منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 في مواجهة مشروع الضم، على طريق طرد الاحتلال

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

في مواجهة مشروع الضم، على طريق طرد الاحتلال Empty
مُساهمةموضوع: في مواجهة مشروع الضم، على طريق طرد الاحتلال   في مواجهة مشروع الضم، على طريق طرد الاحتلال Emptyالسبت 27 يونيو 2020, 8:43 pm

في مواجهة مشروع الضم، على طريق طرد الاحتلال


(1/2)


فهد سليمان


نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية


لتحرير فلسطين


• أحدثت إدارة ترامب انقلاباً في الدور الأميركي الإقليمي، وانتقلت من موقع الوسيط (غير المحايد وغير النزيه) إلى موقع الشريك لإسرائيل في تبني رؤيتها للحل


• يقوم الانقلاب على معادلة جديدة، تجعل من الدور الإيراني الناهض في الإقليمي خطراً على المنطقة العربية بديلاً للخطر الإسرائيلي


• تستدعي المعادلة الأميركية المسماة «صفقة القرن» حل وتصفية القضية الفلسطينية لإفساح المجال أمام تحالف إقليمي، ينقل العلاقات الإسرائيلية مع بعض الدول العربية إلى مستوى «الشراكات» السياسية


• كشف الشق السياسي لصفقة القرن أن «الضم» هو المحور والعنوان الرئيسي للحل التصفوي للقضية الفلسطينية


• خطت إدارة ترامب خطوات في تطبيق «الصفقة» في قضايا القدس والاستيطان وحق العودة ومكانة اللاجئ وتفويض وكالة الغوث


• استندت «الصفقة» على اعتماد الوقائع المفروضة ميدانياً من قبل الاحتلال أساساً للح بديلاً لقرارات الشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة


•مع ولادة حكومة الثنائي نتنياهو – غانتس دخلت القضية الفلسطينية مرحلة الضم في خطوات تمهيدية طالت عدداً من جوانب العلاقة بين الإدارة المدنية للاحتلال والفلسطينيين


• من شأن الضم أن يخلق وقائع ميدانية جديدة في الواقع القانوني والسياسي لوجود الاحتلال والاستيطان وواقع السلطة الفلسطينية ومستقبل وجودها، وكذلك في العلاقة مع دول الجوار ومستقبل قطاع غزة


• اتخذت المؤسسة الوطنية (الوطني والمركزي) قرارات بالغة الأهمية في مواجهة خطة الضم وصفقة ترامب، تشكل أساساً متيناً لموقف وطني ناهض


)على امتداد ما يزيد بقليل عن ربع قرن من الزمن، بدءاً من مفاوضات مدريد – واشنطن (30/10/1991)، وحتى تنصيب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة (20/1/2017)، تناوب على ملف المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية 4 رؤساء أميركيين: جورج بوش الأب، بيل كلينتون، جورج بوش الإبن، باراك أوباما... وجميعهم فشلوا في الوصول بالصراع الفلسطيني – الإسرائيلي إلى تسوية سياسية.


• رغم انحياز الموقف الأميركي البيِّن إلى الجانب الإسرائيلي، وافتقاده الدائم إلى النزاهة والشفافية والحياد معاً، فإن الإدارات الأميركية المتعاقبة حرصت على الحفاظ على الحد الأدنى من الأسس والمعايير التي أبقت للدور الأميركي موقعه كوسيط مقبول، على عواهنه، من الجانب الفلسطيني الرسمي، ومنها: اعتماد حدود 4 حزيران «مع تبادل متفق عليه للأرض» كأساس لرسم الحدود؛ موقف سلبي من الاستيطان تراوح بين الليونة، كالقول إنه يشكل عقبة أمام الوصول إلى حل، (ما عنى عملياً: القبول به كأمر واقع، مع إبداء عدم الرضا عنه، أو الاحتجاج العابر عليه)؛ وبين التشدد، كالموقف الذي اتخذته إدارة أوباما في مجلس الأمن في تمرير مشروع القرار 2334 (كانون الأول/ ديسمبر 2016) دون إشهار الڤيتو لإسقاطه، وهو القرار الذي يدين الاستيطان، ويعتبره انتهاكاً للشرعية الدولية، ويؤكد على القدس جزءً من الأرض الفلسطينية المحتلة عام 67.


ومن هذه الأسس أيضاً: التمسك بالقرار 242 كأساس ومرجعية للعملية السياسية + حل قضية اللاجئين ضمن خيارات عدة، منها، إلى جانب التوطين (المرفوض بطبيعة الحال)، استيعاب الدولة الفلسطينية لأعداد منهم، مع عودة رمزية، ليس إلا، لأعداد محدودة إلى مناطق الـ 48 + حدود مباشرة لدولة فلسطين مع الأردن، وإن بوجود قوات متعددة الجنسيات على حدود الغور (مقترحات كلينتون)، أو بمرابطة قوات أميركية (مقترحات جون كيري) + القدس موحدة جغرافياً، على قاعدة تقسيم القدس الشرقية سيادياً + الخ..


• لم يقتصر الدور الأميركي على ما ذكر، بل تجاوزه نحو التقدم بثلاث مبادرات، عطلتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، دون استثناء: أ) معايير (parameters) كلينتون في كانون الأول (ديسمبر) 2000، إثر فشل مفاوضات كمب ديڤيد (تموز/ يوليو 2000)؛ ب) عملية أنابوليس (27/11/2007 – مطلع شهر 12/2008) برعاية كوندوليزا رايس، وزيرة الخارجية في الولاية الثانية لجورج بوش الإبن؛ مبادرة جون كيري (2013-2014)، أثناء توليه مسؤولية وزارة الخارجية في ولاية أوباما الثانية.


• كل هذه المواقف والمبادرات (دون أن ننسى «خطة خارطة الطريق» – 2003، التي طواها النسيان، والتي عطلتها حكومة شارون بطرح الشروط الـ 14 التي تقود إلى نسفها)، لم تُثمر ضغطاً فعلياً على الجانب الإسرائيلي، الذي تغطى بالعملية السياسية، في حالتي توقف المفاوضات أو استئنافها، لمواصلة فرض الأمر الواقع بالإستيطان. وفي الوقت نفسه وفّرت العملية السياسية للجانب الأميركي، في معادلات الأطراف العربية المعنية بالمفاوضات، ومعها الجانب الفلسطيني، ميزة موقع «راعي عملية السلام»، بالمكاسب السياسية التي ترتبت عليه.


• بقيت العملية التفاوضية، والجهود السياسية عموماً، تراوح في مكانها، بالنسبة للجانب الفلسطيني، المتراجع تأثيراً في معادلة الصراع؛ بينما هي توفر فرصة تلو الأخرى للجانب الإسرائيلي لبناء وقائع ميدانية، زادت في زرع المزيد من الألغام في حقل العملية السياسية، ما أسهم بمفاقمة تعقيداتها، وانعكس كبحاً لدينامية «الوسيط» الأميركي، وضيّق عليه هوامش الحركة، وصولاً إلى عدم نجاح جهود وزير الخارجية جون كيري في رسم مسار جديد للمفاوضات، يتخطى التعنت الإسرائيلي في رفضه كل المبادرات لوقف الاستيطان، فتحوَّل عدم النجاح إلى فشل مُشهر].


(1)


إدارة ترامب... الإنعطافة الحادة


الدخول في مرحلة الضم


1- مع وصول إدارة ترامب إلى البيت الأبيض، في كانون الثاني(يناير) 2017، شهدت السياسة الأميركية في إقليم الشرق الأوسط الكبير (الممتد من سواحل شرق المتوسط وحتى أفغانستان) انعطافه حادة، عكست نفسها بشكل مباشر وشديد الوضوح، على القضية الفلسطينية بأسس وآليات حلَها (بمعنيي الحل والتصفية في آن معاً)؛ فقد رأت الولايات المتحدة أثناء إعادة رسمها لمعادلاتها السياسية في مدى الإقليم، أن الخطر الذي يتهدد مصالحها ومصالح إسرائيل يأتي من إيران، القوة الصاعدة، المتعاظمة نفوذاً في الإقليم، فألبسته لبوس «الإرهاب»، أخذاً بتصنيفات ما بعد 11/9/2001، وعملت من أجل إقامة اصطفاف عربي على هذا النسق، ما تطلب – بدوره – التأسيس لتحالفات (وبالحد الأدنى تقاطعات) تضم تحت مظلتها إسرائيل وبعض الدول العربية.


• في السياق نفسه، رأت الإدارة الأميركية أن القضية الفلسطينية تشكل العقدة الكبرى في طريق بناء التحالفات الإقليمية آنفة الذكر، وأن حل هذه العقدة يشكل شرطاً لازماً لإنجاح مشروعها. من هنا، سارعت الولايات المتحدة، في مؤتمر الرياض، في أيار (مايو) 2017، وبحضور الرئيس الأميركي وممثلي 55 دولة عربية ومسلمة إلى الإعلان، وتبني ما بات يُعرف ويُعرَّف بـ «صفقة القرن» بمساريها: الإقليمي، الرامي إلى إقامة حلف على امتداد المنطقة لمواجهة النفوذ الإيراني ودحره إن أمكن، ومن أطرافه إسرائيل إلى جانب بعض الدول العربية؛ والفلسطيني، من خلال التقدم على طريق حل القضية الفلسطينية والصراع الإسرائيلي، واستتباعاً العربي – الإسرائيلي، لإزاحة العقبات أمام التطبيع العربي – الإسرائيلي، وقيام الحلف الإقليمي، مع التنويه إلى أن التطبيع، أو بناء شراكات(!)، هما التسمية الملطَّفة لعلاقات ذات طابع استراتيجي أمني واقتصادي، بين إسرائيل وبين دول عربية بعينها؛ لا بل يذهب البعض (كما حمد بن جاسم، رئيس الحكومة الأسبق في قطر) إلى أن الخطوة التالية بعد الإعلان عن «صفقة القرن»، ستكون «إتفاقية عدم اعتداء بين إسرائيل ودول مجلس التعاون الخليجي»، التي ترتفع عن سوية التطبيع، دون أن ترقى إلى مستوى «معاهدة سلام».


2- قامت الاستراتيجية الأميركية لتطبيق «صفقة القرن» في مسارها الفلسطيني على قاعدة نسف قرارات الشرعية الدولية كأساس للتسوية السياسية، والقبول بالواقع كما هو على الأرض، كحقائق ينبغي التسليم بها لإطلاق العملية السياسية، لا بل إنجازها بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي. وقد جرى تقديم هذه «الصفقة» التي تحوَّلت إلى «رؤية» يتم الإفراج عن عناصرها على دفعات، كل واحدة تقدم لما يليها، عبر 3 محطات رئيسية:


·        الأولى، في 6/12/2017، بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل، ونقل سفارة الولايات المتحدة إليها (14/5/2018)، ودمج القنصلية الأميركية في القدس الشرقية في السفارة، وتحويل وظائفها إلى ملاكاتها، توحيداً للتمثيل الأميركي في المدينة، باعتبارها موحدة وتحت السيادة الإسرائيلية، واعتماد السفارة القناة الوحيدة للعلاقة مع السلطة الفلسطينية، بعد أن كانت القنصلية تضطلع بهذا الدور.


·        الثانية، في 25 و26/6/2018، بانعقاد الورشة الإقتصادية في المنامة، عاصمة البحرين، تحت شعار «السلام من أجل الإزدهار»، باعتبارها الشق الإقتصادي من «صفقة القرن»، والحل الإقليمي للصراع في المنطقة، في استعادة لمشاريع أميركية سابقة وتطويرها، عبر اعتماد الحلول والرُشى الإقتصادية، مدخلاً ضاغطاً لمعالجة قضايا بعض الدول في الإقليم، وخاصة تلك الغارقة في الديون الخارجية.


أما فيما خص الجانب الفلسطيني، فإن المشروع المقدم يلتقي مع مشروع نتنياهو لما أسماه (منذ العام 2009) «الحل الإقتصادي» للقضية الفلسطينية، بدعوى أن هذا الحل يعوِّض عن التمسك بالحقوق الوطنية، فيضحى تعميم الرخاء بين الشعوب(!) هو البديل للصراع حول الأرض، والمياه، والسيادة، والحقوق الوطنية، وتقرير المصير.. في المنطقة.


وكان لورشة البحرين تداعياتها السياسية، باعتبارها شكلت مدخلاً لمرحلة جديدة من التطبيع المعلن، حين حضرت الورشة بعض الوفود العربية إلى جانب الوفود الإسرائيلية التي اتخذت لنفسها صفات مختلفة.


·        الثالثة، في 28/1/2020، بالإعلان الرسمي عن الشق السياسي لـ «رؤية ترامب» (صفقة القرن)، في مؤتمر صحفي عقده الرئيس الأميركي في البيت الأبيض بمشاركة نتنياهو، ومحورها تصفية القضية الوطنية الفلسطينية بكافة جوانبها الوطنية التحررية، في إطار حق تقرير المصير لشعب يناضل من أجل حقوقه، من خلال إقامة معازل حكم إداري ذاتي محدود الصلاحيات في جوف دولة إسرائيل الكبرى. ويشكل «الضم» العنوان الرئيسي لهذا الحل التصفوي، الذي يساوي ضم ثلث الضفة الغربية إلى الكيان الإسرائيلي.


3- تخلل هذه المحطات الرئيسية، وتبعها سلسلة من المواقف والخطوات العدائية تجاه الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، تمثلت بما يلي: أ) إغلاق مفوضية م.ت.ف في واشنطن؛ ب) قطع المساعدات الإقتصادية عن السلطة الفلسطينية؛ ج) إضفاء الصفة الشرعية على الاستيطان من خلال ما بات يُعرف بـ «عقيدة بومبيو»؛ د) الإعلان عن سلسلة مواقف تقود إلى تصفية قضية اللاجئين.


