصل، والتربية الاقتصادية فرع، والتربية الإسلامية كلّ، والتربية الاقتصادية جزء، ولا يمكن الحصول على الكلّ إلاّ من خلال اتحاد الأجزاء، وهذه هي صفة التربية الإسلامية كليّةٌ شاملة، ومكونة من أجزاء لا تنفصل وحدتها، متماسكة الأطراف، متثقة العُرى، غنية المضمون، سهلة التطبيق، واضحة المعالم. حيث يندرج تحت تعريف التربية الإسلامية: التربية الإيمانية، والخلقية، والجسمية، والعقلية، والنفسية، والاجتماعية، والجنسية، والاقتصادية. ولاتقل التربية الاقتصادية الإسلامية للمسلم عن جوانب التربية الأخرى حتى تكون سلوكاً في المعاملات متفقة مع الإسلام كدين شامل ومنهج حياة ولكن هل يمكن فصل إي نوع من أنواع التربية عن الأخرى؟ بالطبع لا؛ لأنها جميعها قبسات نور من مشكاة واحدة، أضاءها نور الأنوار الله عز وجل، وأرسل هادي الأخيار محمداً صلى الله عليه وسلم ليُربي الناس على الخير والحق والفضيلة، ويُزكّي نفوسهم، وهو صل الله عليه وسلم قدوة للناس أجمعين في تربيته، وسلوكه، وخلقه. ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [سبأ: 28].
" تعتبر التربية الاقتصادية جزءاً من منظومة التربية الإسلامية، لا ينفصم عنها طبقاً للفهم الصحيح للإسلام الذي يشمل كل نواحي الحياة (شمولية الإسلام)، وهذا عكس الفهم العلماني الذي يفصل الدين عن الاقتصاد. فالتربية الشاملة للمسلم تبدأ من تكوين شخصيته الإسلامية عقيدة وشريعة، ومشاعر وشرائع، ووجدان، وموضوعية، ويتخذ من الدين سنداً له في كافة معاملاته ومنها الاقتصادية، وينجم عن هذا السلوك الاقتصادي السليم المنضبط بأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية.
فإذا استقر الإيمان في القلب فإنه يقود الإنسان إلى الالتزام بالحلال الطيب وتفاعلت النفس معه، وكان من ثمرة ذلك انقياد الجوارح لتسلك السلوك السليم لتحقيق ما اطمأن إليه القلب، فالتربية موجهه أولا إلى القلوب والنفوس ثم إلى الجوارح، ومن حصادها السلوك الاقتصادي الإسلامي وتأسيساً على ما سبق لا يمكن الفصل بين التربية الإسلامية والتربية الاقتصادية والسلوك الاقتصادي الرشيد "[2].
" ويسعى كل مجتمع إلى تبنى نموذج مثالي Prototype للشخصية المعيارية التي يجب أن يكون عليها غالبية أو كل أفراده، إن استطاع إلى ذلك سبيلا، بحيث تصبح هذه الشخصية، بلغة علماء الإحصاء هي الشخصية المتوالية أي الأكثر شيوعا فيه، وهو ما يُعَد، حينئذ، مؤشرا على نجاحه.
ومن المفترض إن تنجز هذه المهمة من خلال عملية يطلق عليها علماء النفس الاجتماعي التنشئة الاجتماعية Socialization ومن المتوقع في حالتنا كأمة إسلامية إن يشكل الإسلام الملامح الرئيسية لهذا النموذج المثالي، ومع اعترافنا بأنه ثمة بعض الفروق الثقافية غير الجوهرية عبر المرونة المعروفة للحضارة الإسلامية، والتي جسدها، فيما سبق، مدى تفهمها، وتقبلها بل، للاختلاف مجتمعاتها في هذا النموذج، والناتجة عن جوانب التفرد في كل ثقافة فرعية فيها إلا أنها فروق تسعها بين المجتهدين)[3].
والباحثة تُعرف التربية الاقتصادية الإسلامية بأنها:
السلوك المادي، اليومي للإنسان المسلم في إدارة إمكاناته وموارده المادية، والتعامل مع الجوانب الاقتصادية في حياته بكفاءة. من خلال مفاهيمه وقيمه الإيمانية والخلقية والنفسية، والعملية المُكتسبة، بما يتفق مع مقاصد وأهداف التشريع الإسلامي، وينضبط بمنهج السلوك الرباني النبوي المعتدل شكلاً ومضموناً بما يعود بالنفع على المجتمع والفرد.
إذاً نحن الآن أمام إنسان اقتصادي، فمن هو الإنسان الاقتصادي؟
" يرى بعض الاقتصاديين أمثال، آدم سميث، وديفيد هوم، وديفيد ريكاردو.. إن الإنسان الاقتصادي هو: الإنسان الذي تحركه العوامل الاقتصادية وحدها، وتملي عليه سلوكه. وهذا الإنسان الاقتصادي في نظر هؤلاء الاقتصاديين لا ينظر إلى الاعتبارات الخلقية أو الأدبية، إذ لا وجود لهذه الاعتبارات في تفكيره أو في سلوكه أو قراراته الاقتصادية وهو بهذه الأوصاف يفتقد من الصفات الاجتماعية ما من شأنه أن يعود عليه وعلى مجتمعه بالنفع لو أنه راعى هذه الاعتبارات الخلقية أو الأدبية "[4].
" ويرى بعض المحدثين من الاقتصاديين أمثال: جيمس بيو كانن، وفريدريك إي.هايك... إن الإنسان الاقتصادي هو صاحب السلوك الاقتصادي الذي يرمز إلى أُنموذج تجريدي للسلوك البشري، وهذا الأنموذج التجريدي لا يُستخدم إلا في الأغراض التحليلية وحدها، وربما لا يكون له وجود في واقع الحياة الاجتماعية "[5].
ومما سبق نجد بأن الإنسان الاقتصادي هو إنسان مادي بحت بنظر علماء الغرب، وهذا مالا يتفق.
مع تعاليم الدين الإسلامي الذي وازن ما بين مطالب الروح والجسد، وما بين مطالب الدنيا والآخرة. والتصور الإسلامي للحياة بشقيها المادي والروحي ينسحب على برنامج التربية الإسلامية، إذ يهتم بالكيان الروحي للفرد بجانب الكيان المادي، وإعداده لحل مشاكله المادية والروحية، للوفاء بمتطلبات حياته في الدنيا والآخرة. أما النظرة الإسلامية فترى أن الإنسان ليس سلطة عليا في الحياة، وإنما هو عبد الله، وان له كياناً روحياً ومستقبلاً خالداً، وأن مهمته هي عمارة الأرض مادياً وأخلاقياً، وأن الأخلاق والتوجيهات الكلية في تنظيم الحياة إنما هي من عند الله ولا يصنعها الإنسان، وإن الإنسان مخلوق مكرّم له قدر من الحريات الأساسية في إطار العبودية لله تعالى. ولكن تبين من الواقع المعاصر أن هناك ظاهرة عامة هي وجود مخالفات وانحرافات في سلوكيات بعض المسلمين من المنظور الاقتصادي، ويرجع ذلك إلى أسباب عدة:
• انخفاض الحس والوعي والفهم الاقتصادي عند بعض المسلمين.
• الاهتمام بتربية الأبناء الصحية والتعليمية، وإهمال جوانب أخرى من التربية الإسلامية المتكاملة.
• تأمين الأهل لكل مستلزمات أبنائهم الضرورية والكمالية بدافع الدلال تارة، أو مجاراة أقرانهم تارةً أخرى، وسط عالم من الماديات والمغريات، والمستحدثات على مدار الساعة وسط حرب إعلانية خطيرة للسلع والمنتجات، تسرق الألباب، وتستهوي النفوس الضعيفة التي لم تُربَّى تربية إيمانية اقتصادية صحيحة.
• ابتعاد الأهل وهم القدوة لأبنائهم عن ممارسة السلوكيات الاقتصادية في حلبة الحياة اليومية، أو تلقينها لأبنائهم، مبتعدين بذلك عما أمرهم به الله تعالى، وهو المقسط العدل في الدنيا والآخرة. " فالتربية الاقتصادية الإسلامية تؤدي وظائف هامة للمجتمع كله، نذكر منها:
1- إحياء فقه الاقتصاد الإسلامي في نفوس المسلمين، وعقولهم وسلوكهم، ونقصد بالفقه الاقتصادي هنا: مجموعة من الأسس والضوابط (المعايير) المستنبطة من مصادر الشريعة الإسلامية، والتي تضبط سلوك الإنسان المسلم، بعد أن اندثر فقه الاقتصاد الإسلامي أو كاد وبخاصة من خلال نظمه وقيمه، حققوا الربح الحلال وقاوموا كل ما حرمه الله من تعاملات مالية، واندحر الربا واندثر ولم يستغل الأغنياء الفقراء.
2- وبالتربية الاقتصادية؛ يتحرر الناس من مخاطر كنز المال وحبسه عن مصارفه، ويتحررون من الخوف على أموالهم من الإسراف والتبذير، ويتعلمون أن إمساك المال إنما يكون لجزء منه يسد الاحتياج، وأما الباقي فيتجه به صاحبه إلى استثماره في الزراعة أو الصناعة أو التجارة. وبذلك يحققون لأموالهم ومجتمعاتهم الأمن والأمان.
3- والتربية الاقتصادية؛ تحرر الناس في المجتمع كله من استغلال بعض الأغنياء لبعض الفقراء، أي تحررهم مما حرم الله تعالى عليهم، وتوجههم إلى قرض المحتاج "[6].
[1] شحاته، حسين حسين، الاقتصاد الإسلامي بين الفكر والتطبيق، القاهرة، دار النشر للجامعات، ط1، 1429هـ/ 2008م، 47.
[2] شحاته، حسين حسين، الاقتصاد بين الواقع والتطبيق،.48.
[3] فرج، طريف شرقي، الأبعاد النفسية للتنشئة الاقتصادية يبن الواقع المجتمعي والمتوقع الإسلامي، 1.
[4] محمود، علي عبدالحليم، التربية الاقتصادية الإسلامية، سلسلة مفردات التربية الإسلامية، القاهرة، دار التوزيع والنشر الإسلامي، د. ت، [1- 10]، الحلقة السابعة، 52.
[5] المرجع السابق، 53.
[6] محمود، علي عبد الحليم، التربية الاقتصادية الإسلامية، 277. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: اقتصاديات الأحد 27 يناير 2019, 7:52 pm | |
| جوانب من التربية الاقتصادية في الإسلام
"يدرك التربويون أهمية مرحلة الطفولة في حياة الإنسان، حيث إن سنوات الطفولة الأولى، هي أهم فترة تتكون فيها شخصية الطفل، وتتشكل اتجاهاته وميوله وقيمه، وهي كذلك الفترة الحيوية التي يتكون فيها الوازع الديني، ومعرفة الأمور المحرمة والأمور المباحة شرعاً، وأيضاً تكوين الضمير الخلقي والاجتماعي، وذلك بسبب تأثر الطفل بمن حوله وسرعة استجابته، وتسليمه بمسائل الدين والعقيدة دون مناقشة"[1].
" فإذا استقر الإيمان في القلب، فإنه يقود الإنسان إلى الالتزام بالحلال الطيب وتفاعلت النفس معه، وكان من ثمرة ذلك انقياد الجوارح لتسلك السلوك السليم الرشيد لتحقيق ما اطمأن إليه القلب، فالتربية موجهه أولا إلى القلوب والنفوس والأفئدة ثمّ إلى الجوارح، ومن حصادها السلوك الاقتصادي الإسلامي وتقوم التربية الاقتصادية في الإسلام على قيم إيمانية من أهمها ما يلي:
♦ الإيمان أن المال الذي نتعامل به ملك لله، لأنه سبحانه هو الذي رزقنا إياه، لذلك يجب أن تلتزم بشرع صاحب هذا المال، أي تطبيق تعاليمه المتمثلة في أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية.
