منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 تعرف إلى أبرز الأزمات الاقتصادية في القرن العشرين

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

تعرف إلى أبرز الأزمات الاقتصادية في القرن العشرين Empty
مُساهمةموضوع: تعرف إلى أبرز الأزمات الاقتصادية في القرن العشرين   تعرف إلى أبرز الأزمات الاقتصادية في القرن العشرين Emptyالجمعة 13 مارس 2020, 9:49 am

تعرف إلى أبرز الأزمات الاقتصادية في القرن العشرين

يحفل تاريخ الاقتصاد العالمي بالعديد من الأزمات الاقتصادية والمالية العالمية، التي كانت لها علامات بارزة في حياة الملايين، أغلبها بصورة سلبية، لكن الملاحظ أن العدد الأكبر من الأزمات الاقتصادية كان من نصيب الاقتصاد الأميركي.

في عام 1929، وقعت أكبر الأزمات وأشهرها، أزمة الكساد الكبير، بعد أن شهدت عشرينيات القرن انتعاشاً كبيراً في مجالي صناعة السيارات والإنشاءات، حتى إن شركة فورد كانت تصنع 9000 سيارة يومياً من طراز تي الشهير وقتها، وفي نفس الوقت بلغ الإنفاق على المنازل الجديدة 5 مليارات دولار خلال عام 1925.

وبينما كانت أسعار الأسهم تشهد ارتفاعات كبيرة، كانت أسعار المستهلكين في انخفاض، إلا أن مجلس الاحتياط الفيدرالي "البنك المركزي الأميركي" لم يعبأ وقتها بالأخيرة، ودعاه قلقه من تواصل ارتفاع أسعار الأسهم إلى رفع معدلات الفائدة من 3.5% إلى 5%.

لم يؤت رفع معدلات الفائدة ثماره على صعيد أسعار الأسهم، التي استمرت في الارتفاع، ليسجل مؤشر داو جونز الصناعي 381 نقطة، وهو أعلى مستوى له حتى تلك اللحظة، إلا أنه تسبب في انخفاض الإنتاج الصناعي بمعدل سنوي تجاوز 45%

ولأن المصائب لا تأتي فرادى، فقد ضاعفت الأنباء الواردة من لندن، والخاصة بانهيار بورصتها، بعد إلقاء القبض على كلارنس هاتري، رجل الأعمال الكبير الذي حصل على قروض ضخمة مقابل أسهم ادّعى ملكيتها، من مشاكل الاقتصاد الأميركي.

وخلال تعاملات يومي 28 و29 أكتوبر/تشرين الأول، فقد مؤشر داو جونز الصناعي الشهير 25% من قيمته، ووصلت خسائره بعدها بأسبوعين إلى 45%، قبل أن تبدأ البنوك الأميركية في الانهيار، ليفلس 1350 بنكاً خلال عام 1930 وحده، ويوقف البنك الفيدرالي نشاطه الأساسي وقتها، وهو إقراض البنوك التي تحتاج للسيولة، فيصل عدد البنوك المفلسة بحلول عام 1933 إلى 11000 بنك.

في 1973-1974، ترتب على انهيار اتفاقية بريتون وودز حدوث انهيارات في أكبر بورصات العالم، وعلى رأسها بورصة لندن، الأمر الذي ضاعفت من آثاره صدمة ارتفاع أسعار النفط، في أعقاب منع العرب تصدير البترول للدول المساندة لإسرائيل خلال حرب أكتوبر المجيدة. وكان من أهم نتائج الأزمة انخفاض أسعار أغلب العقارات في بريطانيا وبلدانٍ أخرى، لتجد عشرات البنوك الأوروبية والأميركية الصغيرة نفسها مهددة بالإفلاس.

ثم جاءت الثمانينيات والتسعينيات، لتشهدا عشرات الأزمات الصغيرة، في أميركا اللاتينية وجنوب شرق آسيا "النمور الآسيوية" وأوروبا، إلا أن أغلبها تم احتواؤه، رغم ما سببه من خسائر.

وعشية اكتمال الألفية، وخلال الفترة بين 1998 و2002 عصفت بالعالم أزمات اقتصادية كبيرة، في روسيا التي أفلست حكومتها، ثم البرازيل التي فقدت عملتها 35% من قيمتها، قبل أن يضرب العالم، المتقدم بصفة خاصة، ركود كبير، ضاعفت من آثاره فقاعة الإنترنت، الناتجة عن تزايد المضاربات على شركات الإنترنت حديثة النشأة، كما العديد من الفضائح المحاسبية في بعض الشركات الأميركية، بالإضافة إلى أحداث 11 سبتمبر.

وتزامن ذلك كله مع أزمة اقتصادية طاحنة في الأرجنتين، طاولت بعض بلدان القارة أيضاً، وترتب عليها إنهاء ارتباط العملة الأرجنتينية بالدولار، وظهور عملات بديلة، وعجزت الأرجنتين عن سداد ديونها، وارتفعت البطالة وانتشرت المظاهرات وسقطت الحكومات. وفي نهاية 2002، كان أكثر من نصف الأرجنتينيين تحت خط الفقر، بالإضافة إلى ربع آخر من المعوزين، واعتبر سبعة من كل عشرة أطفال من الفقراء.

في 2008، جاءت الأزمة المالية العالمية، التي يعتبرها محللون أكبر أزمة بعد كساد الثلاثينيات الكبير، والتي بدأت بأزمة الرهون العقارية في أميركا، قبل أن تمتد إلى العديد من البنوك الكبرى في مختلف بلدان العالم. وتسبب توسع العديد من البنوك، ومنها ليمان براذرز الذي انهار تماماً خلال الأزمة، في منح القروض وشراء الاستثمارات غير المفهومة لهم ولعملائهم، في مضاعفة آثار الأزمة، وامتدادها إلى العديد من الدول.

واضطرت البنوك المركزية والحكومات وقتها إلى التدخل لشراء العديد من البنوك ومؤسسات الإقراض الأخرى، التي كانت على وشك إعلان إفلاسها، لمنع انهيار النظام المالي العالمي، إلا أن ذلك لم يمنع دخول العالم في ركود كبير، استمر لسنوات، وتأثرات به بشدة اقتصادات أوروبا وأميركا واليابان المتقدمة، كما اقتصادات آسيا الناشئة، ومنها ما لم يتعاف تماماً حتى الآن.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

تعرف إلى أبرز الأزمات الاقتصادية في القرن العشرين Empty
مُساهمةموضوع: رد: تعرف إلى أبرز الأزمات الاقتصادية في القرن العشرين   تعرف إلى أبرز الأزمات الاقتصادية في القرن العشرين Emptyالجمعة 13 مارس 2020, 9:49 am

دول تخلّفت عن سداد الديون: الاجراءات العقابية ليست أبدية: ليا القزي

في كتابه «لماذا الامتثال لسدادها؟ الاقتصاد السياسي للديون السيادية» (2019)،
 يسأل الكاتب جيروم روس «لماذا، على الرغم من الأزمات المتكرّرة والتكاليف الهائلة لسداد الديون،
 لا تزال العديد من الدول المثقلة بها تواصل تسديد ديونها الدولية؟»، 
حتّى عندما تكون التكاليف الاجتماعية كبيرة «على نحو سيقود حتماً إلى الانهيار المالي».

 التعثّر ليس«هدفاً» تسعى الحكومات إليه، بل خطوة تُجبَر على الإقدام عليها. وحين تقف أمام مفترق طرق: الدفع أو التعثّر، يعني ذلك أنّها مُفلسة، أو بالحدّ الأدنى لا تملك ما يكفي من سيولة تُغطّي كلفة الدين والتكاليف الاجتماعية والاقتصادية في الوقت نفسه، وإلّا ما كانت تردّدت في الدفع. لذلك، يُعتبر «تهوّراً» أن تختار الرضوخ لضغوط «عصابة الإقراض» وتُفرغ محفظتها، عوض أن تُحدّد أولوياتها في خدمة شعبها واقتصادها. خاصةً أنّه خلافاً لما يُروّج له «حزب الدَّين»، تسديد قيمة السندات لن يُنجّي الدول من الويلات، ولن يحفظ «صورتها» أمام الخارج، ولن يقود إلى أيّ نموّ. ثمة تجارب كثيرة تاريخياً، وفنزويلا لا تزال مثالاً حيّاً. في كانون الثاني 2018، كتبت الـ«ايكونوميست» أنّه ربما تكون فنزويلا لم تتخلّف عن سداد ديونها وفوائدها المحلية، «لكنها تخلفت بلا شك عن الالتزام بعقدها الاجتماعي، لا سيما أنّ النسبة الأكبر من سكّانها لا تستطيع تأمين غذائها، كما خسرت العملة المحلية قرابة 60% من قيمتها». جيروم روس، الكاتب والمحاضر في «كلية لندن للاقتصاد» (LSE)، يشرح كيف أنّ التخلّف عن السداد يؤدّي إلى «إلحاق كوارث بالخطط التي تعمل النخب بموجبها». هي إذاً معركتهم هم بالدرجة الأولى، لإجبار الحكومات على تبديد ثروتها على الديون، ثمّ إغراقها بقروض جديدة، حفاظاً على امتيازاتهم. أي إجراء آخر من قِبل الحكومات، سيدفع «الكارتيل» إلى اختلاق فوضى، وتوظيف الأسواق المالية العالمية وشركات التصنيف وصناديق الاقتراض، لتهديد الحكومة المتعثرة بشتّى الإجراءات التي تحفظ رأسهم، وتؤدّي إلى تحميل الطبقات الشعبية تبعات الأزمة. للدائنين سلطة «سامية»، تتفوّق على كلّ مفاهيم الديمقراطية وسيادة الدول، التي يُغرق «الغرب» شعوب العالم بها.

ما اعتُبر «سابقة تاريخية» في لبنان، بالتمنّع عن سداد استحقاق 9 آذار من سندات الدين الخارجي (يوروبوندز)، ليس إلّا «خطوة طبيعية» حصلت على مرّ العصور في معظم دول العالم، التي شَهِد بعضها أكثر من عملية تعثّر لسداد الديون. أول الدول المُتخلفة، كانت اليونان في عام 377 قبل الميلاد. أما إسبانيا فتعثّرت أكثر من 15 مرّة، آخرها كان في الـ1939. أربع دول أخرى تعثرت مرتين في السنوات الـ 17 الماضية: الإكوادور وجامايكا وبليز والأرجنتين. يقول الخبير الاقتصادي في جامعة «هارفارد»، كين روغوف إنّ «التخلّف عن سداد الدين ليس أمراً غير اعتيادي». فمنذ عام 1960، تخلّفت 145 حكومة عن الوفاء بالتزاماتها من الديون، بمتوسّط 24 حكومة متعثرة في العقد الواحد، استناداً إلى دراسة أجراها «بنك كندا». حتى الدول الكبرى ليست محمية من التعثّر. عام 1979، لم تتمكّن الولايات المتحدة من دفع 122 مليون دولار من الديون، نتيجة خطأ في الأعمال الورقية. كان هذا سبباً نادر الحصول، لأنّ معظم أحداث التخلّف عن السداد تكون مرتبطة بأزمات سياسية أو ضعف الإيرادات أو تأثّر بالمشاكل المالية العالمية، أو نتيجة أزمة مصرفية.

