ما هي فرص نجاح السعودية في بلد يستورد كل شيء من إيران؟
تحت عنوان “السعودية تعقد صداقة مع عدو قديم” نشر موقع “بلومبيرغ نيوز” تقريرا من إعداد عباس اللواتي ودونا أبو ناصر تحدثا فيه عن أهمية عودة العلاقات السعودية- العراقية وعلاقة ذلك بالتنافس بين السعودية وإيران على التأثير في المنطقة.وجاء في التقرير أن الحدود بين السعودية والعراق هي خط في الرمال ويحكي الكثير عن حالة عدم الإستقرار في الشرق الأوسط التي يعيشها منذ ثلاثة عقود. والحدود بين البلدين مغلقة منذ عام 1990 بعد اجتياح صدام حسين الكويت والذي أدى إلى حرب الخليج. واقترح السعودية إنفاق7 مليارات دولار عام 2006 لتسييجها وسط الحرب الطائفية التي اندلعب عقب الغزو الأمريكي للعراق عام 2003. وبعد صعود تنظيم الدولة قامت السعودية بتقوية حدودها التي تمتد على 900 كيلومترا. ومع هزيمة الجهاديين في العراق تحضر السعودية لفتح المنفذ الحدودي للتجارة هذا العام والسبب هو النزاع الأخير الذي يسيطر على المنطقة: حرب الوكالة مع إيران.
وفي تراجع واضح عن السياسة، باتت المملكة تنظر للعراق كحليف مهم للحد من تأثير عدوتها الشيعية التي هددت يوم الأربعاء بالخروج من الإتفاقية النووية الموقعة عام 2015. وبهذه المثابة تستخدم السعودية عضلاتها الدبلوماسية والمالية، ففي زيارة لوفد حكومي وتجاري الشهر الماضي عاد إلى الرياض بعد تعهده باستثمار مليار دولار وفتح القنصلية في بغداد. واستخدمت السعودية أساليب أخرى من القوة الناعمة مثل بناء ملعب كرة قدم فيما أعلنت شبكة “أم بي سي” المدعومة من الحكومة السعودية عن قناة مخصصة للعراق وبدأ المشائخ في السعوديين بالتخفيف من حدة خطابهم المعادي للشيعة. وتهدف السعودية لتقوية الحكومة في بغداد التي تواجه تحد من الميليشيات المدعومة من إيران وجلب “العراق بشكل كامل إلى الحظيرة العربية” حسب إبراهيم النحاس، عضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى السعودي. وقال في مقابلة اجريت معه الأسبوع الماضي “نريد العراق أن يكون بلدا قويا” مضيفا أن التقارب مع العراق “سيؤدي إلى تقليل التأثير الإيراني في العراق” وكل المنطقة كما يقول. وتهيمن إيران على العراق بعد وصول الشيعة إلى السلطة عقب الغزو الأمريكي.
وترى السعودية اليوم فيه حاجزا ضد تأثير إيران لا دمية بيدها. وتريد السعودية إظهار أن المشكلة ليست من الشيعة ولكن إيران التي تقول الرياض إنها تتدخل في الشؤون العربية.ويشير الموقع إن ولي العهد، محمد بن سلمان قاد في الجنوب حربا كارثية ضد الجماعات الحوثية في اليمن والتي تدعمها السعودية. وقادت لشجب من الدول الغربية الحليفة بنفس المستوى الذي أبعدت به هذه الدول نفسها عن المملكة عقب اغتيال الصحافي جمال خاشقجي العام الماضي في القنصلية السعودية باسطنبول. على الجانب الغربي من البحر الأحمر تحاول السعودية السيطرة على النظام السوداني المتحالف مع إيران. وتعهدت المملكة والإمارات العربية المتحدة بـ 3 مليارات للدعم الإقتصادي للبلد الذي أطاح بالديكتاتور السابق عمر البشير. ورحب العراق الذي تعيش فيه غالبية من الشيعة متقبلا للتحرك السعودي في بغداد حيث تحاول الحكومة الإستفادة من الطرفين. ووقع رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي في زيارة رسمية إلى الرياض 13 اتفاقية تقوم من خلالها السعودية بضخ مليارات الدولارات لاقتصاد جارتها. وهي نتاج دبلوماسية بدأ في تشرين الأول (اكتوبر) 2017 عندما اتفق البلدان على تشكيل مجلس للتنسيق وعبرا عن نيتهما لفتح المنفذ الحدودي في عرعر والمتوقع افتتاحه من جديد في تشرين الاول ( أكتوبر) هذا العام. وقال عبد المهدي قبل زيارته “نشاهد تحولا في العلاقات مع المملكة”. وقال المتحدث باسم وزارة التجارة العراقية محمد حنون “يمكن استخدام المال السعودي لإعادة البلد بعد هزيمة تنظيم الدولة وتطوير الصناعات العراقية من خلال الخبرات في مجال الزراعية والطاقة”. ومع كل هذه الجهود فإحداث تغيير في الوجود الإيراني بالعراق سيكون صعبا، مع أن السعوديين لديهم المال. وهناك الدعم الأمريكي حيث يوجد قوات أمريكية في العراق. وأصدر مايك بومبيو تصريحات في زيارته المفاجئة لبغداد يوم الثلاثاء، حث فيها القادة العراقيين من القوات الإيرانية وحلفائها. وزادت واشنطن من العقوبات على إيران بعد خروج الولايات المتحدة من الإتفاقية النووية.
وقالت حكومة طهران إنها قد تستأنف تخصيب اليورانيوم أعلى من الحد المتفق عليه في 60 يوما لو لم تجد أوروبا طريقا لها كي تبيع نفطها. ويقول جيمس دورسي، الزميل الباحث في معهد راجرتنام للدراسات الدولية في سنغافورة “نجح السعوديون بشكل نسبي” و “هم بحاجة للوفاء بوعودهم واستثمار حقيقة ان لديهم المال لعمل ما يريدون خلافا لإيران”. وهذا صحيح فالعراق مشبع بالتأثير الإيراني من سياسته إلى اقتصاده والميليشيات الشيعية. فقد صدرت الجمهورية الإسلامية طاطم إلى العراق عام 2017 بقيمة 1.7 مليار دولار. ويعتمد العراق على إيران لاستيراد كل شيء من السمن إلى شعر الإنسان. وقفزت إيران من خامس أكبر مصدر للعراق عام 2016 إلى المصدر الأكبر متفوقة على الصين. وعادة ما تحفل رفوف المحلات العراقية بالبضائع التركية والإيرانية الرخيصة. وقال النحاس إن المملكة حاولت التقارب مع العراق أثناء فترة حكم نوري المالكي دون جدوى “فقد كان يريد جعل العراق جزءا من إيران”. وفي الوقت الذي تحاول فيه إدارة ترامب منع العراق من استيراد الغاز الطبيعي والكهرباء من إيران يريد الرئيس حسن روحاني منه شراء المزيد للتخفيف من حدة العقوبات وقال أثناء زيارته لبغداد في آذار (مارس)” أن تكون في العراق مثل أن تكون في بلدك” وأكد أن الصلة لا يمكن إضعافها بسهولة “ونحن راغبون بتقويتها”. ووقع البلدان اتفاقيات نقل وتجارية والغاء الرسوم على التأشيرات. وخطط لتعزيز التجارة من 12 مليار دولار إلى 20 مليار دولار.