• في موضوع الاستيطان، أسبغت الإدارة الأميركية عليه شرعية قانونية باعتباره «لا يتناقض مع القانون الدولي» على الضد من الرأي القانوني الصادر عن الخارجية الأميركية عام 1978، الذي يصف بشكل قاطع بوضوحه أن المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67 «تتعارض مع القانون الدولي». وفي هذا السياق أتى تصريح مايك بومبيو، وزير الخارجية: «في ضوء الوضع الخاص الذي تنطوي عليه الحقائق، التاريخ والظروف الناشئة في إقامة مستوطنات مدنية في الضفة الغربية، نحن لن نرى بعد اليوم في المستوطنات الإسرائيلية – بحد ذاتها – per se - موضوعاً لا ينسجم مع القانون الدولي» (18/11/2019).


أما ديڤيد فريدمان، السفير الأميركي في إسرائيل، فهو يمضي أبعد من هذا عندما يعتبر أن الفلسطينيين في الضفة مجرد «مقيمين»، إضافة إلى أن فلسطين هي أرض إسرائيل (في كلمته أمام مركز بيغن للدراسات، في 8/1/2020). وهذا، كما جرت الإشارة، ما بات يعرف بـ «عقيدة بومبيو».


• أما في قضية اللاجئين، فقد اقدمت الإدارة الأميركية على الخطوات التالية: أ) الدعوة لإعادة تعريف اللاجيء الفلسطيني ليقتصر على مواليد فلسطين ما قبل 1984، وبالتالي نزع المكانة السياسية – القانونية عن سائر اللاجئين؛ ب) وقف المساهمة الأميركية في تمويل موازنة وكالة الغوث، والضغط على المانحين ليحذوا حذوها بهدف الوصول إلى تجفيف مواردها، ونقل وظائفها وخدماتها إلى الدول المضيفة؛ ج) الضغط على الأمم المتحدة بعدم التجديد لتفويض الوكالة، عملاً بالقرار 302، ما يؤدي إلى حلها رسمياً.


4- الإعلان عن «رؤية ترامب» في 28/1/2020، نقل موضوع الضم في الحياة السياسة الاسرائيلية من الهامش إلى المتن، وشهدت تلك السياسة القائمة على الإستعمار الاستيطاني، أي الإستيلاء على الأرض كأولوية مطلقة، نقلة، اتسمت بمزيد من السُعار في نزعتها التوسعية.


• لم تتوقف الإدارة الأميركية عند حدود مباركتها للضم، الذي وسَّعت دائرته ليشمل أراضي الجولان السوري المحتل عام 67، بل انتقلت إلى كونها شريكاً في رسم الخرائط من خلال اللجنة المشتركة الأميركية – الإسرائيلية التي عُهد إليها، بدءاً من 15/2/2020، رسم خطوط الضم في أنحاء الضفة، والفواصل بين مناطق إسرائيل الكبرى، وبين «الكيان الفلسطيني» المحتجز خلف قضبانها.


ورداً على المواقف الدولية التي أجمعت على رفض الضم من روسيا إلى الصين، مروراً بالاتحاد الأوروبي والطيف الأوسع دولياً، تحدى وزير خارجية الولايات المتحدة إرادة المجتمع الدولي (13/5/2020) بالإدعاء: «أن من حق إسرائيل أن تقرر فرض سيادتها على المستوطنات».


• وهكذا تكون القضية قد دخلت مرحلة الضم، ليس في حدود الإعلانات السياسية لأركان الإدارة الأميركية ولبنيامين نتنياهو فحسب، بل أصبح مشروع الضم هو خطة عمل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، بين الثنائي نتنياهو – غانتس، تم التأكيد عليه في أول اجتماع لها في 17/5/2020، وعلى أساسه نالت ثقة الكنيست بـ 73 صوتاً، وقد أعلن نتنياهو شهر تموز(يوليو) 2020، موعداً للبدء في تنفيذ المشروع، دون أن يعني ذلك أن سلسلة إجراءات إدارية وميدانية لم تسبق هذا الموعد، وبدأت تمهد له، ومنها على سبيل المثال، ربط المستوطنات في الضفة الفلسطينية ببعض وزارات حكومة الاحتلال مباشرة، كشكل من أشكال بسط السيادة الإسرائيلية على المستوطنات؛ كما شرعت الإدارة المدنية للاحتلال في فتح خطوط العلاقة اليومية مع بعض بلديات الضفة، كاستيفاء رسم الكهرباء والماء مباشرة منها، وليس عبر منسق الإدارة المدنية في حكومة السلطة. ومن هذه الدلالات، أيضاً، تحريم رفع العلم الفلسطيني في مناطق الأغوار، والشروع في هدم عدد من الأبنية والمنازل وتهجير سكانها في سياق تقليص الوجود الفلسطيني في المناطق المرشحة للضم.


5- تتهيأ إسرائيل لضم مناطق في الضفة الغربية بأسلوب تدرجي، يبدأ بالكتل الاستيطانية الرئيسية (أريئيل، غوش عتسيون، معالي أدوميم، ...)، ضمن تقدير أن ردود الفعل الخارجية على هذا الضم ستكون قابلة للامتصاص، كون الكتل المذكورة تنتمي إلى فئة الأراضي التي ستؤول إلى إسرائيل في إطار عملية «تبادل الأراضي»، المسلم بها – حتى من الجانب الفلسطيني المفاوض - كأحد مرتكزات الحل التفاوضي، حتى لو اعترض الجانب الفلسطيني على هذا، متذرعاً بمنطق: «مالم نتفق على كل شيء، لا نكون قد اتفقنا على شيء»، الذي يبقى تأثيره متواضعاً في عالم تقرر فيه نسبة القوى، وتحسم بمخرجات السياسة.


• في كل الأحوال، فإن الدخول إلى مرحلة الضم التي تختلف نوعياً عن كل ما سبقها، سيخلق وقائع جديدة، فهو:


أ) يغيِّر في الواقع القانوني والسياسي والعملي للمستوطنين ولمناطق الضم، التي كانت تحت الحكم العسكري، وليس للتشريع الإسرائيلي مفعول مباشر فيها (بما فيه المستوطنات)، فيضحى القانون الاسرائيلي يسري عليها كما يسري في دولة إسرائيل، الأمر الذي – من بين أمور أخرى – يُسَهِّل إجراءات مصادرة الأراضي الفلسطينية لصالح توسيع خارطة الإستيطان.


ب) يغيِّر في واقع السلطة الفلسطينية، لجهة تقليص مساحة ولايتها وصلاحياتها الإدارية، وتشجيع المواطنين الفلسطينيين، تحت قوة الأمر الواقع، لتجاوز مؤسسات السلطة ووزاراتها، والتعامل مباشرة مع الإدارات الإسرائيلية في ظل وضعهم «القانوني» الملتبس، كمقيمين على «أرض» إسرائيل. وهذا يعني – في المدى المنظور على الأرجح – المزيد من التقليص في صلاحياتها، ودورها، ووثوق علاقتها بمواطنيها.


ج) يغيِّر في العلاقة مع بلدان الجوار، وبشكل خاص مع الأردن، خاصة بعد أن تتحول الحدود بموجب القانون الإسرائيلي إلى حدود أردنية – إسرائيلية، وليس إلى حدود أردنية - فلسطينية؛ وكذا الأمر بالنسبة لعلاقة غزة مع مصر.


د) سينعكس سلباً على استقرار عدد من بلدان الجوار المباشر، كما وعلى أوضاع اللاجئين في الدول المضيفة على ضوء رد فعل هذه الدول على الوقائع المستجدة، التي تؤشر إلى تعزيز فرص تطبيق مخطط التوطين (وفي امتداده التهجير).


(2)


الرد الفلسطيني في حسابات المؤسسة الوطنية


 ) قبل الإنتقال إلى معاينة الرد الفلسطيني على قرار الضم، نجد فائدة من استعادة وقائع قريبة العهد، بغرض تسليط الضوء على ما يجب تجنبه في المواجهة الحالية لمخطط الضم شديد الخطورة، باعتباره أعلى مراحل الاستعمار الاستيطاني، القائم على الاستيلاء على الأرض أولاً وأخيراً، و«التخفف» من أعباء الأصلاء من أبنائها؛ ومن هذه الزاوية بالذات لا يختلف الاستعمار الاستيطاني بطبعته الصهيونية، عن طبعات أخرى شهدها التاريخ في الأميركيتين، واستراليا، ونيوزيلندا، وجنوب إفريقيا، وروديسيا، والموازمبيق، والجزائر، ... في تعاطيه مع أبناء البلد الأصليين، حيث ميزان القوى المحلي، والإقليمي، والدولي، هو الذي كان يحسم بمآل الصراع: تطهير عرقي كما في حال الأميركيتين؛ أم نزوح المستوطنين الغزاة كما في حال الجزائر، روديسيا، الموازمبيق؛ أم عيش مشترك بين مختلف المجموعات العرقية، تندمج بمكوناتها تحت مظلة «الوطنية الدستورية» في صيغة شعب واحد على قاعدة المواطنة، والمساواة في الحقوق والواجبات، كما هو حال جنوب إفريقيا؛ أم أي صيغة أخرى، فبطن التاريخ ولاّد كما نعلم، ولكننا نؤكد أن معطيات الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي مهما تَعَرَّجت مساراتها يميناً أو يساراً، أو تموَّجت صراعاتها هبوطاً أو نزولاً، فهي تؤشر في محصلة خطها الرئيسي إلى تقدم الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني، وانتصارها في نهاية المطاف مهما بلغت الصعوبات التي يواجهها راهنا(.


• بعد توقف المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية بشكل كامل في نيسان (إبريل) 2014، احتل موضوع العلاقة مع سلطة الاحتلال والاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل موقعاً متقدماً على جدول أعمال الهيئات القيادية لمنظمة التحرير. وفي هذا السياق أتت القرارات ذات الصلة التي صدرت تباعاً عن دورات المجلس المركزي: الـ 27-5/3/2015؛ الـ 28-15/1/2018؛ الـ 29- 17/8/2018؛ الـ 30- 29/10/2018. (راجع النص الكامل لهذه القرارات في الفصل بعنوان: «في تحديد العلاقة مع سلطة الإحتلال – قرارات المجلسين المركزي والوطني»، ص 239-245 من كتاب «ملفات فلسطينية (1/2): اللاجئون.. المجلس المركزي»، الذي يحمل الرقم 36 في سلسلة «الطريق إلى الإستقلال»، الصادر عن المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات (ملف)، ط1: كانون الثاني(يناير) 2020).


• وفي السياق نفسه، نشير إلى القرارات بالغة الأهمية التي صدرت عن الدورة 23 للمجلس الوطني الفلسطيني (30/4/2018)، ومنها ما ورد تحت عنوان «ثانياُ- العلاقة مع سلطة الاحتلال (إسرائيل)» - الفقرة 2، القائمة على 8 بنود، لا يقل أي بند منها أهمية عن الآخر، نكتفي بإيراد نص 4 بنود منها، لمدلولها الساطع: «(...) إن المجلس الوطني:


«أ) يعلن أن الفترة الانتقالية التي نصت عليها الاتفاقات الموقعة في أوسلو والقاهرة وواشنطن، بما انطوت عليه من التزامات، لم تعد قائمة.


«د) يكلف اللجنة التنفيذية بتعليق الاعتراف بإسرائيل إلى حين اعترافها بدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران(يونيو) 67، وإلغاء قرار ضم القدس الشرقية ووقف الاستيطان.


«ه) يؤكد على وجوب تنفيذ قرار المجلس المركزي في دورتيه الأخيرتين (الـ 27، والـ 28) بوقف التنسيق الأمني بكافة أشكاله والتحرر من علاقة التبعية الاقتصادية التي كرسها بروتوكول باريس، بما في ذلك المقاطعة الاقتصادية لمنتجات الاحتلال، بما يدعم استقلال الاقتصاد الوطني ونموه، ويؤكد المجلس ضرورة التزام اللجنة التنفيذية ومؤسسات دولة فلسطين بالمباشرة في تنفيذ ذلك.


«ج) تبني حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الإستثمارات منها ودعوة دول العالم إلى فرض العقوبات على إسرائيل (B.D.S) لردع انتهاكاتها الصارخة للقانون الدولي، ولجم عدوانها المتواصل على الشعب الفلسطيني».


• وقد شكلت في حينها، لتطبيق هذه القرارات، وبالتتابع، 9 لجان، بقيت حصيلة عملها معلقة وحبيسة الأدراج، لأسباب تلاقت فيها عوامل عدة، منها الذاتي: الافتقاد إلى الإرادة السياسية، الانقسام، عدم وجود مركز قيادي واحد لعموم الحركة الفلسطينية قادر على تحمل مسئولية إدارة معركة فائقة التعقيد؛ ومنها الموضوعي، الناجم عن طبيعة بنية السلطة الفلسطينية، الخاضعة في القضايا الرئيسية الضرورية لحياة أي مجتمع وأي كيان سياسي لقرار الاحتلال؛ ومنها أخيراً، الظرف السياسي السائد عربياً وفي الإقليم، والذي يتوزع بين متساوق مع السياسة الأميركية، أو العاجز عن مواجهتها، أو المستغرق بشئونه الداخلية، الخ...■
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

في مواجهة مشروع الضم، على طريق طرد الاحتلال Empty
مُساهمةموضوع: رد: في مواجهة مشروع الضم، على طريق طرد الاحتلال   في مواجهة مشروع الضم، على طريق طرد الاحتلال Emptyالسبت 27 يونيو 2020, 8:47 pm

في مواجهة مشروع الضم، على طريق طرد الإحتلال

(2/3)


(3)

الرد الفلسطيني في حسابات السلطة

1-■ سريعاً، جاء الرد الفلسطيني الرسمي على قرار الضم الذي اتخذته الحكومة الإسرائيلية الجديدة في اجتماعها الأول (17/5/2020)، ففي 19/5 أصدرت القيادة الفلسطينية بياناً، عكس البند التالي أهم ما فيه: «إلتزاماً بقرارات المجلسين الوطني والمركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، فإن القيادة الفلسطينية تقرر اليوم مايلي: أولاً – إن م.ت.ف. ودولة فلسطين قد أصبحت اليوم في حلٍ من جميع الاتفاقيات والتفاهمات مع الحكومتين الأميركية والإسرائيلية، ومن جميع الإلتزامات المترتبة على تلك التفاهمات والاتفاقات، بما فيها الأمنية».