♦ الإيمان بأن هناك ملائكة تراقب تصرفاتنا ومنها الاقتصادية والمالية، ولذلك يجب أن نتجنب أن تسجل الملائكة في سجلاتنا شيئاً لا يرضاه الله سبحانه.
♦ الإيمان باليوم الآخر حيث نقف فيه أمام الله سبحانه ليحاسبنا عن هذا المال من أين اكتسب وفيم أنفق؟ كما بين الرسول الكريم من خلال الحديث النبوي الشريف التالي: " لا تـَزولُ قَدم ابن آدَمَ يَومَ القِيامَة مِن عِند رَبِه حتّى يُسأَلَ عَن خمَس: عَن عُمرِهِ فيِمَا أَفناه، وعَن شَبابِه فيِمَا أَبلاهُ وَمَالِه مِن أينَ اكتسبهُ وفِيمَ أَنفَقهُ، ومَاذا عَمِلَ فِيمَا عَلِم "[2].
هذه المفاهيم الإيمانية الاقتصادية تُنمى عند المسلم منذ الصغر: الرقابة الذاتية، والخشية من الله والخوف من المساءلة في الآخرة، والالتزام بالحلال والبعد عن الحرام، فإذا شَبَّ الولد على هذه القيم وطبقها في جوانب حياته كان فرداً مستقيماً منضبطاً بشرع الله في كل معاملاته ومنها الاقتصادية ويعتمد عليه فيما بعد لإدارة اقتصاد بيته واقتصاد بلده على أسس إيمانية "[3].
فقد أنعم الله سبحانه على الإنسان بنعم لا تعدّ ولا تحصى، وسخر الأرض وما عليها، والسماء وما فيها لخدمة الإنسان والاستمتاع بما رزقه الله الرزاق الوهاب.
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ [المائدة: 87].
وهذا أمر من الله تعالى بالتنعم بالدنيا ولذاتها، ولكن من دون إسراف أو تبذير.
كما قال أحدهم: الإسرافُ لُجَّةٌ بلا قرار.
وقيل أيضاً: إيَّاكَ والتَّبذير، فإن الثُّقب الصغير يُغرق المركبَ الكبير.
وهذا مبدأ اقتصادي هام في حياة الإنسان المسلم الذي تَربى تربية اقتصادية جيدة، يعلم تمام العلم بأن عليه التنعم بنعم الله تعالى مع حفظ هذه النعم بالشكر وعدم الإسراف، طالباً حسن المنزلة عند الله في الآخرة؛ لأن من طغى في الرزق بالإخلال بشكره وتعدي حدوده فيه بالسرف والبطر أو الاستعانة به على المعاصي ومنع الحقوق الواجبة فيه فينزل عليه غضب الله، وتجب عليه عقوبته. قال تعالى: ﴿ فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾ [النازعات: 37 - 41].
إذاً: فنظام التربية الاقتصادية في الإسلام يجعل الإنسان يحيا في سلوك متوازن، فهو لا يحيا لدنياه وحدها ولا يدعها هملاً، بل يبني الحياة، ويجعلها مزرعة للآخرة، وجسراً يعبر عليه وهو مليء بالخير والحسنات، فالتوازن هو سبب الفوز في الآخرة.
قال تعالى: ﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [القصص: 77].
وقد ورد في تفسير هذه الآية " أي: استعمل ما وهبك الله من هذا المال الجزيل، والنعمة الطائلة في طاعة ربك، والتقرب إليه بأنواع القربات.... ولا تنس نصيبك من الدنيا، أي: مما أباح الله لك فيها من المآكل والمشارب والملابس والمناكح، فإن لربك عليك حقًّا، ولنفسك عليك حقًّا"[4].
وعلى المربين تنشئة الأبناء على تعظيم نعم الله تعالى، وتعلّيمهم شكر الله تعالى. وحسن استخدامها..
" قال بعض الحكماء: اِغلب هواك على الفساد وكن مُقبلاً على القصد يُقبل عليك المال، والاقتصاد يعصم من عظيم الذنب وفيه راحة للبدن ومرضاة للرب وتحصين من الذنوب "[5].
[1] مصطفى، فهيم، منهاج الطفل المسلم، 7.
[2] الترمذي، أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة (ت 279هـ /892م)، جامع الترمذي، تحقيق وتخريج يوسف الحاج أحمد، دمشق، مكتبة ابن حجر، 1424هـ/2004م، كتاب صفة القيامة والرقائق والورع (38 )، باب فيالقيامة (1)، حديث(2415 )، 674.
[3] شحاته، حسين حسين، الاقتصاد الإسلامي بين الفكر والتطبيق، 51.
[4] ابن كثير، أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي (ت 774 هـ/ 1352م)، تفسير القرآن العظيم، تحقيق سلمي بن محمد سلامة، د. م، دار طيبة للنشر والتوزيع، ط2، 1420هـ/1999م، [1- 8]، 6، 253.
[5] يُنظر، ابن أبي الدنيا، إصلاح المال، باب القصد في المال، حديث (342)،101. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: اقتصاديات الأحد 03 فبراير 2019, 7:20 am | |
| [rtl]
التحرّك الروسيّ الصينيّ للإطاحةِ بالدّولار الأمريكيّ بَدأ وبشكلٍ مُتسارعٍ.. كيف وحّدت حِصارات ترامب وعُقوباته معظم دول العالم لإنهاء الهيمنة الأمريكيّة الاقتصاديّة؟ ولماذا يجب أن نعترف لروّادنا مِن الزّعماء العرب الذين تنبّهوا لهذا الخطر وضحّوا بحياتهم من أجله؟ إليكُم أدلّتنا بالحقائِق والأرقام
عبد الباري عطوان إدارة الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب باتت “مُدمنة” على فرض العُقوبات على الدول التي لا ترضخ لإملاءاتِها، كبيرةً كانت مِثل الصين وروسيا، أو متوسّطة مِثل إيران، أو صغيرة لبنان (حزب الله) وقِطاع غزّة (حركة حماس)، ولكن هذه العُقوبات بدأت تُعطي نتائج سلبيّة ليس على الاقتِصاد الأمريكيّ فحسب، وإنّما بإنهاء تدريجيّ لهيمنة الدّولار كوحدة قياس للعُملات العالميّة من حيث تحديد سِعرها، والعمود الفقريّ لمُعظم التبادلات الجارية عالميًّا. الرئيس ترامب تعهّد في حملته الانتخابيّة الرئاسيّة عام 2016 أن يُعيد “العظمة” لأمريكا، واتّباع سياسة “حمائيّة” وإشعال فتيل الحروب التجاريّة مع الصين وروسيا والاتّحاد الأوروبي، الأمر الذي وحّد جميع هذه الدّول ضِد هدفٍ واحدٍ مُعلنٍ وهو إنهاء الهيمنة الاقتصاديّة الأمريكيّة والبحث عن عُملاتٍ بديلةٍ للدّولار. الصين قرّرت ابتِداءً من العام الجديد شراء مُعظم احتياجاتها من الطاقة (النفط والغاز) بعملتها المحليّة “اليوان” خاصَّةً من إيران، وجعلت روسيا من عُملتها المحليّة الروبل، أو عُملات شُركائها التّجاريين مثل تركيا والهند، البديل للدّولار في جميع المُعاملات التجاريّة، في خطوة رئيسيّة للالتِفاف على العُقوبات الاقتصاديّة الأمريكيّة، الأمر الذي أدّى إلى فشلها، وأبرزها ضِد إيران، بطريقةٍ أو بأُخرى، وتهديدات ترامب بتدمير الاقتصاد والليرة التركيّة. *** البيانات التي نشرتها وزارة الخِزانة الأمريكيّة في نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي أظهَرت أنّ الصين (أكبر دائن لأمريكا) وروسيا خفّضتا حيازتهما من السّندات الأمريكيّة، وفعّلت المملكة العربيّة السعوديّة الشّيء نفسه، وغادرت قائمة أكبر عشر دول حائِزة عليها. قيمة السّندات الأمريكيّة التي في حيازة الصين بلغت في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي 1.21 تريليون دولار، بالمُقارنة مع 1.38 في تشرين الأوّل (أكتوبر) الماضي، بانخِفاض مقداره حواليّ ملياري دولار في غُضون شهر فقط، وقلّصت روسيا حجم حيازَتها للسّندات نفسها وفي غُضون شهر أيضًا بحواليّ 1.8 مليار دولار، حسب ما ذكرته وكالة بلومبيرغ الأمريكيّة. هذه التّخفيضات المُتسارعة تأتي في إطار خطّة تهدف للابتعاد عن الدولار، الذي بدأ في التصدّع نتيجة تصاعد الأصوات المُطالبة بالبدائل، مِثل جان كلود يونكر، رئيس المفوضيّة الأوروبيّة، الذي وصف إجبار أمريكا للأوروبيين على شراء السلع الأمريكيّة بالدولار بـ”السّخيف” و”المُهين”، بينما قال وزير الماليّة الفرنسي برونو لوماير أنّه يريد أن تكون حكومة بلاده وميزانياتها وتبادلها التجاري غير مرتبط بالعُملة الأمريكيّة، وبدأ قادة الاتّحاد الأوروبي يسمحون لشركات بلادهم بالتٍعامل مع شركات في الدول النامية بنظام دفع بالعُملات المحليّة للالتِفاف على أيّ عُقوبات أمريكيّة، والشركات الإيرانيّة من بينها. هيمنة الدولار الأمريكي بدأت في مؤتمر “بريتون وودز” الشهير الذي انعَقد عام 1944 بحُضور الدول المُنتصرة في الحرب العالميّة الثانية بقيادة أمريكا وبحُضور 44 دولة أخرى، وجرى اعتِماد الدولار عملة أمريكا، الدولة المستقرة القويّة اقتصاديًّا، والتي تملك 75 بالمئة من احتِياطات الذهب في العالم في حينها، الأساس في تحديد قيمة العُملات الأُخرى، وأسعار الذهب (32 دولار للوقية)، ولكن الرئيس الأمريكيّ ريتشارد نيكسون اتّخذ قرارًا عام 1973 بفك ارتِباط الدولار بالذهب، وباتت الحُكومات الأمريكيّة تطبع الكميّات التي تُريد لمُواجهة أقساط ديونها والأزمات الاقتصاديّة (تبلغ فوائد الديون الامريكية حاليًّا أكثر من تريليون دولار سنويًّا). إيران بدأت الآن تلجأ إلى العُملة الافتراضيّة “البيتكون” لمُواجهة الحِصار الأمريكي الخانق، وتمنّت كتائب عز الدين القسّام الذّراع العسكري لحركة “حماس” على حُلفائها وأصدقائها التبرّع لها بالعُملة نفسها لكسر الحِصارين الإسرائيليّ والعربيّ المَفروضَين عليها، والحِصار العربيّ يشمل سلطة رام الله أيضًا. القُوّة الأمريكيّة الحقيقة تأتي من هيمنة عُملتها على اقتصاديّات العالم بأسره، وليس من القُوّة العسكريّة مثلما يعتقد الكثيرون، وإن كان لا يجب التّقليل من أهميّة الأخيرة، فهُناك قِوى عُظمى باتت تملك رؤوسًا نوويّةً وصواريخ باليستيّة، تفوق مجتمعة الترسانة النوويّة الأمريكيّة، ونحن نتحدّث هُنا عن روسيا والصين، وحتى كوريا الشماليّة التي باتت تُشكّل بزِرّها النوويّ “الصّغير” تهديدًا لأمريكا. إذا كان الرئيس ترامب قدّم خدمات جليلة للبشريّة من جرّاء سياساته المُتهوّرة، وحروبه التجاريّة، وحِصاراته الاقتصاديّة، فإنّ أبرزها إظهاره خُطورة هيمنة الدولار على اقتصاديّات العالم وأمنه واستقراره، وتوحيد القوى العُظمى المُوازية بقِيادة روسيا والصين لإنهاء هذه الهيمنة بأسرعِ وقتٍ مُمكنٍ، وربّما لهذا السّبب بدأت الدولة الأمريكيّة العميقة