مقال علمى حول الصدق والأمانة
" الصدق و الأمانة" فالصدق فهو أهم القيم الخلقية الدالة على إيمان صاحبها, و ضدها الكذب, الذي يعد خصلة من خصال النفاق –العياذ بالله منه- وقد رغب الإسلام في الصدق و حذر من الكذب حيث قال الله تعالى : "يا أيٌها الٌذين آمنوا اتقوا الله و كونوا مع الصٌادقين" – سورة التوبة , الآية : 119
وعن عبد الله {ابن مسعود} -رضي الله عنه- عن النبي صل الله عليه وسلم قال :" إن الصدق يهدي إلى البر وان البر يهدي إلى الجنة, وان الرجل ليصدق حتى يكون صديقا, و إن الكذب يهدي إلى الفجور, وإن الفجور يهدي إلى النار, وان الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا".
صحيح الإمام البخاري كتاب الأدب باب قول الله تعالى : "يا أٌيها اٌلذين امنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين" م4/ج7(ص124) رقم الحديث( 6094), وصحيح مسلم كتاب البر, باب قبح الكذب و حسن الصدق و فضله, ج4 ,(ص2012) رقم الحديث(2607).
وعن أبي هريرة –رضي الله عنه- عن النبي صل الله عليه وسلم انه قال : "آية المنافق ثلاثة : إذا حدث كذب وإذا وعد خلف..." الحديث صحيح البخاري
المسئولية في الإسلام أمانة وليست مكاسب، والكافر يطلب الإمارة ويطلب الولاية والمنصب ظهوراً وشهرة واستغلالاً، والمؤمن يأخذها بعد أن يضطر إليها اضطراراً، قال سُبحَانَهُ وَتَعَالى: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً [الأحزاب:72]. ونصرهم الله، ورفعوا لا إله إلا الله محمد رسول الله صل الله عليه وسلم في القادسية سلم لسعد بن أبي وقاص ذهب وفضة، واستولى على خزائن كسرى، ولما رآها دمعت عيناه وقال: كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ * فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ [الدخان:25-29].
قال بعض العلماء: الأمانة هي: لا إله إلا الله محمد رسول الله.
وقال آخر: الأمانة هي الإسلام.
وقال ثالث: الأمانة هي رسالة محمد عليه الصلاة والسلام، والصحيح أن الأمانة: كل ما ائتمنك الله عليه من قليل أو كثير، فهو سائلك عنه يوم العرض الأكبر: يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ [الشعراء:88-89] وقال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ (النساء:58)
فالأمانة هنا ما ائتمن الله العبد عليه، وظيفة قلَّت أو جلَّت، كبرت أو صغرت، يؤديها عند الله يوم القيامة، قال بعض السلف: " الفروج ومن تولى عليها في عقود أمانة، والأموال ومن كلف بها أمانة، والولايات أمانة، والرجل في بيته مؤتمن، والمرأة في بيتها مؤتمنة"، وسوف يأتي في ذلك عنصر.
ولذلك تقع المسؤولية بالدرجة الأولى على الأسرة المسلمة أو بالأحرى الوالدين اتجاه أبنائهم فهما مسئولان أمام الله سبحانه و تعالى في بدل الجهد و العمل على ترسيخ صفة الصدق و جميع الخصال الحميدة التي يجب غرسها في كيانهم و سلوكهم لان هذه الصفة سبب لاستقرار الحياة و استقامة السلوك وثبات القيم الأخرى وخلق فيهم شخصيه متزنة صحيحة.
إن التنشئة الاجتماعية داخل الأسرة تتطلب ترويض الأفراد على الصدق في كل قول و فعل مهما صغر أو كبر وعلى الراشدين و الراشدات تقع مسؤولية القدوة في ذلك, لان غالبا ما يقتدي الصغار بالكبار في كل شئ.
فهم أول من تقع عليه عين الرقيب, و ذلك فقد أوصى الإسلام بالصدق و حذر من ضده خاصة مع الأطفال حتى ينشئوا نشأة صالحه , و لو نظرنا إلى أهلنا لوجدنا التساهل من جانبهم معنا, و ذلك بكثرة المخالفات بأعمالهم و أقوالهم و عدم الصدق في مواعيدهم معنا أحيانا................و غيرها من الهفوات, وهكذا نحن بدورنا سنفعله مع أبنائنا في المستقبل.
وفي هذا الجانب بين المصطفى صل الله عليه وسلم, أدنى درجات الكذب مع الأطفال, فقال في الحديث الذي رواه أبوا هريرة –رضي الله عنه- " من قال لصبي تعال هاك ثم لم يعطه شيئا فهي كذبه".
{مسند الإمام أحمد ح2 (ص 452), قال عنه محمد ناصر الدين الألباني: صحيح//سلسلة الأحاديث الصحيحة - المجلد الثاني (ص 385), رقم الحديث : 748-}
ولهذا الحديث شاهد من حديث عبد الله بن عامر –رضي الله عنه- انه قال : " رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتنا و أنا صبي , قال : فذهبت أخرج لألعب . فقالت أمي : يا عبد الله تعال أعطيك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "وما أردت أن تعطيه؟" قالت : أعطيه تمرا. قال: فقال رسول الله صل الله عليه وسلم: " إما إنك لو لم تعطه شيئا كتبت عليك كذبة"مسند الإمام أحمد ج3 (ص 447) وهو شاهد لما قبله//سلسلة الأحاديث الصحيحة.
