منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 القضية الفلسطينية: خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70712
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

القضية الفلسطينية: خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة Empty
مُساهمةموضوع: القضية الفلسطينية: خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة   القضية الفلسطينية: خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة Emptyالأربعاء 15 أبريل 2020, 1:50 pm

القضية الفلسطينية: خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة
العنوان القضية الفلسطينية: خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة: The Palestinian Issue: Historical Background and Contemporary Developments
المؤلف د. محسن محمد صالح
الناشر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات, 2012

https://www.4shared.com/office/kjHfi4RZca/__online.html


https://top4top.io/downloadf-1566db8om1-pdf.html




القضية الفلسطينية: خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة: The Palestinian ...
د. محسن محمد صالح - 

يحاول الكتاب، الواقع في 208 صفحة من القطع المتوسط، تقديم رؤية عامة للقضية الفلسطينية من خلال تتبّع مفاصل السياق التاريخي للقضية، بما يسهّل على القارئ استيعاب صورتها الشاملة، والعوامل المتداخلة المتعلّقة بها، في أي مرحلة من المراحل، وفي ترتيب منطقي، وصولاً إلى المرحلة الحالية. ويُعَد هذا الكتاب ذا أهمية خاصة بالنسبة لفئة القراء الذين يرغبون في الحصول على فكرة عامة عن قضية فلسطين، أو الذين لا يجدون وقتاً للدراسات التفصيلية المتخصصة، وذلك بلغة سهلة، حافلة بالمعلومات المحدّثة حتى منتصف سنة 2011، مع الاحتفاظ بالصيغة العلمية الأكاديمية الموثّقة، بعيداً عن الخطاب العاطفي الإنشائي. ويتناول الكتاب في أول فصوله خلفيات القضية الفلسطينية حتى سنة 1918، مستعرضاً تاريخ فلسطين عبر العصور، وجغرافيتها، ومكانتها الإسلامية، والمزاعم الدينية والتاريخية لليهود فيها، وصولاً إلى خلفيات ظهور القضية الفلسطينية في التاريخ الحديث، وتطوراتها السياسية حتى نهاية الحرب العالمية الأولى. ويسلّط الفصل الثاني الضوء على فترة الاحتلال البريطاني لفلسطين ما بين سنتي 1918 و1948، متناولاً تطور المشروع الصهيوني، وظهور الحركة الوطنية الفلسطينية وثورة 1936 والتطورات السياسة التي تلتها، وصولاً إلى حرب سنة 1948 وانعكاساتها. ثم يستعرض الفصل الثالث تطورات القضية في الفترة 1949-1967، مع التركيز على تطور العمل الوطني الفلسطيني ونشأة حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية، وحرب حزيران/ يونيو 1967 وانعكاساتها. أما الفصل الرابع فيتناول التطورات التي شهدتها الفترة التي تلت حرب سنة 1967 حتى المرحلة التي سبقت اندلاع الانتفاضة الأولى سنة 1987، مسلّطاً الضوء على بروز الهوية الوطنية الفلسطينية، وتطور الكفاح الفلسطيني المسلّح، ودور البلاد العربية في قضية فلسطين، وبروز التيار الإسلامي الفلسطيني. ويتناول الفصل الخامس الفترة منذ اندلاع الانتفاضة المباركة سنة 1987 وحتى فشل مفاوضات كامب ديفيد سنة 2000، مروراً بنشأة حركة حماس، وانتقال منظمة التحرير الفلسطينية من الكفاح المسلّح إلى التسوية السلمية، وتشكيل السلطة الوطنية الفلسطينية، والتطورات التي شهدها الكيان الإسرائيلي في المقابل. أما آخر فصول الكتاب فقد استعرض التطورات التي جرت خلال الفترة التي تلت اندلاع انتفاضة الأقصى وحتى الآن، وقسّمها إلى عناوين موضوعية شملت العدوان والمقاومة، والوضع الداخلي الفلسطيني، ومسار مفاوضات التسوية السلمية، ومدينة القدس والوضع الحالي، والجدار العازل، ووضع الكيان الإسرائيلي. تجدر الإشارة إلى أن هذا الكتاب يأتي تحديثاً وتنقيحاً لنسخته الأصلية التي صدرت في سنة 2002 بعنوان “القضية الفلسطينية: خلفياتها وتطوراتها حتى سنة 2001″، والتي طُبعت منها عدة طبعات في مصر وكويت وماليزيا، ولاقت رواجاً كبيراً.


معاينة محدودة - لمحة عن هذا الكتاب - 

 يحاول الكتاب، الواقع في 208 صفحة من القطع المتوسط، تقديم رؤية عامة للقضية الفلسطينية من خلال تتبّع مفاصل السياق التاريخي للقضية، بما يسهّل على القارئ استيعاب صورتها الشاملة، والعوامل المتداخلة المتعلّقة بها، في أي مرحلة من المراحل، وفي ترتيب منطقي، وصولاً إلى المرحلة الحالية.

ويُعَد هذا الكتاب ذا أهمية خاصة بالنسبة لفئة القراء الذين يرغبون في الحصول على فكرة عامة عن قضية فلسطين، أو الذين لا يجدون وقتاً للدراسات التفصيلية المتخصصة، وذلك بلغة سهلة، حافلة بالمعلومات المحدّثة حتى منتصف سنة 2011، مع الاحتفاظ بالصيغة العلمية الأكاديمية الموثّقة، بعيداً عن الخطاب العاطفي الإنشائي.

ويتناول الكتاب في أول فصوله خلفيات القضية الفلسطينية حتى سنة 1918، مستعرضاً تاريخ فلسطين عبر العصور، وجغرافيتها، ومكانتها الإسلامية، والمزاعم الدينية والتاريخية لليهود فيها، وصولاً إلى خلفيات ظهور القضية الفلسطينية في التاريخ الحديث، وتطوراتها السياسية حتى نهاية الحرب العالمية الأولى.

ويسلّط الفصل الثاني الضوء على فترة الاحتلال البريطاني لفلسطين ما بين سنتي 1918 و1948، متناولاً تطور المشروع الصهيوني، وظهور الحركة الوطنية الفلسطينية وثورة 1936 والتطورات السياسة التي تلتها، وصولاً إلى حرب سنة 1948 وانعكاساتها.

ثم يستعرض الفصل الثالث تطورات القضية في الفترة 1949-1967، مع التركيز على تطور العمل الوطني الفلسطيني ونشأة حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية، وحرب حزيران/ يونيو 1967 وانعكاساتها.

أما الفصل الرابع فيتناول التطورات التي شهدتها الفترة التي تلت حرب سنة 1967 حتى المرحلة التي سبقت اندلاع الانتفاضة الأولى سنة 1987، مسلّطاً الضوء على بروز الهوية الوطنية الفلسطينية، وتطور الكفاح الفلسطيني المسلّح، ودور البلاد العربية في قضية فلسطين، وبروز التيار الإسلامي الفلسطيني.

ويتناول الفصل الخامس الفترة منذ اندلاع الانتفاضة المباركة سنة 1987 وحتى فشل مفاوضات كامب ديفيد سنة 2000، مروراً بنشأة حركة حماس، وانتقال منظمة التحرير الفلسطينية من الكفاح المسلّح إلى التسوية السلمية، وتشكيل السلطة الوطنية الفلسطينية، والتطورات التي شهدها الكيان الإسرائيلي في المقابل.

أما آخر فصول الكتاب فقد استعرض التطورات التي جرت خلال الفترة التي تلت اندلاع انتفاضة الأقصى وحتى الآن، وقسّمها إلى عناوين موضوعية شملت العدوان والمقاومة، والوضع الداخلي الفلسطيني، ومسار مفاوضات التسوية السلمية، ومدينة القدس والوضع الحالي، والجدار العازل، ووضع الكيان الإسرائيلي.

تجدر الإشارة إلى أن هذا الكتاب يأتي تحديثاً وتنقيحاً لنسخته الأصلية التي صدرت في سنة 2002 بعنوان “القضية الفلسطينية: خلفياتها وتطوراتها حتى سنة 2001″، والتي طُبعت منها عدة طبعات في مصر وكويت وماليزيا، ولاقت رواجاً كبيراً
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70712
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

القضية الفلسطينية: خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: القضية الفلسطينية: خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة   القضية الفلسطينية: خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة Emptyالأربعاء 15 أبريل 2020, 1:51 pm

المقاومة الفلسطينية.. من نكبة 1948 إلى انطلاقة فتح (1)

ما لا يعرفه كثيرون أن المعدل السنوي لعمليات المقاومة الفلسطينية والإصابات في الجانب الإسرائيلي خلال الفترة 1951-1956؛ كانت أكبر بكثير من المعدل السنوي لعمليات المقاومة والإصابات في الجانب الإسرائيلي في الفترة الأولى التي تلت انطلاقة فتح، أو انطلاقة ما يعرف بالثورة الفلسطينية المعاصرة و"الرصاصة الأولى" منذ مطلع 1965 وحتى 1967.

وهذا ليس تقليلا من أهمية اللحظة التاريخية الفارقة التي مثلتها انطلاقة فتح، ودورها الرئيسي في المقاومة والمشروع الوطني الفلسطيني؛ وإنما هو تصحيح لمفهوم خاطئ منتشر عن الفترة التي تلت نكبة 1948 وقبل انطلاقة فتح، والتي يتم التعامل فيها مع العمل المقاوم بالكثير من الجهل والتبسيط. وهو أيضا تسجيل لصفحة مقاومة بطولية في تاريخ الشعب الفلسطيني، لم تحظ بما يليق بها من معرفة واهتمام.

يعترف الطرف الإسرائيلي أن عدد القتلى الإسرائيليين في الفترة 1951-1956 بلغ 503 قتلى، وفق إحصائية وزارة "الدفاع" الإسرائيلية (مع عدم احتساب القتلى الإسرائيليين نتيجة الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة وسيناء أواخر سنة 1956)؛ أي بمعدل 84 قتيلا سنويا، وذلك وفق ما أثبته المؤرخ الإسرائيلي المعروف بني موريس في كتابه "حروب إسرائيل الحدودية" (Israelis Border Wars: 1949-1956)، ص 98. وفي التفصيل يشير إلى أن 245 من هؤلاء قتلوا على يد من يسميهم "متسللين"، بمعدل 41 قتيلا سنويا؛ بالإضافة إلى جرح 446 اسرائيليا على يد هؤلاء "المتسللين" في الفترة نفسها. ويضيف موريس أن الـ258 الباقين هم جنود إسرائيليون، قتل بعضهم على يد "المتسللين"، ومعظمهم قُتل في اشتباكات حدودية مع قوات عربية.

وفي المقابل، فإن عمليات فتح والفصائل الفلسطينية مجتمعة في الفترة 1965 وحتى حرب حزيران/ يونيو 1967 أدت إلى مقتل 11 إسرائيليا، بحسب ما ينقل المؤرخ يزيد صايغ عن المصادر الإسرائيلية، في كتابه "الحركة الوطنية الفلسطينية 1949-1993"، بمعدل لا يتجاوز خمسة قتلى سنويا. ولا تزيدها مراجع أخرى عن معدل 14 قتيلا سنويا، وذلك قبل أن تؤدي هزيمة 1967 إلى قفزة كبيرة في العمل الفدائي، نتيجة اضطرار الأنظمة العربية إلى السكوت المؤقت عن العمل الفدائي والعمل المقاوم عبر خطوط التماس.

وبالعودة إلى المقاومة في النصف الأول من خمسينيات القرن العشرين، فإن الثقافة المنتشرة بين الناس وعامة المثقفين، هي أن "الاختراق الحدودي" كان مقتصرا على لاجئين فلسطينيين مدنيين، بهدف أخذ الثمار والمحاصيل من أراضيهم، التي أجبروا على مغادرتها في أثناء الحرب، وما يسميه الإسرائيليون "سرقة أو نهبا" مستعمرات وممتلكات "إسرائيلية". وبشكل عام، فإن صحة هذه الظاهرة واتساعها، لا ينفي أنه كانت هناك أيضا عمليات مقاومة حقيقية ذات دوافع وطنية سياسية؛ وإن كانت نسبتها أقل من حالات الاختراق الحدودي؛ لكنها هي أيضا لم تكن قليلة، وكان تأثيرها مقلقا للجانب الإسرائيلي، مقارنة بتلك العمليات التي انطلقت سنة 1965.

في النصف الأول من الخمسينيات، كِان ما يزال الكثير من الفلسطينيين يقطعون خطوط الهدنة، بمبادرات فردية. ومع الزمن، أخذت هذه الهجمات طابعا أكثر تنظيما، وبدأت تأخذ شكل المقاومة الوطنية.

وتشير الإحصاءات الإسرائيلية الرسمية أن حوادث اختراق خطوط الهدنة كانت 10-15 ألف حادثة سنويا، بعد انتهاء حرب 1948، وأنها وصلت إلى نحو 16 ألفا سنة 1952، غير أنها مالت إلى الانخفاض التدريجي لتصل إلى نحو سبعة آلاف حالة سنة 1953، وليصبح معدلها نحو 4,500 حادث في سنتي 1954 و1955. ويعود سبب الانخفاض إلى السلوك الإسرائيلي العنيف تجاهها، وتطور قدرات وإمكانات الجيش الإسرائيلي، وإلى مجموعة الإجراءات العربية على الحدود لمنع "التسلل"، وبدرجة أقل إلى إنشاء مستعمرات إسرائيلية حدودية. وكان واضحا أن أغلبية حالات الاختراق كانت سلوكا فرديا، وأن الأغلبية الأوسع "للمتسللين" لم تكن مسلحة.

وبحسب الباحث الإسرائيلي بني موريس الذي درس ظاهرة "التسلل" هذه، فإن نحو 10 في المئة من الحوادث كان مرتبطا بخلفية سياسية وبعمل المقاومة المسلحة، غير أن ما يمكن أن يطلق عليه دوافع اقتصادية، كان لا يخلو من دوافع سياسية ومن رغبات في الانتقام والثأر، أو أن العديدين ممن كان يبدأ الأمر معهم اقتصاديا، كان ينتهي بهم إلى تدمير ممتلكات إسرائيلية أو قتل إسرائيليين، وحتى أولئك الذين كانوا يصادرون ممتلكات إسرائيلية، كانوا لا يرون أنهم يقومون بـ"السرقة"، وإنما بعمل وطني انتقامي.

وبناء على ذلك فيمكن استنتاج، أن معدل الاختراق كان من 12-44 حادثا يوميا في الفترة 1951-1956، مما يدل على أن خطوط الهدنة كانت ما تزال "رخوة"، وأن هناك جرأة في الاختراق بالرغم من المخاطر الكبيرة المحتملة؛ إذ تشير التقديرات الإسرائيلية إلى استشهاد 2,700-5,000 فلسطيني "متسلل " في الفترة 1949-1956، مع التنبيه إلى أن معظم الشهداء كانوا في الفترة 1949-1951، حيث انخفض المعدل إلى 300-500 شهيد سنويا في الفترة 1952-1956.

وعلى افتراض صحة معدلات الاختراق المشار إليها، وأن تلك المرتبطة بدوافع سياسية وعمل مقاوم كانت في حدود 10 في المئة، فمعنى ذلك أنه كان يحدث ما معدله عملية مقاومة واحدة إلى أربع عمليات على الأقل يوميا في الفترة 1949-1956 (بدقة أكثر 1.2-4.4 عملية يوميا)، أو بما معدّله 400 إلى 1600 عملية سنويا، مع الإشارة إلى أنه، في المقابل، يذكر المؤرخ يزيد صايغ، وفقا للمصادر الإسرائيلية، أن عدد العمليات الفدائية لفتح والفصائل الفلسطينية مجتمعة في الفترة 1965 وحتى حرب حزيران/ يونيو 1967، بلغ 113 عملية (معدل 47 عملية سنويا). أما فتح نفسها، فقد تحدثت عن شن نحو 200 عملية في الفترة نفسها (معدل 83 عملية سنويا)، حسبما يذكر صلاح خلف (أبو إياد) في كتابه فلسطيني بلا هوية (ص83).

