الييشوف
كلمة عبرية معناها الاستيطان. وتطلق في الكتابات الصهيونية على التجمع الاستيطاني اليهودي في فلسطين قبل قيام الكيان الصهيوني. وتقسم الكتابات الصهيونية تاريخ الييشوف إلى مرحلتين:
1) مرحلة ما قبل عام 1882، وفيها الييشوف القديم ويتكون أساسا من يهود متدينيين لم يتجاوز عددهم في نهاية هذه المرحلة 24 ألف نسمة كانوا موزعين في أربع مدن هي القدس* والخليل* وصفد* وطبرية*. وكانت غالبيتهم تعيش على الصدقات والمعونات المرسلة اليهم من يهود أوروبا وتعرف باسم “الهالوكا”.
وقد تكون الييشوف القديم من فئتين منفصلتين هما السفرديون* والأشكنازيون*، ولكل طائفة مؤسساتها الدينية الخاصة.
2) مرحلة ما بين 1883-1948، وفيها الييشوف الجديد، وهو التجمع الاستيطاني الذي نشأ بعد عام 1882 من الهجرات الصهيونية المتتالية إلى فلسطين بهدف تنفيذ المشروع الصهيوني. وقد اقتربت موجة الهجرة في هذه المرحلة بالعمل على شراء الأراضي في فلسطين واقامة مستعمرات زراعية وبلدية يهودية فيها. وفي هذه المرحلة حاول الييشوف الجديد تنظيم نفسه على أساس أنه أقلية قومية ونواة لاقامة دولة صهيونية في فلسطين. وقد تم ذلك أول الأمر بادارة روتشيلد (1886-1896) التي استخدمتها القوى الاستعمارية الواقفة وراء المشروع الصهيوني واجهة يهودية للاشراف على شؤون المستعمرات الصهيونية وتأمين الأراضي اللازمة لاقامة مستعمرات جديدة. وقد اتخذت ادارة روتشيلد من مدينة الخليل مقرا لها. ثم انتقل الاشراف على شؤون الاستيطان اليهودي في فلسطين إلى “جمعية الاستعمار اليهودي” التي كان يترأسها المصرفي اليهودي الفرنسي البارون موريس دي هرش. وفي عام 1908 افتتحت المنظمة الصهيونية العالمية* مكتبا لها في يافا. وقد ظل هذا المكتب حتى بداية الانتداب البريطاني المسؤول عن كافة شؤون الاستيطان من شراء الأراضي وتخطيط المستعمرات وتوزيدها بالآلات والارشاد الزراعي.
تطور الييشوف بسرعة أثناء فترة الانتداب البريطاني على فلسطين بعد أن منحه هذا الانتداب نوعا من الاستقلال الذاتي والادارة الذاتية. فقد أنشئت الوكالة اليهودية* بمقتضى المادة الرابعة من صك الانتداب* التي نصت على اقامة وكالة يهودية معترف بها لتقديم المشورة والمعونة للادارة في كل ما يتعلق بشؤون اليهود في فلسطين. وأقيمت الجمعية التأسيسية اليهودية أو المجلس التمثيلي اليهودي* وسمح لمؤسسات الييشوف بالاشراف على المؤسسات الصحية والتعليمية اليهودية وجباية الضرائب* من اليهود للانفاق على الخدمات العامة وشؤون الييشوف الأخرى. كما أقام الييشوف أجهزته الأخرى مثل نقابات العمال (الهستدروت)* ومنظمة الهاغاناه*.
وقد بلغ عدد المستوطنين اليهود في فلسطين في نهاية الانتداب البريطاني نحو 680 ألف نسمة، أو ما يعادل ثلث سكان البلاد. كذلك عملت سلطات الانتداب بمختلف الوسائل على تسهيل حصول الصهيونيين على الأراضي بما في ذلك منح المؤسسات الصهيونية مساحات واسعة من الأراضي الحكومية. وبذلك بلغت مساحة الأراضي التي استوطن عليها الصهيونيون في نهاية فترة الانتداب حوالي 1,8 مليون دونم، أو ما يعادل 6% من مجموع مساحة البلاد، وبلغ عدد المستعمرات الصهيونية 291 مستعمرة.