43 "فيتو" أمريكياً ضد الفلسطينيين.. أين كان ترامب!
لم يأت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأي جديد في موقفه من القضية الفلسطينية بعد طرحه ما يسمى إعلاميُّا بـ"صفقة القرن". هو فقط نزع ورقة التوت التي كانت تستر عورات مواقف رؤساء أمريكا منذ أن دخلت واشنطن على ساحة الشرق الأوسط بعد خروج بريطانيا الاضطراري؛ بسبب أفول نجمها، وانطفاء شمسها في النصف الثاني من القرن الماضي.
على مدى السنوات التي تلت إعلان قيام "الدولة العبرية" على أرض فلسطين العربية، غض رؤساء أمريكا الطرف باختيارهم أو مرغمين عن جميع سياسات الاحتلال التي قامت على مصادرة الأراضي الفلسطينية، وإقامة المستوطنات، وعمليات القتل العشوائي المتوحشة ضد المدنيين العزل، واعتقال المئات، والزج بهم في السجون والمعتقلات بعد إخضاعهم لعمليات تعذيب فاقت أي خيال مريض!
ترامب فقط أكسب سياسات الولايات المتحدة السرية، وغير المعلنة، المنحازة بشكل كامل للكيان المحتل، والمعادية والكارهة للفلسطينيين وحقوقهم الوطنية، صفة العلانية؛ فقد استخدمت الإدارات الأميركية المتعاقبة من الحزبين "الجمهوري" و"الديمقراطي" منذ السبعينيات حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي لإحباط مشاريع قرارات تدين الممارسات الإسرائيلية في فلسطين المحتلة، أو تطالبها بالانسحاب من الأراضي التي احتلتها عام 1967.
من بينها 6 مرات استخدمت فيها الولايات المتحدة "الفيتو" ضد مشاريع قوانين حول القدس، والمرة الـ 43 ضد مشاريع قرارات تخص القضية الفلسطينية وأزمة الشرق الأوسط.
كانت سياسة واشنطن، وستبقى معادية للفلسطينيين وللعرب، سواء كان ترامب في السلطة أم أي شخص آخر غيره، ولن تتغير كثيرًا، ربما تتجمل وتغلف قراراتها بلهجة أو نبرة سياسية أكثر عقلانية واتزانًا، لكنها في النهاية هي ذات السياسة المنحازة والمعادية والكارهة للفلسطينيين وللعرب.
لم تكن واشنطن وسيطًا أبدًا! كانت دائمًا تجلس على الطرف المقابل للطاولة، تساعد "تل أبيب" على فرض شروطها على الفلسطينيين الذين تُرِكوا وحدهم دون غطاء عربي.
ترامب كشف -بالطبع دون أن يخطط- كل ذلك، وتحدث دون أقنعة، نزع عن وجهه قناع ومكياج المهرج، وأظهر لنا شخصيته الحقيقية التي هي شخصية كل رئيس أمريكي، سابق وحالي ولاحق؛ شخصية جلفة استعلائية، متعالية تنظر إلى العرب بدوينة، وكأنهم كائنات لا تُرَى بالعين المجردة!