وقد لاحظ موريس أنه وإن اتجهت عدد حالات الاختراق "الحدودي" إلى الانخفاض، فإن العمل المنظم الموجه لأهداف سياسية قد تزايد؛ مما حولها إلى مشكلة عسكرية سياسية إسرائيلية مع مرور الوقت. وقد اعترف رئيس الوزراء الإسرائيلي ديفيد بن جوريون حديث له في الكنيست الإسرائيلي في كانون الثاني/ يناير1956 بارتفاع الإصابات في وسط الإسرائيليين في النصف الأول من الخمسينيات، وأنها أخذت منحى تصاعديا من 137 إصابة سنة 1951، إلى147 إصابة سنة 1952، إلى 162 إصابة سنة 1953، إلى 180 إصابة سنة 1954،إلى 258 إصابة سنة 1955.

وعلى ذلك، فقد وفرت الرغبة القوية والواسعة للاجئين الفلسطينيين في المشاركة في العمل الوطني، وفي المقاومة، مع الخبرة الدقيقة بأرضهم المحتلة، أرضية قوية لقوى المقاومة لتجنيد هؤلاء والاستفادة منهم في العمل المقاوم.

وتشير التقارير إلى أن الذين قاموا بعمليات المقاومة في النصف الأول من الخمسينيات نفذوها بمبادرات فردية، أو ضمن مجموعات صغيرة تشكلت وسط اللاجئين، كما كانت هناك مجموعات أكثر اتساعا وتنظيما كانت محسوبة على المفتي الحاج أمين الحسيني والهيئة العربية العليا التي كانت برئاسته، أو كانت محسوبة على الإخوان المسلمين الذين نشطوا، خصوصا من قطاع غزة في الفترة 1951- 195، وكان من عناصرها البارزة خليل الوزير (أبو جهاد) ومحمد يوسف النجار وحمد العايدي ومحمد حسن الإفرنجي، الذين صاروا من مؤسسي فتح لاحقا. وقد تمت الاستفادة من خبرات البدو في النقب في تنفيذ هذه العمليات. وفي مرحلة لاحقة دعمت الحكومة المصرية تشكيل مجموعات فدائية بقيادة الضابط المصري الشهيد مصطفى حافظ، في الفترة 1955- 1956، قامت بتنفيذ عمليات نوعية في العمق الإسرائيلي، كما شجعت الحكومة السورية أو تغاضت عن العمل الفدائي في بعض تلك الفترات.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70712
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

القضية الفلسطينية: خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: القضية الفلسطينية: خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة   القضية الفلسطينية: خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة Emptyالأربعاء 15 أبريل 2020, 1:52 pm

المقاومة الفلسطينية: من نكبة 1948 إلى انطلاقة فتح (2)

بعيداً عن الانطباعات المسبقة، وحملات الدعاية ضد الإخوان المسلمين المنتشرة في هذه الأيام، فإنه من المعروف، وسط الباحثين، أن إخوان فلسطين والبلاد العربية شاركوا في حرب 1948 بفعالية كبيرة، مقارنة بغيرهم، ووفق إمكاناتهم المتاحة. وهي مشاركة جعلتهم موضع احترام وتقدير شعب فلسطين والعرب والمسلمين بشكل عام، في ذلك الوقت.

في أواخر حرب 1948 قامت الحكومة المصرية بحظر جماعة الإخوان المسلمين (في 7 كانون الأول/ ديسمبر 1948)، كما قامت مخابراتها باغتيال الشيخ حسن البنا رحمه الله في 11 شباط/ فبراير 1949، واعتقلت الآلاف من أعضاء الجماعة ومؤيديها، وكان مصير الكثير من مقاتلي الجماعة في حرب فلسطين الاعتقال والسجن، حتى وهم عائدين من جبهات القتال.

لم يكن من المستغرب أن تكون فكرة استئناف العمل العسكري بعد النكبة، حاضرة في نفوس الإخوان المسلمين. وثمة ما يشير إلى أن بدايات عمل المقاومة المنظمة من قطاع غزة ومن الحدود المصرية، تعود إلى جهود كامل الشريف. فقد كان الشريف أحد قادة الإخوان المسلمين المصريين، من أبناء سيناء، الذين شاركوا في حرب 1948 في يافا وفي جنوب فلسطين. وقد تمرَّد كامل ورفاقه من الإخوان ومؤيديهم، على الهدنة بين مصر و"إسرائيل"، والتي عُقدت في آذار/ مارس 1949، وتابعوا القتال، بالرغم من وجود بيئة سياسية وأمنية مصرية تحارب الإخوان وتطاردهم (بعد حظر جماعتهم واغتيال مرشدهم). وكان الشريف ورفاقه يرون أنه إذا ما توقفت الحرب بين الجيوش النظامية، فإن حرب العصابات يجب أن تستمر، حتى تكون الجيوش العربية جاهزة لحرب جديدة. غير أن السلطات المصرية قامت باعتقاله ورفاقه في رفح، ثم أفرجت عنهم في أوائل 1950، واضطر للعودة إلى العريش.
 

لم يكن من المستغرب أن تكون فكرة استئناف العمل العسكري بعد النكبة، حاضرة في نفوس الإخوان المسلمين. وثمة ما يشير إلى أن بدايات عمل المقاومة المنظمة من قطاع غزة ومن الحدود المصرية، تعود إلى جهود كامل الشريف

ظلّ الشريف "مسكوناً" بفكرة الجهاد ضدّ الصهاينة، حيث أقام في مدينة العريش، وأخذ يعيد ترتيب شبكة للمقاومة المسلحة في قطاع غزة ومن الحدود المصرية، تحت المظلة الواسعة للإخوان. ومن الواضح أن كامل الشريف، ابن صحراء سيناء، وبما لديه من خبرة عسكرية ناجحة، قد فاز بثقة قيادة الإخوان في القاهرة، لتكليفه بمهام قتال الإسرائيليين، والتي أضيف إليها مهام قتال الإنجليز في قناة السويس (بعد أن قام رئيس الوزراء المصري النحاس باشا بإلغاء معاهدتي 1899 و1936 مع بريطانيا، في أواخر سنة 1951). وكان يتابعه تنظيمياً عضو مكتب الإرشاد الشيخ محمد فرغلي، والذي كان القائد العام لحملة الإخوان العسكرية في حرب فلسطين 1948.

وكانت إحدى العلامات المشجعة أن هناك المئات من الشباب الفلسطيني ممن تدرب في معسكرات الإخوان، في حرب 1948. وكان من أقرب المساعدين له الشيخ فريح المصدّر، ويوسف عميرة، والشيخ حسن الإفرنجي، وعبد الله أبو ستة (شيخ قبيلة الترابين)، ورمضان البنا، وصدقي العبادلة. ولم يكن كل مساعديه بالضرورة من الإخوان، وإنما كان العديد منهم شخصيات وطنية مستعدة للعمل تحت المظلة التي يوفرها الإخوان. وكان من بين "الإخوان" الذين نشطوا تحت إمرة الشريف في قطاع غزة خليل الوزير (أبو جهاد)، وعدد من رفاقه الذين سيصبحون من مؤسسي حركة فتح لاحقاً.

وفَّر كامل الشريف ورفاقه دعماً لوجستياً للعمل المقاوم، من خلال إنشاء معسكر للتدريب في القصيمة في سيناء (على بعد نحو 86 كيلومتراً جنوب شرقي العريش، قرب الحدود مع فلسطين المحتلة). وكان محمود الشريف (شقيق كامل) مشرفاً إدارياً ومسؤولاً عن التدريب والاتصال في المعسكر؛ حيث تمّ تدريب المئات من شباب البدو.

كما تلقى عدد من الفلسطينيين تدريباً عسكرياً في المعسكرات التي أقامتها الجامعات المصرية بعد تصاعد الأزمة مع الإنجليز في قناة السويس، منذ أواخر 1951 وحتى 1954. وكان ياسر عرفات أحد الفلسطينيين الذين تلقوا التدريب على يد مدربي الإخوان في جامعة فؤاد الأول (القاهرة) في تلك الفترة.

وكان معظم السلاح المتوفر سلاحاً خفيفاً يتناسب مع عمليات مقاومة محدودة، وزرع ألغام، ولكن لا يسمح بمواجهات واسعة مباشرة أو طويلة. وقد تواصل الضباط الأحرار مع كامل الشريف قبل ثورة يوليو 1952 (بمن فيهم جمال عبد الناصر، وصلاح سالم، وعبد الحكيم عامر)، على خلفية العلاقة معهم، والتي تعود إلى حرب فلسطين 1948، وزودوا الشريف بالسلاح. وقد قام الضابط محمود رياض مسؤول الاستخبارات العسكرية في الجيش المصري في قطاع غزة (أصبح لاحقاً الأمين العام لجامعة الدول العربية) بالمساعدة في تهريب هذه الأسلحة لاستخدامها ضدّ البريطانيين.

من جهة أخرى، فبالإضافة إلى الدعم المالي الذي يوفره الإخوان المصريون عن طريق الشيخ محمد فرغلي؛ فإن صادق المزيني (أحد قادة الإخوان في قطاع غزة) مسؤولاً أيضاً من جهة الإخوان الفلسطينيين، عن توفير الدعم المالي. كما كان الشيخ فريح المصدّر أحد أبرز مصادر هذا الدعم.

وقد تمّ تنفيذ الكثير من العمليات المسلحة تحت إشراف كامل الشريف في النصف الأول من الخمسينيات ضدّ الإسرائيليين. وتعاون معه في ذلك عدد من الشخصيات البدوية، وعلى رأسهم عبد الله أبو ستة، وعيّاد أبو درنة، وحسن الإفرنجي. وقد ذكر الشريف أنه وزّع الأسلحة على مجموعات منتخبة من البدو، وتحديداً قبيلة العزازمة، الذين نفذوا عمليات واسعة ضدّ الإسرائيليين في صحراء النقب، وحققت ارتباكاً كبيراً وذعراً في وسط اليهود الصهاينة أكثر مما توقع الشريف ورفاقه.

وكان عبده أبو مريحيل ومحمد حسن الإفرنجي، وكلاهما من البدو الأعضاء في جماعة الإخوان، يشكلان صلة الوصل بين الإخوان والبدو في القطاع؛ وقد عملا مباشرة تحت توجيه خليل الوزير. وكان يتم إخفاء المواد المتفجرة في بعض الأماكن، مثل مزرعة موسى سبيتة (أبو يوسف)؛ وبناء على تعليمات كامل الشريف، كانت المتفجرات تُؤخذ إلى نقاط محددة، حيث يقوم البدو بجمعها لاحقاً.

أما عياد أبو درنة ومجموعته من البدو من منطقة بير السبع، فقد انضموا للمقاومة تحت إشراف كامل الشريف. وقد استشهد في هجوم على مستعمرة نتزانا (Nitzana) في منطقة عوجة الحفير. وكان عياد من أبرز العاملين في الجانب العسكري، وقد أقلقت عملياته الصهاينة كثيراً.

وكانت المخابرات العسكرية المصرية تعتقل أحياناً، ولوقت محدود، بعضاً من رفاق كامل الشريف. ومع ذلك، فقد كان هناك مجموعة من الضباط (مرتبطون بشكل عام بالإخوان المسلمين وبالضباط الأحرار) يدعمون هذه العمليات، ويشاركون فيها. وهو ما كان يُسهل عمل المقاومة، ويوفر لها بيئة عمل أفضل.

* * *

مع أواخر سنة 1953 انتقل كامل الشريف إلى الأردن، حيث انتخب نائباً للأمين العام للمؤتمر الإسلامي الذي عُقد في القدس. ويبدو أن الإخوان أرادوا من نقله الاستفادة من موقعه في المؤتمر كغطاء لمتابعة عمله العسكري الجهادي عبر الضفة الغربية. إذ أشرف بنفسه على تحصين الحدود، ودعم حرس الحدود على خطوط الهدنة في الضفة الغربية. وقد تمّ جمع أموال كثيرة تحت غطاء المؤتمر لتسليح حرس الحدود (وهي قوة رسمية لكنها كانت ضعيفة التسليح والتدريب)، وكان جزء كبير من المال يذهب للعمل الفدائي السري الذي يشرف عليه الشريف. وقد أحضر الشريف أحد أبرز مدربي الإخوان العسكريين ممن شاركوا في حرب 1948، وهو عبد العزيز علي، وطلب منه تدريب العناصر الفدائية سراً. وقد تركز العمل من منطقتي القدس والخليل. وممن ساعد في العمل العسكري أبناء عبد النبي النتشة في الخليل، وكذلك عبد الرحيم الشريف الذي كان يعمل قاضياً في غزة، وكان له بيت في الخليل، حيث كانت تُرتب عن طريقهم العمليات. غير أن العمليات من سيناء والقطاع كانت أكثر من الضفة الغربية.

ويبدو أن ما ذكره خليل الوزير (في ذكرياته عن بدايات العمل المقاوم) حول تفعيل خط المقاومة الواصل بين غزة والخليل في الضفة الغربية، بعد هرب حمد العايدي إلى هناك سنة 1954، هو أمر متصل بنشاط كامل الشريف نفسه، نظراً للعلاقة القوية بينهما. غير أن السلطات الأردنية قامت بطرد كامل الشريف وكذلك عبد العزيز علي، بعد أن انزعج (رئيس أركان الجيش الأردني في تلك الفترة) جلوب باشا من نشاطهما، غير أنهما عادا للأردن، بعد طرد الملك حسين لجلوب في آذار/ مارس 1956، ولكن العمل العسكري كان قد توقف.

(يتبع)

ملاحظة: هذا المقال مستخلص من دراسة للكاتب، ويعتمد بشكل أساسي على مقابلات مع شخصيات شاركت في تلك المرحلة، بمن فيهم كامل الشريف نفسه؛ كما يستفيد من الوثائق والمراجع المتعلقة بتلك المرحلة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70712
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

القضية الفلسطينية: خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: القضية الفلسطينية: خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة   القضية الفلسطينية: خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة Emptyالأربعاء 15 أبريل 2020, 1:52 pm

المقاومة الفلسطينية من 1948 إلى انطلاقة فتح: خليل الوزير والنظام الخاص للإخوان (3)


أشرنا في المقال السابق إلى أن كامل الشريف استمر في العمل المقاوم بعد حرب 1948، عبر قطاع غزة وسيناء. ويظهر لنا، من خلال مجموعة من المصادر والمقابلات مع مشاركين في تلك الحداث، أن الشريف ورفاقه كانوا يتابعون خطين للعمل العسكري "الإخواني" المقاوم: الأول مرتبط بإنشاء وتطوير عمل "النظام الخاص" في القطاع من خلال شباب الإخوان المسلمين، ليأخذ شكلاً صلباً مستقراً، وإن كان يحتاج وقتاً حتى تظهر ثماره، والثاني متابعة العمل العسكري من خلال شبكة المجاهدين والعلاقات التي كَوَّنها الشريف في حرب 1948، والتي تعتمد أساساً على عناصر من الإخوان الأكبر سناً، وعناصر من غير الإخوان، المستعدين للعمل تحت إشرافهم أو بالتعاون معهم. وهذه العناصر كانت في غالبها من البدو الجاهزين للقتال، والخبراء بمناطق جنوب فلسطين ذات الطبيعة الصحراوية. ونركز في هذا المقال على "النظام الخاص"الذي أنشأه الإخوان في القطاع.

