كيف يبرر الزعماء العرب خياناتهم؟
كل زعيم عربي لديه قناة خلفية يتفاوض من خلالها مع خصومه، بعيدا عن أعين شعبه ورقابته.
وكل زعيم عربي له هدف واحد في الحياة: البقاء على كرسي الحكم، ومنع أي اهتزاز في أركان حكمه.
وكل زعيم عربي يضع حوله بطانة ضعيفة، تبحث عن مصالحها، وعن إرضاء الحاكم بالتزلف والنفاق وتصنع الولاء، وإذا خرجوا من دائرته الضيقة تحولوا إلى معارضة ضد الفساد والاستفراد بالحكم!
كل زعيم عربي منذ اتفاقية "سايكس بيكو" و"وعد بلفور" واحتلال فلسطين، أصبح على قناعة أن أدوات ثبات حكمه واستقراره هي التقرب من الحركة الصهيونية وأركانها، واللهاث وراء القوى الكبرى التي تملك المال والقوة، كانت بريطانيا وفرنسا سابقًا، وورثتهما في النصف الثاني من القرن الماضي الولايات المتحدة الأمريكية.
وستترك له الصهيونية والقوة المسيطرة على المحيط الجغرافي لبلده حرية التحرك والمعارضة ضمن خطوط معروفة سلفًا، وبسقف محدد لا يحق له تجاوزه؛ بهدف الحفاظ على استقرار حكمه! وعدم زعزعته! ليس خوفًا على نظامه وإنما حتى لا تتضرر مصالح الصهيونية، ومعها مصالح الغرب!
وسيترك الحاكم مساحة لشعبه للرفض والمعارضة ضمن لغة عامة مبهمة، تصلح لك زمان ومكان، كأن يسمح للناس بشتم الظالم والظلم، ولعن الفقر والواسطة والفساد، ومطالبة الحكام بالعدل والمساواة، وبوحدة الكلمة، وطرد المحتل، والحد من سيطرة صندوق النقد، والنفوذ الأجنبي على البلاد.
كل ذلك سيكون مقبولًا، وضمن حرية الرأي والتعبير، ومكارم الحاكم، ومن ضمن حكمته وفطنته، لكن حين تصبح لغة الشعب أو الكتاب أكثر تحديدًا، وموجهة له شخصيًّا بشكل مباشر، أو لحلفائه، أو حماة أركان نظامه، تنزل الهراوة على الرؤوس وتشجها، وتفتح السجون لأصحاب "الأجندات الخارجية"؛ لتأديبهم على قلة وطنيتهم وانتمائهم!
كان معاوية بن أبي سفيان حين يقول له المقربون منه إن الناس تشتمك، يرد عليهم: إنا لا نحول بين الناس وبين ألسنتهم ما لم يحولوا بيننا وبين ملكنا (سلطاننا).
الحاكم العربي لديه صندوق يشبه "صندوق باندورا" في الميثولوجيا الإغريقية، إذا فتحه خرجت كل شرور البشر منه! وسيحلف بالله أغلظ الإيمان أنه لم يقم بالتحالف مع العدو، والنوم في سريره، وبيع مقدرات الوطن، وتقريب الطغمة الفاسدة منه ("الطغمة" في اللغة أراذل الناس وأوغادهم) إلا من اجل مصلحة الوطن واستقراره وأمنه والحفاظ على استقلال ووحدة الوطن وعدم العبث بنسيجه الاجتماعي!
وكل ذلك يعني عنده شيئًا واحدًا هو ثبات الكرسي، وعدم اقتلاعه من مكانه بثورة، أو بانقلاب عسكري، أو بحرب أهلية إذا اقتضت الضرورة.
الجميع يتزلف للصهاينة الأوغاد بحجج من قبيل تحقيق المصالح الوطنية والأمنية، لكن الواقع يقول إنهم على استعداد للنوم مع الشيطان من أجل كرسي الحكم، وعدم تقديمهم إلى المحاكم الدولية، ولو جاءهم نبي من عند الله عز وجل لقتلوه، وهم يرددون أنه جاء ليهدم الأوطان! وما بناه الأجداد!!!
لا تتعجب كثيرًا حين تقرأ أن مستقر الطغاة هو الدرك الأسفل من النار!