مهاتير محمد يؤكد ان قمة كوالالمبور الإسلامية بداية مصغرة ولا تقصي احدا ويحمل الدول الإسلامية مسؤولية تفاقم الإسلاموفوبيا.. روحاني يدعو الدول الإسلامية للتحرر من هيمنة الدولار.. وأردوغان يطالب العالم الإسلامي التبادل التجاري بالعملات الوطنية
قال رئيس وزراء ماليزيا، مهاتير محمد، اليوم الخميس، حول قمة “كوالالمبور 2019” الإسلامية المصغرة التي تستضيفها بلاده “نحن لم نقصِ أحدًا، أردنا فقط أن تكون هذه القمة بداية مصغرة”، معربًا عن أسفه للأوضاع المتردية التي وصل إليها العالم الإسلامي حاليًا.
جاء ذلك في كلمة ألقاها مهاتير محمد، في الجلسة الافتتاحية للقمة التي انطلقت، صباح الخميس، بمركز كوالالمبور للمؤتمرات بالعاصمة الماليزية.
وأشار إلى أن هذه القمة ستشهد نقاشات حول الأوضاع الراهنة للمسلمين، وليس عن الدين كمعتقد، مضيفًا “نحن جميعًا نعرف أن بلدان العالم الإسلامي تشهد أزمات، ونرى أن شعوب تلك الدول تضطر لترك بلدانها والهجرة لبلدان غير مسلمة”.
وتابع قائلا “ومن جانب آخر نجد بعض المسلمين يمارسون عنفًا واستبدادًا حيال بعضهم البعض، ومن ثم نحن مطالبون بمعرفة كيف ظهرت هذه المشكلات، علينا أن نواجه أسباب الحروب الداخلية، وغيرها من الكوارث، والعمل على تقليلها، وإصلاح سمعة ديننا”.
وأضاف قائلا “لا توجد دولة مسلمة واحدة توصف بالمتقدمة، فرغم ما لديهم من ثروات لا زالوا في طور الدول النامية. فمع الأسف هذه الدول ضعيفة، وبقيت غير قادرة على حماية الأمة الإسلامية”.
ولفت إلى أن المسلمين والإسلام ينظر إليهم اليوم على قدم المساواة مع الإرهاب، مضيفًا “ومن ثم إذا قمنا بتقييم وضعنا الحالي بصدق، يجب علينا أن نقبل أن ديننا يخضع لافتراءات وإهانات”.
وذكر مهاتير محمد في السياق ذاته أن المسلمين أنشأوا حضارات متقدمة في الماضي، ونشروا تعاليم الإسلام للعالم أجمع، مستطردًا “لكن اليوم فقدنا احترام العالم بأسره، ولم نعد مصدرًا للعلم، ولا دور لنا في الحضارة الإنسانية”.
وأشار إلى أن انهيار الحضارة الإسلامية بدأ في أواسط القرن الـ15 الميلادي، مضيفًا “وفي تلك الفترة بدأ المسلمون يتجاهلون دراسة أية علوم غير العلوم الإسلامية، ليخرج علينا علماء انشغلوا بأن يكون لكل منهم رأي ديني مختلف عن الآخر حتى ظهرت تيارات مختلفة، صاحبتها صراعات فكرية”
وبيّن كذلك أن “القرآن الكريم يقول إن الله سبحانه وتعالى سيقدم العون للمسلمين في حال بذلهم الجهود وليس غير ذلك”، مشيرًا إلى أن الاختراعات التي شهدها العالم خلال المئة عام الأخيرة لا ينسب أي منها إلى المسلمين.
وتابع قائلا “وهذه الاختراعات نستخدمها نحن جميعًا حاليًا، وهذا يعني أننا بتنا مرتبطين ومعتمدين على تلك الدول التي حولت قدراتها إلى اختراعات وتنمية”.
وشدد مهاتير محمد على ضرورة فهم المشكلات التي يعاني منها العالم الإسلامي، وإدراك أسبابها، مضيفًا “وكما نعلم جميعًا أن بعض الدول بعد الحرب العالمية الثانية انهارت ودمرت، لكنها استطاعت الوقوف ثانية، وتطورت، لكن معظم البلدان الإسلامية، لم تنجح حتى في الإدارة الجيدة، وليس التنمية فحسب”.