"النظام الخاص" في القطاع:

يذكر أعضاء هذا التنظيم العسكري الخاص الذين قابلهم الباحث (محمد الخضري، وفوزي جبر، وخيري الأغا، ومحمد صيام) أن هذا العمل كان عملاً سرياً منظماً جداً. ولضمان نجاح العمل، لم يكن هذا النشاط موضوعاً تحت إشراف القيادة الرسمية "التقليدية" للإخوان في غزة. ولكن كانت له صلة وصل بكامل الشريف في العريش، الذي كانت تتم متابعته تنظيمياً من عضو مكتب الإرشاد الشيخ محمد فرغلي.

وكان من بين "الإخوان" الذين نشطوا تحت إمرة الشريف في قطاع غزة خليل الوزير (أبو جهاد)، حيث أسهمت سمعة الإخوان الطيبة في حرب 1948 في انضمامه للإخوان سنة 1951. ويذكر الوزير (في المقابلة التي أجرتها معه سلوى العمد، ونشرتها جريدة السفير، 25/4/1988) أنهم في سنة 1949 عندما كانوا يَسألون الناس، كان أغلبهم يقولون لهم إنهم قاتلوا في صفوف الإخوان المسلمين. وهذا مما قوى علاقة الإخوان بالشباب في قطاع غزة. ويضيف: "لقد استهوتنا تجربة "الإخوان" كمجموعة شباب، خاصة وأنه لم تكن في القطاع قوى سياسية سوى "الإخوان المسلمين" والشيوعيين. الشيوعيون كانوا قلة، وكانت لهم نظرة خاصة للأمور، لا تلتقي ومشاعر الناس... أما الكثرة المنفتحة فكانت تنسق مع شباب الإخوان".

وفي مقابلة مع كاتب هذه السطور، أكد كامل الشريف وجود هذا العمل المسلح المنظم، وأنه كان له نقباؤه في كافة مناطق القطاع. وأن الأشخاص المعنيين بهذا العمل في القطاع، مثل محمد أبو سيدو وخليل الوزير (أبو جهاد) كانوا يزورونه بشكل منتظم، لاستلام الأوامر ولمتابعة العمل. وقد أشار عدد من أعضاء هذا الجهاز الذين قابلهم الكاتب، أن الأوامر كانت تأتي بالفعل من كامل الشريف، وكذلك من أخيه محمود الشريف، بالإضافة إلى عباس السيسي (من الإخوان المصريين) الذي كان يقيم أيضاً في العريش.

وكان أبو سيدو صلة وصلٍ رئيسية بين الشريف وبين القيادات في القطاع، فقد كان يعمل سباكاً في الجيش المصري في العريش، وكان معتاداً على العودة إلى غزة في عطلة نهاية الأسبوع. وقد وفر له ذلك غطاء مناسباً لتوصيل المعلومات والتعليمات، ابتداء من رفح مروراً، بخان يونس، ووصولاً إلى مكان إقامته في غزة.

من ناحية تنظيمية، تمّ تقسيم قطاع غزة إلى ثلاث مناطق:

1- غزة: ويتولى قيادتها خليل الوزير (أبو جهاد)، وكان من بين مساعديه فوزي جبر، ومحمد الخضري، ومعاذ عابد، وعبده أبو مريحيل، وحمد العايدي.

2- الوسطى (خان يونس): ويتولى قيادتها خيري الأغا.

3- الجنوب (رفح): ويتولى قيادتها محمد يوسف النجار؛ وكان يساعده موسى نصار، وتولى إبراهيم عاشور في وقت لاحق القيادة مكان النجار.

ومن بين أعداد كبيرة من الطلاب الإخوان، كان يتم انتقاء دقيق للأفراد بناء على مواصفات محددة، خصوصاً أولئك الملتزمين، النشطين، الكتومين، الذين لا يواجهون مشاكل اجتماعية. وكان عباس السيسي وأبو سيدو يتنقلان بين شُعب الإخوان لتجنيد الأعضاء، ولعب أبو جهاد دوراً نشطاً في تجنيد عدة مجموعات من الإخوان.

وكان رياض الزعنون عضواً نشطاً في "الجهاز الخاص"، وكان مسؤولاً عن قسم الطلاب في المدارس المتوسطة والثانوية؛ وكان طالباً في مدرسة فلسطين الثانوية، وكان من الأعضاء الناشطين ابراهيم عاشور،ومحمد الإفرنجي، وعبد الله صيام.

أُسرة الحق:

وكانت هناك مجموعة يُنظر إليها كمجموعة غير منضبطة، وكان في عضويتها سليم الزعنون وصلاح خلف (أبو إياد) وسعيد المزين (أبو هشام). وكانت تطلق على نفسها اسم "أُسرة الحق" أو "كتيبة الحق". غير أن خليل الوزير تمكن من استيعابها في التنظيم العسكري الخاص..وقد استخدم القسم العسكري اسم "شباب الثأر الأحرار" لإصدار بيانات وتصريحات في الفترة 1953-1956. وقد أشار الباحث زياد أبو عمرو إلى هاتين المجموعتين في دراسته حول الإخوان المسلمين في قطاع غزة، غير أنه قدمهما على أنهما مجموعتان تخططان لأعمال عسكرية؛ ولم يُشر إلى أنهما كانتا ضمن التنظيم الإخواني العسكري في القطاع. وقد ذكر أبو عمرو أسماء أخرى ضمن هاتين المجموعتين، مثل أسعد الصفطاوي، وعمر أبو الخير، وإسماعيل سويرجو، ومحمد النونو، وحسن عبد الماجد.

عمليات مقاومة:

كانت عملية التدريب متناسبة مع الإمكانات المحدودة للتنظيم، ومع البيئة السريّة للعمل. غير أنها استفادت من إمكانات الإخوان المصريين، ومن الضباط الإخوان في الجيش المصري، والمتعاطفين مع الإخوان والمقاومة. كما استفادت من غطاء المخيمات الكشفية في التدريب الخشن وشبه العسكري، لتوفير حدٍّ أدنى مرتبط باللياقة البدنية والانضباط والاستعداد الرجولي للتضحية.

ويذكر أبو عزة أن الاهتمام بالتدريب العسكري كان أمراً طبيعياً في الوسط الإخواني الفلسطيني في قطاع غزة، باعتبار أن حركة الإخوان هي حركة جهادية.

ويشير أبو جهاد (في المقابلة التي أجرتها معه سلوى العمد) إلى قيامه وإخوانه بعمليات زراعة ألغام، في المناطق المقابلة لمنطقة المنطار في غزة، وعلى طريق غزة- بئر السبع، وفي مكان متقدم من الطريق إلى المجدل، ومن المجدل إلى الفالوجة، كما كان يتم نسف أنابيب المياه في المستعمرات. وبحسب الوزير، فإن العمليات تعددت وتوسعت تدريجياً حتى وصلت إلى منطقة يازور قرب يافا.

أما العملية الأبرز التي تحدث عنها أبو جهاد فهي عملية تفجير خزان زوهر، وهو سدّ مياه قرب منطقة الفالوجة، وهو جزء من مشروع المياه القُطري الإسرائيلي. وبحسب أبي جهاد، فقد قامت إحدى المجموعات بزرع عدد من "التنكات" المليئة بمادة "تي.إن.تي" (TNT) في 25 شباط/ فبراير 1955، فانفجر الخزان بشكل هائل، وتدفقت المياه وغطت مساحات واسعة من الأرض إلى أن وصلت إلى منطقة "بيت لاهيا"، لتصبُّ بعد ذلك في البحر المتوسط. وهي حسب رأي الوزير العمليةُ التي استدعت العدوان الانتقامي الإسرائيلي الكبير في 28 شباط/ فبراير 1955؛ والتي شكلت نقطة تحول في السياسة المصرية. فتحت ضغط المظاهرات الواسعة في القطاع المطالبة بتسليح أهله وتجنيدهم للقتال، والمطالبة بإسقاط مشروع التوطين في سيناء، قام عبد الناصر بتكليف مصطفى حافظ بتنفيذ حرب عصابات ضدّ الكيان الإسرائيلي، كما تمّ إلغاء مشروع التوطين في سيناء.

لم نجد في دراسة بني موريس الشاملة، حول الاشتباكات الحدودية ومحاولات اختراق الحدود بين البلدان العربية و"إسرائيل" في الفترة 1949-1956، ما يشير إلى عملية خزان زوهر التي تحدث عنها الوزير؛ كما لم نجد في الوثائق البريطانية ما يشير لذلك في تلك الفترة. ولم يجد الباحث يزيد صايغ أيضاً ما يؤكدها، حسبما أشار في كتابه "الكفاح المسلح والبحث عن الدولة"، وإن كان ذلك لا ينفي أن العملية قد وقعت. وثمة إشارات في الوثائق البريطانية إلى عملية وقعت في ليل 23 شباط/ فبراير 1955 في ريشونلازيون جنوب تل أبيب، وإلى عملية أخرى أدت لقتل إسرائيلي في منطقة القبيبة بعد ذلك بيومين (25 شباط/ فبراير 1955) على بعد 15 كيلومتراً جنوب شرق تل أبيب (35 كيلو متراً شمال قطاع غزة).

نفذ عبد الله صيام عمليات من شمال غزة، بينما نفذ حمد العايدي عمليات من الوسط، ونفذ إبراهيم عاشور عمليات من الجنوب. وكان محمد صيام من بين أولئك الأعضاء المسؤولين عن تزويد عبد الله صيام بالسلاح والذخيرة، وكان من بين هجماتهم الهجوم على محطة القطارات في المجدل. وقد ركز عبد الله صيام على منطقة المجدل، حيث نفّذ عمليتين أو ثلاثة. وقد قبضت السلطات المصرية على عبد الله صيام عندما كان يحاول اجتياز الحدود لتنفيذ إحدى العمليات، كما اعتقل خليل الوزير على خلفية اتهامه بإعداد لُغم، غير أنه تمّ "لفلفة" القضية من خلال بعض "الواسطات" والاتصالات، وأفرج عنه بكفالة مالية بعد أسبوع من اعتقاله.

وأشار موريس، بناء على تقارير المخابرات الإسرائيلية، إلى أن مجموعة من "الإخوان المسلمين" كانت نشيطة على طول خطوط قطاع غزة في النصف الثاني من سنة 1954؛ وأنها كانت تقوم بشكل متكرر بتدمير خطوط المياه المؤدية إلى مستعمرات النقب. وقد لاحظت مخابرات الجيش الإسرائيلي أنه في النصف الثاني من 1954 وبداية 1955 خفَّت حوادث اختراق الحدود بعد الإجراءات التي اتخذتها السلطات المصرية، لمنع التسلل، وبعد توجيهها ضربة قاسية لجماعة الإخوان المسلمين.

خلاصة:

وعلى أي حال، فإن هذا "النظام الخاص" وإن كان بذل جهداً مقدراً في تجنيد الأفراد وتدريبهم، إلا أن أداءه كان متواضعاً على مستوى تنفيذ العمليات. إذ إن فترته الذهبية (1952-1954) لم تكن كافية لإطلاق عمل مسلح مقاوم فعال. وأياً تكن النتيجة، فإن هذا العمل عكس حرص وتوق شباب الإخوان للمقاومة المسلحة. ونحن عندما نقرأ هذه التجربة، في ضوء أحداث وظروف تلك المرحلة، فلعلنا نجد أنفسنا أمام عمل جاد منظم، وأداء عسكري أخذ قصب السبق والمبادرة مقارنة بكافة الاتجاهات السياسية والحزبية الفلسطينية. هذه التجربة لم تتمكن من النمو، خصوصاً لأسباب متعلقة بالصراع بين نظام عبد الناصر والإخوان، لكنها على الأقل وفّرت "الحاضنة" الأساسية لولادة حركة فتح لاحقاً.

يتبع..

* ملاحظة: هذا المقال مستخلص من دراسة للكاتب.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70712
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

القضية الفلسطينية: خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: القضية الفلسطينية: خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة   القضية الفلسطينية: خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة Emptyالأربعاء 15 أبريل 2020, 1:52 pm

المقاومة الفلسطينية من النكبة إلى انطلاقة فتح: عملية الباص "معاليه أكربيم" (4)

تعد عملية الباص (معاليه أكربيم أو ممر العقرب) من أكبر عمليات المقاومة الفلسطينية، من ناحية الخسائر البشرية، التي يعترف بها الإسرائيليون في خمسينيات القرن العشرين. وهي عملية لم تلحظها الكثير من كتابات الباحثين والمؤرخين لقضية فلسطين، كما لم تشر إليها معظم أدبيات المقاومة الفلسطينية المعاصرة.

وتتحدث الوثائق البريطانية بالتفصيل حول هذه العملية التي وقعت على بُعد50 كيلومتراً جنوب شرقي بير السبع (على مسافة 20-30 كيلومتراً من الحدود الأردنية) بتاريخ 17 آذار/ مارس 1954(1)، حيث قامت مجموعة من رجال المقاومة بمهاجمة باص إسرائيلي قادم من إيلات (أم الرشراش) باتجاه بئر السبع، فقتلت 11 إسرائيلياً وجرحت ثلاثة آخرين. وتسبب الحادث بموجة غضب واسعة في الكيان الصهيوني.

وقد حمَّل الإسرائيليون السلطات الأردنية المسؤولية عن الحادث، حيث قادت آثار المهاجمين إلى الحدود الأردنية. غير أن السلطات الأردنية رفضت هذه الاتهامات، وتعاونت بشكل كامل مع لجنة الهدنة المشتركة، وزودتها بأفضل خبرائها للوصول للمتهمين. ولم تتهم لجنة الهدنة الأردنيين، ولكنها على العكس، عبَّرت عن تقديرها لتعاونهم. غير أن رئيس الوزراء الإسرائيلي موشيه شاريت رأى أن هذه العملية قد أُعدَّت ونُفذت بدقة، وأَصرَّ على ضرورة تحمُّل الأردن المسؤولية. وادعى الإسرائيليون أن المهاجمين مُدرّبين عسكرياً بشكل جيد، وأنهم حسب التعبير الإسرائيلي ليسوا "عصابة قتلة" من البدو، وليسوا كذلك مدفوعين للعمل من المفتي الحاج أمين الحسيني. وقدم الإسرائيليون أسماء ثلاثة من البدو، هم محمد القصقاص، وسليمان السعيدي، وصراص (Saras) أبو كريشان، وينتمون إلى قبيلة السعيديين، وقالوا إنهم قدموا من منطقة الصافي جنوبي البحر الميت. (ملاحظة: الأسماء الثلاثة مكتوبة بالأحرف الإنجليزية، ولم يتم التأكد تماماً من دقة الكتابة بالأحرف العربية، لعدم وجود مصادر عربية مقابلة).

سعى جلوب باشا قائد الجيش الأردني للدفاع بقوة عن الموقف الأردني؛ وأرسل عدة تقارير للخارجية البريطانية في لندن. وذكر أنه بناء على التحقيقات المكثفة التي قام بها ومساعدوه، وصل إلى نتيجة أن العملية تمّ تنفيذها على يد مجموعة بدوية منظمة. وكان أحد أبرز الاحتمالات التي ركز عليها هي أن المهاجمين جاؤوا من الجانب المصري (إما من قطاع غزة أو من سيناء)، وأن "العصابة" مركزها "القصيمة"، وأنها موجهة من الحاج أمين الحسيني، مع غض السلطات المصرية النظر عنها.

بعد عدة أشهر، وتحديداً في تشرين الأول/ أكتوبر 1954، تلقى البريطانيون تقريراً يشير إلى أن "شخصية قيادية في جماعة الإخوان المسلمين، بالاشتراك مع قليل من ضباط الجيش المصري من الإخوان، ممن يعسكرون في غزة؛ قاموا بإعداد الخطط لمهاجمة الباص الإسرائيلي، على خط مساره الروتيني في النقب، وأنهم رتَّبوا مع بعض أفراد البدو من قبيلة العزازمة بمنطقة بير السبع تنفيذ خطة الهجوم".

