منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 لماذا لا ينتفض الشعب الفلسطيني؟

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

لماذا لا ينتفض الشعب الفلسطيني؟ Empty
مُساهمةموضوع: لماذا لا ينتفض الشعب الفلسطيني؟   لماذا لا ينتفض الشعب الفلسطيني؟ Emptyالجمعة 01 نوفمبر 2019, 8:51 am

لماذا لا ينتفض الشعب الفلسطيني؟
 عبد الحميد صيام

يشهد الوطن العربي هذه الأيام انتفاضات شعبية عارمة، انطلقت من السودان في ديسمبر 2018، وانتقلت إلى الجزائر، ثم عادت وأزهرت في أرض الرافدين، مرورا بعمان واستقرت أخيرا في لبنان شماله وجنوبه بقاعه وجبله.
هذه الانتفاضات أو الثورات أو الهبات، لا يهم ماذا نطلق عليها، في جوهرها مطلبية وليست تغييرا سطحيا في هرم النظام، كما حدث في انتفاضات 2011. فبعد إسقاط نظام بن علي ومبارك وصالح والقذافي، ركن شباب الثورات إلى الوضع الجديد، اعتقادا منهم أن الأمور الآن تسير في طريقها الصحيح، خاصة أن إجراءات شكلية قد تبعت الانتفاضات، كالانتخابات في مصر وليبيا، واستبدال علي عبد الله صالح بنائبه، إلا أن الثورة المضادة عادت وأسقطت تلك الثورات بطريقة أو بأخرى، أو ورطتها في بحر من الدماء. لكن يبدو أن الانتفاضات الحالية مصممة أكثر، وبطريقة سلمية حضارية، على إعادة صياغة النظام برمته مثلما جرى ويجري في السودان والجزائر ومثلما، يحاول المنتفضون في العراق ولبنان تحقيقه.
لقد وصلني أكثر من تعليق على مقالي الأخير (أمة نحو النهضة الشاملة) حول موجة الانتفاضات الحالية، الذي يحمل نبرة تفاؤل، رغم المصاعب العديدة، ورغم لجوء نظام بغداد والميليشيات إلى استخدام السلاح. ونؤكد هنا أن أسلوب التخويف بالقتل والسجن والتعذيب قد يؤجل الانفجار، ولكن لن يمنعه. ومن بين التعليقات العديدة سؤال تكرر لماذا لا ينتفض الشعب الفلسطيني؟ أليس هناك من الأسباب ما يدعو هذا الشعب المناضل إلى الانتفاضة؟ وسأحاول قدر الإمكان أن أجيب على هذا السؤال.
الأسباب الموضوعية للثورات
الثورات أو الانتفاضات الجماهيرية الكبرى لا تأتي فجأة وكأنها معجزة من السماء. ومخطئ من يظن أن ثورات الشعوب والانتفاضات الجماهيرية الكبرى يمكن أن تكون فقط استجابة لمؤامرة خارجية، كما يحلو لبعض الكتاب أن يردد على مسامعنا أن كل ما جرى في العالم العربي من صناعة كوندليزا رايس وبرنارد ليفي. الثورات تنفجر بعد نضوج أسباب موضوعية ومادية تدفع بالجماهير وقياداتها الواعية للانطلاق نحو الثورة، من دون حسابات الربح والخسارة. وهذه الظروف الموضوعية تتطلب نضوجا مسبقا يتجسد في شروط أربعة: أولا: عندما تصبح غالبية الشعب متضررة من النظام المستبد والظالم والفاسد، وعلى استعداد أن تقف في وجهه وتدفع الثمن. وثانيا: عندما تبدأ القيادات السياسية والفكرية والنقابية والمدنية تباعد نفسها عن النظام، خوفا من تلويث سمعتها وضرب مصداقيتها. وثالثا: خسارة النظام للتأييد الخارجي، فيصبح شبه معزول دوليا ومكروها داخليا. وأخيرا، عندما تبدأ عملية التعبئة والتشبيك ضد النظام، تتسع وبأشكال مختلفة وتصل إلى نقطة الحسم بانتظار اللحظة المناسبة، التي نسميها الشرارة، أو نقطة التحول التي تطلق طاقات الجماهير فتفجر الثورة، بغض النظر عن فرص نجاحها والقوى المستفيدة منها والمتربصة بها وإمكانية انحراف مسارها يسارا أو يمينا.
هذه العوامل مجتمعة تؤدي إلى الانفجار، كما حدث في تونس ومصر واليمن وليبيا والبحرين وسوريا (والمغرب إلى حد ما) ولكل بلد ظروفه في كيفية التعامل مع الانتفاضات الشعبية.

الانتفاضات أو الثورات العربية الحالية في جوهرها مطلبية وليست تغييرا سطحيا في هرم النظام كما حدث في انتفاضات 2011

ولو طبقنا هذه الشروط على أي وضع عربي لانطبقت عليه تماما: أنظمة فاسدة ظالمة، شعب متضرر بغالبيته، تعبئة شاملة ضد النظام ورموزه، سهلها انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، تراجع التأييد الدولي والدعم والمساعدات الخارجية. تبدأ الأمور تغلي في الخفاء بانتظار الشرارة: «ظاهرة بوعزيزي في تونس، أو خالد سعيد في مصر، أو سجن أبو سليم في ليبيا، أو قناصة شارع الستين في صنعاء، أو حمزة الخطيب وأطفال درعا في سوريا»، فينطلق البركان من تحت السطح إلى الأعلى. هذه الحالة تنطبق على معظم الدول العربية تقريبا ما عدا الدول الريعية خاصة الصغيرة (الكويت، قطر، عمان، الإمارات) التي بسبب موارد النفط الكبيرة توصلت مؤقتا إلى معادلة قوية تقوم على تبادل الولاء للطبقة الحاكمة، مقابل الامتيازات الكبيرة، من دون أن تكون هناك ضرورة لاستخدام العنف، أو الإفراط في الممارسات الشمولية.
الشعب الفلسطيني مفجر الانتفاضات
في العالم العربي إذن المعادلة واضحة نظام فاسد ظالم مقابل شعب مقهور ومتضرر. الوضع في فلسطين يختلف تماما، والمعادلة ليست بهذه البساطة، فهناك نظامان سيئان في الضفة وغزة. فالسلطة الفلسطينية في الضفة ركبت جهازا فاسدا وقمعيا وهناك شعب مقهور مضطهد، ولكن السلطة والشعب يخضعان معا لاحتلال شرس ومجرم ودموي وعنصري في الضفة الغربية والقدس. وفي غزة هناك نظام قمعي يكتم الأفواه، ويحاول أدلجة المجتمع، وفرض سلطة واحدة قوة واقتدارا، ولكن الناس بمن فيهم سلطة حماس يخضعون لحصار من البر والبحر والجو، والمعبر الوحيد الذي يربط غزة بالعالم الخارجي هو معبر رفح، الذي تحول إلى مختبر إذلال وقهر وخاوات ورشاوى، يفتح يوما ويغلق أسابيع، ولا يمر منه طالب أو مريض أو حاج إلا بعد أن يدفع «المبلغ المحدد سلفا».
السلطة الفلسطينية، خاصة في عهد محمود عباس، عملت على شيئين أساسيين- القيام بحملة وقائية لسحب كل وسائل المقاومة والانتفاضة من أيدي الناس لصالح إسرائيل، تحت مسمى التنسيق الأمني. ومن جهة أخرى ربطت الغالبية من الشباب خاصة، برواتب آخر الشهر، المرتبطة أصلا بالاحتلال. ولتسهيل مهمة تدجين الشعب الثائر، قام الثنائي فياض- بلير بتسهيل إعطاء قروض لكل من يخدم في الحكومة. فأصبح كل فرد يستطيع أن يشتري شقة وسيارة بالتقسيط. كما سهلوا منح القروض وانتشار المنظمات غير الحكومية، حتى أصبحت «ظاهرة». فكل من يريد تمويلا من أوروبا واليابان وكندا يفتح منظمة غير حكومية، تهتم بحقوق المرأة أو الطفل، أو حقوق الإنسان، أو الديمقراطية، أو المساءلة أو السلام أو الحوار أو التعايش، فتنهال الأموال. وقد أكد لي المرحوم الصديق تيسير عاروري، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بير زيت آنذاك، بأن كمية المبالغ التي منحت للمنظمات غير الحكومية تزيد عن المنح التي قدمت للسلطة الفلسطينية.
