منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 ” الأمن القومي الإسرائيلي نظريات ومستوياته ”

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

” الأمن القومي الإسرائيلي نظريات ومستوياته ” Empty
مُساهمةموضوع: ” الأمن القومي الإسرائيلي نظريات ومستوياته ”   ” الأمن القومي الإسرائيلي نظريات ومستوياته ” Emptyالثلاثاء 11 أغسطس 2020, 12:03 pm

” الأمن القومي الإسرائيلي نظريات ومستوياته ”
تأليف
د.خضر محمود عباس
إصدارات
مركز الوعي للدراسات والتدريب
فلسطين – غزة
1423 هـ ـ 2003م

خلفية الدراسة

مقدمة:
استندت إسرائيل في مفهومها “للأمن القومي” على مبادئ صهيونية منها ” نكون أو لا نكون”، وعلى اعتبار أنها “في تهديد مستمر” من الدول العربية، وأن قضية “الأمن” هي المفتاح الرئيسي لجميع خطوطها السياسية ومنهج عمل الحكومات والقيادات الأمنية والعسكرية.
وانطلقت إسرائيل في بناء نظرياتها “الأمنية” على العوامل الديمغرافية والاقتصادية والجيوسياسية.
إن قواعد نظريات الأمن الإسرائيلي، تعتبر في تطور دائم بناءً على إدراك القيادة العسكرية والأمنية الإسرائيلية، بأنه من الصعب المحافظة على نظريات ثابتة، لا سيما في ظل مفاهيم الأيدلوجية الصهيونية التي تتمحور حول التوسع والسيطرة.
رغم ذلك، تعاني نظريات الأمن الإسرائيلي التي تخضع للتحليل والتقييم السياسي والأمني إلى العديد من الثغرات في استراتيجيتها وتكتيكها وخططها التطويرية في جميع المجالات العسكرية. ويحاول خبراء الأمن الإستراتيجيين الإسرائيليين البحث عن إستراتيجية للأمن القومي الإسرائيلي بالتكيف مع المستجدات على الساحة العالمية وبما يتناسب والمتطلبات الخاصة بالفكر الإسرائيلي (الصهيوني).
وتحقيقاً لهدفنا قمنا بالدراسة والتحليل، والبحث في أهم المكونات التي تشكل “نظرية الأمن القومي” وذلك من خلال عدة فصول .
مشكلة الدراسة :
وتحاول هذه الدراسة طرح المفهوم النظري والعملي لما تسميه إسرائيل ” بالأمن القومي الإسرائيلي”، استنادا إلى التجارب التي خاضتها “إسرائيل” نفسها في صراعها مع الدول العربية.
وتمثل مشكلة الدراسة السؤال الرئيسي التالي :
ما هو مفهوم الأمن القومي الإسرائيلي ، وأهم النظريات الأمنية التي يستند عليها ؟
وينبثق عن هذا السؤال التساؤلات الفرعية التالية :
ما هو مفهوم الأمن القومي الإسرائيلي ؟
ما هي النظريات التي يقوم عليها مفهوم الأمن القومي الإسرائيلي ؟
ما هي حدود القوة في العقيدة الإستراتيجية الإسرائيلية ؟
أهداف الدراسة :
– التعرف على مفهوم الأمن القومي الإسرائيلي .
– التعرف على النظريات التي يقوم عليها مفهوم الأمن القومي الإسرائيلي .
– التعرف على حدود القوة في العقيدة الاستراتيجية الإسرائيلية .
أهمية الدراسة :
– قد تستفيد منها القيادة السياسية والأمنية والعسكرية في المجتمع الفلسطيني من خلال التعرف على مفهوم الأمن القومي الإسرائيلي ، وكيف ينظر الإسرائيليون إليه.
– قد يستفيد منها مراكز التخطيط في مواجهة هذه النظريات الإسرائيلية ، وكيفية تحقيق ثغرات ممكنة فيها .
– قد يستفيد منها الأكاديميون في دراستهم عن الكيان الإسرائيلي ، وخاصة في الجانب الأمني والعسكري .
– قد تثري هذه الدراسة المكتبة الفلسطينية والعربية من خلال التعرف على أهم جانب من جوانب الكيان الإسرائيلي .
– قد يستفيد منها المفاوض الفلسطيني من خلال الإطلاع المسبق عن طريقة تفكير المفاوض الإسرائيلي الأمني وكيفية انطلاق في التفاوض من الأسس النظرية في “الأمن الإسرائيلي”.
– قد تشكل هذه الدراسة رؤية جديدة علمية في تشجيع الكتاب العرب والفلسطينيين على تناول المجتمع الإسرائيلي من جميع جوانبه ، وتقديم ثقافة عامة في متناول القارئ العربي.
مصطلحات الدراسة

تعريف الأمن :
– يعرف عمر قدورة الأمن على أنه ” حالة يوجد بها الإنسان لتستثار فيها دوافعه الغريزية للدفاع أو الهرب أو العدوان ، وهذه الحالة كما توجد في أفراد توجد في الجماعة” –
وعرف نافع عبد الكريم الأمن على أنه ” غياب المخاطر التي قد تواجه الدول بهدف توفير الظروف الداخلية والخارجية لمجتمعها للمضي قدماً نحو تحقيق الغايات المشتركة بين أفراده ، والأمن يعني الشعور الذي يسود الفرد أو الجماعة بإشباع الدوافع العضوية والنفسية ، واطمئنان الجميع بزوال ما يهددهم من مخاطر ، وذلك هو الأمن كشعور … وقد تكون الجهود التي تصدر عن الفرد أو الجماعة لتحقيق حاجاتها الأساسية ، أو للرد على العدوان عن كيانها ككل … وهذا يعني الأمن كإجراء”

تعريف الأمن القومي :
عرف جوهان أ. كولينز الأمن القومي على أنه ” دفاع عن شعب ضد جميع أنواع الأعمال العدوانية من الخارج” .
وُعرف على أنه ” هو تأمين سلامة الدولة من أخطار داخلية وخارجية قد تؤدي بها إلى الوقوع تحت سيطرة أجنبية نتيجة ضغوط خارجية أو انهيار داخلي”
وعرف عمر قدورة الأمن القومي على أنه ” مجموعة من الوسائل الناجعة والقوى المادية والمعنوية التي تتوفر لدولة ما لحماية كيانها ونظامها ومجتمعها من الأخطار الداخلية والخارجية التي تطالها أو تهددها”
تعريف الأمن القومي الإسرائيلي :
اعتبر تسفي شور ” أن الوضع الدفاعي لدولة إسرائيل يختلف عن وضع معظم أمم العالم ، فالتهديد العسكري المستمر منذ إقامة إسرائيل ، من جانب الدول العربية يضع أمامها مشكلة وجود أساسية ، ويلزم بإقامة قوة عسكرية تكون قوية بما فيه الكفاية لمواجهة هذا التهديد والتصدي له ” كما يعتبر أنه ” لا توجد دولة في العالم تعتبر مسألة الأمن القومي حيوية لوجودها كما هي لإسرائيل ، حيث أن مسألة الأمن القومي بالنسبة لها ليست مسألة وجود قومي فحسب ، بل هي مسألة حياة أو موت بالنسبة لمواطنيها ، ولا يوجد مكان في العالم ينطبق عليه قول جون كيندي، أن الأمن القومي يبقى مجال النشاط ، حيث ” أن خطأ واحد بإمكانه قتلنا ” بأكثر مما ينطبق على إسرائيل .

منهاج الدراسة :
هو المنهج الوصفي التحليلي والمنهج المقارن ، وذلك من خلال استعراض مفهوم الأمن القومي الإسرائيلي ، وأهم النظريات المرتكز عليها ، وحدود القوى في العقيدة الإستراتيجية الصهيونية ، وتحليل هذه المعطيات والنظريات والخروج بنتائج والمقارنة بينها.

خطة الدراسة:
يتناول الفصل الأول مفهوم الأمن القومي بشكل عام.
ويتناول الفصل الثاني مفهوم الأمن القومي الإسرائيلي .
ويتناول الفصل الثالث مرتكزات صنع القرارات في الأمن القومي لإسرائيل.
ويتناول الفصل الرابع نظريات الأمن القومي الإسرائيلي.
ويتناول الفصل الخامس الثابت والمتغير في نظريات الأمن القومي الإسرائيلي.
ويتناول الفصل السادس حدود وعناصر ميزان القوة العسكرية الإستراتيجية
ويتناول الفصل السابع معادلة الأمن القومي الإسرائيلي.
ويتناول الفصل الثامن تطور القوة في سياسة الدفاع
ثم ِالخاتمة وتشمل الاستخلاصات والنتائج.

الفصل الأول
مدخل إلى مفهوم الأمن القومي
أولاً : مفهوم الأمن :-
تعريف الأمن:
عرف الأمن على أنه ( حماية الأمة وحرمة أراضيها وسيادتها واستقلالها السياسي واستقرارها) ويشمل عنصرين:
الأول: عسكري.. أي الوسائل الكفيلة لحماية الدولة ضد أعمال العدوان وسياسات التوسع.
الثاني: غير عسكري.. أي عدم التدخل في الشئون الداخلية للدولة، أو تعريضها لحرب دعائية، أو ضغوط اقتصادية.
فالأمن حالة يوجد بها الإنسان تستثار فيها دوافعه الغريزية للدفاع أو الهرب أو العدوان،وهذه الحالة توجد في الفرد كما توجد في الجماعة” ” “.” إن حاجة الإنسان “الغريزية” إلى الأمن تدفعه إلى الدأب في السعي إلى استكشاف البيئة المحيطة به سواء كانت بيئة مادية، أو اجتماعية للتعرف عليها، والتفريق بين النافع والضار فيها، بحيث يشبع حاجته إلى الأمن “. .
وعرف آخرون ” الأمن ” بأنه غياب المخاطر التي قد تواجه الدول بهدف توفير الظروف الداخلية والخارجية لمجتمعها للمضي قدماً نحو تحقيق الغايات المشتركة بين أفراده، والأمن يعني الشعور الذي يسود الفرد أو الجماعة بإشباع الدوافع العضوية والنفسية، واطمئنان الجميع بزوال ما يهدده من مخاطر، وذلك هو الأمن كشعور.. وقد تكون الجهود التي تصدر عن الفرد، أو الجماعة لتحقيق حاجاتها الأساسية، أو للرد على العدوان عن كيانها ككل.. وهذا يعني الأمن كإجراء ..
ويثير مفهوم ” الأمن ” قضيتين هما:-
– الأمن حقيقة متغيرة تخضع للعديد من العوامل والظروف الداخلية والخارجية.. فهو كحقيقة متغيرة مرتبط باعتبارات مختلفة منها داخلي كالطابع القومي والحدود الآمنة التي ترغب الدولة على تأكيد سلامتها في نطاقها، ومنها الخارجي كعلاقة الدولة بالدول المجاورة لها.
– الأمن حقيقة نسبية أيضاً، فتحقيق ” الأمن ” المطلق لدولة يعني التهديد المطلق لغيرها من الدول التي تسعى هي الأخرى لزيادة قوتها بهدف تحقيق أمنها فتصبح مصدر خطرٍ على غيرها، و خاصة إذا اعتمدت الدولة في تحقيق أمنها على النواحي العسكرية فقط.
واستناداً لما ذكر، يمكننا القول بأن مفهوم ” الأمن ” مفهوم غامض ومعقد يستوعب في نطاقه معانٍ متعددة تندرج من مجرد قيام الدولة بإجراءات وقائية لحماية نفسها من المخاطر الخارجية، ووضع القواعد المناسبة لحراسة حدودها وسواحلها وأجوائها، والمحافظة على أسرارها وتشكيلاتها المسلحة، وعمل الأحلاف العسكرية، إلى حد قيام الدولة بإجراءات إيجابية لتحقيق أمنها بدءً من الإجراءات الخاصة بتأمين المواطنين داخل الدولة ضد الأخطار المحتملة التي تمسهم وأموالهم، ووضع القوانين والتشريعات، التي تكفل هذه الحماية ،وما يتضمنه ذلك من وجود السلطات القائمة على تنفيذ القانون، بل تمتد هذه الإجراءات لتشمل الإجراءات المتعلقة بتأمين الدولة في مواجهة غيرها من الدول.
ولم يقتصر مفهوم الأمن على الإجراءات التي تتخذها الدولة فحسب، بل شمل وامتد لمعانٍ جديدة مثلما يعرف بالأمن الاقتصادي والاجتماعي والأمن الغذائي.. وهي معاني جديدة في نطاق مفهوم الأمن أصبحت تحتل مكانةً بارزة عند معالجة قضايا الأمن.
إن ” الأمن ” بمفهومه الواسع لا يمكن أن ينحصر في مجرد التحرر من التهديد العسكري الخارجي، كما لا يمكن تحديد مفهومه بسلامة الوطن وأراضيه وسيادته، وإنما امتد إلى آفاق أوسع تشمل معاني الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والنفسي للمجتمع، حيث أن الأمن يرتبط بعلاقة ديناميكية جدلية بين الاستقرار الداخلي والعدواني الخارجي، ولا يمكن الفصل بين الأمنين الخارجي والداخلي.
ثانياً: مفهوم ” الأمن القومي “:-
حاول العديد من الباحثين الإستراتيجيين تقديم اطروحات لتعريف ” الأمن القومي “، وفي المراحل الأولى لدخول مفهوم ” الأمن القومي ” مجال العلوم السياسية والعسكرية، اختزل هذا المفهوم لدى _ الأمريكيين _ لعنصرٍ أساسي تمثل في قدرة الردع العسكري التي تمتلكها الدولة، والتي تحدد موقعها ضمن شبكة العلاقات الدولية السائدة، وهو ما عبر عنه وولتر ليبمان عام 1943 حين قال أن ” الدولة تكون آمنة حينما تضطر إلى التضحية بمصالحها المشروعة لتجنب الحرب، وتكون قادرة على التحدي لأجل المحافظة على تلك المصالح بالحرب ” ” “.
وقد تعرض هذا المفهوم إلى الانتقادات، فقد قال جوهان أ. كولينز بأن ” الأمن القومي: هو دفاع عن شعب ضد جميع أنواع الأعمال العدوانية من الخارج ” ” “.
ويذهب البعض إلى تعريف الأمن القومي على أنه ” قدرة المجتمع على مواجهة ليس فقط الأحداث والوقائع الفردية للعنف، بل جميع المظاهر المتعلقة بالطبيعة الحادة والمركبة للعنف “، أي أن الأمن القومي _” تأمين كيان الدولة والمجتمع ضد الأخطار التي تهددها داخلياً وخارجياً، وتأمين مصالحها وتهيئة الظروف المناسبة اقتصاديا واجتماعيا لتحقيق الأهداف والغايات التي تعبر عن الرضا العام في المجتمع. ” “.
واقترح آخرون التعاريف التالية:
“الأمن القومي ” مجموعة الوسائل الناجعة والقوى المادية والمعنوية التي تتوفر لدولة ما لحماية كيانها ونظامها ومجتمعها من الأخطار الداخلية والخارجية التي تطالها أو تهددها” ” “.
ويعرف الأمن القومي بأنه ” التنمية ” أي الأمن ليس هو المعدات العسكرية وإن كان يتضمنها _ والأمن ليس النشاط العسكري التقليدي _ وإن كان يتضمنها ، إن الأمن هو التنمية، وبدونها لا يمكن أن يوجد أمن، والدول النامية التي لا تنمو في الواقع لا يمكن أن تظل آمنة.. ” ” “، وتضيف إلى أن : ” المشكلة العسكرية لا تمثل غير وجه سطحي ضيق لمشكلة الأمن الكبرى، فالقوة العسكرية يمكن أن تساعد في توفير القانون والنظام، ولكن ذلك لا يتحقق إلا بقدر ما يتناسب مع الوجود الفعلي لقاعدة صلبة للقانون والنظام في المجتمع النامي،. ورغبة أساسية في التعاون من جانب الشعب ” وأنه ” لا يمكن للدولة أن تحقق أمنها إلا إذا ضمنت حداً أدنى من الاستقرار الداخلي، الأمر الذي لا يمكن تحقيقه إلا بتوفر حد أدنى من التنمية” ” ” .
الأمن القومي هو أمن الدولة ” قاطبة داخلياً وخارجياً محلياً وإقليمياً ودولياً مع ارتباط هذا المفهوم بفلسفة النظام السياسي وبمفهوم السيادة والمصلحة العليا للدولة ” “.
الأمن القومي ” الجهد اليومي الذي يصدر عن الدولة لتنمية دعم أنشطتها الرئيسية السياسية والعسكرية والفكرية والاقتصادية والاجتماعية ودفع أي تهديد أو تعويق أو أضرار بتلك الأنشطة ” ” “.
ثالثاً مستويات الأمن القومي :
تدخل الدولة بحكم عضويتها في المجتمع الدولي في علاقات مع غيرها من الدول، أو المنظمات، أو الهيئات الدولية.. وتتحدد هذه العلاقة بمجموعة من الاعتبارات منها الاقتصادي أو السياسي أو الاجتماعي، ولكن هناك جانباً آخر يؤثر في طبيعة هذه العلاقات، وهو الجانب المتعلق بالأمن ، وهذا الجانب يحكمه اعتبار هام، وهو الأمن القومي للدولة ذاتها، الذي يهدف إلى أضعاف تأثير أي من الاعتبارات السابقة على تأمين الدولة وحمايتها، فلا تطغى الاعتبارات الاقتصادية أو السياسية أو غيرها على اعتبارات الأمن، وللأمن القومي حدود يعمل في إطارها بهدف تحقيق الأمن والاستقرار في داخل الدولة أولاً، ثم في علاقاتها بغيرها من الدول ثانياً، وأول هذه الحدود هي حدود الدولة المعترف بها دولياً، والتي تمارس سيادتها في إطارها،ويلي ذلك بعد آخر وهو الحدود التالية لحدود الدولة، أو ما يطلق عليها ” العلاقات الإقليمية ” ويتبع ذلك البعد الثالث، وهو خطر غير مرئي تحكمه الاعتبارات الدولية وعضوية الدولة في المجتمع الدولي.
وهنا يمكن القول بأن هناك ثلاث مستويات للأمن القومي لأية دولة وهي:
المستوى الداخلي: ويتعلق بحماية الدولة من التهديدات الداخلية، خاصة تلك المدعومة بقوة خارجية.
يضع حدود الدولة الجانب الأول: ذاتها في الاعتبار الأول، والعمل على حماية استقلالها وسيادتها الإقليمية، وسعي الدولة إلى حماية هذا الكيان وما يرتبط به، كشكل نظام الحكم، أو القيم الهامة الواجب حمايتها داخل الدولة، وذلك بالنص عليها صراحة ضمن مجموعة القواعد الأساسية للدولة التي اصطلح على تسميتها بـ ” الدستور ” أو من خلال مجموعة الإجراءات التي تهدف إلى حماية الجماعة ذاتها أو مجسدة في الحكومة من أعدائها في الداخل أو في الخارج، في الحاضر والمستقبل.
ويجري استخدام “اصطلاح ” ( أمن الدولة ) أو ( الأمن الداخلي ) عادة للإشارة إلى تحقيق الأمن في المستوى الداخلي، وهو بذلك يختلف عن الأمن القومي الذي يشمل هذا المستوى والمستويين الإقليمي والدولي.
المستوى الإقليمي: ويرتبط هذا المستوى بعلاقة الدولة بالدول المجاورة لها في نفس الإقليم الجغرافي، وهو ما يطلق عليه النظام الإقليمي، ويؤثر هذا المستوى تأثيراً مباشراً على الأمن القومي للدولة، لذلك تولي الدولة أهمية خاصة من أجل إقامة علاقات طيبة مع الدول المجاورة لها في نفس الإقليم، فتدخل معها في اتفاقيات ثنائية أو متعددة الأطراف لحماية الحدود المشتركة، أو لإنشاء منظمة إقليمية تهدف إلى تحقيق الأمن والمصالح المشتركة لهذه الدول.
المستوى الدولي: ويشير إلى علاقة الدولة بالمجتمع الدولي، ويتأثر هذا المستوى بعلاقة الدولة بغيرها من الدول _ خاصة الكبرى _ وطبيعة تحالفاتها الدولية والسياسية التي تنتهجها اتجاه الأمن الدولي، ومشاركتها في المؤتمرات الدولية، والقيود التي يفرضها عليها نظام الأمن الجماعي الذي ارتضته الدولة في إطار المجتمع الدولي.
لا يمكن لأي دولة أن تغفل أي مستوى من هذه المستويات، خاصة وأن التقدم التكنولوجي في مجالات الاتصال والأسلحة وسرعة التحرك أدت إلى تشابك هذه المستويات وأصبح من الصعب التفرقة بين ما هو متعلق بالأمن الداخلي أو الأمن الإقليمي أو الأمن الدولي.
إن تقسيم الأمن إلى مستويات ثلاث ينعكس على الجانب التطبيقي الذي تنتهجه الدولة لحماية كيانها، حيث تقوم هذه الدولة بإنشاء أجهزة تختص بحماية كيان الدولة حسب مصدر الخطر الذي يمكن أن يواجه الدولة.. فيتولى جهاز أو أكثر حماية الدولة من الأخطار الخارجية والداخلية.