حين يقترض فردٌ من مؤسّسة مالية، ويفشل في تسديد ما يتوجّب عليه، تتخذ المؤسسة تدابير قاسية بحقّه لتضمن حقوقها. الأمر نفسه ينطبق على الحكومات المتعثرة، التي ستحتاج إلى سنوات قبل التعافي وتواجه تداعيات عدّة: رفض إقراض البلد قبل مدّة معينة، أو تكاليف اقتراض عالية، وكالات التصنيف الائتماني ستُحذّر من الاستثمار في البلد وستُخفّض تصنيفه، تدني قيمة العملة المحلية، انخفاض أصول الدولة ومحاولة الحجز عليها. إلا أنّ تدنّي قيمة العملة، سيكون له مردود «إيجابي»، بانخفاض قيمة السلع في البلد المعنيّ، وارتفاع الطلب على تصديره. تكرّر حالات التعثّر داخل البلد نفسه، يعني أنّه يتخطّى «الإجراءات العقابية» المُتّخذة بحقه. فالمستثمرون، ولا سيّما المُغامرين، الباحثون عن فوائد مرتفعة سيُقرضون البلد مُجدّداً طالما أنّهم يحصلون على مردود لمُخاطرتهم. ففي روسيا والبرازيل والمكسيك، مثلاً، زادت أسواق الأسهم بعد أزمة السندات. ويُشير كين روغوف إلى أنّ المقرضين لا يتوقّفون عن التعامل مع بلد ما، على العكس من الأعمال التجارية أو الأفراد. ولكن يُستحسن «إذا لم تستطع الحكومة تسديد قروضها، أن تفعل ذلك بطريقة مُنظّمة مع الدائنين. على المدى البعيد، هذا أفضل لمستقبل البلد»، بحسب الكاتب والصحافي الأميركي بول بلوستين.

الأرجنتين، ايسلندا، غرينادا، بورتوريكو، نماذج لدول عانت من التخلّف عن سداد الديون، نستعرض تجربتها في ما يلي:

الأرجنتين: صندوق النقد يُغرق البلاد

من البلدان «الأشهَر» في التخلّف عن سداد الديون السيادية. أكبر عجز شهدته الأرجنتين كان سنة 2001، حين علّقت مدفوعات الفوائد وتسديدات رأس المال على 152 إصداراً بقيمة اسمية تبلغ قرابة 100 مليار دولار. يومها، أعلن الرئيس أدولفو رودريغيز سا تعليق سداد ديون البلاد، مُعلناً «التزام الدولة مع شعبها». اتّخاذ القرار بالتوقف عن السداد ليس سهلاً. ما الذي تُعلّمه التجربة الأرجنتينية؟ يتناول جون هارتلي هذا الموضوع في مقال نُشر في «فوربس» سنة 2014.

أولاً، التوقف عن السداد مرتبط بانخفاض في الناتج المحلي الإجمالي وانخفاض قيمة العملة وارتفاع معدلات التضخم. في الأرجنتين، بعد أزمة 2001، انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.4 ٪ في 2001 وبنسبة 10.9 ٪ في 2002. تقلّص الناتج المحلي الإجمالي للأرجنتين 0.5٪ في الربع الأخير من عام 2013 وبنسبة 0.8٪ في الربع الأول من عام 2014. صحيحٌ أنّه نتج عن قرار التعثّر انهيار اقتصادي، وإغلاق المصارف منعاً من هروب رؤوس الأموال، وفُرضت قيود على السحب ما دفع بالناس إلى الشارع. كما انهارت قيمة البيزو نسبةً إلى الدولار، فانخفضت كلفة المنتجات الأرجنتينية في الأسواق العالمية. ولكن لم يخلُ الأمر من الإيجابيات. الصادرات ارتفعت، تحديداً فول الصويا والقمح، ما أدّى إلى دخول الأموال إلى البلد.

عام 1979، لم تتمكّن الولايات المتحدة من دفع 122 مليون دولار من الديون

عام 2005، أعلنت الأرجنتين خطّتها لإعادة هيكلة هذه الديون بشروط قاسية، فعرضت سندات جديدة بقيمة صافية تُعادل 27% من السندات السابقة، وشطبت كلّ الفوائد المستحقّة سابقاً، مُعلنةً أنّها ستُلغي الالتزامات من جانب واحد مع الدائنين الذين سيرفضون الشروط. عادت الأرجنتين إلى الأسواق المالية الدولية سنة 2016، لتتجدّد الأزمة بعد سنتين في عهد الرئيس موريسيو ماكري، «صديق الأسواق المالية والمستثمرين». عام 2018، قَبِل الرئيس قرضاً من صندوق النقد الدولي بقيمة 57 مليار دولار، وخلافاً لـ«الأسطورة» لم يكن «الصندوق» مُنقذاً، بل أغرق الأرجنتين أكثر فأكثر: ركود اقتصادي، تضخم، خسارة سوق الأسهم... فاعتُبر قرار ماكري قبول القرض «مقامرة سياسية ضخمة». مرّة جديدة، أعلنت الأرجنتين رفضها دفع نصف سنت من الديون الدولية البالغة 100 مليار دولار، بما في ذلك 44 ملياراً لصندوق النقد. وأوضحت الحكومة أنّها لن تُقدّم عرضها لإعادة الهيكلة قبل نهاية آذار الجاري.

آيسلندا: تأميم المصارف بعد تركها تنهار

أكثر من 85 مليار دولار كانت قيمة الديون التي تخلّفت آيسلندا عن تسديدها سنة 2008، بعد أن بلغ الدين الخارجي أكثر من 7 أضعاف الناتج المحلي الإجمالي. الأزمة رفعت مستوى المخاطر على ثلاثة مصارف كُبرى: «كوبثينج»، «لاندسبانكي» و«جليتنر»، لم تتمكّن من تسديد ديونها القصيرة الأجل. يومها قرّرت «الهيئة التشريعية الآيسلندية» إصدار قانون الطوارئ لتتمكّن «هيئة الرقابة المالية» (FME) من السيطرة على القطاع وتأسيس مصارف جديدة ووضعها تحت الحراسة القضائية، وتركت الخسائر تلحق بمساهمي المصارف وبالدائنين الأجانب، فيما ركّزت جهودها على ضمان جميع الودائع المحلية مع فرض ضوابط على رأس المال لاستقرار قيمة العملة المحلّية (الكرونا الآيسلندية).

أدّت الأزمة إلى انهيار سعر الصرف، وحوصر استخدام العملة الأجنبية لمدفوعات الواردات الأساسية. سهّلت العواقب الاستعانة بصندوق النقد الدولي، الذي وافق على برنامج لسنتين بقيمة 2.1 مليار دولار، صُرف نصفها مُقدّماً. وتضمّن البرنامج فرض ضوابط على رأس المال بسبب انهيار سوق الصرف الأجنبي، وإجراء عمليات إنقاذ للمصارف المحلية فقط. انتهى البرنامج مع صندوق النقد في 2011، أما القيود على رأس المال فلم تُرفع حتى آذار 2017.

تمكّنت آيسلندا من استعادة عافيتها، وكان لترك المصارف تنهار ثمّ تأميمها دورٌ كبير في ذلك، إلّا أنّ ما مرّت به كان له تأثير سلبي على اقتصادها. فقد شهدت كساداً اقتصادياً حاداً، وانخفضت قيمة العملة الوطنية، وتم تعليق معاملات العملة الأجنبية، كما انخفضت القيمة السوقية لبورصة آيسلندا بأكثر من 90%، وانخفض الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 10% بالقيمة الحقيقية بين 2007 و2010. بدأت حقبة جديدة مع نموّ الناتج المحلي الإجمالي الإيجابي في عام 2011، وانخفض معدّل البطالة تدريجياً، كما العجز في الموازنة العامة نسبةً إلى الناتج المحلي.

غرينادا: التعثّر بعد إعصارَين

عانى اقتصاد الجزيرة الصغيرة بشدّة بعد الأزمة المالية العالمية عام 2008. وتقلص الناتج المحلي الإجمالي أكثر من 8% بين 2009 و2012، وارتفع العجز المالي لأكثر من الضعف من الناتج المحلي الإجمالي. ولكنّ مشكلات غرينادا بدأت قبل عقد من الزمن، بعد إعصارَي إيفان وإيميلي عامي 2004 و2005، فكان التعثّر الأول للجزيرة. الإعصاران دمّرا الموردَين الاقتصاديين الأهمّ فيها: السياحة والزراعة.

عام 2004، أعلنت الحكومة عزمها التعاون مع الدائنين، مع حاجتها إلى جهود كبيرة لإعادة الإعمار والتأهيل. سعت الحكومة للحصول على مساعدة من الدائنين متعدّدي الأطراف، كبنك التنمية الكاريبي، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، وبدأت مناقشات مع جميع الدائنين الثنائيين الرسميين. تمت إعادة الهيكلة، بعد تعليق عدد من الاستحقاقات، ما أدّى إلى خفض تصنيف غرينادا إلى «الإفلاس الانتقائي» (SD) من قبل وكالة «ستاندرد أند بورز».

سعت السلطات لإعادة هيكلة مديونية السندات الحكومية والقروض التجارية الخارجية والديون المضمونة، ولكنّ الدائنين الثنائيين طالبوا ببرنامج لصندوق النقد الدولي.

المرّة الثانية التي تخلّفت فيها عن تسديد ديونها الخارجية، كانت سنة 2013. استعانت غرينادا بصندوق النقد الدولي، خاضعةً لبرنامجه، وخضع كبار الدائنين لعملية «قص شعر» بنسبة 50%.

بورتوريكو: مستعمرة أميركية مفلسة

إنّها إقليم من الجزر المستعمرة من قِبل الولايات المتحدة الأميركية، لذلك تُعتبر «نموذجاً» فريداً في التعثّر. توقّفت في 2015 عن سداد الديون، خلافاً لما ينصّ عليه دستورها لجهة تأمين دفعات سندات الالتزام العام قبل أيّ مدفوعات أخرى. يومها، أعلن المحافظ أليخاندرو غارسيا باديلا، كما نقلت «CNN»، أنّ دفع رواتب المعلمين وموظفي الطوارئ وغيره من الاحتياجات الضرورية يجب أن يأتي أولاً. كانت قيمة السندات تبلغ 800 مليون دولار، تملك منها بورتوريكو نقداً 350 مليون دولار فقط.

