مصر تفرج عن مختطفي "القسام": العلاقة مع "حماس" تتحسن
نجح رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، إسماعيل هنية، الذي عاد من القاهرة أول من أمس الأربعاء إلى غزة، بعدما مكث فيها 24 يوماً، في تحقيق اختراق بعد إفراج السلطات المصرية عن المختطفين الأربعة من كتائب "القسام" في مصر والذين تعود قضيتهم إلى عام 2015 عندما تم اختطافهم من داخل حافلة في منطقة شمال سيناء بمصر، بعد إطلاق النار على الحافلة التي كانت تقلهم مع مسافرين آخرين من معبر رفح البري على الحدود مع غزة إلى مطار القاهرة. وآنذاك، حمّلت "حماس" السلطات المصرية المسؤولية الكاملة عن حياة الشبان الأربعة، وهم ياسر زنون، وحسين الزبدة، وعبد الله أبو الجبين، وعبد الدايم أبو لبدة، ودعتها إلى العمل على سرعة إطلاق سراحهم بحكم مسؤوليتها الأمنية. كما أطلقت مصر سراح أربعة فلسطينيين آخرين هم عبد الرحمن مصطفى الزاملي ووسيم أبو جليلة وسالم شيخ العيد وعبد العزيز أبو ختلة.
وأعلن مكتب هنية رسمياً الإفراج عن المختطفين الأربعة وعودتهم سالمين من مصر إلى قطاع غزة، معبّراً عن "شكره العميق للقيادة المصرية على قرارها الذي يعبر عن عمق العلاقة بين الشعبين الشقيقين". كذلك أعلن عن نجاح الجهود في إطلاق سراح أربعة مواطنين آخرين من القطاع وعودتهم إليه سالمين.
وعقب استقباله وقيادة "حماس" للمختطفين الأربعة العائدين إلى غزة، قال هنية: "سأتحدث لاحقاً عن تفاصيل الحدث"، من دون تقديم أي رواية عن مجريات المفاوضات التي توصلت إلى الإفراج عنهم.
من جهتها، أفادت مصادر بحركة حماس في القاهرة بأن المسؤولين في جهاز المخابرات المصري قاموا بتسليم محتجزي الحركة الأربعة لدى مصر، أمس الخميس، وذلك بعد اعتقالهم لما يقارب 3 أعوام ونصف العام. وأوضحت المصادر أن مسؤول مكتب الحركة في مصر، عضو المكتب السياسي روحي مشتهى، هو الذي تسلمهم، وتوجه بهم بعد ذلك إلى قطاع غزة عبر معبر رفح تحت حراسة أمنية مشددة من الأجهزة الأمنية المصرية.
"
وصل المختطفون الأربعة إلى غزة بعد يوم من عودة هنية للقطاع
"
وبدت حركة "حماس" طوال يوم أمس، حريصة على فرض حالة من التكتم على الأمور المتعلقة بعملية الإفراج عن المحتجزين الأربعة حتى لحظة وصولهم إلى داخل القطاع. وفي السياق، أوضحت المصادر التي تحدثت مع "العربي الجديد"، أن الاتفاقات مع الجانب المصري بشأن إطلاق سراح المحتجزين تضمنت عدم تضخيم الإجراء إعلامياً لتجنب الحرج.
ولفتت المصادر إلى أن المسؤولين في جهاز المخابرات العامة بدأوا فور مغادرة هنية للقاهرة، في إنهاء الإجراءات المتعلقة بعملية الإفراج عن المحتجزين، والتنسيق مع باقي الأجهزة المكلفة بتأمين خروجهم من مصر ووصولهم للقطاع.
وكان المكتب الإعلامي لهنية قد وزع، صباح أمس الخميس، تصريحاً مقتضباً له أكد فيه أنّ "نتائج المباحثات هذه المرة مع الإخوة في مصر بشأن ملف المفقودين الأربعة هي الأكثر أهمية"، قبل أن يعود المستشار الإعلامي لهنية، طاهر النونو، ليعلن أن "هنية يؤكد أن قضية الشبان المختطفين الأربعة بعد زيارته إلى القاهرة ليست كما هي قبل الزيارة".
وكانت مصادر فلسطينية قد كشفت في وقت سابق، لـ"العربي الجديد"، أنّ هنية استطاع فتح ملف المختطفين الأربعة منذ 19 أغسطس/ آب 2015 بعد "مماطلة" مصرية لسنوات، وحصل على وعود مصرية جدية بالإفراج عنهم في وقت قريب، وقدّم وعداً بعدم ظهورهم عبر وسائل الإعلام للحديث عما جرى معهم في أقبية التحقيق في مصر. مع العلم أن أول ظهور لهم كان يوم 22 أغسطس 2016، عندما بثّت قناة "الجزيرة" صورة حصلت عليها من أهالي المختطفين الأربعة تُظهر اثنين من أبنائهم داخل مقر أمني في القاهرة. وجاءت الانفراجة بعدما كانت أجواء معاكسة قد شاعت وتحدثت عن أنّ زيارة هنية لم تحقق أي أهداف، وأن القاهرة تراجعت عن الوعود التي قدّمتها لهنية في ما يتعلّق بملف المختطفين الأربعة.
"
الاتفاقات مع الجانب المصري بشأن إطلاق سراح المحتجزين تضمنت عدم تضخيم الإجراء إعلامياً لتجنب الحرج
"
وتعززت الأجواء السلبية في الأيام الماضية بعدما قال القيادي في "حماس" محمود الزهار، في حديث لموقع فلسطيني محلي، قبل أيام، إنّ "المواطن الفلسطيني في قطاع غزة لم يشعر باختراق حقيقي، ولم يلمس تحقيقاً لما وعدت به مصر، حتى اللحظة، خصوصاً في الملفات المتعلقة بالأوضاع الإنسانية والاقتصادية"، موضحاً أنَّ حركته "تنتظر من مصر ترجمة عملية على الأرض لما وعدت به أخيراً".
وفي ردّ غير مباشر على تصريحات الزهار، قال نائب رئيس حركة "حماس" في قطاع غزة، خليل الحية، لقناة "الأقصى" التابعة للحركة، إنّ "هذه الزيارة حققت العديد من النتائج المرجوة، ونحن نقدّر دور الشقيقة مصر، ونقدّم شكرنا واعتزازنا بهذه العلاقة التاريخية، وهذا الاستعداد الكامل من الأشقاء في مصر لمواصلة موقفهم التاريخي". وأضاف الحية، في موقف فُهم منه أنه لترطيب الأجواء بعد تصريحات الزهار: "في هذه الزيارة، استطاع الأستاذ إسماعيل هنية في لقاءاته المتعددة والمتكررة مع الأشقاء في مصر، تثبيت موقف الحركة من الوحدة الوطنية الفلسطينية، وضرورتها في مواجهة الأخطار المحدقة بالقضية الفلسطينية".
https://www.alaraby.co.uk/File/Get/a73689ff-df75-4b77-8b39-ede96ff6c532.mp4