فإذا ما وضعنا في أذهاننا، ما أشرنا له سابقاً من أن كامل الشريف اتخذ من القصيمة مركزاً للتدريب العسكري، وأنه كان يقوم بتسليح العزازمة، بالإضافة إلى دور عدد من ضباط الإخوان مثل عبد المنعم عبد الرؤوف، ومن يتعاون معهم من الضباط الأحرار، فإننا يمكن أن نستنتج أن هذا التقرير البريطاني قريب للحقيقة؛ وأن احتمال أن العملية تمّ تنفيذها بإشراف الإخوان هو احتمال كبير.

عندما التقى كاتب هذه السطور مع كامل الشريف بعد 52 عاماً من العملية (عمَّان، 3 آب/ أغسطس 2006)، لم يتذكرها الشريف على وجه الدقة، لكنه لم ينفِ احتمال أن تكون من تنفيذ بدو تحت إشرافه. أما هاشم عزام (وهو من الإخوان المسلمين الفلسطينيين، منذ سنة 1952، من مخيم عقبة جبر في الضفة الغربية، ومن رواد حركة فتح في الضفة الغربية) فيرى في مقابلة مع الكاتب (عمَّان، 14 آب/ أغسطس 1998) أن هذه العملية تمت بإشراف الإخوان؛ ويضيف "لقد أُخبرت أن اثنين نفذا هذه العملية... وكلاهما مسلمَيْن ملتزمَيْن؛ وكانا يقولان إنهما كانا مع أبي جهاد وكامل الشريف".

من جهة أخرى، يذكر المؤرخ الإسرائيلي بني موريس في كتبه "حروب إسرائيل الحدودية"، أنه قد ورد إلى المخابرات الإسرائيلية تقرير من صحفي باكستاني، قامت بتجنيده عميلاً لها؛ حيث قدم معلومات بعد أن ذهب إلى غزة في نيسان/ أبريل 1954، بأن العملية تمّ إعدادها وتنفيذها عبر مسؤولين عسكريين مصريين في القطاع بالاستعانة بالفلسطينيين، وأن الأمر تمّ باجتهادهم ولم يصدر أمر بها من القاهرة.

وليس من الواضح إن كانت السلطات الإسرائيلية أخذت تقرير عميلها مأخذ الجد؛ غير أنها بعد أكثر من سنتين ونصف، وفي أثناء الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة ظهر مؤشر أن العملية نُفّذت من جهة القطاع ومصر. فحسب جريدة جيروزاليم بوست في 7 كانون الأول/ ديسمبر 1956، وُجدت بطاقات الهوية لبعض من قتلوا من اليهود في العملية؛ في أيدي سكان من رفح. وأصبح من الواضح أن المنفذين جاؤوا من منطقة النفوذ المصري.

* ملاحظة: هذا المقال مستخلص من دراسة سيتم نشرها للكاتب،
_________
(1) يتحدث عدد من ملفات الخارجية البريطانية المحفوظة في الأرشيف الوطني البريطاني عن هذه العملية، وأهمها ملف FO371/111077 الذي يحوي نحو 200 صفحة. وكذلك ملفات FO371/111098، و FO733/111099، و FO733/111100، و FO371/111101.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70712
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

القضية الفلسطينية: خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: القضية الفلسطينية: خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة   القضية الفلسطينية: خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة Emptyالأربعاء 15 أبريل 2020, 1:53 pm

المقاومة الفلسطينية من النكبة إلى انطلاقة فتح: الإخوان الفلسطينيون ونشأة فتح (5)

تشير الدلائل إلى أن جماعة الإخوان المسلمين كانت الحاضنة الأولى لنشأة حركة فتح، وخصوصاً بين أفرادها من أبناء قطاع غزة. ويظهر أن عامة الإخوان كانوا يعدُّونها في البداية جزءاً منهم، أو على الأقل رصيداً لهم، غير أن الطرفين اتخذا خط الانفصال والتمايز عن بعضهما منذ صيف 1962.

اطلعنا في مقال سابق على التنظيم العسكري السري، الذي أنشأه الإخوان في القطاع. والدارس لنشأة حركة فتح في النصف الثاني من خمسينيات القرن العشرين يلاحظ، وبما لا يدع مجالاً للشك، أن كثيراً من قادة هذا التنظيم وأعضائه، أصبحوا من الجيل المؤسس لحركة فتح. ويظهر أن عدداً كبيراً من هؤلاء قد أصابهم الإحباط نتيجة قيام عبد الناصر بضرب جماعة الإخوان سنة 1954، وتحَوُّلها إلى حركة مطاردة محظورة، وبعد أن تم تشويه صورتها وشيطنتها في الإعلام المصري. وبالتالي فالصورة المتميزة للإخوان كجماعة أدت أدواراً بطولية في حرب 1948، وكقوة شعبية كبيرة لها احترامها ونفوذها الواسع في قطاع غزة، وكحاضنة للعمل المقاوم، تضررت بدرجات مختلفة في أوساط الناس. بينما لم يعد كوادر الحركة أو "التنظيم الخاص" يجدون بيئة مناسبة للتجنيد ولا للعمل المقاوم، بعد أن أصبح اسم الإخوان مدعاة للخوف، إن لم يكن مدعاة للنفور. وبالتالي، لم يكن أمام هؤلاء الشباب الذين تملؤهم الحماسة للعمل لفلسطين ولمشروع المقاومة؛ إلا أن يحاولوا إيجاد مسارات أخرى مناسبة، حتى وإن ظلّ كثير منهم على حبه واحترامه للإخوان.

ويظهر أن النقاشات التي تلت تعطُّل العمل المقاوم للإخوان الفلسطينيين، أوصلتهم إلى قناعة بضرورة إنشاء ما عرف لاحقاً بفتح. غير أن بؤرة هذا النقاش تركزت على ما يبدو وسط طلاب الإخوان في الجامعات المصرية سنة 1956 وبدرجة أقل في قطاع غزة، حيث نجد هناك أسماء أعضاء من الإخوان أصبحوا قيادات بارزة في فتح، أمثال خليل الوزير وسليم الزعنون ورياض الزعنون وغالب الوزير وسعيد المزين وعبد الفتاح حمود ومحمد يوسف النجار وكمال عدوان وفتحي بلعاوي وأسعد الصفطاوي وصلاح خلف.

* * *

المؤسسان أبو جهاد وأبو عمار:

حسب خالد الحسن، أحد أبرز قادة فتح، فإن أبا جهاد خليل الوزير هو الذي بدأ حركة فتح، وهو رأي يؤكده عدد من رموز وقيادات الإخوان الفلسطينيين، ممن كانوا على احتكاك ومعرفة بأبي جهاد في تلك الفترة، أمثال محمد الخضري، وخيري الأغا، وسليمان حمد. وكان أبو جهاد من قادة التنظيم الإخواني السري العسكري الذي نظم عدداً من العمليات الفدائية في النصف الأول من الخمسينيات. وبحسب خليل الوزير، ففي هذه الأجواء بدأ التفكير بحركة "فتح" في منتصف الخمسينيات، وممن شاركه هذا التفكير كمال عدوان، الذي كان معه في الإخوان وفي العمل العسكري الخاص. وفي العام الذي قضاه خليل الوزير في مصر (الفترة 1955/1956) بقي على صلته بجماعة الإخوان الفلسطينيين في مصر، واحتفظ بموقع قيادي حسبما يشير الإخوان الذين عايشوه؛ لكنه على ما يبدو كان يُنضج مع زملائه فكرة فتح، كما توطدت علاقته بياسر عرفات (بعد العدوان الإسرائيلي على القطاع في أواخر شباط/ فبراير 1955)، الذي أخذ يشاركه الأفكار والتوجهات نفسها، في ضرورة إطلاق عمل فلسطيني مقاوم يأخذ صبغة وطنية.

أما ياسر عرفات، فثمة شبه إجماع بين الإخوان الذين التقينا بهم على أنه لم يكن عضواً في جماعة الإخوان، ولكنه كان قريباً منها. وتلقى تدريباً عسكرياً في معسكرات الإخوان ضمن طلبة الجامعات في فترة المقاومة المصرية للإنجليز في قناة السويس 1951-1954، وفاز على قائمة الإخوان برئاسة رابطة الطلبة الفلسطينيين في مصر أكثر من مرة. أما الشخصان اللذان خالفا هذا الإجماع فهما منير عجور، وخيري الأغا. إذ يذكر خيري الأغا أن عرفات انضم لفترة محدودة للإخوان، وأن كمال السنانيري (من قيادات الإخوان المصريين) عينه مسؤولاً عن متابعة الإخوان الفلسطينيين، وأن نائبه كان قنديل شاكر (من قيادات الإخوان في الأردن لاحقاً)، وكان ذلك سنة 1952. غير أن الأغا نفسه، يشير إلى أن عرفات لم يستمر في الإخوان. وإذا ما صحت هذه الرواية، فلعل نفي الآخرين لانتظامه السابق بالإخوان يعود سببه إلى أنه انتظم لفترة قصيرة، وأنه لم يستمر بعد الضربة التي تلقاها الإخوان سنة 1954؛ وبالتالي فكل من التقاه بعد ذلك لم يجد له ارتباطاً بالإخوان. كما أنه لم يكن من مصلحته في تلك الفترة كشف أي علاقة سابقة له بالإخوان.

إرهاصات فتح:

أعاد الإخوان في قطاع غزة تنظيم أنفسهم أثناء الاحتلال الإسرائيلي للقطاع (31 تشرين الأول/ أكتوبر 1956-6 آذار/ مارس 1957) باتجاه العمل المقاوم. وبالنسبة لأبي جهاد، فقد عَدّ العدوان الثلاثي مرحلة جديدة في النضال، فبدأ التفكير بالحاجة إلى التنظيم والقيادة، والتوسع في النشاطات "والتوجه نحو تنظيم أوسع". وهي عقلية تميل إلى تجاوز القيود الحزبية إلى أطر وطنية أوسع؛ بما يشير إلى بدايات تَشكُّل القاعدة النظرية لفكرة فتح. ومما يدل على ذلك أنه في أثناء الاحتلال الإسرائيلي للقطاع قدَّم ثلاثة من الإخوان، هم كمال عدوان وغالب الوزير وسعيد المزين (وثلاثتهم صاروا لاحقاً من قيادات حركة فتح) مقترحاً إلى قيادة الإخوان من عشرين صفحة، للتعاون مع القوميين واليساريين في العمل الشعبي وفي المجالات السياسية والإعلامية والعسكرية. غير أن قيادة الإخوان قررت عدم التعاون مع الشيوعيين (لرغبة الشيوعيين بالاقتصار على المقاومة المدنية فقط)، والعمل بشكل منفصل، والتجهيز للعمل العسكري ضد الاحتلال.

وبعد ذلك ببضعة أشهر، وتحديداً في صيف 1957، قدَّم أبو جهاد تصوراً إلى قيادة الإخوان المسلمين في قطاع غزة؛ يقضي بإنشاء تنظيم لا يحمل لوناً إسلامياً في مظهره، وإنما يحمل شعار تحرير فلسطين عن طريق الكفاح المسلح، ويقوم بالإعداد لذلك. ونوَّه أبو جهاد في مذكرته إلى أن هذا التنظيم سيفتح الأبواب المغلقة بين الإخوان والجماهير، وسوف يفكُّ حصار نظام عبد الناصر للإخوان، وسوف يُبقي قضية فلسطين حية، ويجبر الدول العربية على خوض الحرب.

ويبدو أن قيادة الإخوان في غزة لم تأخذ المذكرة مأخذ الجد، فأهملتها ولم تردَّ عليها. وعلى ما يظهر فإن التوجه العام للقيادة كان يميل نحو التريث، والسلوك الأمني الحذر، والتركيز على التربية، والمحافظة على الذات، في أجواء ملاحقة النظام المصري (بعد عودته لإدارة القطاع). وربما انعكست طبيعة القيادة والتي تميل لعدم الدخول في مغامرات تراها غير محسوبة، في بيئة غير مواتية، على النظرة السلبية للمشروع. وعزز ذلك، أن أبا جهاد ورفاقه المتحمسين للفكرة كانوا يتصرفون بشيء من عدم الانضباط في نظرها، حسب معايير الترتيبات السرية الجديدة التي اتخذتها قيادة إخوان غزة.

ولعل سبب هذه النظرة الحذرة من القيادة أن المجموعة الإخوانية التي مالت لإنشاء فتح، كان لديها استعدادات كبيرة للانفتاح الشعبي والسياسي والحركي، والتعبير عن نفسها من خلال لافتة وطنية، وبالتالي كانت أكثر جرأة وأكثر قدرة على التواصل مع البيئة الخارجية، بأسلوب "عملي" فعال؛ مقابل القيادة التي ركّزت على لملمة الصف، والحفاظ على الذات، والتركيز على التربية والإعداد المُتأنِّي، بانتظار فرصة أفضل لإطلاق "المشروع الإسلامي لفلسطين".

التأسيس في الكويت:

عندما قدم ياسر عرفات إلى الكويت سنة 1957، عمل مهندساً في دائرة الأشغال العامة، ثم لحقه خليل الوزير الذي عمل مدرساَ في إحدى مدارس وزارة التربية، حيث أخذا ينشران فكرة فتح في الوسط الإخواني (وهو وسطهما الطبيعي). وكانا على معرفة بمعظم الخريجين من شباب الإخوان الذين وفدوا إلى الكويت.

وكان لوجود اثنين من قيادة التنظيم الإخواني الخاص (هما يوسف عميرة ومحمد أبو سيدو) ممن سبقا خليل الوزير في القدوم للكويت، أثر كبير في تهيئة الظروف المناسبة لنشأة فتح في الوسط الإخواني الفلسطيني في الكويت. فقد كان يوسف عميرة يدير أسرة مجموعة قدماء الإخوان في الكويت، وكان ممثّل الفلسطينيين لدى الجهات الإخوانية في الكويت، وهو الذي عَرَّف سليمان حمد بياسر عرفات وبخليل الوزير سنة 1957. أما محمد أبو سيدو فكان على علاقة قوية بخليل الوزير، من خلال الدور القيادي الذي لعبه في التنظيم الخاص. وهؤلاء الثلاثة انضموا لفتح منذ تأسيسها. وقد أسهم ذلك في إيجاد بيئة إخوانية مناسبة للتجاوب مع حركة فتح، ولذلك نلاحظ أن معظم الإخوان الفلسطينيين البارزين الذين جاؤوا للكويت في تلك الفترة انضموا لحركة فتح، أمثال موسى نصار، وأبو أيمن حسن المدهون، وأبو عودة حسين الثوابتة، ومنير عجور.

ومن الشخصيات التي أشار يزيد صايغ، في دراسته، إلى انتمائها السابق للإخوان؛ عادل عبد الكريم، وهو ممن قدم مبكرا ً للعمل في الكويت. وبالتالي فإن ثلاثة من الخمسة الذين حضروا اللقاء التأسيسي لفتح، حسبما ذكر خليل الوزير (الوزير وعميرة وعادل عبد الكريم)، كانوا ذوي خلفية إخوانية إضافة إلى عرفات وتوفيق شديد. وبعد اعتذار شديد منذ اللقاء التالي، تابع قيادة فتح هؤلاء الثلاثة الذين اختاروا عرفات المقرّب من الإخوان رئيساً لهم.

في قطاع غزة:

يبدو أن قيادة الإخوان في قطاع غزة، التي تمكنت من إعادة ترتيب التنظيم بعد ضربة عبد الناصر للإخوان كانت أكثر صرامة في ضبط عناصرها ومعايير التزامهم. فقد تعاملت مع العديد من العناصر التي أسست فتح في القطاع كعناصر غير منضبطة، ولم تُدخلها في بُنية التنظيم، باعتبار أن انضمامها كعناصر مكشوفة يمثل خطراً على "سرية" التنظيم؛ ولكنها أبقت على التعامل معها كإخوان في الإطار "الأخوي" الاجتماعي العام. ويبدو أن هذا السلوك القيادي، أدى ضمناً وعملياً، إلى اندفاع هذه العناصر بشكل أكبر تجاه المضي بإنشاء فتح.

ويعترف أبو عزة الذي كان في قيادة إخوان غزة، أن طرح عناصر فتح كان "منطقياً، وتتولاه عناصر قيادية إخوانية موثوقة". وأنه خلال ثلاث سنوات (1957-1960)، وقبل أن تتوصل قيادة إخوان غزة إلى إجابات وتصورات واضحة، في مقابل طرح فتح، كان الإخوان قد فقدوا أفراداً من أفضل عناصرهم؛ وإن "موثوقية وقيادية دعاة فتح في الإخوان، سهَّلت عليهم اقتناص أفراد كثيرين وممتازين من الإخوان".

ومن أبرز الشباب ذوي الخلفية الإخوانية الذين أسسوا فتح في قطاع غزة؛ سليم الزعنون الذي عَمِل وكيل نيابة بعد تخرجه وعودته للقطاع، وصلاح خلف وأسعد الصفطاوي اللذان عملا بعد تخرجهما في مدرسة خالد بن الوليد قرب مخيم النصيرات، وكذلك سعيد المزيَّن (أبو هشام)، وغالب الوزير، وفتحي بلعاوي. كما كان معهم في التأسيس الشيخ هاشم الخزندار، الذي كان نائباً لرئيس المكتب الإداري لإخوان غزة، ورئيساً لشعبة الرمال، قبل قيام عبد الناصر بحل جماعة الإخوان. كما انضم رياض الزعنون لقيادة فتح في غزة، بعد تخرجه من كلية الطب في القاهرة.

يتبع/ المقال القادم حول بدايات فتح في مصر والضفة الغربية والأردن وقطر ولبنان وسوريا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70712
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

القضية الفلسطينية: خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: القضية الفلسطينية: خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة   القضية الفلسطينية: خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة Emptyالأربعاء 15 أبريل 2020, 1:53 pm

المقاومة الفلسطينية من النكبة إلى انطلاقة فتح: الإخوان الفلسطينيون ونشأة حركة فتح (6)

أشرنا في المقال السابق إلى علاقة الإخوان المسلمين الفلسطينيين ببدايات فتح في الكويت وقطاع غزة. ونتابع في هذا المقال الإشارة إلى هذه العلاقة في بعض البلدان الأخرى:

مصر:

كما ذكرنا سابقاً، فإن بؤرة النقاش التي أدت لفكرة فتح، تركزت على ما يبدو وسط طلاب الإخوان في الجامعات المصرية، خصوصاً سنة 1956. ظهرت الدعوة لفتح في القاهرة سنة 1958 تقريباً، وقد حاول ياسر عرفات إقناع زميله عدنان النحوي، مسؤول الإخوان الفلسطينييين، بالانضمام لفتح، وضم من معه من الإخوان إليها، لكنه لم ينجح، غير أن فتح أخذت تنتشر في الوسط الإخواني بشكل فردي هادئ.

واختار رواد فتح الأوائل في القاهرة، على الأغلب، الاستمرار في عضوية الإخوان، في بدايات مشوارهم مع فتح، ومالوا إلى متابعة تجنيد من يمكن تجنيده من الإخوان، ثم انسحبوا لاحقاً بشكل هادئ. وكان من أبرز النماذج رياض الزعنون الذي كان مسؤولاً بارزاً في العمل الطلابي الإخواني في القطاع، وفي مراحل دراسته الأولى في القاهرة. وكان هناك عبد الله صيام، الذي كان من أبرز الناشطين العمل العسكري الإخواني الخاص إلى جانب خليل الوزير. وقد حاول صيام في أثناء إقامته في القاهرة أن يُجنّد أعضاء أسرته الإخوانية في فتح، وكان من بين أفراد الأسرة محمد صيام وعبد الرحمن بارود.

الضفة الغربية وشرق الأردن:

في الأردن، بما في ذلك الضفة الغربية (التي كان قد تم توحيدها مع شرق الأردن منذ سنة 1950)، مثَّل الإخوان حاضنة مهمة وأساسية لبدايات حركة فتح. وبحسب هاشم عزام، الذي كان من الإخوان الذين انتموا لفتح في أواخر الخمسينيات، فإن قادة الثورة (فتح) في الأردن "كلهم كانوا إخوان مسلمين في البداية".

ويظهر أن مخيم عقبة جبر قرب أريحا (حيث كان يقيم فيه نحو 70 ألف لاجئ) كان أحد أبرز محاضن بدايات فتح في الضفة الغربية. فقد كان من أوائل القادمين إليه (ممن أصبحوا من مؤسسي فتح) حمد العايدي (أبو سامي) الذي كان مساعداً لخليل الوزير في العمل العسكري الخاص للإخوان في القطاع، إذ هرب من القطاع سنة 1954. فقد تولى مسؤولية قسم الطلاب في شعبة الإخوان في المخيم؛ كما تولى أمانة سر الشعبة نفسها. واستقر في المخيم سنة 1957 عبد الفتاح حمود بعد تخرجه مهندساً للبترول من جامعة القاهرة، وكان نائباً لرئيس رابطة الطلبة الفلسطينيين (ياسر عرفات، ثم صلاح خلف)، وكان من نشطاء الإخوان البارزين. وقد استلم حمود رئاسة قسم الطلاب في عقبة جبر خلفاً للعايدي، وحقق قفزة نوعية في تنظيم الطلبة الإخوان، وفي الشعبة ككل. وبحسب هاشم عزام، فقد كانت بداية العمل مع فتح في سنة 1959، بناء على ترتيبات قام بها عبد الفتاح حمود.

وانتقل للإقامة في مخيم عقبة جبر محمد يوسف النجار، الذي كان من قادة النظام الخاص للإخوان في منطقة رفح، وكان من أطول القيادات المؤسسة لفتح إقامة في المخيم. وقد غادر للعمل في قطر سنة 1960.

وفي القدس كان من الإخوان القياديين الذين انضموا لفتح رمضان البنا، الذي كان سكرتيراً لكامل الشريف في المؤتمر الإسلامي في القدس. ومن القدس أيضاً زكريا قنيبي وموسى غوشة (شقيق إبراهيم غوشة).

وفي شرق الأردن في عمَّان، كان من رواد فتح من ذوي الخلفية الإخوانية محمد غنيم (أبو ماهر)، وعبد الله جبر، ومحمد أبو سردانة (وكان في التنظيم الخاص في قطاع غزة مساعداً لخيري الأغا).

وفي الأردن أيضاً، حافظ خليل الوزير على علاقته القوية بكامل الشريف، الذي كان قائداً لأبي جهاد ضمن التنظيم الخاص من مكان إقامته في العريش. وحسب الشريف نفسه، فمنذ تأسيس فتح كان أبو جهاد وعرفات كثيراً ما يرجعون إليه مستشيرين فيما يتعلق بالحركة. وعندما انعقد المؤتمر التأسيسي لفتح سنة 1962 أصرَّت قيادة فتح على حضور الشريف للمؤتمر، وقام خليل الوزير ورمضان البنا بأخذه إلى الكويت من لاجوس (عاصمة نيجيريا) حيث كان سفيراً للأردن هناك. ومن الطريف الإشارة إلى أن الشريف أعطى خليل الوزير وزوجته انتصار، سراً، بيته في عمَّان لقضاء شهر العسل.

وهناك شخصيتان قياديتان فتحاويتان (من أبناء الضفة الغربية) أشار يزيد صايغ إلى خلفية إخوانية لهما، دون أن تسعفنا المعلومات المتوفرة لدينا بتأكيد ذلك، هما ماجد أبو شرار وأحمد قريع.

قطر:

تمثل قطر حالة فريدة في البيئة الإخوانية التي تمكنت عناصر فتح فيها من التموضع القيادي في التنظيم، و"اقتناص" وتجنيد أفراد الإخوان فيها. فمن ناحية كان رفيق النتشة الذي وصل لقطر سنة 1958 مسؤولاً عن الإخوان القادمين من الأردن (شرق الأردن والضفة الغربية)؛ بينما كان محمد يوسف النجار الذي وصل لقطر سنة 1960 مسؤولاً عن الإخوان الفلسطينيين القادمين من قطاع غزة. وسهَّل مهمتهما أن الإخوان المصريين (وكانوا أصحاب نفوذ خصوصاً في دائرة التعليم (المعارف)، التي أصبحت وزارة التربية لاحقاً) كانوا ينظرون بإيجابية لفتح وعناصرها القيادية، بل ويعتبرونها حركة "إخوانية".

وقد قوّى من وضع فتح في الوسط الإخواني في قطر قدوم أحمد رجب عبد المجيد الأسمر، وسعيد تيم، وكمال عدوان وعبد الفتاح حمود، وفتحي البلعاوي.

لبنان:

كانت جماعة عباد الرحمن تمثل الوجه المعلن للإخوان المسلمين في خمسينيات القرن العشرين، وكان توفيق راشد حوري، نائب الأمين العام لجمعية عباد الرحمن منذ الخمسينيات، واستمر في منصبه فترة طويلة. وكان لقادة فتح المؤسسين (خصوصاً خليل الزير وياسر عرفات) علاقة قوية بحوري؛ وهو الذي وفر لهم الغطاء لإصدار مجلة "فلسطيننا"، التي كانت أداة رئيسية لنشر فكر فتح، وهو الذي صاغ البيان الأول لانطلاقة حركة فتح. وهناك أيضاً العضو في جماعة عباد الرحمن هاني فاخورين الذي كان له دور أساس في ترتيبات جمع التبرعات وتحويل الدعم المالي لصالح حركة فتح.

وفي الوسط الفلسطيني في لبنان، كان محمد عبد الهادي (أبو الهيثم) من أبرز الشخصيات التي لعبت دوراً قيادياً حركياً منذ الخمسينيات، فقد كان مسؤولاً في جماعة عباد الرحمن في مخيم عين الحلوة. وذكر عبد الهادي لكاتب هذه السطور بأن ياسر عرفات كان يحضر إلى صيدا، وينام في بيوت الإخوان، ومن بينهم أحمد الأطرش. وكان زياد الأطرش من أوائل شباب الإخوان الذين التزموا مع حركة فتح، واستشهد في التدريب خلال إحدى الدورات العسكرية. وقد عُيّن محمد عبد الهادي مسؤولاً إعلامياً في أول مكتب حركي لفتح تشكل في المنطقة؛ حيث عمل في مجال التعبئة.

سوريا:

وبحسب دراسة يزيد صايغ، فإن هاني الحسن ومحمود عباس كانا من بين كثيرين من الشبان الفلسطينيين الذين انضموا للإخوان المسلمين في سوريا في أوائل الخمسينيات. غير أن معظم مصادر الإخوان تنفي أو لا تشير إلى انضمام محمود عباس للإخوان، عدا مصدر واحد هو عبد الله أبو عزة، ولعل هذا الانتماء كان لفترة ضئيلة في أثناء إقامته في سوريا.

السعودية:

كان خليل الوزير من أوائل من ذهب للسعودية، ورتب لعدد من رفاقه العمل فيها منذ منتصف الخمسينيات؛ غير أن أبا جهاد لم يمكث فيها إلا قليلاً.

ومن أوائل من استقروا في السعودية ممن كان لهم دور تأسيسي في فتح، ومن ذوي الخلفية الإخوانية، سليمان أبو كرش (أبو خالد)، وسعيد المزين ( أبو هشام) المعروف بـ"فتى الثورة" وهو من أبرز شعراء الثورة الفلسطينية. وهناك أيضاً عبد الفتاح حمود وكمال عدوان اللذان عملا في المنطقة الشرقية قبل أن ينتقلا إلى قطر.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70712
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

القضية الفلسطينية: خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: القضية الفلسطينية: خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة   القضية الفلسطينية: خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة Emptyالأربعاء 15 أبريل 2020, 1:53 pm

المقاومة الفلسطينية من النكبة إلى انطلاقة فتح: الإخوان الفلسطينيون ونشأة حركة فتح (7)

نخلص من الحلقتين السابقتين إلى أن جماعة الإخوان المسلمين الفلسطينيين، كانت الحاضنة الأولى لنشأة حركة فتح، وخصوصا بين أفرادها من أبناء قطاع غزة. ولكن المبادرة لإنشاء هذه الحركة لم تكن بقرار من قيادة الإخوان الفلسطينيين في قطاع غزة، وإنما من عدد من القيادات التي كانت تتمتع بدينامية عالية، وتملك قدرا كبيرا من النشاط والتأثير في الأفراد. حيث كان أعضاء الإخوان ينظرون إلى هذه القيادات باحترام ويفترضون (في جو العمل السري) أن ما يصدر عن هذه القيادات هو توجه الإخوان، خصوصا أولئك الذين يصعب عليهم الاتصال المباشر بالقيادة، كأفراد الإخوان في الكويت وقطر والسعودية.

إن رواد فتح اختطوا مسارها بعد أن لم تتجاوب قيادة الإخوان في قطاع غزة مع المشروع الذي قدموه لها في صيف 1957، بإنشاء ما عرف لاحقا بحركة فتح، ووجدوا أن عليهم أن يأخذوا زمام المبادرة بأنفسهم دون مزيد من الانتظار، حتى تُغيِّر هذه القيادة قناعاتها، أو حتى تتحسَّن الظروف التي قد تؤدي إلى ذلك. ولم يكن خلاف الإخوان الفلسطينيين مع فتح على فكرة المقاومة والجهاد، ولا على العمل في إطار وطني، وإنما على التوقيت، وإمكانات النجاح، والقدرة على التحكم في مسارات الحركة. وكانت قيادة الإخوان ترى أن ظروف الملاحقة الأمنية الشرسة للإخوان، وصعوبة العمل العلني أو شبه العلني المنظم، لا توفر حدا أدنى لنجاح العمل، خصوصا إذا ما أراد الإخوان أن يسير ضمن معاييرهم، أو إن كُشفت علاقته بالإخوان.

غير أن خروج عناصر فتح بشكل عام كان هادئا وليس حادا. أما الصدامات التي وقعت في قطر، فكانت أساسا نتيجة رغبة القيادات الفتحاوية في البقاء في مواقع النفوذ في التنظيم الفلسطيني، وليس بسبب الرغبة بالخروج.

وقد تعرَّض تنظيم الإخوان الفلسطينيين لهزة كبيرة، بخروج عدد لا يستهان به من عناصره القيادية التي شكلت حركة فتح، وهي عناصر نوعية تميزت بالكفاءة والحيوية وروح المبادرة؛ ومعظمها كانت قيادات وكوادر أساسية في العمل العسكري الخاص، الذي شكَّله الإخوان في النصف الأول من خمسينيات القرن العشرين. (وقد ذكرنا في الحلقتين السابقتين أسماء الكثير من المؤسسين في الكويت وقطاع غزة والضفة الغربية والأردن والسعودية وقطر ومصر وسوريا ولبنان)، وإن عدم قيام قيادة الإخوان الفلسطينيين من أبناء القطاع بترتيب بنيتها التنظيمية الداخلية، وضبط العلاقة بأفرادها الذين انتقلوا للإقامة في الخارج، إلاَّ في مطلع الستينيات؛ قد أعطى حركة فتح مساحة واسعة للعمل في الوسط الإخواني؛ حيث أسهمت "البيئة الرخوة" و"المنطقة الرمادية" في تسهيل قيام العديد من رموز الإخوان الذين أصبحوا قيادات في فتح بتجنيد الكثير من أفضل الكفاءات والطاقات الإخوانية، قبل أن يلملم تنظيم الإخوان المسلمين في قطاع غزة نفسه، ويوسع دائرة فروعه للأقطار العربية (عدا الأردن) ويأمر أعضاءه بالتمايز عن فتح.