الفصل الثاني
مفهوم الأمن القومي الإسرائيلي
تمهيد:
يستند مفهوم إسرائيل للأمن القومي على قاعدة تقول: ” إن إسرائيل تعيش في حالة من التهديد المستمر لوجودها ذاته.. ” ومن هذا المنطلق ظل موضوع ” الأمن القومي ” منذ عام 1948 يشغل اهتمام حكومات إسرائيل المتعاقبة ويشكل مصدر إلهامها.
إن نقطة الانطلاق لجميع تلاوين المفهوم الإسرائيلي للأمن القومي هي الفرضية القائلة “أن إسرائيل هي أمة تعيش في محنة كيانية”. هذا التوافق في الرأي، وبغض النظر عن الإختلاف في المواقف الأيديولوجية والسياسية، يعكس مكانة إسرائيل كفريق في نزاع متواصل.
ويعتبر الإستراتيجيون الإسرائيليون بأن لهذا النزاع مستويان ينطويان على تحديين تتصدى لهما مفاهيم إسرائيل للأمن القومي منذ سنة 1948. فعلى مستوى النزاع بين دول المنطقة، وفي ظل انعدام السلام بين إسرائيل و”جاراتها العربيات”، تتصدى إسرائيل لتحدي “البقاء العسكري في بيئة إستراتيجية معادية”، وأما على الصعيد القومي _ الأيديولوجي للنزاع، بين “القومية اليهودية” و”القومية الفلسطينية”، على مصير الأرض الواقعة بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط، تسعى إسرائيل إلى ترسيخ الاعتراف الدولي بشرعية وجودها كدولة ذات سيادة.
وهناك ارتباط متبادل بين هذين التحديين الأمنيين على المستوى القومي _ العسكري والسياسي، وثمة اتفاق في الرأي يكاد يكون شاملاً، بالنسبة لحقيقة وجود ارتباط بين البعد العسكري والبعد السياسي “لأمن إسرائيل القومي”. على الرغم من الاختلاف في تقييم الأهمية النسبية لهذين البعدين.
وعبارة ” السياسة الخارجية والأمن ” المتداولة في إسرائيل تعكس الاعتراف بالعلاقة المتبادلة القائمة بين هذين العاملين. وكذلك مصطلحي ” خارجية وأمن ” يظهران أيضاً في إسم لجنة الكنيست التي تعالج هذين المجالين معاً، ومع ذلك فالمفهوم المهيمن للأمن القومي في إسرائيل يميل إلى اعتبار الدبلوماسية بمثابة خادم للإستراتيجية، وليس العكس. واصل هذا الأمر يكمن في مفهوم “التهديد الكياني” الذي ينظر إليه “كتهديد جاد وحقيقي”. فضمان البقاء القومي كهدف رئيسي للإستراتيجية والدبلوماسية على حد سواء يتساوق مع المفهوم القائل أن إسرائيل تعيش في حالة ” الحرب الراقدة “.
ويستدل من ذلك، أن المفهوم الأمني الإسرائيلي يميل إلى التشديد على ضمان قدرة إسرائيل الدفاعية الذاتية كمنطلق لتعيين الأهداف التي تشن إسرائيل الحرب من أجلها ، ويلاحظ وبشكل مضطرد بروز دلائل تشير إلى أن المفهوم الذي يتوجب على إسرائيل بموجبه استخدام قوتها العسكرية، لأغراض تتجاوز التحذير والإحباط و ” الضربة الوقائية”، ” قد احتل مركز الصدارة في أوساط قيادتها الأمنية والسياسية.
وقد افترض في هذا المفهوم “أن إسرائيل تعيش في نزاع كياني غير قابل للحل”، لا بالوسائل السياسية ولا بالوسائل العسكرية، لأنه لا يوجد في هذا النزاع حد واضح وفاصل بين حالات الحرب وحالات ” لا سلام ولا حرب “، ولأن هوامش إسرائيل الأمنية ضيقة جداً نتيجة الدونية من الناحية الكمية، أو سواء على صعيد السكان أو الموارد، ونتيجة لانعدام العمق الإستراتيجي، والذي استخلص من هذه الفرضيات أنه لا خيار أمام إسرائيل سوى منح اعتبارات الأمن العسكري قدراً كبيراً من الاستقلال الذاتي، خاصة وأن العناصر السياسية المكونة للأمن القومي ينظر إليها كعوامل إكراه خارجية. وقد كانت إحدى فرضيات النظرية الإسرائيلية المتعلقة بالأمن القومي، أن جهود إسرائيل الرامية إلى تطوير ” خيار نووي ” لا ينبغي لها أن تؤثر في النظرية العسكرية الإسرائيلية في إطار النزاع غير النووي، وبمعنى آخر، “على إسرائيل وفق النظرية الإسرائيلية المألوفة، الاحتفاظ بقدرة عسكرية تقليدية، غير مرتبطة بدرجة تطوير ” خيارها النووي ” ” “.
أولاً: أهمية مفهوم “الأمن القومي لإسرائيل”:-
لا شك أن الأمن القومي هو أحد أهم الموضوعات في دول العالم جميعاً، لكن أهميته بالنسبة لإسرائيل تفوق أهميته في أي دولة أخرى. لذا يتوقع أن تتبنى إسرائيل سياقاً لصناعة القرارات وأن تبنيه على أكثر الوسائل والأجهزة المتقدمة الموجودة لصناعة القرارات في العالم.
“لأن الوضع الدفاعي لدولة إسرائيل يختلف عن وضع معظم أمم العالم، فالتهديد العسكري المستمر منذ إقامة إسرائيل، من جانب الدول العربية يضع أمامها مشكلة وجود أساسية، ويلزمها بإقامة قوة عسكرية تكون قوية بما فيه الكفاية لمواجهة هذا التهديد والتصدي له” ” ” كما عبر عن ذلك تسفي شور هذا من جهة.
أما الوجه الآخر لمشكلة الأمن الإسرائيلي، فهو مرتبط إرتباطاً وثيقاً بسياسة الاستقطاب والدوران في فلك الدولة الكبرى “الولايات المتحدة” إبقاءً على قناة الدعم، بشتى أنواعه، فإسرائيل معنية بمواصلة دورها، حارسا أمنيا في المنطقة، وتصريحات شارون التي جاء فيها “أن ما تقدمه إسرائيل لأمريكا من خدمات يفوق أضعاف، المساعدات التي تتلقاها من واشنطن” ، تظهر الصورة الحقيقية التي يحرص الزعماء الإسرائيليون على إبقائها حية في الذهن الأمريكي خصوصا.
وإذا خيل للبعض، أن هذا الدور الإسرائيلي، قد تلاشى، فإنه يقع في خطأ، فدور إسرائيل يتعدى دور الشرطي الذي يحرس المصالح الأمريكية ليصل إلى دور العصا والقوة التي تتصدى لكل نمو في القدرات العربية، لإبقاء دول المنطقة العربية والإقليمية أحجار شطرنج تحركه الأصابع الأمريكية، متى شاءت.
فسياسة إسرائيل الأمنية، هي إستراتيجية، بمثل ما هي تكتيك اجتماعي يتناول الشارع الإسرائيلي، الذي أصبح التطرف زاده اليومي، بفعل التعبئة العامة في شتى الميادين. لهذا نجد أن صيغة السلام، تتلقى اعتراضا إسرائيليا، إذا لم تأخذ بالاعتبار “مسألة أمن إسرائيل”، و”أمن إسرائيل” لا حدود له فهو، يتصل بالأرض والإنسان.
وتبقى جميع الاتفاقيات السلمية والمشاريع القادمة مربوطة في ذيل مصطلح “أمن إسرائيل”، الذي لا يتحقق إلا بالقوة العسكرية الإسرائيلية المتميزة، وكل ما يستطيعون تقديمه للعرب… هو “أمن مقابل سلام”، الأمن الإسرائيلي والسلام الإسرائيلي…وكل شئ إسرائيلي.
ثانياً عناصر الأمن القومي الإسرائيلي:-
ثمة مجالان على الأقل، الاختلاف في وجهات النظر السياسية فيهما يؤثر على مفهوم الأمن القومي، فعلى صعيد البعد الإقليمي للأمن، يوجد لوجهات النظر السياسية تأثير على الاختيار بين حلول بديلة مختلفة لمشكلة العمق الإستراتيجي، وعلى صعيد البعد المتعلق باستخدام القوة العسكرية،كما و يوجد لوجهات النظر السياسية تأثير على تحديد الأهداف التي ستكون إسرائيل مستعدة لشن حرب من أجلها. وهناك توافق وطني بالنسبة لمفهوم شمولي للأمن القومي، لا يحول دون تفكير إستراتيجي منهجي يوضح الخيارات المفتوحة أمام إسرائيل على صعيد الأمن القومي والكلفة السياسية لهذه الخيارات علاوة على ذلك فإن الاتفاق القائم في إسرائيل على الحاجة إلى “التأهب لإزالة أي تهديد كياني من جانب العرب “بواسطة قوة إسرائيل “العسكرية الذاتية”، يشكل أساساً كافياً لتبني مفاهيم متفق عليها بشأن قضايا عملياتية مختلفة تتعلق “بالأمن القومي”، كأسلوب تعبئة الطاقة البشرية وتوزيعها على دوائر الجهاز العسكري الثلاث، (الجيش الدائم والنظامي والاحتياط)،في العقيدة العسكرية الهجومية، كوسيلة لفرض إنهاء الحروب على العدو،ومفهوم الحرب القصيرة، وتفوق اعتبارات الأمن الأساسي على اعتبارات الأمن الجاري،وضمان قدرة إسرائيل التقليدية على الصمود بغض النظر عن إدخال أو عدم إدخال سلاح نووي إلى المنطقة في السنوات المقبلة)” “.
كل هذه الأمور تشكل عناصر المفهوم الأمني التي لم تتأثر بالمتغيرات التي حدثت خلال السنوات الأخيرة في البيئة السياسية المحيطة بإسرائيل، وفي هذه المواضيع جميعاً لا يزال هناك مجال لاعتبارات أمنية مستقلة غير مرتبطة بموقف سياسي، شرط المحافظة على الخط الفاصل بين قضايا الأمن القومي التي لا نزاع عليها، وبين قضايا الأمن القومي التي لم يعد ممكناً فصل جوانبها العسكرية عن جوانبها السياسية.
ثالثاً : مستويات الأمن القومي الإسرائيلي:
على المستوى المحلي:
تعتمد إستراتيجية الأمن القومي الإسرائيلي المحلي على مستوى العلاقة الثنائية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، حيث يكاد يكون هناك إجماع على مستوى المخططين الأمنيين الإستراتيجيين في إسرائيل على عدم السماح بوجود قوات غير إسرائيلية _ عربية، أو فلسطينية _ داخل الضفة الغربية، لأن ذلك يحرم إسرائيل من قدرتها في الدفاع عن نفسها، بقوتها الذاتية، كما هو مرسوم في إستراتيجيتها الأمنية بشكل عام.
وتبرز مدرستان حول تحليل هذا المفهوم، الأولى (مدرسة الهضاب) التي تؤيد الانسحاب من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، مع الإبقاء على القوات الإسرائيلية على المرتفعات والهضاب داخل الضفة الغربية. وتؤيد الانسحاب من المناطق والاحتفاظ بما هو إستراتيجي لأمن إسرائيل وتفصل بين مفهوم السيادة،ومفهوم السيطرة الأمنية،”حيث تعتبر أن الحدود السياسية التي يمكن أن ترسم لدولة إسرائيل مع الفلسطينيين هي حدود للسيادة الإسرائيلية، أما الحدود الآمنة فهي أبعد من ذلك ويجب أن تشمل الضفة كلها “ “.
وأما الثانية فتدعى (مدرسة غور الأردن) ،والتي ترى ضرورة سيطرة إسرائيل على الحدود الشرقية للأردن “غور الأردن” كعمق إستراتيجي، وتؤيد السيطرة على أرض الضفة كلها ولا تميز بين السيادة والسيطرة العسكرية على هذه المناطق، ولا تفرق بين الحدود السياسية والحدود الأمنية لإسرائيل، إلا أن المدرستان قد اتفقتا على ضرورة عدم الانسحاب الكامل من الضفة الغربية ، والإبقاء على مراكز استيطانية أمنية هامة فيها لضمان أمن إسرائيل، وعلى ضرورة أن تكون الضفة منزوعة السلاح الثقيل، وأن يوجد فيها مراكز للإنذار المبكر ،ومواقع استنفار للجيش الإسرائيلي.
وبهذا اتفق صانعو سياسة “الأمن القومي الإسرائيلي” على أن البدائل لحل إشكالية العمق الإستراتيجي على المستوى المحلي، يكون بجعل الضفة والقطاع منزوعة السلاح، لكي يتم القدرة على الدفاع عن أمن “إسرائيل القومي”.
والمناورة تبقى في حدود الصيغ العملية لكمية الأرض التي يمكن أن تحتفظ بها إسرائيل بحجة الأمن، والتي يمكن أن تتخلى عنها كوجود احتلال عسكري.
على المستوى الإقليمي:
إن التخطيط الإستراتيجي للأمن القومي الإسرائيلي على المستوى الإقليمي يعتمد على أن إسرائيل تعيش في حالة “حرب راقدة”، أي أنها في حالة استنفار دائم لحرب محتملة.
ولهذا فهي تعمل على مواجهة هذا الوضع مع جيرانها عبر الوسائل العسكرية، حتى لو لم تكن هناك حروب عبر قوة أمنية قومية تستطيع إبعاد أي خطر قد تتعرض له على كافة المستويات،وهي بذلك تميل إلى التشديد على ضمان قدرة إسرائيل القتالية الذاتية وضمان التفوق العسكري على جيرانها، بل وتحقيق نظرية الردع التقليدي والنووي، ولذلك تنصب العلاقة مع جيرانها على معالجة التفوق العسكري، قبل أي اعتبار ومن خلال هذا المنطق تحاول أن تحل الإشكاليات التي تواجه نظرية الحرب لديها، حيث تواجه هذه النظرية إشكاليتين:-
الإشكالية الأولى: ضعف العمق الإستراتيجي للدولة.
الثانية: اختلال نسب القوة مع جيرانها.
ولقد عمد المخططون على مستوى الأمن القومي الإستراتيجي لإسرائيل، لحل الإشكالية الأولى بتوسيع رقعة أراضي الدولة بالسيطرة على أراضي الدول المجاورة،. كما حدث في حرب عام 67. وحل الإشكالية الثانية بالاستعانة بنظرية” الكيف مقابل نظرية الكم، في مجال النظرية الأمنية الإسرائيلية،”على مستوى التسليح والتحديث والاتصال.. الخ، بالإضافة إلى اعتماد نظرية “تجييش الشعب” أي الشعب ذو البزات العسكرية الذي يتحول كله لجيش مقاتل عند الحاجة “ “
ولهذا تعتمد إسرائيل على امتصاص الضربة الأولى، وذلك بخلق حدود آمنة يمكن الدفاع عنها، والقتال في أرض العدو، لحين إتمام تجنيد الاحتياط، لشن هجوم معاكس، كما حدث في الجولان في حرب أكتوبر 1973.
والمتتبع لهذه الإستراتيجية العسكرية يرى أنها اعتمدت قبل حرب عام 67 على”نقل المعركة إلى أرض العدو”، وذلك لإدراكها بعدم توفر عمق استراتيجي للدولة.
ولكن هذه الإستراتيجية قد تغيرت بعد ذلك، لاعتقادها، أن الأرض التي احتلتها قد وفرت لها عمقاً إستراتيجياً، فعمدت إلى انتهاج سياسة الأمر الواقع، بالاحتفاظ والإبقاء على الوضع الراهن كما هو عليه، وعدم الانسحاب من المناطق التي احتلت .
وبعد حرب أكتوبر 1973، والضربة العسكرية التي حلت بها، تم اعتماد نظرية الضربة الوقائية، واعتماد نظام” الأسباب المبررة للحرب”، التي وقف على رأسها شارون، كما حصل في اجتياح لبنان عام 1982، وفي إطار اتفاقيات السلام تطور هذا المفهوم لمعالجة هذه الإشكالية بالاتفاق على مناطق منزوعة السلاح بين الطرفين، كما حصل بين مصر وإسرائيل.
إن المتتبع لهذه المواقف يدرك أن إسرائيل تعتبر توفير العمق الإستراتيجي لأمنها يشكل نظرية ثابتة والمتحرك فيها ، هو فقط التطبيق العملي لهذه الإستراتيجية كما يدرك أن أمنها القومي يعتبر هو المحرك لكل إستراتيجيتها وتكتيكاتها على حد سواء، ويشكل لديها الهاجس الأكبر في جميع مجالات الحياة ، السياسية، ولا يستطيع أن يتحرر من هذا الهاجس أي من زعماء إسرائيل.
على المستوى الدولي:
إن نظرة أي دولة لأمنها القومي، تكمن في فهمها لطبيعة العلاقات الدولية، حيث أن هناك نظريتان أساسيتان تتبلور على ضوئها تلك النظرة:-
فالنظرية الواقعية في فهم العلاقات الدولية تنظر إلى الأمن نظرة واقعية معينة ومحدودة وتعتبر أن المحددات الرئيسية للأمن القومي للدولة تنبع من ناحيتين: الأولى تفحص التهديدات العسكرية المحتملة التي تواجه الدولة والثانية تقييم القدرات العسكرية للدولة لمواجهة تلك التهديدات.
أما النظرية الليبرالية في فهم العلاقات الدولية فتنظر إلى الأمن بشكل موسع ويعتمد على عدد من العوامل الغير محدودة والمتشابكة مع بعضها البعض في تفسير هذه العلاقات.
ولكن كلاهما يؤكد أن المفهوم الاستراتيجي للعلاقات الدولية، يعطي الأولوية لحاجات الأمن القومي في التخطيط، وأنه يجب على صناع القرار على مستوى العلاقات الدولية أن يدمجوا بين خيارات السياسة المحلية والإقليمية وبين خيارات السياسة الخارجية، حيث تعتبر الأولى قائمة على التوجهات العسكرية، في حين تقوم الثانية على التوجيهات السياسية التي يتطلب توفيرها للأمن القومي للدولة ،والتي تقوم على مجموع النشاطات التنسيقية الدولية مثل إقامة التحالفات، أو المعاهدات، أو أشكال أخرى في العلاقات الدولية.
ووفق هذا المفهوم تعمل إسرائيل وتسخر كل نشاطها السياسي والدبلوماسي لخدمة الإستراتيجية الأمنية التي تقوم في جوهرها على الإستراتيجية العسكرية، وهناك اتفاق تام في إسرائيل على أن البعد السياسي والدبلوماسية يجب أن يخدم البعد العسكري.
ففي حين تعتمد على القوة العسكرية في مجال أمنها المحلي والإقليمي ،فإنها تعمل على توظيف نشاطها السياسي والدبلوماسي في مجال علاقاتها الدولية من أجل تثبيت هذا المفهوم وتعتمد في رسم العلاقة بين مفهومها للأمن القومي، وبين البعد الدولي على الاندماج أو الارتكاز بقدر ما تستطيع ، على أنظمة أمن أخرى، خاصة في دول العالم الغربي، والولايات المتحدة الأمريكية، وذلك من خلال إدراكها أن العالم غير مستقر، وأنه قد تقع أحياناً تغيرات لا تكون في الحسبان وخاصة في ظل الانتشار السريع لأسلحة الدمار الشامل،والأسلحة النووية والجرثومية. وقد تبين ذلك عبر تاريخ إسرائيل منذ إنشائها وحتى الآن، حيث اعتمدت عبر هذا التاريخ على الحلفاء، بل وتخيرت دائماً الحليف الأقوى في العالم ،حيث ارتكزت في السابق على بريطانيا، التي كان لها الدور الرئيس في إنشائها وترعرعها وحمايتها، وعندما أفل نجمها وانتقل ميزان الثقل والقوة إلى الولايات المتحدة، أصبحت هي الحليف الإستراتيجي والأهم لها في العالم مع عدم إغفالها لشبكة علاقات دولية قائمة على مصالحها.
ويقول”أفرايم غنفر” في وصف هذه العلاقة” كانت الولايات المتحدة، المزود الوحيد لإسرائيل بالسلاح، والدولة الوحيدة القادرة على تقديم المساعدات الشاملة لها، علاوة على ذلك، كانت الولايات المتحدة الدولة الوحيدة التي تتفهم حساسية إسرائيل للاحتياجات الأمنية، إلى درجة تمكنها من كسب ثقتها بها للقيام بدور الوساطة في النزاع الإقليمي “ “وبشكل ثانوي عملت إسرائيل على تطوير وتوسيع علاقاتها الدولية مع العالم الثالث، خاصة في المرحلة الأخيرة، وذلك لاعتقادها بأن ذلك يعمل على المساهمة في أمنها القومي عبر التعاون مع هذه الدول على المستوى السياسي والاقتصادي، وأحياناً في المستوى الأمني أيضاً، ومن أجل تأمين سلامة طرق المواصلات الدولية من وإلى إسرائيل عبر هذه الشبكة من العلاقات.
هذا بالإضافة إلى تطوير علاقات مع بعض الدول غير العربية، خاصة المحيطة بالدول العربية، كتركيا، وأثيوبيا وأوغندا وكينيا والدول المستقلة عن الاتحاد السوفييتي السابق، وغيرها من الدول، وذلك لتطويق الدول العربية، وخلق المشاكل لها، وصرفها عن الخطر الحقيقي، وبفتح أبواب صراعات إقليمية. (أي نظرية “شد الاطراف”).
....   يتبع


عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الثلاثاء 11 أغسطس 2020, 12:09 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