 ■ قرار 19/5، لا نملك أمامه سوى أن نعود بالذاكرة إلى قرار القيادة الفلسطينية قبل حوالي العام (في 25/7/2019 بالتحديد)، وفيه: «قررنا وقف العمل بالإتفاقات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي، وتشكيل لجنة لتنفيذ ذلك، عملاً بقرار المجلس المركزي». والمعروف أن هذا القرار لم ينفذ، أسوة بقرارات المؤسسة الوطنية الأعلى، ممثلة بالمجلسين الوطني (الدورة 23)، والمركزي (في 4 دورات متعاقبة: 27 + 28 + 29 + 30)؛ وعليه، يُصبح من الطبيعي أن يُطرح على أوسع نطاق، سؤال بشقين: هل سينفذ قرار 19/5، وكيف؟

2-■ في سياق الإجابة على هذا السؤال، نؤكد أن قرار 19/5 (مع أنه دون قرارات المؤسسة الوطنية بمجلسيها، وافتقاده إلى التحديد والملموسية، التي بات يتطلبهما الوضع المستجد)، يشكل خطوة مهمة على المستوى السياسي الوطني العام، لأنه – في حال الشروع بتطبيقه – يضع الحالة الفلسطينية على سكة الخلاص من أوسلو ومتفرعاته، لكن العبرة تكمن – كما كانت على الدوام – في التنفيذ، وفي المدى الذي سيأخذه هذا التنفيذ.

■ الإنتقال إلى التنفيذ يضع عموم الحالة الوطنية أمام عديد التساؤلات، قد يكون أهمها، مدى قدرة السلطة الفلسطينية، المقيَّدة بالإتفاقات والتعهدات والتفاهمات والإلتزامات، فضلاً عن وقائع الميدان، على تنفيذ قرار 19/5 بكل منطوياته، إن في مواجهة ردود الفعل الإسرائيلية بشأن وقف التنسيق الأمني، أو في القدرة على التقدم في موضوع الإنفكاك عن بروتوكول باريس، في وقت مازالت التجارب السابقة ماثلة للعيان، حين اضطرت السلطة للتراجع عن خطوات كانت قد اتخذتها في هذا السياق؛ كما حصل مع تجربة أموال المقاصة، حين رفضت السلطة تسلمها منقوصة، ثم اضطرت – تحت ضغط الظرف المالي – للتراجع عن قرارها؛ أو كما حصل مع تجربة استيراد العجول، حين وجدت السلطة نفسها مرغمة على اعتماد الموافقة الإسرائيلية، ممراً إجبارياً لكل عمليات الاستيراد والتصدير على مختلف أنواعها.

3-■ هذه التساؤلات، وغيرها مشروعة، ليس – وحسب – على خلفية القرارات المتخذة ولم تطبق، بل وأيضاً لسببين:

·        أولهما، أن قرار 19/5 قد صدر بعد سنتين ونصف السنة(!) من الإعلان الرسمي عن الفصل الأول لـ «صفقة القرن» (6/12/2017)، أي بعد أن كانت الصفقة قد قطعت شوطاً مهماً في استكمال عناصرها، مهَّدت المسرح السياسي الإسرائيلي والأميركي للصعود إلى ذروة الصفقة في اعتماد خطط وآليات الضم، وتحديد ساعة الصفر للشروع في التطبيق.

لقد أهدرت السلطة الفلسطينية في سلوكها سياسة المراوحة في المكان، والرهانات الفاشلة، والسياسات الإنتظارية عموماً، العديد من الفرص، للرد على «صفقة القرن» وخطواتها التطبيقية؛ كذلك أهدرت السلطة حالة النهوض المجتمعي في الضفة الغربية، وفي القلب منها القدس، وأعمال المقاومة التي جرى التعبير عنها بأساليب وأشكال نضالية مختلفة، وحالة الصمود لقطاع غزة وتضحياته في مسيرات العودة وكسر الحصار، ولم تبنِ على هذا الصمود ما كان يتوجب أن تبنيه، ما يعني – بالنتيجة – أن الحالة السياسية المجتمعية في المناطق المحتلة عام 67، سبقت السلطة في ميدان المجابهة، رغم أنها كانت تفتقر إلى الغطاء السياسي الوطني الذي تقاعست السلطة، كما فشلت الفصائل في توفيره لها.

·        وثانيهما، أن قرار 19/5 مازال يفتقر إلى الحدود الواضحة لأبعاده التطبيقية، خاصة وأن النقاشات التي شهدتها الأطر الوطنية أبقته في حدوده الدنيا، في ظل حذر شديد، ألّا يؤدي إلى الصدام مع الإحتلال، أو أن يشكل عنصراً لتفجير الحالة الشعبية، ما يفقد السلطة القدرة على السيطرة على حدود المجابهة الميدانية مع سلطات الإحتلال. ولعل بعض البيانات الصادرة عن مراجع ودوائر سياسية معروفة، عبَّرت عن ذلك عندما أبدت قلقها وتخوفها مما وصفته بالذهاب إلى الفوضى في مواجهة الإحتلال؛ كما لم تخفِ بيانات رسمية صدرت عن اللجنة التنفيذية أو عن وزارة خارجية السلطة، حدود موقفها، حين أضفت صفة «السلمية»، التي نعتبرها نافلة، على «المقاومة الشعبية»، لأن مصدر العنف الوحيد الظاهر على سطح الفعاليات الشعبية المناهضة للإحتلال، هو الإحتلال نفسه (بجيشه، وأمنه، ومستوطنيه)، ولا أحد سواه.

4-■ تقف حركة حماس صفاً واحداً مع سائر القوى الفلسطينية في مناهضة مشروع الضم. هذا ما عبّرت عنه مواقفها، وتصريحات قيادتها التي تعهدت (ومعها الجهاد الاسلامي) باستئناف عمليات المقاومة، الأمر الذي يأخذه العدو على محمل الجد، ويتحسب له، عكس ما هو قائم بالنسبة لمحترفي إطلاق تصريحات «الردود المزلزلة».

غير أن هذا الموقف ليس كافياً، ولن يكون كذلك، حتى بعد اقتران القول بالعمل، لأن موقع حماس المتميِّز في التشكيلة الوطنية، يتطلب أن تكون صاحبة مبادرة سياسية، سيّما في المحطات الوطنية الفاصلة، الأمر الذي لم يحصل في السابق، ولا هو مرئي في الراهن.

ثمة اعتبارات عدة تفسر هذه الحالة الانتظارية التي تتشارك فيها حماس مع السلطة، وإن من موقع القطب الآخر، إعتبارات قد يكون من بينها توقع، أو انتظار حصول، تغيّرات ذات شأن في الوضع الفلسطيني الداخلي، تؤدي إلى تعزيز دور حماس في القرار الوطني؛ لكن المؤكد أن من بين أهم هذه الاعتبارات، هو غيابها عن الإطار الوطني الجامع، الذي وحده يوفر شروط الإفراج عن دورها في دائرة الفعل الوطني المشترك.

5-■ بعد أن نال قرار 19/5 موافقة جميع القوى، التي اعتبرته صالحاً لتوحيد الجهد الوطني في مواجهة مخطط الضم، يتقدم إلى الواجهة السؤال حول مدى قدرة الحالة الفلسطينية، في «واقعها الراهن»، على تحمل أعباء ما يترتب على هذا القرار من أعباء. وعلى هذا نجيب بنعم كبيرة، إنما بنعم معلقة على شرط تخليص «واقعنا الفلسطيني» من جوانب خلل بنيوية، وجوانب ضعف رئيسية، وهذا أمر – على صعوبته – ممكن التحقيق، شرط أن تندرج المهام المشتقة من قرار 19/5 في سياق استراتيجية وطنية، لا تقتصر على إجراءات وردود فعل ترتكز على نشاطات مبعثرة ومتقطعة، تواكبها تصريحات تنتقص من مصداقية بعض القرارات المتخذة، كما الحال – على سبيل المثال – بالنسبة لقرار يشكل حجر الزاوية في برنامج المواجهة، ألا وهو وقف التنسيق الأمني، الذي انتقصت من قيمته، لا بل شككت بجديته تصريحات على غرار: «لن نسمح بأي عمل عسكري، وسنمنعه، ونعتقل مرتكبيه»(!!)■

(4)

3 قضايا مطروحة للإجماع الوطني

[■ مواجهة «صفقة القرن» في مسارها الفلسطيني، ومن ضمنها ما يِمَسْ بالضم، تأتي في سياق مواصلة النضال ضد مشروع الاستعمار الإستيطاني الذي يستهدف الإستيلاء على الأرض، ومن خلال ذلك اقتلاع الشعب، وتصفية الكيان، وصولاً إلى الإعدام السياسي (politicide). من هنا الشعار التعبوي الذي لخَّص أهداف المشروع الصهيوني منذ بدايته: «أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض».

■ تأسست دولة إسرائيل على مراحل، وعلى أنقاض فلسطين، شعباً وكياناً: في البدء كان «وعد بلفور»-1917 على يد بريطانيا؛ تلاه «صك الانتداب» على يد عصبة الأمم: إعلاناً-1922، فمصادقة-1922، وتنفيذاً-1923؛ ثم «قرار التقسيم»-1947 على يد الأمم المتحدة، فإعلان دولة إسرائيل-1948، الذي اعقبه احتلال ما تبقى من أرض فلسطين-1967؛ وحالياً، يجري الإعداد للتأسيس الثاني لدولة إسرائيل، «إسرائيل الكبرى».

■ مازالت المواجهة التي افتتحت قبل مئة عام، تتوالى فصولاً بين الاستعمار الصهيوني من جهة، وبين الشعب الفلسطيني وحركته الوطنية من جه أخرى، مواجهة انحكمت باستمرار لـ 3 معادلات: بقاء≠  اقتلاع؛ هوية وحقوق وطنية≠  إعدام سياسي؛ م.ت.ف≠  إمحاء كياني. عدونا يريدها حرباً وجودية – إلغائية – صفرية؛ وشعبنا مازال يراها بأفق حقه في تقرير مصيره بحرية على كامل ترابه الوطني في إطار دولة موحدة، تقوم على المساواة بين مواطنيها.

 ■ على سؤال: لماذا استعادة هذه الأمور المعروفة، التي هي جزء لا يتجزأ من الذاكرة الفلسطينية الحيَّة؟ نجيب: لأنها راهنة، والأهم هي ضرورية، لما يُستخلص منها من سياسات، وفرضيات عمل، وتوجهات، ما يعني أن الخطأ في الإشتقاق يقود إلى خطأ في التقدير السياسي، ينعكس – بدوره – سلباً على استراتيجية العمل، الخ... ما اقتضى – فيما يتبع – تناول بعض القضايا يُجملها عنوان: الضم - «قانونياً» كان، أم بالأمر الواقع - يُدخل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي في مرحلة نوعية جديدة، مجال حسمها الأهم هو الميدان:]

1-■ يؤذن مخطط الضم ببدء مرحلة جديدة، مرحلة عليا من مراحل الإستعمار الإستيطاني، سواء أُعلنت خرائطه، أم بقيت في الأدراج؛ سواء نتجت عن مفاوضات، أو حُسمت بإسقاطات؛ وبغض النظر عن تأجيل، أو مَرْحَلِة، أو تقليص مساحة التطبيق، التي نعتبرها، وغيرها، واردة. الضم ليس محطة في السياق الإستيطاني، التهويدي المعهود، بل افتتاح لسياق جديد، لمرحلة أكثر توحشاً للإستعمار الإستيطاني، من أي وقت مضى، مستذكرين أن عديد الخطوات التي تصب في عملية الضم قد اتخذت، وطبقت، وباتت في عهدة يوميات ما يسمى بـ «الضم الزاحف».

■ إن الضم ليس خطوة سياسية – ميدانية قائمة بذاتها، يُمكن العدول عنها بقرار، ولا تنطبق عليها قاعدة: كما أتت، ترحل؛ هي جزء مكوِّن من «صفقة القرن» بمساريها الإقليمي والفلسطيني، تحكمها فلسفة سياسية (مع احتمال تشربها رؤيا إيمانية)، ورؤية استراتيجية، ومصالح عليا أمنية واقتصادية لترتيب وإعادة تنظيم أوضاع الإقليم للعقود القادمة. إن إسقاط «مشروع الضم» وإلحاق الهزيمة به، أمر ممكن لا ريب، إنما يأتي في سياق بدء تراجع المرحلة التي ينتمي إليها، وصولاً إلى اندحارها المحتم.

2-■ إن المرحلة التي يجتازها النضال الوطني الفلسطيني، هي مرحلة تحرر وطني، وليست – كما شاع الرأي في ساحة العمل الوطني لدى أوساط نافذة، ومن جاراها في ذلك، ولو إلى حين – مرحلة انتقالية، أو وسيطة، يفصلها عن إدراك الدولة المستقلة، استكمال المسار التفاوضي، بالتوازي مع بناء المؤسسات بمقاييس الدولة الناجحة، ومدعومة بما يسمى «تدويل القضية» (أي: توسيع دائرة الإعتراف بالدولة المستقلة على حدودها وبعاصمتها + إكتساب عضوية المؤسسات الدولية + اعتراف مؤسسات الشرعية الدولية بالدولة المستقلة وسائر الحقوق الوطنية + الإفادة من أدوات العدالة الدولية لمعاقبة دولة الإحتلال، إسرائيل على انتهاكاتها المستدامة + ...).

■ إن إستعادة الإجماع الوطني على تعريف طبيعة المرحلة، وسمتها الأساس، بما يترتب عليه من أولويات ومهام، هو أحد المداخل الأهم لأي مشروع، - شرط إسناده بحوامل وطنية- للمجابهة، وإفشال «صفقة القرن»، ومقاومة مشروع الضم، ومواصلة المسيرة الوطنية، ما يعني – ومعذرة للإلحاح – أن القضية الوطنية الفلسطينية، مازالت تعيش مرحلة التحرر الوطني (بـ الـ التعريف)، في ظل احتلال واستعمار استيطاني، يرفض الإعتراف بحقيقة الشعب الفلسطيني، وبحقوقه الوطنية المشروعة، كما تكلفها قرارات الشرعية الدولية، وفي ظل مشروع أميركي للحل، يقود إلى تصفية القضية الوطنية الفلسطينية، وإلى إعلاء الرواية الصهيونية للصراع، ما يلغي من الوجود فلسطين وشعبها، مقابل الإدعاء أنها أرض إسرائيل، ووطن الشعب اليهودي، ووطن يهود العالم، كما نص على ذلك «قانون القومية» العنصري (المعروف أيضاً باسم «يهودية الدولة»).

