دور الأب في بناء الفرد
يوسف السعدي
اللبنة الاساسية في بناء شخصية الفرد، التي يتحدد من خلالها معالم هذه الشخصية والمبادئ والافكار، التي سيكون من خلالها الفرد قناعاته، التي تحدد الاتجاه الفكري الذي ستبناه، وبالتالي مدى فعاليته داخل المجتمع، هي الأسرة، لذلك الاسرة التي يكون الجو العام فيها قائم على المبادى السماوية، التي حددها الخالق سبحانه وتعالى، هي التي يبنى فيها الفرد المسلم افضل بناء، حتى يقوم الفرد بدوره داخل المجتمع على افضل وجه.
وقد اوضحت الكثير من الآيات القرانية أهمية دور الاسرة في تنشئة افراد صالحين في المجتمع. ﴿وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ﴾.
اوضح القران الكريم، الامور المهمة التي يجب ان تغرز في الفرد في مرحله الطفولة، لانها سوف تكون الاساس التي يبنى علية الفرد فيما بعد، وذلك من خلال وصية لقمان الحكيم لابنة.
﴿وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ * وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ * يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ * وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾.
هذه الوصايا هي:
أولا: التحذير من الشرك بالله
إن الشرك بالله سوف يجعل الانسان خاوي من الداخل، لانه لا يمتلك عقيدة راسخة تحمي من الافكار الهدامة التي تدخل المجتمع، وبالتالي سوف يكون متبني لأي فكر دون وعي بهذا الفكر أو أهدافه.
ثانيا: الإحسان إلى الوالدين
هذه الوصية الغرض منها رد جميل الى اصحاب الفضل الاول والاكبر على الانسان، وتبني داخل الانسان ثقاقة رد الجميل، لكل صاحب فضل عليه.
ثالثا: مراقبة الله عزّ وجلّ للإنسان
شعور الانسان بأنه مراقب من الله في كل الاوقات، يجعلة رقيب على أفعاله، ويقاس كل فعل قبل فعله بمقياس رضا الله تعالى.
رابعا: الأمر بإقامة الصلاة
الصلاة هي الشعيرة التي من خلالها يديم العبد اتصاله مع الخالق، ويشعر انه في تواصل دائم معه، وتقوي عقيدته، وبذلك يكون الفرد اكثر صلابة في مواجهه أي افكار.
خامسا: الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر
هذه الوصية هي تعني رفض أي أمر خارج توصيات الخالق، وهي أحد مصاديق استشعار المراقبة الدائمة من الله الى العبد.
سادسا: الصّبر عن الشدائد
عندما لا يتحلى الانسان بالصبر فانه يكون غير فاعل في مجتمعه، لان الحياة ليست دائما سهلة وانما يكون لها جانب صعب، وعندما لا يتحلى الانسان بالصبر ينظر الى الجانب السيئ فقط، وبالتالي يكون فرد على الهامش في الحياة.
سابعا: التّواضع والنّهي عن التكبّر
التكبر عندما يصيب الانسان يجعله يخسر علاقته بخالقة، لأنه لا يستشعر رقابة الله تعالى له، لأنه يرى نفسه أكبر من الآخرين، وبالتالي سوف يخسر علاقته بمجتمعه أيضا.
ثامنا: خفض الصّوت عند التحدّث مع الآخرين
خفض الصوت في الحديث، يعني تنمية الاحترام للآخرين داخل نفسه، وهي من الامور المهمة التي يقوم عليها التواصل بين أفراد المجتمع، بالتالي تكون العلاقة بين الأفراد تفاعلية تنموية وتطويرية للمجتمع.
ان هذه الوصايا القرآنية هي الأساس في بناء شخصية الفرد وجعله فرد مهم في عملية تنمية وتطوير المجتمع