” الأمن القومي الإسرائيلي نظريات ومستوياته ” Empty
مُساهمةموضوع: رد: ” الأمن القومي الإسرائيلي نظريات ومستوياته ”   ” الأمن القومي الإسرائيلي نظريات ومستوياته ” Emptyالثلاثاء 11 أغسطس 2020, 12:07 pm

....  تابع

” الأمن القومي الإسرائيلي نظريات ومستوياته ”

الفصل الثالث
مرتكزات صنع القرارات في الأمن القومي لإسرائيل
المرتكزات :
الخلفية التاريخية: أو التطور النفسي السياسي للاستيطان اليهودي في (أرض إسرائيل)”كدولة” وليدة في فترة الحكم الانتدابي.
مركزية قضية الأمن بالنسبة للوجود الإسرائيلي بسبب الوضع السياسي المتميز بالنسبة لإسرائيل، الأمر الذي أسفر عن إحاطة كافة القضايا الأمنية بسياج مغلق من الكتمان والسرية.
حاجة إسرائيل الدائمة للتجنيد الشامل ،والتام لجميع مواردها لموجهة الحروب والطوارئ.
جهة صنع القرار في الأمن القومي الإسرائيلي:
الحكومة: من خلال” المجلس الوزاري المصغر”.
رئيس الوزراء: هو الذي يتحمل كامل المسؤولية فيما يتعلق بأمن إسرائيل الوطني، لأنه الشخص الوحيد غير المرتبط بأية التزامات محددة أو ضيقة، ويمثل المصالح الوطنية الشاملة.
اللجان الوزارية:”اللجنة الوزارية لشئون الأمن” وهي أكثر اللجان الوزارية أهمية وتقع ضمن صلاحيتها كل الشؤون الأمنية التي تشمل، الجيش الإسرائيلي من حيث انتشاره واستعداداته وتجهيزه وعملياته العسكرية والمواضيع الاستخبارية والحكم العسكري وقرارات الحرب، أو العمليات العسكرية الواسعة خارج الحدود.
وفي فبراير 1991م أقر الكنيست تعديلاً للقانون الأساسي للحكومة ،مؤسساً لجنة دستورية شرعية للأمن القومي. ويقود اللجنة رئيس الوزراء وتضم نائبه ووزراء الدفاع والخارجية والمالية.
وزير الدفاع: له صلاحيات متميزة وسلطة بعيدة المدعى، أ كبر من السلطات التي فوض بها كبار ضباط الجيش ومارسوها باسم وزير الدفاع.
الجيش: وخاصة رئاسة الأركان العامة وهي الجهة الوحيدة التي يعدون فيها أعمالاً ووثائق مسبقة حول قضايا الأمن الوطني _ شعبة التخطيط التابعة للجيش الإسرائيلي
مكانة ومهام الجيش الإسرائيلي والمخابرات في صنع القرار في إسرائيل:
إن شعبة الاستخبارات والشعبة التخطيطية والتنفيذية للجيش الإسرائيلي ورئيس الأركان هم الذين يشكلون نظرية الأمن الإسرائيلية.
أما إبراهام تامير فيقول:”أن آراء وأوراق الجيش هي أحد أهم العوامل المؤثرة في سياق صناعة القرارات”” .
في حين أهارون ياريف يقول:”بأنه لا يوجد لرئيس الحكومة، والحكومة نفسها أيضاً عنصراً أو جهة يمكنها الاعتماد عليها ما عدا الجيش وجهاز الاستخبارات” “.
وقد صاغت إسرائيل إستراتيجيتها العسكرية انطلاقا من إدراكها الدقيق لإمكانيات الدول العربية المواجهة وأهمها:
العامل الديمغرافي: حيث أن إسرائيل تواجه مشكلة الموارد البشرية مقارنة بالتفوق السكاني العددي العربي عليها.
العامل الاقتصادي: محدودية الإمكانيات الاقتصادية الإسرائيلية،واعتمادها على المعونات الاقتصادية والعسكرية الخارجية، وخاصة من الولايات المتحدة.
العامل الجيوسياسي: إن اتساع الرقعة الجغرافية والسياسية للعالم العربي يوفر له عمقاً إستراتيجياً، وهامش مناورة واسع في الأعمال القتالية _ دفاعية كانت أم هجومية مما يمده بالقدرة على تحمل حرب طويلة الأمد، بينما إسرائيل لا تستطيع حسم صراعها مع العرب نهائياً بالوسائل العسكرية نسبة للموضوع الجيو_ سياسي القائم، وعدم القدرة الإسرائيلية على بسط هيمنتها بالوسائل العسكرية من المحيط إلى الخليج.
إن مشكلة إسرائيل تكمن في أن” تكون أو لا تكون” بالتالي فقد ظلت هذه الحقائق تحكم صياغة” نظرية الأمن القومي الإسرائيلي” تفرض نفسها على تطور إستراتيجية إسرائيل العسكرية لتفرز الحقائق التالية:
لابد لإسرائيل من الحفاظ على تفوقها العسكري (الكمي والنوعي) في جميع الظروف، وأن تكون متأهبة دائماً للتصدي بقوتها الذاتية” للخطر الذي يحدق بوجودها”.. وهذا يتطلب جيشاً قوياً ومنظماً يعتمد على تجنيد وتعبئة شاملة لكافة المصادر البشرية والاقتصادية والعلمية والتنظيمية في إسرائيل.
توجهات إستراتيجية ترتكز على النظرية الأمنية، التي تقضي بتكتيك” نقل الحرب إلى أرض العدو”، الذي أطلقه بن غوريون بعد ”قيام إسرائيل” ذلك لمواجهة مشكلة العمق الإستراتيجي.. وقد ترتب على هذا العنصر المبدأ الإستراتيجي الإسرائيلي القاضي بالمبادرة بالهجوم، أو “بالضربة الإستباقية” كما حصل من خلال ضرب المفاعل النووي العراقي.
رفض الحرب الدفاعية الطويلة لقلة الموارد الإسرائيلية، ولكي لا تتأثر المعنويات الإسرائيلية.
إضافة إلى مبدأ الحرب السريعة الخاطفة، والتوصل إلى نتائج حاسمة تجبر “العدو” على قبول وقف إطلاق النار والاستسلام.. فقد جرى تطبيق هذه النظرية الإستراتيجية الأمنية في حرب حزيران 1967م، وفي أعقاب هذه الحرب، حدث تطور هام في نظرية “الأمن القومي الإسرائيلي”.. فقد منحت نتائج هذه الحرب إسرائيل عمقاً إستراتيجياً يوفر لها القدرة على امتصاص الضربة الأولى قبل الهجوم المضاد، وأخذت تتبلور نظرية “الحدود الآمنة” من ثم “الحدود التي يمكن الدفاع عنها من دون مبادرة إستباقية فتحت هذه النظرية الطريق أمام إستراتيجية الردع” التي قلصت من ”إغراء العرب” بالمبادرة إلى شن هجوم على إسرائيل، بأمل إحراز الحسم قبل تعبئة الاحتياط.. غير أن حرب تشرين أول 1973، والنتائج التي تمخضت عنها أحدثت تصدعاً عميقاً في مستوى فعالية نظرية” الحدود القابلة للدفاع عنها” حيث فتحت هذه الهزة العميقة في نظرية” الأمن لقومي الإسرائيلي” نقاشاً حاداً داخل الأوساط الإستراتيجية _ السياسية في إسرائيل، وهو نقاش لا يزال، حيث برزت عدة نظريات كبدائل أهمها:-
المناطق العازلة المجردة من السلاح”.
العودة إلى ”الحرب الوقائية الإستباقية” مع الإبقاء على نظرية “الحدود الآمنة”.
نظرية “الإعلان عن القدرات النووية واعتماد إستراتيجية” الردع النووي المعلن”.
اقتصاد قوي بنسبة كبيرة وكيفية تُمكن من الاحتفاظ بجيش عصري ضخم ومتطور التسليح
صناعة عسكرية ذات نوعية وتكنولوجيا حديثة متطورة.
علاقة وثيقة مع الولايات المتحدة تؤمن لإسرائيل.
استيراد رأسمال للأمن، أو استيراد مباشر للأسلحة والمعدات القتالية. دعم وتأييد مستمر و دائم، يُمكن إسرائيل من تعزيز قدراتها العسكرية _ خاصة التقليدية _ في مواجهة سباق التسلح.
دعم عسكري _ سياسي لإسرائيل عشية اندلاع الحرب، وخلال الحرب، وبعدها، يُمكنها من تحقيق الحسم.
دعم وتأييد من أجل ردع أي دولة أو مجموعة دول معادية من المبادرة بشن حرب _ تقليدية أو غير تقليدية _ ضد إسرائيل.
-دعم وتأييد من أجل القيام بعمليات عسكرية محدودة تجري في وقت “السلم” مثل هذا الدعم يُمكن إسرائيل من المبادرة بشن حرب، إذا ما اتضح أن هذه الحرب لا مفر منها، وتؤدي إلى عدم التواجد في حالة دفاعية، الأمر الذي يؤدي إلى إطالة مدة الحرب فترة طويلة، واستنزاف القدرات العسكرية والاقتصادية الإسرائيلية، الأمر الذي لا تتحمله الدولة العبرية.
هذه الأسس والقواعد الإستراتيجية “للأمن القومي الإسرائيلي” هي أسس يدرك القادة العسكريين والسياسيين، أنه من الصعب الحفاظ عليها، وضمان وجودها واستمرارها بشكل دائم، فهي تتعرض بين الفترة والأخرى إلى هزات عنيفة تصبح معها حتمية إدخال تعديلات عليها أمراً ضرورياً عليها.

ثغرات “الأمن القومي الإسرائيلي”:
وأهم الثغرات التي تعاني منها إستراتيجية “الأمن القومي الإسرائيلي” هي:
الجيش الإسرائيلي: إن هذا الجيش الذي شهد تزايداً _ كمياً ونوعياً _ منذ حرب 1973 يتعرض لعمليات تقليص كمي، وذلك في الوقت الذي يتمكن فيه من المحافظة على ضمان نموه النوعي.
الاقتصاد الإسرائيلي: تعاني إسرائيل في الوقت الحالي من حالة جمود اقتصادي يتجسد بصورة واضحة في ارتفاع نسبة التضخم، وتدهور احتياطها من العملة لصعبة ،وزيادة العجز في ميدان المدفوعات، مما يترتب عليه ارتفاع حجم القروض، الشيء الذي يجعل هذا الاقتصاد ضعيفاً بحيث لا يستطيع تحمل أعباء ومتطلبات الجيش الإسرائيلي، وكان من نتائج ذلك تقليص ميزانية الدفاع وعدم تحديد ميزانية مبرمجة.

فقدان عنصر الإجماع القومي:
مهدت استقلالية الاعتبارات الأمنية _ العسكرية في الماضي إلى بلورة إجماع إسرائيلي حول قضايا الأمن في إسرائيل،وكان هذا الإجماع، ولا يزال محصوراً في ضرورة منع تحول الضفة الغربية إلى مصدر تهديد عسكري لصميم وجود إسرائيل.
ويرى ”دان هوروفيتش” بأن هذا الإجماع ينسجم مع الفرضية القائلة،”بأن على إسرائيل أن تكون قادرة في كل وضع على الدفاع عن نفسها بقوتها الذاتية في مواجهة كل الدول العربية “ “.
ومنذ أن تم توسيع حدود المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل في أعقاب حرب 67 إلى أبعد من الحد الأدنى اللازم لحاجات المحافظة على “الأمن القومي” اعتمادا على القدرة الدفاعية الذاتية، بدأ الانحسار في الإجماع حول قضايا الأمن.. فقد نشأت في إسرائيل كما يقول “ايلون” مشكلة الإجماع حول السؤال:
“ما العمل بـِ”المناطق”؟
غير أن النقاش حول هذا الموضوع “لم يكن جاداً بسبب قرار مؤتمر الخرطوم 1967 الذي نص على: لا سلام، لا اعتراف، ولا مفاوضات، ولا تنازل عن الحقوق الشرعية الفلسطينية “ “.
وتسارع انحسار الإجماع الوطني بعد حرب أكتوبر 73، عندما أصبحت مشكلة الانتشار الإقليمي _ العسكري موضوعاً للمفاوضات بهدف حل أو تسوية النزاع العربي _ الإسرائيلي، كما حدث في اتفاقيتي كامب ديفيد والسلام مع مصر، وتوفرت ”شرعية النقاش العام “بشأن قضايا ”الأمن القومي”.
ويذهب دان هوروفيتش إلى أن حرب “سلامة الجليل”(حرب لبنان 1982 )، وما أثارته من جدل وخلاف في إسرائيل شكلت أبرز نموذج لما أصاب الإجماع القومي، من شروخ، إذ لم تهدف الإستراتيجية الإسرائيلية ببعدها العملياتي _آنذاك _ إلى إحباط تهديد للوجود بواسطة قوة إسرائيل الذاتية ،واعتبار إسرائيل ”دولة وضع راهن”” “، بل هدفت إلى شن ”حرب مبادئه” بهدف تحقيق إنجازات سياسية منذ البداية تتجاوز الإنجازات المترتبة عن “النظرية الإحباطية”، ونتيجة تلك الحرب، أسيء إلى هدف الحرب الأساسي الوحيد، الذي كان يُمكن بلورة وفاق وطني واسع حوله في إسرائيل،وهو إحباط التهديد الكياني بواسطة قوة إسرائيل الذاتية” “.
العلاقات الأمريكية _ الإسرائيلية: بعض الأوساط المطلعة في إسرائيل تذهب للتأكيد على أن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية تعيش حالة من الانحسار والتردي ، ولا تعتبر هذا التردي مؤقتاً في ظل صعود حكومة الليكود وسياستها التي شلت عملية التسوية في الشرق الأوسط، ومحاولات التدخل الإسرائيلي لأجل إسقاط الرئيس كلينتون من خلال ما سميت بـ”فضيحة مونيكا” حيث ظهر دور اللوبي الصهيوني في هذه الفضيحة، بعد ان كان نتنياهو قد هدد “بإشعال البيت الابيض”.
وبالتالي لم يعد مضموناً حصول إسرائيل على رأسمال للأمن الإسرائيلي (كالتهديد الأمريكي بوقف المساعدات لإسرائيل في حال عدم تنفيذ اتفاق واي) أو تمويل صفقات “كهبة”(كتلك التي أرادت إسرائيل استغلالها بتدعيم أمن المستوطنات) كما لم تعد هناك مؤيدات للخطوات العسكرية التي يمكن أن تبادر بها إسرائيل كما كان الحال عليه في الماضي القريب.
إن أحد المتغيرات الأساسية في”معادلة الأمن القومي” التي يطرحها “ايلون” هي المساعدات التي تعطي لهذه الدولة من دول أخرى، ويعرف ايلون هذا المتغير كما يلي:
“إن المساعدات الخارجية هي بمثابة “قوة مستعارة، ولكونها مرهونة بالاعتماد على الغير فإنها تتحول من دعم إلى قيود أيضاً” لتوضيح ذلك، يعود إلى حرب تشرين أول عام 73، وما ترتب عليها من ارتفاع في أسعار النفط، وارتفاع مداخل الدول العربية المصدرة للنفط، وما تبع ذلك من تسارع في وتائر سباق التسلح الكمي والنوعي في منطقة الشرق الأوسط ،والذي كانت إحدى نتائجه تقليص قدرة إسرائيل على مواكبة هذا السباق دون زيادة كبيرة في نسبة ما ترصده من مواردها لأغراض الأمن.
وكان من نتائج الزيادة الكبيرة في الإنفاق العسكري، أن ازدادت ديون إسرائيل الخارجية، حيث بلغت الآثار التضخمية الاقتصادية ذروتها، مما انعكس على وتيرة النمو الاقتصادي سلباً.
وقد أدت هذه الأوضاع إلى زيادة الاعتماد على الولايات المتحدة، المصدر الأول للسلاح المتطور والحديث لإسرائيل. ويرى رابين أن هذا الاعتماد سوف يستمر في المستقبل وذلك بقوله:”منذ حرب” يوم الغفران”(أكتوبر ) ومنذ التغيير الجذري الذي حدث في مفاهيم الجيش الإسرائيلي،وجهاز الأمن بجهة الاحتياجات الإسرائيلية من الأسلحة والعتاد، أدركنا أنها لا تستطيع الاعتماد على مواردها وحدها هي ستضطر إلى الاستعانة بالولايات المتحدة خلال الثمانينات “
وحول ربط المساعدات الأمريكية بالتأثير في السياسة الأمنية الإسرائيلية يقول لانير:”خلال سير الحرب” حرب أكتوبر 73”هبت الولايات المتحدة لمساعدة إسرائيل بتزويدها بمعدات قتالية متطورة ،وبذلك حالت دون ما كان يعتبر في ذلك الوقت هزيمة إسرائيلية محتملة، بيد أن الولايات المتحدة منعت إسرائيل بالمقابل من استكمال التحركات العسكرية على الجبهة ،فقد لجمت الولايات المتحدة إسرائيل،ولم تسمح لها باستكمال تدمير الجيش الثالث المصري، وليس بسبب الضغوط السوفيتية والدولية التي توخت إجبار إسرائيل على الموافقة على وقف إطلاق النار فحسب، وإنما بالدرجة الأولى لأنها كانت هي نفسها (الولايات المتحدة) معنية بما يحول دون نتيجة عسكرية حاسمة لهذه الحرب، إن انعدام الانتصار الحاسم في حرب يوم الغفران ساعد الولايات المتحدة على جلب الفريقين إلى طاولة المفاوضات، التي جرى حولها في البداية توضيح المشكلات التي نشأت على الأرض” “.
وقد أسفرت هذه المفاوضات عن اتفاقيات فصل القوات، وهذه الاتفاقيات وضعت بعد ذلك الأساس لـ “الاتفاق المرحلي” الذي يمكن اعتباره خطوة حاسمة أدت في نهاية الأمر إلى عملية توقيع معاهدة السلام مع مصر.
إن تزايد اعتماد إسرائيل على الولايات المتحدة للمحافظة على الميزان العسكري بينها وبين الدول العربية، زود أمريكا بوسيلة فعالة للتأثير على مواقف إسرائيل فيما يتعلق بنزاعها مع العرب، وقد استخدمت هذه الوسيلة عدة مرات..
هذا ويمتد الاعتماد الإسرائيلي على الولايات المتحدة إلى مجالات أخرى _ سياسية، دبلوماسية، اقتصادية _ لا تقل أهمية عن المجالات العسكرية والأمنية.. ويمكن القول بأن الاعتماد الإسرائيلي هذا _ والذي تزايد بصورة ملحوظة مع تسارع وتأثر الهجرة اليهودية من “البلدان الاشتراكية سابقاً – قد عزز من العوامل السياسية المؤثرة في نظرية “الأمن القومي الإسرائيلي” .
الصناعات العسكرية: تواجه الصناعات العسكرية أوضاعاً صعبة جداً هذا العام 2001. فهي لا تؤخذ في عين الاعتبار لدى تحديد الاقتصاد الأمني القومي، ويرتبط وجودها الآن بقدرتها على التصدير وعلى الانتقال للإنتاج المدني.

إستراتيجية الأمن القومي: في ظل الأوضاع المستجدة على الساحات العالمية والشرق أوسطية فإن العديد من المحللين العسكريين الإسرائيليين يذهبون إلى الاعتقاد، أنه من الصعب أن تسمح إسرائيل لنفسها بشن حرب، أو توجيه ضربة إستباقية وقائية، من دون أن يكون عليها امتصاص ضربة عربية مضادة، والدفاع عن نفسها وتكبد خسائر فادحة، وذلك قبل أن تتمكن من الانتقال إلى مرحلة هجومية تؤدي إلى انهيار الحرب، وبالتالي لم يبق من كافة العناصر الأمنية وأسسها إلا عنصر “العمق الجغرافي والسكاني” تعتمد عليه الإستراتيجية الأمنية الإسرائيلية في الوقت الحالي.
ومن ثم، فإن الواقع يؤكد، انه لا بديل عن العمق السياسي والعمق الاقتصادي، كأساس للأمن الإسرائيلي في ظل المستجدات العالمية الأخيرة وهو ما تحاول إسرائيل تحقيقه من خلال مفاوضات السلام العربية _ الإسرائيلية.