3-■ افتتحت «صفقة القرن» مرحلة جديدة في المجابهة في فلسطين، وعلى مدى الإقليم، بين مشروعين، لكل منهما استراتيجيته: مشروع تجديد الهيمنة الأميركية بالإعتماد على إسرائيل ومن يصطف معهما (تقاطعاً، تحالفاً، أو استتباعاً)، من جهة؛ مقابل مشروع التحرر الوطني، وإعادة بناء الدولة الوطنية، من جهة أخرى.

مواجهة هذا المشروع بحلقته الرئيسية المتمثلة بـ«صفقة القرن»، تلقي على عاتق الشعب الفلسطيني وحركته الوطنية عموماً، مهام جساماً في سياق مرحلة التحرر الوطني، تستدعي أولوية العودة الكثيفة إلى الميدان، إلى المقاومة بجميع السبل والأشكال المتاحة، فالعملية السياسية، وإن توقفت، بعد أن توقف الجهد الأميركي في نيسان (إبريل 2014)، فإنها – في حقيقة الأمر - كانت متوقفة، سياسياً وعملياً، منذ تموز (يوليو) 2000، ولن تقيلها جثة «الرباعية الدولية» بكل تأكيد، من الحفرة العميقة التي سقطت فيها.

■ أما الرهان على ثني إسرائيل عن قرارها في المضي بالإجراءات القانونية والعملية التي تستوجبها مرحلة الضم، من خلال الضغوط الدولية (باعتبار السعي لاستحضار الضغط العربي كالنفخ في قربة مقطوعة)، إن أفلحت، فلن تتعدى حدود القشور، ولن تؤثر على صلب الموضوع. مرحلة الضم، ومواصلة التقدم في شعابها، باتت جزءً أساسياً في الحياة السياسية داخل إسرائيل، واستقرت في قلب التوازنات الداخلية في المجتمع اليهودي، والعنوان الأول على جدول أعمال مجالس المستوطنات، وأحزاب اليمين على مشاربها، لا بل حتى بعض تشكيلات الوسط، وحتى الآن لم ترتسم معالم معارضة جدية له (باستثناء، قوى «القائمة المشتركة») بل – في أفضل الحالات – تُبدى ملاحظات على بعض جوانبه (مداه، توقيته، مرحلته، التناسب بين الجانب القانوني وبين الجانب التطبيقي العملي فيه، إلخ ...).

■ إن العودة الكثيفة إلى الميدان، هي التي تعيد إلى عملية التدويل الألق الذي تتحول بدونه عملياً، إلى حقل للعلاقات العامة محدود الفائدة. وإلى التدويل نضيف – على رأس القائمة - حملة الـ BDS، التي لم تولِها المرجعيات الرسمية ما تستحقه من اهتمام، فهي السلاح الذي، بسبب عدم تفعيله كما يجب، لم تشعر إسرائيل بعد بمدى الضرر الذي يمكن أن يلحقه بها، وإن بدأت منذ فترة بالتحوط له، من خلال تشكيل هيئات معنية بمتابعة ملف الـ BDS، لقطع الطريق عليه، باعتباره قضية قائمة بذاتها، مع توفير الموازنات اللازمة، إلى جانب تكثيف إتصالاتها خارجياً، لاستحثاث إصدار قوانين تُجِّرم النشاطات الآيلة لخدمة مشروع الـ BDS، محققة نتائج ملموسة في هذا المضمار، بسبب من بلادة سفاراتنا، ومحدودية دور جالياتنا، إلى جانب تساوق أوساط سياسية متنفذة في الغرب عموماً مع السياسة الإسرائيلية■
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

في مواجهة مشروع الضم، على طريق طرد الاحتلال Empty
مُساهمةموضوع: رد: في مواجهة مشروع الضم، على طريق طرد الاحتلال   في مواجهة مشروع الضم، على طريق طرد الاحتلال Emptyالسبت 27 يونيو 2020, 8:57 pm

في مواجهة مشروع الضم على طريق طرد الاحتلال (3)

 
فهد سليمان
أمد/ الوضع الفلسطيني في حالته الراهنة قادر على رفع تحديات انتقال الإستعمار الإستيطاني إلى مرحلة الضم، مستنداً إلى قرار 19/5، والإجماع الوطني عليه. غير أنه من الصعب أن يأخذ هذا القرار في التطبيق مداه كاملاً، مالم يتمركز في صلب استراتيجية مواجهة، يحملها نظام سياسي بمستوى النهوض بأعبائها، الأمر الذي لا ينطبق تماماً على حالنا. إن معاينة متأنية لحال النظام السياسي الفلسطيني، كما يقدم نفسه حالياً، لا تزكيه للدور الأرقى، فهي تكشف عن ثغرات ونواقص في بنيته وحوامله، يتداخل فيها الظرفي بالبنيوي، الذي لا يُعالَج إلا بوضع اليد على أصل المشكلة، أي الإمساك بجذرها.

ليست قليلة هي الأوساط في الدائرة الأوسع للقيادة الرسمية التي تعي هذه الحقيقة، وتتملكها رغبة صادقة في فتح ملف إصلاح النظام السياسي، تفعيله، تطويره، وتصويب توجهاته. غير أن ما تفتقد إليه هذه الأوساط هو الإرادة السياسية الكفيلة بتحويل الوعي والرغبة، إلى فعل سياسي ملموس. وفيما يلي سنتوقف أمام قضايا، ونقترح حلولاً ذات صلة بهذا المسعى، عسى أن تُفيد في نقاش تدور رحاه في أكثر من مكان:]

1-■ طالما أن السمة الأساس للمرحلة التي يجتازها النضال الوطني الفلسطيني هي التحرر الوطني، لا نقاش في ضرورة وأهمية المؤسسة الوطنية الجامعة التي تؤطر الكل الفلسطيني، وتقود نضالاته، وتوحدها. هذه المؤسسة موجودة، فبالأمس القريب أحيينا الذكرى الـ 56 لتأسيسها، وهي التي قادت العمل الوطني بجدارة طيلة ثلاثة عقود (1964-1994)، قبل أن تنكفيء، إثر دخول اتفاقات أوسلو حيّز التطبيق. وبالتالي، لم يَعُدْ هناك مجال لإضاعة الوقت في البحث عن مدى توفر الظرف، أو الحاجة لاستعادة منظمة التحرير دورها المفترض، الذي من أجله تشكلت وانطلقت، فالخطيئة الأصلية تمثلت – بالأساس – في إفقادها هذا الدور. إن المهمة المباشرة المطروحة على جدول أعمال الحركة الوطنية الفلسطينية، تتحدد برد الاعتبار – سياسياً وعملياً – لمنظمة التحرير، ما يعني توفير شروط تمكينها من استعادة دورها المنشود في العملية الوطنية.

■ استعادة منظمة التحرير لدورها القيادي الوطني الجامع، الذي يُحصِّن مكانتها التمثيلية، القانونية والسياسية، ويحميها من التآكل، ومن محاولات النيل من موقعيتها، يكون بالإقدام على خطوتين بالتوازي: 1- إنضمام حركتي حماس والجهاد، بالصفة التنظيمية الكاملة، إلى جميع مؤسسات المنظمة وهيئاتها؛ 2- إعادة تفعيل دور منظمتي القيادة العامة والصاعقة في جميع هيئات ومؤسسات المنظمة، ما يعني إشغال المواقع التي كانتا تحتلهما فيما مضى. وبهذا يكون قد اكتمل العقد الفلسطيني الفصائلي بكل اتجاهاته ومكوناته، في سياق تجاوز الإنقسام واستعادة الوحدة الداخلية، أو استكمال الوحدة الوطنية، أو سواها من المصطلحات التي تعكس نفس المعنى.

■ إن إعادة بناء الوحدة الداخلية هي – في الوقت ذاته - خطوة فائقة الأهمية من أجل تطوير أوضاع المنظمة (أو إعادة بنائها)؛ واستكمال التمثيل السياسي يشكل عنصراً أساساً في تفعيل دور المنظمة، وتقويته. وقد أجمعت فصائل العمل الوطني، في أكثر من محطة حوارية، وفي عديد المناسبات على اعتماد الإنتخابات الشاملة (للمجلسين الوطني والتشريعي، ورئاسة السلطة)، سبيلاً لإعادة بناء الوحدة الداخلية.

2-■ الإجماع الفصائلي على الإنتخابات، لم يَقُدْ إلى نتيجة بعد عديد المحاولات. ومن المستبعد أن يقود إليها في المدى المرئي. لقد تبيّن أن ربط ملفي تطوير المنظمة وبناء الوحدة الداخلية في إطارها، الصعبين بطبيعتهما، بملف ثالث هو الانتخابات، قد زاد الأمور تعقيداً، فكيف تكون الإنتخابات وسيلة لبناء الوحدة وتطوير المنظمة، بينما حركتا فتح وحماس المتمسكتان بـ «الحكم» ليستا حاسمتين بإجرائها، فمن يبني جُلْ أوضاعه على إدامة بقائه في السلطة، يؤثر عدم المجازفة بخسارتها في سياق الإحتكام إلى صندوق إقتراع، غير مضمون النتائج مسبقاً، خاصة وأن العلاقات بين الحركتين، القائمة على حسابات ميزان القوى، مازالت محكومة بالمعادلة الصفرية، وليس التجميعية.

■ إذا أضفنا إلى هذه التعقيدات، الدور التعطيلي للإحتلال، الذي ينظر بارتياح إلى الخلاف الناشب حول الموضوع، يتضح أن الإنتخابات – حتى إشعار آخر – ليست ممكنة الوقوع، كمرحلة أولى لمسار تصالحي. وعليه، يملي المنطق السياسي – العملي تقديم ملفي استعادة الوحدة، وتطوير المنظمة، على استحقاق الإنتخابات، بانتظار إحراز تقدم في هذين الملفين يسمح بإجرائها في ظرف يغلب فيه احتمال النجاح على احتمال الفشل، الذي لازمنا في موضوع الانتخابات، حتى الآن.

3-■ في ضوء ذلك، يضحى الحوار الوطني الشامل، هو السبيل المتاح للتوافق على أسلوب التمثيل في هيئات المنظمة، ما يَسْهُل تشريعه على يد المجلس المركزي الذي بات يتمتع بصلاحيات المجلس الوطني، في الحالات التي تستدعي ذلك. غير أن هذه الآلية مازالت تصطدم باشتراط حركة فتح تنفيذ اتفاق 12/10/2017 مع حركة حماس، الذي يلحظ توحيد وزارات وإدارات السلطة في قطاع غزة، مع نظيراتها في رام الله (أي استعادة وحدة السلطة الفلسطينية بمرجعية الحكومة الحالية، الرقم 18)، قبل الإنتقال إلى ملف المنظمة، الأمر الذي لم تَسْتَجِبْ له حركة حماس حتى الآن، والأرجح أنها لن تستجيب له في المدى المنظور، ما يعيدنا إلى المربع الأول.

■ العودة إلى نقطة البداية تضعنا أمام خيارين: إما بقاء الأمور على ما هي عليه، ما يفاقم سلبيات الوضع الحالي؛ أو استعادة الصيغة الفصائلية الإئتلافية «التاريخية» لمنظمة التحرير (أي تلك التي ساهت في التأسيس الثاني للمنظمة عندما تولت فصائل المقاومة قيادتها، بدءً من الدورة الخامسة للمجلس الوطني الفلسطيني  في شباط/ فبراير 1969) + توفير مشاركة فعلية لمستقلين حقيقيين في هيئات المنظمة، ومعهم ممثلون عن مؤسسات المجتمع المدني؛ ما يعني على المستوى الفصائلي، عودة القيادة العامة والصاعقة إلى المنظمة بكل هيئاتها، وما يشمل أيضاً عودة الشعبية إلى التنفيذية.

■ بعد تعذر تطبيق الخيار الأول (تطوير الصيغة واستعادة الوحدة الداخلية بالإنتخابات الشاملة)؛ كما والخيار الثاني (التطوير والوحدة من خلال المجلس المركزي)، للخروج من الحالة القائمة بكل سلبياتها، يأتي الخيار الثالث، كحل انتقالي يستنفذ أغراضه، ما أن تتبدى إمكانية تطبيق أحد الخيارين، الأول أو الثاني. الخيار الثالث هو خيار الضرورة، وليس خيار ما كنا نطمح له، وما ينبغي مواصلة السعي إليه. علماً أن القيمة الفعلية للخيار الثالث، متمثلة بتأثيره الايجابي على استعادة الوحدة الداخلية بجميع حلقاتها، وعلى الحالة الوطنية عموماً، هذه القيمة ستتراجع، مالم يُقْدِم على خطوات ملموسة تفتح مسار تطوير أوضاع المنظمة. وهذا ما سوف نأتي عليه في اللاحق.

■ في حال تطبيق الخيار الثالث، ستكون الفرصة متاحة لإخراج الحوار الثنائي بين حركتي فتح وحماس من إطاره الثنائي الضيق، المتأرجح بين التقاطب (في حال الخلاف)، وبين التحاصص (في حال الاتفاق)، إلى الإطار الوطني والرسمي الأوسع من خلال اللجنة التنفيذية في صيغتها الجديدة، وبمرجعية المجلس المركزي الذي انبثقت عنه، وبجدول أعمال يتجاوز نقاط الخلاف الثنائية، إلى القضايا الوطنية؛ كما وعلى موقع، ودور، ومسئوليات حركة حماس في المؤسسة الوطنية. وبالأسلوب نفسه سيُدار الحوار مع حركة الجهاد الإسلامي. أكثر من هذا ستتحول اللجنة التنفيذية (ودائماً بمرجعية المجلس المركزي) إلى الجهة المعنية بتنظيم وإدارة الحوارات الوطنية، بدلاً من استدعاء هيئات لهذا الغرض، ما أن تتشكل، حتى ينشب خلاف حول عنوانها (هيئة تفعيل وتطوير م.ت.ف؛ أم القيادة الوطنية العليا؛ الخ..)، ناهيك عن صلاحياتها، وجدول أعمالها، الخ..■

(6)

السلطة الفلسطينية .. حدود الدور والوظيفة

1-■ المساحة التي تحتلها السلطة الفلسطينية في المجتمع الفلسطيني، وبخاصة في الضفة الغربية، إن بموجب الإتفاقيات الموقعة، أو بالواقع المُعاش، لم تتعدَ، منذ أن رأت النور، حدود الحكم الإداري الذاتي المحدود، بما نص عليه من مسؤوليات وصلاحيات، مع ما يقابلها من التزامات تجاه سلطات الإحتلال. علماً أن هذه الصلاحيات، قد شهدت تراجعاً واضحاً في المجال الأمني، بعد اجتياح المناطق أ عام 2002؛ وكذا الأمر بالنسبة للصلاحيات المدنية، بقدر ما كانت الإدارة المدنية (الذراع المدني للإحتلال) توسع دورها، ما عكسه في السنوات الأخيرة، زيادة عدد الموظفين العاملين فيها. وسوف تشهد السلطة الفلسطينية مزيداً من التراجع في دورها، بقدر ما تتقدم تطبيقات الضم.

