خيارات "إسرائيل" تجاه غزة
واضح تماما لأي متابع سياسي ان "إسرائيل" لا تريد ان تضع حدا لعملياتها العسكرية على قطاع غزة, وهى معنية بأن يستدام الصراع على القطاع من جانبها على الأقل, وان يبقى بؤرة توتر مشتعلة لا يمكن إطفاؤها, لذلك تولدت لدى شعبنا الفلسطيني قناعة انه لن يكون هناك رفع كامل للحصار عن قطاع غزة, إنما ستقدم تسهيلات لفترة محددة ثم سرعان ما يتم سحبها والتنصل منها, بالضبط كما يحدث عندما تزيد مساحة الصيد إلى خمسة عشر ميلا ثم يعود الاحتلال ويتراجع عن خطوته ويقلل مساحة الصيد مجددا إلى ستة أميال, أو كما تفتح المعابر لفترات محددة, ثم يعاد إغلاقها وتضييق الخناق على الفلسطينيين, ومنع تصدير منتجات غزة, "فإسرائيل" تجيد سياسة المراوغة والتسويف والرهان على الوقت, لكن ما هو دافعها لإبقاء الأوضاع على حالها في قطاع غزة, واستمرار حالة التوتر وإشعال فتيل المواجهة بين الفينة والأخرى, ويمكن تلخيص الأسباب في عدة نقاط نذكر من أهمها.
أولا: ان غزة فيها فصائل مقاومة فلسطينية لها أجنحة عسكرية تعمل على الأرض, وتقوم بتطوير أدائها وتسخير ميدانها لخدمة أهدافها, ومحاسبة الاحتلال على جرائمه, وهذا ما رفضت إسرائيل منحه لأجهزة امن السلطة عندما وقعت على اتفاقية أوسلو المشؤومة, فكيف يمكن ان تسمح به للفصائل الفلسطينية المقاومة؟ .
ثانيا: ان غزة تملك سلاحها بيدها, وتقوم الفصائل الفلسطينية بتصنيع هذا السلاح وتطويره, حتى أصبح يشكل هاجسا لدى"الإسرائيليين" بعد ان استطاع الفلسطينيين في قطاع غزة تطوير السلاح, بحيث يطال مدن بعيدة كتل أبيب وما بعدها, وإسرائيل ستبقى تستهدف أماكن تصنيع السلاح, وتمنع دخول أسلحة متطورة للقطاع.
ثالثا: "إسرائيل" تخطط بأن يكون قطاع غزة بؤرة لتواجد وتجمع أي حكومة فلسطينية قادمة وفق قضايا الحل النهائي المطروحة على السلطة الفلسطينية, بحيث تحقق "إسرائيل" أطماعها في الضفة الغربية والقدس المحتلة, وتجعل من قطاع غزة كيانا منفصلا عن بقية أرجاء الوطن يمثل وطنا للفلسطينيين وفق مخططها.
رابعا: هناك خيار أخير لدى الإسرائيليين في حال فشل مخططهم العسكري بالقضاء على المقاومة في قطاع غزة, ووقف إطلاق الصواريخ وتطويرها, بأن تقوم باحتلال القطاع رغم علمها بصعوبة ذلك, ومعرفتها للخسائر الكبيرة التي ستتكبدها, وتسليمه إلى السلطة الفلسطينية لإدارة شؤون الناس.
هذه كلها سيناريوهات مطروحة أمام الاحتلال, وهو يتعامل معها وفق مصلحته, بحيث يتجنب الخسائر الكبيرة, ونحن على دراية كاملة بما يخطط له الاحتلال تجاه غزة, وندرك ان المعركة الحاسمة مع غزة قادمة لا محالة, لكن شعبنا بفصائله المختلفة مطالب بان يبقى يناضل ويقدم التضحيات, لكي يرفع الحصار عن قطاع غزة, فالغزيون لم يعودوا يحتملوا كل هذه المعاناة التي تزداد يوما بعد يوم, والاحتلال لا يفهم إلا لغة الدم لكي ننتزع حقوقنا منه بالقوة, دون ان ننتظر ما يخطط له.