الشلل الرعاش “باركنسون” ما أبرز الأعراض وكيف نقدم الدعم للمرضى؟
مرض لا شفاء منه وأسبابه غير معروفة، ويعتمد الخبراء والمختصون على نظريات واجتهادات لمعرفة مسبباته ومنها كبر السن، والوراثة، واللكمات والضربات المتكررة على الرأس وتصلب شرايين المخ وأسباب أخرى غير معرفة. وهو مرهق صحيا ونفسيا للمريض وعائلته ومن يرعاه ناهيك عن التكاليف المادية، حيث تكلف العلاجات سنويا ملايين الدولارات لحكومات دول غربية بينما تنعدم الخدمات الصحية لهذا المرض في دول عربية لأسباب عديدة منها عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي للبلاد مما يضطر المريض إلى تحمل أعباء المصاريف العلاجية أو الإهمال لعدم قدرته على العلاج.
فكيف يمكن أن نخفف معاناة مرضى الشلل الرعاش، وما هي أبرز أعراضه وكيفية الوقاية منه؟
دكتور أحمد عايش يونس أستاذ الأعصاب والتأهيل في كلية الطب “سانت جورج” التابعة لجامعة لندن تحدث لنا عن العديد من التفاصيل المهمة المتعلقة بالمرض وأعراضه وتشخيصه والعلاجات المتوفرة. طرحنا عليه السؤال التالي ماهو المرض؟ فأجاب قائلا:
“هو مرض يصيب الجهاز العصبي ويظهر في الأعمار ما بين 40 إلى 60 عاما وتزداد نسبة الإصابة به في المراحل المتقدمة من العمر. التسمية تعود إلى طبيب بريطاني كان أول من وصف أعراض هذا المرض بطريقة علمية في عام 1817.
يحدث المرض نتيجة نقص مادة مهمة في المخ وتعرف بالدوبامين، التي تفرز من خلايا منطقة العقد القاعدية، عندما يقل فرز هذه المادة يؤدي إلى مشاكل في الجهاز الحركي”.
مضيفا: “أن الجهاز العصبي ينقسم إلى قسمين أساسيين الجهاز الحركي وهو يتحكم في الحركات الكبيرة مثل ثني الكوع والمشي، ومادة الدوبامين مسؤولة عن الحركات الدقيقة مثل المساعدة والتحكم في مسك القلم والكتابة. والجهاز العصبي الذي يحتوي على 100 مليار خلية عصبية فيها حوالي 140 مليار توصيلة عصبية. ينتج عن إفراز الدوبامين توصيل الرسائل للعضلات لتقوم بوظائفها أما من خلال الحركة الكبيرة أو الدقيقة وفي حال وجودها يعيش الإنسان بشكل طبيعي”.
أما عن الأسباب فيشير بأنه لا يوجد سبب بصفة قاطعة، لكن هناك مجموعة مسببات أبرزها نقص إفراز الدوبامين وهناك نظريات تقول إن المسببات قد تكون وراثية أحيانا أو نتيجة تصلب في شرايين المخ، أو التسمم بمادة المنغنيز أو الحمى الشوكية أو نتيجة كثرة تعرض الرأس لضربات وصدمات متتالية مثلما يحدث مع الملاكمين، أو كبر السن حيث تقل مادة الدوبامين لكنها تختلف من شخص لآخر حسب الدرجة وليس كل كبار السن عرضة للإصابة بالمرض.
أعراض
يقول الدكتور يونس: “قد يظهر المرض في البداية في جانب واحد من الجسم ومع الزمن يظهر على الآخر. ومن أهم أعراضه: الرعشة في اليدين وعدم القدرة على التحكم في الكتابة والخط يصبح غير واضح، بطء الحركة، وصعوبة في المشي وأيضا صعوبة في التقلب والحركة من موضع إلى آخر أثناء النوم، واختلاف في حركة اللسان، وصعوبة في المشي وتيبس في العضلات مما يسبب معاناة في تحريك اليدين”.
وتتطور الأمور عند البعض بحيث لا يستطيعون الوقوف إلا إذا وجدوا حائطا أو شيئا يستندوا عليه وتظهر تغيرات في القدرة على التحدث كأن يصبح أسرع أو أهدأ وغير مفهوم للآخرين، بالإضافة إلى أن تعبيرات الوجه تتغير ويصبح من الصعب الابتسام وتظهر حالات العبوس باستمرار.
وقد تسوء الحالة إلى خلل أو عدم التوازن ما يسبب الوقوع والكسور وغيرها من الإصابات.
علامات المراحل المتأخرة
ولا يقف الموضوع عند الأعراض السالف ذكرها فحسب، فلو تم إهمال الأمر فقد تسوء الحالة عند البعض لتصل إلى مراحل متأخرة فيتعرض المريض إلى المشاكل الذهنية مثل الإكتئاب، وفقدان الذاكرة، وصعوبة التفكير والتركيز.
