مسيرة العودة في المشهد الغربي: الرسالة والتأثير والرؤية -1
29/03/2019
د. أحمد يوسف
أمد/ الجزء الأول:
بعد مضي عام على مسيرة العودة الكبرى وفعاليات كسر الحصار في أسبوعها الواحد والخمسين على حدود قطاع غزة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وبحسب تقرير مركز الميزان لحقوق الإنسان حول حجم الإصابات والخسائر البشرية، فإن قوات الاحتلال قتلت (273) فلسطينياً، وأصابت (15234) آخرين منذ انطلاق المسيرات السلمية في 30 مارس 2018. ولذا، فإن الحاجة غدت مُلحّة لإجراء مراجعة وربما مساءلة لحصيلة ما حققته محلياً وإقليماً ودولياً؛ لأن حجم التضحيات يستدعي الوقوف لقراءة النتائج والتمعن في حسابات الربح والخسارة، بهدف الاستدراك والخروج بجملة من التوصيات تُسهم في تصويب البوصلة، وضمان أن ما تمَّ تقديمه من أعداد الشهداء والجرحى قد آتى أُكله، وأن المسيرات قد أنجزت الهدف المنشود من انطلاقاتها الأسبوعية، وأن الموقف كان وما زال صائباً، وأن ما وقع من أخطاء في بعض المراحل بالإمكان تداركه في عام قادم، حيث يلزمنا أن نواصل العملية النضالية اللاعنفية، وملاحقة دولة الاحتلال المارقة لجرائمها التي ترتكبها بحق الإنسانية في قطاع غزة، وتدفيعها ثمن هذه الانتهاكات بتعظيم خسائرها في الداخل والخارج.
بلا شك أن هناك حرصاً وجهوداً تبذل لتقييم الأوضاع والاستفادة من الدروس ومخرجاتها في تصويب الحراك، بما يخدم الرسالة السياسية والإعلامية والأمنية والأهداف المرجوة منه. المهم هنا، هل تلقى هذه النصائح والتوصيات آذاناً صاغية لها، أم أن المعادلة تبقى قائمة "لا رأي لمن لا يُطاع!!".
من جهتي، سأحاول تقديم رؤية تقييمية من خلال عملية التواصل مع عدد من الشخصيات الاعتبارية والإعلامية الوازنة في الساحتين الأوروبية والأمريكية واستطلاع وجهات نظرها في مدى تأثير هذه الحِركات الشعبية التي يقوم بها أبناء شعبنا في قطاع غزة على الراي العام الغربي، وفرص تفاعله معنا للضغط على الجهات الرسمية في أمريكا وأوروبا لتغيير سياسات التحالف والدعم المطلق والانحياز الأعمى لإسرائيل، في مسعى لكسب التعاطف والتأييد للحقوق الفلسطينية السليبة، والتي نجحت فيه - للأسف - ماكينة الدعاية الصهيونية (الهاسبرا) سياسياً وإعلامياً في تسويق خطاب المظلومية وصورة الضحية عن دولة الاحتلال، وأن الشعب اليهودي في إسرائيل يتعرض لتهديدات وجودية من جهات فلسطينية متطرفة كحركة حماس والجهاد الإسلامي التي تدعم ممارسة العنف والإرهاب بحق إسرائيل!!
وحتى تكون القراءة والتقييم لمشهد مسيرات العودة في الغرب تتسم بالدقة والصدقية، تواصلت مع جهات عربية وغربية تعيش في أمريكا وأوروبا وكندا واستراليا لإعطاء صورة عن درجة التأثير وحجم التغطية لتلك المسيرات في وسائل الإعلام عندهم من ناحية، ومدى التفاعل والقدرة داخل مجموعات النخب "الانتلجنسيا" والمنظمات الإنسانية في الغرب لتظهير مواقفها الرافضة لسياسات إسرائيل القمعية تجاه تلك المسيرات اللاعنفية؛ باعتبارها حقاً مشروعاً لشعب تحت الاحتلال والحصار، ويطالب بحقه في تقرير المصير.
الحقيقة كما رصدتها، من خلال تلك التقييمات والاتصالات، تشي بأن هناك تراجعاً ملحوظاً وتهميشاً متعمداً للتفاعل والتغطية لتلك المسيرات، والسبب وجود ضغوطات تُحركها اللوبيات اليهودية الصهيونية في الغرب، وربما هناك أيضاً أسباباً أخرى منطقية لها علاقة بفقدان تلك المسيرات لعنصر الإثارة والتشويق المطلوب في التغطيات الإعلامية، حيث تحولت هذه الحِراكات الشعبية إلى شكل من أشكال الروتين والرتابة، وهذا ما يصرف انتباه الجمهور - عادة - عن المتابعة والتفاعل، وهنا تكون لحظة توقف التغطية وغياب التفاعل مع الحدث، والانصراف إلى ساحات أخرى، وهذا هو الأسلوب المعتمد - عموماً - في منهجيات الإعلام الغربي.
لن أقتصر في التقييم وتقديم الرأي حول هذه المسائلة على ما أسلفت، بل هناك أيضاً تجربتي الطويلة في الدراسة والعمل لأكثر من عشرين سنة في أمريكا، واختصاصي الأكاديمي في دراسة وتدريس مادة الإعلام الدولي، وخبرتي كإعلامي له معرفة باهتمامات المجتمعات الغربية، وقد أجريت الكثير من المقابلات الإعلامية مع جهات سياسية، ونشرت العديد من المقالات في الصحافة الغربية، وخاصة الأمريكية والبريطانية.
ماذا يقولون في الغرب عن مسيرة العودة وكسر الحصار؟
سأتناول هنا وجهتي النظر لأطراف فلسطينية وعربية تعيش في الغرب، وأخرى لشخصيات غربية سياسية وأكاديمية معروفة بتعاطفها مع الفلسطينيين، وحقهم في الحرية والاستقلال وتقرير المصير، حتى تتكامل مشاهد الرؤية والموقف بالرأي السديد حول ما يتوجب عمله لتصويب بوصلة الحِراك الشعبي، وتحقيق الهدف المرجو من استمراريته لشعبنا وقضيتنا الفلسطينية.
أولاً) وجهات نظر شخصيات فلسطينية وعربية تقيم في الغرب
- د. أسامة أبو إرشيد؛ المفكر والمحلل السياسي والناشط الأمريكي من أصول فلسطينية، أشار قائلاً: "للأسف؛ تراجعت أهمية المسيرات في التغطية الغربية، وأظن أن هذا شيءٌ مفهوم، فالخبر لم يعد فيه جديد، وبالتالي يسقط من الأولويات. في البداية، كان ثمة تعاطف واضح في تغطية وسائل الإعلام الرئيسة، ولكنه بدأ يخبو مع مرور الوقت، خصوصاً مع بعض التصريحات غير الموفقة من بعض كوادر وقادة حماس عن مشاركة عناصر من جناحهم العسكري فيها... ثم إن بقاء المظاهرات دون أفق زمني واضح ودون ارتباطه بهدف سياسي معقول أفقدها كثيراً من زخمها". وأضاف: "شخصياً، أظن أن هذه المسيرات استنفذت دورها منذ أشهر طويلة، وهي تتحول إلى استنزاف على فلسطينيي غزة دون مقابل معقول، ودون تعاطف دولي مستمر. فالخبر اليومي أو الأسبوعي لفترة طويلة يصبح روتينياً".
- د. رمزي بارود؛ الإعلامي الأمريكي من أصول فلسطينية، أشار بالقول: "على الرغم من الجهود الإسرائيلية لتشويه مسيرات العودة، واتهامها بأنها منابر سياسية تتلاعب بها حماس للضغط على إسرائيل، فهذا ليس هو الخط الرئيس للتغطية الإعلامية الغربية أو التصور للمسيرة". وأضاف: إجمالاً، يتم وصف مسيرات العودة بعدة طرق، تتفاوت بحسب توجهات الصحف والقنوات التلفزيونية ودرجة انحيازها لإسرائيل، فهناك من يصفها بأنها مناوشات بين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي، وآخر يعتبرها بـأنها حالة من العنف الفلسطيني، وهناك من ينظر إليها كمقاومة فلسطينية سلمية.
إن التحدي الحقيقي أمام الفلسطينيين اليوم يكمن في كيفية تقديم الحشود على سياج غزة كأكبر عمل للمقاومة الشعبية والجماعية السلمية في العالم، حيث إن إسرائيل تستخدم طرقاً مختلفة لإحباط الجهد الفلسطيني في القيام بهذا العمل، من خلال التأكيد على حرق الحقول الإسرائيلية عن طريق الأطباق المشتعلة بالنار. (وكان هذا مدمراً بشكل خاص)، وكذلك عبر عرضٍ لمشاهد أطفال يتسلقون السياج، وآخرين يقومون بإشعال الكاوتشوك، إضافة إلى إطلاق الصواريخ. وعقَّب بالقول: للأسف؛ إن الإعلام الغربي والمتحيز على نحو تقليدي لدولة الاحتلال، نادراً ما يتحدى الرواية الإسرائيلية حول هذه القضايا.
- الأستاذ أحمد أبو ارتيمة؛ ابن غزة وأحد نشطاء مسيرة العودة، والمقيم حالياً في أمريكا، فتحدث قائلاً: "باعتقادي أن التغطية في وسائل الإعلام الغربية لم ترق بعد لتشكل حالة ضغط تؤثر أو توصل صوت غزة وصوت الفلسطينيين جيداً إلى صانعي القرار ومؤسسات صنع القرار. لذلك، أعتقد أننا نحن الفلسطينيين بحاجة الى المزيد من الجهود كي تصل أصواتنا إلى العالم". وأوضح بالقول: "إن هناك حالة خيِّرة داخل المجتمع الأمريكي؛ بمعنى أنهم يتعاطفون مع القصص الإنسانية حين تصلهم الصورة واضحة، وهذا ينبغي أن يدفعنا إلى المزيد من العمل والجهد، يعني صوتنا غير مسموع. أنا بشكل عفوي أو عشوائي سالت الكثيرين من الطلبة والشباب: هل سمعتم من قبل عن غزة؟، فكان الجواب بالسلب؛ أي أنهم لم يسمعوا عن غزة من قبل!! طبعاً؛ هذا يحتم علينا مسؤوليات إضافية، حيث يتوجب علينا أن نبدع من الوسائل بما يُمكننا من إيصال صوت غزة والحكومة الفلسطينية وحق العودة إلى الجمهور".
وأضاف أبو ارتيمة: "اعتقد نحن بحاجة إلى لغة إنسانية حقوقية تركز على القيم الإنسانية المشتركة والمفهومة، فالأميركيون وغيرهم ربما لا يفهمون مصطلحاتنا المحلية كثيراً، لكنهم سيكونون أكثر فهماً حين نقول لهم مثلاً: إن الإنسان الفلسطيني محبوس في قطاع غزة ولا يستطيع حرية الحركة، وأن المريض الفلسطيني يموت في القطاع ولا يستطيع أن يصل إلى العلاج، والطالب الفلسطيني يُحرم من فرصته في مواصلة دراساته العليا وفرص العمل بالخارج، وأن هناك أطفالاً يموتون في غزة بفعل الاحتلال الإسرائيلي، كما أن هناك لاجئين تمنعهم إسرائيل من العودة إلى وطنهم، فقط لأنهم من غير اليهود. المقصد هنا، أننا بحاجة إلى لغة إنسانية حقوقية واضحة".
وأشار الأستاذ أبو ارتيمة: "إن هناك أيضاً فرصة تتمثل في وجود كبير للجالية الفلسطينية في أمريكا، وهؤلاء يمكننا أن ننسج معهم العلاقات وتعزيز سبل التواصل بيننا، من أجل أن يقوموا بدور فاعل ودور إعلامي ودور تشبيكي مع دوائر صنع القرار والمؤسسات الإعلامية والسياسية، بهدف أن تتكامل جهودنا في الداخل؛ أي الميدان، مع جهود هؤلاء الإعلامية في الساحات الغربية، وتشكيل حالة يمكن أن تمثل قلقاً حقيقياً لاستمرار جرائم الاحتلال ضدنا".
- الأستاذ زاهر البيراوي؛ الناشط والإعلامي الفلسطيني المقيم في بريطانيا، علق قائلاً: " لا شك أن مسيرات العودة حظيت بتغطية جيدة في الإعلام الغربي، ولكن التغطية - كما هو حال معظم الملفات والقضايا الفلسطينية - تراوحت بين الحيادية والتعاطف من جهة، وبين تبني الرواية الإسرائيلية من جهة أخرى. نعم؛ كان وما زال هناك جهد من مؤيدي الحقوق الفلسطينية لإظهار المسيرات بأنها سلمية لا عنفية، وأنها خيار شعبي دافعه الظلم الناتج عن الحصار لأكثر من عقد من الزمان، وللمطالبة بحق أساسي ألا وهو حق العودة. وبالمقابل؛ هناك جهد أكبر من قبل ماكينة الإعلام ومنظمات العلاقات واللوبي الإسرائيلية، التي يدار جزء منها من وزارة الشؤون الاستراتيجية، حيث يجتهدون بشكل واضح لجعل صورة المسيرة كعمل عنفي يستهدف أمن إسرائيل ومواطنيها".
وأضاف: "للأسف؛ أظن أن المعركة قد رجَّحت الكفة في أغلب وسائل الإعلام الغربية، وخاصة الرسمية وشبه الرسمية، لصالح الرواية الإسرائيلية. أما الإعلام "الصديق"، فما زال يتناول الصورة الإيجابية ويدفع بها إلى عقول وقلوب الناس في المساحات التي له تأثير عليها. وقد كان للطريقة (المرتجلة) التي تمَّ فيها إدارة هذا المشروع والحدث الوطني الكبير من قبل الفصائل الفلسطينية أثر كبير على الكيفية التي تقدَّم بها التغطية، حيث أعطت لدولة الاحتلال ولجحافل المدافعين عنها بعض الأدوات والأسلحة الإعلامية المجانية لمواجهة المسيرة ومحاولة إفشالها وإفراغها من مضمونها الأساسي كحراك شعبي سلمي، وحرفها – مع الأسف - عن فكرتها الأصلية الرائعة، ووسمها بأنها إرهابية، وأنها أداة في يد حركة أو مجموعات إرهابية تحركها بالأمر التنظيمي".
- د. عبد القادر فارس؛ أديب وإعلامي فلسطيني مقيم في كندا، أوضح قائلاً: "بالنسبة لتغطية وسائل الاعلام فإنها تختلف. ففي وسائل الاعلام الكندية الرسمية وغير الرسمية الناطقة بالإنجليزية، فلا يوجد هناك اهتمام كبير لمتابعة مسيرات العودة، ويأتي ذكرها كخبر عادي، إلا إذا كان هناك قتلى وخسائر في الجانبين، وليس الجانب الفلسطيني فقط. أما الصحف العربية التي تصدر في كندا، فهي حسب توجهها؛ فمنها من يهتم بمتابعة المسيرات، ولكنها تذكرها كأخبار فقط أيضا دون تعمق وتحليل، وهناك اختلاف في التأييد أو المعارضة لاستمرارها، ولكن أغلبية الشارع الفلسطيني هنا مع وقفها؛ لأنها لم تحقق الأهداف التي انطلقت من أجلها رغم مرور حوالي عام".
- الأستاذ أنور الغربي؛ الأمين العام لمجلس جينيف للعلاقات الدولية والتنمية، أشار إلى أن التغطية في الصحافة السويسرية والأوروبية كانت مكثفة خلال الأسابيع الأولى، وكان الاهتمام يتزايد عند تزامنها مع أحداث أخرى، مثل نقل السفارة الأمريكية للقدس أو خلال تزامنها مع تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال شهر يونيو أو عندما كثر الحديث حول تقليص الدعم للأونروا أو عند سقوط ضحايا من الصحافيين والنساء والأطفال والمسعفين". وأضاف: "لقد أعطى التحرك المدني والسلمي قوة حجة كبيرة، خاصة وأن الحِراك يشارك فيه مجمل مكونات الشعب الفلسطيني في غزة تحديداً، واعتقد أن التغطيات كانت في الغالب تتحدث عن غزة وتربطها بالحصار المضروب عليها وبالأزمة الانسانية والعقاب الجماعي والحد من حرية الحركة والاضرار بحياة الناس، ولم تفلح الروايات الإسرائيلية الساعية لربط المسيرات بفصيل محدد أو بوسمها بالعنف، وتضعف الرواية الإسرائيلية أمام الحقائق التي نقلتها وسائل إعلام مرموقة ومنظمات دولية معروفة، وما مطالبة مجلس حقوق الانسان في دورته الحالية بالتحقيق في ارتكاب جرائم حرب وابادة إلا دليل على الوقائع التي توصل لها المجتمع الدولي والإعلام الغربي جزء منه. لا شك أن هناك تزايداً للأصوات المطالبة بوقف الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الفلسطينيين وإنهاء الاحتلال، الذي أصبح يمثل عبئاً ومعضلة كبيرة نراها مع تزايد قوة حملات المقاطعة". وأشار مؤكداً بأن هناك تراجعاً ملحوظاً في درجة الاهتمام خلال الأشهر الماضية مع تزايد الاهتمام بملفات أخرى في المنطقة.
وعليه؛ يمكننا القول: إن الغالبية ممن تمَّ استطلاع آرائهم في الغرب من ذوي الأصول العربية، قد أشاروا بتراجع التغطية ودرجة التأثير في الرأي العام الغربي، وهذا يضع فصائلنا الفلسطينية أمام التحدي الكبير والسؤال الأهم: ما هو المطلوب عمله لتعزيز الرواية الفلسطينية بما يتعلق بمسيرات العودة وكسر الحصار من ناحية، وتحريك الرأي العام الغربي للتعاطف والتضامن مع المظلومية الفلسطينية، وفضح جرائم إسرائيل بحق الإنسانية من ناحية أخرى؟ وهذا ما سنتناوله في الجزء الثاني من هذا المقال.
مسيرة العودة في المشهد الغربي: الرسالة والتأثير والرؤية - ح 2
31/03/2019
د. أحمد يوسف
(الجزء الثاني)
د. أحمد يوسف
تناولنا في الجزء الأول مواقف الفلسطينيين والعرب في الدول الغربية حول وجهات نظرهم تجاه مسيرة العودة الكبرى وفعاليات كسر الحصار، وهنا سنقدم قراءة لشخصيات غربية اعتبارية تجاه الموقف من تلك المسيرات، وما يقدمونه من توصيات للحفاظ على الزخم والتأثير الذي نتطلع إليه.
مسيرات العودة: فراءة في مرآة الرأي العام الغربي
في سياق إجراء مسح لمواقف وتغطيات الإعلام في الغرب، تحدثنا مطولاً مع الناشط الإعلامي الفلسطيني محمد شحادة؛ والمقيم حالياً في أوروبا، حول جوهر الرؤية والتحليل لمشهد مسيرات العودة وكسر الحصار في الساحات الغربية، فأجاب بالقول: كما تعلمون، إن الرواية الصهيونية قوية التأثير في الرأي العام الغربي؛ سواء عبر اللوبيات أو المؤسسات الغير حكومية أو نشطاء المجتمع المدني الموالين لإسرائيل أو اتباع الكنيسة الإنجيلية وغيرها، كما أن النفوذ الإسرائيلي يتغلغل بعمق في ماكينة الإعلام الغربي، وبالتالي تمتلك إسرائيل قدرة عالية على التحكم في الروايات الرسمية وغير الرسمية، ومنها توجيه الرأي العام في الغرب، وخاصة في أمريكا. ومع ذلك، علينا عدم التسليم لفرضية الهيمنة الإعلامية، بل يجب الأخذ بعين الاعتبار بأن السيطرة الصهيونية على الإعلام في الغرب ليست مطلقة، ويمكن اختراقها ومجابهتها بالأساليب المتاحة.
فعلى سبيل المثال، بدأت هذه السيطرة الإعلامية بالضعف في ظل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي كمنبر للإعلام الحر، ولكن هذا الضعف صغير نسبياً، ولا يمكن التسليم بأنه سيتضاعف مع الزمن. ففي فضاء وسائل التواصل الاجتماعي، غالباً ما تنتشر الموضوعات في حلقات مغلقة (مثل مجموعات التضامن الدولي مع الفلسطينيين)، ونادراً ما تقوم بالتأثير الواسع على الجمهور الخارجي، إلا في الأوقات الاستثنائية، مثل: نشوب حرب أو مواجهات عسكرية واسعة.
وأضاف: لا شك أن مسيرة العودة وفعاليات كسر الحصار كانت ضربة قوية للغاية للرواية الإسرائيلية في الإعلام والرأي العام الغربي، وقد غيَّرت المسيرة الرأي العام الغربي بشكل لا رجعة فيه، ومثال على ذلك، رفض الممثلة الأمريكية الإسرائيلية الحائزة على جائزة أوسكار "نتالي بورتمان" تسلم جائزة تكريم إسرائيلية (قدرها 2 مليون دولار) في أثناء حدوث تلك المسيرة، وبسبب ما فعلته إسرائيل في غزة، كما قام مرشح الرئاسة الأمريكي والسناتور اليهودي برني ساندرز بحملة دعم واسعة لرفع الحصار عن غزة مع بدء المسيرة.
ويعقب بالقول: يجب علينا الانتباه إلى أن ذلك التغيير لم يكن بفضل المسيرات ككل، بل بفضل أحداث استثنائية وقعت خلالها، مثل: اغتيال الممرضة الشابة رزان النجار، والصحفي ياسر مرتجى، أو خلال مذبحة يوم 14 مايو الواقعة بالتزامن مع افتتاح السفارة الأمريكية في القدس. وبذلك، كانت ردة الفعل الساخطة على إسرائيل بسبب استخدام جيش الاحتلال للعنف المفرط ضد المتظاهرين أو المسعفين والصحفيين، أكثر من كونها تأثراً بفكرة المسيرات ذاتها.
وأضاف: إن الغضب من أفعال إسرائيل يختلف نوعاً ما عن التأثر والنصرة للمقاومة الشعبية الفلسطينية، ويعود ذلك القصور للأسباب التالية:
1) غموض وتشتت أهداف المسيرة وجدلية الاسم؛ فعندما أعلن السانتور برني ساندرز دعمه لمسيرات غزة، أعلن دعمه لجزئية رفع الحصار دون التطرق لجزئية حق العودة. كذلك فعل كل من تضامن مع المسيرة من أمثال جيرمي كوربن؛ رئيس حزب العمال البريطاني، وكذلك البرلمان الأوروبي، فكلاهما قاما بدعم رفع الحصار عن غزة، فالإشكالية هنا تتمحور حول مطلب "عودة اللاجئين" لأراضي 1948، هو من أعقد مراحل عملية السلام. وحتى اليوم، لا توجد هناك صيغة دولية متفق عليها لحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، عدا القول بضرورة إيجاد حلٍّ عادل متفق عليه لمشكلتهم، ولقد كان ذلك واضحاً في ساحة الإعلام الغربي فيما يتعلق بمسيرات العودة، فبينما وجدت إسرائيل صعوبة في اقناع الرأي العام الغربي بحاجتها لإبقاء الحصار، كان من السهل للغاية اقناع العالم الغربي بأن مطلب المسيرات لتنفيذ حق العودة هو إغراق إسرائيل بملايين من الفلسطينيين الراديكاليين للقضاء على الدولة اليهودية. وهذا ما تساوق – للأسف - مع المخيلة الغربية، التي تصور المسيرات كطوفان بشري يهدف لإغراق إسرائيل باللاجئين!!
وختم شحادة بالقول: لقد كان بالإمكان تفادي ذلك بسهولة لو كان مسمى ومطلب المسيرة/ المسيرات الرئيس هو شيء غير مختلف عليه دولياً، ولا يمكن الجدال في شرعيته، كرفع الحصار عن قطاع غزة، وهو الأمر الذي يحظى مسبقاً بموافقة دولية كاملة، بعكس مطلب حق العودة.
إن لهذا الرأي وجاهته، حيث أيده د. نورمان فنكلستين؛ الأكاديمي والناشط الحقوقي الأمريكي، بالقول: "إذا ما تمَّ تبني مطلب رفع الحصار، فإن ذلك لن يُسقط بالضرورة مطلب حق العودة، وإنما من الأرجح في هذه الحالة التركيز على مطلب واحد بسيط وسهل المنال من دون تشتت، فإذا تحقق ذاك المطلب شكل ذلك حافزاً لتقوية الإيمان بفكرة المسيرة، والاستمرار على هذا النهج بعدد أكبر من المشاركين للتدرج في المطالبة بالحقوق".
2) أسلوب تقديم المسيرة: من المؤكد أن فكرة المقاومة الشعبية تستهدف جمهور غربي بامتياز، والهدف من استعطاف الجمهور الغربي هو حثه للقيام بالضغط على الحكومات الغربية للحراك باتجاه انقاذ غزة. للأسف؛ ما حدث في غزة هو مخاطبة الجمهور الغربي بنفس أدوات ومنطق خطاب الجمهور العربي!!
وهنا؛ يرى ستانلي كوهين؛ المحامي والناشط الأمريكي، أنه كان من الخطأ تقديم المشاركين في المسيرة على أنهم "هَلكى" وضحايا يأس وفقر وانعدام إيمان بالحياة، بمعنى آخر إنهم ذهبوا للحدود ليلقوا حتفهم، وينالوا الموت!! وأوضح بالقول: إن الخطر في ذلك هو أن الجمهور الغربي لا يتعاطف مع الضحية المستكينة المستسلمة لهلاكها، والراكضة نحو الموت بأرجلها، بنفس مقدار التعاطف مع الشخص الفاعل المطالب بحقوقه وعدالة قضيته. وأضاف: من متابعتي الشخصية، لاحظت استخدام إسرائيل لمصطلح “Child sacrifice ritual” أو شعائر التضحية بالأطفال، والتي استخدمتها إسرائيل بكثافة في الإعلام الغربي، للقول بأن الفلسطيني المتعب من أبنائه يقوم بإلقائهم على الحدود للموت!! أو تركهم هناك ليلقوا حتفهم!!
فإذا كان تصوير المشاركين في المسيرة على أنهم ضحايا مستسلمون، فإن ذلك لا يعني أن العكس صحيح. فالمطالبة بالحقوق لا تكون بأسلوب النديِّة والمواجهة والتهديد، بل بالتطمينات بأن حصول الفلسطيني على حقوقه لا يهدد حياة أو مصير أحد. ولعل ما أورده نورمان فنكلستين يصب في نفس المعنى، حيث أشار إلى أن الخطأ الذي وقعت فيه قيادات هذه المسيرات هو أسلوب الخطاب الندِّي المتسم بلغة التهديد والوعيد لإسرائيل. فإسرائيل دائماً ما تلعب دور الضحية وتصور الفلسطيني كالمتربص لتدمير "دولة غربية ديمقراطية مثالية"؛ سواء بالسعي نحو رفع الحصار بلغة التهديد؛ "ارفعوا الحصار وإلَّا"، وما يصاحب ذلك من مخاطر أمنية، أو بالمطالبة بانتزاع حقوق الشعب الفلسطيني كاملة بلغة انتقامية، وما يستدعي ذلك للذهن الغربي من مخاطر على هوية إسرائيل كملاذٍ آمن ليهود العالم "المضطهدين"، إذا ما أصبح الفلسطيني سيداً على الشعب الإسرائيلي. وأضاف فنكلستين: إن اللغة الوسطية هنا هي القادرة على التواصل مع الجمهور الغربي؛ كونها تتسم بالخطاب السلمي، وأن المشاركين في المسيرة لا يسعون لقتل أو تدمير أحد، ولكنهم يريدون الحصول على أبسط حقوقهم.
3) عدم وجود حكومة معترف بها دولياً في غزة، وعدم بذل حركة حماس لأي مجهود حقيقي لبناء جسور مع المجتمع الدولي؛ وهنا يرى د. ريتشارد فولك؛ أستاذ القانون الدولي، إن أكثر ما ضيَّع فرصة رفع الحصار عن غزة في ظل الزخم الناتج عن مسيرة العودة هو الانقسام، وعدم وجود حكومة معترف بها دولياً في غزة، ولو بشكل صوري.. فحتى إن أراد نتانياهو تلبية توصيات الجيش الإسرائيلي المتعددة، وقام بتبني فكرة رفع الحصار بشكل كامل، فإنه من رابع المستحيلات أن يقوم بتنفيذ هذه الفكرة في ظل عدم وجود حكومة معترف بها دولياً في غزة؛ لأن ذلك يعني كارثة سياسية لحكومته، حيث سيتم تصوير الأمر داخلياً على إنه انهزام واستسلام لحماس، وخارجياً على أنه فصل لغزة عن الضفة. فكان هنا من الأفضل استجلاب حكومة الوفاق لغزة ولو بشكل رمزي، قبل الضغط باتجاه رفع الحصار؛ لأن أفضل النتائج الممكن إحرازها في ظل عدم وجود حكومة معترف بها دولياً في غزة هو المزيد من التسهيلات المؤقتة والمساعدات الإنسانية لمنطقة منكوبة، وهو ما حدث فعلياً، ويميل لهذا الرأي أيضاً المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي.
أما نورمان فنكلستين فيلوم على حركة حماس عدم السعي لبناء جسور مع المجتمع الدولي ونيل اعترافه، ويرى نورمان بأنه من الممكن التحايل على مطالب المجتمع الدولي، فمثلاً: يمكن أن تقول حماس بأنها تعترف بوجود إسرائيل، ولكنها لا تعترف بحقها في الوجود (كما فعل غاندي بشأن دولة الباكستان)، أو أن تنبذ العنف ضد المدنيين، والتأكيد على حقها في استهداف الجنود والمواقع العسكرية.
4) عدم وحدة وتناسق الخطاب الفلسطيني حول أحداث المسيرة؛ حيث شكلت فكرة زحف آلاف الغزيين باتجاه الحدود كابوساً للعديد من السياسيين والمفكرين الإسرائيليين لمدة طويلة، كما قال الصحفي الإسرائيلي المخضرم بن كاسبيت. وذهب إلى ذلك العديد من جنرالات الجيش، فقال أحدهم: "نحن لا نحسن التصدي لغاندي"؛ أي للمقاومة السلمية.. لقد دام هذا الخوف في الوسط السياسي الإسرائيلي إلى أن تحققت الفكرة على أرض الواقع، ومن ثم سرعان ما اطمأنت إسرائيل إلى أن بإمكانها التصدي للمسيرة بدون قلق، بفضل تشتت الخطاب الفلسطيني المدافع عن المسيرة.
في الحقيقة، لقد اعتمد نجاح إسرائيل على عدم توحد الخطاب الفلسطيني في غزة أكثر منه على القدرات الإعلامية الإسرائيلية. لقد حاولت إسرائيل منذ بداية المسيرة التعتيم على الأحداث في غزة أو التلاعب في الصورة العامة في الغرب وفشلت، إلا أنه تمَّ اغتيال مسيرة العودة إعلامياً بفضل عثرات بعض المتحدثين الرسميين في غزة.
وهنا يتحدث الإعلامي الفلسطيني محمد شحادة عن هذه المسألة بالقول: "كنت قد تابعت بشكل مكثف وموسع التغطية الإعلامية الغربية للمسيرة، فوجدت جميع الصحف العالمية الكبرى تتهافت لنقل ثلاثة تصريحات: الأولى؛ جاءت على لسان د. صلاح البردويل (بأن جُلَّ من ماتوا في المسيرة من حماس)، والثانية أطلقها د. محمود الزهار (بأن المسيرة مدعومة بمقاومة مسلحة، ومن يقول بأن المسيرة سلمية يخدع نفسه)، وكانت الثالثة هي ما نطق به الأخ يحيى السنوار خلال إحدى جولاته للمشاركة في المسيرة (سنقتلع قلوبهم). وما زالت هذه التصريحات متداولة حتى اليوم".
وعقب بالقول: إن هذه التصريحات الثلاثة شكلت الضربة القاضية بامتياز لصورة المسيرة في الغرب، والكنز الذهبي الأغلى ثمناً لإسرائيل، والذي منحها مطلق الحرية في التصدي للمتظاهرين والنيل منهم. وأضاف: "إن الرأي العام الغربي الآن يميل إلى تصور أن المسيرة حمساوية بامتياز (وكلمة حماس في الذهن الغربي دائماً مصحوبة بالعنف والعسكرة والإرهاب)، أو في أحسن الأحوال تكون الصورة بأن المسيرة مدنية سلمية، ولكن عناصر حماس تختبئ وسط المدنيين لاختراق الحدود الإسرائيلية وتنفيذ هجمات على المستوطنات المدنية القريبة، وقد ساعد على نشر ذلك التصور الممارسات الشبه عسكرية، مثل: الإرباك الليلي واحراق الإطارات وغيرها".
ولكن؛ وهذه كلمة حق، فإن الرأي العام الغربي في أسوأ الأحوال لم يأخذ صفَّ إسرائيل بتاتاً، في قضية البالونات الحارقة مثلاً، ولكن مثل هذه الممارسات أفقدت المسيرة قدرتها على كسب التعاطف الدولي، وجعلت الشعور العام تجاه المسيرة هو اللامبالاة، فكان التركيز على أسلوب إسرائيل في قمع المتظاهرين بدلاً من التركيز على المسيرة نفسها.
أما في وسط صُنَّاع القرار في أوروبا، فإن تصورهم عن مسيرة العودة فهو يميل لاعتبارها مناورة سياسية قامت بها حماس لإنقاذ نفسها من غضب شعبي، ويعزز هذا التصور التصريحات التي أطلقتها بعض قيادات حماس بأن المسيرة جاءت لإفشال محاولات البعض لتفجير الوضع الداخلي والتحريض ضد حكم الإسلاميين في غزة.
5) عدم استقطاب الصحفيين وكسبهم؛ فعندما يزور أي صحفي ذو وزن وصفة إسرائيل تقوم العديد من الجهات الحكومية وغير الحكومية باستعطاف الصحفي وكسب ثقته؛ سواء أكان ذلك باللقاءات مع النخب السياسية المتعددة لإعطاء الشعور بالتقدير والأهمية أو بالجولات المجانية الترفيهية (بما في ذلك جولات بالطائرة المروحية فوق القدس).
وبالرغم من وجود بعض من يقومون بكسب ودِّ الصحفيين وتسهيل مهماتهم في قطاع غزة، إلا أن الحال في القطاع - بشكل عام - مخيِّب للآمال. فنحن لا نقول خيراً ولا نصمت. فإن لم نتمكن من استمالة الصحفيين الزائرين لغزة، فعلى الأقل يجب التأكد من أنهم لا يلاقون أي متاعب اثناء جولاتهم. للأسف، أخبرني العديد من الصحفيين بمضايقات لا حصر لها أثناء زيارتهم لغزة، وعراقيل لا تنتهي، وأسلوب تعامل تخويني، وفرض إجراءات مشددة كإلزام الصحفي بأن تختار الجهات المعنية في غزة مرافقه الشخصي وألا يقوم هو أو هي بالاختيار. كل تلك الممارسات، جلعت أغلب الصحفيين لا يكررون زيارة غزة مرة أخرى إلا في حال الاضطرار الشديد، مع الاحتفاظ بصورة سلبية عن حركة حماس في ذهن المجتمع الإعلامي.
6) عدم التواصل مع العالم الغربي؛ يرى نورمان فنكلستين بأنه كان من الممكن لإسماعيل هنية أو يحيى السنوار كتابة مقال باللغة الإنجليزية في إحدى الصحف العالمية لإيصال أفكار وأسباب وأهداف المسيرة للعالم بشكل واضح لا يحتمل الشك. ولكن للأسف، في أفضل الأحوال قام إسماعيل هنية بكتابة مقال طويل ومشتت في صحيفة "ميديل إيست آي" لم يحظ بأي انتباه، وكانت نهاية المقال غير موفقة، حيث حملت لغة التهديد والوعيد.
بيت القصيد في كل ما أوردناه، يتلخص بالتالي: إن تعاطف العالم الغربي مع قطاع غزة خلال المسيرات كان مقتصراً على الغضب من استخدام إسرائيل للقوة المفرطة بحق المدنيين، وكانت تلك العاطفة أكثر انتشاراً من التعاطف مع المسيرة ذاتها.
ومع ذلك، لا يمكن الاستهانة بالشعور الحالي المسيطر على الرأي العام العالمي (بما في ذلك الجالية اليهودية الأمريكية بشكل عام)، وهو شعور بالغضب العارم من استخدام إسرائيل للذخيرة الحية في قمع المتظاهرين.
مقترحات وتوصيات:
إن عناصر نجاح أي حراك شعبي في غزة هي كالتالي:
أولاً؛ الحصول على شرعية دولية، حيث يتوجب هنا التفريق بين ما هو حق أخلاقي كموضوع عودة اللاجئين، وما هو ممكن سياسياً في الوقت الحالي، كالمطالبة برفع الحصار بشكل واضح وجلي. فتبني مطلب لا لبس فيه ولا جدال في شرعيته كرفع الحصار يضمن استمالة الرأي العام.
ثانياً؛ هيئة تنظيمية مستقلة لا تتبع لأي فصيل، حيث بات من الأهمية أن يرى العالم بأن هذا حراك شعبي بحت، لا مناورة سياسية لفصيل أو تيار سياسي معين.
ثالثاً؛ إيجاد إطار تضامني دولي فاعل، حيث كان يجب تنسيق المسيرة مسبقاً مع هيئات التضامن الدولي بشكل أكثر فعالية للقيام بأنشطة تتزامن مع حدوث المسيرة، كالاعتصام أمام مقرات الأمم المتحدة لمطالبتها بأخذ موقف أكثر جدية تجاه قضية رفع الحصار.
بشكل عام، بدأ الشعور بعدم المبالاة والضجر بالتسلل إلى عقول وقلوب المجتمع الغربي تجاه مسيرات العودة خصوصاً، والوضع في غزة عموماً، وسيستمر هذا المناخ السلبي في النمو إذا ما استمرت المسيرات بشكلها الحالي دون تجديد أو خلق أحداث استثنائية.