وقد استفاد مؤسسو فتح من خبرتهم التنظيمية والأمنية والعسكرية في الإخوان، وتحديدا في العمل الخاص؛ حيث شكل ذلك رصيدا مهما، أمكن الاستفادة منه في بناء التنظيم الجديد، وقاعدة انطلاق لحركة فتح. كما استفادوا من خبرة زملائهم ممن شاركوا مع متطوعي الإخوان في حرب القناة ضد الإنجليز (1951-1954) وتحديدا ياسر عرفات، كما استفادوا من خبرة زملائهم ممن شاركوا في حرب 1948 وتحديدا يوسف عميرة وكامل الشريف.

إن القراءة المتأنية لسلوك عناصر الإخوان التي شاركت في فتح في السنوات الثلاث الأولى من نشأتها على الأقل (1960-1957)، تشير إلى أن الكثير من هذه العناصر استمر في عضويته في الإخوان، واستفاد من موقعه القيادي والتنظيمي في تجنيد عناصر الإخوان النوعية، لدرجة أشعرت قيادة الإخوان الفلسطينيين بنوع من "التهديد الوجودي" لتنظيمهم على حد تعبير عبد الله أبو عزة، أحد أبرز قيادات الإخوان. ومن ثمّ، فإن ترعرع فتح وانتشارها في الحاضنة الإخوانية، كان سببا رئيسيا لدفع قيادة الإخوان في غزة لإعادة بناء التنظيم الفلسطيني، وتوحيده تحت قيادة واحدة، واتخاذ قرار التمايز والمفاصلة مع فتح. وفي الوقت نفسه، لم يكن ثمة إجماع في الوسط القيادي الإخواني الفلسطيني على المفاصلة مع فتح؛ حيث ظلت بعض الأصوات تنادي بضرورة أو المشاركة الكلية أو الجزئية على الأقل، كما في آراء سليمان حمد ومحمد الخضري. وهو ما أثمر لاحقا في معسكرات الشيوخ.

من جهة أخرى، فقد استفادت قيادات فتح ذات الخلفية الإخوانية من شبكات العلاقات وإمكانات الدعم المادي والمعنوي، التي وفرتها جماعات الإخوان في مختلف الدول سياسيا وماليا وإعلاميا وعسكريا؛ مما مهّد لفتح وسائل انتشار ودعم لوجيستي مبكرة. إذ إن العديد من قيادات تنظيمات الإخوان ظلت تتعامل بشكل إيجابي مع فتح، ولم تلتزم بالضرورة بموقف الإخوان الفلسطينيين منها، حتى بعد قرار المفاصلة، كما رأينا في نماذج من الإخوان المصريين والكويتيين والأردنيين والسوريين.

وعلى أي حال، فلا ينبغي للإخوان أن يبالغوا في نسبة حركة فتح إليهم، كما لا ينبغي لحركة فتح أن تتنكر لجذورها وبداياتها الأولى، فإذا كان الإخوان هم المحضن الذي خرجت منه الفكرة وبداياتها الأولى، فإن فتح لم تنشأ بقرار من قيادة الإخوان ولا وفق خططهم، كما أن مشروعها لم يحمل أيديولوجية الإخوان، ولا الضوابط التي تضمن سيره كمشروع يخدم أهدافهم. وعندما طالبت قيادة الإخوان في غزة بالإشراف المباشر على فتح، رفضت قيادة فتح ذلك. وهذا، وإن كان يدل على وجود صلة قوية بين الإخوان وفتح، إلا أنه يدل على أن قيادة فتح كانت تملك من الجرأة والثقة ما جعلها ترفض التوجيه، كما يدل أن فتح كانت قد اختطت منذ أمدٍ خطا مستقلا في التعبئة والتنظيم والعمل.

وربما تعود حالة الالتباس لدى العديد من الباحثين حول نشأة فتح، إلى أن بعض القيادات الفتحاوية التي اتجهت اتجاهات علمانية أو قومية أو وطنية مختلفة، حاولت أن تنفي لاحقا خلفياتها الإخوانية (كما فعل صلاح خلف/ أبو إياد)، أو أن تقلل المدى الزمني لعضويتها، خصوصا أن التجربة الإخوانية تحولت إلى فترة عابرة في حياتها، كما لم يكن ثمة مصلحة في ذكر هذه الخلفية، في ضوء حالة العداء والنظرة السلبية للإخوان التي طبعت سلوك العديد من الأنظمة العربية، وخصوصا النظام المصري. ثم إن حالة التنافس التي نشأت وتصاعدت لاحقا مع جماعة الإخوان الفلسطينيين وحماس، دفعت باتجاه محاولة التخفيف من الخلفية الإخوانية لهؤلاء. وفوق ذلك، فإن الإخوان أنفسهم لم يكتبوا إلا قليلا حول الخلفيات التاريخية لنشأة فتح، في الوقت الذي لم يصل مؤرخو الحركة الوطنية الفلسطينية إلى العديد من شهود المرحلة من الإسلاميين الذين ظلوا على التزامهم "الإخواني"، بينما سجلوا الشهادات التاريخية لمناضلي فتح.

وثمة ملاحظة أخيرة ومهمة، هي أن بعضا من القيادات الفتحاوية راعت حساسية ياسر عرفات ورمزيته، بعدم التركيز على تجربة العمل المقاوم التي سبقته؛ وهو ما أشار إليه محرر مجلة الدراسات الفلسطينية في استنتاجه لماذا قام خليل الوزير (أبو جهاد) بإتلاف معظم نسخ كراس "حركة فتح: البدايات" وإيقاف توزيعه؛ من أنه يُرجِّح أن ذلك يعود للرغبة في عدم إغضاب ياسر عرفات وصلاح خلف، لأن فترة العمل العسكري في النصف الأول من الخمسينيات لا تشير لدور لهما في ذلك، وتمّت قبل لقائه الأول بعرفات. من ناحية ثانية، فإن أبا جهاد في كراسه الذي أعد سنة 1986 بدا أكثر حذرا في الإشارة إلى الإخوان من مقابلته التي أجراها مع سلوى العمد في 9 كانون الأول/ ديسمبر 1980. (انظر: خليل الوزير، "حركة فتح: البدايات،" مجلة الدراسات الفلسطينية، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، العدد 104، خريف 2015).

وعلى سبيل المثال، في مراعاة الحساسيات، فإن فتحي البلعاوي لم يتطرق في أوراقه لانتخابات الدورة الثالثة لرابطة طلبة فلسطين في مصر؛ ربما (كما أشار معين الطاهر الذي حرر الأوراق) لأنه في تلك السنة ترأس عبد الفتاح حمود قائمة الإخوان في مواجهة قائمة منافسة شكلها ياسر عرفات حيث فازت قائمة الإخوان بكافة المقاعد، لأن البلعاوي عندما تحدث عنها كان لا يرغب في إحراج ياسر عرفات؛ الذي أصبح لاحقا زعيما للشعب الفلسطيني، بينما أصبح البلعاوي نفسه عضوا (وإن كان مؤسسا) في حركة فتح التي يترأسها عرفات. (انظر: معين الطاهر، "بين تأسيس رابطة طلاب فلسطين ومقاومة الإسكان والتوطين: أوراق فتحي البلعاوي،" مجلة أسطور، العدد 5، كانون الثاني/ يناير 2017).

وأخيرا، فليس ثمة "إنجاز" تاريخي كبير من الفكرة التي يريد المقال توصيلها، وإنما هي محاولة بسيطة لوضع بعض النقاط في سياقها التاريخي الصحيح. وعلى كل حال، فليس ثمة كثير فخر الآن لدى فتح بخلفيتها الإخوانية، وليس ثمة كثير فخر لدى الإخوان بخلفية فتح؛ خصوصا أن تأثير الخلفية اقتصر على البدايات الأولى، إذ لم يطل الزمان بفتح إلى أن تحولت إلى حركة علمانية براغماتية بهوية وطنية، ومسارات نضالية واجتهادات سياسية خاصة.

ولعل أبرز درسين من هذه التجربة؛ أن العمل لفلسطين قد يحتمل تخفيف قوة الموجة، لكنه لا يحتمل الانكفاء والانعزال؛ وإن حدث فهو للاستثناء وللضرورة التي تقدر بقدرها. وإن عدم قدرة جماعة الإخوان على استيعاب وتوجيه طاقة مجموعة من أفضل كفاءاتها (لأسباب ذاتية وموضوعية)، قد أدى إلى خسارتها، وإلى ملء هذه الكفاءات للساحة الفلسطينية بطريقة أثَّرت لاحقا على المسار الوطني الفلسطيني. والدرس الثاني هو لأولئك الذين لا ينتبهون إلى ضبط مساراتهم وحسم خطوطهم الحمراء (العقائدية والأيديولوجية)، ويستجيبون للتكتيكات والاعتبارات البراغماتية المصلحية، ويتخففون من التزاماتهم (الدينية والسلوكية والفكرية)، قد يجدون أنفسهم في نهاية المطاف، وقد ابتعدوا عن أهدافهم، وتغيرت معاييرهم، وتضاءلت قيمهم. وربما وجد بعضهم نفسه في أحضان خصومه!!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70712
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

القضية الفلسطينية: خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: القضية الفلسطينية: خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة   القضية الفلسطينية: خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة Emptyالأربعاء 15 أبريل 2020, 1:54 pm

الإخوان المسلمون الفلسطينيون ونشأة فتح (1)
 
تشير الدلائل إلى أن جماعة الإخوان المسلمين كانت الحاضنة الأولى لنشأة حركة فتح، وخصوصاً بين أفرادها من أبناء قطاع غزة. ويظهر أن عامة الإخوان كانوا يعدُّونها في البداية جزءاً منهم، أو على الأقل رصيداً لهم، غير أن الطرفين اتخذا خط الانفصال والتمايز عن بعضهما منذ صيف 1962.

اطلعنا في مقال سابق على التنظيم العسكري السري، الذي أنشأه الإخوان في القطاع. والدارس لنشأة حركة فتح في النصف الثاني من خمسينيات القرن العشرين يلاحظ، وبما لا يدع مجالاً للشك، أن كثيراً من قادة هذا التنظيم وأعضائه، أصبحوا من الجيل المؤسس لحركة فتح. ويظهر أن عدداً كبيراً من هؤلاء قد أصابهم الإحباط نتيجة قيام عبد الناصر بضرب جماعة الإخوان سنة 1954، وتحَوُّلها إلى حركة مطاردة محظورة، وبعد أن تم تشويه صورتها وشيطنتها في الإعلام المصري. وبالتالي فالصورة المتميزة للإخوان كجماعة أدت أدواراً بطولية في حرب 1948، وكقوة شعبية كبيرة لها احترامها ونفوذها الواسع في قطاع غزة، وكحاضنة للعمل المقاوم، تضررت بدرجات مختلفة في أوساط الناس. بينما لم يعد كوادر الحركة أو “التنظيم الخاص” يجدون بيئة مناسبة للتجنيد ولا للعمل المقاوم، بعد أن أصبح اسم الإخوان مدعاة للخوف، إن لم يكن مدعاة للنفور. وبالتالي، لم يكن أمام هؤلاء الشباب الذين تملؤهم الحماسة للعمل لفلسطين ولمشروع المقاومة؛ إلا أن يحاولوا إيجاد مسارات أخرى مناسبة، حتى وإن ظلّ كثير منهم على حبه واحترامه للإخوان.

ويظهر أن النقاشات التي تلت تعطُّل العمل المقاوم للإخوان الفلسطينيين، أوصلتهم إلى قناعة بضرورة إنشاء ما عرف لاحقاً بفتح. غير أن بؤرة هذا النقاش تركزت على ما يبدو وسط طلاب الإخوان في الجامعات المصرية سنة 1956 وبدرجة أقل في قطاع غزة، حيث نجد هناك أسماء أعضاء من الإخوان أصبحوا قيادات بارزة في فتح، أمثال خليل الوزير وسليم الزعنون ورياض الزعنون وغالب الوزير وسعيد المزين وعبد الفتاح حمود ومحمد يوسف النجار وكمال عدوان وفتحي بلعاوي وأسعد الصفطاوي وصلاح خلف.

* * *
المؤسسان أبو جهاد وأبو عمار:

حسب خالد الحسن، أحد أبرز قادة فتح، فإن أبا جهاد خليل الوزير هو الذي بدأ حركة فتح، وهو رأي يؤكده عدد من رموز وقيادات الإخوان الفلسطينيين، ممن كانوا على احتكاك ومعرفة بأبي جهاد في تلك الفترة، أمثال محمد الخضري، وخيري الأغا، وسليمان حمد. وكان أبو جهاد من قادة التنظيم الإخواني السري العسكري الذي نظم عدداً من العمليات الفدائية في النصف الأول من الخمسينيات. وبحسب خليل الوزير، ففي هذه الأجواء بدأ التفكير بحركة “فتح” في منتصف الخمسينيات، وممن شاركه هذا التفكير كمال عدوان، الذي كان معه في الإخوان وفي العمل العسكري الخاص. وفي العام الذي قضاه خليل الوزير في مصر (الفترة 1956/1955) بقي على صلته بجماعة الإخوان الفلسطينيين في مصر، واحتفظ بموقع قيادي حسبما يشير الإخوان الذين عايشوه؛ لكنه على ما يبدو كان يُنضج مع زملائه فكرة فتح، كما توطدت علاقته بياسر عرفات (بعد العدوان الإسرائيلي على القطاع في أواخر شباط/ فبراير 1955)، الذي أخذ يشاركه الأفكار والتوجهات نفسها، في ضرورة إطلاق عمل فلسطيني مقاوم يأخذ صبغة وطنية.

أما ياسر عرفات، فثمة شبه إجماع بين الإخوان الذين التقينا بهم على أنه لم يكن عضواً في جماعة الإخوان، ولكنه كان قريباً منها. وتلقى تدريباً عسكرياً في معسكرات الإخوان ضمن طلبة الجامعات في فترة المقاومة المصرية للإنجليز في قناة السويس 1951-1954، وفاز على قائمة الإخوان برئاسة رابطة الطلبة الفلسطينيين في مصر أكثر من مرة. أما الشخصان اللذان خالفا هذا الإجماع فهما منير عجور، وخيري الأغا. إذ يذكر خيري الأغا أن عرفات انضم لفترة محدودة للإخوان، وأن كمال السنانيري (من قيادات الإخوان المصريين) عينه مسؤولاً عن متابعة الإخوان الفلسطينيين، وأن نائبه كان قنديل شاكر (من قيادات الإخوان في الأردن لاحقاً)، وكان ذلك سنة 1952. غير أن الأغا نفسه، يشير إلى أن عرفات لم يستمر في الإخوان. وإذا ما صحت هذه الرواية، فلعل نفي الآخرين لانتظامه السابق بالإخوان يعود سببه إلى أنه انتظم لفترة قصيرة، وأنه لم يستمر بعد الضربة التي تلقاها الإخوان سنة 1954؛ وبالتالي فكل من التقاه بعد ذلك لم يجد له ارتباطاً بالإخوان. كما أنه لم يكن من مصلحته في تلك الفترة كشف أي علاقة سابقة له بالإخوان.

إرهاصات فتح:

أعاد الإخوان في قطاع غزة تنظيم أنفسهم أثناء الاحتلال الإسرائيلي للقطاع (31 تشرين الأول/ أكتوبر 1956-6 آذار/ مارس 1957) باتجاه العمل المقاوم. وبالنسبة لأبي جهاد، فقد عَدّ العدوان الثلاثي مرحلة جديدة في النضال، فبدأ التفكير بالحاجة إلى التنظيم والقيادة، والتوسع في النشاطات “والتوجه نحو تنظيم أوسع”. وهي عقلية تميل إلى تجاوز القيود الحزبية إلى أطر وطنية أوسع؛ بما يشير إلى بدايات تَشكُّل القاعدة النظرية لفكرة فتح. ومما يدل على ذلك أنه في أثناء الاحتلال الإسرائيلي للقطاع قدَّم ثلاثة من الإخوان، هم كمال عدوان وغالب الوزير وسعيد المزين (وثلاثتهم صاروا لاحقاً من قيادات حركة فتح) مقترحاً إلى قيادة الإخوان من عشرين صفحة، للتعاون مع القوميين واليساريين في العمل الشعبي وفي المجالات السياسية والإعلامية والعسكرية. غير أن قيادة الإخوان قررت عدم التعاون مع الشيوعيين (لرغبة الشيوعيين بالاقتصار على المقاومة المدنية فقط)، والعمل بشكل منفصل، والتجهيز للعمل العسكري ضد الاحتلال.

وبعد ذلك ببضعة أشهر، وتحديداً في صيف 1957، قدَّم أبو جهاد تصوراً إلى قيادة الإخوان المسلمين في قطاع غزة؛ يقضي بإنشاء تنظيم لا يحمل لوناً إسلامياً في مظهره، وإنما يحمل شعار تحرير فلسطين عن طريق الكفاح المسلح، ويقوم بالإعداد لذلك. ونوَّه أبو جهاد في مذكرته إلى أن هذا التنظيم سيفتح الأبواب المغلقة بين الإخوان والجماهير، وسوف يفكُّ حصار نظام عبد الناصر للإخوان، وسوف يُبقي قضية فلسطين حية، ويجبر الدول العربية على خوض الحرب.

ويبدو أن قيادة الإخوان في غزة لم تأخذ المذكرة مأخذ الجد، فأهملتها ولم تردَّ عليها. وعلى ما يظهر فإن التوجه العام للقيادة كان يميل نحو التريث، والسلوك الأمني الحذر، والتركيز على التربية، والمحافظة على الذات، في أجواء ملاحقة النظام المصري (بعد عودته لإدارة القطاع). وربما انعكست طبيعة القيادة والتي تميل لعدم الدخول في مغامرات تراها غير محسوبة، في بيئة غير مواتية، على النظرة السلبية للمشروع. وعزز ذلك، أن أبا جهاد ورفاقه المتحمسين للفكرة كانوا يتصرفون بشيء من عدم الانضباط في نظرها، حسب معايير الترتيبات السرية الجديدة التي اتخذتها قيادة إخوان غزة.

ولعل سبب هذه النظرة الحذرة من القيادة أن المجموعة الإخوانية التي مالت لإنشاء فتح، كان لديها استعدادات كبيرة للانفتاح الشعبي والسياسي والحركي، والتعبير عن نفسها من خلال لافتة وطنية، وبالتالي كانت أكثر جرأة وأكثر قدرة على التواصل مع البيئة الخارجية، بأسلوب “عملي” فعال؛ مقابل القيادة التي ركّزت على لملمة الصف، والحفاظ على الذات، والتركيز على التربية والإعداد المُتأنِّي، بانتظار فرصة أفضل لإطلاق “المشروع الإسلامي لفلسطين”.

التأسيس في الكويت:

عندما قدم ياسر عرفات إلى الكويت سنة 1957، عمل مهندساً في دائرة الأشغال العامة، ثم لحقه خليل الوزير الذي عمل مدرساَ في إحدى مدارس وزارة التربية، حيث أخذا ينشران فكرة فتح في الوسط الإخواني (وهو وسطهما الطبيعي). وكانا على معرفة بمعظم الخريجين من شباب الإخوان الذين وفدوا إلى الكويت.

وكان لوجود اثنين من قيادة التنظيم الإخواني الخاص (هما يوسف عميرة ومحمد أبو سيدو) ممن سبقا خليل الوزير في القدوم للكويت، أثر كبير في تهيئة الظروف المناسبة لنشأة فتح في الوسط الإخواني الفلسطيني في الكويت. فقد كان يوسف عميرة يدير أسرة مجموعة قدماء الإخوان في الكويت، وكان ممثّل الفلسطينيين لدى الجهات الإخوانية في الكويت، وهو الذي عَرَّف سليمان حمد بياسر عرفات وبخليل الوزير سنة 1957. أما محمد أبو سيدو فكان على علاقة قوية بخليل الوزير، من خلال الدور القيادي الذي لعبه في التنظيم الخاص. وهؤلاء الثلاثة انضموا لفتح منذ تأسيسها. وقد أسهم ذلك في إيجاد بيئة إخوانية مناسبة للتجاوب مع حركة فتح، ولذلك نلاحظ أن معظم الإخوان الفلسطينيين البارزين الذين جاؤوا للكويت في تلك الفترة انضموا لحركة فتح، أمثال موسى نصار، وأبو أيمن حسن المدهون، وأبو عودة حسين الثوابتة، ومنير عجور.

ومن الشخصيات التي أشار يزيد صايغ، في دراسته، إلى انتمائها السابق للإخوان؛ عادل عبد الكريم، وهو ممن قدم مبكرا ً للعمل في الكويت. وبالتالي فإن ثلاثة من الخمسة الذين حضروا اللقاء التأسيسي لفتح، حسبما ذكر خليل الوزير (الوزير وعميرة وعادل عبد الكريم)، كانوا ذوي خلفية إخوانية إضافة إلى عرفات وتوفيق شديد. وبعد اعتذار شديد منذ اللقاء التالي، تابع قيادة فتح هؤلاء الثلاثة الذين اختاروا عرفات المقرّب من الإخوان رئيساً لهم.

في قطاع غزة:

يبدو أن قيادة الإخوان في قطاع غزة، التي تمكنت من إعادة ترتيب التنظيم بعد ضربة عبد الناصر للإخوان كانت أكثر صرامة في ضبط عناصرها ومعايير التزامهم. فقد تعاملت مع العديد من العناصر التي أسست فتح في القطاع كعناصر غير منضبطة، ولم تُدخلها في بُنية التنظيم، باعتبار أن انضمامها كعناصر مكشوفة يمثل خطراً على “سرية” التنظيم؛ ولكنها أبقت على التعامل معها كإخوان في الإطار “الأخوي” الاجتماعي العام. ويبدو أن هذا السلوك القيادي، أدى ضمناً وعملياً، إلى اندفاع هذه العناصر بشكل أكبر تجاه المضي بإنشاء فتح.

ويعترف أبو عزة الذي كان في قيادة إخوان غزة، أن طرح عناصر فتح كان “منطقياً، وتتولاه عناصر قيادية إخوانية موثوقة”. وأنه خلال ثلاث سنوات (1957-1960)، وقبل أن تتوصل قيادة إخوان غزة إلى إجابات وتصورات واضحة، في مقابل طرح فتح، كان الإخوان قد فقدوا أفراداً من أفضل عناصرهم؛ وإن “موثوقية وقيادية دعاة فتح في الإخوان، سهَّلت عليهم اقتناص أفراد كثيرين وممتازين من الإخوان”.

ومن أبرز الشباب ذوي الخلفية الإخوانية الذين أسسوا فتح في قطاع غزة؛ سليم الزعنون الذي عَمِل وكيل نيابة بعد تخرجه وعودته للقطاع، وصلاح خلف وأسعد الصفطاوي اللذان عملا بعد تخرجهما في مدرسة خالد بن الوليد قرب مخيم النصيرات، وكذلك سعيد المزيَّن (أبو هشام)، وغالب الوزير، وفتحي بلعاوي. كما كان معهم في التأسيس الشيخ هاشم الخزندار، الذي كان نائباً لرئيس المكتب الإداري لإخوان غزة، ورئيساً لشعبة الرمال، قبل قيام عبد الناصر بحل جماعة الإخوان. كما انضم رياض الزعنون لقيادة فتح في غزة، بعد تخرجه من كلية الطب في القاهرة.

يتبع/ المقال القادم حول بدايات فتح في مصر والضفة الغربية والأردن وقطر ولبنان وسوريا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 70712
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 77
الموقع : الاردن

القضية الفلسطينية: خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: القضية الفلسطينية: خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة   القضية الفلسطينية: خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة Emptyالأربعاء 15 أبريل 2020, 1:54 pm

الإخوان المسلمون الفلسطينيون ونشأة فتح (2)
د.محسن صالح/ مدير عام مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات

أشرنا في المقال السابق إلى علاقة الإخوان المسلمين الفلسطينيين ببدايات فتح في الكويت وقطاع غزة. ونتابع في هذا المقال الإشارة إلى هذه العلاقة في بعض البلدان الأخرى:

مصر:
كما ذكرنا سابقاً، فإن بؤرة النقاش التي أدت لفكرة فتح، تركزت على ما يبدو وسط طلاب الإخوان في الجامعات المصرية، خصوصاً سنة 1956. ظهرت الدعوة لفتح في القاهرة سنة 1958 تقريباً، وقد حاول ياسر عرفات إقناع زميله عدنان النحوي، مسؤول الإخوان الفلسطينييين، بالانضمام لفتح، وضم من معه من الإخوان إليها، لكنه لم ينجح، غير أن فتح أخذت تنتشر في الوسط الإخواني بشكل فردي هادئ.

واختار رواد فتح الأوائل في القاهرة، على الأغلب، الاستمرار في عضوية الإخوان، في بدايات مشوارهم مع فتح، ومالوا إلى متابعة تجنيد من يمكن تجنيده من الإخوان، ثم انسحبوا لاحقاً بشكل هادئ. وكان من أبرز النماذج رياض الزعنون الذي كان مسؤولاً بارزاً في العمل الطلابي الإخواني في القطاع، وفي مراحل دراسته الأولى في القاهرة. وكان هناك عبد الله صيام، الذي كان من أبرز الناشطين العمل العسكري الإخواني الخاص إلى جانب خليل الوزير. وقد حاول صيام في أثناء إقامته في القاهرة أن يُجنّد أعضاء أسرته الإخوانية في فتح، وكان من بين أفراد الأسرة محمد صيام وعبد الرحمن بارود.

الضفة الغربية وشرق الأردن:
في الأردن، بما في ذلك الضفة الغربية (التي كان قد تم توحيدها مع شرق الأردن منذ سنة 1950)، مثَّل الإخوان حاضنة مهمة وأساسية لبدايات حركة فتح. وبحسب هاشم عزام، الذي كان من الإخوان الذين انتموا لفتح في أواخر الخمسينيات، فإن قادة الثورة (فتح) في الأردن "كلهم كانوا إخوان مسلمين في البداية".

ويظهر أن مخيم عقبة جبر قرب أريحا (حيث كان يقيم فيه نحو 70 ألف لاجئ) كان أحد أبرز محاضن بدايات فتح في الضفة الغربية. فقد كان من أوائل القادمين إليه (ممن أصبحوا من مؤسسي فتح) حمد العايدي (أبو سامي) الذي كان مساعداً لخليل الوزير في العمل العسكري الخاص للإخوان في القطاع، إذ هرب من القطاع سنة 1954. فقد تولى مسؤولية قسم الطلاب في شعبة الإخوان في المخيم؛ كما تولى أمانة سر الشعبة نفسها. واستقر في المخيم سنة 1957 عبد الفتاح حمود بعد تخرجه مهندساً للبترول من جامعة القاهرة، وكان نائباً لرئيس رابطة الطلبة الفلسطينيين (ياسر عرفات، ثم صلاح خلف)، وكان من نشطاء الإخوان البارزين. وقد استلم حمود رئاسة قسم الطلاب في عقبة جبر خلفاً للعايدي، وحقق قفزة نوعية في تنظيم الطلبة الإخوان، وفي الشعبة ككل. وبحسب هاشم عزام، فقد كانت بداية العمل مع فتح في سنة 1959، بناء على ترتيبات قام بها عبد الفتاح حمود.

وانتقل للإقامة في مخيم عقبة جبر محمد يوسف النجار، الذي كان من قادة النظام الخاص للإخوان في منطقة رفح، وكان من أطول القيادات المؤسسة لفتح إقامة في المخيم. وقد غادر للعمل في قطر سنة 1960.

وفي القدس كان من الإخوان القياديين الذين انضموا لفتح رمضان البنا، الذي كان سكرتيراً لكامل الشريف في المؤتمر الإسلامي في القدس. ومن القدس أيضاً زكريا قنيبي وموسى غوشة (شقيق إبراهيم غوشة).

وفي شرق الأردن في عمَّان، كان من رواد فتح من ذوي الخلفية الإخوانية محمد غنيم (أبو ماهر)، وعبد الله جبر، ومحمد أبو سردانة (وكان في التنظيم الخاص في قطاع غزة مساعداً لخيري الأغا).

وفي الأردن أيضاً، حافظ خليل الوزير على علاقته القوية بكامل الشريف، الذي كان قائداً لأبي جهاد ضمن التنظيم الخاص من مكان إقامته في العريش. وحسب الشريف نفسه، فمنذ تأسيس فتح كان أبو جهاد وعرفات كثيراً ما يرجعون إليه مستشيرين فيما يتعلق بالحركة. وعندما انعقد المؤتمر التأسيسي لفتح سنة 1962 أصرَّت قيادة فتح على حضور الشريف للمؤتمر، وقام خليل الوزير ورمضان البنا بأخذه إلى الكويت من لاجوس (عاصمة نيجيريا) حيث كان سفيراً للأردن هناك. ومن الطريف الإشارة إلى أن الشريف أعطى خليل الوزير وزوجته انتصار، سراً، بيته في عمَّان لقضاء شهر العسل.

وهناك شخصيتان قياديتان فتحاويتان (من أبناء الضفة الغربية) أشار يزيد صايغ إلى خلفية إخوانية لهما، دون أن تسعفنا المعلومات المتوفرة لدينا بتأكيد ذلك، هما ماجد أبو شرار وأحمد قريع.

قطر:
تمثل قطر حالة فريدة في البيئة الإخوانية التي تمكنت عناصر فتح فيها من التموضع القيادي في التنظيم، و"اقتناص" وتجنيد أفراد الإخوان فيها. فمن ناحية كان رفيق النتشة الذي وصل لقطر سنة 1958 مسؤولاً عن الإخوان القادمين من الأردن (شرق الأردن والضفة الغربية)؛ بينما كان محمد يوسف النجار الذي وصل لقطر سنة 1960 مسؤولاً عن الإخوان الفلسطينيين القادمين من قطاع غزة. وسهَّل مهمتهما أن الإخوان المصريين (وكانوا أصحاب نفوذ خصوصاً في دائرة التعليم (المعارف)، التي أصبحت وزارة التربية لاحقاً) كانوا ينظرون بإيجابية لفتح وعناصرها القيادية، بل ويعتبرونها حركة "إخوانية".

وقد قوّى من وضع فتح في الوسط الإخواني في قطر قدوم أحمد رجب عبد المجيد الأسمر، وسعيد تيم، وكمال عدوان وعبد الفتاح حمود، وفتحي البلعاوي.

لبنان:
كانت جماعة عباد الرحمن تمثل الوجه المعلن للإخوان المسلمين في خمسينيات القرن العشرين، وكان توفيق راشد حوري، نائب الأمين العام لجمعية عباد الرحمن منذ الخمسينيات، واستمر في منصبه فترة طويلة. وكان لقادة فتح المؤسسين (خصوصاً خليل الزير وياسر عرفات) علاقة قوية بحوري؛ وهو الذي وفر لهم الغطاء لإصدار مجلة "فلسطيننا"، التي كانت أداة رئيسية لنشر فكر فتح، وهو الذي صاغ البيان الأول لانطلاقة حركة فتح. وهناك أيضاً العضو في جماعة عباد الرحمن هاني فاخوري الذي كان له دور أساس في ترتيبات جمع التبرعات وتحويل الدعم المالي لصالح حركة فتح.