أربع سنوات عانت خلالها بورتوريكو من الإفلاس والركود وخفض المعاشات التقاعدية. وقبل أسابيع، توصّلت السلطات المحلية إلى اتفاق مع حملة السندات لتقليص حجم ديونها بمقدار 24 مليار دولار من أصل 35 مليار دولار. وذُكر أنّ الدائنين سيحصلون على 10.7 مليارات دولار، على شكل ديون جديدة، مقسّمة بين سندات الالتزام العام، وسندات الرهن العقاري الصغرى، بالإضافة إلى 3.8 مليارات دولار نقداً. وسيستفيد حملة سندات الالتزام العام الصادرة بعد عام 2012، من سعرٍ يفوق السعر الذي سبق التوصل إليه في التسوية الأولى في حزيران الماضي. وقد وصفت ذلك صحيفة «فاينانشال تايمز» بأنّه خطوة أولى «للخروج من الإفلاس الذي بلغ عامه الرابع»، على العكس من حاكمة الجزيرة، واندا فاسكويز، التي عارضت الاتّفاق.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

تعرف إلى أبرز الأزمات الاقتصادية في القرن العشرين Empty
مُساهمةموضوع: رد: تعرف إلى أبرز الأزمات الاقتصادية في القرن العشرين   تعرف إلى أبرز الأزمات الاقتصادية في القرن العشرين Emptyالثلاثاء 17 مارس 2020, 9:46 am

إسرائيل: سيناريو الرعب الاقتصاديّ يتحقق أمام أعيننا والخسائر من انتشار فيروس (كورونا) ستصِل إلى مليارات الدولارات والخبراء في تل أبيب يتوقّعون عدم القدرة على المُواجهة


أكّدت المصادر الاقتصاديّة في كيان الاحتلال الإسرائيليّ أمس الجمعة للتلفزيون العبريّ أنّ انتشار فيروس الكورونا في الدولة العبريّة قد أدّى حتى اليوم إلى خسائر كبيرةٍ في قطاعات الاقتصاد، وأنّ فرع الطيران والسياحة قد باتا في خبر كان كان، تاركين وراءهما عشرات آلاف الموظفين عاطلين عن العمل، ولفتت المصادر عينها إلى أنّ التوقعات لدى الخبراء تؤكّد أنّ الأزمة الاقتصاديّة ستتفاقم كثيرًا وأنّ الخسائر للاقتصاد الإسرائيليّ ستصِل إلى عشرات مليارات الدولارات الأمريكيّة، علمًا أنّ ميزانية الدولة لم تُقَّر حتى الآن، لعدم وجود حكومة، وأنّ حكومة تصريف الأعمال، التي تُدير الدولة، غير مخولّةٍ لسنّ قانون الميزانيّة، الأمر الذي يزيد الوضع سوءًا، كما قالت المصادر لقنوات التلفزيون العبريّة التي خصصت جميع برامجها الإخباريّة لنقاس تداعيات وتبعات انتشار الـ”كورونا” في إسرائيل وسبل مُواجهة هذا الفيروس الخطير.
إلى ذلك، نشر موقع صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة (YNET) تحليلاً اقتصاديًا عن الوضع في كيان الاحتلال الإسرائيليّ لفت فيه إلى أنّه منذ مدة اعتقد تجار التجزئة المحليين بأن المستهلكين الإسرائيليين سيتخلون عن التسوق عبر الانترنت من الصين وسيعودون إلى التسوق من المنتجات الإسرائيلية، أوْ على الأقل من المنتجات التي تباع في إسرائيل، لكن الوضع الحالي لا يترك مجالًا للشكّ، تابع الموقع نقلاً عن مصادر اقتصاديّةٍ وصفها بأنّها رفيعة المُستوى، سيناريو الرعب لم يعد سيناريو: فقد سجل في مراكز التسوق انخفاض كبير في أعداد المتسوقين، ولا يكفي هذا: حتى طلب رئيس الحكومة في أمس الأوّل، الخميس ليلاً، من المواطنين الحفاظ على مسافة لا تقل عن متر الواحد عن الآخر، والآلاف موجودون في العزل المنزليّ، والعدد مُرشّح بالارتفاع في كلّ يومٍ، وإسرائيل بدون حكومة، بل تُدار من قبل حكومة تسيير الأعمال.
ولفتت المصادر عينها في حديثها للموقع العبريّ إلى أنّ شركات أزياء الملابس حذّرت قبل شهر من تباطؤ أعمالها بعد إغلاق المصانع في الصين. والآن بسبب الإغلاق الحالي، بدأت بإرسال موظفين إلى المنازل، فيما أعلنت مجموعة “فوكس” أمس الأوّل، الخميس، أنها ستقلّص عدد الموظفين في فروع “فوكس”، “أميركان إيغل”، “يانغا” و”بيلابونغ”. كذلك أعلنت مجموعة “زارا” لبيع الألبسة الرجاليّة والنسائيّة العالميّة عن تقليص ساعات العمل، أمّا شبكة “كاسترو” للملابس، فقد حذّرت بدورها من أنها لن تستطيع مواجهة هذا الانخفاض الحاد في حركة الزبائن، طبقًا للمصادر التي تحدثت للموقع العبريّ.
وإذا كانت شركات الطيران والسياحة هي الأولى التي تلقت الضربة المؤلمة، وبعدهم شبكات أزياء الملابس، انضمّ هذا الأسبوع إلى الأزمة قطاع تنظيم الحفلات والعروض، الذي فوجئ تمامًا من توجيهات وزارة الصحة بمنع تجمع أكثر من 100 شخص، وعليه أُلغيت عروض، مسرحيات، مهرجانات، فعاليات وحفلات.
ووفقًا لتقديرات مسؤولين كبار في هذا القطاع، أضاف الموقع العبريّ التابِع لصحيفة (يديعوت أحرونوت)، فإنّ الضرر المتوقع سيصل إلى مليارات الشواكل، ويقولون إنّ الاقتصاد الإسرائيليّ في حالة استعداد لتلقي صدمة ومن الصعب معرفة ماذا سيحصل، وهم يخشون ألّا تكون المساعدة الحكومية عديمة الجدوى فحسب، بل ستتسبّب بأضرارٍ أكبر، طبقًا للمصادر عينها.
أيضًا قطاع المطاعم سجل انخفاضًا كبيرًا في عدد الزوار، مع هبوط 20 بالمائة بالحجوزات خلال الأسبوع الماضي، وقد بدأ الطهاة بالفعل في إعداد خدمات التوصيل وتكثيفها، مع عدم قدرة بعض المطاعم الفاخرة على التعامل مع الموقف.
حاليًا صافرة التهدئة الوحيدة تصل من قطاع المواد الغذائية، هناك يوضح المعنيون أنهم لا يتوقّعون نقصًا على الرغم من الانقضاض على مراكز التسوق (شراء مواد غذائية)، ولكن عمليًا، ردّ المنتجون المحليون على أزمة فيروس الكورونا بزيادة مناوبات العمل، وزيادة خطوط الإنتاج وتوسيع جولات التوزيع، ولكن هذه الحلول الموضعيّة، يتوقّع الخبراء، لن تمنع الضربة القاسيّة التي سيتلقاها الاقتصاد الإسرائيليّ، على حدّ تعبير المصادر التي تحدثت لموقع (YNET) العبريّ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

تعرف إلى أبرز الأزمات الاقتصادية في القرن العشرين Empty
مُساهمةموضوع: رد: تعرف إلى أبرز الأزمات الاقتصادية في القرن العشرين   تعرف إلى أبرز الأزمات الاقتصادية في القرن العشرين Emptyالخميس 07 مايو 2020, 9:55 pm

مستقبل المشهد الدولي بعد الكورونا (كوفيد- 19)
د. وليد عبد الحي/ باحث أكاديمي

من بين مشكلات الدراسات المستقبلية في تطوير نماذجها في إطار الدراسات المستقبلية هو في كيفية إدراج المتغير "قليل الاحتمال عظيم التأثير Low Probability –High Impact" خصوصاً عندما يشكل هذا المتغير نقطة تحول في اتجاه Trend معين للظاهرة موضوع البحث أو نقطة تحول للاتجاه الأعظم Mega-Trend للظاهرة.



ويتم تقسيم هذا المتغير إلى ثلاثة انماط:

1. نموذج الأوزة السوداء Black Swan؛ وهو الحدث غير المتوقع نهائياً. وبالتالي ليس هناك خطط لمواجهته، وهو أمر لا ينطبق على فيروس كورونا الذي يتوفر قدر غير قليل من الدراسات العلمية التي تنبأت به. [1]



2. النموذج المتوقع بدون استعداد لمواجهته Known but unprepared for، [2] أي متوقع ولكن لا يوجد استعدادات مسبقة لمواجهته، وهو ما ينطبق على الكورونا.



3. نموذج المتوقع وهناك استعداد لمواجهته Known and prepared for. وهو ما لا ينطبق على الكورونا أيضاً.



وتتم دراسة هذا المتغير بمناهج متداولة في الدراسات المستقبلية وهي المنهج الإرشاديHeuristic أو المنهج الحتمي Deterministic أو المنهج الاحتمالي Probabilistic، ولكل منها خطواته المنهجية المحددة. [3] ولا يتسع المقام للدخول في تفاصيل هذه المناهج. [4]



مما سبق، نقول إن الكورونا كان متوقعاً لا من العلماء فحسب بل من السياسيين أيضاً، لكن الخطط للمواجهة لم تتم لأسباب تستحق من الباحثين التأمل والبحث فيها.



أولاً: النظام الدولي بين الاتجاهات الأعظم ونقاط تحوله:

بالعودة للتاريخ الإنساني يتبين أن "العقل الإنساني" عبر التطور التدريجي تمكن في خاتمة المطاف من استيعاب الصدمات الكبرى (وبائية، أم سياسية، أم اقتصادية، أم بيئية، أم غيرها)، وإعادة تكييف بُنياته بشكل يحافظ على أربعة "اتجاهات عظمى" لم تتوقف في التاريخ الإنساني على الرغم من كل نقاط التحول الكبرى والصغرى، ولم تثنها الصدمات أو نقاط التحول وتعرجات مسار الظواهر عن الاستمرار، وهي:

1. الحفاظ على الحياة الإنسانية: والدليل أن عدد سكان العالم لم يتوقف عن "اتجاه" التزايد في أي فترة من فترات التاريخ على الرغم من كل ما واجهته البشرية من "أعوام رمادة" أو حروب أو امراض أو غضب الطبيعة…إلخ.



2. التطور العلمي في مختلف مناحي الحياة: إذ تتراكم المعارف في مختلف العلوم والفنون وتجري غربلة النظريات والاكتشافات والإبقاء على بعضها أو تطوير البعض الآخر أو إحلال الجديد محل ما لم يعد مناسباً في الاقتصاد والتكنولوجيا والسياسة والأدب والفن…إلخ، ولم يتوقف هذا التطور والتراكم العلمي ولو للحظة واحدة على الرغم من كل التطورات المفاجئة وغير المفاجئة.