ويشير إلى أن هناك أعراضا وعلامات أخرى تدل على تطور المرض وتتمثل في: مشاكل في الأمعاء والهضم والإمساك وعدم القدرة على التحكم في البول، وتأثر عضلات الرقبة ومشاكل في البلع وعدم وجود عضلات جيدة تمسك اللعاب فيخرج من الفم، وفقدان الوزن، بالإضافة إلى
العجز الجنسي حتى لو كان المريض صغيرا في السن،
وانخفاض في ضغط الدم، وزيادة التعرق، ومشاكل في النوم وشعور مستمر بالتعب، وتقارب الخطوات أثناء المشي، وانحناء الرقبة والظهر.
وتابع بالقول ان هناك أعراضا مرافقة ومنها أن يصبح خط اليد مرتعشا صغير الحروف، وتقل القدرة على دوران اليد، واختفاء معالم الوجه، وانخفاض الصوت مع البحة، والقلق، واختفاء حركة رمش العينين واحمرار في العين نتيجة لذلك، وصعوبة في البلع الإمساك واضطرابات النوم، لكن هذا لا يعني كل إنسان يتعرف على هذه المعلومات يتوقع ان يكون مريضا بالباركنسون وهذا متروك للطبيب ولا يمكن معرفة المرض إلا بعد تشخيص الحالة.
التشخيص
وحول سؤال عن كيفية كيف التشخيص؟ أوضح: “معرفة تاريخ المرض، والمشكلة الحالية وحالة المريض الصحية ما قبل الإصابة، والكشف السريري والتحاليل المخبرية والأشعة المقطعية، كلها أمور ضرورية للتأكد من وجود المرض. نطلب من المريض الكتابة في كل زيارة ومن خلالها ندرس تدهور الحالة أو تحسنها.
العلاجات والتأهيل
ونصح دكتور يونس بضرورة الالتزام بالعلاجات لكونها تساعد على التخفيف من معاناة المرض ومنها:
العلاج الطبي: الذي يستلزم تعويض نقص الدوبامين بالأدوية ولها أعراض جانبية مثله مثل أي دواء آخر. والعلاج الدوائي الطبي مرحلة من مراحل العلاج.
العلاج الجراحي: بطريقة تحفيز منطقة إفراز الدوبامين بحيث تبدأ تعمل وتتنشط وتفرز من خلال أجهزة منبهة، ولكن هذا العلاج لا يناسب كل المرضى. وهناك علاج جديد يعمل بتوجيه أشعة الليزر لمنطقة الدماغ بدون جراحة ويقوم بفرز الدوبامين.
العلاج الطبيعي والتأهيل: وهو مهم وضروري لاستكمال العلاج ولتمرين الجسم على الحركة وتقوية العضلات وهو مرافق للعلاج الدوائي حيث يهدف إلى استعادة الوظائف الحركية وجعل المريض أكثر استقلالية في حياته اليومية ويشمل على برنامج العلاج الوظيفي كتهيئة المنزل بأدوات وأجهزة تساعد المريض إلى حد ما على الوقوف أو الجلوس أو حتى الاستحمام، والمتابعة النفسية والاجتماعية عند الحاجة، والتمارين في البيت وفي مراكز التأهيل والنوادي الرياضية، والسباحة، الرقص، اليوغا، والمشي.
وحرص الدكتور يونس على التأكيد على أهمية العلاج النفسي وذلك من خلال متابعة المريض من قبل طبيب مختص خاصة في المراحل الأخيرة حيث تزيد المشاكل النفسية والكآبة خاصة عندما يصبح المريض غير قادر على خدمة نفسه ويشعر بالعجز.
ومن أهم النصائح التي يقترحها:
– ممارسة الرياضة والتمارين اليومية التي تبني عضلات وجسما قويا وتحافظ على قوام مستقيم وتخفف من معاناة الإصابة.
– الالتزام بتعاليم الطبيب في أخذ الدواء لأن كبار السن ينسون واهمال تناول الأدوية يفاقم الحالة.
– مساعدة كبير السن على الحركة في نطاق البيت أو الحديقة في صحبة آخرين شريطة ان لا يكون بمفرده.
– الحركة مهمة جدا ومن الخطأ الجلوس لفترات طويلة وهي ضرورة يوميا على الأقل لمدة عشر دقائق.
– مراعاة النظافة خاصة مع عدم التحكم في البول حتى لا نتسبب في مشاكل أخرى إضافية قد تنتج عن المرض.
أرقام
وتشير دراسات في بريطانيا ان من بين كل 100 شخص هناك شخص مصاب بالباركنسون وعدد المصابين يصل إلى 127 ألفا في بريطانيا وحدها، وهذا يكلف خزينة الحكومة حسب دراسة قام بها باحثون في كلية “امبيريال” التابعة لجامعة لندن ما يصل إلى 2 مليون جنيه استرليني سنويا.
وتقول الدراسة نفسها إنه كل ما كبر الإنسان في عمره كل ما كانت تكاليف علاجه أكبر.
وفي أمريكا يصاب 3 من كل 5 أشخاص بالأمراض العصبية كالباركنسون أو الخرف ويصل عدد المصابين هناك إلى مليون شخص، اما على مستوى العالم فيصل عدد المصابين إلى 5 ملايين شخص.