■ تعريف السلطة علمياً، أي بحقيقة ما هي عليه، كبنية إدارية – تنموية – أمنية معنية بإدارة الشأن الداخلي المعيشي للمجتمع، لا ينتقص البتة من أهميتها، وضرورتها، إنما بحدود واقعها، وإمكانياتها، دونما تجاوز أو تزويق. لذلك حذَّرنا دوماً من سلبيات إطلاق تعريفات للسلطة، تقدمها بما ليست هي عليه، ولا سوف تؤول إليه، تعريفات على غرار: السلطة نواة الدولة، السلطة هي الصيغة الإنتقالية إلى الدولة، السلطة هي الدولة في صيرورتها،... لأن في هذا تضليل للرأي العام، وفي أفضل الحالات ترويج لأسلوب التفكير بالتمني، الذي يشوه الوعي، ولا يساعد على توطيد الثقة بين القيادة والجمهور.

2-■ تَعَرُضْ السلطة الفلسطينية إلى ضغوط متزايدة من قبل الإحتلال، لتقليص دورها، يملي علينا حمايتها، وليس التهديد بحلِّها، بدعوى إحراج العدو، الذي لا يقيم وزناً لهذا «التهديد»، ويخطط لإحلال «روابط مدن»، أو «روابط جهوية» مكان السلطة، لتضطلع بمهامها، إنما بتركيبة محلية، جهوية، تابعة، تنسجم ومخطط الضم الذي سيقابله في الجانب الفلسطيني إقامة كيان مقطع الأوصال، غير متواصل جغرافياً، إنما – في أفضل الحالات – متصل، بواسطة البنية التحتية، بين أشلائه.

إن من مخاطر إضعاف السلطة، ناهيك عن حلّها، أو إحالة مسئولياتها إلى العدو (ما تطلق عليه بعض الأوساط: تسليم مفاتيح السلطة!) أن يلجأ الإحتلال إلى تقسيم الضفة الغربية إلى إدارات منفصلة عن بعضها البعض، على مستوى المدينة والمنطقة، وربطها مباشرة بالإدارة المدنية، الأمر الذي يساهم بإضعاف الوحدة الداخلية، وينمي النزعة الجهوية على حساب الإنتماء الوطني الجامع.

[■ ملاحظة: ثمة احتمال ينبغي أن يُدرس بدقة، وهو، أن تتسارع عملية إضعاف السلطة جرَّاء إقدامها على تطبيق بعض، أو جُل، أو حتى كل ما ينطوي عليه قرار 19/5، ما سوف يؤثر على قدرتها على إدامة نفسها: 1- كأجهزة، وهياكل إدارية، ولإمكانية سداد رواتب موظفيها، بما فيه العاملون في السلك الأمني، ما سيؤثر على قدرة السلطة عموماً على الإضطلاع بهذه المهمة؛ و 2- كمصدر، هو الأهم، لتقديم الخدمات المطلوبة بحدها الأدنى للمجتمع من خلال تغطية موازنة المصاريف الجارية.

في حال نشوء وضع من هذا القبيل، ستكون السلطة وعموم الحركة الوطنية معنية، وبالعمل الوثيق مع المجتمع المحلي، بتوفير الحد الأدنى من مقوّمات الصمود للمجتمع، إضافة إلى محاصرة النتائج السلبية – كما وردت أعلاه – الناجمة عن انتقال مهام السلطة – جزئياً أو كلياً – إلى الإحتلال بشكل مباشر، وبمرجعية إدارته المدنية.]

■ على قاعدة حصر دور السلطة بإدارة شئون المجتمع، وتلبية احتياجاته، وتنميته بالحدود المتاحة، وصون أمنه الداخلي، الخ.. ينفتح النقاش على وجهة تأمين متطلبات تعزيز دور السلطة ضمن دائرة اختصاصها؛ وينغلق – بالمقابل – عما يقع خارج هذه الدائرة، كالعلاقات الخارجية، والأمن الخارجي، والصندوق القومي لمنظمة التحرير، الخ.. كما ينفتح النقاش على اعتماد الهيكلية الأنسب لممارسة السلطة لمسئولياتها، بما يشمل – أيضاً – تقليص المحطات وإلغاء الزوائد البيروقراطية التي لا لزوم لها.

وفي هذا الإطار، يرد موضوع إلغاء الفصل المفتعل بين رئاسة الحكومة، وبين رئاسة السلطة بمكاتبها المختصة الموازية للوزارات وغيرها، والذي تم فرضه من اللجنة الرباعية الدولية منذ العام 2003، على هيكلية النظام السياسي، لمحاصرة الدور القيادي متعدد المستويات للرئيس ياسر عرفات، على طريق عزله. ولما فشل الحصار السياسي، أتبعوه بالحصار المادي، الذي انتهى باستشهاد الراحل الكبير.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

في مواجهة مشروع الضم، على طريق طرد الاحتلال Empty
مُساهمةموضوع: رد: في مواجهة مشروع الضم، على طريق طرد الاحتلال   في مواجهة مشروع الضم، على طريق طرد الاحتلال Emptyالأحد 05 يوليو 2020, 5:54 am

من النهر إلى البحر
 عبد الحليم قنديل

ليس في كل مرة تسلم «الجرة»، فقد مرّ الفاتح من يوليو الجاري، من دون أن يبدأ رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو في تنفيذ وعده القاطع بالضم النهائي لمناطق في الضفة الغربية المحتلة، وعلى خرائط الأسباب، ظهر ضباب كثير مختلط مخادع، من نوع الخلاف بين نتنياهو وحليفه بيني غانتس، على أولويات الحكومة المشتركة، أو من نوع الجدال حول تأخر ظهور الضوء الأخضر من واشنطن، أو التحذيرات المشددة من قادة أمنيين وعسكريين سابقين لنتنياهو، وتكرار المخاوف من نشوب انتفاضة فلسطينية جديدة، تداعت بعض أماراتها إلى الميدان.
وقد لا يكون كل ذلك مهما، ولا باعثا على ارتياح من أصله، فقد بدأ موسم الضم والباقي تفاصيل، وسواء جرى الضم على مراحل، أو بدأ من تكتلات استيطان يهودي بعينها، أو جرى تأجيل ضم منطقة «الأغوار» وشمال البحر الميت قليلا، أو كثيرا، فقد قضي الأمر، وتقررت عمليات القضم، بهدف إلحاق نحو ثلث الضفة الغربية بكيان الاغتصاب الإسرائيلي، مثل ما جرى من قبل، بضم القدس المحتلة بكاملها، وبعد ضم الجولان المحتل، وبتأييد أمريكي زاعق، يصعب تكراره إذا هزم ترامب في انتخابات الرئاسة المقبلة.

لا أحد ينتصر لقضيتك ما لم تنتصر لها أنت أولا، والشعب الفلسطيني قادر على الانتصار لقضيته

وقد لا نكون بحاجة لتأكيد مغزى موجة الضم النهائي، فهي تعني امتداد كيان الاحتلال على أرض فلسطين بكاملها، من نهر الأردن إلى البحر المتوسط، ولا تستبقي للفلسطينيين سوى كانتونات منفصلة، بعضها بصورة تجمعات سكانية محاصرة في الضفة، إضافة لغزة المحاصرة من كل اتجاه، وهو ما يعني ببساطة، أنه لم تعد من إمكانية جغرافية وسياسية لما سمي طويلا «حل الدولتين»، ولم يعد بوسع خيال محلق، مهما بلغت عبثيته وسيرياليته، أن يتصور خريطة هذه الدولة الفلسطينية المنفصلة عن دولة الاحتلال، ولا صلاحيات هذه السلطة الفلسطينية البلدية، التي ستبقى شكلا، سواء في رام الله أو في غزة، ,التي يصر البعض على استمرارها، رغم التحلل الرسمي المعلن من اتفاقات وجودها، ومن التزاماتها المتراكمة مع الأمريكيين والإسرائيليين، بوقف التنسيق الأمني والمدني، وبالإلغاء العملي لاتفاقات أوسلو وما تلاها، وكلها إجراءات تبدو هذه المرة أكثر جدية، إلى حد إخلاء المقرات الرسمية، كما قيل، من الوثائق الفلسطينية السرية، ونقلها كما قيل إلى أماكن آمنة، تحسبا لاجتياح عسكري إسرائيلي وشيك، قد يأتي ردا على تصاعد الهبة الشعبية الفلسطينية. وربما لم يعد الفلسطينيون بحاجة إلى مزيد من مهرجانات الأقنعة، ولا تكرار الحديث عن السلام والتسويات السقيمة إياها، والتعويل على ما تسمى «اللجنة الرباعية الدولية»، أو على اعتراضات أوروبية قلقة مما تفعله إسرائيل، أو على تلاعب ونفاق مكشوف من أنظمة عربية وإسلامية لا تملك قرارها، ولا تستبقي قضية فلسطين في حسبانها، ولا على إنهاء الانقسام الفلسطيني المزمن بين «فتح» و»حماس»، وقد صار كلاهما في صورة «دولة افتراضية»، لكل منها علاقاتها وارتباطاتها المتعارضة، في بيئة إقليمية هائجة مائجة، لن تستقر قريبا على مشهد ختام، وقد صارت كل هذه القضايا الفرعية، وزوايا النظر المريض، مما تجاوزته تطورات اللحظة، مع الشروع الإسرائيلي في الضم النهائي، ولم يعد ممكنا ولا مفيدا، أن ننتظر وفاق الفصائل ولا افتراقها، بينما الممكن والمفيد الوحيد، أن تعود القضية بكاملها إلى أيدي الشعب الفلسطيني، وأن تزال العوائق كلها من طريق حركته، وأولها عقبة وجود السلطة الفلسطينية في ذاتها، التي قد يصح الآن أن تحل رسميا، هي وقرينتها القائمة في غزة، وأن يعاد تنظيم الحركة الوطنية الفلسطينية في إطار جامع وحيد، هو منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي وحيد، ليس للشعب الفلسطيني في الضفة وغزة والقدس المحتلة وحده، بل للشعب الفلسطيني في عموم فلسطين، من النهر إلى البحر، وللشعب الفلسطيني في مواطن الشتات والتهجير واللجوء، مع طي صفحة مشروع «حل الدولتين»، والتقدم إلى مشروع وهدف الدولة الديمقراطية الواحدة في كل فلسطين التاريخية، وخوض انتفاضات كفاحية متصلة ضد كيان الاحتلال الإسرائيلي، الذي تحول نهائيا مع قرارات الضم الأخيرة، إلى كيان «أبارتهايد» أو فصل عنصري بامتياز.
نعم، لم يعد مستساغا ولا هو صحيح، أن تعود قضية الشعب الفلسطيني إلى نظام الحل بالقطعة، ولا تقديم صكوك تنازلات تاريخية عن أغلب أراضي فلسطين، مقابل أمل باهت في استرداد جزء، تقام عليه دولة فلسطينية، وقد سقط هذا الأمل الصغير المراوغ، بقرارات الضم الأخيرة، حتى لو جرى التدرج الإسرائيلي المخادع في تنفيذها، فما من معنى لأن تواصل اللعب في ميدان يرسم عدوك حدوده، ثم يضيق عليك ويضغطك حتى تنسحق، وألف باء السياسة هي الهندسة العكسية، وإعادة فتح الميدان الأصلي للقضية، خصوصا مع تزايد الغلبة السكانية للفلسطينيين فوق الأرض المقدسة بكاملها، حتى لو كان قد جرى حشرهم في زوايا أرض ضيقة، لكنها أكثر اتساعا بكثير من قفص الدولة الفلسطينية المنفصلة إياها، وبوسع خرائط الانتشار السكاني الفلسطيني أن توسع في الأرض، وأن تكون ثقلا أكبر بما لا يقاس في صيغة الدولة الواحدة بحقوق متساوية لكل سكانها، التي تنتهي بقرارات الضم الإسرائيلية إلى خواء وفوات تاريخي، وتحول صفقة أو «صفعة» القرن إلى ضربة مزلزلة، ترتد على كيان الاغتصاب الإسرائيلي، وبشروط عاجلة، يملك الشعب الفلسطيني وحده ناصية تحقيقها، فليس لدى الفلسطينيين ما يخسرونه، إذا جرى حل السلطة، باعتبارها من منتجات «أوسلو» الملغاة رسميا، وإذا أعلنت منظمة التحرير سحب اعترافها السابق بشرعية وجود دولة إسرائيل، وإذا ترك الأمر سجالا بين سلطة الاحتلال المسيطرة على كل فلسطين، والشعب الفلسطيني في عموم فلسطين، ودونما مناطق (أ) ولا (ب) ولا (ج)، ولا خط أخضر وهمي، بين الأراضي المحتلة في 1948 والأرض المحتلة في 1967، مع إعلان الطلاق البائن القطعي مع وهم الدولة الفلسطينية المحدودة فوق أراضي 1967، واستعادة قضية تحرير فلسطين بكاملها من سيطرة الاحتلال الصهيوني العنصري، وإقامة دولة ديمقراطية واحدة، يكون فيها للصوت الفلسطيني العربي أرجحيته في تقرير المصير، بحكم الغلبة السكانية المتزايدة، والتآكل المتصل لمشروع تهجير اليهود الصهاينة لاحتلال واستيطان فلسطين، وهذه متغيرات موضوعية مؤثرة، لم يكن حضورها ساطعا، بقدر ما باتت عليه اليوم، فقد خلق الشعب الفلسطيني خلقا جديدا عفيا متكاثرا، وعاد بندول التحول السكاني لصالحه بإطراد، منذ أواسط العقد الثاني من القرن الجاري، في ما جفت أو تكاد موارد المدد البشري اليهودي، المستعد للذهاب إلى فلسطين المحتلة.
والمعنى الذي نقصده في تمام الوضوح، فالكيان الإسرائيلي هو آخر ظاهرة استعمار استيطاني عنصري، ولا ينجح أي احتلال استيطاني، ما لم ينه الوجود المؤثر للسكان الأصليين، وهو ما لم يحدث، لا في الجزائر ولا في جنوب افريقيا ولا في فلسطين، وقد كان الاستيطان شرسا مسلحا حتى الأسنان في الحالات الثلاث، وكانت قواته المسيطرة نووية كلها، كانت فرنسا النووية في الجزائر، وكان نظام «الأبارتهايد» نوويا في جنوب افريقيا، والاحتلال الإسرائيلي نووي هو الآخر، لكن القنابل البشرية سجلت في النهاية انتصارها على السلاح النووي، وعبر أساليب كفاح ممتدة لعشرات السنوات، جمعت الكفاح المسلح إلى الكفاح الشعبي الجماهيري، وبإصرار متصل، لا يبالي أبدا بضخامة التضحيات، وهو ما يستطيعه الشعب الفلسطيني، وبأساليب كفاح تتنوع بحسب خرائط تواجده، فما يصلح في الضفة وغزة والقدس المحتلة، قد لا يكون هو ذاته ما يفيد في الداخل المحتل منذ نكبة 1948، المهم هو بلورة قضية واحدة تجمع الكل، عنوانها إنهاء النظام العنصري الصهيوني، ومزج الحقوق المدنية للفلسطينيين مع الحق القومي، وكسب كل صوت إنساني حر ضد نظام الفصل العنصري في فلسطين كلها، ودونما تفريط في استقلال الصوت الفلسطيني، ممثلا في منظمة التحرير، ومواصلة كسب الاعتراف والتأييد العالمي، في بيئة دولية جديدة، ظهرت بعض ملامحها مع مضاعفات جائحة كورونا، تمتاز بالنفور الشعبي المتزايد من العنصرية، وتحطم تماثيلها وأصنامها، والصهيونية ليست سوى واحدة من عناوين عنصرية الغرب، الذي يتراجع دوره في موازين الاقتصاد والسلاح والتكنولوجيا، ويتقدم دورعناوين الشرق المتقدم الأكثر تفهما لقضايا المظلومين، لكن لا أحد ينتصر لقضيتك ما لم تنتصر لها أنت أولا، والشعب الفلسطيني قادر على الانتصار لقضيته، ليس بموجة غضب عابر، بل بانتفاضة روح جديدة، تزال من طريقها عوائق التقييد، وتحطم الاستكبار الصهيوني العنصري بحرب استنزاف طويلة المدى.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