إذن بعد تسع سنوات أو يزيد من الدمار الذي سببه فياض- بلير وما سبقهما وما تلاهما من مؤسسات الفساد والإفساد، إضافة إلى سطوة الأجهزة الأمنية في تشليح الشعب الفلسطيني كل وسيلة مقاومة مهما صغرت، وتوسع وتعميق التنسيق الأمني لاعتقال المناضلين، أو قتلهم أو تسليمهم بهدوء، وجدت شعبا الآن مرتبطا بشكل أساسي براتب آخر الشهر، كي يحافظ على الحد الأدنى من عيش بسيط. وعندما يتأخر الراتب أو يصرف جزء منه فقط، كما حدث مؤخرا كوسيلة لترويض الناس والقبول بالأمر الواقع على مرارته، تبدأ الناس تصرخ وتتظاهر وتعتصم، ليس من أجل إنهاء الاحتلال والانتصار للوطن، بل من أجل قوت العيال. ومعظم حركات الاحتجاج التي حدثت في السنوات الأخيرة لها علاقة بالأمور الحياتية أساسا، ما عدا حراك القدس، وظاهرة المرابطين والمرابطات التي ليس للسلطة عليها أي فاعلية. وقد شاركت في مسيرة احتجاج على مجازر غزة صيف 2014 حشدت لها كل الفصائل والسلطة والمجتمع المدني، وتوجهوا إلى مخيم قلندية، ولم يزد عدد المشاركين عن 6000 شخص، بينما احتفل عشرات الألوف بفوز إسبانيا على هولندا في كأس العالم 2010 وفوز الجزائر على نيجيريا 2019 واستقبل محمد عساف بعد فوزه بلقب «أرب أيدول» 2013 بنحو مئة ألف محتفل.
لقد أصبح وجود سلطة أوسلو في رام الله وسيطرة أجهزة حماس على السلطة في غزة عائقا لاشتعال انتفاضة ثالثة سلمية ومتواصلة ومتعاظمة، لكنس الاحتلال وفك الحصار عن غزة. وكي تعطى الانتفاضة فرصة للانطلاق، يجب أن يسبقها أولا إنهاء الانقسام الفلسطيني، وقيام قيادة موحدة وطنية، لتطبيق برنامج نضالي يتعامل أساسا مع الاحتلال والحصار. إن الانتخابات التي دعا إليها عباس، إنما هي نوع من الهروب للأمام، في ظل الانقسام خاصة، ومشروع الدولة المستقلة التي بشرنا بها الأوسلويون تتبخر أمام عيوننا. ولذا نحن لا نتوقع أن تنطلق الآن انتفاضة فلسطينية شاملة ضد الاحتلال والحصار، بل إذا انطلقت فلا بد أن تكون ضد هذه القيادات التي أوصلت المشروع الوطني الفلسطيني إلى هذا المأزق الوجودي، وأي تغيير شكلي ضمن سقف أوسلو لن يؤدي إلا إلى النتائج نفسها. وليكن شعار الانتفاضة المقبلة عندما تكتمل ظروف انطلاقتها: «حلوا عنا جميعا».
محاضر في مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة رتغرز بنيوجرسي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

لماذا لا ينتفض الشعب الفلسطيني؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: لماذا لا ينتفض الشعب الفلسطيني؟   لماذا لا ينتفض الشعب الفلسطيني؟ Emptyالجمعة 01 نوفمبر 2019, 8:51 am