3. التواصل بين المجتمعات وتطوير أدوات هذا التواصل من خلال تنامي نشوء المدن (تجمعات سكانية أكثر تواصلاً)، وتقريب المسافات (بأداوت المواصلات من الخيل إلى الكونكورد)، بل وإلغاء المسافات (بالفضائيات وشبكات الإنترنت)، وتؤكد دراسات الأثنروبولوجيين التاريخية هذه المسألة بشكل كبير. [5]



4. العلاقة الجدلية بين الإنسان والإنسان (والمجتمع والمجتمع الآخر)، والعلاقة الجدلية بين الإنسان والطبيعة وما ورائهما، وتتمثل هذه الجدلية في علاقة مزدوجة تتمظهر بالصراع أحياناُ (بالحروب أو بالمظاهر الطبيعية السلبية من تلوث أو كوارث أو أوبئة وسواها)، وبالتصالح والانتفاع أحياناً أخرى (بالتعاون أو جني الثمرات على اختلاف أنواعها من الطبيعة).



بناء على ما سبق، فإن المشهد الدولي القادم بعد كورونا (كوفيد 19) قد يدخل الاتجاهات الأعظم سابقة الذكر في بعض التعرج أو التلكؤ، وقد يفرز مظاهر لم تألفها البشرية، لكني أميل إلى أنه لن يزحزح الاتجاهات الأعظم الأربعة عن مواصلة المسيرة، فلن تتوقف الزيادة السكانية (عند مقارنة عدد المواليد بعدد الوفيات حتى مع كورونا)، ولن يتوقف التراكم العلمي (فالعقل البشري قلق بطبيعته ولن يستقر أمام أي جديد، بل سيلاحقه للفهم والتكيف بل والتوظيف)، ولن تتراجع شبكات التواصل والاتصال بين الأفراد والمجتمعات، بل سيتم رتق أي فتق أصابها وعلى عجل، وأخيراً لن تتوقف ثنائية الصراع و"المماحكة" التاريخية بين الإنسان والإنسان وبينهما وبين الطبيعة وما ورائهما.



في ضوء ما سبق، سأولي بقية المقال للاعتناء بقسمات المشهد الدولي في ضوء الانكسارات العابرة لأحاول رصد المستقبل المباشر للمشهد الدولي (3 سنوات)، ورسم ملامحه العامة، على الرغم من أنه وصف لمشهد متحرك.



ثانياً: العلاقة بين إيقاع التغير والتحولات في المشهد الدولي وبين البعد البيولوجي الطبي

إن الفترة الزمنية التي سيصل فيها العالم إلى عقار يلجم انتشار الفيروس، وبالتالي امتصاص آثار التكلفة البشرية والاقتصادية، مسالة متروك تقرير مدتها بيد المختبرات العلمية، فإذا رافق الفيروس العالم حتى سنة 2021 كما ترى بعض التقارير (تقرير الصحة العامة البريطاني)، [6] فإن التداعيات ستكون عميقة اقتصادياً وبشرياً، ولكن هناك مراكز علمية أكثر تفاؤلاً من هذه. [7]



ويبدو أن نتيجة الإحساس بالتداعيات الخطيرة على الجميع صرفت توجه الدول الكبرى باتجاه خبراء القطاع الصحي لمواجهة الأزمة، وهو ما قد يزيد من المنافسة بين هذه الدول من ناحية (خصوصاً شركات الأدوية، وما يترتب على ذلك من مكاسب تجارية وتعزيز القوة الناعمة للدولة)، لكنه قد يدفع باتجاه تكاتف الخبرات وتعاونها من خلال المشاركة في الاكتشافات ذات الصلة من ناحية أخرى.



وهو الأمر الذي حثّ عليه عدد كبير من النخب العالمية، وتبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة بتأييد من 188 دولة، [8] والأرجح أن هذا التوجه ليس محصوراً في الأقطاب الدوليين فقط، خصوصاً أن الفيروس غير منحاز لأحد في حربه لا طبقياً ولا قومياً ولا دينياً…إلخ مما يجعله عدواً "للجميع" وهو ما يعزز، بقدر ما، المواجهة المشتركة، وهو ما تؤكده تقارير وتوقعات مسؤولي الصندوق الدولي من أن هناك علاقة ارتباط عكسي بين سرعة الوصول للعقار وبين عمق الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الناتجة عنه. [9] ولعل تبني أغلب البنوك المركزية لسياسات أكثر تيسيراً للسياسات النقدية يزيد من الحس التعاوني بين مختلف الدول دون أن ينفي بقاء قدر من التنافس أيضاً.



ثالثاً: التداعيات الاقتصادية والقدرة على التكيف مع ارتداداتها العكسية

إن إيقاع التغير المتسارع يجعل انتقال الآثار أسرع، ويجعل القدرة على التكيف أضعف، في ظل الاضطراب الذي يتركه متغير قليل الاحتمال عظيم التأثير، وهو الكورونا في حالتنا هذه.



وبالنظر إلى السوابق التاريخية في تأثير الأوبئة على الاقتصاديات الدولية، نجد مثلاً أن السارس SARS كلف دول شرق آسيا في سنة 2003 نحو 2% من إجمالي ناتجها القومي في حينه، بينما زلازل اليابان سنة 2011 كلفت اليابان ما يوازي 235 مليار دولار، وتوقف الإنتاج في بعض من أكبر شركاتها، [10] وبقيت آثار الزلزال حتى سنة 2017، على الرغم من الإمكانيات الكبيرة لليابان على التكيف، ولا شك أن آثار الكورونا تفوق ذلك في حالة دول كثيرة.



ومن الواضح أن تداعيات الأزمة لا تتساوى في كل الدول (بشرياً واقتصادياً)، ولا في كل القطاعات (قارن قطاع السياحة أو شركات الطيران أو الشركات الكبرى مع قطاع البنوك أو البورصات…إلخ)، ولا في كل الأقاليم (قارن نسبة التأثير في أوروبا والولايات المتحدة والصين مع الدول الإفريقية أو دول أمريكا اللاتينية)، او بين الدول النفطية وغيرها من الدول حيث تراجعت أسعار البترول الى 20.84 دولار للبرميل مع الأسبوع الاخير من نيسان/ أبريل وهو أدنى مستوى لها منذ سنة 2000، بل إن الأسعار النفطية في السوق الأمريكي وصلت إلى حد السالب، وهي المرة الأولى التي يصل فيها التراجع هذا الحد. [11]



ولو نظرنا في أهم بورصات العالم سنجد من المقارنة بين الأسبوع الأول من شهر نيسان/ أبريل 2020 والأسبوع الأخير من الشهر ذاته أن نسبة الهبوط كانت مرتفعة في البداية ثم بدأت تتراجع بفعل تدخل الحكومة الأمريكية في أواخر آذار/ مارس بدفع نحو 2 تريليون دولار لمساعدة العمال (انضم إلى العاطلين عن العمل في شهر نيسان/ أبريل نحو 4.4 مليون عامل) والشركات (بسبب توقف العمل) على النحو التالي: 


لكن شركات أخرى مثل الشركات المرتبطة بالإنترنت (للترفيه أو لعقد الاجتماعات عن بعد أو التعليم عن بعد…إلخ) حققت مكاسب كبرى، فارتفعت أسهم بعضها بنسب كبيرة مثل: Zoom (+146.1%)، وNetflix (+29.4%) وAmazon (+26.4%).

بينما نجد أن شركات الطيران تضررت بشكل كبير لأن أكثر من مئة دولة أوقفت رحلات الطيران مما أدى لتوقف أكثر من مئة ألف رحلة مع الأسبوع الأخير من نيسان/ أبريل 2020. وكل ذلك يشير إلى تباين مستويات الآثار من قطاع اقتصادي إلى آخر. [14]




ومن بين المؤشرات التي يبدو أن قدراً كبيراً من الإجماع عليه هو أن عمق الأزمة الناتجة عن الكورونا متباينة بين الدول أيضاً، فالاقتصاديات القوية خصوصاً للأقطاب الدوليين تمكنهم على الرغم من الخسارة من تحمل أعباء الأزمة، لكن ذلك لا ينفي أن بعضها قد يعرف حالة ركود اقتصادي قدرها صندوق النقد الدولي بنحو 3% خلال بقية سنة 2020، لكن الصندوق يتوقع بأن النمو الاقتصادي في سنة 2021 سيصل الى 5.8% عالمياً في حالة الوصول إلى علاج للكورونا. [15]



أما في الدول النامية أو الفقيرة أو التي تعيش فترات عدم استقرار سياسي سيكون العبء عليها أكثر وطأة، فتدفق الأموال الخارجية نحوها تباطؤ بقدر كبير، كما أن تكاليف المواجهة مع الفيروس من خلال النفقات الصحية وتعطل الأعمال يزيد الأمور سوءاً، ونتيجة للمخاطر المحتملة في هذه الدول بشرياً واقتصادياً بدأ الاستثمار في هذه الدول يتجه نحو تضييق نشاطاته، فخلال الفترة من بداية أزمة الكورونا حتى أواخر آذار/ مارس سحب المستثمرون ما قيمته 83 مليار دولار من هذه الدول، وهو أعلى قيمة في تاريخ الاستثمارات الأجنبية، مما دعا 80 دولة حتى الآن للتقدم لصندوق النقد الدولي أو البنك الدولي للمساعدة، وهو أمر قد يدفع هذه المؤسسات الدولية للتعامل مع هذه الدول من خلال حقوق السحب الخاصة Special Drawing Right، على غرار ما جرى في أزمة سنة 2008، إلى جانب أن العديد من البنوك المركزية الرئيسية تعمل من خلال خطوط مقايضة Swap ثنائية مع دول الأسواق الناشئة، وقد تدفع المنظمات المالية الدولية هذا الاتجاه للأمام وتوسع نطاقه خصوصاً إذا طالت الأزمة، [16] لا سيّما وأن التقديرات الأولية تشير إلى أن الاقتصاد العالمي بحاجة لإنقاذ قد يصل إلى أكثر من 10 تريليون دولار، [17] مع ضرورة التنبه إلى أن معدلات النمو الاقتصادي العالمي من 2008 (الأزمة المالية) إلى 2020، لم تتجاوز خلال الـ 12 سنة معدل 3% إلا في ثلاث سنوات هي سنة 2010 (4.5%)، وسنة 2011 (3.4%)، وفي سنة 2017 (3.3%)، بينما باقي السنوات كانت دون 3%، مما يعني أن الاقتصاد العالمي كان يعاني الكثير من المشاكل قبل الكورونا، وعليه لا يجوز رسم صورة مستقبلية منفصلة عن بنية النظام الاقتصادي العالمي السابق للكورونا. [18]



وتشير معطيات التعامل الاقتصادي مع الأزمة، إلى أن الاتجاه التعاوني هو الأرجح دون نفي أن هذا الاتجاه يستبطن في أحشائه قدراً من التنافس، لكن الضغوط المالية والتجارية والنقدية تشمل الجميع، على الرغم من تباين وطأتها، من مكان لآخر، فهي مثلاً في قطاع غزة أثقل كثيراً منها في أي بقعة أخرى في العالم.