في مواجهة مشروع الضم، على طريق طرد الاحتلال Empty
مُساهمةموضوع: رد: في مواجهة مشروع الضم، على طريق طرد الاحتلال   في مواجهة مشروع الضم، على طريق طرد الاحتلال Emptyالثلاثاء 07 يوليو 2020, 8:06 am

بارقة أمل جديدة من فلسطين

جملة من التحركات الإيجابية شهدتها الساحة الفلسطينية، خلال الأيام القليلة الماضية، تبعث على التفاؤل والأمل، وأقل ما يمكن أن يقال عنها إنها تصب في الاتجاه الصحيح، وقد تُحدث حراكا سياسياً معتبرا خلال الفترة المقبلة، فيما تأتي هذه التحركات، بعد أن بدأ الفلسطينيون يشعرون بجد أن ثمة تهديدا وجوديا يلاحقهم بسبب قرار «الضم» الإسرائيلي.
الحدث الأهم فلسطينيا خلال الأيام الماضية، هو المؤتمر الصحافي، الذي جمع كلاً من أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل الرجوب، ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري، وهذا هو أول لقاء من نوعه منذ سنوات، والأهم فيه أنه يشكل عودة عملية للوحدة الداخلية، وتجاوزا عن الخلافات بين الحركتين، إذ أنه تجاوز الشكليات التي تتعلق بالمصالحة، لينتقل بالفعل إلى القضايا المشتركة التي تشكل تهديداً لكل الشعب الفلسطيني، بمختلف فصائله وقواه وكيفية مواجهتها، وفي مقدمتها مشروع الضم الاسرائيلي، الذي يريد التهام الجزء الأهم من الضفة الغربية.

في الداخل الفلسطيني ثمة شعور عام بأن الجميع مهدد، وأن إسرائيل لم تعد تفرق بين الفصائل ولا الأشخاص

التطور الآخر في حالة الركود السياسي الفلسطيني هو، المبادرة التي طرحها رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس خالد مشعل، في لقاء مفتوح ونادر استمر ساعتين مع «منتدى التفكير العربي» في لندن، حيث تقوم مبادرة مشعل على جملة من الأسس أهمها، أنها تعترف بالسلطة الفلسطينية ووجودها، لكنها تقوم على «تغيير وظيفة السلطة» على حد تعبيره، وهو التغيير الذي تتطلبه المرحلة الحالية من التهديد الإسرائيلي، وتغيير يتناسب مع ما تشكله «صفقة القرن» من تهديد للشعب الفلسطيني ومستقبله، كما أنه تغيير ينطلق من حقيقة أن اتفاقات أوسلو انتهت، سواء انتهت زمنياً بسبب كونها مؤقتة، أو انتهت موضوعياً بسبب أن الاحتلال الإسرائيلي قام في السنوات الأخيرة بتدمير كل ما نتج عن هذه الاتفاقات. مبادرة مشعل التي طرحها وشرحها على امتداد ساعتين لا يمكن التعاطي معها، ولا بحثها إلا عبر السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير، وعلى قاعدة أن الهدف الأساس اليوم للفلسطينيين هو إفشال «صفقة القرن»، وكل إفرازاتها، سواء خطة الضم، أو التحولات التي تجري في القدس، أو حالة التوحش الاستيطاني التي تشهدها الضفة الغربية، والتي جعلت عدد المستوطنين هو الأعلى منذ احتلال الضفة في عام 1967. الشعور الفلسطيني العام بالخطر الكبير بسبب الإجراءات الإسرائيلية أنتج حالة يمكن معها تجاوز الانقسام الداخلي، وهذا تطور مهم على الساحة الفلسطينية، فالتفاهم والتوافق بين الرجوب والعاروري يجب ترجمته على الأرض فوراً، والأصل أن يكون نواة لاستعادة الوحدة الفلسطينية، وكذا المبادرة التي تقدم بها مشعل تشكل تطوراً إيجابياً، وقبلها كان ثمة حديث بالغ الأهمية عن «صفقة القرن»، ومشروع الضم الإسرائيلي على لسان عملاق السياسة الفلسطينية صائب عريقات، وهو أيضاً حديث يمكن استثماره في توحيد الصف الداخلي الفلسطيني، لمواجهة المشاريع الإسرائيلية الرامية الى سحق الشعب الفلسطيني وهويته.
في الداخل الفلسطيني ثمة شعور عام بأن الجميع مهدد، وأن إسرائيل لم تعد تفرق بين الفصائل ولا الأشخاص، وهذا يجب بالضرورة أن ينعكس على الوحدة الداخلية وينهي الانقسام، لأن ما كان يقتتل عليه الفلسطينيون لم يعد موجوداً بحوزة أي منهم أصلاً، وإنما يريد الاحتلال التهامه بالكامل. المطلوب فلسطينياً اليوم هو البناء على التطورات الإيجابية الأخيرة من أجل إعادة الوحدة الفلسطينية، والعودة إلى مربع المواجهة الأساس مع الاحتلال، لإفشال كل الخطط الإسرائيلية، التي ترمي لسحق الشعب الفلسطيني، وهذه الوحدة يجب أن تنطلق من قناعة لدى حركة فتح بأن السلطة ليست مكسباً، وأنها كانت وما زالت مجرد خطوة في طريق المشروع الوطني وليست هي الهدف الأخير، وبالمقابل يتوجب وجود قناعة لدى حركة حماس بأن قطاع غزة الذي يسيطرون عليه ليس مكسباً هو الآخر، وأن هذا القطاع لا يشكل سوى 1.3% من الأرض الفلسطينية، وعليه فان تمترس كل فصيل في مكانه لا يخدم سوى مشروعات الاحتلال، بينما انهاء الانقسام والتوافق على سبل مواجهة المشروع الاسرائيلي هو السبيل الوحيد للمضي قدماً نحو المستقبل.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

في مواجهة مشروع الضم، على طريق طرد الاحتلال Empty
مُساهمةموضوع: رد: في مواجهة مشروع الضم، على طريق طرد الاحتلال   في مواجهة مشروع الضم، على طريق طرد الاحتلال Emptyالثلاثاء 07 يوليو 2020, 8:06 am

مشعل: تأجيل الضم خدعة وهناك فرصة للوحدة

 قال خالد مشعل الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة حماس، مساء الأربعاء، إن تأجيل الضم خدعة أمريكية إسرائيلية لا تستهدف إلغاء الضم، ولا التغيير في جوهره، ولكن كيفية الإقرار به عبر تكتيك مضلل.

وأكد مشعل في حوار مع رئيس منتدى التفكير العربي، أن الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية لديهم القدرة على مواجهة خطة الضم.

وأضاف "نحن نملك شعبًا عظيمًا لم ينكسر أو يستسلم، يقاتل منذ مائة عام، ولديه تجربة غير متوافرة لشعب آخر في العالم، ونملك مقاومة عظيمة نُحتت من الصخر، فوالله تجربة المقاومة في غزة وكيف صنعت سلاحها تدرس على مدى التاريخ".

وتابع "نملك أمة لم تنس فلسطين وقضيتها العادلة، ولدينا ساحة دولية بدأت تتململ من وقاحة الاحتلال الإسرائيلي".

وشدد على أن الكل الفلسطيني جاهز أن يحتشد في مواجهة صفقة القرن ومشروع ضم الضفة الغربية، داعيًا أن تبادر قيادة السلطة الفلسطينية إلى خطوات جريئة.

وقال مشعل إن "هناك فرصًا كثيرة أمامنا، منها أن نوحّد الصف الداخلي الفلسطيني، وأن نطلق مواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي، ونشتبك معه على كل الصعد، وأيضًا هناك فرصة لاستنزاف الاحتلال وإعادة تصويب القضية الفلسطينية، وملاحقة الكيان، ونزع الشرعية عنه على المستوى الدولي".

وأشار إلى أن هدف إسرائيل شرعنة الاحتلال بغطاء مزيف، وحشر الشعب الفلسطيني في أضيق مساحة من الأرض الفلسطينية، وخلق أزمات إضافية، والسطو على العناوين الأساسية للقضية الفلسطينية.

وشدد على أن تحرير الأرض، وعودة اللاجئين، وتحرير القدس، إضافة إلى تحرير الأسرى والأسيرات، هي أهم العناوين والرمزيات والمكونات الأساسية للقضية الفلسطينية، ومن يريد تحقيق ذلك فلا بد من معركة تحرير.

وطالب بتحويل قرارات المجلسين الوطني والمركزي إلى فعل جدي وحقيقي، مثل وقف العمل بالاتفاقيات مع الاحتلال، ووقف التنسيق الأمني، ووقف العمل باتفاقية باريس.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

في مواجهة مشروع الضم، على طريق طرد الاحتلال Empty
مُساهمةموضوع: رد: في مواجهة مشروع الضم، على طريق طرد الاحتلال   في مواجهة مشروع الضم، على طريق طرد الاحتلال Emptyالثلاثاء 07 يوليو 2020, 8:08 am

الرجوب والعاروري: الفصائل السياسية ستواجه معا مشاريع الضم الإسرائيلية،









أمين اللجنة المركزية لفتح: المرحلة الحالية هي أسوأ مرحلة يعيشها التاريخ الفلسطيني


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

في مواجهة مشروع الضم، على طريق طرد الاحتلال Empty
مُساهمةموضوع: رد: في مواجهة مشروع الضم، على طريق طرد الاحتلال   في مواجهة مشروع الضم، على طريق طرد الاحتلال Emptyالإثنين 27 يوليو 2020, 9:21 pm

في مواجهة مشروع الضم، على طريق طرد الإحتلال

في البرنامج السياسي..
وقائع وخيارات
1-■ لم يعد الموقف من البرنامج المرحلي يشكل عقبة أمام استعادة الوحدة الداخلية، فحركة حماس وافقت على «وثيقة الوفاق الوطني» - 2006، التي تنص عليه بلا مواربة، لا بل مضت الحركة إلى ما هو أبعد في «وثيقة المبادئ والسياسات العامة»-2017 الصادرة عن مؤتمرها العام، بتبنيها الصريح للبرنامج المرحلي، باعتباره «صيفة توافقية وطنية مشتركة».

أما حركة الجهاد الإسلامي، فهي لا تمانع من الإنضمام إلى الإجماع الوطني فيما يعزز الوحدة الداخلية، مع تسجيل تحفظاتها على ما يتعارض مع مواقفها المبدأية، بمثال «وثيقة الوفاق الوطني»- 2006، التي تم اعتمادها كوثيقة إجماع وطني، مع تحفظ الجهاد على بعض نقاطها.
[ حول موقف حركة حماس وسياستها، راجع الفصل بعنوان: «حركة حماس والكيانية الفلسطينية المستقلة»، الذي يغطي العناوين التالية: 1- حركة حماس والبرنامج المرحلي؛ 2- حركة حماس في أدبياتها، ومنظمة التحرير؛ 3- حركة حماس في الحوارات الوطنية ومنظمة التحرير؛ 4- المشكلة في السياسة وليست في ركني الكيانية (المنظمة بمكانتها، والدولة المستقلة على حدود الـ 67)؛ 5- «توطين» الفكر السياسي لحركة حماس في صرح الفكر السياسي الفلسطيني الجامع.
الفصل المذكور يرد ص 45-49 من كتاب: «في مواجهة صفقة القرن..»، الكتاب الرقم 35 من سلسلة «الطريق إلى الإستقلال»، الصادر عن المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات (ملف). ط1: أيلول (سبتمبر) 2019.]

