هل ستبقى هذه الاجراءت الدفاعية فعالة مع كل التطورات الحاصلة
في اجراءت الهجوم وتقنياته......هذا ما سنعرف لاحقا ........
اما اليوم نجد تقريبا فقط الدول الغربية كالولايات المتحدة وحلفائها والتي
تواجه تهديدات استراتيجية غير تقليدية او تفرض عليها عقيدتها التعامل مع
هذا النوع من التهديدات تتوجه توجها جذريا نحو تطوير نوع اخر وجديد واكثر
تطور من انظمة الدفاع الجوي البحرية البعيدة المدى تحتلف اختلاف جذريا
عن سابقتها من حيث المهام والتقنية وطريقة العمل و تتمثل هذه الانظمة في
الانظمة ذات الكفاءة والقدرة في التعامل مع اهداف استراتيجية غير تقليدية
كالصواريخ البالسيتية والاقمار الصناعية الحربية ومستقبلا الطائرات
الغير الماهولة المحلقة على طبقات mesosphère وهو مايتم تجسيده من خلال
النظام الامريكي Aegis Ballistic Missile Defense System والملاحظ في
الامر ان الدول الشرقية الكبرى كاروسيا والهند والصين ورغم ان مستويات
التهديد الاستراتيجي بالنسبة لهم لا تقل خطورة عن مستويات التهديد
بالنسبة لنظرائهم الغربيين الى اننا نجد ان هذه الدول لم تتبنى حتى الان
انظمة دفاعية محمولة بحرا بنفس مستوى وكفاءة الانظمة الغربية
لكن السؤال الذي يطرح نفسه دائما هو هل تضمن حقا الانظمة الدفاعية البحرية
البعيدة المدى الاكثر تطورا مستويات امنة من الكفاءة في الدفاع وحماية
سفن السطح من التهديدات والاجراءت الهجومية لدى الطرف المعادي في حال ما
استخدمت هذه الانظمة في مهام الدفاع عن السفن ام ان الانظمة القصيرة
والمتوسطة اكثر كفاءة وحسما في الدفاع عن سفن سطح.....
الاجابة عن هذا السؤال قد تبدو من الوهلة الاولى ابسط من السؤال نفسه حيث
يتبدر لذهن الجميع ان المنظومات البعيدة المدى قد تكون ذو كفاءة اكبر في
حماية السفن لعوامل تما ذكرها سابقا لكن حتى نكون اكثر دقة في الاجابة عن
هذا السؤال دعونا نناقش ماهية التهديدات الحديثة التي اصبحت تهدد سفن
السطح البحرية وماهية الاجراءت والتوجهات الحديثة في مواجهة تلك
التهديدات ......
لقد ساهم التطورالتكنولوجي والتقني في ميدان المنظومات العسكرية الهجومية
زيادة التهديد الحالي على سفن السطح الحربية بمختلف اصنافها وانواعها حيث
اصبح مستوى التهديدات السابقة يقاس باجزاء من المئة مع مستويات التهديد
الحالي والمستقبلي الذي قد تتعرض له سفن السطح الحربية وقد اضحى التفاوت
بين مستوى التهديدات تفاوتا بين الاجراءت الدفاعية المضادة لها وعليه
يمكننا حصر التهديدات الرئيسية التي تشكل خطرا حقيقيا على سفن السطح في
مايلي :
-الطائرات الشبحية والمنخفضة البصمة : في مامضى كان الهجوم الجوي على سفن
السطح الحربية يتم بواسطة المروحيات والطائرات التقليدية ذات البصمة
الردارية والحرارية المرتفعة والتي تتميز بسهولة رصدها من الانظمة الردارية
المركبة على السفن او ردارت طائرات الانذار المبكر التابعة للبحرية ،
فكانت بذالك الانظمة الدفاعية البعيدة المدى احسن السبل لتعامل مع هذا
النوع من التهديدات التقليدية حيث كانت سهولة اكتشاف الاهداف التقليدية
والتعامل معها من مديات ابعد امر ممكن نظريا و عمليا خاصة اذا اخذنا بعين
الاعتبار ان الصواريخ بعيدة مدى التي تتسلح بها الطائرات لم يكون امرا
شائعا استخدامه انذاك حيث كان على الطائرات حينها الاقتراب من اهدافها
وضربها مما يجعلها في مدى الصورايخ السفن الدفاعية البعيدة المدى.....لكن
مع التطورالتكنولوجي الهائل في مختلف المنظومات العسكرية خاصة الجوية
منها وبروز تقنية الشبحية اصبحت فاعلية الانظمة الدفاعية البعيدة المدى
اقل كفاءة في التعامل مع الطائرات الشبحية والمخفضة البصمة وبتالي اقل
فعالية في حماية السفن من الطائرات بسبب عجز انظمة الردارعلى كشف
التهديدات المبكرة والتعامل معها من مديات ابعد مما اصبح يطرح تساؤلا
حقيقيا حول جدوى وجود الانظمة بعيدة المدى في حين تعجز الردارت على
اكتشاف اهدافها ، فطائرات الحديثة المخفضة البصمة الردارية والشبحية على
غرار الاف-35 الامريكية والباك فا الروسية والرافال والتايفون والميغ-35
ذات البصمة المخفصة والتي لها قدرة التعامل مع مختلف الاهداف البحرية
اصبحت على قدر كبير من القدرة في مرواغة والتسلل من انظمة الردار وانظمة
الكشف المعادية والوصول الى اهدافها وضربها من دون امكانية حقيقة لكشفها
واستهدافها خصوصا اذا اخذنا بعين الاعتبار ان التطور الكبير الحاصل على
مستوى الطائرات يقابله تطور اخر على المستوى المنظومات الهجومية
الصاروخية المضادة للسفن التي اصبحت تتمتع بمديات ابعد او مايعرف اصطلاطا
با stand off missile وهي الميزة اوالخاصية التي تمنح الطائرات حتى
التقليدية منها ضرب اهدافها البحرية من مديات ابعد حتى ابعد من مديات
الدفاعات الجوية البعيدة المدى المركبة على السفن لكن في واقع الامر فانا
التطور الرهيب الحاصل على منظومات التسليحية المضادة للسفن لا يكمن فقط
في تميزها بخاصية stand off الرهيبة بل يكمن في الاجراءت الهجومية
التقنية التي اصبحت تصمم على اساسها هذه المنظومات القتالية المضادة
للسفن الحديثة والتي تعتبر العامل الرئيسي في تغير توجهات القوى البحرية
الحديثة نحو اعتماد المنظومات القصيرة والمتوسطة المدى في الدفاع عن
السفن وحمايتها بدل المنظومات البعيدة المدى التي تجاوزتها التكنولوجية
الحديثة وهو الخطر الذي سندرجه في بند التهديدات الثاني .......
التقنيات الحديثة في تصميم المنظومات القتالية المضادة للسفن :
ان التطور الهائل في المجالات التكنولجية العسكرية والتركيز على التقنيات
الحديثة في تصميم المنظومات القتالية البحرية قد منح هذه الاخيرة القدرة
على تجاوز اعتى المنظومات الدفاعية واختراقها نظرا لاعتمادها على التقنيات
الثورية في مجال الملاحة
والتوجيه والمحركات والاجراءت الهجومية المعتمدة في الاساس على تقنيات
التضليل والتخفي والتملص من منظومات الرصد والتعقب للطرف المعادي وهي
تقنيات يمكننا حصرها في مجموعة من النقاط الاساسية :
-استخدام الردارت الايجابية الناشطة على متن الصواريخ البحرية حيث تستخدم
بعض الصواريخ البحرية هذه التقنية المتمثلة في ارسال نبضات ردارية على
الهدف ثم تتبع انعكاس النبضات الصادرة من الهدف دون الحاجة للاعتماد على
طرف ثاني كالمروحيات ومراكز الاطلاق والتحكم لتغذية الصاروخ باحداثيات
الهدف مما يمنح الصاروخ استقلالية تامة في العمل ...
-استخدام الردارت السلبية : وهي تقنية تمكن الصواريخ المستعملة لهذا النوع
من الردارت من تتبع حزمة الاشعة المنبعثة من المحطات الردارية البحرية
المعادية ثم ركوب تلك الحزم والتوجه لتدميرها وتعتبر تقنية الردارت
السالبة اكثر التقنيات خطوراتا في مجال الصواريخ البحرية ، حيث تضمن هذه
التقنية التي تعتمد بشكل عام على استقبال وتتبع التردادت الردارية
المعادية وعدم ارسال الترددات من صعوبة كشف الصواريخ المهاجمة من خلال
تتبع ترددتها خصوصا بالنسبة للصواريخ المحلقة على ارتفاعات منخفضة.....
الصاروخ الروسي المضاد للسفنSS-N-26 Yakhont الذي يتسخدم تقنية التوجيه الرداري الايجابي والسالب
-الاستقلالية في التعرف والاطباق على الهدف : تستخدم الصواريخ الحديثة
خاصتا الغربية منها تقنية Autonomous Target Acquisition وهي تقنية تمكن
الصواريخ في مرحلة terminal phase guidance من العثورعلى الهدف والاطباق
عليه في ظروف التشويش العالية عن طريق اعادة تحميل بيانات الهدف المبرمجة
في ذاكرة الصاروخ و التعرف عليها ومقارنتها مع صور الهدف الملتقطة بواسطة المجسات الحرارية والبصريةimaging infrared sensor دون الحاجة الى اعادة تحميل
البيانات من مركز القيادة والتحكم مما يعطي الصاروخ قابلية الهجوم
المباشرعلى الهدف ويقلل لدى العدو زمن رد الفعل ويقلل من احتمال اصابة
الاهداف الوهمية.....
-استخدام وصلة البيانات Datalink :تستخدم وصلة البايانات بين الصاروخ
ومراكز القيادة والتحكم لارسال واستقبال المعلومات الرقمية الحيوية عن
الهدف حيث تمكن هذه التقنية من اعادة تحميل ذاكرة الصاروخ باخر البيانات
المتعلقة بالهدف كمسار الهدف واحداثياته اوباعادة برمجة مهام الصاروخ
واعادة تحديد الاهداف المراد تدميرها اثناء طيران الصاروخ في مرحلة midcourse
-استخدام تقنية Digital Scene Matching Area Correlation : وهي قيام
الصاروخ بمقارنة صور القمر الصناعي الخاصة بالهدف المخزنة بذاكرته مع صور
الهدف التي تلتقطها مجاسته في المرحلة الاخيرة من الطيران terminal phase
لضمان الدقة في الاصابة وتجنب الاخطاء الثانوية
-الاعتماد على تقنية الملاحة بالاقمار الصناعية Satellite Navigation
System : ان الاعتماد على منظومات الملاحة بالاقمار الصناعية الغربية
والشرقية GPS -GLONASS يمكن الصواريخ البحرية من تحديد اهدافها وضربها بدقة
متناهية في اي منطقة بالبحر وفي جميع الظروف المناخية ليلا ونهار كما
يسمح الاعتماد على تقنية الملاحة بالاقمار الصناعية للصواريخ بتجاوز ما
يعرف ب Blind
Radar Zone او المنطقة المعمية للردار حيث يعجز الصاروخ من تتبع الهدف
اعتمادا على انعكاسات الموجات الردارية بسب انحناء الارض التي تعيق ارسال
واستقبال الموجات الردارية المنعكسة
عن الهدف لذالك يتم في هذه الحالة الاعتماد على الاقمار الصناعية في
الملاحة من اجل ايصال الصاروخ للهدف او الى غاية تخطي المنطقة العمياء
.....
استخدام تقنية الملاحة بالقصور الذاتي Inertial
Navigation System : تعتمد انظمة الملاحة بالقصور الذاتي الحديثة على
معالج مركزي اضافة الى مجموعة من اجهزة الاستشعار وتحسس الحركة
الجيروسكوبية الليزرية كما يعتمد نظام الملاحة بالقصور الذاتي على منظومات
اخرى لاعادة تحديث بيانتها وتصحيحها اثناء مسار الصاروخ من بين تلك
الانظمة الاقمار الصناعية و مراكز القيادة والتحكم و ردارالصاروخ المحمول
حيث يقوم نظام INS بتمييز موقع الصاروخ ومساره الملاحي ومقارنتها مع البيانات المحدثة لاعطاء الوجهة الصحيحة نحو الهدف كما يعتمد نظامINS
على المنظومات الكهروبصرية والحرارية المدمجة في الصاروخ لاعادة تحديث
بيانته وتصحيحها خاصة في المهام الليلة كما اصبح الاعتماد على هذه
المنظومات الحرارية-البصرية في تصحيح بيانات الملاحة الاكثر اعتمادا بعد
الاقمار الصناعية بهدف التقليل من الاعتماد على الردار الذي يقوم بالكشف عن
الصاروخ في حال استخدامه في تحديث بيانات نظام الملاحة
الصاروخ الامريكي slam er نظام الملاحة بالاقمار الصناعية والقصور الذاتي + التصوير الحراري في terminal phase
استخدام المنظومات الكهروبصرية والحرارية Infra-red -Electro-Optical Imaging : يقوم مبداء عمل النظام الكهروبصري قيام باحث الصاروخ التلفزيوني اثناء نهاية مسار الطيران terminal phase
بمسح منطقة الهدف المرتقب بحثا عن الهدف الرئيسي المخزن بذاكرة الصاروخ
وما ان يتم العثور على الهدف حتى يقوم باحث الصاروخ الكهروبصري بالاطباق
على الهدف و التوجه لتدميره من اهم عوامل اعتماد المنظومات الكهوربصرية
على الصواريخ هو عدم تاثرها بحرارة الهدف حيث لا يقوم مبداء عمل هذه
المنظومات بالاطباق على الاهداف المرتفعة البصمة الحرارية بل يعتمد في
الاطباق على الصور التلفزيونية التي يراها الباحث وبتالي يعتبر هذا النظام
اجراء فعال ضد المنظومات ذات البصمة الحرارية المنخفضة ، اما بالنسبة
للانظمة الحرارية فهي تعتمد ببساطة على تحديد مصدر الحرارة في الهدف
والاطباق عليه لكن ما يمكننا قوله عن مبداء استخدام هذه الانظمة على متن
الصواريخ البحرية هو انها تستعمل ضد الاهداف البحرية ذات التصماميم
الشبحية والتي يصعب لردارت الصواريخ الصغيرة نسبيا مواصلة تتبعها والاطباق
عليها كما تستخدم هذه المنظومات ضد الاهداف البحرية التي تعتمد تكنولجيا
الردارت السالبة و ردارات agile beam ذات الانبعثات الخافتة....
الصاروخ الاوربي المضاد للسفن Penguin بتوجيه حراري سالب وجنيحات الكنارد
-استخدام جنيحات دالتا Delta Wing حيث
ان الهدف الاساسي من استخدام هذا النوع من الاجنحة هو ابقاء حافة الاجنحة
الخاصة بصاروخ التي تاخذ امتداد كافي الى الوراء محمية من موجة الصدمة
التي تنتج عن اصطدام انف الصاروخ بالهواء اثناء الطيران مما يسمح للصاروخ
بطيران بسرعات ما فوق الصوتية بعكس الصواريخ التي تعتمد على جنيحات
الكنارد كصواريخ الكروز التقليدية اما الميزة الثانية لاستخدام جنيحات
الدلتا فهي تكمن في زيادة زاوية الهجوم الخاصة بصاروخ aoa حيث تقوم الحافة
الامامية للجناح بتوليد داومة هوائية تغذي تدفق كبير من الطاقة والتي
تمنح الصاروخ زاوية عالية من المناورة والانحراف مما يصعب اعتراض الصاروخ
من النظم الدفاعية الغير المناورة
-التحليق على مسارات منخفضة Sea-Skimming Trajectory : وهو
مسار تعتمده معظم الصواريخ البحرية الحالية يمكنها من التحليق باتجاه
الهدف على مسارات منخفضة للغاية وبمحاذات مستوى سطح البحر بما يقارب 5-10
امتار فقط ، يعتبر هذا الاجراء الاخطرعلى الاطلاق في مجال الصواريخ
البحرية اذ يمكن هذا الاجراء الصورايخ البحرية من الاقتراب الى الهدف دون
قابلية كشفه من ردارت السفن المعادية الى في الكيلومترات الاخيرة التي
تقدر على اقصى تقدير ب28 ميل- 46 كلم مما يقلل من زمن رد الفعل لدى الطرف
المعادي الذي يقدر غالبا مابين 30-60 ثانية كاحسن تقدير وهو زمن قاتل خاصة في مواجهة الصواريخ العالية السرعة
-استخدام محركات الرام جت Ramjet
Engine : وهي تكنولجية جديدة في المحركات تستخدمها بعض الصواريخ البحرية
حيث لاتعتمد هذه المحركات عل اي قطع متحركة لضغط الاهواء وهي مناسبة
للسرعات العالية التي تزيد عن الماخ 3 Hypersonic Speed ويستخدم هذا النوع من المحركات بتوازي مع تقنيةSea-Skimming وتكنولجية التخفي للهروب من الانظمة الردارية المعادية وتخطي اكثر المنظومات الدفاعية تطورا
صاروخ البراهموس -الروسي-الهندي بتقنية Ramjet وسرعة ماخ 3
-استخدام تقنية الشبحية Stealth
Technology : حيث توجد مجموعة من الاجراءت التصممية التي تعمل على جعل
الصواريخ شبحية اوصعبة الاكتشاف من طرف المنظومات الردارية المعادية
وغيرها من منظومات الرصد والاستكشاف ، من بين هذه الاجراءت تصميم
الصواريخ بطريقة تقلل من توقيعها الرداري كتغير تصاميم مداخل الهواء
بطريقة تقلل من عكسها للاشعة تماما كتصاميم المقاتلات كما يتم نشر مشتتات
للحرارة diffuser على عوادم المحركات من اجل تشتيت الحرارة المنبعثة من الصاروخ و تقليل توقيع الاشعة تحت الحمراء للصاروخ
نفس المنظومة الروسية السابقة و المصممة على اساس تخفيض البصمة الردارية
مما
سابق و رايناه اتضح ان المنظومات القتالية البحرية اضحت اكثر خطوراتا
وفتكا نظرا لاعتمادها على تقنيات واجراءت هجومية اكثر تطورا وتعقيدا مما
سبق وتما استخدامه في مامضى على الاجيال الاولى من المنظومات البحرية
الصاروخية و على هذا الاساس فان هذا المنحنى الخطير والتصعيد في الاجراءت
الهجومية والتقنية على مستوى الصواريخ البحرية قد اعطى في الجانب المقابل
اي الطرف المدافع تغييرا اخر على مستوى الاجراءت الدفاعية لا من حيث
التقنية المستخدمة وحسب بل حتى على مستوى التنظير وطرق التصدي للتصعيد
المتواصل من الجانب الاخر مما قدم لنا الان تغييرا واضحا ومفهوما جديدا حول
العقيدة الدفاعية على مستوى سفن السطح اختفى فيها تدريجيا ماكان يعرف
سابقا بدفاع المتوسط-البعيد المدى عن القطعة ليحل محله اكثر الدفاع القصير
-المتوسط المدى وتحول العقيدة الدفاعية من التركيز على المدى الى التركيز
على الدقة ومن خلال ما ستطرحه الان ربما سنصل الى مرحلة الفهم وادراك
اسباب هذا التغيير
ان العقيدة الغربية الحالية فى بناء وتصميم القطع البحرية تعتمد على عامل
الدقة أكثر من اعتمادها على عامل المدى فالدفاع الجوى قصير المدى عن القطعة
البحرية أكثر كفاءة فى تدمير الهدف من الدفاع الجوى طويل المدى لاسباب
وعوامل متعددة نستخلص همها في مايلي :
1- أن معظم الصواريخ المضادة للسفن او المضادة لردارت السفن حاليا تطير على
أرتفاع منخفض للغاية باستخدام تقنيات Sea-Skimming Trajectory التي سبق
شرحها وهى الخطر الأكبر الذى تواجهه سفن السطح حاليا فالمنظومات الدفاعية
السابقة اصبحت الان مع هذا التصعيد التقني على مستوى الهجوم منظومات
تقليدية كونها صممت خصيصا للتعامل من مدى طويل مع الاهداف التقليدية
المحلقة على الارتفعات العالية كطائرات التقليدية والاهداف المرتفعة على
اختلاف انواعها ، وحيث نرى الان ان الاتجاه الحديث فى الهجوم هو الصواريخ
التى تكاد تلامس سطح الماء أثناء الطيران للأختباء من الرادارات مستفيدة
من تفوقها التقني بالنسبة لمنظومات الرصد ومستفيدة من العوامل الطبيعية
التي تصعب من اكتشافها بسب انحناء الارض او ما يعرف با Blind Radar Zone
ومن ثما مفجاءة السفينة المستهدفة من دون قابلية فعلية لاكتشافها الى من
مديات ابعدها حوالي 46 كلم كما شارنا سابقا اذن ما الفائدة من وجود دفاع
جوي قادر على التصدي للاهداف من 100 الى 200 كلم بينما المنظومات الردارية عاجزة عن اكتشاف اهدافها الى من مدى 40 كلم ومن ثم التعامل معها من 20 كلم اذا ماحسبنا زمن رد الفعل
2- أن صواريخ الدفاع
الجوى قصيرة المدى تكون أكثر أنسيابية وقدرة على المناورة فى الهواء نظرا
للحجم الصغير لقطر الصاروخ وعدم وجود مقاومة من العوامل الخارجية من
جاذبية وغيرها والتى يكون لها تأثير كبير على الصواريخ الكبيرة الحجم
بعيدة المدى الموجهة رداريا والتي تاتثر اثناء طيرانها الطويل لاصابة الهدف
بعوامل الجاذية والرياح مما يقلل من فرصة اصابتها لاهدافها المناورة
والسريعة ،كما ان خصائص الانسيابية و المناورة والسرعات العالية التي تتمتع
بها الصواريخ قصيرة المدى على نظريتها البعيدة المدى يمكنها من التعامل
بسهولة تامة مع الصواريخ البحرية السريعة و التي يتاخر اكتشافها الى في
المديات الاخيرة بعكس الصواريخ كبيرة الحجم غير المناورة والتي تكون عاجزة
الى حد بعيد على التعامل مع الاهداف التي يتاخر اكتشافها .....
3-ان الدفاع
الجوى قصير المدى عن القطعة البحرية أكثر كفاءة فى تدمير الهدف من
الدفاع الجوى طويل المدى بسب ان أحداثيات الهدف التى يتم نقلها لصاروخ
الدفاع الجوى بواسطة Data Link تأخذ مسافة أقل فى الطيران نظرا لقصر
المسافة بين القطعة البحرية وصاروخها والهدف ومن ثم تكون كمية البيانات
المحملة على ال Data Pass لصاروخ الاعتراض والمتعلقة بالهدف المراد
تدميره كالمسافة والمسار والاتجاه أكثر بكثيرا ومن ثم تزداد الدقة وحتى مع
مناورة الهدف فأن صاروخ الدفاع الجوى يكون أسرع فى رد الفعل بسبب سرعة
تتبع الهدف وسرعة تنقل بيانات الهدف من مراكز القيادة الى صاروخ الاعتراض
وهذا بعكس البيانات التي يتم نقلها الى الصواريخ بعيدة المدى حيث ان
طول المسافة بين صاروخ الاعتراض والسفينة والهدف يقلل من قابلية تتبع
الهدف من السفينة لعوامل تما ذكرها سابقا وبتالي من صعوبة ارسال بيانات
الهدف الى صاروخ الاعتراض كما ان طول المسافة بين السفينة وصاروخها يقلل من
سرعة تنقل بيانات الهدف من دون اغفال ان تلك البيانات نفسها وبسب طول
المسافة وعوامل التشويش الطبيعي والالكتروني لن تكون ثابتة بل سيتم تحديثها
باستمرار ومن ثما قابلية فقدان تلك البيانات ايضا باستمرار.....
4-معظم صواريخ الدفاع الجوي القصيرة المدى هي من صواريخ الجيل الخامس حيث
تتميز هذه الصواريخ بمجموعة من الخصائص والتي تشكل عامل حسم في التصدي لاي
نوع من الصواريخ البحرية الحديثة تعجز بكل تاكيد الصواريخ البعيدة المدى
على تحقيقها من بين هذه الخصائص والتقنيات تقنية الدفع الموجه والتي تمنح
الصاروخ قدرة عالية جدا من المناورة تصل الى حدود 40 g تتمكن من خلالها على
التعامل مع اكثر الاهداف مناوراتا وسرعتا من بين الخصائص التي تتمتع بها
هذه الصواريخ ايضا هي تقنية الاطباق ما بعد الاطلاق lock-on-after-launch اعتمادا على بواحثه الخاصة اوعلى البيانات المحملة بواسطة الداتا لينك من مراكز القيادة وهي تقنية تمنح لصواريخ مميزات كبيرة في اعتراض الهدف يتعذر ذكرها هنا نظرا لضيق الوقت