الأسواق المالية الإفتراضية.. الإيجابيات والسلبيات
إن العولمة الرقمية أصبحت اليوم واقعا ملموسا في شتى القطاعات الاقتصادية الحيوية لجل دول العالم، ولعل أبرزها انتشار العديد من الشركات المالية عبر التداول المالي الإفتراضي وذلك بشكل رهيب وغريب بحيث أصبحت تلك العمليات مفتوحة علي الجميع في أي مكان وزمان. فتلك الأسواق المالية الإفتراضية أضحت اليوم في متناول أي شخص "طبيعي" متداول صاحب خبرة علمية أومهنية وذلك وفقا لمجال الإستثمار والتنزيل المالي عن بعد. فهنا يكمن مربط الفرس بحيث أصبح الفرد في المجتمع قادر بدوره علي تحصيل دخل مالي إضافي أوحتي توفير راتب شهري له مدى الحياة. لكن في المقابل لا تبدو تلك الصورة وردية بالحد الكافي للبعض نظرا للمخاطر المتزايدة والمجازفة المتواصلة في صلب تلك الأسواق المالية الإفتراضية والتي لا تشكل في حد ذاتها عالما واقعيا في تداول الأموال الحقيقية، مما تكثر بصلبها عمليات النصب والإحتيال والمعروفة بالسكام “Scam”. فالبعض من الأشخاص يعتبرها "نعمة" نظرا لتحقيقهم أرباحا مالية حقيقية عبر التداول المالي. أما في المقابل يعتبرها البعض الآخر "نقمة" نظرا لخسارة أموالهم أوسرقتها من قبل بعض الشركات "المحتالة والوهمية" والتي تروج لنفسها بأنها بورصة الثراء أوغيرها من بيع الأوهام الكاذبة. بالنتيجة يمكن طرح هذا الموضوع حول مدى جدية وواقعية تلك الأسواق المالية الإفتراضية والتي تختلف جذريا عن البورصات الوطنية التي تجمع أغلب المستثمرين والمضاربين في عقر دارها. بالتالي يمكن تحديد أهم الإيجابيات والسلبيات لتلك البرمجيات والشركات التي توفر التداول المفتوح على الجميع داخل تلك الأسواق المالية الإفتراضية.
الإيجابيات
يوجد دائما في عالمنا "الصالح والطالح" وذلك وفقا لنوايا الإستخدامات من قبل بعضهم بحيث تكمن هنا الإيجابيات واضحة من خلال حسن الاستثمار المناسب في المكان المناسب وتحقيق تلك الأرباح المالية المرجوة. فعلى سبيل المثال نذكر في هذا السياق رجل المال والأعمال والمضارب الأول عالميا في الأسواق المالية "جورج سورس" والذي حقق أرباحا مالية تفوق المليار دولار من التداول، وأيضا المستثمر المالي "وارين بافيت" الذي حقق ثراء فاحش من تداول الأسهم بالأسواق المالية. بالنتيجة تعتبر تلك عمليات التداول في جوهرها حقيقية بأموال حقيقية مع تسديد أرباح مالية واقعية وفقا لمجهودات المضاربين في عمليات البيع والشراء داخل تلك الأسواق. كذلك يوجد على شبكة الإنترنت العديد من البرمجيات المسماة ب "Brokers" وهي شركات مالية تشتري حصة إستثمار من برمجيات. MetaTrader فهذه الأخيرة تصنف ضمن خانة برمجيات الأسواق المالية الإفتراضية والتي يستطيع أي شخص في العالم الولوج لها بسهولة وفتح "حساب تجريبي أوحقيقي" للتداول. إذ البعض من أولئك المستثمرين في بعض الشركات التي تستخدم تلك التطبيقات يؤكدون مصداقيتها في التداول وتسديد نسب الأرباح بعيدا عن دائرة الإحتيال والنصب. كما أن بعضهم يشبهها بتلك عمليات التداول المباشر بالبورصات أووفقا لبرمجيات الشركات المالية العالمية المختصة في التداول بالحصص الكبيرة علي غرار وول ستريت. فعلي الرغم من إعتماد تلك « Brokers » آلية التنزيل المالي المنخفض مع توفير رافعة مالية منخفضة للمستثمرين الصغار وذلك بتنزيل مالي كحد أدني بين 100 و1000 دولار، إلا أنها تختلف في محتواها وفي تسديد نسب أرباح عمليات « Buy/Sell » وجمع بما يعرف ب « Pips » وذلك وفقا لتذبذب مؤشرات العملات أوالمعادن والأسهم للشركات. إجمالا، توفر تلك الأسواق المالية مجالا افتراضيا للإستثمار المربح ولإكتساب مهارات قصد تجاوز المخاطر والخسائر وضرب الهدف المحدد في المكان المناسب والوقت المناسب.
السلبيات
إذ على الرغم من مصداقية وشفافية بعض الشركات المالية التي توفر مجال استثمار افتراضي ناجح وناجع على المدى البعيد، إلا أن بعضها يصنف كشركات سرقة أموال المستثمرين أو حتى اقتطاع نسبة أرباحهم بطرق ملتوية وغير قانونية. كذلك وفقا للتجربة يؤكد بعضهم خسارة أموالهم بحيث يعتبر الحساب التجريبي المتوفر بتلك الشركات للتدريب غير متطابق للحساب الحقيقي. إذ توهم تلك الحسابات التجريبية البعض منهم بالربح السهل للأموال لكن عند التحول لحساب التداول بالأموال الحقيقية تكثر نسبة المخاطر وتسلب بالنتيجة أموالهم بطرق غير شرعية. فمن أهم سلبيات تلك الأسواق المالية الإفتراضية الخاصة بشركات مالية منتشرة على عديد فروع تحت تسميات مختلفة نجد بأن 90 بالمئة من المودعين تسلب أموالهم وفقط 10 بالمئة تنجح عمليات تداول أموالهم. كذلك هناك البعض يواجه صعوبة في تتبع مؤشرات "الشموع اليابانية" التي تختلف حجمها "باللون الأحمر والأخضر" مما تشكل لبعضهم "عدم يقين" في تتبع تذبذب العملات. أما بالعودة لنظرية بعض منظرين الإقتصاد النقدي نذكر منهم غريشهام الذي يذكرنا "بأن الأموال الفاسدة تقتل الأموال الحقيقية" خاصة من جانب المستثمرين "بالعملات المشفرة الرقمية" والتي تعد في مجملها مجرد "رموز" ولا صبغة قانونية من جانب إصدارها بحيث تكثر في صلبها عمليات الإحتيال أو"إبتلاع الأموال" لتعويض سرقة تلك النوعية من الأموال. أما بخصوص نظرية "فيبوناسي" حول أسواق الفوركس “Foreign Exchange Markets” والتي تختلف عن شراء الأسهم المعروفة ب « Stock Exchange Markets » بحيث تبين تلك التحليلات للرسوم البيانية عدم ثبوتها علي أرض الواقع لأن أصلا السوق غير ثابتة وتتأثر بأبسط المعلومات ولا يمكن التكهن بصعودها أو بنزولها وهي تبقى مجرد "تكهنات افتراضية" لا أكثر ولا أقل. إجمالا تعتبر السلبيات كبيرة في مجال استثمار الأموال داخل تلك النوعية من البرمجيات الملحقة بشركات أسواق مالية إفتراضية خاصة منها عمليات الإحتيال وسرقة أموال المستثمرين أو المخاطر المرتفعة في عمليات التداول، مما تجعل من أغلب المستثمرين ضحايا خاسرين لأموالهم ولا يوجد في هذا السياق تشريع قانوني يحميهم أو يوفر الصبغة القانونية لتلك الشركات بحيث بعض الدول ما زالت تفرض قيودا مشددة على تحويل الأموال بالعملة الصعبة خاصة منها الدول العربية الفقيرة أو التي تواجه صعوبات اقتصادية وهشاشة في منظومتها المالية والنقدية.