■ ما سبق لا يعني أن الجدل حول البرنامج المرحلي قد استنفذ أغراضه، فهو مستمر، في حركة صعود وهبوط، إنما بنبرة هادئة، منه الجدل بمنطق التبرير الذي ساد لفترة، لكنه ما لبث أن انحسر بعد تهافت حجته (أوسلو يقود إلى الدولة المستقلة!)؛ ومنه الجدل بمنطق السجال، الذي انتعش في الفترة الأخيرة بعد انهيار مسار أوسلو (البرنامج المرحلي قاد إلى كارثة أوسلو !). ومن الطبيعي ألا يستوقفنا هذا النمط من الجدل طويلاً، لأنه لا يقود إلى أي مكان.

بالمقابل، وأمام الصعوبات الحقيقية التي يواجهها التقدم في ملف البرنامج المرحلي، أو – على ما يعتقد البعض خطأً – إنسداد الأفق أمامه، فإن الجدل يزدهر في ساحة العمل الوطني حول خيارين برنامجيين: من جهة، برنامج «المساواة في إطار الدولة الواحدة»؛ ومن جهة أخرى، برنامج «التحرير الكامل»، أو ما يقترب منه، أو يتقاطع معه.
2- «المساواة في إطار الدولة الواحدة»: إعتماد البرنامج قبل بلورة عناصره

■ بالنسبة لهذا الخيار البرنامجي، ثمة من يعتقد أن البرنامج المرحلي لم يَعُدْ ذا صلة، بعد انكماش قاعدته الجغرافية بفعل انفلات الإستيطان من عقاله، وخاصة بعد الإنتقال إلى مرحلة الضم، ولا بد من الاستعاضة عنه ببرنامج آخر، عنوانه «الدولة الواحدة»، فيضحى النضال من أجل المساواة، وضد الأبارتهايد، هو المحور الناظم للمواجهة.
إن هذا الخيار، ينقلنا إلى تعريف آخر لسمة المرحلة التي يجتازها النضال الفلسطيني، من نضال وطني يرمي إلى تحرير الأراضي الفلسطينية عام 67، إلى نضال بمضمون ديمقراطي من أجل المساواة في المواطنة والحقوق في «دولة إسرائيل الكبرى»، ما يفترض – بدوره – أن الأخيرة قد حققت ضم جميع أراضي الـ 67، وأنجزت دمجها دستورياً في دولة إسرائيل، ما يعني – أيضاً - أن الشعب الفلسطيني قد هُزم في معركته ضد الإستعمار الإستيطاني، في الوقت الذي تشير فيه حقائق السياسة الملتقية مع وقائع الميدان، أن شعبنا مازال في خضم هذه المعركة، صامداً في موقع، ومتقدماً في آخر، معركة استنزاف مديدة، تكون الكلمة الأخيرة فيها، لمن لا يصرخ أولاً.

■ برنامج «المساواة في إطار الدولة الواحدة»، الذي يسوِّق نفسه باعتباره ذلك الطرح الإستباقي، الذي يستشرف آفاق المستقبل، بعد فشل «حل الدولتين»، يقوم في حقيقة الأمر على طرح ماضوي، يستعيد سيناريو النكبة وما تلاها، حيث نهض شعبنا من الركام، فخاض – ومازال – معركة الحفاظ على الوجود والدفاع عن الأرض، وصولاً إلى مرحلة النضال من أجل المساواة في المواطنة، على قاعدة مواصلة الإنتماء للشعب الفلسطيني، قضية وأهدافاً معلنة.

هذا البرنامج لا يصلح – قطعاً – لتوجيه النضال الفلسطيني في مناطق الـ 67، حيث تدور المواجهات مع الإستعمار الإستيطاني بهدف دحر الإحتلال وتفكيك الإستيطان، في ظل ظروف محلية، وإقليمية، ودولية، مختلفة تماماً عن الشروط التي تتحكم بنضال شعبنا في مناطق الـ 48. إن أصحاب برنامج المساواة يفترضون هزيمة حَلّت بالحركة الوطنية، الأمر الذي يتعاكس مع كون مرحلة الضم، باعتبارها أعلى مراحل الإستعمار الإستيطاني، هي مرحلة أفوله، تحلله، تفسخه، وبدء العد العكسي لانتهائه.
3- «التحرير الكامل»: الدور الذاتي مقروناً بالمعادلة الإقليمية

■ أما فيما خص الخيار البرنامجي الثاني، فثمة من يؤكد، أنه مالم تُلحق بإسرائيل هزيمة استراتيجية كبرى، على غرار حرب تشرين (أكتوبر) 73 في مرحلتها الأولى، فإنها لن تخرج من الضفة الغربية (ومن باب أولى القدس الشرقية)، لحمولتها الدينية، وقيمتها الجيوسياسية، ووظيفتها الإقتصادية والأمنية والعسكرية، وثروتها المائية، وما تؤمنه من «فضاء حيوي» لتوسعها السكاني.
هزيمة استراتيجية إذن، وليس هزيمة بالمعنى النسبي، كما يفترضها البرنامج المرحلي ضمن معادلة: رفع كلفة الإحتلال بتعظيم خسائره لتتجاوز المكاسب المتحصلة من بقائه. لذلك، لا فائدة من السعي لتسويات مع العدو، مقابل تقديم «تنازلات»، لا تنتج حلولاً، بل تستدرج المزيد منها، ما يؤدي – بالنتيجة – إلى إلحاق الخسائر بالقضية الوطنية.

■ إن برنامج التحرير الكامل هو العنوان العريض (الذي وإن افتقد إلى الدقة، فهو لا يبتعد كثيراً عن الفكرة الرئيسية التي توجهه)، لأكثر من رؤية تقترب منه أو تبتعد بهذا القدر أو ذاك، وما يجمعها ويوحد حلقاتها، هو الأطروحة الرئيسية التالية: إن نسبة القوى اللازمة لتحرير المناطق الفلسطينية المحتلة عام 67، لا تختلف كثيراً عن مثيلتها اللازمة لإلحاق هزيمة استراتيجية كبرى بإسرائيل، تضعها على مشارف تحوَّلات بنيوية ذات بعد كياني، مؤسسي، أيديولوجي، .. من شأنها أن تغيِّر جذرياً من طبيعتها الصهيونية، أو حتى تنزعها عنها. إن هذه الرؤية البرنامجية – على تعدد صيغ تقديمها – تعتمد على بناء ميزان قوى، تكون فيه الحالة الإقليمية هي العامل الراجح في مكوناته.

■ غير أن هذه الأطروحة – على وجاهتها – مستبعدة في المدى القريب، والأرجح الأبعد، فيما خص الحالة العربية بالذات، التي ستبقى حرب تشرين (أكتوبر) – 1973 آخر مآثرها لفترة قد تمتد، لانقسام الحالة العربية على بعضها بالخط العام، ولانقسامها على نفسها في دواخلها لعدد لا يُستهان به من الحالات، إلى جانب عوامل أخرى، قد لا تقل أهمية.
في كل الأحوال، لا يجوز الخلط بين حالة إقليمية متمحورة على المواجهة مع إسرائيل ضمن استراتيجية إستباقية – preemptive (كانت بعض دول الناتو إبّان الحرب الباردة، تستخدم مصطلح استراتيجية الدفاع إلى الأمام)، وهي غير قائمة حالياً؛ وبين حالة إقليمية مناهضة بشكل حاسم لإسرائيل وسياساتها، مشتبكة معها ضمن استراتيجية دفاعية، وهي موجودة حالياً، وقابلة للتطوير في المستقبل القريب، وتشكل دعماً ثميناً للنضال الوطني الفلسطيني بمختلف خياراته البرنامجية.