و ثاني الخصال الامانه فشأنها عظيم جدا, حيث جاءت في كتاب الله متضمنة الدين كله بأوامره ونواهيه{ تفسير ابن كثير ج6 (ص 477) تحقيق ألبنا وعاشور و غنيم}. للأسف كثيرا من الناس غافلون عنها و عن أهمية قيمتها الخلقية و الدينية .
قال تعالى : " إنٌا عرضنا الأمانة على السٌموات و الأرض و الجبال فأبين أن يحملنها و أشفقن منها و حملها الإنسان إنٌه كان ظلوما جهولا" – سورة الأحزاب, الآية :73 –
وقال تعالى : "إنٌ الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها" - سورة النساء , الآية : 58 –
و قوله تعالى : " يا أيٌها الٌذين آمنوا لا تخونوا الله و الرٌسول و تخونوا أماناتكم و أنتم تعلمون" - سورة الأنفال : 27 –
و الصدق من مشتقات الأمانة و متمماتها, حيث جاء الحديث عن الأمانة مقترنا بالصدق في أحاديث رسول الله صل الله عليه وسلم, حيث جعلت من علامات إيمان صاحبها الملتزم بها, و من علامات النفاق لتاركها و المتخلي عنها.
و عن أبي هريرة - رضي الله عنه- عن النبي, صل الله عليه وسلم, قال : " آية المنافق ثلاثة إذا حدث كذب, وإذا وعد أخلف, وإذا أوتمن خان" صحيح البخاري, كتاب الإيمان, باب علامة المنافق ج1, (ص21), رقم الحديث (32).
و عن عبد الله بن عمرو –رضي الله عنه- أن النبي, صل الله عليه وسلم, قال : " أ ربع من كن فيه كان منافقا خالصا, وما كان فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها, إذا اؤتمن خان, و إذا عاهد غدر, و إذا خاصم فجر" نفس المصدر السابق رقم الحديث (33).
ولذلك فان من الواجب علينا أن نروض أنفسنا و إخواننا و الوسط الذي نعيش فيه و حتى أطفالنا على الأمانة, و التحذير من الخيانة و عواقبها, حتى يشمل ذلك حفظ حقوق الناس و ممتلكاتهم, ولو كانت قليله القيمة في نظرنا.
عندما نتذكر الأمانة يتبادر إلى الأذهان كثير من الناس المفهوم الضيق للأمانة هو حفظ الودائع حيث إنهم يظنون أنها تتعلق بالجانب المالي فقط إنما الأمانة أوسع أفقاً وأعمق أثرا مما يتوهمه وأنما للأمانة أمانات وليس أمانة واحدة 0 قال الله تعالى : (يا أيها الذين أمنوا أن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ) وكما قال الرسول الله صل الله عليه وسلم :
" لا إيمان لمن لا أمانة له " بالإضافة إلى أن هناك أربعة صفات واجبة أن يتحلى بها كل الرسل وهي : الصدق والأمانة والصلاة و السلام كان يسمى الرسول الكريم حتى قبل البعثة بالأمين0
ما هي الأمانة؟
تعريف الأمانة : هي حفظ الحقوق وأداء الواجبات التي يؤمن الإنسان عليها ورعايتها والقيام بحقها.
وقد أكد القران الكريم على وجوب القيام بحق الأمانة قال تعالى إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها
أو الأمانة: هي أداء الحقوق، والمحافظة عليها، فالمسلم يعطي كل ذي حق حقه؛ يؤدي حق الله في العبادة، ويحفظ جوارحه عن الحرام، ويرد الودائع... إلخ.
وعلى ذلك للأمانة معنيان :
الأول الصفة الخلقية :هي أن يحافظ الإنسان على ما يؤتمن عليه من دوافع على الوجه المشروع المرضي فلا يتصرف فيها تصرفاً ينقص قيمتها أو يلحق بها الضرر
الثاني : الوديعة التي يودعها الإنسان غيره:
وهذا المعنى الثاني :هو المراد بقوله تعالى: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ) ويقول الرسول صل الله عليه وسلم (* أد الأمانة إلى من أتمنك و لا تخن من خانك *)رواه الترمذي أحمد أبو داوود
هو أن يؤدي هذه الودائع كاملةً إلى أهلها عند طلبها ويدخل في الودائع المؤتمن عليها الأموال والأنفس و الأعراض والأسرار والعلم والقانون والتكاليف الشرعية والواجبات المدنية فإذا إتمنك صديقك على شيء من ماله لتحفظه عندك حتى يعود من سفر مثلاً كان هذا المال أمانة عندك يجب عليك ان تحافظ عليها
وكما قال رسول الله صل الله عليه وسلم عن الأمانة صفات المنافق: (أربع من كن فيه كان منافق خالصاً حتى يدعها إذا أتمن خان وإذا حدث كذب واذا عاهد غدر و إذا خاصم فجر ) وإذا ترك رجل عند أحد أولاده أو أقاربه مثلاً وأوصاه بالمحافظة على حياته ،أمانة لدى من ائتمن عليها و،أمانة لدى من ائتمن عليها 0
وإذا طلب رجل من صديقه أو قريبه أن يحافظ على زوجته أو ابنه في أثناء سفر أو رحلة أو حرب كانت حياتها وعرضها أمنة
وإذا أخبرك احد بسرً من أسراره كان هذا السر أمانة لديك من الواجب عليك كتمانه وعدم إفشائه 0
والعلم أمانة في عنق العالم يجب عليه إن يحافظ عليه ، أن يحافظ عليه ، ويتثبت منه ولا يكتمه ويبلغه الناس سليماً صحياً ، لا زيادة فيه ولا نقص 0
أنواع الأمانة:
الأمانة لها أنواع كثيرة،منها:
الأمانة في العبادة:00
فمن الأمانة أن يلتزم المسلم بالتكاليف، فيؤدي فروض الدين كما ينبغي، ويحافظ على الصلاة والصيام وبر الوالدين، وغير ذلك من الفروض التي يجب علينا أن نؤديها بأمانة لله رب العالمين.
الأمانة في حفظ الجوارح: وعلى المسلم أن يعلم أن الجوارح والأعضاء كلها أمانات، يجب عليه أن يحافظ عليها، ولا يستعملها فيما يغضب الله -سبحانه-؛ فالعين أمانة يجب عليه أن يغضها عن الحرام، والأذن أمانة يجب عليه أن يجنِّبَها سماع الحرام، واليد أمانة
الأمانة في الودائع:
ومن الأمانة حفظ الودائع وأداؤها لأصحابها عندما يطلبونها كما هي، مثلما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم مع المشركين، فقد كانوا يتركون ودائعهم عند الرسول صلى الله عليه وسلم ليحفظها لهم؛ فقد عُرِفَ الرسول صلى الله عليه وسلم بصدقه وأمانته بين أهل مكة، فكانوا يلقبونه قبل البعثة بالصادق الأمين، وحينما هاجر الرسول صل الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، ترك علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- ليعطي المشركين الودائع والأمانات التي تركوها عنده.
الأمانة في العمل:
ومن الأمانة أن يؤدي المرء ما عليه على خير وجه، فالعامل يتقن عمله ويؤديه بإجادة وأمانة، والطالب يؤدي ما عليه من واجبات، ويجتهد في تحصيل علومه ودراسته، ويخفف عن والديه الأعباء، وهكذا يؤدي كل امرئٍ واجبه بجد واجتهاد. قال رسول الله صل الله عليه وسلم :"إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه "
المسئولية أمانة:
كل إنسان مسئول عن شيء يعتبر أمانة في عنقه، سواء أكان حاكمًا أم والدًا أم ابنًا، وسواء أكان رجلا أم امرأة فهو راعٍ ومسئول عن رعيته، قال صل الله عليه وسلم: (ألا كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راعٍ وهو مسئول عن رعيته، والرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسئول عنهم، و المرأة راعية على بيت بعلها (زوجها) وولده وهي مسئولة عنهم، والعبد راع على مال سيده وهو مسئول عنه، ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) (متفق عليه(
الأمانة في الكلام:
ومن الأمانة أن يلتزم المسلم بالكلمة الجادة، فيعرف قدر الكلمة وأهميتها؛ فالكلمة قد تُدخل صاحبها الجنة وتجعله من أهل التقوى، كما قال الله تعالى: {ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء} [إبراهيم: 24].وقد ينطق الإنسان بكلمة الكفر فيصير من أهل النار، وضرب الله -سبحانه- مثلا لهذه الكلمة بالشجرة الخبيثة، فقال: {ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار} [إبراهيم: 26].
وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم أهمية الكلمة وأثرها، فقال: (إن الرجل لَيتَكَلَّمُ بالكلمة من رضوان الله، ما كان يظن أن تبلغ ما بلغتْ، يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله، ما كان يظن أن تبلغ ما بلغتْ، يكتب الله له بها سخطه إلى يوم يلقاه) [مالك]. والمسلم يتخير الكلام الطيب ويتقرب به إلى الله -سبحانه-، قال النبي صل الله عليه وسلم: (ووالكلمة الطيبة صدقة) [مسلم].
الأمانة في حفظ الأسرار:
فالمسلم يحفظ سر أخيه ولا يخونه ولا يفشي أسراره، وقد قال النبي صل الله عليه وسلم: (إذا حدَّث الرجل بالحديث ثم التفت فهي أمانة) [أبو داود والترمذي].7
أمانة النية:
المسلم لا ينوي أن يغِشُّ أحدًا، ولا يغدر به ولا يخونه، وقد مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم على رجل يبيع طعامًا فأدخل يده في صبرة الطعام، فوجده مبلولا، فقال له: (ما هذا يا صاحب الطعام؟). فقال الرجل: أصابته السماء )المطر) يا رسول الله، فقال النبي صل الله عليه وسلم: (أفلا جعلتَه فوق الطعام حتى يراه الناس؟ من غَشَّ فليس منا) [مسلم.
فضل الأمانة: ( إذا ضيعت الأمانة فأنتظر الساعة)
عندما يلتزم الناس بالأمانة يتحقق لهم الخير، ويعمهم الحب، وقد أثنى الله على عباده المؤمنين بحفظهم للأمانة، فقال تعالى: {والذين هم لأمانتهم وعهدهم راعون} [المعارج: 32]. وفي الآخرة يفوز الأمناء برضا ربهم، وبجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين.
فوائد الوفاء
الوفاء في مقدمة الصفات التي يتم بها التعاون بين الناس ,وتصلح أحوالهم ,وتكمل سعادتهم ,فلولاه لتنافرت قلوب الناس,وذهب اطمئنانهم وضعفت ثقة بعضهم ببعض,وأساء كل منهم الظن بغيره ,وفي ذلك فساد للمجتمع ,واضطراب لشؤون الحياة.
الصدق والأمانة في التبليغ
لم يكن من قبيل المصادفة أيضا أن يعرف محمد بن عبد الله قبل البعثة بالصادق الآمين وأن يكون الصدق والأمانة بعد بعثته هما أجل خصائصه النبوية . لأن إرادة الله لاتعرف المصادفة ولا تعرف العشوائية وكل شيء بقدر , ومحال أن يقع فى ملكه مالا يعلمه قبل وقوعه , وسوف يأتي معنى الصدق والأمانة والفروع الأخلاقية المترتبة عليهما في باب الأخلاق إن شاء الله - .
ولا غرو ولا عجب أن تجد رجلا أو أكثر صادقا أو أمينا ، ولكن أن يعرف بهما ويشتهر ويسمى بالصادق الامين ، فهذا هو المعيار الذى نعول عليه ونستند اليه ، خاصة أن العرب لم تكن لتطلق صفة على أحد أو لقبا إلا كان جزءا من شخصيته وبضعة من ذاته ، فما اشتهر حاتم الطائي بالكرم لأنه كان الأوحد الكريم ، فالكـرم أحـدى الصفات العربية الشهيرة ولكن لأنه بالغ فى الكرم الى الحد الذي انفرد به وحده وأصبح الكرم جزء منه لا ينفصل عنه ، فإذا ذكر الكرم ذكر حاتم الطائي ، وكان العرب جميعا عامة والمحاربين خاصة معروفين بالشجاعة والقوة والإقدام ، ولكن أن يعرف بينهم رجل أسمه عمرو بن ود بشدة البأس والشجاعة حتى أنه يدعو المسلمين الى المبارزة فيحجمون جميعا ، فقد انطلق هذا الرجل في وصف الشجاعة إلى الدرجة الأسمى ، فإذا قام إليه على بن أبى طالب رضى الله عنه ثلاث مرات ورسول الله يحذره إشفاقا عليه لصغر سنه ويقول له أنه عمرو بن عبد ود فيهزمه علي ويقتله فقد سما على في الشجاعة سموا أعلى وأجل ، فإذا قال علي رضى الله عنه كنا إذا حمي البأس واحمرت الحدق اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه فقد احتوى صلى الله عليه وسلم الشجاعة جميعا وصارهو الشجاعة كما ينبغى أن تكون لازيادة عليها ولانقصان ، وبهذا المفهوم يكون الحديث عن الصدق والأمانة وهما أهم عاملين وأجل خاصتين لضمان وصول الرسالة الى العالمين ، وكل أمر يمكن معالجته حتى ولو احتسب خطأ فى حق رسول الله صل الله عليه وسلم وعاتبه من أجله ربه , إلا الكذب فى نقل الرسالة أو عدم الأمانة في أدائها . قال تعالى (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) وحتى تصل الرسالة فكانت العصمة من الله المانعة لرسوله من كل شر يحول بينه وبين الرسالة ، ومن هنا وهنا فقط كان عتاب الله الأشد له إلى الحد الذي توعده فيه بالعذاب الاليم
فقال سبحانه(وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً إِذاً لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً)
الأمانة في البيع :
البيع في اللغة : مقابلة شيء بشيء ، فمقابلة السلعة بالسلعة تسمى بيعاً لغة كمقابلتها بالنقد ، ويقال لأحد المتقابلين مبيع وللآخر ثمن .
وقال بعض الفقهاء : إن معناه في اللغة تمليك المال بالمال وهو بمعنى التعريف الأول
وقال آخرون : أنه في اللغة إخراج ذات عن الملك بعوض وهو بمعنى التعريف الثاني ، لأن إخراج الذات عن الملك هو معنى تمليك الغير للمال ، فتمليك المنفعة بالإجارة ونحوها لا يسمى بيعاً .
أما الشراء فإنه إدخال ذات في الملك بعوض ، أو تملك المال بالمال ، على أن اللغة تطلق كلاً من البيع والشراء على معنى الآخر ، فيقال لفعل البائع : بيع وشراء كما يقال ذلك لفعل المشتري ومنه قوله تعالى : [ وشروه بثمن ] . سورة يوسف ، آية 20 . فإن معنى شروه في الآية باعوه ، وكذلك الاشتراء والابتياع فإنهما يطلقان على فعل البائع والمشتري لغة .
إلاّ أن العرف قد خص المبيع بفعل البائع وهو إخراج الذات في الملك ، وخص الشراء والاشتراء والابتياع بفعل المشتري وهو إدخال الذات في الملك .
مشروعية البيع :
إن مشروعية البيع ثابتة بالكتاب والسنّة والإجماع .
في الكتاب : ورد في القرآن الكريم [ وأحل الله البيع وحرم الربا ] . سورة البقرة ، الآية 275 .
وفي سورة النساء : [ يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلاّ أن تكون تجارة عن تراضٍ منكم ] . سورة النساء ، الآية 29 .
وقوله تعالى : [ فاشهدوا إذا تبايعتم ] . سورة البقرة ، الآية 282 .
فهذه الآيات صريحة في حل البيع وإن كانت مسوقة لأغراض أخرى غير إفادة الحل، لأن الآية الأولى مسوقة لتحريم الربا ، والثانية مسوقة لنهي الناس عن أكل أموال بعضهم بعضاً بالباطل ، والثالثة مسوقة للفت الناس إلى ما يرفع الخصومة ، ويحسم النزاع من الاستشهاد عند التبايع .
في السنّة : فالنبي (ص) قد باشر البيع وشاهد الناس يتعاطون البيع والشراء فأقرهم ولم ينهاهم عنه .
ومنها قوله (ص) : ( لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة حطب على ظهره فيبيعها فيكف بها وجهه ، خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه ) ، رواه البخاري . وفي هذا الحديث إشارة إلى ما يجب على الإنسان من العمل في هذه الحياة ، فلا يحل له أن يهمل طلب الرزق اعتماداً على سؤال الناس ، كما لا يحل له أن يستنكف عن العمل ، سواءً كان جليلاً أو حقيراً ، بل عليه أن يعمل بما هو ميسر له .
ومنها قوله عليه الصلاة والسلام : ( الذهب بالذهب ، والفضة بالفضة ، والبر بالبر ، والشعير بالشعير ، والتمر بالتمر ، والملح بالملح سواءً بسواء ، مثلاً بمثل ، يداً بيد ، فمن زاد أن استزاد فقد أربى ، فإذا اختلفت هذه الأجناس فيبيعوا كيف شئتم ) رواه مسلم ، فقوله فبيعوا كيف شئتم صريح في إباحة البيع .
ومنها قوله عليه الصلاة والسلام : ( أفضل الكسب بيع مبرور ، وعمل الرجل بيده ) رواه أحمد والطبراني وغيرهما ، والبيع المبرور هو الذي يبر فيه صاحبه فلم يغش ولم يخن ولم يعص الله فيه ، وحكمه حله ما يترتب عليه من تبادل المنافع بين الناس ، وتحقيق التعاون بينهم .
فينتظم بذلك معاشهم ، وينبعث كل واحد إلى ما يستطيع الحصول عليه من وسائل العيش ، فهذا يغرس الأرض بما منحه الله من قوة بدنية وألهمه من علم بأحوال الزرع ويبيع ثمرها لمن لا يقدر على الزرع ولكنه يستطيع الحصول على الثمن من طريق أخرى ، وهذا يحضر السلعة من الجهات الثانية ويبيعها لمن ينتفع بها ، وهذا يجيد ما يحتاج إليه الناس من صناعة ليبيع عليهم مصنوعاته ، فالبيع والشراء من أكبر الوسائل الباعثة على العمل في هذه الحياة الدنيا ، وأجل أسباب الحضارة والعمران .
الإجماع : وقد أجمع الأئمة على مشروعية البيع وأنه أحد أسباب التملك.
كما أن الحكمة تقتضيه ، لأن الحاجة ماسة إلى شرعيته ، إذ الناس محتاجون إلى الأعواض والسلع والطعام والشراب الذي في أيدي بعضهم ولا طريق لهم إليه إلاّ بالبيع والشراء .
في القانون الوضعي : البيع تمليك مال أو حق مالي لقاء عوض . البيع عقد يلتزم به البائع أن ينقل للمشتري ملكية شيء أو حقاً مالياً آخر في مقابل ثمن نقدي .
أركان البيع
أركان البيع ستة وهي الصيغة والعاقد والمعقود عليه ، وكل منهما قسمان لأن العاقد إما أن يكون بائعاً أو مشترياً ، والمعقود عليه إما أن يكون ثمناً أو مثمناً والصيغة إما أن تكون إيجاباً أو قبولاً ، فالأركان ستة والمراد بالركن هنا ما يتوقف عليه وجود الشيء وإن كان غير داخل في حقيقته ، وهذا مجرد اصطلاح، لأن ركن الشيء الحقيقي هو أصله الداخل فيه ، وأصل البيع هو الصيغة التي لولاها ما اتصف العاقدان بالبائع والمشتري ، ولكل ركن من الأركان أحكام وشروط سنذكرها على الترتيب الذي يلي :
الركن الأول : الصيغة
الصيغة في البيع هي كل ما يدل على رضاء الجانبين البائع والمشتري وهي أمران :
الأول : القول وما يقوم مقامه من رسول أو كتاب ، فإذا كتب لغائب يقول له : بعتك داري بكذا أو أرسل له رسولاً فقبل البيع في المجلس فإنه يصح ولا يغتفر له الفصل إلاّ بما يغتفر في القول حال حضور المبيع .
الثاني : المعاطاة وهي الأخذ والإعطاء بدون كلام كأن يشتري شيئاً ثمنه معلوم له فأخذه من البائع ويعطيه الثمن وهو يملك بالقبض ، ولا فرق بين أن يكون المبيع يسيراً كالخبز والبيض ونحوهما مما جرت العادة بشرائه متفرقاً أو كثيراً كالثياب القيمة .
وأما القول : فهو اللفظ الذي يدل على التمليك والتملك ، كبعت واشتريت ويسمى ما يقع من البائع إيجاباً ، وما يقع من المشتري قبولاً ، وقد يتقدم القبول على الإيجاب ، كما إذا قال المشتري : بعني هذه السلعة بكذا .
ويشترط للإيجاب والقبول شروط منها : أن يكون الإيجاب موافقاً للقبول في القدر والوصف والنقد والحلول والأجل ، فإذا قال البائع : بعت هذه الدار بألف فقال المشتري : قبلتها بخمسمائة لم ينعقد البيع ، وكذا إذا قال : بعتها بألف جنيه ذهباً ، فقال الآخر : قبلتها بألف جنيه ورقاً ، فإن البيع لا ينعقد إلاّ إذا كانت الألف الثانية مثل الأولى في المعنى من جميع الوجوه فإن البيع ينعقد في هذه الحالة ومنها : أن يكون الإيجاب والقبول في مجلس واحد ، فإذا قال أحدهما : بعتك هذا بألف ثم تفرقا قبل أن يقبل الآخر فإن البيع لا ينعقد ومنها : أن يفصل بين الإيجاب والقبول فاصل يدل على الإعراض ، أما الفاصل اليسير وهو الذي لا يدل على الإعراض بحسب العرف فإنه لا يضر .
ومنها : سماع المتعاقدين كلام بعضهما ، فإذا كان البيع بحضرة شهود فإنه يكفي سماع الشهود بحيث لو أنكر أحدهما السماع لم يصدق ، فإذا قال : بعت هذه السلعة بكذا ، وقال الآخر : قبلت ، ثم تفرقا فادعى البائع أنه لم يسمع القبول أو ادعى المشتري بأنه لم يسمع الثمن مثلاً فإن دعواهما لا تسمع إلاّ بالشهود .
الركن الثاني : العاقدان
وأما العاقدان سواءً كان بائعاً أو مشترياً فإنه يشترط له شروط ، منها : أن يكون : مميزاً فلا ينعقد بيع الصبي الذي لا يميز ، وكذلك المجنون ، أما الصبي المميز والمعتوه اللذان يعرفان البيع وما يترتب عليه من الأثر ويدركان مقاصد العقلاء من الكلام ويحسنان الإجابة عنها ، فإن بيعهما وشراءهما ينعقد ولكنه لا ينفذ إلاّ إذا كان بإذن من الولي في هذا الشيء الذي باعه واشتراه بخصوصه ، ولا يكفي الإذن العام .
فإذا اشترى الصبي المميز السلعة التي أذن له وليه في شرائها انعقد البيع لازماً ، وليس للولي رده ، أما إذا لم يأذن وتصرف الصبي المميز من تلقاء نفسه فإن بيعه ينعقد ، ولكن لا يلزم إلاّ إذا أجازه الولي ، أو أجازه الصبي بعد البلوغ ومنها : أن يكون : رشيداً ، وهذا شرط لنفاذ البيع فلا ينعقد بيع الصبي مميزاً كان أو غيره ، ولا بيع المجنون والمعتوه والسفيه إلاّ إذا أجاز الولي بيع المميز منهم ، أما بيع غير المميز فإنه يقع باطلاً ولا فرق في المميز بين أن يكون أعمى أو مبصراً .
ومنها : أن يكون : العاقد مختاراً فلا ينعقد بيع المكره ولا شراؤه لقوله تعالى : [ إلاّ أن تكون تجارة عن تراض منكم ] . سورة النساء ، الآية 29 .
وقوله عليه الصلاة والسلام : ( إنما البيع عن تراض ) رواه ابن حيان .
الركن الثالث : المعقود عليه
يشترط في المعقود عليه ثمناً كان أو مثمناً شروط منها :
أ - أن يكون طاهراً فلا يصح أن يكون النجس مبيعاً ولا ثمناً ، فإذا باع شيئاً نجساً أو متنجساً لا يمكن تطهيره فإن بيعه لا ينعقد ، وكذلك لا يصح أن يكون النجس أو المتنجس الذي لا يمكن تطهيره ثمناً ، فإذا اشترى أحد عيناً طاهرة وجعل ثمنها خمراً أو خنزيراً مثلاً فإن بيعه لا ينعقد .
ب - أن يكون منتفعاً به انتفاعاً شرعياً فلا ينعقد بيع الحشرات التي لا نفع فيها .
ج - أن يكون المبيع مملوكاً للبائع حال البيع ، فلا ينعقد بيع ما ليس مملوكاً إلاّ في السلم ، فإنه ينعقد بيع العين التي ستملك بعد .
د - أن يكون مقدوراً على تسليمه ، فلا ينعقد بيع المغصوب لأنه وإن كان مملوكاً للمغصوب منه إلاّ أنه ليس قادراً على تسليمه إلاّ إذا كان المشتري قادراً على نزعه من الغاصب ، وإلا صح ، وأيضاً لا يصح أن يبيعه الغاصب لأنه ليس مملوكاً .
هـ- أن يكون المبيع معلوماً والثمن معلوماً علماً يمنع من المنازعة ، فبيع المجهول جهالة تقضي إلى المنازعة غير صحيح كما إذا قال للمشتري : اشتري شاة من قطيع الغنم التي أملكها أو اشتري مني هذا الشيء بقيمته أو اشتري مني هذه السلعة بالثمن الذي يحكم به فلان ، فإن البيع في كل هذا لا يصح .
و - أن لا يكون مؤقتاً كأن يقول له : بعتك هذا البعير بكذا لمدة سنة .
ومن الجدير بالملاحظة أنه في النظام الاقتصادي الإسلامي تخضع اركان وشروط عقد البيع في تنظيمها لقواعد الفقه الإسلامي المتعلق بالمعاملات .
وعند تطبيق هذه العقود لدى البنوك الإسلامية في عمليات التمويل ، فإن هذه العقود تخضع كذلك في تنظيمها للقواعد العامة للقانون الوضعي في الدولة التي يتم فيها التعاقد .
تقسيم البيع باعتبار طريقة تحديد الثمن :
ينقسم البيع باعتبار طريقة تحديد الثمن إلى ثلاثة أنواع :
1 - بيع المساومة : هو البيع الذي لا يظهر فيه رأس ماله ، أي البيع بدون ذكر ثمنه الأول .
2 - بيع المزايدة : هو أن يعرض البائع سلعته في السوق ويتزايد المشترون فيها فتباع لمن يدفع الثمن أكثر .
ويقارب المزايدة الشراء بالمناقصة ، وهي أن يعرض المشتري شراء سلعة موصوفة بأوصاف معينة ، فيتنافس الباعة في عرض البيع بثمن أقل ، ويرسو البيع على من رضي بأقل سعر ، ولم يتحدث الفقهاء قديماً عن مثل هذا البيع ولكنه يسري عليه ما يسري على المزايدة مع مراعاة التقابل .
3 - بيوع الأمانة : هي التي يحدد فيها الثمن بمثل رأس المال أو أزيد أو أنقص وسميت بيوع الأمانة لأنه يؤمن فيها البائع في إخباره برأس المال ، وهي ثلاثة أنواع :
أ - بيع المرابحة : وهو بيع السلعة بمثل الثمن الأول الذي اشتراها البائع مع زيادة ربح معلوم متفق عليه .
ب - بيع التولية : وهو بيع السلعة بمثل ثمنها الأول الذي اشتراها البائع به من غير نقص ولا زيادة .
ج - بيع الوضيعة : وهو بيع السلعة بمثل ثمنها الأول الذي اشتراها البائع به مع وضع (حط) مبلغ معلوم من الثمن ، أي بخسارة محددة .
هذا وفي حالة كون البيع يتم لجزء من المبيع ، فإنه يسمى بيع (الاشتراك) وهو لا يخرج عن الأنواع المتقدمة المذكورة من البيوع .
تقسيم البيع باعتبار طريقة تسليم الثمن :
1 - بيع منجز الثمن : وهو ما يشترط فيه تعجيل الثمن ، ويسمى بيع النقد أو البيع بالثمن الحال .
2 - بيع مؤجل الثمن : وهو ما يشترك فيه تأجيل الثمن .
3 - بيع مؤجل المثمن : وهو مثل بيع السلم وبيع الاستصناع .
4 - بيع مؤجل العوضين : أي بيع الدين بالدين وهو ممنوع في الجملة .
تقسيم البيع باعتبار الحكم الشرعي :
ينقسم البيع باعتبار الحكم الشرعي إلى أنواع كثيرة منها :
1 - البيع المنعقد ويقابله البيع الباطل .
2 - البيع الصحيح ويقابله البيع الفاسد .
3 - البيع النافذ ويقابله البيع الموقوف .
4 - البيع اللازم ويقابله البيع غير اللازم (ويسمى الجائز أو المخير) .
أ - فالبيع اللازم : هو البيع الذي يقع باتاً إذا عري عن الخيارات ، كبعتك هذا الثوب بعشرة قروش ، وقبل المشتري .
ب - والبيع غير اللازم : وهو ما كان فيه إحدى الخيارات ، كبعتك هذا الثوب بعشرة قروش ، فقال المشتري : قبلت على أني بالخيار ثلاثة أيام .
ج - والبيع الموقوف : ما تعلق به حق الغير كبيع إنسان مال غيره بغير إذنه .
د - أما البيع الصحيح النافذ اللازم : فهو ما كان مشروعاً بأصله ووصفه ، ولم يتعلق به حق الغير ولا خيار فيه وحكمه أنه يثبت أثره في الحال .
هـ- أما البيع الباطل : فهو ما اختل ركنه أو محله أو لا يكون مشروعاً بأصله، ولا بوصفه وحكمه أنه لا يعتبر منعقداً فعلاً .
و - والبيع الفاسد : هو ما كان مشروعاً بأصله دون وصفه ، كمن عرض له أمر أو وصف غير مشروع مثل بيع المجهول جهالة تؤدي للنزاع ، كبيع دار من الدور أو سيارة من السيارات المملوكة لشخص دون تعيين ، وكإبرام صفقتين في صفقة ، وحكمه أنه يثبت فيه الملك بالقبض بإذن المالك صراحة أو دلالة .
- الضابط الذي يميز الفاسد عن الباطل :
1 - إذا كان الفساد يرجع للمبيع فالبيع باطل .
2 - أما إذا كان الفساد يرجع للثمن ، فإن البيع يكون فاسداً ، أي أنه ينعقد بقيمة المبيع .
أنواع البيع الباطل :
وهي ستة أنواع كالآتي :
1 - بيع المعدوم . 2 - بيع معجوز التسليم .
3 - بيع الغرر . 4 - بيع النجس والمتنجس .
5 - بيع العربون . 6 - بيع الماء .
البيوع المستخدمة لدى البنوك الإسلامية
اتجهت البنوك الإسلامية بنشاط ملحوظ لاستخدام البيوع في عمليات التمويل التي تقدمها ، ولتجاوز الصعوبات التي واجهتها في أنواع التمويل الأخرى كالمضاربة والمشاركة ، ومن البيوع التي استخدمتها هذه البنوك ووجدت بها وسيلة ملائمة لأغراض التمويل الإسلامي ، بيع المرابحة وبيع الأجل .
ومن خلال المقارنات مع أساليب التمويل الأخرى في المباحث السابقة تبين لنا أن المراجعة قد احتلت الحجم الأكبر بين أساليب التمويل المستخدمة ، لسهولة التعامل بها ووضوح تطبيقاتها .
وبيع المرابحة : أحد بيوع الأمانة والتي سبق بيانها في الفرع السابق ، ومثله بيع التولية وبيع الوضيعة ، ولأهمية سنفرد له مبحثاً مستقلاً فيما بعد ، وبيوع الأمانة يجوز عقدها بالدفع العاجل أو السداد الأجل .
وبيع الأجل : هو البيع الذي يتفق فيه العاقدان على تأجيل دفع الثمن إلى موعد محدد في المستقبل ، وقد يكون الدفع جملة واحدة ، أو على أقساط ، ولا بد فيه من معلومية الأجل ، ولا مانع من اشتمال الثمن على زيادة ضمنية عن ثمن البيع الحال ولكن لا يزيد مقدار الثمن المؤجل إذا لم يدفع في موعده .
والبيع المؤجل الثمن أو البيع بالنسيئة هو بيع ائتماني لأن سداد الثمن فيه يتم بتاريخ لاحق على إبرام العقد وتسليم المبيع للمشتري ، بخلاف البيع العادي ، وسواءً دفع الثمن مرة واحدة أو على أقساط في آجال محددة وبوجود دفعة أولى أو بدونها ، ففي كل الحالات يستفيد المشتري من الأجل الممنوح له من البائع .
ويخضع بيع الأجل للشروط العامة في العقود ، وتلك الخاصة بعقد البيع ، وأخرى متعلقة به وهي :
أ - تحديد الثمن الذي قد يكون هو نفسه المطلوب في البيع الناجز ، وقد يكون بزيادة عليه
ب - الاتفاق على مبدأ التأجيل وتاريخ السداد وكيفيته .
ج - إذا وقع الاختيار على السداد بالأقساط وليس دفعة واحدة ، وهي الحالة الغالبة عملياً ، فيجب تحديد مقدار كل قسط وتاريخ استحقاقه .
د - وهناك من يضيف شرط تسليم المبيع للمشتري لأن استحقاق الثمن يبدأ من وقت التسليم .
ويدخل في إطار هذا البيع :
1 - بيع السلم : أو البيع المعجل الثمن المؤجل التسليم ، وهو بيع من نوع خاص .
2 - البيع بالتقسيط : وهو أحد أشكال القروض الاستهلاكية التي تقدمها البنوك والشركات المتخصصة للأفراد من أجل شراء السلع المعمرة .
وبالرغم من الاختلاف على مشروعيته ، فإن الفقه المتعلق بمعاملات البنوك الإسلامية حسم فيه واعتبره جائزاً وبإمكان البنوك استخدامه دون حرج .
المصادر والمراجع
1. عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري ، الفقه على المذاهب الأربعة ، دار ابن هشام ، القاهرة
2. العلامة علي حيدر ،درر الحكام في شرح مجلة الاحكام، دار الجليل بيروت ، المجلد الثالث.
3. القانون المدني الأردني ( م 465).
4. عبد الرزاق السنهوري ، الوسيط في شرح القانون المدني/التامينات اشخصية والعينية، دار احياء التراث العربي، سنة 1970.
5. عمر عبد الله كامل ، القواعد الفقهية الكبرى وأثرها في المعاملات المالية ، دار الكتب ، القاهرة 2000.
6. عبد الستار أبو غدة ، اوفوا بالعقود،منشورات مجموعة دلة البركة، 1977.
7. عائشة المالقي ،البنوك الاسلامية( التجربة بين الفقه والقانون والتطبيق)، المركز الثقافي العربي، ط1 ، سنة 2000.
8. الفتاوى الشرعية، الجزء الثاني، البنك الإسلامي الأردني، الفتاوى الصادرة عن ندوة البركة للاقتصاد الإسلامي المنعقدة في المدينة المنورة بتاريخ 17-20 رمضان 1403هجري .
9. محمد بن كرم ابن منظور، لسان العرب،دار صادرن بيروت.
10. عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي،المغني ،الرياض، مكتبة الرياض الحديثة،1401هـ .
11. علاء الدين بن مسعود الكاساني، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، دار الكتاب العربي، ط2،بيروت ،1394هـ .
12. يحيى بن شرف النووي، روضة الطالبين، المكتب الإسلامي للطباعة والنشر، قطر.
13. مسلم بن حجاج بن مسلم القشيري النيسابوري، صحيح مسلم، المكتبة العصرية، صيدا ، بيروت ، سنة 2004.
14. فتاوى المؤتمر الثاني للمصرف الإسلامي، المنعقد في دولة الكويت ما بين 6-8 جمادى الأخرى 1403هـ الموافق 21-23 آذار سنة 1983.
15. مصطفى طايل،القرار الاستثنماري في البنوك الاسلامية، مطابع غاشي، طنطا، سنة 1999.
16. محمد صلاح الصاوي، مشكلة الاستثمار في البنوك الاسلامية، دار الوفاء، المنصورة، ط1 ، سنة 1990.
17. عبد الرزاق الهيتي، المصارف الاسلامية بين النظرية والتطبيق، دار اسامةللنشر، الاردن، عمان،ط1 ، 1998، ص 512 .