الجزائر: عين على العاصمة المثلثة
دكتور محيي الدين عميمور
تابع الجمهور الجزائري بكل اهتمام أحداث السودان، ربما ليستلهم من تطوراتها ما يُمكّنه من تفادي أي عثرات تؤثر على الأهداف الكبرى للحراك الجماهيري الجزائري الذي أدهش العالم بسلميته وفعاليته وحجمه، وهو ما يعود الفضل الأول فيه للمواطن الجزائري بقدر ما يجب أن يُحسَب بعضُ فضله للجهات الأمنية، قرارا وتنفيذا، وهو ما يجعلني أطالب مصالح الأمن بسرعة الكشف عن المجموعات التي قيل أنه ألقي عليها القبض، مسلحة، داخل تجمعات الحراك، وتقديمها للمحاكمة فورا، حرصا على مصداقية البيانات الأمنية.
والواقع أن السنوات الأخيرة التي عاشها الوطن العربي وضعت تحت تصرف الجميع، وبفضل المعايشة المباشرة والتقدم المعلوماتي، تجارب متعددة في الانتفاضات الشعبية والتحركات الجماهيرية، ومن المؤكد أنها حملت في طياتها الكثير من محاولات الاختراق والاحتواء واستفزاز المصالح الأمنية.
كانت التجربة الأولى التي توقف عندها كل وطني جزائري هو ما حدث عندما استقيل الرئيس الشاذلي بن جديد بعد التناقض السياسي الذي عرفته البلاد نتيجة لانتصار الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الدور الأول للانتخابات التشريعية التي أجريت في ديسمبر 1991.
يومها ألغي الدور الثاني، واضطر الرئيس، بشكل أو بآخر، للاستقالة، وقيل يومها إن المجلس الوطني (البرلمان) سبق حلّه (وهو ما نفاه رئيس المجلس عبد العزيز بلخادم آنذاك) وبأن المؤهل الثاني لرئاسة الدولة، أي رئيس المجلس الدستوري (يومها عبد الملك بن حبيلص) اعتذر عن تحمل المسؤولية، وهكذا تحمل مسؤوليةَ مواجهة الفراغ القيادي مجلسٌ أعلى للأمن، لم يكن كثيرون يعرفون وجوده.
واستُدعي من المغرب، حيث كان يعيش في منفىً اختياري، محمد بو ضياف، وهو واحد ممن عرفوا بالأحرار الخمسة، حيث كلف برئاسة لجنة أطلق عليها فيما بعد المجلس الأعلى للدولة، وضمت وزير الدفاع اللواء خالد نزار، والعقيد والسفير السابق علي كافي، بصفته الأمين العام لمنظمة المجاهدين، والمحامي علي هارون، بصفته ممثلا لما اصطلح على تسميته بالولاية الثورية السابعة، أي فرنسا (والذي كان صلة وصْلٍ مع بو ضياف) والدكتور التيجيني هدام، عميد مسجد باريس آنذاك، ليمثل التيار الإسلامي.
وكان يمكن أن تسير الأمور بشكل مقبول، برغم أنها لم تكن تطبيقا فعليا للدستور، لولا أن المنطق الأمني فرض نفسه بشكل بالغ العنف، منطلقه الرئيسي خنقُ ما كان يُسمّى “الجبهات الثلاث”، والتي انتصرت بنسب متفاوتة في الانتخابات التشريعية، وهي الجبهة الإسلامية للإنقاذ (الفيس) وجبهة القوى الاشتراكية (أول الأحزاب المعارضة) وجبهة التحرير الوطني، الخاسر الأكبر في الانتخابات.
واستأثرت بمقاليد الأمور، وتحت رعاية وتوجيه المصالح الأمنية، تجمعات للأقليات السياسية والفكرية المتناقضة مع جبهات الأغلبية، أصطلح على تسميتها بالقوى الاستئصالية، ومن بينها أحزاب كان قد تم تكوينها لمنافسة تيار الأغلبية، ولا تملك أي قاعدة شعبية تمكنها من المنافسة الحقيقية والديموقراطية لذلك التيار، وبعضها يحاول اليوم استنساخ ما حدث آنذاك، وأدى إلى حملات اعتقال لكل من عُرف عنهم نشاط في إطار “الفيس”، وضعوا في محتشدات جنوب البلاد، في جهل مطلق لقاعدة معروفة تقول بأن المحتشدات، خصوصا إذا اتسم التعامل فيها بالقسوة المبالغ فيها، تتحول في لحظة ما إلى حاضنة للعنف.
وأتذكر أنني قلت لواحد من أقوى رجال الظل وهو وزير الداخلية آنذاك، الجنرال العربي بلخير: سيُحمّلك التاريخ مسؤولية كبيرة في زراعة العنف بفتحك لمعتقلات الجنوب (وهو ما كنت نشرته منذ عدة سنوات، عندما كان الجنرال سفيرا في المغرب، ولم يكذبني أحد)
ويجيبني بلخير بما لم أكن أتوقعه: “دكتور، صدّقني عندما أقول لك إنني قرأت خبر المعتقلات في الصحف كما قرأته أنت.”
ووقع بو ضياف نفسه أسيرا لمنطق الاستئصال، وكنت قلت في حديث سابق إنه كان المفروض أن يستعيد قيادة جبهة التحرير الوطني، مع أحمد بن بله (الذي كان رفيقه مع علي مهساس في الخطوات الأولى لإشعال الثورة) وحسين آيت أحمد، ليقيم شرعية ثورية جديدة، في غياب الشرعية الدستورية التي راحت مع نتائج الانتخابات التشريعية الملغاة.
وعرفت الجزائر عشرية دموية رهيبة، ما زالت ذكرياتها عالقة في أذهان كل الجزائريين، وبوجه خاص في ذهن المؤسسة العسكرية التي لا تريد أن تعيد تجربة التسعينيات المأساوية.
وكانت التجربة الثانية التي تابعتها القوى السياسية في الجزائر ما عرفته تونس، وإن كانت المقارنات محدودة جدا نتيجة لطبيعة أداء الجيش التونسي، الذي كان دائما بعيدا عن أي مشاركة في العمل السياسي، في حين أن الجيش الوطني الشعبي في الجزائر، ومنذ ثورة التحرير، كان في مراحل متتالية جزءا من الفعل السياسي، ولو بشكل غير مباشر، بمساهمته الفعلية في مشاريع التنمية الوطنية، وبحيث كان أبناؤه يحظون بخُمْس عدد المشاركين في مؤتمرات جبهة التحرير الوطني قبل مرحلة التعددية.
وكانت التجربة الثالثة التي كانت سلبياتها موضع دراسة في أوساط مختلفة الثورة المصرية في فبراير 2011، والتي تميزت بتجاهل الرئيس حسني مبارك، أو من كانوا وراء موقفه، لقواعد الدستور.
وهكذا قال نص البيان الذي تلاه نائب الرئيس ومدير المخابرات عمر سليمان بأن الرئيس “يتنحى” عن رئاسة الجمهورية، وليس “يستقيل” من مهامها.
وكُلف بإدارة شؤون البلاد مجلس عسكري في تناقض مع أحكام الدستور، وصدرت إعلانات دستورية لتفادي الفراغ، ولكنها كانت عمليات ترقيع لا تعالج الخلل الأصلي، ودخلت البلاد في دوامة تحالفات غير طبيعية، وعاشت تناقضات مؤسفة نتيجة لحماقات بعض القيادات ومزايدات البعض الآخر.
وكانت النتيجة ثورة مضادة ليس هذا مجال التوقف عند كل تفاصيلها.
ولن أتوقف عند تجربتي ليبيا وسوريا، لمجرد أن الشعب الجزائري كان يرفض مجرد التفكير في احتمال عقد أي مقارنات مع ما عرفه البَلدان، ولدرجة أن من عناصر سخط الجمهور الجزائري على الوزير الأول السابق هو تحذيره من حدوث ما عرفته سوريا من دمار، لم يكن الشعب هو المسؤول الأول عنه.
والآن، والسودان ينهي حكم الرئيس عمر البشير، يتابع الشعب الجزائري ما يحدث في بلاد العاصمة المثلثة باهتمام بالغ لعدة أسباب، أبسطها حجم كبير من المحبة يربطنا بالشعب السوداني، وخصوصا منذ ما عرف إعلاميا بموقعة “أم درمان”.
لكن السبب الرئيسي هو أن الفاعل الرئيسي في الأحداث جماهيرُ الشعب السوداني، وهو ما يمكن اعتباره موازيا لما تعيشه الجزائر منذ 22 فبراير، خصوصا وأن الجماهير هناك ترفع شعارا مماثلا لشعار “فليرحلوا جميعا”.
وألاحظ أن انقلاب السودان قامت به قيادات أمنية، وأهم هذه العناصر استبعدت عندنا من مجال السلطة منذ سنوات، وبغض النظر عمّا إذا كان بعض عناصرها وراء محاولة ركوب موجة الحراك الشعبي أو التأثير على مجرى الأمور.
لكن الفرق بين الوضعية في الجزائر وفي السودان هو أن الاستعمار القديم لكل من البلدين ليس بنفس القرب منهما، سواء تعلق الأمر بالجغرافيا أو باللغة أو بالفكر السياسي أو بالعلاقات الاجتماعية والمالية أو بالتأثير الإعلامي.
والفرق الثاني هو أن تنحية الرئيس تمت في السودان بشكل انقلابي مباشر نددت به جهات دولية كثيرة من بينها الاتحاد الإفريقي، وترفضه المؤسسة العسكرية في الجزائر مما يثبت حكمة القيادة الجزائرية وحرصها على عدم التناقض مع المجتمع الدولي.
ويجب أن نتذكر دائما بأن صانع القرار في الجزائر يجد نفسه اليوم أسيرا لوضعية معقدة، نتيجة لقرار الرئيس السابق بالاستقالة المتعجلة، وهو ما كنتُ أول من ندد به هنا وشرحت أهم معطياته، وكانت النتيجة أننا نجد في الطريق قنابل موقوتة، كان من الممكن تفاديها حرصا على استقرار البلاد، وبحيث أن هناك اليوم من يتهم الرئيس بأنه فعل ذلك عامدا متعمدا لينتقم من الشعب الذي طالب بتنحيه.
وكنت قلت إن الرئيس كان يعرف أن هناك تحفظات كثيرة على عبد القادر بن صالح، رئيس مجلس الأمة، وكان في مقدوره بالتالي أن يُعيّن في الثلث الرئاسي، وهو الذي يختار عادة رئاسة المجلس وما زالت فيه مقاعد شاغرة، عددا من الشخصيات التي تمكن مجلس الأمة من اختيار إحداها لرئاسة الدولة في المرحلة الانتقالية التي يتم خلالها الاستعداد للانتخابات الرئاسية.
وكان الرئيس، أو من يتخذ القرار باسمه، يعرف، وبناء على ردود الفعل الأولية، أن اختيار الوزير الأول لم يكن اختيارا موفقا، وأن هناك فراغا مرتبطا باللجنة المكلفة بتنظيم الانتخابات، وكان واجب الرئيس بالتالي، وقبل أن يقدم استقالته، أن يختار وزيرا أولا آخرَ، وأن يُعيّن لجنة الانتخابات، أو رئيسها على الأقل، بعد تحديد الإجراءات اللازمة لتمكنها من القيام بدورها.
وهكذا فتحت الاستقالة المتعجلة الباب أمام مزايدات من لفظتهم الجماهير للمطالبة بمجلس رئاسي يعطيهم فرصة التموقع في مراكز قيادية، ما كان لهم أن يوجدوا فيها عن طريق الاستشارة الانتخابية، وهم يبررون مطالباتهم بهتافات الشباب: “فليرحلوا جميعا”، متجاهلين أنهم من بين المطالَبين (بفتح اللام الثانية) بهذا الرحيل.
ولأن المؤسسة العسكرية أصرت على التنفيذ الحرفي للدستور بدأت أصوات مبحوحة تتهمها بأنها أدارت ظهرها لمطالب الشعب، وهذه الأصوات هي التي تسعى اليوم لتأزيم الوضع بتركيز المطالب مرحليا على تنحية الباءات الثلاثة، بمناورة لفظية تستكمل شعار “الشرعية الشعبية”، بشعار مراوغ يقول: ” إيجاد حلول سياسية لأزمة يعجز الدستور عن حلها”، وهو محاولة الوصول لنفس الهدف اللا شرعي بشعارات تدّعي الشرعية.
والغريب هنا هو تواطؤ أقصى اليمين مع أقصى اليسار، وتحالف قيادات لائكية مع قيادات إسلامية، وكلاهما لم يكن يوما محل إجماع الجماهير، ولن يكون يوما كذلك، بمفرده أو مع حليفه.
والأكثر إثارة للاستغراب أن توجهات إسلامية لها وجودها الفاعل في الشارع أرادت أن تنتقم من ظلم السلطة، وهو ظلم لا ينكره إلا أحمق أو جاهل، فراحت تدعم من كانوا وراء البطش بها لمجرد أن هؤلاء هم اليوم ضد السلطة القائمة، وسيتفوقون على أنفسهم في البطش بخصومهم لو انتصروا هذه المرة أيضا.
وفوجئنا اليوم بأن قناة “النهار” تبث صورة جماعة من الملتحين تتقدمهم فتاة صغيرة محجبة ترفع مصحفا، بينما ينادي الجميع بشعارات “الفيس” (دولة إسلامية) وبنفس الشعار الذي يطالب برحيل الجميع، وبدا بأن هذه التظاهرة ليست عفوية ولا تلقائية.
وكنت أشرت إلى جماعة خرجت في بداية الحراك واضطرها المتظاهرون إلى الاختفاء لأنها ركزت على الشعارات الإسلامية، لكن تظاهرة اليوم سارت في نفس الاتجاه الذي يعمل للضغط على المؤسسة العسكرية، وبرز في أحد جوانب التظاهرة علم لأصحاب النزعة البربرية، تم إخفاؤه بسرعة.
وهكذا نلاحظ تنمر جهات كثيرة للضغط على المؤسسة العسكرية، وهو ما نجده في العدد الكبير من اللافتات الضخمة واللوحات الكبيرة والملصقات المصورة بحرفية كبيرة والتي تتفق فيما بينها على الدعوة لرحيل الجميع، وكلها مما لا يستطيع إنجازه مواطنون عاديون، مما يؤكد أن محاولات ركوب الحراك الشعبي العفوي متواصلة.
وسنلاحظ أيضا تكاثر ما اصطلح على تسميته بالذباب الإلكتروني، وأسميه أنا “البقّ” الإلكتروني، والذي يحاول الإساءة لكل من ينادي بتحكيم الدستور والاستعداد لانتخابات قادمة تعطي الشعب الديموقراطية التي يبتغيها.
ويبقى أن هناك في الساعات الأولى لما حدث في السودان درسان، الأول أبرزته ردود الفعل الدولية الرافضة للانقلاب، وسيتلقى العقلاء من المعارضين عندنا (أكرر..العقلاء) هذا الدرس باهتمام، بقدر ما سيدعم موقف المؤسسة العسكرية في تمسكها بالتطبيق الحرفي للدستور.
والعجيب هنا أنه، وبرغم بدء العد التنازلي للانتخابات الرئاسية بعد أقل من 90 يوما، فإن المعارضة فشلت في الاتفاق على ترشيح شخصية معينة، وفي الجزائر منها الكثير، لمنصب رئاسة الجمهورية، لمجرد أن كلا يطمع في السلطة وبرغم أن كلا يعرف أنه عاجز عن الوصول لها ديموقراطيا، وهكذا بدأت أصوات تشكك مسبقا في إمكانية إجراء انتخابات نزيهة، بدلا من أن تقترح ضمانات واضحة، كمنع أفراد القوات النظامية من التصويت في الثكنات، ومطالبة المؤسسة الأمنية العسكرية بتحقيق رقابة مزدوجة على الانتخابات، يمكن أن تضاف إليها رقابة شعبية من سكان الأحياء ومن ممثلي الحراك الشعبي.
وراح البعض يُكثف الضغط على المؤسسة العسكرية، وعلى رئيس أركان الجيش تحديدا، لكي يعطي فلول المعارضة نصيبا من “تموقعٍ قيادي” في مؤسسات سيادية، تحسّ أنها لن تستطيع تحقيقه عبر صندوق الانتخابات، وذلك بما يضمن لكثيرين من عناصرها عدم التعرض لأي حساب، لأنه كان، بشكل أو بآخر، مستفيدا من النظام ومتواطئا معه.
ومن هنا يؤكد من لا يزالون يستجدون مجلسا رئاسيا خارج إطار الشرعية الدستورية بأن القضية مجرد أطماع شخصية، وهو ما بدأت الجماهير الواعية تدركه تدريجيا. الدرس الثاني الموجه لشباب الحراك، وهو أن ردود الفعل الشعبية في السودان استمدت قوتها من أنها تمثل ردود فعل لهيئات وفئات منظمة وليس لأفراد ركبوا الحراك الشعبي بطريقة أو بأخرى وراحوا يزايدون لابتزاز المؤسسة العسكرية وتحقيق التموقع المستهدف، بعيدا عن الاختيار الديموقراطي.
وقد “بُحّ” قلمي، إن صح التعبير، وأنا أطالب القضاة والأساتذة والطلبة والمحامين وكل الفئات باختيار من يمثلهم في أي حوار مع السلطة، فهذا هو مصدر القوة الرئيسي الذي سوف يمكن الحراك الشعبي من فرض إرادته، وليس اللافتات الكبيرة والهتافات الجهورية والتصريحات البلاغية عبر الفضائيات.
وهنا فقط يستطيع الشعب أن يراقب عملية الانتخابات، هذا إذا كان من ينادون بسيادة الشعب يؤمنون حقا بسيادة الشعب.
ويبقى أن هناك استنتاجان رئيسيان، أولهما أننا، وبرغم كل الجهود في ميدان التعليم، لم ننجح في إعداد نخبة مثقفة، وأقل …نخبة، أي طليعة متناسقة الجهود متكاملة الأداء، تقود نهضة حقيقية لا تستجدي بالضرورة عواطف الجماهير، بل تواجهها بالحقائق الموضوعية التي تضمن الخروج السليم من أي أزمة حقيقية.
وباستثناء عدد محدود من المثقفين راحوا يحللون الأحداث بالمنطق العلمي السليم البعيد عن التهريج البلاغي، وعددٍ آخر فضل المتابعة بدون المشاركة، فإن أكثر المثقفين نشاطا هم من يعملون في إطار اتجاهات حزبية أو عقائدية معينة، وهم أكثر حيوية، لأن الإحساس بمشاعر الأقلية، عن خطأ أو عن صواب، يعطي دافعا أقوى للحيوية والنشاط، وربما كان هناك من ارتبطوا، أو رُبطوا، بمواقع فقدت نفوذها في مرحلة سابقة وتحاول اليوم الانتقام من الجميع.
وهكذا عرفت قنوات التلفزة تكاثرا قططيا أو أرنبيا لعشرات المحللين الإستراتيجيين والكتاب السياسيين والمتخصصين الإعلاميين والباحثين الأكاديميين والخبراء الدوليين الخ الخ، راح كثير منهم يروج لأفكار اتجاهات معينة باحثة عن التموقع السياسي، أو يداعب عواطف الجماهير الحماسية برفع سقف المطالب، وكان أكثرهم نشاطا بالطبع بعض من تختارهم قناة فرانس 24، وقناة الجزيرة إلى حدّ كبير، ويضاف إلى الجميع بعض من نتضامن معهم في نضالهم ضد الثورة المضادة، لكنهم ممن يتناقضون، لأسباب واضحة ومبررة، مع كل ما يرون أنه حكم للعسكر.
وأنصح، بكل تواضع، بالعودة لمقالي عن “الجيش والعسكر”.