الأردن: العلة في النظام وليس في الرزاز وجامعة “هارفارد”
د. معن علي المقابلة
البعض يعيب على رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز ويفسر ضعفه في ادارة الحكومة انه من جماعة هارفرد اي خريج جامعة هارفرد ، وهذه مغالطة كبيرة – وهذا المقال ليس دفاعاً عن الرزاز فقضية الدفاع عنه قضية خاسرة – فهذه الجامعة اي هارفرد من اعراق جامعات العالم فقد تأسست في العام ١٦٣٦م ، وللعلم ايضاً هذه الجامعة جامعة خاصة وليست حكومية ، وقد تخرج منها علماء وسياسيين وأدباء وفقهاء دستوريين واقتصاديين وزعماء دول لعبوا دوراً مميزاً في بلادهم وحققوا نجاحات يشهد لها القاصي والداني ، فقد تخرج منها ٦ رؤساء عظماء سابقين للولايات المتحدة الأمريكية وهم “جون أدمز”، و”ثيودور روزفيلت”، و”فرانلكلين روزبيرت”، و”جون كيندي”، و”جورج دبليو بوش” وأخيرا “باراك أوباما” الذي تخرج من تلك الجامعة هو وزوجته “ميشيل أوباما” كما تخرج منها ثعلب السياسة الامريكية وكبير دهاقنتها هنري كيسنجر مستشار الأمن القومي ووزير الخارجية في ادارة الرئيس نكسون، وتخرج منها منها ايصاً “آل جور” الناشط البيئي ونائب الرئيس السابق كلينتون وتخرج بتقدير امتياز، وتلقى عددًا من الجوائز منها جائزة نوبل للسلام بالمناصفة ، وممن تخرج منها ايضاً مؤسس شركة فيسبوك مارك زوكربيرج ، ومؤسس شركة مايكروسوفت بيل جيتس وغيرهم الكثير ، وقد لا يكون جميع هؤلاء عباقرة وفلتات زمانهم ،
فالقدرات الشخصية”الكارزما” اذا ما صقلت بالتعليم والتدريب والخبرة المتراكمة ستجعل من اصاحبها شخصيات استثنائية ، الا ان كل هذه الامكانات ستتحطم على صخرة شكل النظام السياسي ، ففي النظم الديمقراطية يستطيع النظام ان يفتح الآفاق لكل مبدع وصاحب رؤيا خلاقة
، وهذا ما شاهدناه ونشاهده يومياً في هذا الدول من نجاحات ىسواء على المستوى الشخصي الفردي او على مستوى الدول ، فاذا استعرضنا الشركات العملاقة كفيسبوك ومايكروسوفت وابل وامازون الواتساب وايرنب وسامسونج وغيرها ، نجد ان معظم مؤسسي هذه الشركات شباب حديثي التخرج من جامعات كبرى كاهارفرد وبروان وماساشوسيتس وستانفورد وبرينستون وغيرها ، فتفتقت ابدعاتهم في ظل نظام يؤمن بالانسان وقدراته الخلاقة فوفرت له الامكانات في المعاهد العلمية والشركات وقدمت لهم التمويل الذي وقد يصل هذا التمويل لملايين الدولارات مع وجود احتمالية النجاح والفشل.
وفي السياسة نجد ان هذه النظم اقصد الديمقراطية فتحت آفاق للشباب فاذا استعرضنا معظم الحكام في العالم الغربي نجدهم من فئة الشباب ، بحيث استطاعت هذه النظم ان تكشف عن كثير من مواهب هؤلاء الشباب واظهرت قدراتهم في الحكم والسياسة ، وقدموا نجاحات متتالية لبلدانهم ، كما ان النظم الديقراطية باستطاعتها ان تحمل صاحب الامكانات المتواضعة فكما انها لديها الديناميكية لاعطاء اقصى ما لديها لابراز قدرات نخبها ممن يمتلكون قدرات خلاقة ، ايضاً هي قادرة على ستر عيوب الضعاف منهم وان تحمل صاحب الشخصية الضعيفة وتخفي ضعفه ، فالمعروف عن الرئيس بوش الابن انه كان فاشلاً على المستوى الشخصي والدراسي ومدمن كحول في شبابه وفي فترة رئاسته تبين ضعفه في الجانب الكرزماتي ، ولكن في عهده خاضت امريكا اهم حروبها في أفغانستان والعراق والحرب على ما يسمى بالارهاب ، واستطاع بوش ان يفوز بالرئاسة بدورتين متتاليتين فالنظام ستر عيوبه وقدمه كرئيس قوي.
في بلادنا التعسة كثير من النخب واصحاب الامكانيات المتميزة ذبحوا على مسلخ النظم الدكتاتورية التي لا تؤمن بالابداع ولا تعطي الفرص للشباب التي تمتلك رؤى وامكانات لا تقل عن شباب الغرب الذين حققوا النجاحات المتتالية سواء على الصعيد الشخصي او على الصعيد السياسي في ادارة دولهم ، بينما في الدول المستبدة ؛ الدولة بكل اجهزتها لا تخرج عن رؤية الحاكم الملهم الذي لا يأتية الخطأ من خلفه او من بين يديه ، فهو المنظر وصاحب البصيرة الثاقبة ، الذي لديه كل الحلول لجميع المشاكل التي تعاني منها الدولة ، فهو الجندي الأول والرياضي الاول والمزراع الاول ، والمفكر الأول ، ولا يجرؤ احد ان يطرح راياً مخالفاً لهذا الحاكم الذي ارسلته السماء والعناية الالهية لهذا الشعب المنكوب ليخرجهم من دياجير الجهل الى فسحة النور والأمل ، اذاً لا يوجد شخص ضعيف او فاشل بل هناك نظام مؤسساتي قادر ان يكشف عن النخب والمبدعين واصحاب الرؤى الخلاقة فيمنحهم الفرصة لتتفتق قدراتهم عن كل هذه الابداعات التي نشاهدها يومياً في بلاد الأعداء.
بينما في بلاد الشرق الذي لا زال مسكوناً بالمخلص الذي سيأتي ليملأ البلاد عدلاً بعدما ملئت جوراً ، تذبح كل الكفاءات انتظاراً لهذا المخلص.
باحث وناشط سياسي \ الاردن