ماذا بعد محمود عباس؟
نزار حسين راشد
ماذا وليس من؟ فلن يكون هناك اسم بعد محمود عباس يخلفه على الكرسي، لا ماجد فرج، ولا حسين الشيخ ولا
جبريل الرجوب ولا العالول، ببساطة لأن هذا الزحام لا أحد، فمحمود عباس هو الشخص الوحيد المتبقي من بطانة
عرفات، وحلقة البدايات ورفاق المسيرة، وهذا بالضبط ما قاد إلى الإلتفاف حوله والإجماع عليه بعد وفاة عرفات،
فهو الوحيد المؤهل ليقال عنه” من ريحة المرحوم”.
ولندع جانباً ما أثير حول تآمره على عرفات وانقلابه عليه، فالمرحوم كان يعرف تماماً ضرورات المرحلة وإملاءاتها
وطبيعة ما هو قادم، ولذا رشحه رئيساً للوزراء ولم يكن ذلك إلا توطئة لترئيسه، دفع إلى الواجهة بكل قوة.
وإذن فماذا بعد عباس.
يذهب المحللون ويرجحون الظن ان الضفة الغربية سيتم ربطها بالأردن بطريقة او بأخرى، وبقولون انه مشروع
جار بدليل الحديث في اروقة السياسة الاردنية عن منح الجنسية الاردنية لاهل الضفة الغربية والحديث عن الهوية
الجامعة وما إلى ذلك من تعديل لقانون الانتخاب.
هذا حاصل بالفعل ولكنه يصب في غاية اخرى غير ربط الضفة الغربية سياسياً بالأردن، بل لا يتعدى كونه اجراء
داعم وتعزيز للخطة الأصلية التي هي ربط الضفة وغزة معاً وربطهما بمصر، ولا ادل على ذلك من القلق والتوتر
المصري والذي عبرت مصر عنه أولاً بتشديد إجراءات الحصار وثانياً بتعطيل مؤتمر قمة الجزائر عن طريق
الجامعة العربية، وهذه رسالة تريد ان توصلها مصر للأمريكان، ولكن الخطة الامريكية الموافق عليها إسرائيليا
ستنفذ وتمضي إلى غايتها ولو كلف ذلك الإطاحة بالحكم المصري إذا أصر على موقفه ولم ينحن للإرادة الأمريكية
الإسرائيلية.
أما الدليل الأكثر وضوحاً فهو مؤتمر المصالحة الفلسطينية الذي تتبناه الجزائر، فلا مصالحة بوجود عباس لأنه لا
دولة برأسين، ولذا فالمقصود هو الإعداد لمرحلة ما بعد عباس.
اما ما ستجنيه إسرائيل من وراء هذه الخطة فهو نزع فتيل غزة وتحويلها إلى مجتمع مدني متكامل مع الضفة
الغربية.
فماذا عن القدس ومواجهات الأقصى والاستيطان؟اظن ان الرئيس بايدن قالها بوضوح:
لا تغيير على وضع المقدسات وسواء سماها جبل الهيكل أم لا فالنتيجة نفسها!
يعتقد الرئيس بايدن انه ينبغي إيقاف احلام إسرائيل عند هذا الحد، وبخلاف ذلك فلن تستقر الامور!
فهل ستقبل إسرائيل بالإملاء الأمريكي؟
اظن أنها ستقبل به حتى حين وذلك بسبب هشاسة الوضع السياسي في إسرائيل والتي تعي جيداً أن عباس هو من
يكبح جماح ثورة شعبية أو انتفاضة اخرى في الضفة الغربية،
أما بعده وفي غيابه فلن يكون باستطاعة احد ان يكبح هذا الجماح وستندلع الإنتفاضة حتماً.
والأمر كله يعتمد على مدى عقلانية السياسة الإسرائيلية والتي تريد حتما إفشال هذا المشروع ولكن بدفع مصر
إلى رفضه حتى لا تدخل في مواجهة وتحدٍ مع الأمريكان.
اما بالنسبة لحماس فأعتقد ان الدخول تحت العباءة المصرية سيوفر لها غطاء مناسباً إضافة إلى ان لحلحة الوضع
في القطاع ستلاقي ترحيبا شعبياً وان يكون هناك اي اتهام أو اعتراض وخاصة في ظل الظرف العربي الراهن.
وخلاف ذلك سينقلب مسار التاريخ مائة وثمانين درجة.
والله غالب على امره ولكن اكثر الناس لا يعلمون.