من جانب آخر، تبين أن هناك علاقة إيجابية بين مستوى الانخراط في العولمة وبين معدل زيادة دخل الفرد من إجمالي الناتج المحلي، وتشير الدراسات إلى إن زيادة نقطة واحدة في مؤشر العولمة يؤدي إلى ارتفاع دخل الفرد بمعدل 0.33 نقطة. [19] وهو أمر تدركه الكثير من الدول التي ستبقى حريصة على العولمة في بعدها الاقتصادي خصوصاً.



من الضروري بداية، وفي ضوء الحديث عن نهاية العولمة أو عودة المنظور الواقعي التقليدي للعلاقات الدولية في أعقاب الكورونا، أن نفرق بين ظاهرة العولمة كعملية إجرائية Process وبين المنظور المعياري لهاNormative ، أي ضرورة التمييز بين العولمة كتعبير عن تداخل وتشابك آليات واطراف المجتمع الدولي لتشكيل نسيج عنكبوتي Cobweb وبين المنظور المعياري القائم على تحديد من المستفيد ومن المتضرر والمحاكمة الأخلاقية والإنسانية لها، فالجزء الثاني (المنظور المعياري ليس هو ما أريد مناقشته هنا لأن الباحثين "قتلوه" بحثاً)، ما أريد التركيز عليه هو سؤال محدد: هل سيسير المجتمع الدولي نحو تمزيق خيوط عنكبوت العولمة بعد الكورونا كما يرى البعض؟



إن الارتداد إلى الترابط الآلي (العودة لمنظور الدولة القومية) مرهون بتراخي وتفكك مؤسسات الترابط العضوي (الترابط الاقتصادي والتقني وتقسيم العمل الدولي)، فهل يحتمل البناء العالمي حالياً تفكك مؤسسات الترابط العضوي؟

عند الحديث عن انتهاء العولمة أو التحول التدريجي عنها لا بدّ من الأخذ في الاعتبار عدداً من المؤشرات التي تشير إلى أن الأمر ليس بهذه البساطة في ظل الواقع القائم وعمق الاتجاه الأعظم للترابط العضوي، والذي يظهر في المؤشرات التالية (إلى جانب الاتجاهات الأعظم التاريخية التي أشرنا لها في بداية هذا المقال): [20]



1. الشركات المتعددة الجنسية

طبقاً لتقديرات الاتحاد الأوروبي تسيطر هذه الشركات على نصف التجارة العالمية، وحيث أن هناك 60 ألف شركة متعددة الجنسية ولها نحو نصف مليون فرع تغطي كل أرجاء المعمورة ويعمل منها نحو 162.4 ألف في الاتحاد الأوروبي، فهل ستفك هذه الشركات العملاقة مصانعها وفروعها التي تغطي الإنتاج والتسويق والخدمات ما بعد البيع…إلخ؟ قد تحدث تعرجات في نشاطات هذه الشركات كما حدث قبل حرب الكورونا عندما انخفض حجم التجارة العالمية 1.1% بين سنة 2018 وسنة 2019 الماضية وقبل الكورونا.



2. التجارة العالمية

اتسعت التجارة الدولية من 1950 إلى 2019 من نحو 62 مليار دولار إلى نحو 19 تريليون دولار، أي بمعدل أكثر من 306 أضعاف. وبمعدل 4.4 أضعاف سنوياً، فالتراجع في هذا الحجم سيحدث بالتأكيد لكنه على الأرجح سيعود للانتعاش بمجرد اللحظة الأولى من الاطمئنان على جبهة الكورونا، فمن المرجح أن تعاود آليات السوق بنوعيه؛ اقتصاد السوق الاشتراكي الذي تتبنى دولته منظور العولمة حالياً، ومنظور السوق الرأسمالي الذي أثبت قدرة هائلة على التكيف المرن مع ارتجاجات الحياة الاقتصادية العالمية.



3. الاستثمارات الخارجية

تبلغ قيمة الاستثمارات الخارجية دولياً نحو 1.3 تريليون سنة 2018 بتراجع للسنة الثالثة (أي قبل الكورونا) عن أرقامها سنة 2015، ولكن هذه المبالغ الهائلة والمشروعات الضخمة من العسير تفكيكها، بل قد تعرض الدول التي فيها هذه الاستثمارات مزيداً من الإغراءات على الجهات المستثمِرة لتبقى وتحول دون انهيار الاقتصاديات لهذه الدول بفعل أزمة الفيروس، بمعنى أن الاستثمارات كانت في حالة تراجع قبل الفيروس، لكن اعباء التوقف الاقتصادي قد تدفع بعض الدول لمزيد من التنازلات لجلب الاستثمارات، وهو ما يعزز مسار العولمة من جديد.



4. العمالة الأجنبية

هناك نحو 164 مليون عامل أجنبي طبقاً لأرقام منظمة العمل الدولية يعملون خارج بلادهم، ويقومون بتحويل مبالغ هائلة سنوياً لاقتصاد دولهم، فهل سيترك هؤلاء أعمالهم؟ وثرواتهم؟ إنهم يتوزعون في مناطق الجذب (32% في أوروبا، و23% في أمريكا الشمالية، و13.9% في الدول العربية، و13.3% في دول آسيا الأخرى، و7.9 في إفريقيا و7.1 في الباسيفيكي…إلخ)، فقد يعود بعضهم أو تتلكأ حركة التزايد في أعدادهم، لكن التغلب على الكورونا سيعيدهم لمصانعهم لا سيّما في ظل الحاجة المتبادلة بين طرفي العمل.



5. الطلاب الأجانب والفروع الجامعية الخارجية (فروع الجامعات على غرار فروع الشركات المتعددة الجنسية)

هناك 5.3 مليون طالب أجنبي يدرس خارج بلاده بزيادة 3 ملايين خلال الفترة من 2000-2020 (منهم حالياً 330 ألف طالب أمريكي خارج الولايات المتحدة)، وهناك على المستوى العالمي 255 فرعاً لجامعات أجنبية، فهل سيترك هؤلاء الطلاب جامعاتهم الأجنبية، وهل ستقفل الجامعات الأجنبية أبوابها، وهل تستطيع الدول تحمل استيعاب الطلاب العائدين والعمالة العائدة وكل ما يترتب على ذلك من خلل اقتصادي واجتماعي؟



6. شبكة المنظمات الدولية غير الحكومية

خلال الفترة من 1990-2020 ارتفع عدد المنظمات الدولية ليصل إلى نحو 5 آلاف منظمة حكومية دولية إلى جانب ارتفاع عدد المنظمات الدولية غير الحكومية من 6 آلاف منظمة إلى 25 ألف منظمة تغطي تقريباً كل قطاعات الحياة، وأصبح لهذه المنظمات نفوذ سياسي وقانوني وانساني عابراً للحدود القومية…إلخ، فكيف سيتم تفكيكها؟



ذلك كله يعني أن تفكيك البنية التحتية للعولمة ليس بالأمر المتاح، لكن نهر العولمة سيبقى يتدفق دون نفي احتمال تعرض بعض روافده لتغيير في مجاريها أو في منسوب مياهها.



رابعاً: التداعيات السياسية بين العولمة والدولة القومية

يتمحور النقاش السياسي بين الباحثين في موضوع التداعيات السياسية للكورونا حول نقطتين مركزيتين هما: مكانة الدولية القومية في السياسات المحلية والدولية، فهل أدت الأزمة إلى انكفاء الدولة عن انخراطها في الشأن الخارجي، دولياً أو إقليمياً، بشكل كبير أم أن الأمر خلاف ذلك؟ في هذه النقطة، يميل قدر غير يسير من الكتاب والباحثين إلى الاعتقاد بأن الكورونا قصم ظهر العولمة، وأن الانكفاء مرة أخرى نحو "الدولة القومية" والعودة بهذه الدولة لوظائفها التقليدية وتفكك النظم الإقليمية واستعادة مفهوم السيادة الذي صقله جان بودان Jean Bodin في القرن السادس عشر، وأن الكورونا سينتهي بتفكك بنية النظام الدولي القائم حالياً، وتتضح هذه الصورة في كتابات ستيفن والت Stephen Martin Walt رائد الواقعية الجديدة، وبشكل لا يتوافق مع آراء جوزيف ناي Joseph Nye (صاحب مفهوم القوة الناعمة) ويتوافق جزئياً مع آراء وليم بيرنز William Burns وغيره من المفكرين. [21]



أما النقطة الثانية فهي هل ستؤدي تداعيات الكورونا إلى تنامي النزعة الصراعية بشكل يعيد صياغة بنية النظام الدولي أم أن التنافس السلمي سيتواصل خصوصاً بين القوى الكبرى؟ بمعنى هل المجتمع الدولي في طريقه للعبة صفرية أم لعبة غير صفرية؟zero sum-game or nonzero sum-game.



بالنظر إلى الاتجاهات في بنية النظام الدولي المعاصر سنجد أنه "يعزز الترابط الاقتصادي والتقني" من ناحية، ولكنه ينطوي على تفتت سياسي واجتماعي متلاحق منذ 1945 من ناحية أخرى، [22] وكلا الاتجاهين يؤثر كل منهما على الآخر أو، كما ترى نظريات الاقتصاد السياسي المعولم مثل المؤسسية النيوليبرالية والمدرسة القروسطية الجديدة أو نظرية "عبر الحكومية" أنه لا يمكن فصل أي منهما (الترابط والتفتت)، ويكفي النظر في الجدول التالي الذي يبرز أهم مظاهر التفكك: [23]



إن المشهد القائم حالياً يعيدنا لنظرية إميل دوركهايم Émile Durkheim حول العلاقة العكسية بين الترابط العضوي Organic، والترابط الآلي Mechanical بين الأافراد والمجتمعات، وعليه فإن العولمة ستقاوم أي نكوص عنها، مستفيدة من الملامح التالية:




1. إن الترابط الاقتصادي والتقني الذي يمثل الترابط العضوي يضعف الترابط الآلي القائم على العرق واللغة والدين والمذهب…إلخ، ومعلوم أن الدولة القومية (نموذج صلح وستفاليا The Peace of Westphalia 1648) في جوهرها قامت على أساس الرباط الآلي أولاً، وتعززت ببعض الروابط العضوية، لكن العولمة تعلي شأن الرباط العضوي على حساب الرباط الآلي، ومن هنا جاء تهديدها لمكانة الدولية القومية خصوصاً مع فيضان الخارج على الداخل في كل جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وعليه فإن العودة للترابط الآلي الذي أدى تفككه للتفتت الاجتماعي والسياسي لا يتيح المجال للدولة القومية لاستعادة عرشها بالسهولة التي تبدو للبعض، ومن المرجح أن الدولة التي تتمكن أولاً، كاتجاه فرعي، من إيجاد عقار للفيروس وتنجح في النجاة أولاً ستتعزز "قوتها الناعمة"، وستوظف هذه الدول، خصوصاً الكبرى منها، موضوع الفيروس لتعزيز مكانتها في إطار العولمة، لأن توظيفه Instrumentalise يعني تعزيز القوة الناعمة للذات، وهو أمر بديهي في إطار سياسة التنافس بين القوى العظمى، ويبدو أن الصين من خلال سرعة كبح تسارع الأزمة وتقديم المساعدات للدول الأخرى خصوصاً إيطاليا وغيرها (وهو ما لحقت به روسيا في إرسال مساعدات لإيطاليا) حسنت من هذه الصورة على الرغم من اتهامها بعدم "الشفافية" في بداية الأزمة، وهو ما قد يترتب عليه لاحقاً "بعض" التشنج في علاقاتها مع بعض الدول الأخرى على الرغم من دعوة رئيس منظمة الصحة العالمية World Health Organization إلى "عدم تسييس موضوع الكورونا". [25]



وبالمقابل فإن قدرة الولايات المتحدة على مواجهة الأزمة بسرعة وإبداع تقني وإداري قد يعزز من احتمالات استمرار دونالد ترامب Donald Trump في البيت الأبيض، لكن فشله الكامل أو النسبي قد يضعف آماله في هذا الجانب، وهو ما سيكون له تداعيات سياسية خصوصاً على السياسة الأمريكية في مناطق مختلفة من العالم ومن ضمنها الشرق الأوسط بقدر معين، فهو جعل من "الغواية الاقتصادية" العمود الفقري لخطته "صفقة القرن". وفي ظل التداعيات التجارية والمالية العميقة لأزمة الكورونا مترافقة مع هزات أسعار البترول، فإن قوة الدفع لهذه الخطة سيصيبها بعض التراخي خصوصاً تجاه الفلسطينيين، بينما سيرى فيها الطرف الصهيوني فرصة، وهو ما تشي به عملية تشكيل حكومة "وحدة وطنية" في "إسرائيل" والاستعداد للبدء بضم مناطق مختلفة وواسعة من الضفة الغربية مستفيدة من الانشغال الدولي والإقليمي بهموم الكورونا.



2. إن الحاجة المتبادلة لأسواق القوى الكبرى بعضها مع بعض سيدفعها نحو اللعبة غير الصفرية non zero sum game أي المزاوجة بين توظيف المصالح المتعارضة بطريقة لا تؤذي المصالح المشتركة التي أصبحت ذات وزن كبير في سياسات هذه الدول، خصوصاً في بعدها الاقتصادي والمالي والنقدي، وهي من أهم ركائز العولمة.



3. قد تزيد أهمية المنظمات الدولية المتخصصة مثل منظمة الصحة العالمية على الرغم من تشنجات ترامب نحوها، إذ أن العالم أصبح أكثر إدراكاً لمخاطر الأوبئة وخصوصاً انتشارها عبر الحدود، وهو أمر قد يمتد لتعزيز منظمات البيئة وغيرها من المنظمات خصوصاً ذات الطابع الخدماتي سواء أكانت منظمات دولية حكومية أم غير حكومية، وهو ما يعزز العولمة من جديد.



4. البعد الأيديولوجي: إن معطيات الصورة السابقة تشير إلى التوجه نحو المركب الهيجلي Hegel’s complex القائم على دول تعتمد سياساتها على الجمع بين الاشتراكية (عدالة التوزيع)، وبين الرأسمالية (معدلات النمو)، وهو ما سيجعل العلاقات الدولية (بين الدول) أقل ميلاً للعنف فيما بينها، مقابل تواصل قدر من العنف الداخلي والحروب الأهلية في وضعية غير خطية Nonlinear، وهو تزاوج سبق لعدد من علماء العلاقات الدولية أن تنبأوا به مبكراً. [26]



5. يبدو أن الأزمة قد "هذبت" صورة المؤسسات العسكرية في أذهان الرأي العام العالمي نظراَ لإسهامها في محاولات محاصرة آثار الوباء، ومثاله الحي في هذا السياق لحاق روسيا بغيرها من الدول لمطالبة الجيش بدور أكبر في مواجهة الكورونا. [27] وهذه المهمة للقوة الخشنة سيمنحها المزيد من مساحة الحركة خصوصاً في دول العالم النامي، ناهيك عن احتمال تعزيز دورها اقتصادياً كما هو الحال في الصين ودول أخرى خصوصاً في الدول النامية.



6. يبدو إلى حد ما أن المنظور الآسيوي في العلاقات الدولية اكتسب "بعض" الألق على حساب النقد المتزايد للمنظور الغربي من خلال المقارنة بين سرعة التكيف الآسيوي خصوصاً في مراكز الأزمة الوبائية قياساً لتلكؤ التكيف الأوروبي والأمريكي، وهو ما وصفه البعض بأنه بداية عملية نزع التغريب de-Westernisation أو بداية لمنظور مركب يتمثل في نموذج الويست WEAST الذي طرحه مبكراً بعض الباحثين السياسيين، والقائم على أساس أن ثقافة مجتمع العولمة سيكون على المدى البعيد مزيجاً من ثقافة "الشرق East وثقافة الغرب West".ء[28]



7. إن الكورونا سيدفع قوى الترابط العضوي إلى تكييف نفسها في بداية الأمر، وسيدفع الترابط الآلي بعض الشيء، لكن الترابط التقني (المواصلات والاتصالات والإنترنت) والترابط المناخي (بالمناسبة فإن الكورونا نتيجة شله للمصانع والطيران والمواصلات البرية دفع لانخفاض حاد في نسبة العناصر الملوثة مثل ثاني أكسيد الكربون، بل إن الصين خفضت من استخدامها للفحم بنسبة تقارب 40% طبقاً لبعض التقارير)، [29] والمؤشرات التي أَشرتُ لها سابقاً ستكون استراتيجيتها القادمة هي ليس وقف العولمة بل "تنظيمها أكثر"، والتنبه لأبعاد جديدة بغض النظر عن التقييم المعياري لها، فـ"العنكبوت" باقٍ، والنسج مستمر وبطرق جديدة وقديمة، وقد تُحدِث الصدمة بعض الارتداد لمدة عامين أو أكثر ثم تعود الاتجاهات الأعظم لتفعل فعلها، فكما وجد العالم في عصبة الأمم مخرجاً بعد الحرب العالمية الأولى والأمم المتحدة بعد الحرب الثانية، سيتكيف مع الزائر الجديد ويواصل مسيرته، مع الإقرار بأن ذلك سيحمل معه الكثير من الأوزار، [30] فلا شك أن تفاوت نسب الفقراء الذين تغطيهم المساعدات الاجتماعية والصحية بين الدول سينعكس على مستويات الاستقرار فيها، وهو ما يؤكد تفاوت الآثار على الأوضاع الداخلية، كما أن عدم معالجة الكورونا في الدول الفقيرة يعني احتمالات عودته في الدول الغنية، وهو ما يستدعي مزيد من التعاون الدولي قد يقود تدريجياً إلى تزايد ظاهرة الديبلوماسية "عن بعد" بتزايد عقد المؤتمرات الدولية عن بعد.



8. إن الأزمة دفعت العديد من الجهات الدولية للمطالبة بتخفيف العقوبات وسياسات الحصار على بعض الدول لتمكينها من مواجهة الوباء كما هو الحال في إيران أو فلسطين (في الضفة الغربية وقطاع غزة) وغيرهما في ظل الضغوط الإنسانية، وهو ما اتضح في مواقف المرشَّحَين الديموقراطيين الأمريكيين جو بايدن Joe Biden وبيرني ساندرز Bernie Sanders في مناشدتهما ترامب لتخفيف الحصار. [31] وعليه فالعالم قد يتقارب لمواجهة الفيروس لكنه قد يتباعد مؤقتاً ليحمي كل طرف نفسه من أوزار الوباء.



9. ستبقى الأبعاد الجيوسياسية على حالها لأن الفيروس لا يستطيع تغيير الجغرافيا. وعليه لا بدّ أن تلتفت أوروبا لجنوبها المتوسطي وجوارها الروسي، وقد تظهر بعض الشقوق في جدران الاتحاد الأوروبي أو في العلاقات الأوروبية الأمريكية لكن النسيج السياسي والاقتصادي والاجتماعي متشابك إلى حد يصعب تفكيكه بالشكل الذي يجري الترويج له. فمثلاً ليس بالأمر السهل تفكك الاتحاد الأوروبي، وإنما قد تقود الأزمة إلى إعادة هيكلة بعض مؤسساته أو التنبه أكثر لجوانب معينة من باب رد الفعل الطبيعي، وبالمقابل لن تتخلى الصين عن مشروعها العولمي أو مشروع "مبادرة الحزام والطريق".



الخلاصة

1.سيتجه العالم بعد لجم تفشي الكورونا إلى إصلاح الأضرار الاقتصادية المترتبة على الكورونا والتي أدت إلى انخفاض معدل دخل الفرد في 170 دولة، لكنها لن تتمكن من ذلك إلا باستثمار هياكل العولمة القائمة مع محاولة الاستمرار في التنافس القومي لدفع مسارات العولمة باتجاه مصالح الدولة القومية، وهو ما سيدخل بعض آليات العولمة في مساومات قاسية قد تتخللها تشنجات سياسية دون الوصول بها لمرحلة الصدام المباشر بالوسائل الخشنة. لكن بعض الدول، كالتي تعتمد اعتماداً كبيراً على النفط، قد تعاني مزيداً من عدم الاستقرار بسبب تضافر شلل الحياة الاقتصادية نتيجة الكورونا من ناحية والهبوط الكبير في عائدات النفط (العراق، والسعودية، وفنزويلا، والجزائر، وليبيا، والمكسيك، والإكوادور، ونيجيريا،…الخ)، وبعض هذه الدول مثل المملكة العربية السعودية التي تعهد ولي عهدها محمد بن سلمان قبل أربع سنوات ببناء اقتصاد متحرر من الاعتماد على النفط، وبدأ بمشروعات لا يمكن إنجازها دون بيع النفط بسعر 80 دولاراً للبرميل بينما هو يرواح حالياً عند 20 دولاراً ستعاني أيضاً، وربما تضطر لمراجعة سياساتها ومشاريعها. [32] وهناك دول عربية كانت تعتمد بشكل كبير على السياحة كأحد أهم مواردها الاقتصادية، لكن نهاية نيسان/ أبريل 2020 سجل خسائر للقطاع السياحي لدول الشرق الأوسط تقدر بنحو 40 مليار دولار يضاف لها 14 مليار خسائر شركات الطيران، وهما قطاعان مهمان للدول المركزية مثل مصر وتركيا وإيران. [33]



2. إن الوصول إلى عقار للتخلص من الكورونا، يمر بمراحل اكتشاف العقار ثم تجريبه ثم إنتاجه على نطاق واسع ثم توزيعه، وهو ما يعني أن الكورونا سيرافق الاقتصاد العالمي لفترة لن تقل عن سنة واحدة، وهو ما يعني استمرار الآثار السلبية التي قد تتسبب بآلام اقتصادية حادة لا سيّما في الدول الفقيرة لفترة تطول او تقصر طبقاً لآليات التكيف السياسي والاقتصادي والاجتماعي في كل دولة، وطبقاً لسرعة الوصول للعقار الشافي وعدم مواجهته مرة أخرى في السنة القادمة 2021.



3. نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية ستسهم في سرعة أو تباطؤ إيقاع التكيف في بنية النظام الدولي، فإذا فاز ترامب للمرة الثانية فإن الأداة الاقتصادية في العراك الدولي ستعود مجدداً وسيكون الشرق الأوسط والصين وأمريكا اللاتينية المسرح الأكثر إحساسأ بذلك، وفي حالة فشله فإن الرئيس الديموقراطي القادم سيعمل على إعادة تقليص مساحة الفجوات التي خلفها ترامب في شبكة العلاقات الدولية للولايات المتحدة خصوصاً مع أوروبا والصين وبقدر أقل في الشرق الأوسط. وفي هذا الإطار لا بدّ من عدم استبعاد وقوع موجات من العنف في الولايات المتحدة اذا استمر ارتفاع نسب البطالة واستمرار الحجر الصحي في بعض الولايات دون غيرها.



4. إن الهزة العميقة التي أحدثها فيروس الكورونا تنبه الدول النامية، ومنها الدول العربية، إلى ضرورة إدراك أن بناء التكتلات الإقليمية المبنية على أسس سليمة هي الدرع الواقي على المدى البعيد لتأثيرات كل المتغيرات "قليلة الاحتمال عظيمة التأثير"، وعلى الرغم من القصور الذي ظهر على التنظيمات الإقليمية في مواجهة الكورونا، كما هو الحال في الاتحاد الأوروبي، إلا أن الحكم على وظيفة الاتحاد الأوروبي لظاهرة لم يتجاوز عمرها 4 شهور هو حكم متسرع، ونعتقد أن الاتحاد الأوروبي قد يستجيب للأزمة بعد امتصاص الصدمة والمفاجأة في سرعة انتشارها.



5. نظن أن المِسْحة السلمية في شبكة العلاقات الدولية ستضغط بقوة أكثر من مرحلة ما قبل الكورونا، وقد يظهر ذلك في أشكال تنظيمية دولية جديدة تعزز هذه المِسْحة أو تعمل على تكييف البُنى القائمة بما يتناسب مع هذه النزعة، دون نفي أن النزعة الصراعية ستبقى قائمة ولو بحدة أقل من فترة ما قبل الكورونا. وبناء عليه، قد يكون الدور الاقتصادي والاجتماعي الخدماتي للقوة الخشنة هو الأكثر إلحاحاً في أدبيات العلاقات الدولية لا سيّما أنه لعب دوراً في هذا الجانب في الكثير من الدول ولو بقدر متباين.



الهوامش والمصادر:

[*] جزر بحرية مستعمرة أو تابعة لدولة ولكن فيها حركة انفصالية؛ مثل فيجي، أو مايكرونيزيا، أو كايمان…إلخ.
[*]

[1] Yi Fan, Kai Zhao, Zheng-Li Shi and Peng Zhou, “Bat Coronaviruses in China,” Viruses journal, MDPI, vol. 11, Issue 3, 2/3/2019, https://www.mdpi.com/1999-4915/11/3/210/htm; and Hillary Hoffower, Bill Gates has been warning of a global health threat for years. Here are 11 people who seemingly predicted the coronavirus pandemic, 10/4/2020, site of Business Insider, https://www.businessinsider.com/people-who-seemingly-predicted-the-coronavirus-pandemic-2020-3

[2] Bernice Lee, Felix Preston and Gemma Green, Preparing for High-impact, Low-probability Events, Lessons from Eyjafjallajökull, A Chatham House Report (London: Chatham House (The Royal Institute of International Affairs), January 2012), https://www.chathamhouse.org/sites/default/files/public/Research/Energy,%20Environment%20and%20Development/r0112_highimpact.pdf

[3] See for example: Simon Dietz, “High impact, low probability? An empirical analysis of risk in the economics of climate change,” The Centre for Climate Change Economics and Policy (CCCEP), The Munich Re Programme and The Grantham Research Institute on Climate Change and the Environment, September 2009, http://www.lse.ac.uk/GranthamInstitute/wp-content/uploads/2014/02/WorkingPaper9.pdf; Government Office for Science, Blackett Review of High Impact Low Probability Risks, https://assets.publishing.service.gov.uk/government/uploads/system/uploads/attachment_data/file/278526/12-519-blackett-review-high-impact-low-probability-risks.pdf; and Ramsey/ Washington County, Resource Recovery Project, Risk Analysis Report, https://static1.squarespace.com/static/55118948e4b06b1b4f71b1f4/t/5c7952f6e4966b1cabb71e23/1551454967014/Risk%2BAnalysis%2BReport.pdf

[4] Dan Diamond, Inside America’s 2-Decade Failure to Prepare for Coronavirus, site of POLITICO Magazine, 11/4/2020, https://www.politico.com/news/magazine/2020/04/11/america-two-decade-failure-prepare-coronavirus-179574, See also Hear what Barack Obama said in 2014 about pandemics, site of Cable News Network (CNN), 10/4/2020, https://edition.cnn.com/videos/politics/2020/04/10/barack-obama-2014-pandemic-
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

تعرف إلى أبرز الأزمات الاقتصادية في القرن العشرين Empty
مُساهمةموضوع: رد: تعرف إلى أبرز الأزمات الاقتصادية في القرن العشرين   تعرف إلى أبرز الأزمات الاقتصادية في القرن العشرين Emptyالخميس 07 مايو 2020, 9:56 pm

خطة التحفيز الاقتصادي لما بعد كورونا
د. حسين البناء

بات واضحا حجم الأثر السلبي على جميع مظاهر الحياة في دول العالم لوباء كورونا، ولعل أحد أقسى جوانب ذلك -بعد الخسارة البشرية من وفيات ومرضى بطبيعة الحال- هو الركود الاقتصادي الواسع الذي تمظهر على هيئة توقف دورة الإنتاج وتعطيل المرافق العامة ومنع السفر والتنقل وإغلاق المتاجر، مما تسبب في تراجع الطلب وإفلاس المؤسسات وفقدان الوظائف نظرا لتوقف المبيعات والإيرادات والتدفقات النقدية لأكثر من مدة الشهر، الأمر الذي جعل قطاعا واسعا من الشركات والمشاريع عاجزا عن دفع الالتزامات والأجور المترتبة في الثلث الأول من هذا العام.

تجلى الأثر الاقتصادي المدمر للحظر في مؤشرات الأسواق المالية حيث هوت أسعار غالب أسهم الشركات بشكل كبير لتصل الخسارات لبضعة تريليونات الدولارات الأمر الذي أدى لوقف التداول في تلك الأسواق، وتجلى كذلك الأثر في تراجع أسعار النفط الخام كنتيجة لتراجع الطلب العالمي واستقرار الإنتاج مع خلافات روسية - سعودية بشأن ذلك، حتى وصلت أسعار الخام أرقاما قياسية لما دون 20$ لخام برنت، و-37$ لخام غرب تكساس الخفيف للعقود الآجلة.

سيناريو المشكلة الاقتصادية:

بات من المؤكد بأن العالم -بعد انحسار الوباء- سيعاني من الركود لفترة قد تصل وتتجاوز عام 2021 في التقدير المرجح، وهذا سيتزامن مع ارتفاع نسب البطالة، وإفلاسات وإغلاق لأعداد مهولة من الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم، وعجوزات في الموازنات العامة للحكومات في حدود 30% كنسبة زيادة، واختلال الميزان التجاري لصالح كفة التعاملات مع الصين، وتراجع النمو في مؤشر الدخل القومي بنسبة قد لا تقل عن 20% والأرجح تحقيق نمو صفري أو سالب هذا العام، وتنامي مديونية الدول الفقيرة بسبب تغطية تكلفة الجائحة والاستدانة لسد عجز الموازنة العامة.

سيناريوالحل المالي والنقدي:

المشاكل المستجدة تتطلب حلا مبتكرا، ولا بد من الخروج من الوصفات الجاهزة والتقليدية في حل أزمة الركود العالمي هذه. سيناريوالحل يكون في عدة محاول أساسية كالآتي:

خفض الضرائب:

من شأن خفض النسب الضريبية المختلفة تقليل العبء الضريبي على المكلفين، الذين أصلا تراجعت الاستحقاقات الضريبية عليهم بحكم تراجع المبيعات والدخل وفرق القيمة المضافة، لكن خفض الأعباء الضريبية سيقلل من قيام المكلف التجاري والصناعي بترحيل ذلك العبء على المستهلك النهائي، الأمر الذي سيتمثل بسعر أقل، أي قدرة شرائية أكبر بسبب توسع الدخل القابل للصرف، أي تعزيز الطلب، وبالتالي تحريك عجلة الإنتاج والاتجار والاستهلاك، الأمر الذي يقود لرفع النشاط الاقتصادي عموما في المدى المتوسط.

قد يلاقي هذا الطرح انتقادا رسميا كونه سيزيد من عجز الحكومات عن تلبية التزاماتها قصيرة الأجل، وهذا صحيح، لكنه في ظل تكامل معطيات سيناريو الحل فإن الأثر سيكون طفيفا، وسوف تتعزز الإيرادات الضريبية على المدى المتوسط بشكل ملحوظ كنتيجة لارتفاع المبيعات والأرباح وبالتالي التحصيلات الضريبية.

خفض سعر الفائدة:

كأحد أدوات السياسة النقدية (Monetary Policy) فإن قرار خفض سعر الفائدة لما يقارب 0% -كما فعلت الولايات المتحدة في الشهر الماضي- من شأنه تخفيف عبء الاقتراض (كلفة الدين) وخدمة الدين، الأمر الذي سيقود للتوسع وتسهيل الائتمان، وهذا ضخ لرؤوس أموال سوف تستثمر في مشاريع إنتاجية ونفقات استهلاكية والتي من المؤكد أنها ستعزز السيولة في السوق وتحفز الطلب والاستهلاك بشكل ملحوظ ومباشر، أي تحريك عجلة الاقتصاد والنمو.

قد يبدو هذا غير مشجع للمودعين الذين يأملون بعائد مجز على ودائعهم، ولكنه يترك لهم المجال للاختيار ما بين الاستثمار والتمويل المباشر (كالأسهم والسندات) في السوق أو الإيداع بأقل مخاطرة وعائد في المصارف.

خفض الاحتياطي والتحوط:

قرار خفض نسب الاحتياطي الاختياري، والإجباري، والتحوط، من شأنه توسيع السلة الائتمانية والقدرة على الإقراض، وقد يشكل هذا تعويضا للمصارف عن خفض سعر الفائدة، فأحيانا تصل جملة ما يتم تجميده من أصول نقدية إلى 25% من أموال المصارف كجزء من ترتيبات اتفاقيات التحوط  (Basel & Hedging) وخفض المخاطر.

