لتونس اقتصاد متنوع يملك قطاعات زراعية وتصنيعية وسياحية منجمية مهمة. وللحكومة دور بارز في التحكم بالاقتصاد فالتدخل الحكومي في عجلة الاقتصاد قوي إلا أنه بدأ يقل في عقد التسعينات مع تجه نحو الخصخصة، وتبسيط البنية الضرائبية . حققت تونس في التسعينات نموا حقيقيا بلغ 5.0% وتباطئ معدل التضخم. و كان العامل الأساسي في هذا النمو الاقتصادي زيادة عائدات قطاع السياحة والتجارة. بدأ تطبيق اتفاق الشراكة الأوروبية بين الاتحاد الاوروبي و تونس في 1 مارس 1998 و كان أول اتفاق يطبق بين الاتحاد الأوروبي و دول البحر المتوسط ، و طبقا للإتفاق ستقوم تونس بإزالة حواجز التجارة مع الاتحاد الاوروبي على مدى العقد التالي .كان من المفترض أن تصبح تونس شريكا كاملا للإتحاد الأوروبي في عام 2018 (كما هي حالة النرويج وايسلنده الآن) لكن لم يتم تقرير الأمر بعد خاصة مع الأزمة الاقتصادية الحادة التي تشهدها البلاد.من المفترض أن تستمر عملية الخصخصة و تحرير الاقتصاد التونسي و تحسين أداء و سياسات الحكومة التونسية حتى الوقت. بلغت القوة الشرائية في تونس 23.8 مليار دولار في عام 2015 قابلها 4,000 دولار كمتوسط للدخل القومي للفرد في تلك السنة وهو رقم متوسط نسبيا اذا ما قورن بمعدل الدخل في الدول العربية المجاورة.
بحكم موقعها الجغرافي تعتبر تونس دولة زراعية مهمة، وتتميز بإنتاج زراعي متنوع: حبوب، وأشجار مثمرة وخضراوات بجانب تربية الماشية والصيد البحري. وتنتشر زراعة الحبوب في كل الأقاليم وتمتد على مساحة 1,5 مليون هكتار، يتركز نصفها في شمالي البلاد خاصة بسهول التل الشرقي ومجردة الوسطى والتل العالي.
يتصف الإنتاج بالتذبذب وعدم الانتظام تبعًا للمناخ السائد. فيكون ضعيفًا في السنوات الجافة (1.2 مليون طن في 2015) وكبيرًا في السنوات الرطبة (2 مليون طن في 2017).
إن إنتاج الحبوب بتونس غير كاف لسد حاجات الاستهلاك الداخلي إذ يفي بنصف الطلب فقط. وتسعى الدولة لتنمية قطاع الحبوب لتضمن الأمن الغذائي للبلاد وذلك بتحديث طرق الإنتاج وتحسين وسائل الري.
تشهد المحصولات الشجرية امتدادًا مستمرًا منذ الاستقلال؛ إذ تغطي ما يقرب من 1,7 مليون هكتار، وتشارك بثلث القيمة الإجمالية للإنتاج الزراعي، و بـ 60% من قيمة الصادرات الزراعية.
وتتكون الأشجار المثمرة من أشجار الزيتون والحمضيات والنخيل. يمثل الزيتون أهم الأشجار المثمرة، وتغطي حقوله 1,3 مليون هكتار، ويتصدر محصوله جميع الصادرات بنسبة 30%. ثم تليها الحمضيات والنخيل. وتنتج تونس نوع دقلة النور (30 ألف طن سنويًا)، وتعتبر تونس من البلدان المصدرة للتمور.
تغطي الخضراوات مساحة تقدر بـ 120 ألف هكتار وقد عرفت نموًا تمثَّل في توسع المناطق المروية وتحسين وسائل الإنتاج باستعمال البيوت المحمية.
إن تحسن مستوى المعيشة ونمو السكان زاد من الطلب على المواد الغذائية النباتية والحيوانية. ويشهد قطاع تربية الماشية والصيد البحري نموًا كبيرًا ومستمرًا، رغم أنه لا يفي بحاجيات الاستهلاك المحلي ما يدفع الدولة للإستيراد. وقد نما قطاع الدواجن بسرعة كبيرة في السنوات الماضية، فانتشرت الحاضنات الصناعية الحديثة في عدة مناطق، وأدّى ذلك إلى تحسين وسائل التغذية بتوفير اللحوم والبيض والألبان.
إن الثروة السمكية كبيرة ومتنوعة على طول السواحل التونسية. وقد ارتفع الإنتاج السمكي في السنوات الأخيرة حيث بلغ حوالي 87 ألف طن عام 2018م، مع ذلك الانتاج لا يكفي السوق الداخلية ما يجعل تونس تستورد من دول اخرى.
رغم نمو للإنتاج الزراعي، فإن الميزان التجاري الزراعي في تونس ما زال يشهد عجزا كبير يرتفع أكثر مع الجفاف.
تنتج تونس كميات قليلة من النفط. ويوجد أكبر حقل في أقصى الجنوب، وهو حقل البرمة الذي دخل طور الإنتاج عام 1966م. وتمتلك البلاد حقولاً أخرى في عرض البحر وفي اليابسة، لكنها محدودة الإنتاج. ويشهد الإنتاج تراجعًا مستمرًا لضعف المدخرات، ولا يزال التنقيب عن النفط متواصلاً. ويُستخرج الغاز الطبيعي من بعض الحقول أهمها حقل البرمة وعشترت وعليسة وغيرها. كما تنتفع تونس بكميات معتبرة من الغاز الطبيعي الجزائري الذي يصل إلى إيطاليا عبر الأراضي التونسية. وقد شُرِع في استثمار حقل مسكار الموجود في خليج قابس ويقدر مخزونه من الغاز بـ 3 -10 مليار متر3.
وتتولى الشركة التونسية للكهرباء والغاز إنتاج الكهرباء الحرارية والمائية، ويصل الإنتاج إلى 6,7 مليون ك واط/ ساعة.
تمتلك تونس مخزونًا كبيرًا من الفوسفات الذي أصبح، منذ السبعينيات، يؤدي دورًا اقتصاديًا مهمًا، تمثل في تحويل الفوسفات إلى عدة مواد نصف جاهزة تُستعمل في الصناعة الكيميائية في المجمَّع الصناعي الكيميائي بقابس. وتوجد أهم المناجم الفوسفاتية بحوض قفصة في الجنوب الغربي وبالقلعة الخصبة في التل العالي، واكتُشفت حقول أخرى بصحراء ورتان ومكناسي، وتحتوي على احتياطيات كبيرة.
وتنتج المدن التونسية بعض المعادن كالحديد والزنك والرصاص، لكن لا يزيد الإنتاج من الحديد على 200 ألف طن تستخرج من جريصة. ويستخرج الملح البحري من ملاحات مقرين والساحلين وصفاقس، وتصدَّر نسبة كبيرة من الإنتاج.
تعتبر الصناعة في تونس إحدى دعائم الاقتصاد المحركة للتنمية منذ الاستقلال. وقد أُقيمت المشاريع الصناعية بفضل استثمارات مهمة اعتمدت على رأس المال الخاص الوطني والأجنبي. وترمي السياسة التصنيعية اليوم إلى تحرير القطاع الصناعي لينسجم مع الاقتصاد.
تطورت الصناعة التونسية وتضاعف عدد الوظائف في الصناعة التحويلية بين عامي 2000م و2018م؛ أي من 25,000 وظيفة إلى 50,000. وتتميز الصناعات بالتنوع:
الصناعات الآلية والكهربائية
وتشمل أنشطة متنوعة الإنتاج مثل السبائك والفولاذ بمنزل بورقيبة الذي تشرف عليه الشركة التونسية لصناعة الحديد. ومثل قطاع السيارات والحافلات والشاحنات بسوسة والقيروان ومنزل بورقيبة.
صناعة مواد البناء والخزف والبلور
شهدت هذه الصناعة نموًا فارتفع إنتاج الإسمنت والجير والكلس. وتوجد أهم المعامل بجبل الجلود وبنزرت والنفيضة وقابس.
الصناعات الكيميائية
وهي ترتكز على تحويل الفوسفات لإنتاج الحامض الفوسفوري وثالث الفوسفات الرفيع. أهم المراكز الكيميائية: قابس، صفاقس، الصخيرة.
صناعات النسيج والملابس الجاهزة والجلدوالأحذية
يُعدّ هذا القطاع من أهم الصناعات في تونس إذ يعمل فيه قرابة 100,000 عامل. وقد تطورت هذه الصناعات منذ عام 1972م بالتركيز على الصناعات التصديرية. وتوجد أهم المراكز الصناعية في: تونس العاصمة، بنزرت، الوطن القبلي، الساحل، صفاقس. ويساهم قطاع النسيج بنسبة 40% من الصادرات الصناعية.
الصناعات الغذائية الزراعية
هي من أقدم الصناعات بتونس. وتوجد بصفة خاصة على السواحل الشرقية والعاصمة وأهمها معاصر الزيتون، وصوامع الغلال والخضراوات والسمك والحليب. وتتميز الصناعة في تونس بكثرة المؤسسات الصغيرة التي تمثل 70% من المجموع لكنها لا توظف إلا 10% من جملة العمالة الصناعية. يتسم المجال الصناعي التونسي بالتباين وعدم التوازن بين الأقاليم الساحلية الشرقية التي تتجمع بها أهم المنشآت الصناعية والأقاليم الداخلية الغربية والجنوبية التي تفتقر إلى الصناعة باستثناء الصناعات الاستراتيجية والمنجمية. وينتظم المجال الصناعي التونسي أساسًا بالساحل الشرقي من بنزرت شمالاً إلى قابس جنوبًا.
منطقة العاصمة
يوجد بتونس الكبرى 40% من العمالة الصناعية و35% من المؤسسات الصناعية التي تتوزع بين وسط المدينة والضواحي، وتوجد المصانع الكبرى في الجنوب (جبل جلود، بن عروس) وفي المنطقة الصناعية بالشرقية.
منطقة بنزرت ومنزل بورقيبة. تحتوي هذه المنطقة على وحدات صناعية ثقيلة (الصلب وتكرير النفط)، وتنوعت الصناعة في كل من بنزرت ومنزل بورقيبة ومراكز أخرى مثل ماطر، ورأس الجبل، ورفراف، ومنزل جميل.
منطقة الوطن القبلي
تعتمد الصناعة في هذه المنطقة القريبة من العاصمة على توافر أيدٍ عاملة ماهرة وعلى نخبة من الممولين المحليين. لذا نمت الصناعات الخفيفة والمؤسسات الصغيرة في قطاعات متنوعة مثل النسيج والجلد والخشب. وانتشرت المعامل في مدن متوسطة وقرى عامة بالساحل: قليبية، وتازركة، ودار شعبان، ونابل والحمامات، وفي الوسط والغرب: قرنبالية، وسليمان، وبوعرقوب.
منطقة الساحل
شهدت الصناعة بها نموًا متواصلاً منذ الاستقلال حيث اعتمد على التمويلات الحكومية ورؤوس الأموال الخاصة الوطنية والأجنبية.
انتشرت الصناعات التحويلية الخفيفة خاصة النسيج في المدن والريف مع تجمع هام على المناطق الساحلية بين سوسة وقصر هلال، أي في ولايتي سوسة والمنستير.
وقد أنشئت بالساحل أكثر من 60 مؤسسة صناعية تصديرية أجنبية يعمل بها نحو 10,000 شخص.
منطقة صفاقس
تُعدّ ثاني مركز صناعي في تونس بعد العاصمة (أكثر من 18,000 عامل و200 مؤسسة).
بدأت الصناعة في صفاقس منذ الفترة الاستعمارية بمعاصر الزيتون وبوحدتين لتحويل الفوسفات. ونشطت الصناعة منذ الاستقلال بفضل التمويلات الخاصة المحلية، واعتمدت على المؤسسات الصناعية الصغيرة والمتوسطة من نسيج وجلد وغيرهما. وصفاقس أول مركز لصنع زيت الزيتون (35% من القدرة التحويلية)، وتمثل الصناعة الكيميائية قطاعًا مهمًا رغم منافسة قابس ومراكز أخرى. وتتمركز المؤسسات الصناعية في وسط المدينة وجنوبها وشمالها على طول الساحل.[1] منطقة قابس
أصبحت مدينة قابس مركزًا كيميائيًا منذ بداية السبعينيات من القرن العشرين إذ تحول مصانعها 60% من الإنتاج الوطني (الفوسفات) إلى حامض فوسفوري، وحامض كبريتي، وأسمدة فوسفاتية وأزوتية. وأنشئت أيضًا مصانع للأسمنت والكلس. ورغم أهمية هذا المركز بالنسبة للحياة الاقتصادية الوطنية والمحلية فهو لا يخلو من الجوانب السلبية التي تمثلت في تراجع الأنشطة التقليدية مثل الزراعة، والصيد البحري والصناعة التقليدية، وكذلك في تلوث البيئة.