أمة على أبواب النهضة الشاملة… تمكين الشعوب وإسقاط الطغاة
 عبد الحميد صيام

 
نشعر بالزهو والفخار ونحن نرى شباب الأمة يصنعون فجرها الجديد ويربطون ما انقطع من هبات 2011 ليتابعوا مسيرة الوطن العربي نحو النهوض الشامل، بعد العثرات التي تعرض لها بسبب العساكر وأجهزة الأمن والتدخلات الخارجية والبترودولار. لقد بقينا على قناعتنا بأن الربيع العربي الذي بدأ من بلدة سيدي بوزيد في تونس وجرف أربعة طغاة، وهدد البقية الباقية بأنه قد يتعثر، لكنه لن يتوقف وسيعود بأشكال أخرى، بعضها عنيفة، وبعضها حضارية ما دامت الأسباب التي فجرت الانتفاضات الأولى باقية، وما دام زعماء الفساد والقهر والخنوع متمسكين بكراسيهم رغما عن إرادة شعوبهم ومستمرين في تزييف إرادتهم عبر انتخابات هزيلة أو إصلاحات شكلية، أو لجوء للحماية الخارجية. كل هذه المسكنات بدأت تتهاوى أمام حراك الشارع الغاضب، ولا حل إلا بالتغيير الجذري نحو دول الحرية والكرامة والمواطنة المتساوية تحت ظل القانون.
نشهد هذه الأيام انتفاضة كرامة تعم الشارع العربي من محيطه إلى خليجه، انطلقت هذه المرة من السودان وبدأت تعبر الحدود، فحطت رحالها في الجزائر، وانتقلت إلى بغداد، مرورا بعمان، ثم مرت من القاهرة رغم السنان المشرعة للاقتناص، ثم هبطت أخيرا في بلد الحرية والتعددية والمحاصصة الطائفية لبنان.
إذن إنه الربيع يتجدد في أكثر من عاصمة وبأكثر من شكل. تعددت الأشكال وتشابهت المطالب. الطغاة العرب محشورون في الزوايا. بعضهم لم يجد خيارا أمامه إلا القمع والقهر والسجون والاحتماء في أحضان الأغراب، وبعضهم أطلق الرصاص وبعضهم انصاع للمطالب ولو مؤقتا، ولكن الأجندة ما زالت مفتوحة على كل الاحتمالات.
شباب هذه الأمة يرفع صوته عاليا ضد أوطان أسيرة لطغمة فاسدة بغيضة، كتمت على أنفاس الشعوب، وضيقت هامش الحرية، وصادرت حقوق المواطن الأساسية وعاملت الشعب كأنه رعايا فقط مسؤوليته السمع والطاعة لولي الأمر، ونزلت بالهراوات على رؤوس من يعارضها مرة، وبالرصاص القاتل والمناشير والبراميل المتفجرة وحبال المشانق مرات. أنظمة بليدة متشابهة فرطت بالأرض والشرف ولم تحافظ على سيادة الوطن ووحدة أراضيه وافتعلت معارك مع إخوتها وجيرانها، وأقامت الاحتفالات ورقصت بالسيوف لمن دمروا الجار العربي، واستقبلت قتلة أطفال فلسطين والعرب في قصورها، وعزفت لهم نشيد الغزاة في ملاعبها.
الانتفاضة الحالية التي يمكن أن نسميها انتفاضة الكرامة بدأت ضد حكم البشير الفاسد. فبعد ثلاثين سنة في الحكم انفجر الشعب السوداني ضد من فتت البلاد وأهان العباد وخسر ربع مساحة البلد الأكبر في القارة الافريقية، مع انه كان يمكن أن يتجنب الانفصال. أشعل حرب دارفور فشرد الملايين وأحرق القرى ودمّر المجتمعات القبلية حتى وضع اسمه على قائمة مجرمي الحرب ورعاة الإرهاب. شوه اسم السودان والسودانيين، حتى أصبح جواز السفر السوداني، ربما الأسوأ في العالم مثل الأفغاني والصومالي. أفقر الناس ودمر مصادر رزقهم، ثم تاجر بالجنود ليرسلهم مرتزقة لدعم حرب آل سعود في اليمن وحفتر في ليبيا، ألا يستحق هذا الطاغية أن تنتفض عليه البلاد كلها. صرخات الشباب السوداني ما زالت متواصلة فقد شهدت العاصمة مليونية يوم الاثنين الماضي لاستكمال الثورة ومحاسبة القتلة، بعد أن أنجزت نصف المطالب، كان من أهمها رمي الطاغية في السجن.
الصرخة نفسها انطلقت من شباب الجزائر الذي لا يقبلون عمليات تجميلية لرموز النظام السابق، ولا يقبلون نصف إصلاحات ونصف تنازلات ونصف انتقال نحو الحكومة المدنية، التي يطل العسكر فيها من الشباك بدل الباب. لقد حاول العسكر، في إهانة لمشاعر الأمة، أن يمددوا لبوتفليقة للمرة الخامسة، لكن ذلك كان أكثر من أن يحتمل، لذلك خرجت الجزائر كلها لرفض التمديد والإصرار على ذلك، ولكن بطريقة حضارية منظمة، جعلت كل واحد منا يفتخر بالجزائر وشعبها العظيم. لقد أنجز هذا الحراك المرحلة الأولى من مطالبه، ولا نعتقد أن الشباب سيعودون إلى مهاجعهم إلا بتحقيق مطالب الثورة بالكامل، رغم أن أيادينا ما زالت على قلوبنا لأننا لا نثق بالعسكر والتجربة المصرية ما زالت حية في أذهاننا.
في عمان ظلت انتفاضة المعلمين صامدة إلى أن انصاعت الحكومة وعادوا إلى مدارسهم غانمين، بعد اعتذار من الحكومة. وفي بغداد تصدى الشباب بصدورهم للقتلة والقناصة، ولكنهم لم يتراجعوا إلا بعد أن انصاعت الحكومة (وإن كانت ليس موضع ثقة) إلى مطالب الشباب ووعدت بالتحقيق في الجرائم التي ارتكبها رجال الأمن ضد المتظاهرين، وقدمت رزمة من الإصلاحات لو تحققت لأخرجت الملايين من تحت خط الفقر. هل يصدق أحد أن العراق الذي يصدر يوميا 3.800.000 برميل نفط يوميا لا يجد الناس فيه قوت يومهم.. إنه الفساد. هذه دولة الفساد التي ركّبها بريمر وسلمها لمجموعة من اللصوص الدوليين، الذين تربوا على أيادي الولايات المتحدة ونظام الملالي في إيران، فحولوا العراق الغني بأرضه وشعبه وكنوزه الطبيعية ونخيله وصناعاته وزراعته، إلى شبه دولة فاشلة احتلت الرقم 176 من مجموع 179 على سلم الفساد، ثم تحسنت أخيرا فهبطت إلى المرتبة 169.. ألا تستحق هذه الظروف الانتفاضة العارمة التي هزت البلاد من أقصاها إلى أدناها. ما زلنا ننتظر تحقيق المطالب ومحاكمة بعض اللصوص والقتلة.

لا بديل عن سيادة القانون لكل دولة تريد أن تنهض وتسير بثقة نحو التنمية الرشيدة

تتجسد انتفاضة الشباب العربي بشكل أجمل وأرقى في «لبنان الكرامة والشعب العنيد» وترفع شعارات «كلن يعني كلن» أي لا تستثني أحدا من رموز الفساد والمحاصصة الطائفية وهدر الأموال. لقد تميز الحراك اللبناني العابر للطوائف بشموليته وحضاريته وسلميته. لقد أذهلت المفاجأة السياسيين فلم يحسنوا التصرف وراح كل واحد يلقي اللوم على الآخرين وبعضهم لجأ إلى نوع من التهديد المبطن، بل استعمل بعضهم اللغة الساقطة في اتهام الخصوم. ومن المؤكد أن قرارات الحريري التي ألقاها لامتصاص النقمة، وتهدئة الشارع لم تقنع أحدا فتواصلت المسيرات الحاشدة في كافة أنحاء البلاد. نحن الآن نشهد ذروة الحراك ولا نريد أن نستبق الأحداث، ولكننا نثق بأن شباب لبنان لن يقبل بالمسكنات والوصفات الآنية، بل يريد حلولا جذرية لمشاكل مزمنة.
مطالب الشارع العربي الأساسية

نستطيع أن نلخص المطالب المشتركة للانتفاضات الشبابية بأربعة أساسية بدون الدخول في كثير من التفاصيل:
*أولا: تداول السلطة بطريقة سلمية: لقد اختارت الغالبية الساحقة من دول العالم قاطبة نظاما يتيح للمعارضة أن تصبح سلطة، وللسلطة أن تصبح معارضة لفترة زمنية يحددها الدستور، لا يستطيع أحد أن يتجاوزها. فالنظام العربي الملتزم بشعار رفعه وآمن به وطبقه وهو «من القصر إلى القبر»، انتهى وعفا عليه الزمن، ويجب أن ينتهي ولا حل إلا بالتداول السلمي للسلطة، ولنا في تونس النموذج الأجمل.
*ثانيا: سيادة القانون- في كل بلد هناك قوانين تحكم علاقات الناس ببعضهم وبالسلطة ويلتزم بها جميع أبناء البلاد، فكل كبير يصبح صغيرا، إذا ما طاله القانون حتى لو كان رئيس البلاد، وكل صغير يصبح كبيرا إذا ما كان القانون إلى جانبه. أما في الدول العربية فهناك نوعان من الناس: نوع فوق القانون مهما عمل واغتصب ونهب وسرق وخان وفرط، ونوع يطالهم القانون المفصل أصلا لملاحقتهم وإسكاتهم وزجهم في السجون. فلا بديل إذن عن سيادة القانون لكل دولة تريد أن تنهض وتسير بثقة نحو التنمية الرشيدة.
*ثالثا: إنهاء جماعات الفساد، لقد أصبح الفساد في الدول العربية مؤسسيا ولا يقتصر على الأفراد، بل انتشرت جماعات غسل الأموال والتهريب والاتجار بالبشر (كالمهاجرين) وبيع الآثار والصفقات المزورة والشركات الوهمية والعمولات الخيالية. لقد استشرى الفساد، بحيث عطل برامج التنمية وأهدر أموال البلاد على مشاريع وهمية ذهب ريعها إلى جيوب الفاسدين المحميين من النظام وزبانيته. هذا أحد أهم أسباب الانتفاضات، ولا بد من وضع حد لحيتان الفساد المحميين من السلطة.
*رابعا: المواطنة المتساوية، لقد ملّ الناس الحديث عن الطوائف والعقائد والأصول والأعراق والأقلية والأكثرية. لا حل لبناء دولة قوية إلا بالمواطنة المتساوية تماما بين كل أبناء الشعب بغض النظر عن أعراقهم وعقائدهم وألوانهم وجنسهم. يجب أن يثبت الدستور الموافق عليه جماعيا هذه المساواة، ثم يقوم القانون بحمايتها ويعاقب كل من ينتهكها.
هكذا تنهض الدول وهكذا يصبح كل مواطن فخورا بوطنه، وعلى استعداد أن يدفع عمره فداء له، لا أن يهرب منه ليدفع عمره لأمواج البحر المتوسط. عهد الطغيان بدأ يأفل وعصر الحرية والكرامة والفرص والمساواة والمستقبل الزاهر بدأ يبزغ. عقارب الساعة لن تدور إلى الوراء، ونحن بانتظار تعميم النموذج التونسي على الوطن العربي بكامله.

محاضر في مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة رتغرز بنيوجرسي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
لماذا لا ينتفض الشعب الفلسطيني؟
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: مواضيع ثقافية عامة :: مقالات :: مقالات في السياسة الدولية-
انتقل الى: