أكبر اتفاق تجاري في العالم يتبلور دون الهند بعد انسحابها منه في اللحظة الأخيرة
بانكوك – رويترز: رغم انسحاب الهند في اللحظات الأخيرة اتفقت الصين و14 دولة أخرى في بانكوك هذا الأسبوع على خطط لما يمكن أن يصبح أكبر اتفاق تجاري في العالم، متمثلا في «اتفاقية الشراكة الإقليمية الاقتصادية الشاملة.» وتهدف هذه الدول إلى توقيع الاتفاقية في العام المقبل لبدء تحرير التجارة بين أعضائها المؤلفين من الدول العشر الأعضاء في رابطة دول جنوب شرق آسيا «آسيان» والصين اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا ونيوزيلندا.
* ما الذي تحققه الاتفاقية؟ لم تُنشر حتى الآن التفاصيل على وجه التحديد. لكنها ستعمل تدريجيا على خفض الرسوم الجمركية في مجالات عديدة.
ويقول مؤيدو الاتفاقية أنها ستسمح بنفس القدر من الأهمية للشركات بتصدير المنتج الواحد إلى أي مكان في الدول الأعضاء دون الحاجة للوفاء بمتطلبات منفصلة وملء استمارات مختلفة لكل دولة.
وقالت ديبورا إلمس، المسؤولة الكبيرة في «المركز التجاري الآسيوي»، ان الاتفاقية تمثل نقلة هائلة «لمنتجي السلع … إذ ليس لدينا الآن الكثير من التجارة الآسيوية التي تكون أسواقها النهائية في آسيا. وهذه (الاتفاقية) تحقق ذلك».
وتتيح الاتفاقية حافزا للشركات لإقامة سلاسل للإمداد داخل المنطقة حتى إذا كانت تُصدر للخارج. وتتناول الاتفاقية أيضا الخدمات وحماية حقوق الملكية الفكرية.
سيعزز مكانة الصين في مواجهة الحمائية الأمريكية
* ما الذي لا تحققه الاتفاقية؟ لا تعتبر الاتفاقية بنفس جودة الاتفاقية الشاملة والتقدمية لـ»الشراكة عبر المحيط الهادي» والتي تضم 11 دولة من دول آسيا والمحيط الهادي، وذلك لأنها لا تغطي كل ما تغطيه تلك الاتفاقية.
وبموجب الاتفاقية الجديدة سيتم الاتفاق على الرسوم فيما بين الدول بدلا من اتفاق عام. وبالنسبة لبعض الدول لن تتطرق الاتفاقية إلى قضايا حساسة مثل الزراعة. كما أنها تفتقر إلى بنود تتعلق بتحرير المشروعات المملوكة للدول أو حماية العمال والبيئة.
* ما هو الأثر الاقتصادي الذي ستحدثه؟ حتى بعد التوقيع سيستغرق بدء تطبيق الاتفاقية شهورا وستستكمل في سنوات. ويقول الخبراء الاقتصاديون ان التعقيدات تجعل الحسابات الدقيقة أمرا صعبا.
وتمثل الدول المشاركة ما يقرب من ثلث سكان العالم (ولو أن الهند شاركت لارتفعت النسبة إلى النصف). كما تنتج الدول أعضاء الاتفاقية قرابة ثلث الناتج المحلي العالمي بينما لا يمثل غياب الهند فرقا يُذكر من هذه الناحية.
* ما الذي يعنيه غياب الهند؟ يمكن للهند أن تنضم لاحقا. وقد حاولت دول أخرى، على رأسها إندونيسيا واليابان، الضغط على الهند من أجل البقاء. غير أن رئيس الوزراء ناريندرا مودي أصر على رفض شروط وافق عليها الأعضاء الآخرون.
وقال أنتوني نلسون، من شركة «أولبرايت ستونبريدج» الاستشارية «رغم أن خروج الهند يقلل من قيمة الاتفاقية، فهو يزيل أيضا أكبر عقبة منفردة أمام استكمالها». وأكبر مخاوف الهند أن يتدفق عليها طوفان من السلع الرخيصة من الصين وغيرها. أما بالنسبة لدول أخرى فإن غياب الهند لن يتيح لها الدخول إلى سوق اشتهرت بصعوبة النفاذ إليها، لكنها لن تتمكن أيضا من إدراج الهند بنفس السهولة في سلاسل الإمداد.
ويقول أنصار الاتفاقية ان الهند ستخسر استثمارات في حين أن مستهلكيها سيدفعون أموالا أكثر مما يجب.
كذلك فإن دول جنوب شرق آسيا تعتبر الهند ثقلا مقابلا لهيمنة الصين المتزايدة.
وقالت بافيدا بانانوند من جامعة تماسات في بانكوك «هذه فرصة ضائعة بالنسبة للهند».
* ما أثرها على التجارة العالمية؟ يمثل مجرد إنجاز الاتفاقية، حتى بدون الهند، دفعة للاتفاقات التجارية متعددة الأطراف مقارنة بالاتفاقات الثنائية التي يفضلها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وكانت الحرب التجارية التي بدأها ترامب بزيادة الرسوم على السلع الصينية حافزا إضافيا للسير قدما في الاتفاقية التي حققت تقدما بطيئا منذ 2012.
* هل تقوي الاتفاقية الصين في مواجهة الولايات المتحدة؟ تعد الصين أكبر مُصَدِّر للواردات وأكبر مستورد مقارنة بكل أعضاء الاتفاقية تقريبا.
إلا أن الاتفاقية، التي تأتي في وقت تتزايد فيه المخاوف من قوة الصين، تعزز وضعها كشريك اقتصادي مع شرق آسيا وجنوب شرقها. كما أنها ستضع الصين في موقع أقوى يُمَكِّنها من تشكيل قواعد التجارة على المستوى الاقليمي.
وفي لفتة ازدراء رمزية للأمريكيين لم يستقبل وفد الولايات المتحدة سوى ثلاثة من قادة المنطقة بدلا من كامل أعضاء المجموعة.