الفقر في العالم الإسلامي .. الأسباب والعلاج
رسالة الإسلام - أحمد عبد الظاهر
يُعرف الفقر، بأنه الحالة الاقتصادية التي يفتقد فيها الفرد الدخل الكافي، للحصول على المستويات الدنيا من الرعاية الصحية والغذاء والملبس والتعليم، وكل ما يُعد من الاحتياجات الضرورية، لتأمين مستوى لائق من الحياة المعيشية.
وقال الحكماء إن "الفقر رأس كل بلاء"، وقال لقمان لابنه: "يا بني أكلت الحنظل وذقت الصبر، فلم أرَ شيئا أمر من الفقر، فإذا افتقرت فلا تحدث به الناس كي لا ينتقصوك, ولكن اسأل الله تعالي من فضله, فمن ذا الذي سأل الله ولم يعطه من فضله أو دعاه فلم يجبه؟!".
وقال ابن الأحنف في الفقر:
يمشي الفقير وكل شيء ضده *** والناس تغلق دونه أبوابها
وتراه مبغوضًا وليس بمذنب *** ويري العداوة لا يرى أسبابها
حتى الكلاب إذا رأت ذا ثروة *** خضعت لديه وحركت أذنابها
وإذا رأت يوما فقيرا عابرًا *** نبحت عليه وكشرت أنيابها
أسباب الفقر في العالم الإسلامي
1- الامتناع عن إخراج الزكاة المفروضة:
الزكاة فريضة إسلامية، وركن من أركان الإسلام، شرعها الله طهرة للأغنياء، وحقاً للفقراء، ينتفعون بها ويكفون بها عن السؤال، ولكن لمَّا ضيَّع المسلمون هذا الركن وبخل الأغنياء بإخراج الزكاة المفروضة، والصدقة المستحبة، ظهر الفقر بين المسلمين.
2- كنز الأموال:
حرم الإسلام كنز المال، فحذر الله الذين يكنزون الذهب والفضة فقال تعالى : {...وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الَّذَهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} ( التوبة: 34)، فذهب بعضهم إلى أن المال وإن أُخرجت زكاته ولم يستثمر فهو كنز، وبعضهم ذهب إلى أن المال إن أخرجت زكاته لم يسم كنزاً. واليوم في هذه الظروف التي يمر بها المسلمون تزيد حرمة الكنز، إذ إن بعض المسلمين يموت جوعاً في كثير من البلاد الإسلامية، ولا يجدون تمويلاً لمشروعاتهم التنموية.
3- التعامل بالربا:
إن الله سبحانه وتعالى لا يحرم على الناس ما يعود عليهم بالنفع والخير، وإنما يُحرم عليهم الخبائث، وما يعود عليهم بالمضرة، فهو اللطيف بعباده، الخبير بأحوالهم وما يصلح لهم. لهذا حرم سبحانه وتعالى الربا بجميع أنواعه، ولعن رسول الله صل الله عليه وسلم كل من له صلة بالربا، وذلك لما له من الآثار السيئة، على المجتمع من الناحية النفسية وعلاقة الأفراد، ومن الناحية الاقتصادية والإنتاجية.
ويظهر فساد هذا النظام من الناحية الاقتصادية والإنتاجية، في قعود المرابين عن العمل والكسب وتقديم الجهد، للحصول على الإنتاج والثمرة، والاكتفاء بفرض فوائد ربوية على المقترضين، ثم انتظارهم بعد ذلك حتى الأجل المتفق عليه، فيقبضون المال والزيادة التي يعتبرونها في تصورهم الفاسد إنتاجاً. وهم يستحلون قضية فرض الفوائد بحجة الانتظار على المقترض. وهذه النظرية الآثمة تصيب الإنتاج بالعقم، وتهدم الاقتصاد من أساسه، وتتضح خطورتها، إذا تصورنا تطبيقه على نطاق أوسع بحيث يزيد المنتظرون على الكادحين.
4- تسلط أعداء الإسلام ومكرهم بالمسلمين:
لا شك أن أعداء الإسلام لا يرجون للمسلمين خيراً، وإن تظاهروا مكراً وخداعاً، بما يسمونه بالمساعدات للدول النامية، فهذه المساعدات هي في حقيقة الأمر عوائق لنهوض دول المنطقة بنشاط اقتصادي، يخرجها من أزمتها العصيبة، ففي عام 1976م أجرى مكتب العمل الدولي إحصاءً عن عدد الفقراء خلال عشرين عاماً، تبين منها أنه خلال العشر سنوات من 1963م - 1973م، زاد عدد الفقراء حوالي 119 مليوناً، وفي سنة 1970م كان مجموع ديون العالم الثالث 74 بليون دولار، وفي سنة 1979م بلغ مجموع ديونه 366 بليون دولار … وما زالت الديون والفوائد الربوية تتراكم، وتهدد اقتصاد بعض الدول بالإفلاس، ولعل في الإحصاءات الحديثة ما يؤكد ذلك.
6- الاحتكار الاقتصادي:
حرم الإسلام الاحتكار، لما له من أضرار اقتصادية حيث يوقع الناس في حرج لارتفاع سعر السلعة المحتكرة، والاحتكار يدعو ويعمل على رفع الأسعار، فيضر عامة أفراد المجتمع ويستهلك جميع مُدَّخراتهم.
وقد نهى الإسلام عن احتكار الأراضي أيضاً، أو ما يسمى "بالحمى" فمن حصل على أرض ولم يستغلها ويستثمرها، أخذت منه وأعطيت لغيره ليستغلها ويستثمرها. فقد أعطى الله الدولة المسلمة، الحق في تنويع الاستثمارات وتوجيهها، وتوزيع الأراضي على المسلمين، ليعملوا فيها وينتجوا، فتزيد بالتالي مدخراتهم وينتعش الاقتصاد ويزدهر.
علاج مشكلة الفقر
والسبيل الوحيد كما يؤكد الخبراء والعلماء وأهل الخبرة والحل والعقد، لعلاج مشكلة الفقر، هو العمل، حيث حارب الإسلام الفقر والبطالة.
بل إن الإسلام ذهب إلى أبعد من ذلك، عندما جعل العمل المفيد من أسباب الثواب وزيادة الحسنات، وقد ورد في القرآن الكريم العديد من الآيات التي تتعلق بهذه المعاني ومن ذلك {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} ( الملك :15) وقوله تعالى {وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ} ( الأعراف: 10 )، كما إن السنّة الشريفة تضمنت العديد من النصوص التي تحث على العمل والكسب الحلال (ما أكل أحد طعاماً خيراً من أن يأكل من عمل يده) ( رواه البخاري ) .. وقوله صل الله عليه وسلم (من أمسى كالاًّ من عمل يده أمسى مغفوراً له).
الثانية: كفالة الموسرين من الأقارب.
ويدخل فيه الأحاديث والآيات الواردة في كفالة اليتيم والأرملة واعتبار النبي صل الله عليه وسلم الصدقة على القريب صدقة وصلة.
الثالثة: الزكاة.
إن من أبرز أسباب الفقر في زماننا، هو منع الزكاة الواجبة، ولو أن أغنياء العالم أخرجوا زكاة أموالهم، لم يبق فقير، والإسلام جاء بما يصلح الأحوال للفقراء عن طريق الزكاة