تحرّكها في الكونغرس لوضع حدٍّ لحماقاته، ونقض جميع قراراته، مِثل الانسحاب من سورية وأفغانستان، وبناء السّور على حُدود المكسيك، وفتح مِلفّات التدخّل الروسيّ في الانتخابات الرئاسيّة الأمريكيّة، واتّهام الأمير السعوديّ محمد بن سلمان بالوقوف خلف جريمة اغتيال جمال خاشقجي. *** نحن كعرب ومُسلمين أبرز ضحايا الهيمنة الأميركيّة هذه، سواء الاقتصاديّة أو العسكريّة، التي تقف خلف جميع الحُروب في المنطقة، وزرع بُذور الدّمار والفوضى فيها، وتخفيض أسعار النفط، لحِرمان الشعوب من ثمارها، والاستِيلاء على مُعظم عوائدها الماليّة، بطُرقٍ مُباشرةٍ، أو غير مُباشرة، وخلف الخَطر الإيرانيّ وتَضخيمِه كأداةِ ضغطٍ فاعِلةٍ في هذا الإطار. انهِيار الدولار الأمريكيّ، وسُقوطه من عرش الهيمنة الاقتصاديّة سينزل بردًا وسلامًا على قُلوب وصُدور كُل الشّعوب المقهورة سواء في الشرق الأوسط، أو إفريقيا، أو أمريكا الجنوبيّة، التي عانَت وتُعاني مِن الحِصارات وأساليب الابتِزاز الأمريكيّة. لا يُمكِن أن ننسى في هذه العُجالة الزّعماء العرب الذين طالبوا باعتِماد سلّة من العُملات لتسعير برميل النّفط وإنهاء هيمنة الدولار مثل الرئيس هواري بومدين، وصدام حسين، ومحمد مصدق (إيران)، والعقيد معمر القذافي، الذي رصد ما قيمته 300 مليار دولار لصك الدينار الإفريقيّ، وكذلك هوغو شافيز، ملك الفُقراء في أمريكا الجنوبيّة والعالم، وأنّ هؤلاء كانوا روّادًا، وضحّوا بحياتهم من أجل هذا الهدف، أيّ إنهاء خطر “الدولار”، الذي تنبّهت إليه روسيا والصين ودول الاتّحاد الأوروبيّ الآن. إذا كان سُقوط الدولار يُنهي الطّاعون الأمريكيّ الذي دمّر العالم، وقتل الملايين من الأبرياء في فيتنام والعراق وليبيا وسورية، فأهلًا بِه، ومرحبًا بكُل الذين يعملون من أجلِه. الاقتصاد، ومثلما يجمع مُعظَم الخُبراء، كان خلف انهِيار الاتّحاد السوفييتي، طبعًا لا نُنكِر العوامل الأُخرى، وانهِيار الدولار إذا حدث سيُؤدّي إلى نزع أنياب ومخالب الوَحش الأمريكيّ المسعور.. وكُلّنا ثقة أن العد التنازليّ قد بَدأ، ونَراها قريبةً جِدًّا.. [/rtl] |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: اقتصاديات الثلاثاء 05 فبراير 2019, 1:27 pm | |
|
عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الثلاثاء 05 فبراير 2019, 1:39 pm عدل 1 مرات |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: اقتصاديات الثلاثاء 05 فبراير 2019, 1:29 pm | |
| |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: اقتصاديات الثلاثاء 05 فبراير 2019, 1:34 pm | |
| |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: اقتصاديات الجمعة 08 فبراير 2019, 6:22 am | |
| طريق الحرير الصينية إلى قاعدة الصواريخ السعودية صور الأقمار الصناعية التي كشفت عنها «واشنطن بوست» في الأسبوع الماضي تشير إلى أن السعودية بنت أو تبني قاعدة لإنتاج الصواريخ البالستية. وحسب معطيات خبراء في صناعة الصواريخ يبدو أن السعوديين يستخدمون طرقاً صينية وربما تكنولوجيا صينية لإنتاج الصواريخ. وما زال غير واضح إذا ما كانت القاعدة التي استخدمت حتى الآن كمخزن للصواريخ، قد دخلت إلى حيز الاستخدام، أو أنها في المراحل النهائية من البناء، ولكن لا يوجد خلاف بأنها ليست تحت إشراف أو أنها بنيت بتدخل الولايات المتحدة. [rtl]السعودية تحت قيادة محمد بن سلمان تسعى كما يبدو إلى أن تبني بنفسها بنية أساسية بالستية مستقلة، لا تكون مرتبطة بإذن أو إشراف الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة. ويبدو أن إقامة قاعدة كهذه هي جزء من سياسة السعودية من أجل إعداد نفسها لمواجهة عسكرية مع إيران، أو بناء نظام ردع ضدها على الأقل. في هذه الحالة يمكن للولايات المتحدة وإسرائيل رؤية هذه القاعدة كدلالة على الاستعداد الفعلي للسعودية من أجل العمل ضد إيران. وخلافاً للسابق، تعتبر السعودية في السنوات الأخيرة حليفة لإسرائيل ترى بنفس المنظار الصراع ضد إيران، لذلك لم يسمع أي رد إسرائيلي. ولكن الأمر أصبح أكثر تعقيداً عند فحص تدخل الصين في الشرق الأوسط بشكل عام وفي دول الخليج بشكل خاص. فالسؤال هو لماذا قررت السعودية إنشاء مصنع لإنتاج الصواريخ بمساعدة الصين دون إشراك الولايات المتحدة، في حين أن معظم التسليح والوسائل العسكرية لها تستند إلى الإنتاج الأمريكي؟ أعلنت السعودية قبل عدة أشهر أنه إذا أصبح لإيران سلاح نووي فستحصل على سلاح كهذا. عندما تصبح الصواريخ البالستية عنصراً حيوياً في الحرب النووية، فإن القلق هو من إمكانية أن توسع الصين تعاونها مع السعودية حتى في مجال تطوير مشروع نووي لأغراض عسكرية. خطوات الصين في الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة تدل على نية تعميق تدخلها الاقتصادي في المنطقة كجزء من برنامج «الحزام والطريق» الذي تم الإعلان عنه في الصين، الذي هدفه ربط الصين بمناطق في آسيا وأوروبا والشرق الأوسط بواسطة استثمارات في البنى التحتية وشراء معاقل اقتصادية حيوية. مثلاً، أعلنت أنها تنوي استثمار مليار دولار في بناء مصنع لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية في السعودية، الأول من نوعه في العالم والذي يعمل بتكنولوجيا الفيلم الرقيق. الصين تنوي أيضاً الاستثمار في موانئ السعودية وفي دولة اتحاد الإمارات لتوسيع سيطرتها على النقل البحري. في تموز الماضي زار الرئيس الصيني، شي جي بينغ، دولة الإمارات التي يعيش فيها 200 ألف مواطن صيني وتعمل فيها أكثر من 4 آلاف شركة صينية. هذه الزيارة الأولى من نوعها منذ 29 سنة استهدفت إبداء نوايا الصين في ترسيخ نشاطها الاقتصادي في المنطقة وربما حتى إرسال رسالة للولايات المتحدة تقول إن احتكارها السياسي في منطقة الخليج يمكن أن يتم اختراقه. حتى قبل ذلك، في مؤتمر المنتدى العربي ـ الصيني الذي عقد في بكين بمشاركة ممثلين عن 22 دولة عربية، أعلن بي جي أن الصين تنوي تخصيص 20 مليار دولار كقروض لتطوير المشاريع في الشرق الأوسط، وإقامة محطة لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية في دولة الإمارات، واستثمار مليار وربع دولار في 12 مشروع مشترك. حجم التجارة بين الصين ودولة الإمارات الذي يصل إلى 50 مليار دولار يتوقع أن يصل إلى 80 مليار دولار في 2020، وبذلك ستكون الصين هي الشريكة الأكبر في التجارة مع دولة الإمارات. التعاون الاقتصادي بين الصين والسعودية ودولة الإمارات لا ينحصر فقط بعلاقات ثنائية. السعودية تنوي استثمار 10 مليارات دولار في بناء منشآت تكرير في ميناء جوادر في الباكستان، الذي تمول الصين جزءاً منه كجزء من استراتيجية «الحزام والطريق» لها. هذا الاستثمار السعودي استهدف بالأساس ترسيخ علاقة الاعتماد بين السعودية والباكستان الذي يتطور أيضاً كجزء من الصراع ضد إيران المجاورة، لكنه يخدم أيضاً هدف الصين. الصين التي تعهدت باستثمار 60 مليار دولار في تطوير البنى التحتية البحرية مع باكستان، من شأنها حقاً أن تخشى من أن الاستثمار السعودي سيحرمها من احتكار الهيمنة على باكستان، لكن عندما تكون إيران ينقصها مصادر التمويل المستقلة التي يمكنها منحها مكانة الشريك مع الصين، فإن الاستثمار السعودي هو أمر يصعب منعه وهو مفضل في نظر الصين على مستثمرين آخرين، خاصة أمريكيين أو صينيين. التعاون بين الصين ودول الخليج، خاصة مع السعودية، لن يأتي على حساب العلاقة الوطيدة مع إيران. قلق الصين هو من أن وتيرة التطوير المرتفعة لها يجب أن لا يقلق من نقص النفط، فإيران هي إحدى المزودات الرئيسية لها. الصين قلصت حجم مشترياتها من إيران، لكن ليس في نيتها وضع كل البيض في سلة بديلة مثل السعودية. السعودية التي تسعى إلى إظهار التصميم للعمل ضد توسيع نفوذ إيران في المنطقة، تجد نفسها تتعاون مع الركيزة الاقتصادية الأكثر أهمية بالنسبة لإيران، وتحفر بيديها ثقباً واسعاً في شبكة العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران. يبدو أن من هو مستعد لبيع السعودية تكنولوجيا بالستية موجهة ضد إيران، لن يدير ظهره لإيران عندما ستطلب تكنولوجيا مشابهة.[/rtl] [rtl]تسفي برئيل هآرتس 7/2/2019[/rtl] |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: اقتصاديات الجمعة 08 فبراير 2019, 6:32 am | |
| ماذا تستفيد إسرائيل من إعادة إعمار سوريا؟ صحف عبرية
تميزت سنة 2018 في سوريا باستكمال انتصار نظام الأسد والانتقال من التركيز على الحرب إلى خطط لتشكيل الدولة وإعادة إعمارها في اليوم التالي للحرب. المؤسسات الدولية تقدر الأضرار التي وقعت في سوريا في سنوات الحرب بحوالي 350 ـ 400 مليار دولار. هذا التقدير يشمل الأضرار المادية الصعبة للبنى التحتية وانهيار الاقتصاد وفقدان المداخيل. الضرر المادي سيكون بالإمكان إصلاحه بوجود مساعدة خارجية، حتى لو كانت عملية إعادة الإعمار ستستمر سنوات كثيرة. ولكن سيمر وقت أطول، ربما عشرات السنين، قبل أن يتم إعمار مكونات الأضرار الأخر؛ المس بالإنتاجية والإنتاج المستقبلي، وهروب الطبقة العليا والوسطى من الدولة، والمس بتعليم الجيل الشاب. إضافة إلى ذلك، أمام سوريا تحديات اجتماعية وعلى رأسها التوترات الطائفية وعدم التكافل الاجتماعي، والفساد، والأنانية وترسخ نخبة اقتصادية جديدة مقربة من الرئيس الأسد وتتعامل كمافيا.
التحديات الداخلية
اليوم يسيطر الرئيس الأسد والقوات المساعدة له على 70 في المئة من أراضي سوريا تقريباً، وتشمل معظم المناطق الحضرية وتسيطر على أكثر من نصف السكان. مستوى السيطرة في المناطق الحضرية، العمود الفقري للدولة: دمشق، حمص وحماة، مرتفع نسبياً، وكذا في شرق سوريا وفي حلب (التي فقدت مكانتها كمركز اقتصادي بعد 2011)، صحيح أن النظام يسيطر عسكرياً، لكنه يجد صعوبة في بلورة سيطرة مدنية. في منطقة ادلب، معقل المتمردين الأخير، لا توجد سيطرة للنظام. المنطقة الكردية في شرق نهر الفرات تحظى بخصائص الحكم الذاتي، ولكنها تتعرض للخطر على ضوء قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سحب القوات الأمريكية من سوريا، التي تساعد الأكراد، وأيضاً تصميم تركيا على منع إعطاء حكم ذاتي لهذا الفضاء. يبدو أنه رغم دروس الحرب، إلا أن نظام الأسد لم يبدأ في إعادة إعمار شاملة تفيد المواطنين السوريين. النظام يتقدم في إصلاح الوضع في المراكز الحضرية التي تحت سيطرته، لكن نشاطه خارجها محدود ومقلص. ويُقال حتى إن الأسد يزيد نفوذه بواسطة تأثيره عن طريق علاقات مع رؤساء مافيا محليين. يمكن الافتراض أن النظام سيواصل استخدام القوة ضد المدنيين بهدف ترسيخ السيطرة ومنع الانتفاض. ويبدو أنه رغم محدودية الموارد، إلا أن النظام سيتنازل عن المساعدة والدعم من الغرب لإعادة الإعمار إذا طلب منه في المقابل تبني نماذج حكم غربية (ديمقراطية). في هذه المرحلة يحاول النظام تجنيد أموال واستثمارات خارجية، لا سيما من مصادر خاصة. مقاربة النظام لعودة اللاجئين تتأثر باعتبارين بينهما توتر، فمن جهة النظام يعرف أن عودة اللاجئين حاسمة بخصوص إعمار سوريا، حيث إنه أعد لهم دوراً هاماً في تطوير الاقتصاد والمجتمع بعد الحرب. بقاء اللاجئين خارج سوريا، خاصة النخب أرباب الأموال والأصول الحيوية، ستؤخر بشكل كبير إعادة الإعمار. من جهة أخرى، يخشى النظام من السكان المعنيين باستبداله. تركها لسوريا في عملية تطهير سياسي وديمغرافي طوال سنوات الحرب، يخدم ـ حسب رأيه ـ استقرار النظام، وهذا من ناحيته يضع عقبات أمام عودتهم، أو يعمل بهدف تقليص تأثيرها، إذا عمل.
اعتماد النظام على إيران
سلوك الرئيس الأسد يدل على أنه في أعقاب الحرب يسعى إلى تعزيز النموذج الديمقراطي لنظامه، مع الحفاظ على علاقة وطيدة مع حلفائه الذين أيدوه أثناء الحرب، لا سيما إيران وروسيا. في هذه المرحلة، النظام يناور بين روسيا وإيران مع تفضيل روسيا، لأنه يخاف من تدخل إيراني زائد في إدارة الدولة. مثلاً، البنى التحتية للنفط وضعت في أيدي روسيا، مثال آخر هو صناعة الفوسفات، التي أعطيت في البداية لإيران، لكن بالتدريج تزيد فيها مشاركة روسيا. إيران من ناحيتها ما زالت تقود عملية إعادة إصلاح البنى التحتية لشبكة الكهرباء في سوريا، وهي معنية بربط عملية إعادة الإعمار باستمرار تمركزها في الدولة في عدة مجالات ـ العسكري والاقتصادي والاجتماعي والتعليمي والسياسي. روسيا تحاول تعزيز نفوذها في سوريا من خلال دفع مصادر اقتصادية واستراتيجية قدمًا، ستمكنها من التأثير على النظام مستقبلاً. هذا تقوم به ـ بواسطة المساعدة في إعادة بناء الجيش السوري وتسليحه ـ جهود تشكيل وقيادة الخطوات السياسية ذات الصلة؛ توحقيق سيطرة على الموارد الطبيعية ووسائل نقلها مثل بناء أنابيب غاز، وتوسيع ميناء طرطوس، ومد سكك حديدية من حقول الفوسفات إلى الميناء، وإنشاء خط تجاري بحري إلى ميناء نوفوسي بيرسك. القيد الروسي الأساسي هو كونها لا تملك قدرات مالية مستقلة مناسبة، وعلى هذه الخلفية فإن شركات روسية تجارية تشترط مشاركتها في عملية إعمار سوريا بأن تحظى بأفضليات تنافسية ومكاسب فورية. المجتمع الدولي من ناحيته مستعد للمساعدة في إعمار سوريا شريطة أن يقود النظام إصلاحات في نظام الحكم واصلاحات اقتصادية واجتماعية، لكن هذه غير مقبولة عليه. لذلك، لا يتوقع مساعدة كبيرة (باستثناء مساعدة إنسانية محدودة) من الدول الغربية. الاتحاد الأوروبي صادق في حزيران 2018 على العقوبات المفروضة على المساعدات المقدمة لنظام الأسد. ويجب عليه مناقشة تمديدها كل سنة. هذه العقوبات تعيق وتقيد مشاركة الغرب في مشاريع إعادة الإعمار، وعملياً تخلد وحتى تزيد اعتماد النظام على إيران وروسيا. الدول العربية تسلم ببقاء الأسد في الحكم وتتبع خط براغماتي أكبر من خلال استئناف العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، ولكنها تربط المساعدات الاقتصادية بتقليص نفوذ ووجود إيران في الدولة. دول الخليج السنية من ناحيتها تخشى إذا رفعت أيديها عن إعادة الإعمار في سوريا فإن إيران ستسيطر على الدولة مثلما حدث في العراق.
معانٍ لإسرائيل
رغم أن النظام يفضل علاج جراح الحرب ويجد صعوبة في تجنيد الموارد لبناء الجيش السوري، يجب على إسرائيل أن تكون متنبهة لاحتمال أن عملية إعادة ترميم الجيش السوري ستكون سريعة، حتى بدون عملية إعادة الإعمار المدنية أو ترسيخ سيطرة كاملة للحكم. وذلك في أعقاب مساعدات خارجية لبناء القوة العسكرية التي يحصل عليها النظام السوري من روسيا وإيران، والحاجة إلى ترسيخ رد عسكري على الهجمات المتكررة لإسرائيل في سوريا. بناء على ذلك، حتى لو بقيت سوريا والمجتمع السوري تحت الأنقاض فلن يكون في ذلك ما يمنع نظاماً دفاعياً جوياً متطوراً، نظام صواريخ أرض ـ أرض، وجيشاً برياً لديه قوات كبيرة. في الوقت نفسه، ستواصل سوريا تشكيلها منصة لتهديدات استراتيجية منها نشر شبكة صواريخ أرض ـ أرض دقيقة وأنظمة جمع معلومات إيرانية، إلى جانب وجود قوات مرسلة من إيران ـ قوة القدس، وحزب الله ومليشيات شيعية ـ على أراضيها، بما في ذلك قرب الحدود مع إسرائيل. ضعف سوريا يخلق من ناحيتها اعتماداً على الدعائم الخارجية المعادية لإسرائيل، لا سيما إيران. وكلما زاد دور إيران في إعادة إعمار سوريا فستستخدم فضاء سورياً في ترسيخ بنيتها العسكرية للمدى البعيد من خلال استغلال مكانة النظام الضعيفة والديون لإيران التي تراكمت أثناء الحرب. مع ذلك الضعف الاقتصادي لإيران (الذي سيتأثر أيضاً بفعالية العقوبات الأمريكية ضدها) سيقيد قدرتها على الإسهام في إعادة الإعمار. لإسرائيل مصلحة في تنفيذ إعادة الإعمار التي ستركز الموارد السورية والموارد الأخرى في الداخل على الاحتياجات المدنية في بناء الدولة من جديد وفي استقرارها. كلما كانت ساحة سوريا مستقرة أكثر وتركز على عملية إعادة الإعمار، من المتوقع أن تتقلص حرية عمل إيران في اطار جهودها لزيادة نفوذها وترسيخ تواجدها العسكري في سوريا. وستتقلص أيضاً احتمالية الصعود من جديد لجهات جهادية سلفية على الأراضي السورية. من الأفضللإسرائيل أن يتم تشكيل نظام مركزي وفعال في سوريا، يشكل عنواناً ومسؤولاً عن عملية إعادة الإعمار، وكذلك كل ما يتعلق بالنشاطات العسكرية أو الإرهابية من الأراضي السورية. إسرائيل يمكنها استغلال المصالح المشتركة بينها وبين الدول العربية البراغماتية في صد النفوذ الإيراني في الساحة السورية والمساعدة في تشكيل قوة مهمة عربية ودولية لإعادة إعمار سوريا. بواسطة دول الخليج تستطيع إسرائيل أن تقدم رزم مساعدة مميزة، ترتكز على مواردها، مع تكنولوجيا ومعرفة إسرائيلية (مثلاً، في مواضيع تكنولوجية مدنية، تنقية المياه، الزراعة المتطورة) شريطة أن يتم إبعاد تدخل إيران في إعادة الإعمار والنفوذ على العملية. هذا يخضع لأربعة شروط: كبح أي مبادرة أقليمية ودولية تناقش إعادة هضبة الجولان لسوريا؛ وتخصيص موارد لإعادة الإعمار لجنوب سوريا وهضبة الجولان السورية أيضاً ـ منطقة يتوقع إهمالها اقتصادياً من قبل النظام؛ ثم تقليص نفوذ إيران وإبعاد مبعوثيها عن الحدود في هضبة الجولان؛ وإعطاء أولوية لروسيا في مشاريع اقتصادية لإعادة الإعمار من خلال التعهد بعدم إشراك إيران فيها. إدارة ترامب أعلنت أنه من الأهداف الأمريكية في سوريا، خروج القوات الإيرانية من أراضي الدولة وتقليص نفوذها فيها. من هنا، يجب على إسرائيل العمل بتنسيق مع الولايات المتحدة في إطار ربط إعادة الإعمار بتحقيق هذه الأهداف. ويجب أن نذكر أن الولايات المتحدة عامل مؤثر في الأجسام المالية الهامة في العالم ـ صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وما شابه. معقول أن هذه المؤسسات ستؤثر بهذه الصورة أو تلك على إعادة الإعمار في سوريا. في الختام، مسألة إعادة إعمار سوريا تطرح معضلة بالنسبة لإسرائيل. فمن جهة، لإسرائيل مصلحة في دعم جهود إعادة الإعمار التي تقودها الدول الغربية والعربية، ومساعدتهم فيها، شريطة أن يتم اإعاد النفوذ الإيراني من سوريا. مع ذلك، إذا لم يتحقق هذا الهدف ولم تساعد هذه الدول في إعادة الإعمار فإن النظام السوري سيجد صعوبة في تشكيل نظام جديد وترسيخ سيطرته والبدء في عملية إعادة إعمار مالية واقتصادية واجتماعية. في هذه الظروف ستزيد احتمالية اندلاع العنف من جديد، ونمو جهات سلفية ـ جهادية، تضعضع الاستقرار في سوريا، وهذا وضع ستستغله إيران من أجل توسيع نفوذها. من هنا، يجب على إسرائيل تبني رؤيا من التدخل غير المباشر في عملية إعادة الإعمار مع دول عربية سنية أو مع دول غربية، حتى بدون ضمان لابعاد نفوذ إيران من سوريا، أي التخلي عن رؤيا «لعبة المجموع الصفري» أمام إيران فيما يتعلق بنفوذها في سوريا.
عنات بن حاييم واودي ديكل نظرة عليا 7/2/2019 |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: اقتصاديات السبت 23 فبراير 2019, 7:58 am | |
| السوق الدولية
مـقـدمـــة
يتسم الإقتصاد العالمي في وقتنا الحالي بتزايد أهمية المعاملات الخارجية فيما بين إقتصاديات الدول, ما يترجمه نمو التجارة الخارجية بوتيرة تزيد عن ضعف نمو وتيرة نمو الإقتصاد العالمي خلال النصف الأخير من القرن الماضي, وقد صاحب النمو المطرد في التجارة الخارجية والذي نتج عن تحرير التبادل التجاري الدولي وإزالة المعيقات أمام تدفق السلع ورؤوس الأموال نمو موازي في العمليات المالية الدولية. وبالتالي إستقطب موضوع المالية الدولية و التعامل بالعملات الأجنبية والمشتقات المالية حيزا متزايدا من إهتمام الدول, ما نتج عنه إهتمام معظم دول العالم بالأسواق المالية الدولية. تزايدت في الآونة الأخيرة إهتمام معظم دول العالم بالأسواق المالية الدولية و ذلك لعجز الموارد المحلية خاصة في الدول النامية لتلبية إحتياجات هذه الدول لتمويل خطتها التنموية ولسد العجز في موازين مدفوعاتها من جهة ولما توفره هذه الأسواق من موارد ضخمة وأسعار فائدة تنافسية من جهة أخرى. وقد بدأت حركة الإقراض المصرفي الدولي في نهاية الستينات حيث دخلت الدول الرأسمالية في أزمتها الهيكلية, وهناك العديد من العوامل التي أدت بالبنوك التجارية إلى التوسع في منح القروض لدول العالم الثالث ومن هذه العوامل ما يرجع إلى البنوك ذاتها ككيان إقتصادي خاص يستهدف النمو والتوسع وتحقيق الأرباح ومنها ما يتعلق بتطور النظام المصرفي الدولي وما جره على النظام الدولي من مشاكل أدت إلى تراجع القروض المقدمة من المصادر الرسمية. وإن نمو نشاط الإقتراض للبنوك التجارية أدى إلى ظهور سوق الدولارات الأوروبية كأداة تمويل واحتلت مكانا رائدا في حركة التمويل الدولي وتعاظم نشاطها بالإنتشار الواسع لفروع البنوك التجارية الكبرى في مختلف بقاع العالم. وكذلك ظهور سوق السندات الدولية كأداة تمويل طويل الأجل تصدرها الشركات والحكومات في أنحاء العالم.
من هنا يمكن طرح الإشكالية التالية: -ما المقصود بالسوق الدولية؟. والتي تتفرع عنها مجموعة من التساؤلات هي: 1- كيف تتم تجزئة أسواق المال الدولية ؟. 2- ماهي مصادر الأموا ل داخلها ؟. 3- ما المقصود بسوق السندات الدولية ؟. هذه التساؤلات يمكن الإجابة عليها من خلال تقسيم البحث إلى: المبحث الأول: ونتعرض فيه لتعريف السوق الدولية وتجزئتها. المبحث الثاني: ويتناول سوق الأورودولار من حيث النشأة والمصادر والآثار المترتبة عليه. المبحث الثالث: من خلاله التعرض لماهية سوق السندات الدولية من حيث النشأة والتصنيف وإصدار وتداول السندات. المبحث الأول: ماهية السوق الدولية المطلب الأول: تعريف أسواق المال الدولية ينصرف المعنى الواسع لسوق المال الدولي إلى أنه مجموعة المؤسسات المالية التي تتولى دور الوساطة المالية بين طالبي الأموال وعارضيها على مستوى العالم أجمع ومن أهم المؤسسات التي يتألف منها هذا السوق:(1) 1- البنوك التجارية و المتخصصة. 2- شركات التأمين وشركات الأموال. 3- صناديق التمويل والإدخار. 4- مؤسسات أخرى. وتقوم هذه المؤسسات بالمعاملات المالية التي تجري بين الدول مستخدمة في ذلك العديد من الأوعية المالية نذكر منها: 1- النقود القانونية. 2- الحسابات الجارية للبنوك. 3- شهادات الودائع المصرفية. 4- الأوراق التجارية مثل الكمبيالة والسند الإذني والشيكات.....إلخ. 5- الأوراق المالية تشمل الأسهم والسندات. 6- أوراق أو أذونات الخزانة. 7- السندات الدولية: وهي سندات تشترك في إصدارها مجموعات التمويل الدولية المشتركة لإقراض المشروعات الكبيرة أو حكومات الدول لتنفيذ المشروعات التحتية التي تتطلب عادة موارد مالية ضخمة |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: اقتصاديات السبت 23 فبراير 2019, 7:59 am | |
| الوعي الاقتصادي
هل سألت نفسك يوماً وأنت تطالع النشرة الأقتصادية اليومية عن ماذا يعني حصول إنخفاض في أسعار سهم شركة معينة او حصول أرتفاع او إنخفاض في سعر صرف عملة معينة تجاه باقي العملات، وماذا يعني ارتفاع او إنخفاض مستوى التضخم او سعر الفائدة، يشكل الوعي جانب مهم ورئيسي من الثقافة، او هو القاعدة التي تستند اليها أي ثقافة وأي كان نوعها ومسارها، فالوعي هو مدى الالمام بالشيء الذي تحتويه ثقافة معينة، ويشمل ايضاً السلوك التطبيقي لهذه الثقافة، اي ان الوعي هو الممارسة الفعلية لأي نوع من الثقافة، وبالتالي بناء ثقافة معينة، يحتاج في بادىء الأمر الى بناء وعي او تشكيل وعي معين وفقاً لمعايير محددة، تستند الى أهداف وغايات معينة قد يكون أهمها هو رفع مستوى الادراك البشري للفرد من أجل ضمان تحقيق تعامل وسلوك وتفاعل إيجابي مع جميع المتغيرات المحيطة بالفرد، وعليه ومن أجل تحقيق ثقافة إقتصادية رصينة او إيجابية على الأقل، نرى ضرورة البدء في إيجاد او خلق وعي إقتصادي للأفراد.
لماذا الوعي الاقتصادي مهم قد يُثار الى ذهن البعض هو لماذا التركيز على ضرورة وجود وعي إقتصادي لدى أفراد المجتمع؟ وجواباً على ذلك، يكمن في أهمية علم الأقتصاد بالنسبة للفرد والدولة، فجزء كبير من نشاطنا اليومي هو إقتصادي بحت، فعمليات البيع والشراء وإبرام العقود والاتفاقيات والمضاربة والمتاجرة، والحصول على القروض والقيام بالأستثمارات وعمل المشاريع الاقتصادية وأختيار السلع للأستهلاك او ماشابه، كله يحتاج الى معلومات من أجل إنجاز كل هذه الأشياء، وعليه من الضروري ونحن نقوم بعملية بيع او شراء معينة، أن نعلم شيء ما عن مستوى التضخم وسعرف صرف العملة المحلية وهل سيحدث أي تغيير قريب على هذه المستويات، حتى فيما يتعلق بالحصول على القروض او منح القروض، فأنه من الضروري معرفة مقدار الفائدة على هذه القروض وهل هي تصاعدية ام نسبية وكيف يتم حسابها واستقطاعها، مالفرق ما بين الودائع الثابتة والودائع الجارية والودائع الادخارية ..الخ، ومالذي يمكن أن تتركه هذه المتغيرات من أثار عليك وعلى مستوى دخلك الشخصي وإنفاقك واستهلاكك الخاص.
اذ ان كل مايحصل هو مرتبط بالنشاط الاقتصادي وبالتالي بحياتنا وفعالياتنا اليومية، وهذا يعتمد على مدى توفر المعلومات وسهولة الحصول عليها، الا انه في ظل عدم المعرفة بهذه المعلومات والبيانات، فأن وجودها هو من عدمها بالنسبة للمتعامل بها او المتلقي لها، وبالتالي تسعى المجتمعات الى تحديث معلوماتها الخاصة بالاقتصاد أولاً بأول، إدراكاً منها بأهمية هذه المعلومات على نشاطهم الأقتصادي.
كيفية بناء الوعي الاقتصادي تتطلب عملية بناء او تشكيل الوعي الأقتصادي لأفراد المجتمع، هو وجود آلية تواصل او خلق جسر من التواصل بين المؤسسات الاقتصادية والبحثية مع أفراد المجتمع، وذلك عبر مختلف الآليات والطرق الخاصة بذلك، وأهم نقطة في هذا المجال يتم التركيز عليها، هي الشفافية، اي أن تكون المعلومة متاحة للجميع وأن تكون دقيقة وصحيحة، فهذا يساعد على بناء الثقة بين الفرد والدولة في مايتعلق والتعامل مع القرارات المتخذة من قبل الحكومة وأجهزتها الأقتصادية كوزارة المالية والبنك المركزي والمصارف الحكومية والخاصة والأسواق سواء كانت المالية منها او تلك التي تعرض السلع والخدمات المادية، هذا من جانب، ومن جانب أخر فأنه من الضروري التركيز على مسألة دراسة الاقتصاد في مراحل مبكرة من الدراسة، والتأكيد على أهمية الاقتصاد ودوره في الحياة والفرد.
وعلى هذا الأساس لانستغرب ظهور نظرية إقتصادية، تدعى بنظرية التوقعات العقلانية او التوقعات الرشيدة، والتي تقوم فكرتها من على أساس أنه في ظل توفر المعلومات الاقتصادية لأفراد المجتمع، فأن أي قرار تتخذه الجهات المسؤولة لن يولد ردود فعل او نتائج كبيرة بسبب علم أفراد المجتمع بأثار هذه القرار مُسبقاً، وبالتالي سيعدل الأفراد قرارتهم وفقاً لهذا القرار وتبعاته الاقتصادية، والعكس في حال عدم معرفة الأفراد بطبيعة مايجري في الاقتصاد او حركته وحركة المتغيرات الداخلة فيه والمكونه له، اذ ستكون ردود الأفعال والنتائج كبيرة، ومثال على ذلك فرض ضريبة اعلى او تخفيضها او فرض ضريبة جديدة، او رفع أسعار الفائدة على القروض، وبالتالي فأنه من مصلحة الدولة أن تسعى الى خلق وعي إقتصادي إجتماعي لأفراد المجتمع خاصة في حالة الأزمات والتقلبات، كما يجب على الأفراد ان يسعوا الى تحديث وتطوير معلوماتهم ووعيهم الاقتصادي تحسباً لأي طارىء او اي تغير ممكن أن يؤثر على قرارتهم المستقبلية بشأن الأنفاق والاستهلاك والادخار وحتى الاستثمار. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: اقتصاديات السبت 23 فبراير 2019, 7:59 am | |
| نظرية الأموال القابلة للإقراض: وهي بمثابة تجديد للنظرية التقليدية من حيث العوامل التي تدخل في تحديد مستوى سعر الفائدة فالتقليديون النقود هي وسيلة للتبادل وتسارا وراءه حقيقة التبادل العيني بين السلع، ويتحدد سعر الفائدة حسب رأي التقليديين عند نقطة إلتقاء منحنى عرض الادخار ومنحنى الطلب على الادخار ( الاستثمار ) وسعر الفائدة له علاقة طردية مع الادخار وعكسية مع الاستثمار، إذن بذلك سعر الفائدة هو الأداة الموجهة للإدخار إلى الاستثمار وتحاول نظرية الأموال القابلة للإقراض أن تقدم نظرية لسعر الفائدة ترتبط بالسوق الائتمانية التي تتعلق بعمليات الاقراض والاقتراض المصرفي، فالطلب على الأموال القابلة للاقراض، يصدر عن المستثمرين الذين يرغبون في تموين نشاطهم الاستثماري والانتاجي، ويرتبط هذا الطلب مع سعر الفائدة عكسيا، بينما يتوقف عرض الأموال القابلة للاقراض على حجم الادخار الذي يرتبط بسعر الفائدة ارتباطا طرديا. فإذا كان الادخار في الاقتصاد القومي عند مستوى معين، وهذا المستوى يلبي طلبات المستثمرين ورجال الأعمال على الاقتراض، فإن المصرف المركزي يستطيع أن يزيد كمية النقود الورقية عن طريق الاصدار النقدي الجديد ( الاضافي ) ومن ثم زيادة عرض النقود أي كمية الأموال القثابلة للإقراض، ويحدث أن يكون حجم الزيادة في عرض النقود أكبر من كمية الاصدار النقدي وذلك لزيادة اجمالي الودائع لدى المصارف التجارية. وهي المكون الثاني لعرض النقود، وتؤدي هذه الزيادة في الودائع على زيادةى قدرة المصارف التجارية على خلق النقود والتوسع في الائتمان، ومن هذا فإن قيام المصرف المركزي بزيادة الاصدار النقدي، ينجم عنه زيادة الأموال القابلة للاقراض من خلال القدرة على خلق الائتمان، والعمل المضاعف النقدي للمصارف التجارية. ومنه فغنه تصل هذه النظرية إلى أن هناك امكانية لزيادة عرض الأموال القابلة للإقراض، دون ان يقابل هذه الزيادة زيادة مماثلة في حجم الادخار، كما تؤكد على أن العلاقة بين عرض الاموال القابلة للإقراض ( الادخار ) وسعر الفائدة هي علاقة طردية، حتى في حالة سعر الفائدة منخفضا جدا ففي هذه الحالبة سوف يتحول الادخار إلى نوع من الإكتناز. لإنعدام الرغبة في ايداعها لدى المصارف، سبب الانخفاض الشديد في سعر الفائدة وبذلك تبقى هذه الأموال خارج تداول الجهاز المصرفي. إذن فنظرية الأموال القابلة للاقراض تأخذ بمتتغيرين أساسيين جديدين عن نظرية كمية النقود وهما الاصدار النقدي الجديد والمتغير الثاني هو الاكتناز، بينما نظرية كمية النقود لم تأخذ بهذين المتغيرين بالرغم من التشابه في النظريتين في المباديء حيث تعد هذه النظرية امتداد للنظرية النقدية التقليدية. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: اقتصاديات السبت 23 فبراير 2019, 7:59 am | |
| العائلة وعلم الاقتصاد
يمكن توضيح علاقة العائلة بعلم الاقتصاد من خلال الوقوف على الجوانب التالية:
1- لماذا يهتم الاقتصاديون بالعائلة؟
2- ما الظواهر التي يركز عليها الاقتصاديون عند دراستهم للعائلة.
3- كيف يؤثر تقسيم العمل في العائلة؟
4- كيف ينظر الاقتصاديون للعائلة؟
والآن نود توضيح الجوانب أعلاه على وفق تسلسلها:
1- أولى بعض الباحثين في العلوم الاقتصادية أهمية ملحوظة في الدراسات التي قاموا بها لاسيما التي تتعلق بالنشاط الاقتصادي للعائلة لكونها مؤسسة مهمة تسهم في العملية الاقتصادية بصورة مباشرة سواء في العملية الإنتاجية بكل وجوهها أم بعملية الاستهلاك. لقد ركز علم الاقتصاد على تفسير النشاط الاقتصادي للجماعات والأفراد داخل المجتمع ومدى الإسهامات التي يقومون فيها وتأثيرها في البناء الاقتصادي العام. وكذلك الأشكال الاقتصادية الأخرى الذي يتضمنها هذا البناء كالبنوك والمصارف والأسواق وغيرها من الأنشطة الاقتصادية الأخرى. وبلا شك أنَّ هناك ترابط وثيق بين هذه الأنشطة وخاصة فيما يتعلق بفعالياتها، فقد يكون هناك مجتمع منتج أكثر ما هو مستهلك أو العكس وهذا ما دعا رجال الاقتصاد على الاهتمام بالعائلة لأنَّها تستطيع أنْ تمارس دور مهم في بناء السلوك الاقتصادي للأفراد وتوجيههم وتنشئتهم على وفق خطط ذلك المجتمع وأهدافه.
2- من بين المظاهر التي ركز عليها الاقتصاديون والتي تتعلق بالعائلة بصورة مباشرة هو الدراسات التي قاموا بها حول الحرف وتصنيفها وتأثيرها في الوضع الاقتصادي للعائلة والمجتمع على حد سواء. فقد ترتبط الحرفة التي يزاولها الأب بوضع سوق للعائلة فقديماً كانت فرص العمل للنساء محددة حيث لا تستطيع المرأة من مزاولة جميع الأعمال والوظائف التي يمارسها الرجل. هذا الوضع كان له تأثير واضح على اقتصاد المجتمع من حيث حجب جزء من القوى العاملة القادرة على العمل من الإسهام في النشاط الاقتصادي. بالإضافة إلى ذلك أنَّ حرمان المرأة من مزاولة هذه النشاطات أثر في ميزانية العائلة. ولو أنَّ النظام القرابي في مثل هذه المجتمعات أنجز بعض الوظائف مثل: تأمين المعيشة لأفراد العائلة في حالة تعرضهم إلى البطالة، أو في حالة مواجهة أعضاؤها إلى المرض أو عدم توفر سوق العمل، إلاَّ أنَّ الاقتصاديين لا زالوا ينظرون إلى أفراد العائلة دون تمييز عناصر أساسية يمكن لها أنْ تسهم في النشاط الاقتصادي.
3- لقد مال الاقتصاديون كثيراً إلى دراسة تقسيم العمل الاقتصادي لارتباطه في رفع الإنتاجية وزيادة المهارات الإنتاجية وبالتالي تنشيط الحركة الاقتصادية، وليس بغريب أنَّ هذا المظهر لا يقتصر عن كونه اقتصادي وإنما هو اجتماعي يمتد إلى العائلة ويؤثر في وضعها ومكانتها وحياتها. فقد يخلق تقسيم العمل أوضاعاً متوترة وترتيبات اجتماعية كالتعاون والتبادل وهذه بدورها تنعكس على العائلة من حيث أنَّ العلاقة الوثيقة بين مناخ العمل ومحيط العائلة فقد تنتقل المشكلات التي يواجهها الفرد في العمل إلى البيت فينعكس على بنية العائلة.
4- يعدّ الاقتصاديون العائلة وحدة اقتصادية لها دور كبير في تنشيط اقتصاد المجتمع. فقديماً كانت العائلة وحدة استهلاكية وإنتاجية في الوقت نفسه، أي تقوم بكل وجوه النشاط الاقتصادي فيعمل جميع أفرادها في العملية الإنتاجية. إلاَّ أنَّ بعد التغيرات التي حدثت بعد الثورة الصناعية حيث تعرضت العائلة إلى تغيرات أخرى وتحولت إلى وحدة استهلاكية. وأما من حيث إسهامها في العملية الاقتصادية فهو يتعلق بوضع السوق وعملية العرض والطلب على القوى العاملة إلى حد كبير، إضافة على أنَّ القوانين والتشريعات الجديدة حرمت بعض أعضائها من مزاولة النشاط الاقتصادي مثل: الأطفال والأحداث.
فالاقتصاديون ويحللون ويضعون عملية تجهيز الأفراد والجماعات بالبضائع والحاجات، والكيفية التي توزع بها هذه البضائع بصورة ملائمة للسوق، وكذلك الطرائق التي توزع فيها. كما يهتمون أيضاً بالأسباب التي تجعل الناس يقبلون على بضائع دون أخرى وكل هذه الأمور لها مساس بالعائلة لأنَّها المسؤولة عن توجيه الأبناء وإحاطتهم بالمسائل والأمور الاقتصادية لذلك المجتمع، ومن هنا يتضح لنا اهتمام رجال الاقتصاد بالعائلة. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: اقتصاديات السبت 23 فبراير 2019, 8:01 am | |
| الوعي الاقتصادي للأسرة كلما تقدمت ثقافة الأسرة المرتبطة بحياتها وحاجاتها ساهم ذلك في تنمية وعيها في كافة المجالات الحياتية، وهناك أنواع عديدة من الوعي، يأتي في مقدمتها وعي الزوجين بحقوق وواجبات كل منهما تجاه الآخر، ثم وعي الأسرة التربوي، والوعي الأمني ويأتي ضمنه ثقافة المحافظة على الامن والسلامة والصحة لأفرادها، والوعي الاقتصادي الذي يشكل أهمية قصوى لحياة كريمة للاسرة. فكلما ارتقى هذا الوعي كانت الأسرة أكبر قدرة على التصرف المالي المتوازن بين الاستهلاك والاستثمار لأموالها، مهما بلغت مداخيلها قلة أو كثرة، ولقد صدق القول المأثور: (التدبير نصف المعيشة) كما جاء المثل الشعبي (مد رجليك على قدر لحافك) ليعلم أفراد الأسرة سياسة مالية متوازنة للاستفادة القصوى من مداخيلها الاقتصادية، ولينمي وعيها ويعزز الفكر الاقتصادي لدى أفرادها. ومن المعلوم أن الأسرة كيان اجتماعي تتفاعل فيه عناصر بشرية تربطها علاقات شرعية ونفسية واجتماعية وانسانية، وهي في نفس الوقت مؤسسة اقتصادية، لها مدخلاتها كأي تنظيم داخل المجتمع، وتتمثل مدخلاتها في : أهداف الأسرة وقيمها الثقافية ومفاهيمها الحضارية والاجتماعية، وسياستها الاقتصادية، والمداخيل المالية المتاحة من خلال العمل الوظيفي، والعمل التجاري، أو الاشتغال بالمهن الحرة كالزراعة والصناعة والحرف الأخرى. وكلما ارتقى وعي الأسرة وتقدمت ثقافتها الاقتصادية، تحققت الاتجاهات الاستهلاكية الإيجابية والواعية لدى افرادها، بدءا بالزوج والزوجة وهما ركنا الأسرة وقيادتها العليا ثم اولادهما حيث يلعب النموذج المتمثل في الأب والأم دورا مؤثرا في ثقافتهم.. فإذا كانت الاتجاهات الاستهلاكية عند الوالدين متوازنة ومعتدلة بين الاستهلاك والاستثمار بما يتناسب مع مداخيل الأسرة المالية، فإن الأولاد يقتدون بهما وتنمو في نفوسهم اتجاهات استهلاكية معتدلة، مما يجنب الأسرة مخاطر اجتماعية واقتصادية، ومنها الديون المالية والضغوط الاقتصادية التي تؤدي إلى توتر العلاقات النفسية والعاطفية بين الزوجين، وتؤثر سلبا على رعاية أولادهما، وعلى متطلبات معيشتهم ومن المؤشرات على الاتجاهات الاستهلاكية الراشدة والإيجابية : * ترشيد استهلاك الماء: بتعويد أفراد الأسرة على طرق المحافظة عليه بالاستخدام الأمثل الذي يحقق الهدف دون إضاعة الماء دون فائدة، فإن كل قطرة ماء تضيع هدرا تعني تبذيرا اقتصاديا وزيادة في الإنفاق المالي وارتفاعا في فاتورة الماء مما يكلف الأسرة تكاليف مالية إضافية لا فائدة منها، ومن شأن ذلك التأثير السلبي على الاقتصاد الوطني الذي هو ملك الجميع. * ترشيد استهلاك الكهرباء: حيث ترتفع قيمة فاتورة الكهرباء كلما بدأت درجة الحرارة في الارتفاع، نظرا للحاجة إلى تشغيل أجهزة التكييف والتبريدِ، ومن المؤشرات على الاتجاهات الاستهلاكية الواعية والإيجابية، الحد من استهلاك الكهرباء، من خلال تعود أفراد الأسرة على إطفاء الأجهزة والمصابيح التي لا حاجة إليها واستخدام الأجهزة التي تخفض الاستهلاك. * ومن المؤشرات على الاتجاهات الاستهلاكية المتوازنة والراشدة،: ترشيد استهلاك الملابس والكماليات وخاصة النسائية، التي تستنزف مبالغ طائلة، دون وعي اللهم إلا نتيجة للمحاكاة والتقليد الأعمى، ودون حاجة ملحة، ولو أن المرأة تأملت ما في خزانة ملابسها لوجدت فيها الكثير من أنواع الملابس التي تفوق ما رأته في السوق، ومن المقترحات في ترشيد استهلاك الملابس: قيام المرأة باضافة لمسات تجميلية على ملابسها القديمة كتطريزها أو تغيير في شكلها أو لونها. كما يحسن أن توازن بين مصروف الملابس وبين دخل الأسرة حتى لا يترتب إخلال بميزانية الأسرة وأضطرارها إلى الاقتراض او التأثير السلبي على أوجه الصرف الأخرى ذات الأهمية القصوى، كالغذاء والدواء والعناية بأفراد الأسرة. * يوصى خبراء الاقتصاد الأسري، بأن يتم تخطيط ميزانية الأسرة على أساس تقسيم مداخيل الأسرة إلى ثلاثة أقسام : 1- المصروفات 2- المدخرات الاحتياطية لمواجهة الطوارئ 3- الاستثمارات وتتأثر هذه المعادلة بظروف الأسرة واحتياجاتها وثقافتها ومستوى دخلها المالي، وإذا أمكن العمل بهذه المعادلة فإنه في صالح الأسرة والمجتمع. * الاستهلاك المتوازن للكماليات : وهذا من المؤشرات الأساسية على الاتجاهات الاستهلاكية العاقلة والراشدة، ذلك لأن الكماليات لا يمكن حصرها ولها سحر خاص يجتذب الناس، ولكن ذوي الفطنة من المستهلكين يستطيعون أن يفكروا في الجدوى من شراء الكماليات حسب مقتضيات الحاجة الضرورية. * ترشيد استخدام الهاتف الثابت والجوال: إن الوعي بأن الهاتف يستخدم للحاجة مؤشر على الاتجاه الاستهلاكي السديد وهو يسهم في جعل المكالمة في حدود زمنية معقولة، لأن كل دقيقة بحسابها، وأن تكرار التحية والسؤال عن الصحة وأخبار الاخرين, وقضاء الوقت في أحاديث هامشية، هو استخدام سلبي للهاتف وإنفاق مالي في غير محله، فضلا عن السواليف التي لا جدوى منها. قال تعالى وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) وقال: (إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين) والإنسان مسؤول عن ماله فيما أنفقه ومن أين حصل عليه |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: اقتصاديات السبت 23 فبراير 2019, 8:03 am | |
| رمضان وتأثيره على الاقتصاد
دخل الفرد وطريقة معيشته ينعكس بشكل إيجابي أو سلبي على الإقتصاد، فعند مراقبة الوضع الراهن خلال شهر رمضان المبارك وصيام الناس فيه في شتى أنحاء العالم، نلحظ أن معدل الصرف والانفاق يبدأ قبل حلول الشهر وأن طريقة الصرف لدى الكثير تختلف عن ما كانت عليه في الأشهر السابقه، فالاموال التي تذهب في شراء المواد الغذائية و السلع الأخرى يصبح لها تأثير مباشر على الاقتصاد. فشراء هذه المنتجات جعلت التجار يبيعون المزيد من المنتجات التي لم تكن تباع بكميات عالية قبل شهر رمضان، فذلك حتما يجلب الكثير من السروروالإثارة خصوصا للتجار الذين يجنون أرباحا طائلة طيلة شهر رمضان. فعلى سبيل المثال، يقوم المستهلكون بشراء كميات كبيرة من السلع الأساسية مثل الفواكه والخضروات والأرز والمشروبات والحليب ومشتقاته، حيث يقوم المسلمون في هذا الشهر بملئ منازلهم من هذه الأطعمة واللوازم الغذائية بغرض الاستمتاع بأشهى المأكولات منذ بداية الشهر حتى نهايته. كما أن لشهر الخير أثر إيجابي آخر على الإقتصاد وهو من خلال صناعة الدعاية والإعلان، فمزيد من الأموال يتم جنيها من خلال الإعلانات التجارية للعديد من الشركات والمنظمات التي تقوم بالاستفادة من فضل شهر الصيام لعرض منتجتاتها وخدماتها على مدار الساعة، إن ذلك ليس بالجديد لرؤية كل وسائل الإعلام للإستفادة من الفرص الاقتصادية في هذا الشهر من خلال برامج الصيام المتنوعة، وأصبح أيضا من السائد أن نرى محطات التلفزيون أو الراديو الرئيسية التي لا يتخللها عادة برامج دينية أن تسلط الضوء خلال هذا الشهر على جمال الإسلام ومواضيع دينية مختلفة. الفكرة من وراء العمل والتجارة هو الربح في الأساس، وشهر رمضان يحمل معه هذه الميزة، فإنه من البديهي أن يقوم التاجر باستغلال هذه الفرصه من أجل هذا الغرض، فأسعار البضائع تلحظ ارتفاعا عن ما كانت عليه قبل هذا الشهر، وحتما لن يكون المستهلك مسرورا بذلك ولكن يعد ذلك ايجابيا للبائع. وتجدر الإشارة إلى أن الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم تساهم كذلك في تحقيق عائدات عالية جدا وينعكس أثرها على الاقتصاد، فالمنتجات الذي يتم شراؤها من قبل المسلمين في شهر رمضان هي إلى حد كبير من هذا القطاع. ولذلك، مع زيادة الشراء وزيادة الطلب على العديد من المنتجات، ترتفع الأموال التي تذهب للاقتصاد ويستفيد منها المنشئات الصغيره والمتوسطه. لن أبالغ بالقول بأن التجار تنتابهم سعادة كبيرة مع قدوم شهر رمضان ويتطلعون بكل شغف لزيادة المبيعات فيه، فمع استثمار هذا الشهر الكريم بالإكثار من الطاعات والصالحات، يقوم أشخاص آخرون ببيع مختلف السلع والخدمات للإستفادة من القيمة النقدية، فالمواسم تأتي بالفرص الإقتصادية خصوصا أن نمط الإستهلاك يزداد في كثير من المواسم، والمؤسسات والأفراد الناجحين من يقومون باستثمار المواسم بنجاح |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: اقتصاديات الخميس 14 مارس 2019, 11:20 am | |
| الاقتصاد العالمي يدخل "الإنعاش".. والقادم "أسوأ"
خيم التشاؤم على التوقعات الخاصة بمستقبل الاقتصاد العالمي بعد ظهور الأرقام المتعلقة بحجم التجارة الصينية وتقرير الوظائف الأميركية، الجمعة، حسب ما ذكرت صحيفة "تلغراف" البريطانية.
وأظهر تقرير الوظائف الأميركية أن عدد من التحقوا بسوق العمل في شهر فبراير الماضي لم يتجاوز 20 ألف شخص، مقارنة بحجم التوقعات البالغ حوالي 160 ألف وظيفة.
ويأتي الانخفاض الحاد في الوظائف بفبراير في أعقاب انخفاض كبير بحركة الشحنات الصينية إلى الولايات المتحدة، التي وصفت بأنها "ركود تجاري".
وبلغت نسبة التراجع في الشحنات حوالي 20.7 في المئة، وهي نسبة تفوق التوقعات المقدرة بنحو 5 في المئة بحوالي 5 مرات.
وقد كانت مؤشرات التحول السلبي الحاد في النمو الأميركي قوية للغاية إلى حد أن بعض خبراء الاقتصاد يعتقدون الآن أن الخطوة التالية للاحتياطي الفيدرالي ستكون خفض أسعار الفائدة بدلا من رفعها، وذلك على الرغم من أن النمو السنوي للأجور، الذي يعد المحرك الرئيسي للتضخم، وصل إلى أعلى مستوى له منذ عام 2009.
وكشفت الأرقام الصينية عن التكلفة الباهظة للحرب التجارية بين الولايات المتحدة وثاني أكبر اقتصاد عالمي، حيث تعد الولايات المتحدة سوق التصدير الأكثر أهمية للصين، غير أن التوترات المتزايدة وحرب التعريفات الجمركية بمليارات الدولارات أثرت بشدة على حجم التجارة بين البلدين.
وقد أثر تأجيل محادثات التجارة الحاسمة بين بكين وواشنطن، التي تهدف إلى إنهاء الحرب التجارية، بشدة على الأسواق والتفاؤل بالأعمال.
ففي لندن هبط مؤشر فاينانشيال تايمز 100 بنسبة 0.75 في المئة، مع انخفاض مؤشر 500 في نيويورك بمقدار مماثل وقت الظهيرة، أما في أسواق الصرف، فقد انخفض الجنيه الإسترليني 1 في المئة مقابل اليورو، وعاد إلى مستوى 1.30 دولار.
وبدأ البنك المركزي الأوروبي، الخميس الماضي، بدق ناقوس الخطر بشأن زيادة المخاطر على النمو العالمي.
فقد خفضت المؤسسة، التي تتخذ من فرانكفورت مقرا لها، توقعاتها الاقتصادية بالنسبة إلى منطقة اليورو من 1.7 في المئة إلى زيادة بنسبة 1.1 في المئة في الناتج المحلي الإجمالي لهذا العام، وتم الاستشهاد بتباطؤ الاقتصاد الصيني كدافع رئيسي لخفض التصنيف الائتماني.
وقال محافظ البنك المركزي الأوروبي، ماريو دراغي، إن الكتلة كانت تشعر بقوة تباطؤ حجم التجارة العالمية، مضيفا أنه كانت هناك مخاطر في البناء في الأسواق الناشئة و"تباطؤ محتمل في الولايات المتحدة"، ناهيك عن أن محادثات التجارة المتقلبة أسفرت عن "ثقة أقل"، وفقا لدراغي.
وتعتمد الآمال بتعزيز النمو الاقتصادي العالمي ومنحه دفعة الآن على حزمة من إجراءات التحفيز من بكين، بما في ذلك سياسة نقدية أكثر مرونة.
ومع ذلك، لطالما حذر خبراء الاقتصادي من أن أي عملية حقن أموال أو طرح أدوات نقدية جديدة للتداول في الصين لن تكون بالحجم نفسه الذي شهدناه خلال فترات الركود السابقة في العقد الماضي.
وقال الموظف في بنك "إيه إن زد"، رايموند يونغ، إن الأرقام التجارية "تعزز وجهة نظرنا بأن الركود التجاري الصيني بدأ في الظهور"، مشيرا إلى أن "الأمل في حدوث انتعاش على المدى القريب يظل ضئيلا".
ويحذر الخبير الاقتصادي من أنه حتى لو وضعت الحرب التجارية بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم أوزارها، فإن هذا لن يكون كافيا لتعزيز النمو بشكل مفيد، ذلك أن أي تراجع واسع النطاق في الاقتصاد العالمي سيكون مقابل أي زيادة محتملة في التجارة تنشأ عن إزالة التعريفات المفروضة على البضائع بين الصين والولايات المتحدة.
من جانبه، قال جوليان إيفانز-بريتشارد من مؤسسة "كابيتال إيكونوميكس" إن الأرقام "التعيسة" دعمت أدلة أخرى على تراجع الطلب العالمي، كما أشارت إلى نشاط اقتصادي محلي منخفض.
وأضاف أن التراجع في التعريفات الجمركية بالولايات المتحدة من شأنه أن يوفر دفعة معتدلة للصادرات ولكن "ليس بما يكفي لتعويض الرياح المعاكسة الخارجية الأوسع".
ويلاحظ أنه كانت هناك سلسلة من البيانات السلبية من الصين في الأشهر الأخيرة، الأمر الذي يشير إلى أن المصانع كانت تواجه تراجعا في الطلب.
وأوضحت فريا بيميش، من مؤسسة بانثيون للاقتصاد الكلي أن مؤشرات مديري المشتريات "تشير إلى حدوث تراجع حاد في الصادرات وقد يكون الأمر كذلك بالفعل |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: اقتصاديات الإثنين 18 مارس 2019, 9:31 am | |
| مجلة أمريكية.. واشنطن غارقة في الديون حتى الأذنين وعلى حافة الإفلاس لإسرافها
اعتبرت مجلة CounterPunch الأمريكية أن الولايات المتحدة أخذت تغرق أكثر فأكثر في مستنقع الديون، بسبب المجمع الصناعي العسكري الأمريكي، وفساد الحكومة وتدني كفاءة المسؤولين.
وأشارت المجلة، إلى أن الإنفاق المتزايد باستمرار على الجيش الأمريكي، يتسبب بانزلاق الولايات المتحدة نحو الإفلاس، فيما الحكومة والمسؤولون يخدعون السكان باستمرار، ويطالبون بمزيد من التمويل للاحتياجات العسكرية.
وساقت المجلة نتائج دراسة أعدتها منظمة Open the Government وخلصت إلى أن الجيش الأمريكي ينفق مبالغ طائلة على المشتريات غير العسكرية.
فعلى سبيل المثال، تم شراء كرسي واحد بقيمة 9241 دولارا، وطقم صحون للطعام من الخزف بقيمة 53000 دولار، ومشروبات كحولية بقيمة 308 آلاف دولار، وبعض المأكولات البحرية بقيمة 4.6 مليون دولار.
وأشارت المجلة إلى أن الحكومة الأمريكية تنفق أكثر بكثير مما تحصّله من الجبايات الضريبية، ولذلك تضطر للاقتراض بشكل كبير من الدول الأخرى، ويتم إنفاق هذه الأموال الطائلة على المؤسسات الحكومية الكثيرة وعلى الحروب المستمرة التي تخوضها الولايات المتحدة في العالم، فيما التعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية، في تراجع مستمر.
وأضافت المجلة: "في النهاية، تموت الإمبراطوريات العسكرية حتما، لأنها تتوسع وتمتد أكثر من اللازم وتسرف في الإنفاق حتى الفلس الأخير. لقد حدث ذلك مع روما والآن هذا يحدث مرة أخرى مع الإمبراطورية الأمريكية التي بدأت تنهار بالفعل ونحن نقترب من وضع حرج".
وأضافت المجلة، أن الولايات المتحدة أنفقت منذ 2011 على الحروب في الخارج 4.7 تريليون دولار وأكدت أن ديون البلاد تزداد بنحو 32 مليون دولار في الساعة وتنفق الحكومة في العراق خلال كل 5 ثوان أكثر مما يحصل عليه المواطن الأمريكي المتوسط في السنة.
وخلصت المجلة إلى أن واشنطن لم تتمكن رغم كل ذلك من جعل العالم أكثر أمنا، فخلال كل 12 دقيقة يلقي الجيش الأمريكي قنبلة على نقطة ما في العالم، واعتبارا من 2001 قتل في العالم أكثر من 500 ألف شخص بسبب ممارسات الولايات المتحدة. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: اقتصاديات الجمعة 05 أبريل 2019, 5:21 pm | |
| إحتياطيات روسيا الأجنبية تقترب من نصف تريليون دولار 05/04/2019
أمد / موسكو: أظهرت بيانات البنك المركزي الروسي، أن احتياطيات البلاد الأجنبية صعدت خلال الأسبوع المنتهي في 29 مارس بمقدار 2.4 مليار دولار، إلى 489.5 مليار دولار.
وقال المركزي، إن احتياطيات روسيا خلال الأسبوع المذكور نمت بنسبة 0.5% مقارنة بالأسبوع الذي قبله، وأضاف أن الزيادة تمت بعد طرح سندات، إضافة لقيام البنك بشراء عملات أجنبية من السوق المحلية.
واحتياطيات روسيا الدولية عبارة عن أصول أجنبية عالية السيولة موجودة لدى المصرف المركزي والحكومة الروسية، وتتألف من الذهب، والنقد الأجنبي، وحقوق السحب الخاصة، والاحتياطي في صندوق النقد الدولي. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: اقتصاديات الجمعة 05 أبريل 2019, 5:21 pm | |
| إحتياطيات روسيا الأجنبية تقترب من نصف تريليون دولار 05/04/2019
أمد / موسكو: أظهرت بيانات البنك المركزي الروسي، أن احتياطيات البلاد الأجنبية صعدت خلال الأسبوع المنتهي في 29 مارس بمقدار 2.4 مليار دولار، إلى 489.5 مليار دولار.
وقال المركزي، إن احتياطيات روسيا خلال الأسبوع المذكور نمت بنسبة 0.5% مقارنة بالأسبوع الذي قبله، وأضاف أن الزيادة تمت بعد طرح سندات، إضافة لقيام البنك بشراء عملات أجنبية من السوق المحلية.
واحتياطيات روسيا الدولية عبارة عن أصول أجنبية عالية السيولة موجودة لدى المصرف المركزي والحكومة الروسية، وتتألف من الذهب، والنقد الأجنبي، وحقوق السحب الخاصة، والاحتياطي في صندوق النقد الدولي. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: اقتصاديات السبت 15 يونيو 2019, 6:44 pm | |
| الاقتصاد الأمريكي.. بداية القلق
مات أوبريان*
للمرة الأولى منذ وقت طويل يبدو أن التعافي الاقتصادي في الولايات المتحدة قد يبدأ في التباطؤ بعض الشيء. وعلى أي حال، أينما نظرنا مؤخراً، نجد أخباراً مؤسفة، مثل حقيقة أن الاقتصاد لم يُضف سوى 75 ألف وظيفة في مايو الماضي، دون توقعات الخبراء بإضافة 180 ألفاً، كما أنه بعد إجراء مراجعات حديثة، اتضح أنه أضاف وظائف أقل بمعدل 75 ألف وظيفة في كل من مارس وأبريل. وعلاوة على ذلك، لم تتحسن حصة الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و54 عاماً، أي من ينبغي أن يكونوا في ذروة سنوات عملهم، في سوق العمل خلال الشهر الماضي أيضاً، كما هي الحال خلال الأشهر السبعة السابقة. وفوق كل ذلك، تباطأ نمو الأجور مقارنة ببداية العام. ويشي ذلك كله بأنه إذا كان هناك قدر من التعافي الاقتصادي، الذي ظهر أثره بوتيرة ثابتة أثناء التراجعات المالية وأزمات الديون الأوروبية وتراجع النمو الصيني، فلربما لن يمضي وقت طويل حتى يتغير مساره. أو على الأقل هكذا تخبرنا الأرقام. وقد كان من الممكن أن نتسامح مع ذلك على الأقل، لو أن نمو الوظائف تباطأ في وقت ترتفع فيه الأجور. وهذا ما كنا سنتوقع حدوثه عندما يجد معظم من يرغب في وظيفة عملاً، لاسيما عندما يكون معدل البطالة عند أدنى مستوياته في نحو 50 عاماً. لكن على رغم من ذلك ليس هذا ما نراه. وإنما نجد أن هناك نمواً ضعيفاً في الوظائف بالتزامن مع نمو ضعيف للأجور. بيد أن ذلك لا يعني أن الركود وشيك أو ربما حتمي، وإنما يشي ذلك بأمرين مهمين: الأول: أن التعافي يحتاج إلى مزيد من المساعدة في الوقت الراهن، والثاني: أن معدلات البطالة يمكن أن تنخفض بدرجة أكبر إذا قدمنا الدعم اللازم. لكن لا ينبغي أن يكون أي من ذلك مفاجئاً؛ فمن المهم أن ندرك أن هناك تقريران للوظائف يصدران كل شهر، أحدهما مرتبط بعدد الوظائف التي أضافتها الشركات أو قلّصتها، والآخر مرتبط بعدد من يعملون داخل كل أسرة. لكننا نستخدم التقرير الأول لحساب عدد الوظائف الرسمي، لأنه على رغم من أن كلا التقريرين مربكان بدرجة ما، فإن التقرير الثاني أكثر تشويشاً بسبب أعداد المراهقين الذين يوشكون على الالتحاق بسوق العمل. بيد أنه ينبغي أن يبدو كلا التقريرين متقاربين إذا ما تمت مراجعتهما على فترات طويلة كافية من الوقت، لاسيما أنهما يقيسان الأمر عينه. وعادة ما يكون ذلك التقارب موجوداً، لكن لم يعد كذلك منذ بعض الوقت. فالتقرير الخاص بالشركات يظهر أن نمو الوظائف تراجع من 230 ألف وظيفة شهرياً خلال العام الماضي إلى نحو 175 ألف وظيفة في الوقت الراهن، بينما يظهر تقرير الأسر مزيداً من الانخفاض إلى 75 ألف وظيفة فقط شهرياً، بل ويوضح أن الاقتصاد الأميركي لم يُضف سوى 64 ألف وظيفة إجمالاً خلال الأشهر الأربعة الأخيرة. والحقيقة أن الأمور ليست سيئة مثلما يشير تقرير الوظائف المرتبط بالأسر، وبالأحرى ليست جيدة مثلما يشي تقرير الشركات. وكما هي الحال دائماً، تكمن الحقيقة في المنتصف. ولهذا السبب كان ينبغي أن نتوقع انحسار توقعات أرقام تقرير الوظائف الخاص بالشركات مقارنة بما هي عليه في الوقت الراهن. ومن جانبهم، فعل المستثمرون في السندات ذلك. فبدفعهم تكاليف القروض طويلة الأجل إلى الانخفاض مقارنة بتكاليف القروض قصيرة الأجل، كانوا يشيرون إلى أنهم يعتقدون أن البنك المركزي الأميركي سيقلص قريباً أسعار الفائدة لمواجهة ما يخشون أن يكون تراجعاً اقتصادياً وشيكاً. وجزء من ذلك ناجم عن حرب ترامب التجارية، لكن البقية نتيجة لشعور بأنه بينما لا تزال أسعار الفائدة الحالية منخفضة بالمعايير التاريخية، فربما ينبغي ألا تكون كذلك بالمعايير الراهنة. |
|
| |
| اقتصاديات | |
|