الفصل الرابع
نظريات الأمن القومي الإسرائيلي
” الأمن الإسرائيلي ” لا يعدو كونه مصطلحاً سياسياً، يمسك القائمون على الحكم بأهدابه، ويطرحونه شعاراً على الصعيدين الداخلي والخارجي، بما يخدم سياستهم القائمة على التوسع والعدوان، وإحباط كل المبادرات السلمية.
فعلى الصعيد الداخلي:- عبأ الإسرائيليون أبناء شعبهم، بعقدة الخوف، ذلك أن “إسرائيل الديمقراطية الطابع والسلوك، تعيش في وسط عربي تسوده الدكتاتورية” التي تنادي “بإلقاء اليهود في البحر، وتتحفز للانقضاض على هذه الدولة الصغيرة”، في أول فرصة سانحة. إن إبقاء الإسرائيليين في حالة حرب دائمة، يحل مشكلة عويصة يعاني منها زعماء إسرائيل، تتعلق بشرائح “الشعب الإسرائيلي” المليئة بالتناقضات والتباينات ” التي تهدد بقاء الدولة” فيها لو عم السلام وتلاشي شبح الحرب.
وعلى الصعيد الخارجي:- يبدو أن هذا الشعار اكثر حضوراً، حيث وظفت وسائل الإعلام الإسرائيلية قدرتها في حقن دول العالم بمصل ” مسكنة دولة اليهود “، في مقابل الدول العربية الكثيرة العدد، وهو ما لقي آذاناً صاغية، إلى أن اندلعت الانتفاضة ، التي قدمت خدمات إعلامية، عجز الإعلام العربي ككل عن الاضطلاع بها.
القسم الأول: عرض نظريات الأمن القومي الإسرائيلي.
بنت إسرائيل نظرياتها في ” الأمن القومي ” بناءً على فرضية أساسية تقول ” أن إسرائيل تعيش في حالة من التهديد المستمر لوجودها ذاته” ومن هذا المنطلق صاغت إسرائيل إستراتيجيتها العسكرية انطلاقاً من إدراكها الدقيق قدرات الدول العربية المواجهة لها.
فاتساع الرقعة الجغرافية – السياسية للعالم العربي يوفر له عمقاً استراتيجياً، وهامش مناورة أوسع في الأعمال القتالية، مما يساعدها على تحمل حرب طويلة الأمد، بينما إسرائيل لا تستطيع حسم صراعها مع العرب نهائياً بالوسائل العسكرية نسبة للوضع الجيو – استراتيجي القائم، وعدم قدرة إسرائيل على بسط هيمنتها ” بالوسائل العسكرية ” من المحيط إلى الخليج.
وهنالك وضع غير مماثل بين العرب وإسرائيل، حيث أن انتصاراً واحداً للعرب معناه تهديد بزوال إسرائيل” لافتقادها للعمق الاستراتيجي بينما يستطيع العالم العربي استيعاب اكثر من هزيمة عسكرية دون أن يشكل هذا خطراً على كيانه.
وقد ظلت، وما زالت هذه الحقائق تحكم صياغة ” نظرية الأمن القومي الإسرائيلي ” وتفرض نفسها على تطور إستراتيجية إسرائيل العسكرية.
أولاً: النظريات
إن النظرية الأمنية الإستراتيجية الإسرائيلية، تطورت طبقاً للعوامل الداخلية الإسرائيلية، والإقليمية والدولية بما يتناسب وكل مرحلة، وأهم نظريات الأمن القومي الإسرائيلي هي:
نظرية ايغال آلون / عام 1948:-
ابتكر آلون طريقة جديدة للهجوم الانتقامي هي ” الهجوم المعاكس المستبق”، ويتلخص جوهر هذه النظرية “بأن تضرب إسرائيل العدو عندما يكون في مرحلة التحضير قبل أن يسمح له الوقت بشن هجومه، ويمكن شن الهجوم المعاكس المستبق قبل اشهر، أو أسابيع، أو أيام من موعد الهجوم المتوقع للعدو.وأن هذا الهجوم هو عمل عدواني، لكنه يعتبر من الناحية الأخلاقية عملاً دفاعياً، وتعتمد فعاليته على القدرة على التنبؤ بنوايا الآخرين” وقد ظلت مسالة الانتقام من الهجمات العربية تربك القيادة الإسرائيلية. كما شددت الاستراتيجية اليهودية في تلك المرحلة على عدم السماح باستسلام أية مستعمرة يهودية معزولة.
نظرية الحرب ( الوقائية – الاستباقية ):-
لقد طبقت إسرائيل هذه النظرية – بعد تطورها – في حقبتين من الصراع العربي – الإسرائيلي وهما:-
الحقبة الأولى: حرب 1956، حيث في هذه المرحلة التي كان حزب العمل يتولى الحكم فيها ظلت تتبنى إستراتيجية دفاعية – هجومية.
الحقبة الثانية: هي حرب 1967، وطبقت فيها إستراتيجيات مختلفة أهمها:
– توجيه “الضربة الاستباقية” واتباع أسلوب” الحرب الخاطفة”، مع نقل المعركة إلى ارض العدو، وهذه الاستراتيجيات بمجموعها تشكل أهم مبادئ الحرب الوقائية – الاستباقية، التي طورتها إسرائيل في الحروب التالية:-
– قيام سلاح الجو الإسرائيلي عام 1981 بتدمير المفاعل النووي العراقي كتطبيق لسياسة “الردع الوقائي”.
– اجتياح لبنان عام 1982 وتطبيق مبدأ “الأرض المحروقة”.
إن عودة إسرائيل إلى إستراتيجية ” الحرب الوقائية، ” “ذريعة الحرب”، بعد حرب تشرين أول 73 جرت على مرحلتين:-
المرحلة الأولى: حزيران 1974 – حزيران 1977.
في هذه المرحلة التي كان “حزب العمل” يتولى الحكم فيها، ظلت إسرائيل تتبنى إستراتيجية دفاعية – هجومية، “ذلك أنها لم تكن قادرة على القيام بضربات استباقية” في وقت واحد .
وفي هذه الفترة ظلت متمسكة بإستراتيجية الدفاع مع التأكيد على المبادرة إلى عمليات هجومية لمنع تكرار ما حدث في الأيام الأولى من حرب تشرين أول 1973.
وقد تميزت هذه المرحلة بالتنسيق في استخدام إستراتيجية دفاعية – هجومية، وبناء الجيش المتفوق الذي من واجبه إيقاف “العدو” على الحدود الخارجية، وليس في مناطق إسرائيل الحيوية، وان يتوفر لهذا الجيش شن هجوم مضاد على جبهتين في آن واحد وسحق الجيوش العربية.
وقد عملت إسرائيل في هذه المرحلة على توسيع حجم قواتها المسلحة، وتطوير جيشها بعملية تسليح مستمرة خصصت لها ميزانية ضخمة، وبالاعتماد على المساعدات الأمريكية والأوروبية كما تم إنشاء صناعة عسكرية متطورة، وعززت التحسينات التكنولوجية في أنظمة أسلحتها الدفاعية والهجومية، وفي توازن وتناسب حركية هذه الأسلحة في ميدان المعركة.
كما أعطيت لأسلحة معينة الأفضلية الأولى في التوسيع والتطوير، كالدبابات، والمدفعية ذاتية الحركة وسلاح الجو، إضافة إلى ناقلات الجنود المدرعة، كما أعادت تبني الدفع الإقليمي الذي يستند على إنشاء مستوطنات محصنة على طول وعمق خطوط وقف إطلاق النار مع العرب. فقد قامت إسرائيل بزيادة المستوطنات، وزيادة التنسيق بين الاستيطان وقيادة الجيش، واعتبار كل مستوطنة موقعاً دفاعياً أمامياً.
المرحلة الثانية: منذ منتصف 1977 – 1980:-
في هذه المرحلة استلم حزب الليكود السلطة في إسرائيل، وتم تعيين شارون وزيراً للدفاع، وعادت إسرائيل في هذه المرحلة لتبني إستراتيجيتها الهجومية التي تقوم على “الحرب الوقائية” ذريعة الحرب و يمكن تلخيص الأسباب التي جعلت إسرائيل تعود لهذه الأسباب الإستراتيجية يلي:
رفع المستوى العسكري للجيوش العربية كماً ونوعاً.
وقف المنافسة مع العرب في مجال الأسلحة التقليدية.
تقلص ” العمق الاستراتيجي ” بعدما أن أصبحت الأطراف العربية تمتلك صواريخ “ارض– ارض ” يمكنها أن تصل إلى المراكز الحيوية في إسرائيل، وهو ما يوضحه لنا الجدول التالي يبين مدى الضعف المطلق جغرافياً والنسبي عسكرياً للعمق الاستراتيجي الإسرائيلي
البلد المجاور خط إسرائيل الأمامي المسافة بين الخط الأمامي حتى
المنطقة الحيوية المسافة بين الخط الأمامي
عن العواصم العربية
الأردن الخط الأخضر 1949 -30 كلم حتى حيفا وضواحيها.
-17 كلم حتى تل أبيب وضواحيها
-“كريات أونو”، القدس على الخط
خط وقف إطلاق النار
(1967) -50 كلم حتى حيفا وضواحيها.
-64 كلم حتى تل أبيب وضواحيها.
-40 كلم حتى القدس. 35 كلم عن عمان
سوريا الخط الأخضر
خط وقف إطلاق النار (1974) -55 كلم حتى حيفا (هاكريوت).
-80 كلم حتى حيفا (هاكريوت) 48 كلم عن دمشق
لبنان الخط الأخضر 32كلم حتى حيفا (هاكريوت) 65كلم عن بيروت
مصر -الحدود الدولية.
-خط العريش رأس محمد الخط الذي تعتبره إسرائيل خط لا يجوز الانسحاب خلفه -90كلم حتى تل أبيب وضواحيها (بات يام).
-140 كلم حتى تل أبيب وضواحيها (بات يام) 310 كلم عن القاهرة
لقد جعلت هذه الأسباب القادة الإسرائيليين اقل ثقة بقدرات إسرائيل على امتصاص الضربة الأولى ثم القيام بهجوم مضاد، كما إن التوقيع على معاهدة السلام مع مصر زادت من قدرتها على “الردع” والحسم على جميع الجبهات في آن واحد. و ما زالت تمارس هذه النظرية، كما اتضح ذلك من خلال العمليات الحربية المختلفة ضد الانتفاضة الحالية، على جميع المستويات، ولكن أطلقت على حربها هذه ضد الانتفاضة مسمى جديد وهو “الدفاع النشط” أي الحرب الاستباقية الوقائية بشكل مصغر.
نظرية المجال الحيوي الإسرائيلي:-
حددت إسرائيل منذ عام 1982 دائرة مجالها الحيوي، والتي وسعت مصالحها الأمنية داخلها، لتتجاوز ليس فقط دول المواجهة العربية، بل العالم العربي كله، وتتسع لتشمل تركيا وباكستان وإيران ودول أواسط آسيا شمالاً وشرقاً، وأثيوبيا وزيمبابوي جنوباً وغرباً حتى المحيط الأطلسي.
فقد أعلن شارون حول السياسة الدفاعية الإسرائيلية، “انه ينبغي أن نفهم بوضوح أن مصالح أمن إسرائيل تتأثر في المناخ الاستراتيجي الجديد بتطورات أو أحداث تتجاوز منطقة المواجهة مباشرة “التي ركزت عليها إسرائيل انتباهها في الماضي،واهم هذه الدوائر هي:
الدائرة الأولى: التقليدية لدول المواجهة المحيطة بإسرائيل، بحيث تتسع اهتمامات إسرائيل الإستراتيجية لتشمل مجالين جغرافيين آخرين لهما أهمية أمنية.
الدائرة الثانية:- تتعلق بالدول العربية الخارجية التي تضيف قدرتها العسكرية الإستراتيجية، إلى الخط المباشر المماثل أمام إسرائيل، سواء بواسطة إرسال قوات مقاتلة إلى منطقة المجابهة، أو بواسطة عمليات جوية أو بحرية مباشرة تستطيع تنفيذها ضد خطوط مواصلات إسرائيل الجوية أو البحرية.
المجال الجغرافي الثالث: للمصلحة الإستراتيجية الإسرائيلية يشمل تلك الدول الخارجية، التي قد تؤثر مكانتها وتوجهاتها السياسية – الإستراتيجية بمقدار “خطر أمن إسرائيل القومي” بكلمات أخرى ما وراء الدول العربية في الشرق الأوسط وعلى سواحل البحر الأبيض والبحر الأحمر، وتوسيع مجال الاهتمام الاستراتيجي والأمني لإسرائيل ليشمل دولاً مثل تركيا وإيران وباكستان والخليج وأفريقيا بصور خاصة أفريقيا الشمالية والوسطى.
إن رؤية شارون للمجال الحيوي الاستراتيجي لإسرائيل، جاء ترجمة لما حصلت عليه إسرائيل من أسلحة تستطيع أن تغطي هذه الدائرة (صواريخ، أريحا، والسفن الحربية الإسرائيلية “ساعر – 5” والقاذفات الإستراتيجية) و لقد شكلت هذه الرؤية أساساً لبروز ما يسمى بإستراتيجية، “الذراع الاستراتيجي الإسرائيلي من خلال الإغارة على مقر م. ت. ف. في “حمام الشط” في تونس، وقيام سلاح الجو والبحرية باغتيال القائد الرمز أبو جهاد في منزله بتونس.
نظرية (المناطق العازلة) المجردة من السلاح، أو محدودة القوات:-
تعتبر هذه النظرية من أهم البدائل الإستراتيجية التي طرحت عقب حرب تشرين أول 1973، فقد أتاحت هذه النظرية إجلاء القوات الإسرائيلية عن سيناء عقب الاتفاق الذي وقع بين مصر وإسرائيل عام 1979 دون المخاطرة بهجوم بري مصري مفاجئ وفعال على مراكز إسرائيل الحيوية.
فمن مزايا هذه النظرية ما يلي:-
على الصعيد السياسي: أنها خففت من حدة التوتر في العلاقات المصرية الإسرائيلية، وقلصت مدى التنافر بينهما.
على الصعيد العسكري: فقد وفرت إمكانية التحرك في ظل ظروف الخطوط الداخلية، التي تشمل الجهود اللوجستيه، وتسمح بنقل التشكيلة العسكرية بسرعة من جهة أخرى.
ويقابل هذه المزايا جملة من العيوب أهمها:-
على الصعيد السياسي: إذ يقتضي الانتشار الجديد العودة الى تبني سياسة “تحديد ذرائع الحرب” كرد إسرائيلي متوقع على إمكانية خرق المصريين لترتيبات التجريد من السلاح.
على الصعيد العسكري: فان تقليص مجال الإنذار الجوي، وإزالة قواعد إسرائيلية متقدمة – قبل شرم الشيخ – حد من القدرة العملياتية الهجومية للجيش الإسرائيلي.
وإذا كانت نظرية (المناطق العازلة) قد شكلت حلاً لمشكلة “العمق الاستراتيجي ونظرية الحدود الآمنة” إلا أن هذا الحل يبقى مقتصراً على الجبهة المصرية – الإسرائيلية فقط، ولا يزال الخلاف قائماً حول الحل بالنسبة للجبهات الاخرى، خاصة الضفة الغربية، كما يمكن رصد وجهتي نظر أساسيتين بالنسبة لهذا الموضوع داخل إسرائيل:-
الأولى: أصحاب نظرية “الحد الأقصى” بشان العمق الاستراتيجي، وهم يؤمنون بضرورة استمرار السيطرة المباشرة على الضفة الغربية، ويرفضون الفصل بين السيادة والسيطرة العسكرية، ويتطلعون إلى ضم مناطق يعتبرونها حيوية.

الثانية: “نظرية الحد الأدنى” ويكتفون بفرض احتمال تمركز عسكري معاد فيها، وهم يفرقون بين “الحدود الآمنة” و”الحدود السياسية” كحدود للسيادة “الإسرائيلية. ويذهب الخلاف بين الفريقين إلى مسالة جدوى إقامة المستوطنات في الضفة الغربية وقطاع غزة.

نظرية الحدود الآمنة:
لا بد من الإشارة أنه بالرغم من التحولات في الاستراتيجية الإسرائيلية عقب حرب 73 فان نظرية الحدود الآمنة ما زالت تحتل مكانتها في عقيدة إسرائيل العسكرية، وان كان ذلك بشكل جديد.
فقد فسر الون أهمية “الحدود الآمنة” بعد حرب 73 بقوله ” أن الحجة القائلة بان الحرب الحديثة القائمة على الصواريخ والطائرات النفاثة والمدفعية بعيدة المدى تلغي أهمية الحدود والمواقع الاستراتيجية هي حجة ساقطة، لان الخطر الذي يواجه إسرائيل هو، أن وجود الأسلحة المتطورة عند الجيوش العربية قد تغري تلك الدول بالقيام بهجوم كاسح، بحيث يصعب على إسرائيل التصدي للمراحل الأولى للهجوم، أو استعادة الأراضي التي تفتقدها في هجومها المضاد والعودة إلى حدود 1967يشكل خطراً على إسرائيل لا يمكن قبوله”
وهكذا نلاحظ أن نظرية الحدود الآمنة الناتجة عن تجربة 73 ، لم تعد تلك الحدود الآمنة التي تمنع “القصف المدفعي” وإطلاق الأسلحة التي “تضع العوائق” أمام الطائرات النفاثة والصورايخ والمدفعية بعيدة المدى، والتي “تخفف من خطرها”.
وهكذا أصبحت نظرية “الحدود الآمنة” تشمل كافة الاحتمالات العسكرية، التي قد تواجه إسرائيل، وحسب هذا المنطق فانه يبقى من الصعب أو المستحيل تحديد مواقع الحدود الآمنة النهائية، لان كافة الاحتمالات قد تشكل “خطراً” على إسرائيل مهما ضاق أو اتسع عمقها الاستراتيجي.
وبعد تجربة حرب 73 يمكن القول “بأن إسرائيل تخلت عن المفهوم، بان “الحدود الآمنة” هي التي تحول دون اللجوء إلى الحرب الوقائية، وأصبحت نظريتها تقوم على الحقيقة القائلة “بان إسرائيل لن تتمكن بأي شكل من الأشكال الامتناع عن تبني استراتيجية “الحرب الوقائية” وتوجيه الضربات المسبقة في حال تعرضها لتهديد عربي.
نظرية “الخيار النووي كعامل ردع مستقبلي”:-
لما كانت إسرائيل قد وصلت إلى حدود قدرتها بالنسبة إلى توسيع جيشها، إلا أن القيود الديمغرافية والاقتصادية لا تتيح لها مواصلة سباق التوسع الكمي والتكنولوجي مع العرب نظراً لإمكانيات العرب الهائلة، والقادرة على إرهاق إسرائيل في سباق تسلح مدمر، للاقتصاد الاسرائيلي، ولما كانت إسرائيل قد وصلت إلى درجة الإشباع بالقياسي مع طاقتها البشرية المحدودة إلى درجة الإشباع فيما يتعلق بتكديس الأسلحة، بحيث لم يعد في إمكانها استيعاب المزيد منها خلال بضع سنوات قادمة، فان هنالك اتجاه في الرأي يجزم بان التفوق الذي سيحرزه العرب في المستقبل هو في مجال النوعية التكنولوجية، بالإضافة إلى التراجع البارز في عنصر الكمية للجيش الإسرائيلي، أمام الجيوش العربية قد تفقد إسرائيل تفوقها العسكري، وبالتالي يبطل مفهوم “الردع الإسرائيلي” القائم على التفوق في الأسلحة التقليدية.
وفي هذه الحالة يبرز التساؤل التالي: ماذا سيكون الرد الاستراتيجي الإسرائيلي عندما تبطل فعالية إستراتيجية “الردع” “الحسم و” “للحرب الوقائية”؟
إن الموقف الذي ستلجأ إليه إسرائيل في هذه الحالة سيكون التهديد بالسلاح النووي الذي تمتلكه منذ سنوات مع وسائل قذفه سواء كانت جوية، أو صاروخية أو ربما “بحر – ارض”، هذا السلاح الذي يشكل أعلى مرحلة من مراحل الردع.
ويتميز الوضع النووي الراهن في منطقة الشرق الأوسط، بعدم التكافؤ بين القدرات الإسرائيلية في مجال إنتاج الأسلحة النووية، والقدرات العربية المحدودة نسبياً في هذا المضمار.
إن إسرائيل تدرك جيداً، بأن تفوقها على المدى البعيد يعتمد على امتلاك السلاح النووي، والتهديد باستخدامه بشكل محدد أو شامل كجزء من استراتيجية الردع الإسرائيلي. وحتى تتفادى نشوب “حالة توازن رعب نووي” في الشرق الأوسط، عملت إسرائيل على عرقلة البرنامج النووي العراقي بشتى الوسائل، منها:-
6/4/1979. تعرضت أجزاء من المفاعل النووي العراقي للتخريب من قبل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، في مستودع للشحن قرب مرفأ تولون الفرنسي.
13/حزيران/1980. اغتالت المخابرات الإسرائيلية العالم المصري يحي المشد في باريس، وكان عضواً بارزاً في برنامج العراق النووي منذ عام 75.
30/أيلول/1980. قامت إسرائيل بقصف المفاعل النووي العراقي بهدف تدميره،و أعادت الكرة مرة ثانية في حزيران عام 1981 ونجحت.
بعد حرب الخليج الثانية، وضمن قرارات الأمم المتحدة، التي فرضتها الإدارة الأمريكية وبمساعدة المخابرات الإسرائيلية، تم العمل على نزع برامج التسليح النووي العراقي، حيث عملت الاستخبارات العسكرية ضمن طواقم التفتيش والتدمير لهذا البرنامج والبرامج العسكرية الأخرى.
قصف المفاعل العراقي لم يكن عملاً تكتيكياً لسلاح الجو الإسرائيلي، وإزالة نزع التسليح العراقي من خلال لجنة “اليونيسكو” وفتح بوابة فصل جديد في تاريخ الشرق الأوسط، فقد كان المغزى الاستراتيجي للقرار الإسرائيلي و”الإسرائيلي الأمريكي” هو، ان إسرائيل تحافظ لنفسها على امتياز نووي في الشرق الأوسط، وكما قالت الحكومة الإسرائيلية “الليكودية – بيغن – نتنياهو” لن نسمح بأي شكل من الأشكال ” للعدو” ان يطور ضد شعبنا سلاحاً للتدمير الجماعي”
غير أن العراق تابع نشاطه في هذا المجال، وكان لا بد من اختلاق ذريعة دخول الجيش العراقي للكويت لقيام الولايات المتحدة وحلفائها بشن حرب على العراق نيابة عن إسرائيل من اجل تدمير قدراته العسكرية وخاصة منها النووية والكيماوية، وهذه الحرب الأمريكية ضد العراق ما زالت حتى اللحظة مستمرة ” في حرب استنزاف ضد العراق”
وجاءت عملية “بحيرة دال” الكشميرية، والتي لا تبعد اكثر من 20كلم عن مفاعل “كاهوتا” الباكستاني (الموقع الأساسي لتخصيب اليورانيوم) ، ومحاولة فريق الموساد الإسرائيلي تفجير هذا المفاعل، الذي يعتبر المحطة النووية الكبرى في الباكستان، لتؤكد نظرية “الفيتو” الإسرائيلي على أي محاولة عربية، بل وحتى إسلامية “لكسر” الاحتكار الإسرائيلي في هذا المجال.
وإذا كانت الاستخبارات الباكستانية نجحت في إجهاض الخطة الإسرائيلية، فان هذا الفشل لا يمنع هذه الأخيرة من معاودة الكرة من جديد خاصة، وكان باراك، قد التزم بعد تسلمه حقيبة رئاسة الأركان بتخريب مفاعل كاهنتا، ولا سيما بعد أن قامت باكستان بإجراء عمليات التجارب النووية الأخيرة في عام 1998.
مائير كاهانا عام 1987 صرح “بان إسرائيل والهند تخططان لضرب استباقية، ضد “كاهوتا” وتم في حينه الكشف عن الشبكة الإسرائيلية(من الضباط في الجوية الباكستانية)

نظرية حرب “الخيار واللاخيار”:_
بلور مناحيم بيغن هذه النظرية بهدف التأكيد على زيادة شعور القادة العسكريين بمغزى إقامة جيش يهودي، ووصف الأخطار “التي تعتبر جسيمة” على الوجود الإسرائيلي بأنها تتمثل في:
التهديد النووي ؛الذي “في طريقه للوقوع” في أيدي الدول العربية والاسلامية.
و(م. ت. ف) قامت خلال عام (78-79) 557 عملية أسفرت عن مقتل (108) وجرح 676.
وتعامل بيغن مع نظرية مفادها “إن اليهود في العالم ما زالوا مهددين”، وانه يجب الرد على “أية عملية مضادة لليهود” و”لا يوجد شيء لا أخلاقي اكثر من إراقة الدم اليهودي”
لقد كان مصطلح “حرب الخيار” بمثابة ركن أساسي في نظريات مناحم بيغن الأمنية، فهي – حسب رأيه –” أن إسرائيل من حقها وحدها أن تحدد ساعة المبادرة العسكرية التي تبعد هذا التهديد عنها” ودعا إلى فكرة “الهجوم الدائم” الذي يعتمد على النظرية الأمنية القائلة (حرب الخيار، وحرب اللاخيار) والتي فيها أسس تقوم على:-
أن ثمن حرب اللاخيار اكبر كثيراً من حرب الخيار.
أخطار الدمار أوسع واكبر في حرب اللاخيار.
الإنجازات السياسية التي يمكن تحققها من حرب الخيار هي إنجازات واضحة ومعروفة.
ويقول بيغن ” لقد اضطررنا خلال ثلاث حروب إسرائيلية للقتال، لم يكن أمامنا خيار آخر، الأولى وهي حرب عام 1948م، والتي كانت حرب اللاخيار، بعد ان اجتاحت الجيوش العربية “ارض إسرائيل” ولو لم نتمكن من دفعها لما بقى إسرائيلي واحد على قيد الحياة”.وحرب اللاخيار الثانية كانت حرب عام 1973″ لقد سقط لنا في حرب اللاخيار الأخيرة عام 1973- 2297 وجرح 6067. ولو سقط لنا عدد مماثل من القتلى في حروب اللاخيار، لأصبحنا شعباً من الأرامل واليتامى”، وخلص إلى القول ” أن الواجب لا يقتضينا خوض حرب إذا كانت مفروضة علينا فقط، لأن مثل هذه الحرب كارثة حقيقية، وينبغي على أية أمة، أن تخلق الظروف المناسبة التي لا تجعل أية حرب نخوضها حرب لا خيار”
....  يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

” الأمن القومي الإسرائيلي نظريات ومستوياته ” Empty
مُساهمةموضوع: رد: ” الأمن القومي الإسرائيلي نظريات ومستوياته ”   ” الأمن القومي الإسرائيلي نظريات ومستوياته ” Emptyالثلاثاء 11 أغسطس 2020, 12:17 pm

....  تابع

” الأمن القومي الإسرائيلي نظريات ومستوياته ”
الفصل الخامس
الثابت والمتغير في نظريات الأمن القومي الإسرائيلي
أولاً: الثابت
إن القاعدة الأساسية لمجموع نظريات الأمن القومي الإسرائيلي تستند على المبادئ التالية:-
جعل الخيارات العسكرية والسياسية القائمة أمام إسرائيل في ازدياد.
تحديث القدرة العسكرية والاحتفاظ بحالة التفوق تسليحاً وتنظيماً.
الحفاظ على القوة الذاتية، وخاصة التعبوية إلى أقصى حد.
استغلال الموارد بفاعلية.
القوات الأكثر قابلية للحركة تكون قادرة على حشد اكبر في نقطة الحسم.
تحسين إصابة الهدف، بهدف تحقيق اكبر عدد من الإصابات بالعدد نفسه من القذائف لحل إشكالية “النوعية مقابل الكمية”.
ولتحقيق أقصى قدر ممكن في القدرات النوعية بما يخدم الفكر الاستراتيجي في المدلول العملياتي، يمتد ذلك التحقيق في المجالات التالية الثابتة:-
القدرة على تعبئة الطاقة البشرية تسليحاً وتنظيماً.
القدرة على تعبئة الموارد المالية.
المستوى التكنولوجي.
الخبرة المهنية.
الفعالية التنظيمية.
المرونة العملياتية في ميدان القتال.
ويشدد الإستراتيجيون الإسرائيليون على بناء الجيش الإسرائيلي، وإعداده المستمر لخوض حرب قادمة، ولهذا تبقى الثوابت الأساسية التالية في إطار نظريات الأمن القومي لإسرائيل -الاعتماد على الدعم الأمريكي وزيادته لدعم الأمن الإسرائيلي وقد وصلت تلك المساعدات إلى ذروتها عندما قفزت من 1.7% مليار دولار إلى 1.8 مليار عام 85/86. إضافة إلى 1.2 مليار هبة، ثم جاءت القفزة الرهيبة في تلك المساعدات عام 1999 إلى 2.1 مليار مساعدات عسكرية و 1.4 مليار كهبة، بالإضافة إلى ما يسمى المساعدات العاجلة مثل منح 40 طائرة أباتشي قتالية لإسرائيل عام 2001 ليتم استخدامها ضد الانتفاضة الفلسطينية.
إضافةً إلى ذلك طور الخبراء الإستراتيجيون الإسرائيليون علاقاتهم الأمنية مع الولايات المتحدة وبناءً على نظرية أمنية محددة، بلغت حد توقيع ما يسمى “التفاهم الاستراتيجي” حول القضايا المرتبطة بالشرق الأوسط، حيث أصبحت إسرائيل في علاقاتها مع الولايات المتحدة ذخراً استراتيجياً، وهذا برز في مدى التطوير العسكري النوعي.لإسرائيل.
– التمسك بجميع النظريات الأمنية – التي ورد ذكرها – والعسكرية (وهذا برز في حرب إسرائيل ضد انتفاضة الأقصى من خلال نظرية الضربة الاستباقية التي أخذت مسمى جديد “الدفاع النشيط” ، بما يتناسب مع الظرف الإقليمي والدولي من جهة وساحة المعركة ونوعيتها، من جهة أخرى.

ثانياً: المتغير:
لقد لعبت العديد من المتغيرات والأحداث الداخلية والخارجية الإسرائيلية دوراً مهما في بعض المتغيرات الأمنية والعسكرية في نظريات الأمن القومي الإسرائيلي، بهدف استغلالها كفرص استراتيجية زمنية لرفع وتيرة القوة العسكرية الإسرائيلية، وبما يتناسب مع المبادئ والمفاهيم العسكرية والأمنية لكل نظرية من نظريات الأمن الإسرائيلي، وفي الإطار الغير مسموح بالخروج عنه لهذه النظريات.
العوامل التي أثرت كمتغيرات:
رفع المستوى العسكري للجيوش العربية كماً ونوعاً مما دفع إسرائيل ان تستمر في تطبيق نظرية “الحرب الوقائية” كنظرية ثابتة، وظهر هذا المستوى في ازدياد تعداد الفرق خلال المرحلة السابقة،حيث ازداد الفرق السورية بنسبة 50% والمصرية 20% والفرق العربية بنسبة30%.
المنافسة في مجال الأسلحة التقليدية.
تقلص “العمق الإستراتيجي” بعدما أصبحت الأطراف العربية تمتلك صواريخ “ارض ارض” يمكنها أن تصل إلى المراكز الحيوية في إسرائيل.
المسيرة السلمية مع مصر، أثرت كمتغير في نظريات الأمن القومي الإسرائيلي التي تتعلق “بالحدود الأمنية والمجال الحيوي” حيث جاءت اتفاقية السلام عام 1979، كعامل حاسم في التأكيد على انه تم التوصل إلى سلام مع اكبر دولة عربية، حيث تفتقد الجبهة العربية ضد إسرائيل، جزء هام وصعب.
ورغم هذه المسيرة السلمية إلا أنها لم تلعب دورها كاملاً على صعيدين:
أ) إن المسيرة السلمية لم يليها توقيع اتفاقيات سياسية مع دول أخرى باستثناء الأردن.
ب) شهدت المسيرة فترة ازدهار قصيرة، وبدأ الجمود فيها اثر تطبيق القانون الإسرائيلي على هضبة الجولان عام 1981، الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982
مما زاد الأمر تعقيداً في هذه المسيرة هي “انتفاضة الأقصى” حيث انعكس على المستوى الشعبي المصري من جهة أخرى، وبدأت إسرائيل تنظر إلى مصر “كمهدد استراتيجي جديد – قديم”.
– الحرب العراقية – الإيرانية، غيرت من ميزان الصراع وتوازن القوى في الشرق الأوسط.
– التدخل السوري في لبنان وتورط سوريا استنزف مواردها وطاقاتها حيث أعطى السوريين أهمية أولى لصراعات لبنان الداخلية خلال الفترة الواقعة بين عام 1976 و 1985، حيث احتفظ السوريون بثلث إلى نصف جيشهم تقريباً في لبنان، مما أدى إلى مهلة زمنية مهمة من التحول الاستراتيجي في الأبعاد العسكرية والأمنية لإسرائيل.
– عامل انهيار التحالف بين العراق وسوريا الذي نشأ بعد توقيع اتفاقية السلام المصرية – الإسرائيلية.
– تفكك الجبهة العربية، وبروز المصالح المتناقضة للدول العربية، واصبح التعاون بين بعضها شبه مستحيل وخاصة على صعيد الائتلاف أو التكتل ضد إسرائيل.
– حرب الخليج الثانية ( بعد اجتياح العراق للكويت ) وخوض الصراع المسلح بين الدول العربية.
– العوامل الاقتصادية، حيث لعبت التحولات الاقتصادية دوراً في المقدرة العسكرية. وهذه المقدرة التي تعتبر عنصراً هاماً من عناصر الاستقرار و إمكانيات شراء الأسلحة للدول العربية بسبب ارتباطها بالنفط مما لها اثر بالغ في مجال شراء الأسلحة وتعزيز القدرات العربية.
ما هو تأثير الانتقال من نظام الأسلحة الشرقية إلى نظام الأسلحة الغربية الذي يجري في الجيوش العربية، على ميزان القوى بينها وبين الجيش الإسرائيلي، كعامل متغير؟
إن “لانير” يرى بان هذا التأثير يرتكز على فرضيتين ينبغي عدم القبول بهما على علاتهما من دون طرح علامات استفهام حولهما..” تتعلق علامة الاستفهام الأولى بالفرضية القائلة، انه كلما تزود الجيش بأسلحة اكثر إحكاماً وتقدماً ازدادت قوته .
ويرى “لانير” إن الزعم بتفوق الأسلحة الغربية على الأسلحة الشرقية “صحيح جزئياً” ، كما إن التكهن بوجود توافق واضح بين التحسين في تطوير أنظمة الأسلحة المحكمة، وبين التحسين في القوة، يعتبر أيضاً تكهناً غير صحيح في جميع المجالات” فالجيوش العربية سوف تواجه في هذا المجال مشكلات خطيرة في صيانة الأسلحة المتطورة الغربية لان صيانتها تعتمد على أسلوب المجمعات أي ينبغي استبدال المجمع كله لدى تعيين العطل في أحد مكوناته
ويرى “لانير” من الخطأ تفحص القوة التي يوفرها نظام سلاح جديد لدى وضعة في الخدمة، فالمهم ما مدى قوة هذا السلاح بعد مضي وقت، في هذا الموضوع يرتسم منحنى ملفت للانتباه، حيث يحدث انخفاض كبير في مصداقية السلاح، ومستوى جاهزيته بعد فترة قصيرة من التعلم على تشغيله، ويكون هذا الانخفاض اكثر حدة كلما كان السلاح اكثر تعقيداً وتطوراً، وفي هذا المجال تتميز إسرائيل بميزة مهمة، وهي إدخال تحسينات وتعديلات على الأنظمة التي تشتريها لتلائم حاجاتها، ولتحسين أداء هذه الانظمة، وفي بعض الأحيان يتم ذلك بواسطة تبديل قطع اكثر تطوراً، لكنها تعاني من مشكلات مصداقية خطرة بقطعة أخرى، اقل تطوراً لكنها اكثر مصداقية.
ويرفض تسفي لاينر” الافتراض القائل، بأنه كلما كانت أنظمة الأسلحة اكثر تطوراً تقلصت متطلباتها من الجندي لاكتشاف الخبرة المحلية والمهنية والشجاعة والتشبث بالأهداف، وبالتالي فان من شان هذه الأسلحة أن يقلص إلى حد بعيد الأهمية النسبية للتفوق على صعيد نوعية الطاقة البشرية، أن نوعية الطاقة البشرية ستزداد أهميتها، كما إن عدد المهمات والتحديات التي سيضطر المقاتل للتصدي لها في ميدان القتال قد ازداد كلما ازداد عدد التهديدات وفعالياتهاـ وازداد عدد الأنظمة المسلحة الموضوعة تحت تصرف الوحدة المقاتلة، وكل هذا مفروض أن يحدث في ميدان قتال يكون فيه “غلاف القتال” اكبر حجماً وحيث يتحرك ويتغير كل شيء فيه بسرعة اكبر، ومعنى هذا ان عدد الساعات التي يحتاج إليها المقاتل ليصبح في حالة تأهب قتالي اخذ في الازدياد، مع كل ما يترتب على ذلك من توتر، كما إن ثورة أجهزة الرقابة والسيطرة والإشارة والاستخبارات تلقى عبئاً على عاتق الضباط في مستوى الرتب المتوسطة والدنيا، لأنه يترتب عليهم أن يغذوا طوال وقت القتال تلك الأجهزة بالمعلومات” ..
إن إيجاد التوازن الصحيح، بين الحاجة إلى أداء عمل وفق برنامج مدروس سلفاً، وانضباط الأجهزة توازن يستحيل من دونه تشغيل أنظمة الأسلحة الحديثة بفاعلية من جهة، وبين المرونة والمبادرة و الارتجال التي من دونها يستحيل الأداء في ميدان القتال، والرد بصورة مدروسة على الإنتروبيا الحتمية ليس مشكلة نظرية، وانما معضلة مستمرة وحتمية سيضطر الضابط إلى التصدي لها خلال المعركة، وستلقى على المقاتل والضباط في ميدان القتال المستقبلي عبئاً لم تشهد له مثيل في الحروب السابقة.
الفصل السادس
حدود وعناصر ميزان القوة العسكرية الإستراتيجية
أولاً: حدود القوة:-
ما مدى القوة العسكرية اللازمة لإسرائيل ؟
ما هي حدود قدرتها على بناء هذه القوة والاحتفاظ بها ؟
هل تستطيع تعبئة الموارد الأزمة للحفاظ على أمنها ؟
يقول العميد / يوسف معيان “أصبحنا على وشك أن نتخطى حدود قدرة الاقتصاد على الاحتفاظ بالقوة العسكرية في حجمها وأساليب عملها الحالية، ولا تترك نفقات الاحتفاظ بهذه القوة سوى القليل من أجل زيادة القوة، فاليقظة تتغلب على الاستعداد، والمشكلة هي أين نجد وسائل وحلول تتيح في الوقت نفسه الحفاظ على اقتصاد مستقر وكذلك على حاجاتنا الأمنية “ “.
ثانياً الضغوط والقيود على بناء القوة:
حسب رأي معيان “إن ما يفرض قيود على متطلبات الأمن هو الضغوط والضروريات الخارجية في حين أن ما يفرض الوسائل المخصصة لهذه المتطلبات هو الضغوط والضروريات الداخلية“ “
الضروريات الخارجية:
تتكون الضروريات الخارجية من:”التهديد العسكري الذي تشكله الدول العربية في مواجهة إسرائيل” “،
في خروج مصر من دائرة المواجهة تحسن لمصلحة إسرائيل في ميزان القوى مع دول المواجهة.
الضرورة الداخلية:
تشمل هذه الضرورات على قيدين:-
1-القيد الديموغرافي: الكمية القصوى من المقاتلين التي يتم إخراجها من السكان في إسرائيل إلى جانب، الكمية القصوى من القادة والطيارين، ويورد معيان مثلاً في مجال سلاح الجو:”فعدد الطيارين المقاتلين (من القوات النظامية والاحتياط) يمليه حجم الدفعات السنوية التي يتم تجنيدها في الجيش الإسرائيلي، وان نسبة صغيرة من المجندين هي من ذوي القدرات القتالية الأولية، والقليل من الذين في الخدمة قد يستطيعون إنهاء دورة الطيران والحصول على تأهيل كطيارين مقاتلين “ “.
”أن التآكل سواء القتالي أو _ الطبي _ يقيد مدة الخدمة الفعلية للطيار، ويؤدي إجمال هذه العوامل إلى أن عدد الطيارين، الذين تستطيع إسرائيل توفيرهم، يقيد حجم السلاح الجوي” “.
2-القيد الجغرافي: تفرض بنية إسرائيل الجغرافية _ الطبوغرافية، حجم القوة، كما أن الأبعاد الصغيرة للدولة، وحدودها البرية والبحرية الطويلة و”الخاصرة”الضيقة، تشكل كلها عائقاً بالنسبة إلى كمية القوة. ويعطي معيان مثال بأنه “لا يمكن أن يقام على أرض إسرائيل أكثر من عدد محدود من المطارات الحربية، لأن المطار الحربي له بيئة خاصة وتتراوح مساحته بين 3x 3 و 5x 5 كم، ويجب أن يكون بعيدا عن أي مطار آخر، لكي يكون المجال الجوي كاف، مع إبعاده عن مجال مرمى مدفعية العدو، مع إضافة معطي آخر هو سعة المطار الحربي من ناحية الطائرات، وضرورة عدم حشد كمية كبيرة من الطائرات في مطار واحد”هذا مثال للقيد الديموغرافي والقيد الجغرافي معاً “ “.ويمكن تطبيق ذلك على فروع وأسلحة أخرى في الجيش الإسرائيلي.
3-قيد الميزانية: تمثل ميزانية الدفاع، بصورة كمية الموارد التي تنفقها إسرائيل على الأمن، تنفق الميزانية كلها تقريباً، على بناء القوة العسكرية والاحتفاظ بها ،وعلى تهيؤ الجيش، والأمن الجاري،وعلى الحرب أيضاً. وحجم الميزانية هو، حل وسط بين متطلبات وحاجات الأمن المتأثرة بحجم “التهديد”، وبين القيود الاقتصادية والديموغرافية والجغرافية التي يتأثر بها بناء القوة وتقسم إسرائيل ميزانية الدفاع إلى قسمين رئيسيين:
”ميزانية البقاء”: وهي الميزانية المخصصة للحفاظ على ما هو قائم، وتمويل النشاط الجاري لاستعداد الجيش وما شابه.
”ميزانية التعاظم”هي ميزانية بناء القوة، وتبلغ نسبتها 20%، بينما “ميزانية البقاء”80%.
وفي إسرائيل توجد عملية مستمرة لتقليل نصيب شريحة “بناء القوة”في مقابل شريحة “جودة القوة”في ميزانية الدفاع. يقول بنحاس فروسمان”إذا كانت ميزانية الاحتفاظ بالقوة تشكل 80% فإن الأمر يتطلب من عام مالي إلى العام الذي يليه، ميزانية أكبر للاحتفاظ بالقوة، ذلك بأن الجيش يزداد نتيجة استيعاب القوة التي تم بناءها في الأعوام الماضية،وعندها تبقى موارد أقل لتطوير القوة “ “.
ثالثاً الدفاع والاقتصاد.
هنالك ثلاث معطيات أساسية تميز حالياً الاقتصاد الإسرائيلي:
-نفقات الدفاع تشكل ربع الإنتاج القومي الخام.
-نفقات الحكومة تتساوى، بل تتخطى الإنتاج القومي الخام.
-الدين العام يتزايد.
-تخصيص إسرائيل 25% من إنتاجها القومي الخام لمتطلبات الدفاع، بينما في الولايات المتحدة 6% ودول الأطلسي 3,5%.إن هذا الإنفاق الضخم والمستمر على الجيش الإسرائيلي يشكل عبئاً متواصلاً على اقتصاد إسرائيل، وله تأثيرات في مجالات أخرى _ اجتماعية وسياسية. ومن المهم التأكيد على أن، نفقات الدفاع معظمها يغطي بالمنحة التي تقدمها الولايات المتحدة.
التشخيص:
تقود السمات الاقتصادية إلى التشخيص التالي:
نقص في الموارد القومية.
الموارد المالية.
القوى البشرية.
الزعماء القادة.
ب_ دين متراكم متسارع.
ج_ اضمحلال تزايد قوة الجيش الإسرائيلي من مصادر إسرائيل الخاصة.
السيناريوهات:
إن الاقتصاد الإسرائيلي سيتميز بتفاقم في المجالات الرئيسية الثلاثة التالية (المتعلقة بموضوع الدفاع):
أ – أزمات ثقة متتالية في موضوع ميزانية الدفاع:
حين تتعدى إسرائيل حدود القدرة على تخصيص موارد للدفاع، فإنها تصارع على ما هو قائم، ويخلق هذا أزمات ثقة، وصراعات شخصية، ووضعاً من صراعات القوة ،ويكون هناك صعود وهبوط في الموارد المخصصة للدفاع، وهذا “سيؤثر على الوضع الأمني”.
ب-وقف التعاظم (زيادة القوة): ستنخفض من عام لآخر إمكانية إسرائيل في إيجاد مصادر ذاتية وتوجيهها إلى متطلبات تزايد القوة، وستتمثل هذه الحقيقة بأزمات في الصناعة العسكرية، وبضغوط ضخمة لزيادة الصادرات العسكرية.
ج- إدمان المعونة الخارجية: هذا الإدمان نتيجة حتمية لانعدام القدرة على توجيه موارد مالية من مصادر ذاتية للدفاع.
وفي الموضوع الإستراتيجي، للخروج من أزمات الميزانية الدفاعية الإسرائيلية، قد تعود إسرائيل إلى مفهوم نظرية “إستراتيجية الهجوم الوقائي”التي تشدد على مبدأ تركيز القوة عن طريق بناء قدرة هجومية واستخدامها من أجل الحسم.. مع تحديد أهداف الحرب، وتبني القوة العسكرية بما يتلائم مع القدرة، ومن خلال التخلي عن إعداد القوة لكل الاحتمالات.
وقد تضطر إسرائيل في الشق الثاني من الموضوع الإستراتيجي لميزانية وزارة الدفاع في تغيير تنظيم جهاز الدفاع، وتوزيع النشاطات على هيئة الأركان العامة.
كتب بن غوريون يقول: [“من خلال رؤية الأوضاع الخاصة للأمن في البلد ،ومن أجل الحفاظ على المبدأين المركزيين اللذين يجب أن نسترشد بهما _ وهما النجاعة والتوفير _ توصلت إلى استنتاج أنه ينبغي لنا ألا نلقى على رئيس الأركان عبء الاهتمام والمسؤولية عن الجانب الاقتصادي والمالي، وذلك لثلاثة أسباب:
-جيشنا فتي ويعيش في أحوال صعبة.
-أن ينال التوفير أهمية أكثر مما ينال في أمريكا وترى العقلية العسكرية الشؤون كلها من الناحية العسكرية
-شؤون الجيش وشئون الاقتصاد غير متطابقة”” “.
رابعاً بناء القوة ومضاعفاتها:
حددت النظريات الأمنية الإسرائيلية في منطلق بناء القوة من الأسس التالية:
اعتبار الحروب الحديثة حروباً شاملة.
المهمة الأساسية لوزارة الدفاع بناء القوة العسكرية الملائمة.
أن المشكلة الرئيسية تكمن في الهوة الواسعة على صعيد الموارد بين إسرائيل والدول العربية.
التهديد الشامل هو العامل الأساسي عن نطاق القوات التي تحتاجها إسرائيل.
التأكيد على أن إسرائيل لا تستطيع التوقف عن مواصلة سباق التسلح وبأشكال مختلفة عن السابق
ومصطلح “مضاعفة القوة”الذي تعتمد عليه إسرائيل في تطبيق سياستها الأمنية تعني”أن يبقى تعداد القوات والمعدات القتالية الرئيسية كالطائرات والمدافع والدبابات على ما هو عليه، مع العمل على تغيير تلك المعدات، بمعدات نوعية أقدر، وذات قدرات تنفيذية به أعلى بشكل يمكنها من تحقيق الإنجاز بشكل مضاعف “ “.
خامساً: عناصر القوة
العنصر الأول تعبئة الاحتياط: فنظام تعبئة الاحتياط في إسرائيل قلص إلى حد كبير من تأثير الفجوة في عدد السكان على ميزان القوى العسكرية بينها وبين الدول العربية، كذلك فان الحرص على تحقيق التفوق التكنولوجي على صعيد الوسائل القتالية المستخدمة في الجو والبر والبحر كان احد النماذج للجهد الإسرائيلي لسد الفجوة على صعيد ميزان القوة الكمي.
العنصر الثاني المهارات المهنية: ويصب في هذا المجال نفسه كيفية استخدام هذه المعدات المتفوقة تقنياً، ولهذا يجرى الاهتمام بتنمية المهارات تلك يهدف إلى تحقيق الأداء الأمثل لهذه الوسائل. ويرى “تسفي لانير” بأنه يمكن عرض “ميزان القوة” بين الفرقاء المتنازعين في معادلة يتم التعبير فيها عن نسبة القوة من الناحية الكمية، والناحية النوعية والتكنولوجية لأنظمة الاسلحة، وناحية الطاقة البشرية ويرى بان معظم الباحثين في مجال “ميزان القوة” نادراً ما يبحثون في مكونات النوعية التكنولوجية لأنظمة الأسلحة المتوفرة لدى الفرقاء بقدر ما يبحثون في الكمية.
العنصر الثالث الطاقة البشرية: فلا يكاد يحظى بأية معالجة والسبب الأساسي في ذلك الميل نحو تعليق أهمية فائقة على عنصر الكمية، وإهمال هذه العقبة التي تعترض البحث في سياق القوة تقود إلى الميل نحو تعليق أهمية فائقة على عنصر الكمية، وإهمال العناصر غير القابلة للقياس كمياً، واحد الانعكاسات الخطيرة لهذا الميل، هو انه يقود إلى استنتاج أن السبيل الوحيد أو الأساسي المتاح أمام الدولة التي تريد المحافظة على مكانتها النسبية في سباق القوة هو عدم التخلف في سباق الكمية.
وفي هذا السياق يدحض “لانير” معادلات “لانشستر” التي تعتمد النموذج الحسابي الذي يعبر عن أهمية الكمية وميزتها على النوعية في ميدان القتال وتحاول هذه النظرية التنبؤ بنتائج الصدام العسكري بين قوتين وفق التقدير الحسابي، وتطرح هذه المعادلات نموذجاً مفاده، انه في حين ان عنصر النوعية يؤثر في النتيجة بنسبة رباعية، لأن وحدة عسكرية قد دمرت لا تطلق النار ولا تستقطب النار أيضاً وبالتالي، فإن الخصم الذي ينجح في حشد قوة اكبر في ميدان القتال هو الذي ينتصر، حتى لو كانت قوته متدنية من الناحية النوعية، فعلى سبيل المثال إذا كان الخصم (أ) يتمتع بقوة كمية تبلغ ضعف قوة الخصم (ب) فإن الخصم (ب) يستطيع ان يحقق التكافؤ بتفوقه النوعي، شرط ان تكون كل وحدة قوة يمتلكها اكثر فاعلية بثمانية أضعاف من فاعلية الخصم (أ) .
يرى “لانير” بأن معادلات “لانشستر” تشتمل على عدة فرضيات غير ثابتة في الواقع. والفرضية الأساسية في هذه المعادلات تقول “بأن هدف القوة المتحاربة هو حتماً تدمير بعضها البعض نجده غير ثابت في المعارك البرية، فهذه الفرضية تشدد على عنصر “النيران” حتى انه من الضروري في بعض الأحيان “تفنين” “عنصر النيران” من اجل إفساح المجال أمام “المناورة” كما ان هناك فرضية أخرى لمعدلات “لانشستر” لا تلائم الواقع في ميدان القتال، وهي انه عندما تفتح القوتان النار على بعضهما،”فان احتمال الإصابة هو عامل وظيفي لعدد الوحدات النارية ونوعيتها، ولعدد الأهداف التي تطلق عليها النار ويرى “لانير” ان هذه الفرضية تنطوي على تجاهل إحدى اكثر المشكلات تعقيداً في مجال المعارك الجوية: مشكلة “ضباب المعركة” ، كما ان فرضية معادلات “لانشستر” تفترض، “انه عندما يتم تدمير أحد الأهداف فان سائر القوات التي تطلق النار، ترتكز نيرانها على الأهداف” الأخرى متجاهلة عدم اليقين الذي يسود ميدان القتال البري إزاء وضع الأهداف لذا تهدر قوى نارية وكميات كبيرة من الذخيرة على أهداف قد تم تدميرها، كما إن نقل النيران إلى أهداف أخرى ليس عملية سهلة فهناك مرحلة “المناوشة” إلى أن تنتقل القوة المطلقة للنيران إلى هدف جديد وتبدأ بإشعاله ويرى “لانير” في حين يرى إن هذه النظرية القائلة باحتمال الإصابة عامل وظيفي لعدد الوحدات النارية ونوعيتها ولعدد الأهداف الموجودة في ميدان القتال “من شانها” ان تتحقق عملياً في أعقاب الثورة التكنولوجية وذلك باستخدام (ذخيرة محكمة التوجيه) في المعركة البرية المستقبلية، والأجهزة المتطورة للقيادة والرقابة والاتصال والاستخبارات، والذي يجب استخلاصه من ذلك هو ان فرضية “لانشستر” آخذة في التحقق بصورة معكوسة وسيكون العنصران الأساسيان لتكتيك التدمير، اللذان سيحددان إلى حد بعيد الحسم في المعركة البرية المستقبلية، هما الإغلاق على الهدف من مسافات بعيدة، وتوزيع مثال للأهداف بين الوحدات المختلفة أما من يحسم المعركة فهو الفريق الذي يتمكن من تحديد مواقع الخصم بسرعة اكبر، وكيف يخصص بسرعة الأهداف التي حدد موقعها لوحداته المختلفة.
ولكن ما هي دلالات جميع هذه الأمور في الساحة الشرق الأوسطية؟
لنفترض إن الجيوش العربية والجيش الإسرائيلي أيضاً سوف يتزودون بأكثر الأجهزة المتوفرة تطوراً، وبأن كمية الأجهزة التي ستتوفر للجيوش العربية ستكون اكبر بكثير من تلك التي ستتوفر للجيش الإسرائيلي، وبأنها ستتمكن في معارك الحسم في إبراز تفوقها الكمي.فإن تأثير هذا التفوق على نتائج المعركة اقل وربما سلبية بالنسبة إلى الفريق صاحب التفوق الكمي، إذا لم يلازمه تفوق على صعيد القدرة على تحديد مواقع الأهداف وتوزيعها بالصور المثلى وعلى هذا الأساس قد يصبح للجيش الإسرائيلي بعض المزايا الأساسية غير قابلة للإلغاء بواسطة قدرة الدول العربية على السماح لنفسها بامتلاك كميات كبيرة من أجهزة القياس والرقابة والإشارة والاستخبارات والميزة الأولى “التي يتمتع بها الجيش الإسرائيلي هي أن إسرائيل تنتج بنفسها قسماً من أنظمة الذخائر الذكية المتطورة تكنولوجياً فضلاً عن ذلك فهي تتمتع بالقدرة على أن تصبح في عداد الدول المتقدمة في العالم، ولها القدرة الذاتية على إنتاج الأجهزة وملاءمتها لأغراض القيادة وطبيعتها. أما الميزة الأخرى ففي مجال القيادة العملياتية والتكتيكية والقيادة التي تجمع بين القدرة على المبادرة والارتجال من جهة، وبين القدرة التنظيمية على استغلال فعال لأنظمة الأسلحة على جميع المستويات من جهة أخرى، وهذه أحد الأرصدة التي يمتلكها الجيش الإسرائيلي.
.... يتبع
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

” الأمن القومي الإسرائيلي نظريات ومستوياته ” Empty
مُساهمةموضوع: رد: ” الأمن القومي الإسرائيلي نظريات ومستوياته ”   ” الأمن القومي الإسرائيلي نظريات ومستوياته ” Emptyالثلاثاء 11 أغسطس 2020, 12:19 pm

....  تابع

” الأمن القومي الإسرائيلي نظريات ومستوياته ”
الفصل السابع
معادلة الأمن القومي
أولاً: موقع وعمل “معادلة الأمن القومي:-
نموذج “معادلة الأمن القومي”المقترح: تعبير “معادلة الأمن القومي”التي جاء بها أيلون، محاولة لاستخلاص قانون أمن قومي من خلال دراسة تجربة إسرائيل في هذا المجال.
ويعرف ايلون مفهوم “الأمن القومي”: بأنه”محصلة الاتصالات المتبادلة لدولة مع بيئتها القريبة والبعيدة -التي في المحصلة _ تعكس قوتها، واستعدادها ووسيلتها ،وقدرتها التنفيذية على الدفاع عن مصالحها الحيوية، وتحقيق غاياتها وأهدافها القومية “ “.ويقوم هذا التعريف على نموذج”معادلة الأمن القومي”على الفرضية القائلة، أنه على غرار “الرابطة”بين قسمي المعادلة الرياضية، هناك أيضاً “رابطة”بين ما تريد الدولة تحقيقه وتأمينه من جهة، وبين قدرتها على إنجاز ذلك _ بهذه الوسيلة أو تلك _ من جهة أخرى.
غير أنه لابد من التنويه إلى أن معادلة ايلون تتكون من عدد من المتغيرات، ولكنها خلافاً للمعادلة الرياضية، التي تكون فيها المعطيات قابلة للقياس الدقيق، فإن معظم المتغيرات في”معادلة الأمن القومي”غير قابلة لمثل هذا القياس، فهي متغيرات نوعية لا كمية، أي أنه ينبغي النظر إلى “المعادلة”قبل كل شيء على أنها قائمة ضبط، تساعد على فهم الماضي والحاضر، وتحويلهما بهدف تحسين عملية اتخاذ القرارات للمستقبل. ويمضي ايلون شارحاً عناصر “معادلة الأمن القومي”،والتي تتكون من ثلاثة مكونات أساسية لطرفي المعادلة، وهي” “:
القدرة: = (قوة القومية + جاهزية قومية).
الوسيلة: = (بأهدافها وأفكارها ووسائلها)
وهذان المكونان موجودان في أطراف “المعادلة”.
الغاية: = (من، ماذا، لماذا، كيف، ومتى ؟)
وهذا المكون موجود في الطرف الثاني من “المعادلة”.
فالقوة تشتمل على نخبة، ومن بينها متخذي القرارات، ووسائل تنبئية (جهاز استخبارات، جهاز إعلام) ووسائل الجبهة الداخلية (موارد متيسرة تغذي متطلبات الجبهة العسكرية) والمساحة (العمق الإستراتيجي، طبيعة الحدود … الخ) والسكان (الطاقة البشرية العاملة والمقاتلة)
والمساعدات (الدعم)، التي تمنح لهذه الدولة من دول أخرى ،ويمكن القول في هذا السياق، بأن المساعدات الخارجية هي بمثابة “قوة مستعارة”لكونها مرهونة بالاعتماد على الغير فإنها تتحول من دعم إلى قيود. غير ان “القوة”بحد ذاتها لا تشكل “قدرة”حتى يلتحق بها متغير “الجاهزية”ليشكلا معاً “القدرة
إن “الجاهزية”في “معادلة الأمن القومي”تشتمل على ثلاثة متغيرات هي:
– التأهب.
– المحافظة على الاستنفار.
– ممارسة الاستنفار قولاً وفعلاً في وقت المحنة.
فهي مرتبطة بمفاهيم مثل:”الإجماع الوطني”،”التلاحم الاجتماعي،”الواقع “ المعنويات”لكن الأهم من ذلك _ وكما تبين من خلال حروب إسرائيل _ أنها مرتبطة بالإجماع على “الغاية القومية”. إن”الغاية القومية”، تشكل أحد أطراف “المعادلة”المقترحة ،وتشتمل على توزيع المسؤولية من أجل تحقيق رزمة مصالح وغايات وأهداف تم الاتفاق عليها كحل وسط في الصراع بين عناصر القوة المختلفة في النخبة (حول سلم الأولويات)، التصميم على تحقيق رزمة المصالح والأهداف استمرارا لذلك الصراع..، توقيت تحقيق رزمة المصالح والأهداف (في المدى القصير والمتوسط والطويل) ويلحق بذلك أحياناً ما يشبه “المحظور مثلاً: تقرر في أهداف حرب “سلامة الجليل”، أنه “يجب ألا نهاجم السوريين إلا إذا بادروا هم إلى الهجوم “.
“هنا يجب التنويه إلى، أن الغاية القومية تختلف عن الأهداف القومية التي هي عامة جداً كي يتفق عليها الجميع _ فالغاية القومية كما أشرنا _ محصلة تقويم الوضع، إذ أن الأهداف القومية تشكل بالنسبة إليها “العنوان الرئيسي”
وتوجد بين القدرة من جهة ،والغاية من جهة أخرى _ في”معادلة الأمن القومي”_ الوسيلة التي يمكن أن تشكل سقفاً لمفاهيم مثل:”العقيدة، السياسة، الإستراتيجية، الإستراتيجية الشاملة، التكتيك، والتكتيك الشامل، ومن دونها لا يمكن تسخير القدرة، ولن يكتب النجاح للتنفيذ ولن تتحقق الغاية. لذا فإنها تعتبر بمثابة “قلب المعادلة”إنها لا تربط بين القدرة والغاية، فحسب، بل تربط أيضاً بين دروس الماضي ،وتوقعات المستقبل، إنها الرد _ إلى الأحسن أو إلى الأسوأ _ على مستلزمات الماضي، والمستقبل، والتهديدات، والقيود، والفرص، والدعم، وعدم اليقين، إنها الرد على التحدي، الذي هو أيضاً جزء من مفهوم المعادلة المقترحة.
وهكذا بعد أن يشرح ايلون مكونات “معادلة الأمن القومي”، حيث ينتقل إلى التنفيذ، “أي عن تسخير القدرة والوسيلة لتحقيق الغاية، ومواجهة التحدي في ظروف من عدم اليقين تفصل بين طرفي “المعادلة”
إن حركة “معادلة الأمن القومي”لدولة ما والتي تضمن بها أمنها القومي، وتناضل من أجل مكانتها على الساحة الدولية، والتي يمكن أن تكون ساكنة أو متسارعة، أو أن تقع تحت تأثير البيئة
إن “معادلة”أمن هذه الدولة تتحرك في اتجاه تسارعي معين، في الماضي عبر الحاضر إلى المستقبل غير المعروف، في حين تتحرك في مواجهتها _ أو إلى جانبها أو خلفها _”معادلات أخرى”لكل منها وزن ومكانة خاصة بها، مما يتطلب من النخبة التي تقود الدولة إلى تعديل “المعادلة”و وتيرة سيرها، واتجاهها وفقاً للظروف، على سبيل المثال:” في وضع التوتر تحرص النخبة القائدة على تغيير النسبة بين وسائل الجبهة العسكرية ووسائل الجبهة الداخلية في خانة “القدرة القومية”من المعادلة، بحيث تجعل المزيد من إمكانات الجبهة الداخلية تغدي بوتيره إمكانات الجبهة العسكرية، أما في حالة الحرب، إذا تطرقنا مثلاً إلى الوسيلة المستخدمة بأسلوب “العصا والجزرة”فإن النخبة القائدة تستخدم “العصا”أكثر من “الجزرة”أما خلال فترة الهدوء، فإنها تغير النسبة بين مكونات الجاهزية، وتقلص من الاستنفار وتعزز من التأهب (ليس بالنسبة إلى تعزيز إمكانات الجبهة العسكرية، وإنما بالنسبة إلى إمكانات الجبهة الداخلية) غير أن تعيين النسبة بين مكونات “معادلة لأمن القومي”المختلفة ليس مرهوناً دائماً بإرادة “النخبة القائدة”بل مرهون أيضاً بالتحدي الذي تضعة أمامه عناصر البيئة المختلفة، وخصوصاً بجوهر معادلة خصم تلك الدولة” .
وفي ضوء تعريف “الأمن القومي”لنموذج “معادلة الأمن القومي”القائم في أساسه، يعرف أيلون مهمات النخبة القائدة على النحو التالي: .
أ_ تحاول النخبة القائدة التأثير على الاتجاه التاريخي الذي تسير فيه “معادلة الأمن القومي”للدولة، فهي تقوم بدراسة الماضي، وتبني منها عقيدة، وأحياناً تطور دافعاً للعودة إلى الماضي، أو لإزالة عار هزيمة، وكذا تعين النخبة القائدة أيديولوجية تربط بين الماضي والحاضر والمستقبل، وتبرر العقيدة والسياسة والإستراتيجية التي اختارتها ثم تضع رؤية مستقبلية تسعى “المعادلة”لها.
ب_ تمثل النخبة القائدة مكونات القوة القومية (في المجالات الاجتماعية، الاقتصادية، الأمنية، العلمية، والتكنولوجية..الخ) حتى أنها هي التي تبني هذه القوة وترعاها.
ج_ ترعى النخبة القائدة الجاهزية القومية (التأهب، الاستنفار، والأهم: الاستعداد) وتستعين لهذا الغرض برجال الفكر والأكاديميين وصانعي الرأي العام القادرين على تصوير استعداد قومي.. ويرى ايلون بأن رعاية الاستعداد القومي هي، الغاية القومية التي حددتها هي، تحظى بموافقة الشعب، وإلا سيكون من الصعب عليها ممارسة مهماتها، وخصوصاً في ظل نظام ديمقراطي.
د_ على النخبة القائدة _ أي متخذي القرارات الذين وقع عليهم الاختيار لهذا الغرض، وكذلك المساعدين والخبراء ومزودي المعلومات والمستشارين _ أن تحدد مكونات التحدي التي تمليها مستلزمات الماضي وتطلعات المستقبل، خصوصاً تأثير البيئة في الحاضر، وأن تعين الغاية التي تستجيب لهذا التحدي، وتشكل الوسيلة التي تحققه، ناهيك بتنفيذ استخدام الوسيلة نظرياً وعملياً.
هـ_ على النخبة القائدة، أن تعرف كيف تهضم نتائج التنفيذ وتستنفذها، إذ أنها بسبب ظروف عدم اليقين لا تتماثل أبداً مع الغاية.. هذا ما ينطبق أيضاً على نتائج ثانوية لم تكن متوقعة ولم تؤخذ في الحسبان.
إن النخبة القائدة هي مكون رئيسي في”معادلة الأمن القومي”لأنها هي التي تعين ما ينبغي عمله، كيف ينبغي عمله، وبأية وسيلة ينبغي عمله.. علاوة على ذلك فهي لا تهتم بـ “معادلة”دولتها فقط، وإنما بـ “معادلات”دول أخرى، إذ تقابل بعضها ببعض، وبين ملامحها التي لا تتفق دائماً مع الحقيقة. ويرى ايلون، أنه من الأفضل المقابلة بين “المعادلات الواقعية”التي يمكن بواستطها تقدير النتيجة النظرية للمواجهة بين “معادلات الأمن القومي”بصورة أفضل، والفرق بين “معادلة الأمن قومي واقعة “ معادلة أمن قومي محتملة”هي أن الأولى تعتبر (معامل ر)”معادلة الأمن القومي المحتملة”(محور Y ) ولضغط الظروف (محور X ).
ثانياً: التطابق والنتائج “لمعادلة الأمن القومي” :-
تطابق “معادلة الأمن القومي”نتائج حروب إسرائيل وعملياتها العسكرية: (حسب وجهة نظر العقيد أ – ايلون)
أن تفحص مفهوم “معادلة الأمن القومي”يتيح تحليل دروس الحرب بصورة أكثر تكاملاً بواسطة طرح أسئلة تستوجبها قائمة ضبط مكونات المعادلة المختلفة، والسعي من خلال البحث عن الجواب لتحليل كل واحد من مكونات المعادلة:
_ التحدي: تطلعات قومية هي بمثابة “العنوان الرئيسي، وتهديدات، وقيود متزامنة، ودعم ،ومدى عدم اليقين”.
_ الغاية: رزمة المصالح، والغايات والأهداف، التصميم على تحقيقها، والتوقيت.
_ القدرة: النخبة القائدة ،الموارد، الوسائل، الجاهزية.
_ التنفيذ: مسلك المكونات المختلفة للقدرة خلال تطبيق الوسيلة إزاء المعارضة وظروف عدم اليقين.
و ينبغي أن يضاف إلى ذلك، تحليل الاتجاه التاريخي الذي تسير فيه “معادلة الأمن القومي”لدولة من الماضي بمستلزماته، إلى المستقبل غير المعروف، ودراسة تأثيرات البيئة على حركة المعادلة.
أ_ (حرب 1948): _
يقول ايلون: “خلال هذه الحرب”سارت المعادلة”في اتجاه تاريخي من “الكارثة النازية”خلال الحرب العالمية الثانية إلى تحقيق الفكر الصهيوني بإقامة دولة يهودية مستقلة، وقد واجه سير “المعادلة”في هذا الاتجاه بريطانيا والدول العربية والفلسطينيون، الذين كانت غاياتهم الحيلولة دون إقامة دولة إسرائيل، وإخضاع السكان اليهود في البلد لإقامة دولة فلسطينية على جميع أراضيه، إن رفض هذه الغاية وتحقيق أهداف الصهيونية أمليا الغاية الإسرائيلية: أولاً، الدفاع عن السكان اليهود في البلاد والأراضي التي يسيطرون عليها عملياً، ثم الاستيلاء على الأراضي التي حددت لدولة إسرائيل في قرار الأمم المتحدة ،وبالتالي توسيع الأراضي قدر المستطاع عن طريق تدمير ما يمكن تدميره من القوات العربية المهاجمة”
ويضيف:”إن القدرة الإسرائيلية بالكاد استجابت للغاية، لقد تضمنت مكونات غير متوازنة: قيادة قوية جداً _ بن غوريون_موارد ووسائل شحيحة، وجاهزيه كبيرة.. لكنها كانت في مجمل الأمر مؤثرة ،وفاقت القدرة العربية التي كانت زعامتها منقسمة، ومواردها ووسائلها كثيرة وجاهزيتها ضئيلة ويضاف إلى ذلك طبعاً حقيقة أن الوسيلة الإسرائيلية الأهداف وفكرة تحقيقها ووسائله، كانت أفضل كثيراً من الوسيلة العربية، وكذلك التنفيذ نظرياً وعملياً
“لقد أثبتت نتائج الحرب أكثر من أي شئ آخر تفوق “معادلة الأمن القومي الإسرائيلية”على “المعادلة”العربية، فالقيادة العربية انهارت، والموارد العربية لم يتم القضاء عليها بيد أن الوسائل عطلت تماماً، الجاهزية أصبحت صفراً، كما أصبحت الوسيلة وتنفيذها موضوع سخرية عملياً ونظرياً.. والأهم: أن الغاية التي استهدفت أن تحول دون قيام دولة إسرائيل لم تتحقق، بل على العكس، إذ أن الأمر لم يتوقف عند حد، أن إسرائيل ضمنت حدود التقسيم فحسب، بل وسعتها أيضاً، لقد كانت للحرب، طبعاً، ذيول غير مستحبة: نشوء مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، التي ترافقنا حتى هذه الأيام .
ب_ عملية (العدوان الثلاثي على مصر 1956):
“إن هذه العملية لم تكن لترى النور من وجهة النظر الإسرائيلية لو لم تنشأ الظروف السياسية لذلك: تأميم عبد الناصر لقناة السويس، مساعدته للثورة الجزائرية ضد فرنسا، أما بالنسبة لإسرائيل تهديده الكامن في ازدياد قوة “الجيش المصري”التهديد العملي بإغلاق ضائق تيران أمام الملاحة الإسرائيلية، واستخدام الفدائيين ضد إسرائيل انطلاقا من قطاع غزة، وبهذه المناسبة قررت إسرائيل التعاون مع فرنسا وبريطانيا على الغاية التالية: احتلال شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة وتدمير معظم الجيش المصري وقواعده فيها من أجل ضمان حرية الملاحة إلى إيلات، والقضاء على الفدائيين وترميم ميزان القوى الذي تقوض، والمساس بهيبة عبد الناصر حتى إسقاطه
“إن الوسيلة لتي انتهجتها إسرائيل من أجل تحقيق الغاية العملية تم تنسيقها خلال الاتصالات السرية، وخلال هذه الاتصالات وعدت فرنسا بمساعدة عسكرية بما في ذلك امتلاك معدات عسكرية مهمة ،لقد كان كل ذلك بمثابة خلق الظروف التي اعتبرها بن غوريون جزءاً من تطبيق الوسيلة، كما أنه حرص على إطلاع “الشعب”في اللحظات الأخيرة على سر العملية من أجل ضمان الجاهزية القومية “ “.
“إن الوسيلة نفسها _ من حيث فكرتها _ كانت قائمة على المفاجأة، التي كان من المفروض ألا تتحقق بالسر فحسب، وإنما أيضاً بالتضليل والتمويه، إن المفاجأة المفيدة _ بحد ذاتها _ من حيث أنها تضمن نجاحاً بثمن ضئيل جداً من الخسائر، استهدفت أيضاً ضمان أن تكون الحرب مفيدة ليأتي ضررها على الإقتصاد الإسرائيلي _ الذي أصبح مشلولاً بسبب التعبئة _ أقل ما يمكن، وكانت الوسيلة تشمل أيضاً على خطوة إبتدائية واسعة تتمثل في إنزال مظليين بالقرب من القناة بهدف تحقيق هدف ثلاثي
توفير تغطية وكأن العملية انتقام.
اجتياح، يمكن إنهاؤه من دون فقدان الهيبة في حال أخلت فرنسا وبريطانيا بالتزاماتهما.
تهديد مؤخرة الجيش المصري بالذات في سيناء لحمله على الانسحاب.
وقد كان تنفيذ الوسيلة ناجحاً، حيث استكمل الجيش الإسرائيلي العملية خلال أسبوع، كما كان مخططاً لها بثمن نحو 200 قتيل ،وبذلك حقق جميع غاياته، باستثناء العمل على إسقاط عبد الناصر، علاوة على ذلك، فإن النتائج البعيدة المدى من وجهة نظر إسرائيل كانت أبعد من الغاية، إذ أن الحرب بما في ذلك عمليات التخريب التي لم تستأنف إلا سنة 1965 تأجلت حتى آيار 1967، ومتعت إسرائيل بإمكانية تعزيز “معادلة”الأمن إلى درجة كبيرة”.
“كان للحرب ذيول غير مستحبة: تكاتفت الولايات المتحدة و“الاتحاد السوفيتي”من أجل حرمان إسرائيل وبريطانيا وفرنسا من ثمار تحركاتهم العسكرية، كما أن “الاتحاد السوفييتي”، هو الذي خرج رابحاً بتعميق توغله في الشرق الأوسط،وفي مقابل ذلك فإن “خيانة”الولايات المتحدة لحليفاتها في أوروبا تسببت بإحداث ثغرات في الحلف الأطلسي “ “.
ج_ حرب الأيام الستة (حرب حزيران 1967):_
يرى ايلون بأن حرب الأيام الستة ما كانت لتنشب لولا إيمان عبد الناصر، بأنه حدث خلال عهد حكومة أشكول خلل في”معادلة الأمن القومي”الإسرائيلية (قيادة ضعيفة قياساً بالقيادة في عهد بن غوريون، انكماش اقتصادي.. الخ) بالنسبة إلى معادلة مصر وحليفاتها سوريا والدول العربية الأخرى، التي كان من شأنها الانضمام إلى ائتلاف بزعامة عبد الناصر في تدعيم مكانته في الداخل والخارج التي تقوضت بسبب انغماس مصر في حرب اليمن..
في منتصف آيار 1967 أدخل عبد الناصر جيشه إلى سيناء (على خلفية معلومات من مصادر سوفياتية، أوحت بأن إسرائيل تنوي مهاجمة سوريا) وأخلى قوات الأمم المتحدة، وأغلق مضائق تيران، وفي أواخر الشهر نفسه وضع الأردن جيشه في حالة طوارىء، أعقبه العراق الذي أرسل بعض المفارز من جيشه، كما أن سوريا كانت متأهبة للحرب.
في هذا الوضع ، قامت إسرائيل بتعزيز “معادلتها”بواسطة انضمام موشي ديان مناحيم بيغن إلى الحكومة، وخلق ضرورة مريحة لاستخدام وسيلتها وضمان نتائجها.
ونظراً لأن الخصم هو الذي بادر إلى الحرب (حتى لو كانت إسرائيل هي التي ضربت أولاً) فقد كانت الغاية إزالة التهديد عن سكان إسرائيل على امتداد حدودها وفتح المضائق، وذلك بتدمير جيش مصر أولاً،وإذا ما اقتضت الضرورة تدمير جيشي سوريا والأردن ومفارز الجيش العراقي،والمقصود بذلك احتلال أراضي أيضاً، إلا أن الغاية لم تتحدث في البداية عن موقع هذه الأراضي وحجمها باستثناء شرق سيناء وقطاع غزة” “.
إن الوسيلة التي حددت لتحقيق الغاية كانت قائمة على المفاجأة وقد تحددت أيضا سلم الأولويات:-_ ضربة ابتدائية للمطارات.
هجوم بري في الساحة المصرية، والأردنية.
إذا اقتضت الضرورة بعد ذلك في الساحة السورية.
كل ذلك كان يجب أن ينفذ بسرعة لكي تكون الحرب قصيرة وقليلة الخسائر على قدر الإمكان، وغير خاضعة للتأثير الضار للدول العظمى وخصوصاً “الاتحاد السوفييتي”كان تنفيذ الوسيلة ناجحاً نظرياً وعملياً، وتجاوزت النتائج الغاية: وحصلت إسرائيل في النهاية على عمق إستراتيجي وحدود أكثر ملائمة للدفاع.
ذيول الحرب اتهمت إسرائيل بسيطرة المحتل على مناطق ليست لها، ومن بين ُمتهميها أصدقاؤها، والأسوأ من ذلك أنه نشأت في إسرائيل نفسها مشكلة إجماع حول السؤال: ما العمل بـ”المناطق”؟.
د_ حرب الاستنزاف:_
يقول ايلون:”بادر عبد الناصر أواخر عام 1967 إلى حرب استنزاف، بعد عام على انتهاء حرب الأيام الستة ،إذ تهيأ له انه استطاع “معادلة الأمن القومي”المصري بالمساعدات المكثفة التي تلقاها من الاتحاد السوفييتي ،وكانت الغاية المصرية استنزاف إسرائيل وحملها على التخلي عن الإنجازات التي حققتا في حرب 67. كانت الغاية الإسرائيلية على العكس من ذلك، المحافظة على مكاسب حرب الأيام الستة، إلى أن يعترف العرب بها ويجروا معها مفاوضات مباشرة تؤدي إلى سلام حقيقي، وإلى أن يتوقفوا عن إطلاق النار عليها، أما الوسيلة التي خصصتها إسرائيل لتحقيق غايتها، فقد كان الرد على الاستنزاف بالاستنزاف، وكان أول رد إسرائيلي تنفيذ عملية انتقامية وتحذيرية في عمق النيل (عملية نجع حمادي) التي حملت مصر على وقف إطلاق النار مؤقتاً عند القناة لإعادة التنظيم في المؤخرة” “.
وتجددت حرب الاستنزاف في آذار 1969، وحتى ذلك الحين استطاعت إسرائيل بناء خط بارليف، وعززت الوسائل في”معادلة الأمن القومي”بيد أنها “أضعفت مواردها دون أن يشكل ذلك حلاً لوقف الحرب، فضلاً عن ذلك فإنه كلما طالت الحرب وكثرت خسائرها،”تضعضعت الجاهزية”التي هي عنصر رئيسي في”معادلة الأمن القومي”كما أن هناك من القيادة والساسة والعسكريين الإسرائيليين تشككوا في الوسيلة الإسرائيلية، وفي محاولة لتحسين الوسيلة تقرر استخدام سلاح الجو الإسرائيلي في أعماق مصر، مما أدى إلى تدخل الاتحاد السوفييتي في الحرب ونصبت صواريخ، واستخدام طائرات مقاتلة يقودها طيارون روس، وانتهى الأمر بتدخل القوى العظمى بغرض وقف إطلاق النار في آب 1970.
الفصل الثامن
تطور القوة في سياسة الدفاع
الإستراتيجية الإسرائيلية الخاصة باستخدام قواتها العسكرية، تقوم على أساس الدفاع عن وجودها.
وقد تأثرت إستراتيجية إسرائيل بثلاث مناطق خطر، حسب مفهومها الأمني:
أولاً:”الأخطار النابعة”من دول المواجهة العربية.
ثانياً:”الأخطار الناجمة”عن تشكيل إئتلافات واسعة، تتضمن دولاً من المنطقة وخارجها.
ثالثاً:”الأخطار الناجمة”عن عمليات فدائية، ضد إسرائيل، أو محاربة اليهود في دول أخرى.
كما تستند إسرائيل في نظريتها الأمنية على أساس، استخدام قواتها بشكل يقنع العرب بضرورة التخلي عن فكرة استخدام قواتها العسكرية من أجل الحسم السياسي،”سياسة الردع”،و إقامة أحزمة أمنية دفاعية كما حدث في الجنوب اللبناني.
السياسة الأمنية الإسرائيلية تعمل في اتجاه موازنة الخلل الكمي في توازن القوى بين إسرائيل والدول العربية،واستنفاذ الموارد من أجل الدفاع عن “جود إسرائيل”، وضمان قاعدة قوية للإجماع على “قضايا الأمن القومي الإسرائيلي”في مجال الأسس العلمية والتكنولوجية. فقد بلورت إسرائيل سياسة تضمن تطوير بنية الأبحاث والإنتاج الأمني، بشكل يُمكن إسرائيل من المحافظة الدائمة على تفوقها التسليحي والتجهيزي، وتمكين الجيش الإسرائيلي بالعمل في ظل جميع الشروط.
على صعيد الإستراتيجية العسكرية تعمل على الأبعاد السياسية والاقتصادية و التكنولوجية لهذه الإستراتيجية، حيث يمكنها أن تحدد مبادئ (ميزان الرعب) في الميادين المقبولة غير المقبولة، الأمر الذي يدفع الدول على الاعتراف، بأن من الأفضل لها عدم الاتجاه نحو الحرب (الردع الوقائي)، وحسب السياسة الأمنية الإسرائيلية، حول الأسباب الداعية للحرب، يدور الجانب الأهم في هذه السياسية حول إيجاد المبررات لدفع جيشها للعمل العسكري.والخطوط الحمراء التي تضعها إسرائيل في سياستها الأمنية تستند على ما يلي:
تمكن إحدى الدول العربية، أو احتمالية تمكنها من لحصول على “إمكانية نووية”.
تبلور تجمعات عسكرية في إحدى دول المواجهة.
قطع خطوط الاتصالات البحرية والجوية الإسرائيلية.
خرق إحدى الدول المجاورة للاتفاقيات المعقودة.
أولاً. المعالم الأولية للعقيدة “الدفاعية”الجديدة:
إن ما يدور في إسرائيل الآن من سجال حول وجود ، أو عدم وجود نظرية أمن قومي، طرح “إسرائيل تال”الأساس النظري حول هذا الموضوع، حيث دعا إلى التمييز بين قدرة الصمود وقدرة الحسم.
وطالب، تال، القيادة السياسية والعسكرية بأن تفهم حقيقة أنه “قضي على إسرائيل أن تكون قلة أمام كثرة”أن “القلة”لا يمكنها أن تحسم الأمور بوسائل عسكرية ،وان “جل ما يمكنها أن تتطلع إليه هو إحباط أهداف العرب ودفعهم للتخلي عن طريق الحرب “ “.
كما ويرى، تال أن التفوق العسكري لا يعبر البتة عن تناسب “القوى القومية الشاملة”، وإنما هو فقط تفوق عسكري ذو طبيعة مؤقتة، ويقوم على حساب كل الموارد والقوى النفسية “القومية”
ويؤكد، أن “نظرية الأمن القومي الإسرائيلي”كانت صائبة،وأنها حققت أهدافهاً، لكنها الآن لا تستجيب لتحديات المستقبل، وكذلك من الضروري أن تتبنى إسرائيل نظرية أمنية متجددة وأكثر واقعية.
ويشير، تال، إشارة ذات مغزى عميق إلى ما هو متوقع من “نظرية الأمن القومي الجديدة”بالقول: “في ظل غياب العمق الجغرافي “الأفقي”الهام، وفي ضوء حدة المخاطر المرتقبة ثمة ضرورة للتطوير والاستناد إلى كل مقومات العمق الإسراتيجي. ومفهوم العمق في فن الحرب الحديثة، هو أيضاً عمق ثلاثيي متد ليس فقط على المساحة البرية وإنما أيضاً في الفضاء الخارجي وفي مفهوم عصر الحرب الحديثة، فإن هذا المفهوم يتعلق أيضاً بالحجم، وليس فقط بالمساحة “ “.
ويقول إ. تال:”إن إسرائيل أفلحت وتستطيع تحقيق النصر في حروب كثيرة _ وهذه القدرة شرط ضروري لوجودها _ ولكن إسرائيل لا تستطيع أن تملي بواسطة نصر عسكري إرادتها على المحيط العربي والإسلامي، الذي يمتد من المحيط إلى الخليج وأبعد من ذلك.
– ففرض الإرادة على العدو يستلزم نزع سيادته بالقوة وإعادتها فقط إليه فقد مقابل الوفاء بالشروط التي تملى عليه،وهذا أمر لا تقدر عليه إسرائيل “ “.
من الواضح، أن “نظرية الأمن القومي”الجديدة التي يطالب بها تال، هي نظرية مؤقتة، أيضاً، وتنطلق من دوافع النظرية القديمة، مع الأخذ بالاعتبار المستجدات التكنولوجية وفضلاً عن ذلك، فإنها تنطوي أيضاً على المفارقة نفسها وعنصر المجازفة. فهي تحاول مواجهة الأصيل بالمستجد، والكثير بالمختلف، والعميق بالمرتفع. إنها محاولة لمواجهة الأشياء بأبعاد أخرى من خارجها، وهذا يجعل دوماً النظريتان القديمة والجديدة تنطلقان من الرؤية ذاتها: وهي إحداث الصدمة لدى الخصم، الصدمة التي تسبب الإرباك، وتدخل الرعب إلى نفسه. وعموماً وبعيداً عن النظريات، ثمة مواقف ملموسة يجب ملاحظتها، وتتعلق بنظرية “الأمن القومي الإسرائيل”في ظل المستجدات الميدانية.
“إن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تدرك وجوب تغيير “نظرية الأمن القومي”فجنود الاحتياط _ هم العمود الفقري للجيش الإسرائيلي وحربته الحادة _ لم يعودوا يتدربون كما في الماضي على الأسلحة الحديثة ،و “سوف يكون من العسير الاستفادة منهم في المراحل الأولى للمعارك”، كما أن الجبهة الداخلية الإسرائيلية المكشوفة أمام الصواريخ العادية باتت تتطلب تطوير أساليب رد فعل جديدة “ “.
وضمن سيناريوهات الحرب الجديدة التي يدرسها الجيش الإسرائيلي، في المعطيات التسبيحية الجديدة في المنطقة ،يطالب الجنرالات بإعادة بناء الجيش على أساس، أن الجيش النظامي هو العمود الفقري، وهم يستندون في ذلك إلى واقع، أن جنود الاحتياط لم يعودوا قادرين على مواكبة وتشغيل الأسلحة الحديثة بنجاح، وأن خطط استدعاء الاحتياط يمكن أن تتعرض لعمليات عرقلة ناجعة من جانب “العدو”، ويرون ضرورة الاستناد إلى قليل من وحدات الاحتياطي المتخصصة، إلى جانب الجيش النظامي، بدلاً من قوات الاحتياطي الكبيرة.
وتتناقض هذه النقطة مع أحد أهم مبادئ نظرية الأمن الإسرائيلي التقليدية، التي تمنح الأولوية لقوات الاحتياط، وتقر شعبة القوى البشرية في الجيش الإسرائيلي،”أن هذه النقطة يجري تدارسها، وأنه بينما يستحيل التخلي عن وحدات الاحتياط، فإن الواجب يقضي بإعادة تنظيمها بشكل مختلف، بحيث تغدو مهام هذه الوحدات مختلفة عن مهام الجيش النظامي “ “. وهذا يعني أن القوات النظامية ستكون هي الموكلة بأمر صد هجوم مباغت بمساعدة المروحيات والمدفعية فيما سيدخل الاحتياطي إلى العمل فقط في مرحلة الهجوم المضاد.
“إن “أي شخص مر بتجربة حرب الخليج عام 1991، وهو يقبع في غرفة محكمة الإغلاق مرتدياً القناع الواقي من الغاز، ويسمع دوي سقوط صواريخ سكود العراقية، ينبغي أن يفهم أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية لا تمتلك لا خطة واضحة، ولا أساليب لمواجهة خطر الصواريخ بعيدة المدى. كما أن أزمة الغاز “الأنتراكس”في شباط 1998، أثبتت أن شيئاً لم يتغير منذ حرب الخليج، وأن سبعة أعوام ثمينة ضاعت هباء “ “. ومع ذلك، فإن خطر الصواريخ هو مجرد واحد من الأخطار التي تواجهها”نظرية الأمن الإسرائيلي”فهناك أخطار أخرى تتدارسها إسرائيل حتى في حالة وقوع حرب تقليدية أخرى “ “.
فامتلاك الدول العربية للصواريخ، وقدرة هذه الصواريخ على تهديد الجبهة الداخلية الإسرائيلية، فرضاً موضوعياً إعادة النظر في المهام وحشد القوات الاحتياطية، فضلاً عن ذلك، فإن هذا يفرض، حسب الخبراء الإسرائيليين، إعادة النظر في نوعية التسلح الإسرائيلي، بحيث يكون أفضل مما لدى الجيوش العربية، غير أن تكلفة التسلح بأنظمة جديدة ازدادت أضعافاً مضاعفة عما كانت عليه أسلحة الماضي على سبيل المثال،”أصبح مطلوباً من سلاح الجو الإسرائيلي لمواجهة الصواريخ أن يبقى في الجو ويعمل في الجو وهذا يدخل في باب الميزانيات التي لا تستطيع إسرائيل توفيرها بالكامل” “. ولذلك فإن الخيار الذي يقف أمام إسرائيل، هو المزيد من الاعتماد على الولايات المتحدة للمحافظة على الفارق النوعي، وحيث أن الأمر يتعلق بمليارات الدولارات، فإن إسرائيل بحاجة إلى برنامج مساعدات عسكرية أمريكية يجمع ما بين الهبات والقروض والتأجير.
وينجم عن ذلك، وبشكل حاسم، أن “أمن إسرائيل”بات أكثر اعتمادا على الولايات المتحدة من أي وقت مضى آخر، وهذه حقيقة لا يمكن إغفالها في نظرية “الأمن القومي الجديدة”بالتالي يصبح “أي تأخير في تسليم شحنات الأسلحة الأمريكية نتيجة عملية”إعادة تقويم”للعلاقات السياسية الأمريكية _ الإسرائيلية يلحق ضرراً بالغاً وخطيراً بقدرة إسرائيل على الدفاع عن نفسها، وهذا ما فهمه اسحق رابين،وليس من الواضح إن كان قد فهمه باراك وشارون أيضا “ “.
كذلك فإن اتفاقيات السلام تغير من مفهوم العمق الإستراتيجي، فإذا ما تم تطبيق اتفاقيات أوسلو، ثم اقامة دولة فلسطينية، فإن العمق الإسرائيلي سوف يتقلص، لذلك فإن السلام مع الفلسطينيين _ حسب الخبراء الإسرائيليين _”ينطوي على مقومات أمنية، وكذلك الحال مع الأردن، لذا يجب على إسرائيل أن تتناول احتمالات الخطر البعيد، مثل التصدي للصواريخ الإيرانية أو العراقية فوق الأردن، أو حتى احتمالات الهجوم المضاد، ليس فقط ضد العراق أو إيران، وإنما ضد سوريا من الأراضي الأردنية وهذا ما يبرر حاجة إسرائيل إلى السلام مع جيرانها والتفاهم على هذه النقاط “ “.
ومع ذلك”فإن إسرائيل ماضياً وحاضراً، تؤمن بأن العرب _ كما يقول تال _ لن يقيموا سلاماً معها نتيجة إقرارهم بحقوق “تاريخية”لها في المنطقة “إنما لأنها تمتلك قوة لردع.
وإذا كانت إسرائيل _ كما تقول يديعوت أحرنوت _ في نظريتها القديمة قد أمنت “الجدار الفولاذي “ “، الذي يضمن عدم إبادتها، فإنها تتطلع الآن إلى الحيلولة دون السماح للعرب من القيام بإمكانية انتزاع مكاسب سياسية أو إقليمية منها عبر التهديد باستخدام القوة العسكرية.
وتضيف،”أما عن مقومات الردع لإسرائيلي التراكمية، فهي توالي الانتصارات التي حققتها خلال الخمسين سنة من وجودها، وقوة سلاح الجو الإسرائيلي، والقدرة النووية التي تتستر إسرائيل عليها بسياسة “الغموض النووي “ “.
ويرى أليكس فيشمان، أن بعض مقومات الردع هذه قد “اهتزت صورتها”سلاح الجو يشيخ، وكانت إسرائيل قادرة حتى الآن على تهديد الجبهة الداخلية للأقطار العربية بواسطة ذراعها الطويل، من دون أن تتمكن الدول العربية من تشكيل خطر مماثل على إسرائيل”” “، غير أن هذه الصورة تتغير الآن. فإسرائيل تريد بناء قوة رادعة جديدة تتقاسمها الآن مدرستان:
مدرسة دافيد عبري ،التي ترى ضرورة إنفاق الأموال على مشاريع الدفاع الفعال مثل، صواريخ حيتس لمواجهة الصواريخ بعيدة المدى، أو مشاريع ضرب الصواريخ في مرحلة إنطلاقها الأولى. ويعترف الإسرائيليون بصعوبة مواجهة الصواريخ القادمة من مسافة 1500كم وحتى مواجهة الصواريخ السورية، ويقرون بأن مشروع صواريخ حيتس يوفر حلولاً جزئية وليست شاملة.
مدرسة إسرائيل تال، الذي يؤكد على ضرورة الردع الهجومي، وهو يرى أن إسرائيل في مواجهتها للأسلحة غير التقليدية ينبغي أن تمتلك، وتعرض قدرة تدميرية موثوقة، قادرة على تهديد المراكز السكانية في العراق وإيران. ويرى أنه إذا كانت إسرائيل تمتلك معلومات استخبارية جيدة وكمية كافية من الصواريخ بعيدة المدى، فإن بوسعها أن تشكل الردع المناسب.
ويمكن لإسرائيل، أن تهدد ليس فقط بضرب المدن الكبرى، وإنما كذلك السدود، بحيث تحدث فيضانات في دول الشرق الأوسط، التي تلتحق بحرب ضد إسرائيل. ويمكن الاستعانة بمثل هذه الحالة بالغواصات، التي توفر القدرة على توجيه “الضربة الثانية”، التي ليست بالضرورة نووية
كذلك فإن نظرية “الأمن القومي الجديدة”سوف تتعامل مع موضوعي خط الأصولية الإسلامية، واستقرار الأنظمة العربية التي توقع على اتفاقيات سلام مع إسرائيل، وتنطلق إسرائيل في ذلك من توصيفها لهذا الخطر، بأنه خطر “إستراتيجي”يقع تحت قائمة “الإرهاب”تأخذ نظرية “الأمن الجديدة”أيضاً بالاعتبار بالمتغيرات الدولية، واحتمالات استعادة روسيا لدورها في المنطقة، فضلاً عن احتمال تقليص اهتمام أمريكا بإسرائيل.
ويرى خبراء إسرائيليون، أن تخفيض أسعار النفط قلص من اهتمام أمريكا بأمن إسرائيل والعملية السلمية. ويتم النظر باهتمام فائق إلى العلاقة التحالفية مع تركيا.
إن نظرية “الأمن القومي الإسرائيلي تتعاطى أيضاً مع المتغيرات التي طرأت على “المجتمع الإسرائيلي”هناك نظرة تقول، أن الجمهور الإسرائيلي يفقد الثقة بقيادته السياسية، كما أن حرب الاستنزاف في جنوب لبنان كانت قد عززت “أزمة الثقة”هذه.
وللمرة الأولى في تاريخ إسرائيل تضطر “نظرية الأمن القومي الجديدة”إلى تحديد حدود إسرائيل، فقد كانت نظرية الأمن القومي القديمة تسمح للسلطة السياسية بعدم الإفصاح عن ذلك، ويصنف إسحق مردخاي هذه النقطة، بأن قادة إسرائيل في الماضي “لم يكونوا يرغبون في خسارة حرية العمل السياسي “ “.
متان فلنائي، نائب رئيس الأركان السابق، أبدى شكوكه باحتمال تبني الحكومة الإسرائيلية لنظرية أمن جديدة وقال “سوف يعملون ويعدون أوراقاً، لكنهم في النهاية سوف يضعون هذه الأوراق بهدوء على الرف حتى لا تقع فضيحة داخل المؤسسة العسكرية والسياسية “ “.
تطور في القدرات العسكرية الإسرائيلية.
من أحدث النظريات التطويرية المستمرة لقدرات إسرائيل العسكرية، هي نظرية رئيس الأركان الحالي شاؤول موفاز والتي تحمل في بنودها”خطة تحويل الجيش الإسرائيلي من جيش محلي يعمل في حدوده مع الدول العربية إلى جيش عالمي بذراع طويلة ،وإستراتيجية حديثة من شأنها العمل في دول إسلامية بعيدة مثل إيران و باكستان ،وكازاخستان .
هذه الخطة هي طموحة بحيث تتعدى المجال الشرق أوسطي الإقليمي إلى مدى دولي، وفي نفس الوقت تعبر عن تطرف بصورة غير عادية.
وتشمل الخطة هذه أربع مراحل:
المرحلة الأولى: إعداد قاعدة استخبارية في الدول غير المحاذية لإسرائيل، وسيلعب الموساد الدور الأبرز في هذه المهمة.
المرحلة الثانية: تبدأ بعد عامين من المرحلة الأولى، وفي نهاية المرحلة الثانية يستطيع رئيس هيئة الأركان الحصول على معلومات استخبارية كبيرة الأهمية في اللحظة المناسبة. وسف تبذل الجهود للحصول على معلومات فورية من داخل دول الهدف بدون أي عرقلة.
المرحلة الثالثة: تشمل الحصول على طائرة “إف _ 15 _ أي إضافية و “اف 18″، حيث قامت إسرائيل بتركيب أجهزة إلكترونية محكمة في الطائرة الأمريكية ،وهذه الطائرة تختص بمهمات خاصة مثل قصف العمق الإيراني مع توفير القدرة للعودة إلى إسرائيل بدون تزود بالوقود.
المرحلة الرابعة: تشمل دمج قيادة جديدة، تصلها كل المعلومات الاستخبارية وهي التي ستكون مسئولة عن العمليات سواء المشاة أو الطائرات،وفي هذه المرحلة يبدأ التعاون بين ضباط إسرائيليين وضباط من بريطانيا والولايات المتحدة، من منطلق أن هاتان الدولتين تتقاسمان مع إسرائيل المصالح الأمنية حتى خارج حدودهما.
ثانياً. التحولات في العقيدة العسكرية الإسرائيلية:
إن مجمل الظروف السياسية والعسكرية، تدعو إلى الاعتقاد بأن تغيرات واسعة ستتم في مهام ووظائف الجيش الإسرائيلي، وقد بدأ واضحاً ذلك في سياسة شارون، حيث يسعى إلى إعداد القوات العسكرية لمواجهة التهديدات الفعلية، أو المحتملة التي تواجه إسرائيل في ظل السياسة المتعنتة التي تمارسها حكومته، ولاسيما مواصلة عملية تطوير القوات الإسرائيلية تكنولوجياً وإلكترونيا لمواجهة متطلبات القرن الـ 21.
إن التحولات في العقيدة العسكرية الإسرائيلية لها دلالات سياسية، تنطوي على تحول بالغ الأهمية في السياسة الإسرائيلية تجاه عملية السلام، ولاسيما على المسار الفلسطيني خاصة، وتمثل التحولات تلك في الحد من مشاركة الجيش في المفاوضات مع الفلسطينيين.
تترافق هذه التحولات مع ازدياد تقارير ومؤشرات تدل على إمكانية وقوع مواجهة قريبة بين إسرائيل والدول العربية، وكما جاء في تقرير المخابرات العسكرية الإسرائيلية، أن احتمالات نشوب حرب ازداد بصورة مأساوية بسبب الجمود السياسي في العملية السلمية،ومن المتوقع حدوث مواجهات كبيرة مع الفلسطينيين (وهذه حدثت بالفعل خلال انتفاضة الأقصى).
وتقوم المؤسسة العسكرية الإسرائيلية في الوقت الحالي بعملية مراجعة سريعة للعقيدة العسكرية الإسرائيلية، أن القوة العسكرية الإسرائيلية يجب أن تكون جاهزة وفاعلة في جميع الظروف وفي أي لحظة، حيث يعتقد إن هذه القوة هي التي أثبتت فاعليتها ميدانياً وأقنعت العرب بالجنوح إلى السلام مع إسرائيل.
وتضع القيادة العسكرية مبادئ جديدة _ قديمة، قد تستخدمها في أية لحظة، وتعتمد هذه العقيدة العسكرية الجديدة على مبادئ:
-تطوير القدرات العسكرية على أحدث طراز حتى في ظل ظروف السلام.
-العمل على إن تكون الحرب أو الحروب المقبلة بأسلوب الردع المسبق.
-الضرب من بعيد.
ثالثاً. الأمن والعقيدة العسكرية الإسرائيلية.
كما أدت تلك الحقائق إلى قيام إسرائيل ببناء وتنظيم قواتها المسلحة بما يحقق جميع خيارات القيادة الإسرائيلية على النحو التالي:
-قوة هجومية تعتمد أساسا على القوة الجوية والمدرعات.
-تنظيم وتسليح قواتها البرية بأسلوب يسمح لها قابلية الحركة والمناورة العالمية.
-قوات ذات حجم صغير بصورة دائمة مع نظام تدريب دقيق وسريع للاحتياط.
-جهاز استخباري متطور قادر على إعطاء الإنذار المبكر في الوقت المناسب.
-بناء عمق دفاعي من خلال منظومة الدفاع الإقليمي مع تأمين القدرة القتالية لكل مستعمرة ومدنية
– قوة بحرية تعتمد على القطع الصغيرة والسريعة.
رابعاً. أهداف العقيدة العسكرية الإسرائيلية:-
استنادا إلى الهدف الشامل لإسرائيل بفرض سيطرتها العسكرية على منطقة الشرق الأوسط، فقد وضعت أهداف رئيسية ثابتة لعقيدتها العسكرية كما يلي:
-التوسع الجغرافي التدريجي.
-الاحتفاظ بقوات مسلحة متفوقة تكون هدفاً ووسيلة.
-الارتباط بالحليف المضمون.
-إضعاف وتدمير القوات العربية.
-بناء قوة عسكرية هجومية.
-سرعة نقل المعركة إلى خارج أراضيها.
وحسب العقيدة الجديدة، فإن إسرائيل ستقوم ببيع أسلحتها القديمة، وسوف تعتمد على التسلح الإلكتروني على جميع المستويات، والاعتماد على الأقمار الصناعية والتجسس الإلكتروني، وصنع أسلحة صغيرة ذات تكنولوجيا عالية بهدف مواجهة حرب العصابات (مثل القنبلة الذكية) وتطوير سلاح الغواصات الحاملة للرؤوس النووية للمهمات البعيدة جغرافياً.
إن جوهر ومضمون التغيير في العقيدة العسكرية الإسرائيلية يتمثل في أن هذه العقيدة، ظلت تعتمد على مبدأ “نقل الحرب بسرعة إلى أرض الطرف الآخر”في حين تسعى العقيدة الجديدة إلى اعتماد مبدأ “بدء الحرب على أرض الطرف الآخر وعدم الانتظار حتى يشنها ذلك الطرف”تتمثل الركيزة الجوهرية في عملية تطوير العقيدة العسكرية “الإسرائيلية”في الحفاظ على التفوق العسكري باعتباره هدفاً في حد ذاته. ويرتكز تنفيذ هذا المبدأ من الناحية العملية على ضرورة السعي دائماً إلى بناء قوة ضاربة نوعية، وتحقيق تقدم تكنولوجي للأسلحة، ونظام تعبئة محكم، وسرعة إعداد مسرح العمليات.
المراجع
تسفي شور، القوة العسكرية في كماشة الميزانية، دار المنار للصحافة، قبرص 1987.
د. قدورة عمر مصدر سابق.
اللواء نافع عبد الكريم، مصدر سابق.
ليبيمان وولتر، مؤسسة الأهرام الدولي، القاهرة، 1984.
كولبينز جوهان مصدر سابق
الموسوعة السياسية، مؤسسة الأهرام، القاهرة.
مكنارا روبرت، جوهر الأمن، دار الطليعة، بيروت، 1989.
هركابي، الكمية والنوعية، دار المنار للصحافة، قبرص 1987.
بن مائير يهودا، التخطيط للأمن القومي، دار المنار للصحافة، قبرص، 1987.
آيلون، الثابت والمتغير في الإستراتيجية الإسرائيلية، دار المنار، 1986.
غنفر افرايم، الاستراتيجية الإسرائيلية، دار المنار 1986.
تامير أبرهام، معريف، 1989.
ياريف أهرون، الأمن الإسرائيلي، معاريف، الملف، دار المنار، قبرص،1988.
هوروفيتش دان، مصدر سابق.
رابين يتسحاق، حرب الغفران، الملف، دار المنار، قبرص، 1988.
آلون يغال، أمن إسرائيل، وكالة المنار، قبرص.
هآرتس، 19/3/1998.
ارئيل شارون، السياسة الأمنية الإسرائيلية، دار الجليل، 1994.
كاهانا مائير، يديعوت، 3/7/1997.
بيغن مناحيم، حرب الخيار، درا الجليل 1988.
ألون يغال، أمن إسرائيل، وكالة المنار ، قبرص 1986.
معيان يوسف، ، حدود القوة، وكالة المنار، قبرص 1987..
فروسمان بنحاس، الكمية والنوعية، وكالة المنار، قبرص 1987. ص10.
بن غوريون ديفيد، الامن الإسرائيلي، وكالة الأنباء، قبرص 1987.
لانير تسفي، معاريف، 18/12/1981.
لا نشستر “نظرية الأمن الإسرائيلي”، أمن الرئاسة.
نظرية الأمن الإسرائيلي، أمن الرئاسة.
تال إسرائيل، مصدر سابق.
يدعوت أحرنوت، 7/7/1998.
اللواء حسام سويلم، الاتحاد الإماراتية، 13 ديسمبر 2000.
زئيف شيف، مصدر سابق.
فيشمان أليكس، المصدر السياسي، القدس، 1998.
السبيل الأردنية، 17/9/1998.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
” الأمن القومي الإسرائيلي نظريات ومستوياته ”
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: فلسطين الحبيبة :: إسرائيل جذور التسمية وخديعة المؤرخون الجدد-
انتقل الى: