تـنـفـيـذ الـتـفـاهـمـات
عاد الوفد المصري إلى قطاع غزة بجدول تنفيذ التفاهمات التي تمت مؤخرا بين فصائل المقاومة الفلسطينية والاحتلال الصهيوني بوساطة مصرية, حيث طالبت الفصائل بجدول زمني لتطبيق ما تم التوافق عليه بعد ان تنصل الاحتلال مرات عديدة من هذه الالتزامات, الوفد المصري أوضح ان هناك جزءاً من التفاهمات سيطبق فورا وقد بدأ بالفعل بزيادة مساحة الصيد إلى خمسة عشر ميلا, وفتح المعابر وزيادة عدد الشاحنات التي تدخل إلى قطاع غزة, وهناك تفاهمات أخرى سيتم تطبيقها بعد الانتخابات الصهيونية كالمشاريع الكبرى التي تحتاج إلى وقت لتنفيذها, كمشروع تحويل محطة الكهرباء للعمل بالغاز الطبيعي حيث تحتاج إلى عام كامل لتحقيق ذلك, ومشروع تشغيل خط الكهرباء 161 والذي يحتاج إلى ستة أشهر على الأقل لكي يعمل, وقد طالبت الفصائل الفلسطينية بتنفيذ العديد من المشاريع الإستراتيجية على مستوى البنية التحتية, وإعادة الاعمار, والطاقة البديلة, والتشغيل المؤقت, والصحة وغيرها من المطالب التي تشعر الفلسطيني بتغير حقيقي يحسن من ظروفه الحياتية والمعيشية, ويحد من تفاقم ظاهرة الفقر والبطالة, ويمكن لخلق فرص عمل جديدة.
وحتى لا نندفع بمشاعرنا ونبني على ذلك آمالا كبيرة, فإننا نحذر ان هذا الاحتلال لا يؤمن جانبه, وهو اعتاد على خرق الاتفاقات, والتنكر للاستحقاقات الفلسطينية, ووضع العراقيل أمام السفن السيارة, فالاحتلال ناقش مع الوفد المصري موضوع مسيرات العودة الكبرى, وتحدث عما اسماه «الوسائل الخشنة» التي يستخدمها الفلسطينيون خلال المسيرات, كالطائرات الورقية والبالونات, والإرباك الليلي والحراك البحري, وطالب الجانب المصري ان يسعى إلى وقفها, وهو ما دفع حماس لنقل هذه المطالب إلى الفصائل الفلسطينية كي تتخذ القرار الذي تراه مناسبا, فيما أكد الاحتلال بقاء عناصر جيشه على المناطق الحدودية مع قطاع غزة خوفا من انفجار الأمور في أية لحظة, وهذا يوحي بمدى قلق الاحتلال من المسيرات التي تشتعل في وجهه على الحدود الشرقية لقطاع غزة, لذلك عرض الاحتلال حسب مصادر عبرية إبرام تهدئة طويلة مع الفصائل الفلسطينية, فيما زعمت مصادر عبرية أن الاحتلال عرض ابرام صفقة تبادل مع حماس, لكن حماس نفت ذلك جملة وتفصيلا, ورفضت وضع قضية الجنود الصهاينة المحتجزين لديها مع أي قضية أخرى أو المقايضة عليهم بأي حال من الأحوال.
وحتى يدرك الاحتلال جيدا ان قضية الأسرى لا يمكن فصلها في أي مرحلة من المراحل عن مطالب فصائل المقاومة الفلسطينية, نقل الوفد المصري إصرار الفصائل على ضرورة وقف اعتداءات الاحتلال على الأسرى الفلسطينيين في السجون الصهيونية, وإعادة كل الأدوات التي سحبت منهم أثناء عملية قمعهم, والاستجابة لمطالبهم بوقف تركيب أجهزة التشويش المسرطنة فوق الأقسام التي يعيشون فيها لما تسببه من أمراض صحية خطيرة عليهم, وقد طرح الأشقاء المصريون موضوع حكومة وطنية بمشاركة حماس وفصائل فلسطينية, وسبق ان عرضوا ذلك على رئيس الحكومة الجديد محمد شتية, وذلك بغرض إنهاء الانقسام الفلسطيني وتحقيق الوحدة في الموقف السياسي وفق توافق وطني بين كل الفصائل الفلسطينية بما فيها حركة فتح والسلطة الفلسطينية, بما يحقق نوع من الاستقرار والتوافق الداخلي, وهو ما يعني ان الجهود المصرية منصبة على فتح كل الملفات والقضايا العالقة, وإيجاد حلول لها بما يخدم الصالح العام ويدعم حقوق الشعب الفلسطيني بعيدا عن المواقف الخاصة التي لا تخدم الكل الفلسطيني.
إقرار جدول زمني لتنفيذ التفاهمات التي تم التوافق عليها هو انجاز يحسب للشعب الفلسطيني وفصائل المقاومة التي تحملت كثيرا من اجل فرض إرادتها, لقد حاول الكثيرون التبخيس من أداء الفصائل الفلسطينية, والتقليل من أهمية مسيرات العودة الكبرى وما يمكن ان تحققه من انجازات للشعب الفلسطيني وإرغام الاحتلال على رفع الحصار عن قطاع غزة, لكننا لا زلنا ننتظر ما يمكن ان يراه شعبنا الفلسطيني من انجازات حقيقية وواقعية على الأرض, تساهم في تخفيف معاناته, وترفع عن كواهله الأعباء الملقاة على عاتقه, نحن لا نستعجل النتائج, لأننا نملك في أيدينا أوراقاً كثيرة يمكن من خلالها ان نضغط على الاحتلال للاستجابة لمطالبنا, فلن ننخدع باتفاقات يقدمها الاحتلال إلا إذا تجسدت واقعا على الأرض, فالفصائل الفلسطينية المقاومة تدرك واجبها جيدا تجاه شعبها, ولن تتوانى عن تقديم هذا الواجب حتى ينعم بالحرية والاستقرار.