■ إن القيمة السياسية المباشرة لبرنامج التحرير الكامل، مهمة – لاريب – من زاوية الإسهام في بلورة الوعي الوطني القائم على تأكيد وحدة الشعب، ووحدة ترابه الوطني، ووحدة قضيته الوطنية، وتأصيل الرواية التاريخية (التي يفتقد إليها الجانب الإسرائيلي، فيعوض عنها بالأساطير والخرافات التوراتية، الخ..)؛ كما أنها مهمة من زاوية العلاقات التي تؤسس لها مع قوى، ودول، ومؤسسات، تشكل سنداً سياسياً ومعنوياً داعماً لقضيتنا الوطنية، وصولاً إلى نتائجها الملموسة، وإسهامها المهم في بناء وتطوير عناصر القوة الذاتية الفلسطينية.
أما القيمة التعبوية لهذا البرنامج، مع التسليم بدورها في المديين العربي والمسلم، وفائدتها، خاصة بعد رواج طروحات التطبيع والتقدم في بعض خطواته، فلا نعتقد أنه من السهل على هذا البرنامج أن يشق طريقه على نطاق واسع (أي أن يصبح جماهيرياً) وسط المكتوين مباشرة بنار السياسة الصهيونية، سواء في مناطق الـ 67؛ أو – بشكل خاص - في مناطق الـ 48، حيث وجدت جماهير شعبنا ما يستجيب لطموحاتها في برامج أحزابها، التي تجمع ما بين الدفاع عن مصالحها المباشرة، وبين انتمائها القومي للشعب العربي الفلسطيني (قضية، وأهدافاً نضالية تحررية)■
(9)
البرنامج المرحلي
1- البرنامج المرحلي: إنعكاس لمطلب الشعب قبل أن تتبناه الفصائل والمنظمة
[■ تزخر أدبيات الجبهة الديمقراطية بكتابات مستفيضة عن البرنامج المرحلي، نكتفي بالإشارة إلى مرجعين: أ) كتاب «البرنامج المرحلي.. 1973-1974، صراع – وحدة في المقاومة الفلسطينية»، 314 صفحة، من سلسلة «في الفكر السياسي الفلسطيني المعاصر»، من إصدارات «شركة دار التقدم العربي»(بيروت)، و «الدار الوطنية الجديدة» (دمشق). طبعة أولى: نيسان (إبريل) 2002؛ ب) «في راهنية الفكر السياسي للجبهة الديمقراطية..»، دراسة تشمل العناوين التالية: 1- السمة المعيارية لسياسة الجبهة الديمقراطية؛ 2- المقاربة المرحلية في سياسة الجبهة الديمقراطية، والأبعاد المتعددة للبرنامج المرحلي؛ 3- الكيانية الفلسطينية في بعديها المتلازمين: المنظمة والدولة. نشرت هذه الدراسة ص29-43، في كتاب «في مواجهة «صفقة القرن..». مصدر سبق ذكره.]
■ العودة إلى الديار والممتلكات، والخلاص من الإحتلال في الـ 67، والمساواة في الحقوق في الـ 48 مع صون الهوية القومية انتماءً للشعب العربي الفلسطيني، قضية وأهدافاً تحررية، هي مطالب بديهية، تلقائية، تنطلق من صميم واقع الإنسان الفلسطيني في أيٍ من الجماعات التي فُرض عليه الإندراج فيها؛ ولأن الهوية الوطنية الفلسطينية أضحت متبلورة، ومعززة بالرواية التاريخية الواحدة، فمن الطبيعي أن يتحول مطلب كل جماعة، إلى مطلب متبنى من الكل الفلسطيني، فتتوحد المطالب دون أن تفقد خصوصيتها، وتندمج بمكوناتها لتتحول إلى برنامج وطني واحد.
■ من هذه الزاوية، لا يصح البتة نسب أبوة البرنامج المرحلي إلى تنظيم سياسي بعينه، فالذي أنتجه بمرتكزاته الثلاثة الآنف ذكرها (عودة، دولة، مساواة) هو الشعب الفلسطيني بكل تجمعاته، والذي اعتبره من البديهيات التي لا تحتاج إلى إثبات، كما هو حال «المسلمات - Axioms» في الرياضيات. ولهذا السبب بالذات، يوفر البرنامج المرحلي أساساً صلباً، وإسمنتاً عالي الجودة للوحدة الوطنية، لأن أهدافه المعلنة تتطابق بشكل كامل (100%) مع طموحات وتطلعات الشعب الفلسطيني بأسره، بكل تجمعاته، وطبقاته، وشرائحه الإجتماعية.
وإذ نشير إلى الوحدة الوطنية، فنحن نعني ما يتجاوز الوحدة الداخلية بين قوى سياسية في أطر مؤسسية وغيرها، ونشير إلى الوحدة المجتمعية، وحدة النسيج الإجتماعي، التي يأتي البرنامج المرحلي لكي يوطد أركانها، وهي الكنز الثمين الذي نرفل بنعمته، وينبغي أن نصونه كحدقات الأعين، على عكس حال عديد الشعوب في أربع جهات الأرض التي تنزف دماً جرَّاء إنقسامات عامودية في مجتمعاتها، تجد امتدادها في بناها السياسية.
■ إن ما قامت به الجبهة الديمقراطية – وهو من الأعمال التي تعتز بها – لا يتعدى ترتيب سياق هذه المطالب، وإكسابها طابعها البرنامجي، بالتحليل المنهجي واشتقاق المهام، وصولاً إلى خوض المعركة السياسية – الجماهيرية في إطار تحالفي وطني، لإقرارها بصيغة البرنامج المرحلي، الذي تطور نصّاً ومضموناً، خلال 14 عاماً، ليكتسب المزيد من التحديد والملموسية في 9 دورات متتالية للمجلس الوطني، بدءاً من الدورة الثانية عشرة – 1974 التي صادقت على «برنامج النقاط العشر»، وحتى الدورة التاسعة عشرة – 1988 التي أقرت «إعلان الإستقلال».
■ إن أبوة البرنامج المرحلي تعود – بالأساس - إلى الشعب الفلسطيني، وليس لأحد سواه، ولا «خلاص» أو تحلل منه، إلا بإحدى الحالتين، وكلاهما غير قائمتين في المدى المرئي: تحقيق أهدافه؛ أو تغيير مزلزل في الشرط الموضوعي الذي انتجه؛ وهذا ما لا نراه ماثلاً، حتى لو أقدمت إسرائيل على أمر مستبعد يتمثل بضم كامل الضفة الغربية.
إن قيام «إسرائيل الكبرى» من خلال الضم الكامل – إذا افترضنا السيناريو الأسوأ - لا نجده سبباً موجباً للتخلي عن البرنامج المرحلي، لصالح برنامج آخر، يتمايز عنه تماماً، هو برنامج النضال ضد الأبارتهايد، لسبب وجيه، وهو: إن السمة الوطنية التحررية للنضال الفلسطيني، لن تتغيّر بالضم، إلا إذا رفعنا الراية البيضاء، وسلَّمنا – ومعنا العالم – بالأمر الواقع الإستعماري. وهذا لن يحصل. ولعل المعارضة الدولية الواسعة التي نشهدها في هذه الأيام على مخطط الضم الجزئي (المغطى أميركياً)، وعديدها من جهات صديقة لإسرائيل، إنما تؤشر إلى ما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع من انسداد في وجه إسرائيل، في حال تنفيذ الضم الكامل.
■ في كل الأحوال، لا تجوز المقارنة، بين وضع أراضي الـ 48، حيث الإعتراف الدولي بدولة إسرائيل، وبين الوضع الذي سينشأ في الضفة الغربية ضمن فرضية الضم، الذي لن يلغي المركز القانوني والشرعي الدولي للكيان الغاصب، كقوة قائمة بالإحتلال، يضعها باستمرار تحت مطرقة المحاسبة وطائلة القانون. هذا بالإضافة إلى عوامل أخرى لسنا بوارد التوسع فيها على غرار الإختلاف في التناسب السكاني (20% عرب فلسطينيون في الـ 48، مقابل 80% في الضفة بما فيه القدس، دون احتساب القطاع)، الثقل الفلسطيني المؤسسي، التراكم الكفاحي، الخ... إن برنامج النضال ضد الأبارتهايد ينطبق على الحالة الفلسطينية في مناطق الـ 48 حصراً، ولا يجوز سحبه على وضع الضفة الغربية، في سياق ممارسة تمارين ذهنية قد تكون مقبولة في أي مكان، ما عدا الميدان الذي تدور فيه المواجهة اليومية بين الشعب واحتلال الإستيطان.
[ في موضوع النضال ضد الفصل العنصري (الأبارتهايد) الذي دارت رحاه في جنوب إفريقيا، يفيد التذكير بما يلي: المؤتمر الوطني الإفريقي- ANC بقيادة الحزب الشيوعي، جمع في نضاله ضد النظام القائم، بين العمل السياسي والجماهيري محلياً ودولياً، وبين الكفاح المسلح انطلاقاً من قواعد ارتكاز في بلدان الجوار، وبخاصة أنغولا بقيادة الحركة الشعبية لتحرير أنغولا – MPLA ذات الهوية الماركسية.]
2- الموضوعات الرئيسية لأطروحة البرنامج المرحلي
■ الموضوعة الأولى: إن الظفر بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني على كامل ترابه الوطني يتطلب مرحلياً: 1- تحرير الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة بعاصمتها القدس، عليها؛ 2- إقرار حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم التي شردوا منها منذ عام 1948 واستعادة ممتلكاتهم؛ 3- ضمان حق المساواة لجماهير الشعب الفلسطيني داخل حدود 1948 والإعتراف بهويتها القومية كجزء من الشعب الفلسطيني الموحد.
■ الموضوعة الثانية: إن إنجاز هذه الأهداف يفتح الطريق للنضال من أجل حل ديمقراطي جذري للمسألة الوطنية الفلسطينية، يحقق للشعب الفلسطيني حقه في تقرير المصير على كامل ترابه الوطني، ويلبي كامل حقوقه القومية في وطنه، في ظل فلسطين ديمقراطية، موحدة، ومتحررة من الصهيونية والنفوذ الإمبريالي، يتعايش فيها الشعبان على أساس من المساواة القومية، وبعيداً عن أي شكل من أشكال التمييز والإضطهاد القومي والعنصري والديني.
■ الموضوعة الثالثة: البرنامج المرحلي كان ومازال، قبل كل شيء، برنامج الإعداد للإنتفاضة الشعبية الشاملة، باعتبارها الشكل الفلسطيني المميّز من أشكال حرب الشعب. وفي هذا لا تقلل الإنتفاضة الشعبية من شأن وتأثير أشكال النضال الأخرى، السياسية والدبلوماسية، وما تستتبعه من تضامن وتأييد وإسناد ملموس لنضال شعبنا من جهات ومصادر متعددة. وفي هذا الإطار يحتل العمل العسكري، إن بأشكاله التكتيكية عموماً، أو ضمن الإستراتيجية الدفاعية المعتمدة في قطاع غزة تخصيصاً (التي تواصل تطوير نفسها لبلوغ عتبة الردع)، بل تؤكد الإنتفاضة على دور جميع هذه الأشكال، كروافع مهمة، وأحياناً فائقة الأهمية لاستنهاض الإنتفاضة الشعبية، واستنزاف الإحتلال.
■ الموضوعة الرابعة: إن تسليط الضوء على الإنتفاضة، باعتبارها الصيغة النضالية الفلسطينية لحرب الشعب، التي تؤكد الدور المقرر للحركة الجماهيرية وللمقاومة الشعبية بمختلف أشكالها، في إحداث التغيير اللازم في نسبة القوى للخلاص من الإستعمار الإستيطاني، إنما يرسخ فكرة الإعتماد على الذات، ويقود إلى إدراج مهمة تحشيد وتنظيم القوى الذاتية في مقدمة مهام واهتمامات الحركة الفلسطينية، بعيداً عن المواقف الإنتظارية التي تعتمد، أو تراهن على تغيير في نسبة القوى يأتي من المحيط الإقليمي، مع التأييد الشديد لهذا التغيير في حال تشكله. إن البرنامج المرحلي هو برنامج تعبئة وتنظيم القوى الذاتية، والإعتماد على الذات، من موقع الثقة بطاقات الشعب وقدرات حركته الجماهيرية.
■ الموضوعة الخامسة: من أجل تحقيق أهدافه، لا يفترض البرنامج المرحلي، ولا يعتمد على التسوية السياسية من خلال المفاوضات، لكنه لا يستبعدها، إذا وعندما تتولد نسبة قوى توفر شروطاً تكفل مُخرجات تحقق أهداف النضال الوطني التحرري. ومن هذه الزاوية بالتحديد، فإن أوسلو بما قاد إليه من كوارث، ليس ترجمة للبرنامج المرحلي، بل هو نقيضه تماماً، إنه النموذج – الضد الذي ينبغي عدم مقاربته، وإدانته، وإدارة الظهر له. إن مسار أوسلو ليس مسار البرنامج المرحلي، بل هو مسار تصفية أهدافه.
3- المنظمة والبرنامج المرحلي، وجهان لموضوع واحد: الكيانية الفلسطينية
■ بعد اعتماد «برنامج النقاط العشر»- 1974، تداخل مسار منظمة التحرير مع مسار البرنامج المرحلي، وبات من غير الممكن الفصل بينهما، كونهما يعبِّران معاً عن نفس الموضوع، وهو الكيانية الفلسطينية: فالمنظمة – كحقيقة قائمة – تعكس الكيانية الوطنية بمكانتها التمثيلية للشعب وقضيته الوطنية، ولحق تقرير المصير؛ والبرنامج المرحلي (وفي القلب منه الدولة المستقلة على حدود الـ 67، ومعها حق العودة للاجئين، والمساواة لجماهير شعبنا في الـ 48)، يعبر عن هذه الحقيقة الكيانية، كهدف نضالي يجري العمل نحوه.
■ لقد أضحى الإعتراف بالمنظمة، بما هي كيان سياسي يستبطن حقوقاً، هو اعتراف بالدولة المستقلة، الذي هو – بدوره – اعتراف بالمنظمة. ولأنه لم يعد بالإمكان الفصل ما بين المنظمة وبرنامجها، فليس من المنطق، ولا من الأمانة التاريخية بشيء، أن يتم التأكيد على الإنتماء للمنظمة، مع التنكر لبرنامجها، أو حتى مع إدارة الظهر له، الذي لولاه لما وصلت المنظمة إلى ما وصلت إليه من دور ومكانة ونفوذ، فمن سلك درب المنظمة، أخذ «عدتها» معه، فبدون هذه «العدة» لن يصل إلى أي مكان. ومن المؤكد أنه لم تكن المنظمة لتشهد هذا التراجع في المكانة والدور، لولا إقدام قيادتها الرسمية، على ولوج درب اتفاقات أوسلو، فسلخت البرنامج عن حوامله (أي المنظمة)، ما أدى إلى النتائج المعروفة.
■ ومن هذه المعادلة التي جمعت، ووحَّدت ما بين المنظمة وبرنامجها، انعقد شرط نجاحها خارجياً، فانطلقت منظمة التحرير تحت راية البرنامج المرحلي إلى العالم، لتحقق أوسع الإعترافات بالحقوق الوطنية، فرسَّخت مكانة هذه الحقوق – بدرجات متفاوتة من التأصيل – لدى 138 دولة، وفي المنظمات القارية، وفي محكمة العدل الدولية وسائر المؤسسات العاملة في إطار الأمم المتحدة، وفي محافل الشرعية الدولية، الخ..؛ كما انعقد شرط نجاحها داخلياً، فانطلقت تحت راية البرنامج المرحلي، رافعة شعار: «الحرية والاستقلال»، الانتفاضتان الأولى (1987-1993)، والثانية (2000-2004).
4- البرنامج المرحلي: الممر الإجباري إلى إنجاز الحقوق الوطنية
■ مما سبق، وعلى أساس نضالات شعبنا وصموده في الميدان، نستخلص مايلي: 1- لولا المكانة التمثيلية للمنظمة ببرنامجها المعتمد (البرنامج المرحلي)، لما كان بالإمكان تحقيق هذه النتائج السياسية الباهرة، داخلياً وخارجياً؛ 2- إن التأييد الدولي الذي نسعى إليه في المدى المباشر لمواجهة مخطط الضم وصفقة القرن (توسيع الإعتراف بدولة فلسطين وسائر الحقوق الوطنية + مقاضاة إسرائيل ومعاقبتها على جرائمها + تعزيز تمثيل فلسطين في المؤسسات الدولية + تنشيط حملة المقاطعة – B.D.S،...)، هذا التأييد لن يُبنى، ولن يمتد، إلا على قاعدة القرارات السابقة للمستويات الدولية الآنف ذكرها. وجميعها تمت على قاعدة البرنامج المرحلي بمنطوياته، وليس بما يتجاوزها، فإدانة الاستيطان – مثلاً – على يد القرارات الست الصادرة عن مجلس الأمن (446-1978 + 452-1979 + 465-1980 + 476-1980 + 478-1980 + 2334-2016) تكون للإستيطان القائم في الضفة بما فيه القدس الشرقية، وليس في القدس الغربية، أو النقب، أو الجليل... والنص على الدولة الفلسطينية والإعتراف بها، يكون على حدود الـ 67، وليس على خطوط التقسيم لعام 1947، ناهيك عن حدود فلسطين – الإنتداب.
■ الحالة الفلسطينية – عموماً – تعي أن تدويل القضية الوطنية، على أهميته، لا يتعدى كونه أحد العناصر الفاعلة بتشكيل نسبة القوى في الصراع الدائر، فالعامل الحاسم والأهم، هو ما يجري في الميدان. ومع ذلك، لا أحد يستطيع أن يتجاهل أهمية المعركة حول الحقوق الوطنية على المستوى الدولي، منذ مرحلة الإنتداب وحتى يومنا.
في هذا المجال تحديداً، مازالت المنظمة في موقع متقدم، ينبغي صونه، تعزيزه، وعدم التقليل من أهميته، بدعوى أن أياً من قرارات الشرعية الدولية لم يُنفذ حتى الآن؛ فهذا الكلام – على صحته – لا يفي الموضوع حقه للسبب التالي: إن نسبة القوى اللازمة لاتخاذ القرار الأممي، تختلف عن تلك الضرورة لتنفيذه. ثمة فجوة ما بين الأمرين، لا تردمها سوى حقائق الميدان. وطالما معطيات الإقليم والعالم على ما هي عليه، وحده تحسين ميزان القوى لصالحنا إلى درجة معيَّنة، هو الكفيل بإدراج قرارات مجلس الأمن تحت الفصل السابع الذي يفرض تنفيذها بالقوة، إذا لزم الأمر.
■ الصعوبات التي تحيط بالقضية الفلسطينية حالياً، تقتضي – مستفيدين من التدويل المضطرد لقضيتنا الوطنية – استعادة عناصر القوة الفلسطينية: إنتفاضة شعبية ومقاومة + وحدة داخلية + تعبئة طاقات الشعب الفلسطيني في كل مكان.
البرنامج المرحلي قادر على حمل أعباء المرحلة، دونما تعارض مع أي من الخيارات البرنامجية الأخرى؛ فخيار برنامج «المساواة في إطار الدولة الواحدة» يدور في حلقة افتراض أسوأ الأسوأ، الذي لا تزكيه وقائع الصراع؛ وبرنامج «التحرير الكامل»، (ولعل الأدق تسميته ببرنامج «الإخلال الكامل» بميزان القوى)، لا نراه يتحرك خارج خيارات البرنامج المرحلي.
إن البرنامج المرحلي الذي اعتمدته حركة حماس رسمياً، هو عملياً «البرنامج الوطني المشترك» الذي تكمن قوته الضامنة لاستمراريته (ضمن الشرط الذي أنتجه) في واقعيته وديناميته التوحيدية، هو البرنامج المعياري الذي إذا لم يتحقق السبق إليه، فمن الصعب الإختلاف معه. وتبقى المقاربة المرحلية هي المقاربة المعيارية وطنياً، كونها تعكس الشراكات السياسية لحركة وطنية، تستمد قوتها – أيضاً – من تعدديتها■
تموز (يوليو) 2020

فهد سليمان
نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية
لتحرير فلسطين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
في مواجهة مشروع الضم، على طريق طرد الاحتلال
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: فلسطين الحبيبة-
انتقل الى: