كيف تبنى مواقف الدول؟
باقر العراقي
ماذا لو عادت إيران شرطيا للخليج، بعد حصار امريكا؟
العقوبات الاقتصادية الأخيرة على إيران ارعبت العالم وهيجت الرأي العام على المستوى الرسمي والشعبي، وقسمت الشعوب والدول بين مؤيد شامت ومعارض متشدد.
تاريخ العقوبات الأمريكية بدأت مع انطلاق ثورة الإمام الخميني عام ١٩٧٩، إذ استبدل شاه إيران "شرطي الخليج وحامي مصالح الولايات المتحدة في المنطقة بنظام جديد" اول اعماله أنزال علم إسرائيل وإبداله بعلم فلسطين، لتكون سفارتها في طهران.
بدأت العقوبات بمنع الاستيراد والتصدير في عهد كارتر-ريكان، ومنع الاستثمار وتقليص التجارة ومنع الشركات من التعامل مع ايران، ثم تحولت إلى العقوبات المالية، وعدم التعامل مع مصارف "بنك صادرات" و"ملة ايران" ومصرف "سباه" الاهلي، وساندت هذا الحصار الأمم المتحدة في خضم حرب تموز، كردة فعل فضحت النظام العالمي الأحادي الجديد، وأصدرت القرار ١٦٩٦ في ٦ أب ٢٠٠٦ وتبعتها بقرارات وصلت إلى حد تجميد الأصول الإيرانية والعقوبات المالية المباشرة على الافراد ومنع التكنولوجيا، وزامنها إغتيال علماء نوويين إيرانيين.
السؤال المطروح هنا لماذا هذه العقوبات الاقتصادية؟ والجواب يأتينا من مواقف الصين وتركيا والاتحاد الأوروبي وكندا وكل دولة لها وجود فعلي وليست ذيل لأحد، كما هو حاصل للدول العربية، هذه الدول رفضت الانصياع للتعرفة الجمركية الامريكية على البضائع، وقاومت الدولار بعقل اقتصادي جديد.
الدولار هو العملة العالمية التي تسيدت بعد الحرب العالمية الثانية وحورت "قاعدة الذهب"، ليصبح التعامل اما بالذهب أو بالدولار، حسب خطة نظام "برايتون وودز" والتي أسست النظام المالي العالمي الجديد، وصندوق النقد الدولي الذي بدوره أقرض الأصدقاء وأستبعد الاعداء وأستغفل الاغبياء.
وكما يقال لو عرف السبب بطل العجب، كل هذه العقوبات لأن إيران عدوة ولم ترضخ لهذا النظام، واسست نظام مقاوم لها في المنطقة، اذل اسرائيل للمرة الاولى في تاريخها في حرب تموز ٢٠٠٦.
النظام السياسي والاقتصادي الجديد الذي يقوده ترامب حاليا، كشر عن أنيابه واخاف الجميع، لكن دول مثل الصين وروسيا لم توقف تعاملها مع إيران تبعا لمصالحها، بينما أشباه الدول صفقت وهللت ورحبت بالحصار الجديد على ايران، مع علمها انها قد تتأثر سلبا بهذا الحصار.
اذن ماذا سيكون مصير هؤلاء المؤيدين، لو ان إيران صافحت أمريكا، وباعت قضية فلسطين وتخلت عن حزب الله وسوريا واليمن، واصبحت شرطي الخليج من جديد؟
وماذا سيكون مصير هؤلاء لو ان إيران قاومت هذا الحصار بثرواتها المادية والبشرية، وبمساندة التنين الصيني والدب الروسي وأنتصرت من جديد؟
اذن علينا أو بالأحرى على سياسيينا ان يعوا حقيقة واحدة ويتداركوها بجدية، هي ان مواقف الدول تبنى على اساس "مصالحها" وليس مصالح الاخرين، فهل نحن معتبرون؟
أضاعوا عروبتهم فداهمهم الهوان!!
د. صادق السامرائي
صادق السامرائيالعرب بعروبتهم مثلما اليابانيون بيابانيتهم، والصينيون بصينيتهم، والهنود بهنديتهم، والأتراك بتركيتهم واللإيرانيون بإيرانيتهم، والألمان بألمانيتهم والفرنسيون بفرنسيتهم والأمريكان بأمريكيتهم، وهكذا الأمم والشعوب على مر العصور والأزمان.
وفي زمن تتأكد فيه هوية الأمم وتتبرعم وتورق وتتنامى، يخلع العرب جوهر وجودهم ويقطعون أغصانهم، ويجرقون جذوع كينونتهم ويحاربون جذور ذاتهم، ويعوّقون مسارات نسغهم الذي يمنحهم الحياة والقوة والقدرة على التواصل والبقاء.
العروبة التي أهدرها العرب فأصبحوا بلا ملامح مميزة أو علامات فارقة تشير إليهم وتعزز قيمتهم ودورهم في الحياة، التي يمضون في دروبها بإنكسارات متلاحقة ونكسات عاصفة لا ترحمهم، ولا تساهم في تنمية قدراتهم وبناء حاضرهم ومستقبلهم.
العرب بلا عروبة، ولهذا فهم بلا إرادة ولا قابلية على التحدي والمواجهة والصمود والتفاعل الإيجابي مع بعضهم، وبغياب العروبة إفترستهم وحوش الفئويات والمذهبيات والطائفيات والتحزيبات والسلوكيات المناقضة للقوة والنماء والبناء.
العرب الذين أضاعوا عروبتهم في متاهات التلاحي والتصارعات ودخان الحروب والهدر المروع للثروات، تجدهم اليوم يتخبطون في عالم يتحد الأقوياء فيه ضدهم، وتتكاتف الوحوش السابغة لتصول عليهم وتتقاسم أشلاءهم وتأكلهم على موائد النصر الكبير.
العرب بلا عروبة فتحوّلوا إلى مجاميع تقاتل بعضها وتحقق أهداف ومصالح الطامع بالعرب، والمستنزف لثرواتهم والمدمر لمصيرهم والسارق لأحلامهم والوائد لتطلعاتهم.
العرب إن لم يعودوا إلى عروبتهم فأنهم سيحفرون خنادق إندثارهم، وسيتساقطون في جحيمات سقر المعدة لهم.
فهل سيعود العرب إلى عروبتهم؟
وهل سيدركون أن العروبة قوة العرب!!