لكنه لو تم الإفراج عن جزء من تلك الأموال المجمدة في الاحتياطيات والتحوط فإن سيولة هائلة ستتدفق للأسواق وهذا من شأنه التوسع في الإقراض وتحفيز المؤشرات الاقتصادية كافة، برغم التخوف المبرر من تأثير ذلك على المخاطر الائتمانية ونسبة التضخم.

تأسيس مصرف حكومي:

لقد بات واضحا بأن فكرة آليات التصحيح التلقائي للنظام الرأسمالي قد أثبتت عجزها منذ أزمة 2008 للرهن العقاري، وفي 2020 حيث جائحة كورونا العالمية. وبات من المؤكد بأن الدور الحكومي كيد عليا في النشاط الاقتصادي صار أمرا واقعا ومقبولا.

المطلوب هو أن تؤسس الحكومات مصارفا تعزز توجهات التنمية والتحفيز خاصة للقطاعات التي لا تتمكن من الوصول لقنوات الائتمان المصرفية بحكم تعقيدات ذلك وبسبب خصوصية متطلبات إدارة المخاطر والائتمان المتحفظة للمصارف التجارية.

إن قطاعا واسعا من المتضررين الأكثر هشاشة لعواقب الحظر والوباء من (الفقراء وأصحاب المهن الحرة وعمال المياومة وأهل الترزق اليومي) سيكونون متعاملين مؤكدين مع المصارف الحكومية المرتجاة، حيث أن هذه الشريحة غير مستهدفة في نشاط المصارف التجارية ولن يشكل ذلك منافسة للقطاع الخاص المصرفي.

كما أن امتلاك الدولة لمصارف شبه تجارية سوف يعزز من قوة الحضور الرسمي كرافعة سيادية مالية واقتصادية في خطط التنمية والتحفيز المطلوبة.

سعر الصرف:

الدول ذات الهيكل الاقتصادي القائم على التصدير -مثل الصين- تفضل انخفاض سعر صرف عملتها الوطنية مقابل الدولار مثلا وذلك لتحسين الميزة التنافسية السعرية للبضاعة المصدرة في الأسواق العالمية، وهذا جزء من الحرب التجارية الحاصلة مع الولايات المتحدة.

إن تمسك بعض الدول بسعر صرف مرتفع لعملتها المحلية أمر قد ينسجم مع وظيفة الاستقرار المالي للبنك المركزي، لكنها تتعارض مع التوجهات التصديرية التي تعتبر أحد أهم موارد العملات الصعبة وأبرز عوامل دالة نمو الدخل القومي الإجمالي.

الإصدار النقدي:

في ظل إصدار نقدي جديد للدولة وسلطات البنك المركزي، فمن المتوقع ضخ سيولة ذات أثر تحفيزي مباشر للسوق، حيث سيرتفع النشاط الاقتصادي كنتيجة لتحفيز الطلب والاستهلاك المحلي. لاحقا قد نواجه مشكلة التضخم وانخفاض سعر الصرف وانخفاض سعر الفائدة، لكن ليست هذه المشكلة كون الخطة أصلا تتضمن ذلك، أما مشكلة التضخم فيمكن كبحها بأدوات السياسة النقدية مرة أخرى حيث يمكن جمع الأموال من الأسواق مقابل سعر فائدة منخفض بمجرد إصدار سندات وأذونات خزينة وغيرها من أدوات.

جزء كبير من الدين العام يتم إصداره بالعملة الوطنية، النسبة تصل إلى 65% في حالة الأردن. إن إصدارا نقديا بالقدر المدروس سيجعل الجميع يساهم في تحمل عبء خطة التنمية والتحفيز، والجميع سيشارك وقتها بتحمل "ضريبة" تخفيض قيمة العملة الوطنية مقابل النهوض من الأزمة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

تعرف إلى أبرز الأزمات الاقتصادية في القرن العشرين Empty
مُساهمةموضوع: رد: تعرف إلى أبرز الأزمات الاقتصادية في القرن العشرين   تعرف إلى أبرز الأزمات الاقتصادية في القرن العشرين Emptyالأربعاء 20 مايو 2020, 2:46 am

تعرف إلى أبرز الأزمات الاقتصادية في القرن العشرين P_1599f0wc01

خطة فرنسية ألمانية غير مسبوقة بقيمة 500 مليار يورو لإخراج أوروبا من الأزمة التاريخية الناجمة عن وباء فيروس كورونا

اقترح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الاثنين خطة نهوض بقيمة 500 مليار يورو بهدف مساعدة الاتحاد الأوروبي في تجاوز الأزمة التاريخية الناجمة عن وباء فيروس كورونا المستجدّ، عبر آلية غير مسبوقة لتشارك الدين الأوروبي.
وأورد بيان مشترك “دعما لانتعاش دائم يعيد ويعزز النمو في الاتحاد الأوروبي، تدعم ألمانيا وفرنسا إنشاء صندوق للنمو يكون طموحا ومؤقتا ومحدد الهدف” في إطار مشروع الموازنة المقبلة للاتحاد الأوروبي، على أن يكون بقيمة “500 مليار يورو”.
وتقترح باريس وكذلك برلين أن تموّل المفوضية الأوروبية هذا الدعم للنهوض الاقتصادي عبر الاقتراض من الأسواق “باسم الاتحاد الأوروبي”، في آلية غير مسبوقة في بنية الاتحاد.
وأضاف البيان أنه سيتمّ بعد ذلك تحويل هذه الأموال “كنفقات في الموازنة” إلى الدول الأوروبية و”إلى القطاعات والمناطق الأكثر تضرراً”.
وأكد ماكرون خلال مؤتمر صحافي مشترك مع المستشارة الألمانية عبر الفيديو أنه “لن يتمّ ردّ الـ500 مليار من جانب المستفيدين من هذه الأموال”.
وقال ماكرون “لن تكون قروضاً إنما مخصصات” مباشرة للدول الأكثر تضرراً.
– “أوروبا موحدة” … ودين مشترك؟
وتشكل خطة من هذا القبيل خطوة غير مسبوقة نحو تشارك الدين على المستوى الأوروبي، الأمر الذي لطالما عارضته برلين وكذلك دول شمال أوروبا.
من جهتها، قالت ميركل “فرنسا وألمانيا تتخذان موقفاً مؤيداً للتضامن” الأوروبي مشيرةً إلى أن الاقتراح “جريء” وقد يثير انتقادات خصوصاً في ألمانيا.
وتأتي خطة النهوض هذه لتُضاف إلى برنامج الطوارئ بقيمة تقارب 500 مليار يورو أيضاً والذي صادق عليه وزراء مالية منطقة اليورو لمواجهة الوباء العالمي والذي يشتمل خصوصاً على قدرات للإقراض.
في المجمل، سترصد أوروبا حوالى ألف مليار يورو لمواجهة الركود التاريخي الذي يلوح في أفق العام 2020 في منطقة اليورو (-7,7% بحسب توقعات المفوضية الأخيرة).
ويبقى على ماكرون وميركل إقناع مجمل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي باقتراحهما.
ورحّبت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين بـ”الاقتراح البناء الذي تقدمت به فرنسا وألمانيا”.
ويُتوقع أن تقدّم المفوضية الأوروبية في 27 من الجاري خطتها للانعاش الاقتصادي.
ورأت فون دير لايين أن “هذا الاقتراح (الفرنسي الألماني) يسير في اتجاه الاقتراح الذي تعمل عليه المفوضية والذي سيأخذ في الاعتبار أيضا آراء جميع الدول الأعضاء والبرلمان الأوروبي”.
ورد المستشار النمسوي سيباستيان كورتز عبر تويتر مؤكدا تأييده منح “قروض” مع رفضه زيادة موازنة الاتحاد الاوروبي واعادة توزيع موارده بدلا من ذلك.
وتشاور كورتز في هذا الشأن مع قادة الدنمارك وهولندا والسويد التي قد تعارض الاقتراح الفرنسي الالماني.
وفي روما، رحبت اوساط رئيس الوزراء الايطالي جوزيبي كونتي بمبادرة باريس وبرلين معتبرة انها “خطوة في الاتجاه السليم كانت تأمل بها ايطاليا منذ البداية”.
كذلك، دعت باريس وبرلين أوروبا إلى إعطاء “الأولوية” للتنسيق في القطاع الصحي.
وصرح ماكرون “نريد أن نزود أوروبا مهارات ملموسة جدا على الصعيد الصحي، عبر مخزونات مشتركة من الكمامات والفحوص وقدرات شراء مشتركة ومنسقة للعلاجات واللقاحات، وخطط مشتركة للوقاية من الأوبئة ووسائل مشتركة لإحصاء الحالات”، مشددا على أن كل ذلك “لم يكن موجودا البتة ويجب أن يصبح أولويتنا”.
ومع تفشي الوباء، تبيّن أن الكثير من الدول الأوروبية تعتمد كثيراً على الكمامات والفحوصات والبحث عن لقاحات، كما أظهر مؤخراً الجدل الناجم عن إعلان مجموعة “سانوفي” لصناعة الأدوية أنها ستعطي الأولوية في توزيع لقاح محتمل لكوفيد-19 للولايات المتحدة.
ورغم الدعوات إلى التوافق، لم يتردد ماكرون الاثنين في توجيه انتقادات إلى أنظمة في الاتحاد الأوروبي “تخفف” من سيادة القانون في إطار مكافحة الوباء.
وقال “في هذا الشأن، لن يكون لدينا أي تساهل، أي مرونة”.
ولم يذكر اسم أي بلد لكن رئيسة المفوضية أعربت عن “قلقها” بشكل خاص حيال الوضع في المجر بعد إعلان حال الطوارئ لمدة محددة لمواجهة الأزمة الصحية.





لاجارد : المقترحات الفرنسية - الألمانية بشأن "كورونا"طموحة ولها أهداف محددة

رحبت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد بصندوق انعاش بقيمة 500 مليار يورو (546 مليار دولار) اقترحته فرنسا وألمانيا يوم الاثنين، قائلة إنه سيجلب مساعدة تشتد إليه الحاجة في دول الاتحاد الأوروبي الأكثر تضررا من أزمة فيروس كورونا.

وقالت لاجارد في مقابلة مشتركة مع أربع صحف أوروبية بعد الإعلان عن الخطة التي دفعت اليورو للصعود وخفضت عوائد السندات الإيطالية "المقترحات الفرنسية - الألمانية طموحة ولها أهداف محددة وهي موضع ترحيب."

وأبلغت لاجارد صحف ليزيكو وهاندلسبلات وكوريير ديلا سيرا وإل موندو أن المقترحات "تفتح الطريق أمام اقتراض طويل الأجل للمفوضية الأوروبية، وفوق ذلك، تسمح بمساعدة مباشرة مهمة للمالية العامة للدول الأعضاء الأسوأ تأثرا بالأزمة".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
تعرف إلى أبرز الأزمات الاقتصادية في القرن العشرين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث اقتصادية :: الاقتصاد-
انتقل الى: