"أصحاب الرس".. من هم.. وماذا فعلوا؟
يقول الله تعالى في سورة الفرقان: {وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا } وقال تعالى في سورة ق : {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ }.
يقول المفسرون إن أصحاب الرس، كانوا أقوامًا يعبدون شجرة صنوبر تُدعى شاهدرخت ؛ التي قد زرعها يافث بن نوح.
وأُطلق عليهم لقب أصحاب الرس؛ لأنهم رسوا نبيهم في الأرض؛ كانوا يمتلكون اثنتي عشر قرية من بلاد المشرق موجودة على ضفاف نهر سُمي بنهر الرس نسبةً إلى اسمهم.
والكلام كثير في بيان أصحاب الرس، ولا يوجد قول ثابت، فقيل: هم أهل أنطاكيَة الذين قتلوا حبيبا النجار مؤمن آل يس وطرحوه في البئر، وقيل: قوم من ولد يهوذا كانوا يَعبدون شجرة صنوبر قتلوا نبيهم ورَسُّوه في البئر.
وقال وهب بن مُنَبِّه: أرسل الله شُعَيْبًا في قوم حول بئر فكذبوه، وقال قتادة: أصحاب الرسِّ وأصحاب الأيكة أمتان أرسل الله إليهما شعيبًا، وقيل: أصحابها قوم باليمامة، وقيل: هم أصحاب الأخدود، وقد يكون رسولهم ممن لم يَقُصَّهم الله على نبيِّه، وقيل: هم قوم حنظلة بن صفوان.
وفي زمن أصحاب الرس كان عندهم نهر غزير، لا أعذب منه؛ وتميزت قرى أصحاب الرس بأنها الأطول عمرًا؛ ومن أعظم مدنهم مدينة اسفندار؛ التي كانت بها العين المائية الخاصة بشجرة الصنوبر؛ وقد غرسوا في كل قرية منها حبة من الصنوبر؛ وأجروا نهرًا لتلك العيون مأخوذة من العين الموجودة عند الصنوبرة الرئيسية، ثم قاموا بتحريم الشرب من تلك الأعين سواء الأشخاص أو الحيوانات، وأقاموا حكم القتل على من يفعل ذلك.
كانوا يعتقدون أن تلك الأعين التي تُروي شجر الصنوبر هي حياة آلهتهم؛ لذلك لا يجب الشرب من مصدر حياة الآلهة التي يعتقدون بها؛ كما كانوا يقدموا لذلك الشجر القرابين كل شهر لكل قرية بالتوالي على مدار العام ؛ فكانوا يذبحون الذبائح ويشعلون فيها النيران؛ فإذا بلغ دخانها عنان السماء واختفت الشجرة من أثر الدخان؛ سجدوا وهم يبكون ويتضرعون إلى الشجرة كي ترضى عنهم.
إلا أن الشيطان جاءهم أثناء توسلهم وحرك أغصان الشجرة؛ ثم يصيح أني قد رضيت عنكم؛ حينها يرقصون ويهللون شاربين الخمر وضاربين بالمعازف، ويستمرون هكذا طوال يومهم وليلتهم.
وكان أهل الرس يقيمون عيدهم الأكبر بالقرية العظمى التي يوجد بها شجرة الصنوبر الرئيسية ، والعين المتفرع منها باقي الأعين؛ فكان يحضر كل صغير وكبير من كل القرى؛ وكانوا يجعلون عند الشجرة سرادقًا من ديباج له اثنتا عشرة بابًا لكل قرية باب؛ فيسجدون لشجرة الصنوبر من خارج السرادق؛ وكانوا يُقربون لها الذبائح بكميات مضاعفة عن تلك التي قدموها في قراهم.
ويأتي الشيطان وقت الاحتفال وتقديم القرابين ليهز الشجرة؛ ويعدهم بالكثير من الأمنيات أكثر مما وعدهم أي شيطان ذهب في كل قرية؛ فيسجدون فرحًا؛ ويغرقون فيما بعد في شرب الخمور والعزف، ويستمرون على ذلك اثنا عشر يومًا بعدد قراهم واحتفالاتهم الأخرى.