وفي الوسط الفلسطيني في لبنان، كان محمد عبد الهادي (أبو الهيثم) من أبرز الشخصيات التي لعبت دوراً قيادياً حركياً منذ الخمسينيات، فقد كان مسؤولاً في جماعة عباد الرحمن في مخيم عين الحلوة. وذكر عبد الهادي لكاتب هذه السطور بأن ياسر عرفات كان يحضر إلى صيدا، وينام في بيوت الإخوان، ومن بينهم أحمد الأطرش. وكان زياد الأطرش من أوائل شباب الإخوان الذين التزموا مع حركة فتح، واستشهد في التدريب خلال إحدى الدورات العسكرية. وقد عُيّن محمد عبد الهادي مسؤولاً إعلامياً في أول مكتب حركي لفتح تشكل في المنطقة؛ حيث عمل في مجال التعبئة.

سوريا:
وبحسب دراسة يزيد صايغ، فإن هاني الحسن ومحمود عباس كانا من بين كثيرين من الشبان الفلسطينيين الذين انضموا للإخوان المسلمين في سوريا في أوائل الخمسينيات. غير أن معظم مصادر الإخوان تنفي أو لا تشير إلى انضمام محمود عباس للإخوان، عدا مصدر واحد هو عبد الله أبو عزة، ولعل هذا الانتماء كان لفترة ضئيلة في أثناء إقامته في سوريا.

السعودية:
كان خليل الوزير من أوائل من ذهب للسعودية، ورتب لعدد من رفاقه العمل فيها منذ منتصف الخمسينيات؛ غير أن أبا جهاد لم يمكث فيها إلا قليلاً.

ومن أوائل من استقروا في السعودية ممن كان لهم دور تأسيسي في فتح، ومن ذوي الخلفية الإخوانية، سليمان أبو كرش (أبو خالد)، وسعيد المزين ( أبو هشام) المعروف بـ"فتى الثورة" وهو من أبرز شعراء الثورة الفلسطينية. وهناك أيضاً عبد الفتاح حمود وكمال عدوان اللذان عملا في المنطقة الشرقية قبل أن ينتقلا إلى قطر.

تقييم:
نلاحظ مما سبق أن جماعة الإخوان المسلمين الفلسطينيين، كانت الحاضنة الأولى لنشأة حركة فتح، وخصوصا بين أفرادها من أبناء قطاع غزة. ولكن المبادرة لإنشاء هذه الحركة لم تكن بقرار من قيادة الإخوان الفلسطينيين في قطاع غزة، وإنما من عدد من القيادات التي كانت تتمتع بدينامية عالية، وتملك قدرا كبيرا من النشاط والتأثير في الأفراد. حيث كان أعضاء الإخوان ينظرون إلى هذه القيادات باحترام ويفترضون (في جو العمل السري) أن ما يصدر عن هذه القيادات هو توجه الإخوان، خصوصا أولئك الذين يصعب عليهم الاتصال المباشر بالقيادة، كأفراد الإخوان في الكويت وقطر والسعودية.

إن رواد فتح اختطوا مسارها بعد أن لم تتجاوب قيادة الإخوان في قطاع غزة مع المشروع الذي قدموه لها في صيف 1957، بإنشاء ما عرف لاحقا بحركة فتح، ووجدوا أن عليهم أن يأخذوا زمام المبادرة بأنفسهم دون مزيد من الانتظار، حتى تُغيِّر هذه القيادة قناعاتها، أو حتى تتحسَّن الظروف التي قد تؤدي إلى ذلك. ولم يكن خلاف الإخوان الفلسطينيين مع فتح على فكرة المقاومة والجهاد، ولا على العمل في إطار وطني، وإنما على التوقيت، وإمكانات النجاح، والقدرة على التحكم في مسارات الحركة. وكانت قيادة الإخوان ترى أن ظروف الملاحقة الأمنية الشرسة للإخوان، وصعوبة العمل العلني أو شبه العلني المنظم، لا توفر حدا أدنى لنجاح العمل، خصوصا إذا ما أراد الإخوان أن يسير ضمن معاييرهم، أو إن كُشفت علاقته بالإخوان.

غير أن خروج عناصر فتح بشكل عام كان هادئا وليس حادا. أما الصدامات التي وقعت في قطر، فكانت أساسا نتيجة رغبة القيادات الفتحاوية في البقاء في مواقع النفوذ في التنظيم الفلسطيني، وليس بسبب الرغبة بالخروج.

وقد تعرَّض تنظيم الإخوان الفلسطينيين لهزة كبيرة، بخروج عدد لا يستهان به من عناصره القيادية التي شكلت حركة فتح، وهي عناصر نوعية تميزت بالكفاءة والحيوية وروح المبادرة؛ ومعظمها كانت قيادات وكوادر أساسية في العمل العسكري الخاص، الذي شكَّله الإخوان في النصف الأول من خمسينيات القرن العشرين. (وقد ذكرنا في الحلقتين السابقتين أسماء الكثير من المؤسسين في الكويت وقطاع غزة والضفة الغربية والأردن والسعودية وقطر ومصر وسوريا ولبنان)، وإن عدم قيام قيادة الإخوان الفلسطينيين من أبناء القطاع بترتيب بنيتها التنظيمية الداخلية، وضبط العلاقة بأفرادها الذين انتقلوا للإقامة في الخارج، إلاَّ في مطلع الستينيات؛ قد أعطى حركة فتح مساحة واسعة للعمل في الوسط الإخواني؛ حيث أسهمت "البيئة الرخوة" و"المنطقة الرمادية" في تسهيل قيام العديد من رموز الإخوان الذين أصبحوا قيادات في فتح بتجنيد الكثير من أفضل الكفاءات والطاقات الإخوانية، قبل أن يلملم تنظيم الإخوان المسلمين في قطاع غزة نفسه، ويوسع دائرة فروعه للأقطار العربية (عدا الأردن) ويأمر أعضاءه بالتمايز عن فتح.

وقد استفاد مؤسسو فتح من خبرتهم التنظيمية والأمنية والعسكرية في الإخوان، وتحديدا في العمل الخاص؛ حيث شكل ذلك رصيدا مهما، أمكن الاستفادة منه في بناء التنظيم الجديد، وقاعدة انطلاق لحركة فتح. كما استفادوا من خبرة زملائهم ممن شاركوا مع متطوعي الإخوان في حرب القناة ضد الإنجليز (1951-1954) وتحديدا ياسر عرفات، كما استفادوا من خبرة زملائهم ممن شاركوا في حرب 1948 وتحديدا يوسف عميرة وكامل الشريف.

إن القراءة المتأنية لسلوك عناصر الإخوان التي شاركت في فتح في السنوات الثلاث الأولى من نشأتها على الأقل (1960-1957)، تشير إلى أن الكثير من هذه العناصر استمر في عضويته في الإخوان، واستفاد من موقعه القيادي والتنظيمي في تجنيد عناصر الإخوان النوعية، لدرجة أشعرت قيادة الإخوان الفلسطينيين بنوع من "التهديد الوجودي" لتنظيمهم على حد تعبير عبد الله أبو عزة، أحد أبرز قيادات الإخوان. ومن ثمّ، فإن ترعرع فتح وانتشارها في الحاضنة الإخوانية، كان سببا رئيسيا لدفع قيادة الإخوان في غزة لإعادة بناء التنظيم الفلسطيني، وتوحيده تحت قيادة واحدة، واتخاذ قرار التمايز والمفاصلة مع فتح. وفي الوقت نفسه، لم يكن ثمة إجماع في الوسط القيادي الإخواني الفلسطيني على المفاصلة مع فتح؛ حيث ظلت بعض الأصوات تنادي بضرورة أو المشاركة الكلية أو الجزئية على الأقل، كما في آراء سليمان حمد ومحمد الخضري. وهو ما أثمر لاحقا في معسكرات الشيوخ.

من جهة أخرى، فقد استفادت قيادات فتح ذات الخلفية الإخوانية من شبكات العلاقات وإمكانات الدعم المادي والمعنوي، التي وفرتها جماعات الإخوان في مختلف الدول سياسيا وماليا وإعلاميا وعسكريا؛ مما مهّد لفتح وسائل انتشار ودعم لوجيستي مبكرة. إذ إن العديد من قيادات تنظيمات الإخوان ظلت تتعامل بشكل إيجابي مع فتح، ولم تلتزم بالضرورة بموقف الإخوان الفلسطينيين منها، حتى بعد قرار المفاصلة، كما رأينا في نماذج من الإخوان المصريين والكويتيين والأردنيين والسوريين.

وعلى أي حال، فلا ينبغي للإخوان أن يبالغوا في نسبة حركة فتح إليهم، كما لا ينبغي لحركة فتح أن تتنكر لجذورها وبداياتها الأولى، فإذا كان الإخوان هم المحضن الذي خرجت منه الفكرة وبداياتها الأولى، فإن فتح لم تنشأ بقرار من قيادة الإخوان ولا وفق خططهم، كما أن مشروعها لم يحمل أيديولوجية الإخوان، ولا الضوابط التي تضمن سيره كمشروع يخدم أهدافهم. وعندما طالبت قيادة الإخوان في غزة بالإشراف المباشر على فتح، رفضت قيادة فتح ذلك. وهذا، وإن كان يدل على وجود صلة قوية بين الإخوان وفتح، إلا أنه يدل على أن قيادة فتح كانت تملك من الجرأة والثقة ما جعلها ترفض التوجيه، كما يدل أن فتح كانت قد اختطت منذ أمدٍ خطا مستقلا في التعبئة والتنظيم والعمل.

وربما تعود حالة الالتباس لدى العديد من الباحثين حول نشأة فتح، إلى أن بعض القيادات الفتحاوية التي اتجهت اتجاهات علمانية أو قومية أو وطنية مختلفة، حاولت أن تنفي لاحقا خلفياتها الإخوانية (كما فعل صلاح خلف/ أبو إياد)، أو أن تقلل المدى الزمني لعضويتها، خصوصا أن التجربة الإخوانية تحولت إلى فترة عابرة في حياتها، كما لم يكن ثمة مصلحة في ذكر هذه الخلفية، في ضوء حالة العداء والنظرة السلبية للإخوان التي طبعت سلوك العديد من الأنظمة العربية، وخصوصا النظام المصري. ثم إن حالة التنافس التي نشأت وتصاعدت لاحقا مع جماعة الإخوان الفلسطينيين وحماس، دفعت باتجاه محاولة التخفيف من الخلفية الإخوانية لهؤلاء. وفوق ذلك، فإن الإخوان أنفسهم لم يكتبوا إلا قليلا حول الخلفيات التاريخية لنشأة فتح، في الوقت الذي لم يصل مؤرخو الحركة الوطنية الفلسطينية إلى العديد من شهود المرحلة من الإسلاميين الذين ظلوا على التزامهم "الإخواني"، بينما سجلوا الشهادات التاريخية لمناضلي فتح.

وثمة ملاحظة أخيرة ومهمة، هي أن بعضا من القيادات الفتحاوية راعت حساسية ياسر عرفات ورمزيته، بعدم التركيز على تجربة العمل المقاوم التي سبقته؛ وهو ما أشار إليه محرر مجلة الدراسات الفلسطينية في استنتاجه لماذا قام خليل الوزير (أبو جهاد) بإتلاف معظم نسخ كراس "حركة فتح: البدايات" وإيقاف توزيعه؛ من أنه يُرجِّح أن ذلك يعود للرغبة في عدم إغضاب ياسر عرفات وصلاح خلف، لأن فترة العمل العسكري في النصف الأول من الخمسينيات لا تشير لدور لهما في ذلك، وتمّت قبل لقائه الأول بعرفات. من ناحية ثانية، فإن أبا جهاد في كراسه الذي أعد سنة 1986 بدا أكثر حذرا في الإشارة إلى الإخوان من مقابلته التي أجراها مع سلوى العمد في 9 كانون الأول/ ديسمبر 1980. (انظر: خليل الوزير، "حركة فتح: البدايات،" مجلة الدراسات الفلسطينية، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، العدد 104، خريف 2015).

وعلى سبيل المثال، في مراعاة الحساسيات، فإن فتحي البلعاوي لم يتطرق في أوراقه لانتخابات الدورة الثالثة لرابطة طلبة فلسطين في مصر؛ ربما (كما أشار معين الطاهر الذي حرر الأوراق) لأنه في تلك السنة ترأس عبد الفتاح حمود قائمة الإخوان في مواجهة قائمة منافسة شكلها ياسر عرفات حيث فازت قائمة الإخوان بكافة المقاعد، لأن البلعاوي عندما تحدث عنها كان لا يرغب في إحراج ياسر عرفات؛ الذي أصبح لاحقا زعيما للشعب الفلسطيني، بينما أصبح البلعاوي نفسه عضوا (وإن كان مؤسسا) في حركة فتح التي يترأسها عرفات. (انظر: معين الطاهر، "بين تأسيس رابطة طلاب فلسطين ومقاومة الإسكان والتوطين: أوراق فتحي البلعاوي،" مجلة أسطور، العدد 5، كانون الثاني/ يناير 2017).

وأخيرا، فليس ثمة "إنجاز" تاريخي كبير من الفكرة التي يريد المقال توصيلها، وإنما هي محاولة بسيطة لوضع بعض النقاط في سياقها التاريخي الصحيح. وعلى كل حال، فليس ثمة كثير فخر الآن لدى فتح بخلفيتها الإخوانية، وليس ثمة كثير فخر لدى الإخوان بخلفية فتح؛ خصوصا أن تأثير الخلفية اقتصر على البدايات الأولى، إذ لم يطل الزمان بفتح إلى أن تحولت إلى حركة علمانية براغماتية بهوية وطنية، ومسارات نضالية واجتهادات سياسية خاصة.

ولعل أبرز درسين من هذه التجربة؛ أن العمل لفلسطين قد يحتمل تخفيف قوة الموجة، لكنه لا يحتمل الانكفاء والانعزال؛ وإن حدث فهو للاستثناء وللضرورة التي تقدر بقدرها. وإن عدم قدرة جماعة الإخوان على استيعاب وتوجيه طاقة مجموعة من أفضل كفاءاتها (لأسباب ذاتية وموضوعية)، قد أدى إلى خسارتها، وإلى ملء هذه الكفاءات للساحة الفلسطينية بطريقة أثَّرت لاحقا على المسار الوطني الفلسطيني. والدرس الثاني هو لأولئك الذين لا ينتبهون إلى ضبط مساراتهم وحسم خطوطهم الحمراء (العقائدية والأيديولوجية)، ويستجيبون للتكتيكات والاعتبارات البراغماتية المصلحية، ويتخففون من التزاماتهم (الدينية والسلوكية والفكرية)، قد يجدون أنفسهم في نهاية المطاف، وقد ابتعدوا عن أهدافهم، وتغيرت معاييرهم، وتضاءلت قيمهم. وربما وجد بعضهم نفسه في أحضان خصومه!!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
القضية الفلسطينية: خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» القضية الفلسطينية: خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة
» كتاب "القضية الفلسطينية: خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة
» القضية الفلسطينية: خلفياتها التاريخية وتطوراتها المعاصرة باللغة الإنجليزية
»  المدن الفلسطينية المحتلة وتاريخها - مدن فلسطين التاريخية قبل النكبة
» القضية الفلسطينية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: قصة قضية فلسطين :: منظمات-
انتقل الى: