أحداث الحرب الأهلية الإسبانية ونتائجها
الحرب الأهلية الإسبانية
إستمرت أحداث الحرب الأهلية الإسبانية لمدة 3 سنوات، في الفترة الواقعة بين 18 يوليو سنة 1936م حتى 1 ابريل سنة 1939م، وتعتبر من الحروب الأهلية القاسية، حيث دفع الشعب الإسباني نتيجة الإنقسام الحاد بين طرفي الصراع أثماناً باهظة، وقد تأثرت الحرب الأهلية الإسبانية بالأجواء المحلية والدولية السياسية والإقتصادية، التي كانت سائدة قبل وأثناء الحرب، وسنوضح أهم ما يتعلق بها في مايلي:
الأطراف المتقاتلة
إنقسم الشعب الإسباني نتيجة لعدة عوامل سنوضحها لاحقاً، إلى فريقين متحاربين وهما:
الفريق الأول،
الجمهوريون، وهم المدافعين عن الجمهورية الإسبانية ويتشكلون من تحالف كل من:
الحكومة الشرعية المنتخبة في فبراير سنة 1936م، والممثلة في إتحاد أحزاب اليسار تحت حزب واحد هو (حزب الجبهة الشعبية)، برئاسة مانويل أزانا.
الفقراء والفلاحين وطبقات الشعب المهمشة.
بعض ضباط الجيش الذين إنشقوا عن الجيش.
الفريق الثاني،
القوميون، ويتشكلون من تحالف كل من:
الجيش بقيادة الجنرال فرانسيسكو فرانكو، الذي قام بإنقلاب على الحكومة الشرعية بتاريخ 18 يوليو سنة 1936م، وقام فيما بعد بتنصيب نفسه رئيساً للبلاد.
الأحزاب اليمينية الفاشية.
الأثرياء وأصحاب وملاك الأراضي.
رجال الدين والكنيسة.
العوامل التي تسببت في الحرب الأهلية الإسبانية
وتنقسم الى عوامل محلية وعوامل دولية سنوضح كل منها في ما يلي:
العوامل المحلية:
ويمكن تقسيم العوامل المحلية تاريخياً الى مرحلتين:
المرحلة ( من 1902 حتى 1931 )م:
لقد كانت إسبانيا لفترة طويلة دولة ملكية مدعومة من رجال الدين والكنيسة، وفي سنة 1902م، تم تنصيب الملك الفونسو الثالث عشر، وقد كان عمره 16 عام، وقد كان ضعيفا، مما سمح بتدخل الجيش في معظم شؤون الدولة، ومع إستبداد الأثرياء وأصحاب وملاك الأراضي للفقراء والفلاحين، كل ذلك أفرز حالة من الفوضى وعدم الإرتياح وغياب العدالة الاجتماعية والظلم والفساد، مما هيأ للأحزاب اليسارية تحت شعارات العدالة الإجتماعة بكسب الإنتخابات المحلية سنة 1931م، والتي قامت بدورها بإعلان النظام الجمهوري بدل الملكي، ومن هنا بدأت تزداد حدة تعارض مصالح القوى المختلفة.
المرحلة ( من 1931 حتى 1936 )م:
لم يستطيع اليساريين تنفيذ ما وَعدو به من شعارات بسبب مقاومة رجال الدين وملّاك الأراضي لهم، ومع تنامي الحركة الفاشية، والتي تُوجت بتأليف حزب يميني متطرف، والذي إستطاع كسب الإنتخابات سنة 1933م، وبذلك زاد التناقض بين قوى اليسار من جهة وبين قوى اليمين والجيش من جهة أخرى، سادت الفوضى والإضرابات والمظاهرات بتوجيه من اليساريين، ولكن تم قمعهم من قبل الجيش، وإستمرت حالة عدم الإستقرار، وفي إنتخابات فبراير سنة 1936م فاز حزب الجبهة الشعبية الممثل لجميع قوى اليسار، ولكن في يوم 18 يوليو سنة 1936م قام الجيش بقيادة الجنرال فرانسيسكو فرانكو بعمل إنقلاب على الحكومة، ويعتبر هذا اليوم هو بداية الحرب الأهلية الإسبانية.
العوامل الدولية:
ويمكن تقسيمها الى عوامل إقتصادية وسياسية:
العوامل الدولية الاقتصادية:
في سنة 1929م تفاقمت الأزمة الإقتصادية العالمية، ومر الإقتصاد العالمي بكساد كبير، مما أثر على الإسبانيين كغيرهم، تأثير إقتصادي سلبي، حيث زادت نسبة البطالة لمستويات كبيرة فإنتشر الفقر، مما أثر على زيادة حدة التناقضات بين طبقات المجتمع، وترسيخ الفرقة.
العوامل الدولية السياسية:
كما تصادف في تلك الفترة وجود حراك سياسي وأيديلوجي عالمي كان له تأثير كبير على الحرب الأهلية الإسبانية، حيث كان الإتحاد السوفيتي يمثل اليسار العالمي، وكذلك المكسيك الإشتراكية، وقد قامتا بدعم (الجمهوريون)، كما جاء المتطوعين اليساريين من جميع أنحاء أوروبا، للقتال معهم، هذا من جهة، ومن جهة أخرى كانت كل من ألمانيا النازية، وإيطاليا الفاشية، يمثلان أقصى الفكر اليميني المتطرف، فقامتا بدعم (القوميون)، وكان ذلك له دور أساسي في إندلاع وإطالة فترة الحرب الأهلية الإسبانية وشراستها.
أهم أحداث الحرب الأهلية الإسبانية
كما أوضحنا وعند قيام الجنرال فرانسيسكو بالإنقلاب، إندلعت الحرب بكل شراسة بين الفريقين، وقد إستخدمت جميع أنواع الأسلحة بين الطرفين ولم يتخلل هذه الحرب أي نوع من أنواع التهدئة أو المبادرات السياسية، وقد إستطاع القوميون بهزيمة الجمهوريين بعد ثلاثة سنوات، وأما الجمهوريين، فمنهم من قُتل والذي نجى هرب إلى خارج البلاد، ومن ضمنهم الرئيس مانويل أزانا، ومن أهم أحداث الحرب الأهلية الإسبانية:
20 فبراير 1936م، بإعدام خوسيه أنطونيو بريمو دي ريفيرا، وهو رئيس ومؤسس الكتائب الإسبانية الفاشية، كما قام القوميون بإعدام الشاعر فيدريكو غارثيا لوركا، أحد أهم أدباء القرن العشرين.
إنتشرت السجون والمعتقلات لكلا الطرفين وقد وصل عدد المعتقلين من الطرفين خلال الحرب الى أكثر من 600 الف معتقل، مما أدى الى قمع أي نوع من أنواع حرية الرأي، وإنشرت حالة من الخوف والرعب الشديدين.
تم قصف مدينة غرنيكا في 26 ابريل 1937م، والتي كانت تحت سيطرة الجمهوريون، بحوالي 40 من الطائرات الالمانية باكثر من 50 طن من القنابل، مما أدى إلى تدمير معظمها، وموت وتشريد سكانها، ومن الطريف هنا، ذكر اللوحة العالمية غرنيكا للفنان الإسباني الشهير بابلو بيكاسو، والتي رسمها تخليدا لذكرى ضحايا هذا الهجوم.
معركة إبيرو، وتعتبر من المعارك الحاسمة، ففي أكتوبر 1938م، وصلت قوات القوميون الى منطقة الشمال في فالينسيا، فتقدم حوالي 100 الف جندي من الجمهوريون لقتالهم ودحرهم، وإستمر القتال بدون توقف لمدة 3 شهور، إلى أن إنتصر القوميون، وإنهزم الجيش الجمهوري الشمالي، وتعتبر هذه المعركة هي بداية نهاية الحرب.
ظلت برشلونة طول فترة الحرب تحت سيطرة الجمهوريون، ولكنها وبتاريخ 26 يناير 1939م، سقطت بدون قتال بأيدي الوطنيون نتيجة لهزيمة الجيش الجمهوري الشمالي.
أهم نتائج الحرب الأهلية الإسبانية
ولقد كان لهذه الحرب العديد من الأثار والنتائج، منها:
موت أكثر من نصف مليون إنسان.
تشريد أكثر من 600 الف إنسان، حيث قام معظم الجمهوريون بالنزوح خارخ البلاد، وخاصة إلى فرنسا.
إنتشار الخوف والرعب والفقر والإضطهاد، والذي ترك أثار كبيرة على نفوس الإسبانيين، حتى بعد إنتهاء الحرب.
إلغاء النظام الجمهوري الذي إستمر لمدة 9 سنوات.
إنشاء دولة دينية،حيث أصبحت المسيحية الكاثوليكية هي دين الدولة.
إعترفت دول العالم بالرئيس فرانسيسكو فرانكو، الذي حول إسبانيا إلى واحدة من أكبر الدكتاتوريات، وظل يحكم إسبانيا بدون منازع حتى وفاته سنة 1975م.
تُعتبر الحرب الأهلية الإسبانية من إحدى أهم مقدمات الحرب العالمية الثانية.