وحينما طال كفرهم بالله عزوجل؛ بعث إليهم نبيًا من بني إسرائيل من ولد يهودا بن يعقوب؛ ليدعوهم لعبادة الله والبُعد عن الكف ؛ ولبث فيهم سنين عديدة؛ غير أنهم لم يستجيبوا له؛ فلما رأى كفرهم لا يتزعزع وموقفهم ثابت؛ قام بالدعاء عليهم بعد أن حضر أحد أعيادهم ورأى ما يحدث بها من كفر وفجور؛ فيبست أشجارهم بعد دعاء النبي عليهم ؛ وانقسموا حينها إلى فريقين؛ فريق يقول أن النبي سحر آلهتهم، وفريق آخر يقول إن الآلهة أعلنت غضبها حينما رأت هذا الرجل الذي يقول أنه نبي؛ فاتفقوا جميعًا على قتله.
بعد أن قتلوا نبي الله؛ أرسل الله عليهم ريحًا عاصفة وقت عيدهم؛ كما سارت الأرض من تحت أقدامهم متوجهة بحجر كبريت؛ وأظلتهم سحابة سوداء؛ ثم سقط عليهم جمرًا ملتهب لتذوب أجسادهم؛ وأهلكهم الله حتى لم يبقى لهم أثر
عزير بني إسرائيل.. هل هو نبي وما حكايته؟
من قصص القرآن قصة العزير .. والعزيز هذا من المختلف في نبوته، ففي الحديث، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا أَدْرِي أَتُبَّعٌ لَعِينٌ هُوَ أَمْ لَا ؟ وَمَا أَدْرِي أَعُزَيْرٌ نَبِيٌّ هُوَ أَمْ لَا ؟) صححه الألباني في "صحيح أبي داود".
لكن الثابت أنه رجل صالح من بني إسرائيل .. فما قصة هذا الرجل الصالح وأين ذكرها الله في القرآن..
وردت قصة العزير في سورة البقرة، قال الله تعالى
أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) البقرة/ 259 .
وقد مر هذا الرجل الصالح (عزير) على قرية (وهي بيت المقدس على المشهور)، بعد أن خربها الملك بختنصر وقتل أهلها – وتركها خاوية ليس فيها أحد، وحينها نظر عزير للقرية على هذا الحال وسأل نفسه سؤالا، وقال: (أنى يحيي هذه الله بعد موتها) لما رأى من شدة خرابها.
وهنا كتب الله عليه الموت، قال الله تعالى: (فأماته الله مائة عام ثم بعثه)، وعمر سبحانه الأرض حتى تكامل ساكنوها وتراجعت بنو إسرائيل إليها..ثم بعث الله عزير من جديد.. وكان أول شيء أحيا الله فيه: عينيه، لينظر بهما إلى صنع الله فيه، كيف يحيي بدنه؟، وسأله الله بواسطة الملك: (كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم)، قالوا: وذلك أنه مات أول النهار ثم بعثه الله في آخر نهار، فلما رأى الشمس باقية، ظن أنها شمس ذلك اليوم، فقال: (أو بعض يوم)؛ ( قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه) وذلك: أنه كان معه فيما ذكر عنب وتين وعصير، فوجده كما فقده، لم يتغير منه شيء، لا العصير استحال، ولا التين حمض ولا أنتن، ولا العنب تعفن (وانظر إلى حمارك) أي: كيف يحييه الله عز وجل وأنت تنظر (ولنجعلك آية للناس) أي: دليلا على المعاد (وانظر إلى العظام كيف ننشزها) أي: نرفعها، فنركب بعضها على بعض ، وركب كل عظم في موضعه حتى صار حمارا قائما من عظام لا لحم عليها، ثم كساها الله لحما وعصبا وعروقا وجلدا، وذلك كله بمرأى من العزير، فعند ذلك لما تبين له هذا كله (قال أعلم أن الله على كل شيء قدير) أي: أنا عالم بهذا، وقد رأيته عيانا، فأنا أعلم أهل زماني بذلك.
وهذه القصة تؤكد حقيقة البعث وقدرة الله المطلقة على إحياء الناس بعد موتهم وفيها أيضا تذكرة للصالحين وأنهلا ينبغي أن يستبعدوا شيئًا عن قدرة الله تعالى
الشجرة الملعونة في القرآن.. لماذا لعنها وماهي صفاتها؟
يقول الله تعالى في سورة الإسراء: "وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا(60)" .
هكذا أنزل الله -عز وجل- في كتابه العزيز في سورة الإسراء، مشيرًا إلى شجرةٍ قال عنها إنها ملعونةٌ، فما هي تلك الشجرة التي ذكرها الله في كتابه العزيز، وأخبر بها نبيه الكريم، وما صفاتها؟ ولماذا لعنها؟.
يقول القرطبي نقلًا عن "البخاري" و"الترمذي" استنادًا منهما لكلام ابن عباس، إن الشجرة الملعونة في القرآن هي شجرة الزقوم، وهو ما أكده الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره.
وشجرة الزقوم ذُكرت في القرآن في موضوعين بسورتي الصافات والدخان، وفي كلاهما حملت صفات هذه الشجرة، التي ستكون في الآخرة طعامًا لأصحاب النار، لا تسمن ولا تغني من جوعٍ.
ومن أهم صفاتها التي ذُكرت في سورة الصافات، أن طلعها كأنه رؤوس الشياطين، وأن الله جعلها فتنةً للظالمين في دارٍ لا يموتون فيها ولا يحيون.
يقول الله تعالى في سورة "الصافات"، "أَذَٰلِكَ خَيْرٌ نُّزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (62) إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ (63) إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ (65) فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (66) ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِّنْ حَمِيمٍ (67) ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ (68)".
وفي الموضع الثاني في سورة الدخان، يقول عزّ من قال إن شجرة الزقوم ستكون طعامًا للأثيم، وأنها ستكون كالزيت المغلي "المهل" في بطون الكفار "إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الْأَثِيمِ (44) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (45) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (46)"
تعرف على المرأة التي أنزل الله فيها: "الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً"
قال الله تعالى : {الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} سورة النور الآية 3.
لما قدم المهاجرون إلى المدينة وفيهم فقراء ليست لهم أموال، وبالمدينة نساء بغايا مسافحات يكرين أنفسهن، وهن يومئذ أخصب أهل المدينة، فرغب في كسبهن ناس من فقراء المهاجرين، فقالوا: "لو إنا تزوجنا منهن فعشنا معهن إلى أن يغنينا الله تعالى عنهن".
فاستأذنوا النبي صل الله عليه وسلم، في ذلك، فنزلت هذه الآية وحرم فيها نكاح الزانية صيانة للمؤمنين عن ذلك.
وقال عكرمة: نزلت الآية في نساء بغايا متعالمات بمكة والمدينة، وكن كثيرات، ومنهن تسع صواحب رايات، لهن رايات كرايات البيطار يعرفونها: "أم مهزول" جارية السائب بن أبي السائب المخزومي، و"أم غليظ" جارية صفوان بن أمية، و"حنة القبطية" جارية العاص بن وائل، و"مرية" جارية مالك بن عميلة و "عمثلة" بن السباق بن عبد الدار، و"حلالة" جارية سهيل بن عمرو، و"أم سويد" جارية عمرو بن عثمان المخزومي، و"شريفة" جارية زمعة بن الأسود، و"قرينة" جارية هشام بن ربيعة بن حيب بن حذيفة بن جبل بن مالك بن عامر بن لؤي، و"فرنتا" جارية هلال بن أنس بن جابر بن نمر بن غالب بن فهر.
وكانت بيوتهن تسمى في الجاهلية "المواخير" لا يدخل عليهن ولا يأتيهن إلا زان من أهل القبلة أو مشرك من أهل الأوثان، فأراد ناس من المسلمين نكاحهن ليتخذوهن مأكلة، فأنزل الله تعالى، هذه الآية، ونهى المؤمنين عن ذلك، وحرمه عليهم".
وورد أن امرأة يقال لها: "أم مهزول" كانت تسافح وكانت تشترط للذي يتزوجها أن تكفيه النفقة. وأن رجلًا من المسلمين أراد أن يتزوجها، فذكر ذلك للنبي، صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية {وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ} 3. وكان لمرثد صديقة في الجاهلية، يقال لها: عناق، وكان مرثد رجلًا شديدًا، وكان يقال له: دلدل، وكان يأتي مكة فيحمل ضعفة المسلمين إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فلقي صديقته، فدعته إلى نفسها، فقال: إن الله قد حرم الزنا، قالت: إني تبرز. فخشي أن تشيع عليه، فرجع إلى المدينة فأتى رسول الله، صل الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله كانت لي صديقة في الجاهلية، فهل ترى لي نكاحها؟ قال: فأنزل الله: {وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ ... } .
وفي القرآن الكريم: {وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ} .
قال المفسرون: نزلت في معاذة ومسيكة جاريتي عبد الله بن أبي المنافق، كان يكرهها على الزنا لضريبة يأخذها منها. وكذلك كانوا يفعلون في الجاهلية يؤاجرون إماءهم. فلما جاء الإسلام، قالت معاذة لمسيكة: إن هذا الأمر الذي نحن فيه لا يخلو من وجهين، فإن يك خيرًا فقد استكثرنا منه، وإن يك شرًّا فقد آن لنا أن ندعه. فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال مقاتل: نزلت في ست جوار لعبد الله بن أُبي كان يكرههن على الزنا ويأخذ أجورهن، وهن: معاذة، ومسيكة، وأميمة، وعمرة، وأروى، وقتيلة، فجاءت إحداهن ذات يوم بدينار، وجاءت أخرى بدونه، فقال لهما: إرجعا فازنيا. فقالتا.: والله لا نفعل، قد جاءنا الله بالإسلام وحرم الزنا. فأتيا رسول الله، صل الله عليه وسلم، وشكتا إليه. فأنزل الله تعالى هذه الآية".
اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم : نزلت هذه الآية في بعض من استأذن رسول الله صل الله عليه وسلم في نكاح نسوة كن معروفات بالزنا من أهل الشرك ، وكن أصحاب رايات ، يكرين أنفسهن ، فأنزل الله تحريمهن على المؤمنين ، فقال : الزاني من المؤمنين لا يتزوج إلا زانية أو مشركة ، لأنهن كذلك ; والزانية من أولئك البغايا لا ينكحها إلا زان من المؤمنين أو المشركين أو مشرك مثلها ، لأنهن كن مشركات .
صبر أيوب.. كيف عجزت حيل الشيطان معه؟
صارت قصة "أيوب" عليه السلام، مضرب الأمثال في الصبر، وذلك أن الله خصّه بهذه المزية، وهذا الخلق الرفيع، وأثنى عليه سبحانه وتعالى بقوله: "إنا وجدناه صابرًا.. نعم العبد إنه أواب".
وكان أيوب عليه السلام إذا أصابته مصيبة قال: "اللهم أنت أخذت وأنت أعطيت مما تبقى نفسه أحمدك على حسن بلائك".
وأوحى الله إلى أيوب عليه السلام أن سبعين نبيًا لما أخبرتهم بثواب الصبر على هذا البلاء، فكل منهم سألني أن يكون هو المبتلى، فلم أعطهم ذلك وجعلته لك تسمع الثناء عليك في الدنيا والآخرة :"إنا وجدناه صابرًا نعم العبد إنه أواب".
وكان من أولاد العيص بن اسحق بن إبراهيم، وكان كثير المال والعبادة، فحسده إبليس لما سمع ثناء الملائكة عليه فقال لو كان فقيرًا لما عبد الله لو سلطني عليه لم يقن مطيعًا، فسلطه الله على ماله، فأحرقه فبلغ أيوب ذلك، وقال: الحمد لله الذي أعطاني وأخذ منهي.
فقال إبليس يا رب سلطني على أولاده فسلطه عليهم فحرك القصر عليهم من أسفله فهلك الكل، وكانوا في ضيافة كبيرهم، فدخل إبليس في صورة معلمهم، وأخبر أيوب بذلك فقال لو كان فيك خير لهلكت معهم.
وقيل: إنه قال ليتني لم أخلق ففرح إبليس بذلك وصعد إلى السماء فوجد توبة أيوب قد سبقته".
كذلك العبد إذا وقع منه ذنب وتاب تسبق توبته الكتبة، فقال إبليس: يا رب سلطني على بدنه، فسلطه عليه، فتعلق به مثل الجدري ينبع منه القيح والدم فأخرجه من بلده وأكله الدود غير قلبه ولسانه، فتحير إبليس من صبره، فتصور لزوجه رحمة في صورة حسنة، وقال ما أصاب البلاء أيوب إلا أنه سجد لإله السماء ولم يسجد لإله الأرض، فقالت ومن إله الأرض قال: أنا فإذا سجد لي سجدة أرد عليه ذلك، فقالت حتى أستأذنه فاستأذنته، فقال لأجلدنك مائة جلدة حيث لم تقولي له إله السماء وإله الأرض واحد.
قال الرازي في قوله تعالى:" وجعلوا لله شركاء الجن"، نزلت في قوم قالوا أن الله خالق الإنسان والنبات وفاعل للخيرات وإبليس خالق العقارب والحيات والسباع والحشرات فكذبهم الله تعالى بقوله: "وخلقهم".
فكيف يكون المخلوق شريكًا للخالق، فلما أراد الله كشف الضر عن أيوب أرسل جبريل برمانة وسفرجلة فلما أكلهما تناثر الدود، ثم أمره أن يضرب برجله اليسرى الأرض، فخرج منها ماء حار وماء بارد، فشرب من البارد واغتسل من الحار، فرده الله إلى أحسن حال، فأراد أن يجلد زوجته لأجل القسم، فأمره الله شفقة عليها بأن يأخذ بيده ضغثا أي مائة من أصول السنبل، كذلك المؤمن تصيبه الحمى في الدنيا لأجل ما أقسم الله بقوله: "وإن منكم إلا واردها".
ولما عوفي أيوب وقع في قلبه أنه صبر فنودي بعشرة آلاف صوت من فوق عشرة آلاف غمامة يا أيوب أنت صبرت أم نحن صبرناك فقال يا رب صبرتني.
وقال القرطبي في تفسيره أوحى الله إليه لولا أني وضعت تحت كل شعرة صبرًا لما صبرت، فأرسل الله سبحانه وتعالى سحابة على قدر داره فأمطرت عليه ثلاثة أيام جرادًا من ذهب، فقال له جبريل هل شبعت؟، قال ومن يشبع من فضل الله ثم صحح أن مدة بلائه ثماني عشرة.
قال الرازي في سورة الأنبياء قال النبي صل الله عليه وسلم إن أيوب بقي في بلائه ثماني عشرة سنة، ثم ذكر أن إبليس صاح من صبر أيوب فاجتمع عليه الشياطين، فقالوا مالك قال أعياني صبر أيوب، فقالوا أين مكرك الذي أهلكت به من مضى فقال ذهب كله في أيوب؟.
فقالوا كيف أخرجت آدم من الجنة قال بسبب زوجته حواء؟، فقالوا خذ أيوب من قبل زوجته، فقال لها قولي لأيوب يذبح هذه السخلة ولا يسمي الله تعالى عليها، فيبرأ فجاءته، فقالت يا أيوب اذبح هذه السخلة، كما قال لها إبليس، فقال كم مكثنا في الرخاء والنعمة قالت ثمانين سنة، فقال ما أنصفت ربك حتى نصبر ثمانين سنة كما كنا في الرخاء ولئن شفاني الله تعالى لأجلدنك مائة جلدة