وأضاف قائلا “فهل هذا حقيقة هو ديننا؟ وهل الإسلام هو سبب ما نحن فيه ؟”، متابعًا “كل هذه الأمور سنسلط عليها الضوء ومناقشتها خلال القمة، وأفكارنا ومقترحاتنا إذا تمت الموافقة عليها سنعمل على تحويل النتائج والمخرجات إلى مبادرات أكبر”.
ومن جهته دعا حسن روحاني الرئيس الايراني الذي تعاني بلاده من عقوبات قاسية، الدول الإسلامية الخميس إلى محاربة “الارهاب الاقتصادي” الذي تمارسه الولايات المتحدة، وذلك في افتتاح قمة تهدف إلى مناقشة مختلف القضايا التي تهم العالم الإسلامي.
ويشارك المئات في القمة التي تعقد في ماليزيا ومن بينهم رؤساء دول وحكومات وزعماء دينيون، إلا أن السعودية غابت عن المؤتمر.
ووجهت انتقادات للقمة بأنها تقوض منظمة المؤتمر الإسلامي التي مقرها السعودية وتمثل الدول والمنظمات الإسلامية.
ومن بين القضايا التي ستناقشها القمة محنة الروهينغا في بورما، كما يمكن أن تناقش مشكلة أقلية الأويغور في الصين، ولكن ربما لا يتم توجيه الانتقادات لبكين بسبب البنى التحتية الصينية الهائلة في العديد من الدول الإسلامية.
وفي كلمته الافتتاحية انتقد روحاني نفوذ واشنطن العالمي.
وقال “ان تداخل الانظمة الاقتصادية والتجارية والمالية الدولية مع النظام الاقتصادي الاميركي واعتماد الدولار في الاقتصادات الوطنية والعالمية، قد وفر للولايات المتحدة امكانية المضي بهيمنتها عبر تهديدات الحظر والارهاب الاقتصادي وفرض مطالبها اللامشروعة على الدول الاخرى”، بحسب ما اوردت وكالة ارنا للانباء.
وقال ان العالم الإسلامي بحاجة إلى انقاذه “من هيمنة الدولار الأميركي والنظام المالي الأميركي” داعيا إلى تعزيز التعاون المالي بين الدول الإسلامية.
وأعادت الولايات المتحدة فرض عقوبات قاسية على ايران في 2018 بعد انسحابها من الاتفاق النووي المبرم في 2015.
وعانى الاقتصاد الايراني منذ ذلك الوقت من تدهور حاد وانخفاض العملة الايرانية الذي ادى الى ارتفاع التضخم بشكل كبير.
وفي تصريحات لاحقة تحدث روحاني عن مجالات يمكن أن تتعاون فيها الدول الإسلامية ومن بينها في القطاع المصرفي والسياحة.
واقترح أن تعمل البنوك المركزية في الدول الإسلامية معا لطرح عملة رقمية موحدة.
– العالم الاسلامي “في أزمة”-
اقترح الرئيس التركي رجب طيب اردوغان كذلك خفض الاعتماد على الدولار الأميركي ودعا الدول الإسلامية إلى “تحرير التجارة الثنائية من ضغوط العملات الأجنبية”.
وقال “بدلا من التجارة بالعملات الاجنبية، نود أن نقوم بالتجارة الخارجية بعملاتنا القومية”.
وأضاف “نحن نحاول تطوير نظم دفع بديلة مع دول مثل روسيا والصين والبرازيل”. وعانت الليرة التركية من انخفاض في قيمتها العام الماضي وسط ارتفاع التوترات مع الولايات المتحدة، في أسوأ أزمة اقتصادية واجهها اردوغان في حكمه الطويل.
والمح محللون أن حضور خصوم السعودية ايران وقطر وتركيا القمة قد يشير إلى أنها تهدف إلى تشكيل منظمة منافسة لمنظمة التعاون الإسلامي.
ووردت مؤشرات على قلق السعودية ومن بينها الغاء رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان مشاركته في القمة بحسب ما قيل أنه ضغط سعودي.
ونفى مهاتير مثل هذه المخاوف في مكالمة هاتفية هذا الأسبوع مع العاهل السعودي الملك سلمان.
إلا أن منظمة التعاون الاسلامي التي تضم 57 بلداً، شنت هجوما مبطنا الاربعاء على القمة وقالت ان من شأنه اضعاف الاسلام.