|
| رجالات وشهداء ثورة 1936 | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رجالات وشهداء ثورة 1936 الجمعة 06 نوفمبر 2020, 11:17 am | |
| تعد هذه الثورة من أعظم الثورات في تاريخ فلسطين في القرن العشرين وقد عبرت عن روح التضحية والفداء والمصابرة والإصرار على الحقوق التي تميز بها أبناء فلسطين. وتمكنت هذه الثورة في بعض مراحلها من السيطرة على كل الريف الفلسطيني، بل والسيطرة على عدد من المدن، بينما انكفأت السلطات البريطانية في بعض المدن الهامة. وقدمت هذه الثورة نموذجا عالميا هو أطول إضراب يقوم به شعب كامل عبر التاريخ الحديث حيث استمر 178 يوماً. وربما لو كان الامر مقتصراً على الصراع بين شعب فلسطين وبين الاستعمار البريطاني لنالت فلسطين حريتها واستقلالها منذ تلك الثورة، إذا ما قارنا هذه الثورة بثورات الشعوب التي نالت استقلالها، ولكن وجود العامل اليهودي-الصهيوني وتأثيره القوي داخل فلسطين وفي بريطانيا والدول الكبرى جعل الأمر أكثر صعوبة وتعقيداً، وفرض أن تتسع دائرة مشروع التحرير إلى الدائرة العربية والإسلامية. وتنقسم الثورة إلى مرحلتين، كانت بينهما مرحلة توقف أشبه “بالهدنة المسلحة” المشوبة بالتوترحسن سلامةبدأ كفاحه الوطني في تشرين الأول سنة 1933 حين شارك في مظاهرات يافا الدامية، فتعقبته سلطات الانتداب البريطاني ولكنه أفلت منها. وتجول بين القرى العربية طوال ثلاثة أعوام دعا فيها سكانها إلى الثورة، واختار من يترسم فيهم الشجاعة والخير من شبابها. وحين أعلنت الثورة الفلسطينية، في مطلع أيار سنة 1936، أسندت إليه قيادة منطقة اللد – الرملة، ثم أضيفت إليها منطقة يافا، فأبلى مع قواته بلاء حسناً ضد القوات البريطانية والمستعمرات الصهيونية ودوائر الحكومة، ومن ذلك إتلاف قضبان السكك الحديدية وأعمدة الكهرباء وخطوط المواصلات، وإحراق البيارات الصهيونية والاشتباك مع قوات الانتداب والصهيونيين. وكان يشارك في قيادة العمليات وتنفيذها، ومنها نسف قطار اللد – حيفا سنة 1938 مع رفيقه محمد سمحان وآخرين. وقد لاحقتهم القوات البريطانية واشتبكت معهم فقتل رفيقه، وأصيب هو بجراح بالغة في عنقه. ولكنه تمكن من النجاة وأطلق لحيته كي يتخفى فدعاه الناس بالشيخ، ولزمه هذا اللقب طوال حياته. ترك حسن سلامة فلسطين سنة 1939، حين توقفت أعمال الثورة، إلى لبنان، فسورية، فالعراق حيث التحق بالكلية الحربية في بغداد. ثم اشترك في ثورة رشيد عالي الكيلاني. وأسندت إليه قيادة 165 مقاتلاً فلسطينياً انضموا إلى العراقيين لمحاربة القوات البريطانية. ولما أخفقت تلك الثورة لجأ إلى شمالي سورية، ومنها انتقل إلى تركيا، ثم إلى ألمانيا حيث أتم تدريبه على القتال وبث الألغام.[2] وفي سنة 1943 أرسل حسن سلامة وذو الكفل عبد اللطيف وثلاثة من الألمان جواً إلى فلسطين للاتصال بالقوى الوطنية فيها وإشعال ثورة ضد البريطانيين والصهيونيين. وقد هبطوا بالمظلات في سهل أريحا فاعتقلت السلطات البريطانية ذا الكفل واثنين من الألمان، وتمكن هو والألماني الثالث من الاختفاء في جبال القدس*، ثم انتقلا خفية إلى حيفا* ومنها إلى سوريا. حرب 1948 الواجهة الشمالية من مبنى حسن سلامة في 2015. حسن سلامه كان أحد قادة جيش الجهاد المقدس في حرب 1948[3]، ولد في قرية قولة قضاء اللد عام 1912، اشترك في مظاهرات يافا الدامية عام 1933، وطاردته قوات الانتداب البريطاني فلجأ إلى القرى يدعو أهلها إلى الثورة. يستمع لشرح حسن سلامة قائد المنطقة الغربية الوسطى بجيش الجهاد المقدس والصورة داخل ملجأ بمقر قيادته في بناية الرجاء قرب مدينة الرملة نشرت هذه الصورة بجريدة المصور المصرية في 12 يناير 1948. كان حسن سلامة قائد قوات الفدائيين في منطقة الرملة [4]، شرق مدينة يافا. رافقه في النضال في معركة راس العين التي استشهد فيها المناضل جمعة يوسف عبد الجليل (أبو يوسف) وفايز حسن سالم (أبو حسن) وعيسى عبد الفتاح عبدالهادى (أبوزياد). وقد اتخذ من قرية العباسية مركزا له ساعده، في ذلك من اهالي قرية العباسية محمود درويش (وحسين حماد). خطط وقاد عدداً من المعارك الناجحة، وأصيب في رئته اليسرى[5]، في معركة رأس العين شمال غرب القدس أثناء قيادته هجوماً مضاداً كاسحاً على مراكز العصابات الإرهابية الصهيونية في 31 مايو 1948، ونقل إلى المستشفى واستمر رجاله يقاتلون الأعداء حتى طردوهم من رأس العين، استشهد القائد حسن سلامة يوم 2 يونيو 1948. المناضل عبد الحليم الجيلاني (أبو منصور)(1908 – 2002) ولد عبد الحليم محمد الجيلاني عام 1908م في مدينة خليل الرحمن، ويعود نسبه إلى الشيخ العالم العارف عبد القادر الجيلاني صاحب الطريقة المعروفة باسمه ، وقد أرسل إلى الكرك في عام 1915م، وعمره لا يتجاوز سبع سنوات، حيث أقام عند عمته لطيفة الجيلاني وزوجها يوسف، وهناك تعلم في الكتاتيب ليتلقى علومه الأولية، كما تعلم الفروسية وركوب الخيل عند سليم وعطا الله المجالي. وفي سنة 1917م عاد إلى الخليل عن طريق وادي الموجب إلى عمان، ومنها القدس فالخليل. و في سنة 1920م حاول السفر إلى مصر مع عمه إلا انه فشل وسجن وسبب ذلك انه حاول السفر عن طريق جواز سفر لشخص آخر، وهو محمد يوسف عابدين في سجن الخليل، وخرج بكفالة من رئيس البلدية ناصر الدين. وبالرغم من ذلك قام عام 1923م برحلة إلى مصر عن طريق الرملة مع ابن عمه علي محمد صالح الجيلاني، من اجل معرفة أخبار والده الذي وجده متوفيا، وتاركا له ولدا اسمه محمود في الصعيد، فأحضره معه إلى الخليل وقام بتربيته، وقد اشتهر عبد الحليم الجيلاني (ويلقب بالشلِف) وهو فخذ من فخوذ تلك العائلة والمنصور لأنه عرف بالجرأة والشجاعة. ومنذ تفتحت عينيه وهو يرى الإنجليز يظلمون شعبه فأصبحت نفسه تتوق للثورة. فحاول الحصول على سلاح أحد الجنود الإنجليز سنة 1931م إلا انه فشل وحكم عليه بالسجن لمدة ستة اشهر. وبعد خروجه قام ببيع أملاكه الكائنة في باب السلسلة بالقدس القديمة لشراء السلاح، واخذ يقوم بأعمال فردية، منها قتل جنود إنجليز، والتحريض على الاستعمار البريطاني والمشاركة في الإضرابات والمظاهرات ضد المستعمر وخطط الصهيونية. اشترك الجيلاني في المظاهرات التي أقيمت في فلسطين ضد السياسة الاستعمارية البريطانية في عام 1933م وكان يحث المتظاهرين في خطبه الحماسية على الجهاد والمزيد من المظاهرات والثورات ضد الإنجليز. وفي 25/3/ 1934م وجه عبد القادر الحسيني دعوة لعقد اجتماع موسع لقيادة التنظيم، وقد شارك المجاهد عبد الحليم الجيلاني في هذا الاجتماع. وبعد الإضراب العام في فلسطين سنة 1936م الذي استمر حتى ستة اشهر، قام عبد الحليم الجيلاني بتحريض الشعب على حمل السلاح أمام قوات الانتداب البريطاني، فقام أيضا من خلال ذلك بتنظيم ما يقارب على 20 شابا من الخليل وتم تدريبهم على حمل واستعمال السلاح، وقام أيضا بتشكيل فصائل للثورة في عموم حارات الخليل البالغة أربع عشرة حارة، وقام هو ومن انضم إليه بضرب دوائر ومصالح الاحتلال وإتلاف وتعطيل الخدمات والمواصلات التي تمد جنود الانتداب بالتموين والعتاد. شكل الجيلاني شبه دولة في منطقة الخليل، سماها المعاصرون له دولة شعب الملح، تحدى من ذاك المكان طائرات العدو وجنوده، وأصبحت جميع منطقة جنوب فلسطين تحت سيطرته، كان قد التحق بثورته مئات من المجاهدين من أهل الخليل ومنطقتها. قام مع المجاهدين بمساعدة زعيم الجهاد المقدس الشهيد عبد القادر الحسيني وقام بالسيطرة على المستعمرات الصهيونية الواقعة بين الخليل والقدس. و يوم 6/10/1936م، اشترك في معركة الخضر التي جرح بها القائد عبد القادر الحسيني وبقي عبد الحليم الجيلاني مرافقا له حتى دمشق، وعاد إلى فلسطين ليقارع الاستعمار. وفي أواخر عام 1937م شكلت في دمشق لجنة لدعم الثورة في فلسطين تدعى “اللجنة المركزية للجهاد الوطني في فلسطين” تولى إدارتها عزة دروزه بتوجيه من الحاج أمين الحسيني، وبذلك أصبحت دمشق مركز تجميع وتسليح وإرسال الأسلحة للمجاهدين، وتولى القيادة في الداخل قادة بارزون يرتبطون بأوثق الصلات بالفلاحين والقرى التي تقع ضمن مناطق عملياتهم، وكان أبرز قادة المرحلة الثانية من الثورة عبد الرحيم الحاج محمد (القائد العام) وعارف عبد الرازق في منطقة المثلث وعبد القادر الحسيني في منطقة القدس وعبد الحليم الجيلاني في منطقة الخليل، وقادة آخرون في مناطق مختلفة. أما المرحلة الأولى فكانت أثناء الإضراب. أصدر الملوك العرب (الأمير عبد الله والملك السعودي وملك العراق) نداءً إلى أبنائهم عرب فلسطين للإخلاد للسكينة ووقف الإضراب، فلبى الطلب عرب فلسطين وأصدرت اللجنة العربية العليا أمراً لإيقاف الإضراب، ثم جاءت لجنة بيل الإنجليزية فأوصت بتقسيم فلسطين، لذا اندلعت نار الثورة الفلسطينية من جديد في شهر أيلول عام 1937م. وفي يوم 25/5/1938م قام المجاهد عبد الحليم الجيلاني يقود العشرات من الثوار بربط كمين لقافلة سيارات تابعة للجيش الإنجليزي وبعض الشرطة العرب، حيث استولى الثوار على 36 قطعة من السلاح وبعض العتاد والذخيرة وافرج عن ركاب القافلة بسلام. وقام المجاهد الجيلاني باحتلال مدينة الخليل لمدة طويلة وقطع المواصلات إلى القدس. مما حدا بالجيش البريطاني أن يبحث عن الثوار بالطائرات وبقصف مواقعهم وقراهم. كان قائد منطقة الخليل عيسى البطاط وقد استشهد عام 1938 نتيجة لإخبارية غادرة دلت على وجوده في إحدى المنازل بالقرب من قرية القبيبة. فاستلم القيادة بعده عبد الحليم الجيلاني. ورقم منطقته(20) وامتد نشاط الجيلاني حتى شمل جبال الخليل وقسماً من بئر السبع في صيف عام 1938م وكان على نزاع دائم مع عبد الرحمن العزة من بيت جبرين لتعاون الأخير مع عصابات فخري النشاشيبي المتعاونة مع الاستعمار والتي تدعى عصابات السلام. وقد استطاع الجيلاني أن يجلب العزة لصفّه لمقارعة الاستعمار ومن المعروف أن العزة هو رئيس فصيل بيت جبرين، ولم يفكر الجيلاني بقتل العزة أو غيره خوفاً من أن تنقلب الثورة إلى الأخذ بالثأر (الدموم) بين العائلات. شعر المجاهدون في الخليل أن عليهم مسؤوليات كثيرة لتحرير فلسطين وكان على رأسهم عبد الحليم الجيلاني الذي تولى قيادة منطقة الخليل، فقام بتأسيس نواة لجيش نظامي بلغ تعداده خمسين رجلاً، وانتخبت القيادة العامة لهذا الجيش مكونة من: *عبد الحليم الجيلاني (قائداً عاماً) *سعيد عبده (مساعداً للقائد العام) *شكري زيتون *الحاج ناجي القواسمي *محمد إسماعيل مرعب *عبد الرزاق الجيلاني *محمد سليمان منصور *عبد شاكر الجنيدي *عبد الأشهب *هاشم الدويك *يونس الجيلاني *يوسف جنيد *صادق الجعبري *محمد عمر النتشة *منير البكري *زين الدين مسوده *سليمان العوامة *إبراهيم أحمد أبو دنهش *جميل العزة *عبد العزيز الديري *محمود أبو شخيدم *عبد الرحمن شاكر الجنيدي وعين الجيلاني مستشارين له هم السادة الأستاذ عبد الخالق يغمور والأستاذ عمر التكروري والأستاذ مخلص عمرو. وأصدرت القيادة العامة أمراً إلى كل مخاتير الخليل طلبت فيه من كل مختار حارة أن ينسب خمسين شاباً من شبابها وتسليحهم ويبقى هؤلاء الشباب في مزارعهم ووظائفهم إلى حين طلب القيادة العامة التحاقهم في صفوف المجاهدين. ذهب القائد الجيلاني إلى قرية حلحول ليلاً فكانت أول قرية يدخلها الجيلاني لجمع مجاهدين. وأمر مختاريها ملحم وعبد الهادي بتنسيب عشرة شباب من كل حمولة مع التسليح التام فاستجابت حمائل حلحول لطلب القائد الجيلاني وإخوانه. واتصلت القيادة بعموم قرى الخليل وطلب من كل حمولة تقديم عشرة شباب من كل حمولة مع التسليح التام فاستجابت حمائل حلحول لطلب القائد الجيلاني وإخوانه. واتصلت القيادة بعموم قرى الخليل وطلبت من كل حمولة تقديم عشرة مجاهدين للجهاد، فاستجابت القرى لذلك. ولكثرة أعداد المجاهدين تم تقسيمهم إلى قسمين. الأول جيش نظامي وعدده (500) مجاهد، والثاني جيش احتياطي يستدعى حين الطلب. وبقي يحشد المجاهدين من عدة مناطق حتى وصل حدود مصر في مهمته. عقدت القيادة العامة في الخليل اجتماعاً في شعب الملح لكافة المجاهدين ومن المعروف أن شعب الملح هو مكان مناسب للثورة حيث يقع غربي مدينة الخليل وفيه عدد من الجبال والوديان ومن الصعب على الإنجليز ملاحقة الثوار في تلك المنطقة لوعورتها وكثرة التعاريج الطبيعية فيها، وفي المنطقة عدد من المغر (مفردها مغارة) استعملها الثوار كسجن ومحكمة للثورة ومأوى للمجاهدين ومكان لحفظ السلاح. وقد قررت قيادة الثورة في هذا الاجتماع ما يلي: 1. إعلان العصيان المدني على الإنجليز ومقاطعة محاكمهم ورفض أوامرهم. أن يقوم الشعب بارتداء الكوفية والعقال دعماً للمجاهدين الذين كانوا يطاردون من قبل الإنجليز لارتدائهم هذا اللباس. رفض جوازات السفر البريطانية ورفض كل تصريح أو هوية شخصية صادرة من قبلهم وكل من يحمل هوية شخصية أو جواز سفر صادر عن الإنجليز دون علم القيادة يحكم عليه بالإعدام. استقر الجيلاني في منطقة شعب الملح غربي المسكوبية في الخليل، وبدأ ثورته من هناك، وانضم له عدد كثير من المجاهدين، ولمع اسمه وصيته في الخليل كلها، وأصبح يخافه الإنجليز وحسبوا له ألف حساب، وقد أطلق على المنطقة التي استقر فيها بدولة شعب الملح تعبيراً عن قوته وقوة الثورة. وكان هو قائدها “ولا يتحرك شيء في هذه الدولة إلا بإذنه”. لم يكتف الجيلاني بحرب الإنجليز بل اهتم أيضاً برعاية شؤون الأهالي فكان يتقبل شكاوي الناس ويأمر بحلها، فإذا لم تستطع المحكمة الشرعية حل بعض الأمور كان يستشير قاضي (حكومة شعب الملح) وهو الشيخ عبد الحي عرفه. وذكر عيد أحمر و على لسان والده قائلاً أنه عاصر ستة حكومات في فلسطين هي الحكومة التركية والحكومة الإنجليزية وحكومة شعب الملح والحكومة المصرية والحكومة الأردنية وإسرائيل وهذا دلالة على قوة ثورة الشلف التي تعتبر كأنها حكومة. خطط الجيلاني لاحتلال مدينة الخليل وطرد الإنجليز منها، وكان هذا أول عمل نظامي قام به حيث تجمع لديه ألف مقاتل وهاجموا الخليل من خمس جهات في5/5/1938 م, لقد أطلق على القوات الموجودة في جبل الخليل “الجيش العربي الجنوبي” وقائدها عبد الحليم الجيلاني. لقد أعلن القائد أن طريق القدس الخليل غير آمن إطلاقاً حتى في النهار، لذا نُسفت الجسور ولغمت الطرق الفرعية في الحقول، وأخليت مراكز الشرطة في المنطقة كلها وتعرض مركز الشرطة في الخليل لهجمات عنيفة من المجاهدين. وكان المجاهدون ينزلون من الجبال ليلاً إلى السهول ويقطعوا أسلاك التلفونات ويقيموا كمائن للدوريات الإنجليزية ليلاً خوفاً من ضرب الطائرات لهم نهاراً. دخل الثوار مدينة الخليل واستولوا على مركز البرق والبريد وبنك باركليز ورفع العلم الفلسطيني على كل دائرة حكومية في الخليل، وبقيت المدينة محررة لمدة 24 ساعة، ولما علمت السلطات البريطانية بذلك أرسلت الطائرات لتعقب الثوار، فانسحب هؤلاء إلى قراهم ولم يبق مع القائد سوى 250 مناضلاً. وقد فرض الجيلاني ضريبة على موظفي الدولة قيمتها 25% من الراتب تدفع للثورة، كما بدأت الجالية الفلسطينية في القاهرة بالتبرع للثورة بمبالغ شهرية مكنت رجال الثورة من الاستمرار في ثورتهم ضد الإنجليز. جاء الإنجليز بقوات كبيرة لتعقب الثوار وبدأوا بتطويق القرى والمدن واعتقال كل شخص يرتدي الكوفية والعقال وهذا اللباس هو رمز الثورة، عندئذ أصدر القائد الجيلاني أمراً إلى جميع الشعب عن طريق بيانات ومناشير بارتداء الكوفية والعقال بدلاً من الطربوش الذي كان استعماله سائداً في فلسطين. وهكذا أصبحت الكوفية والعقال رمزاً للجهاد في فلسطين وذلك إعلاناً لتضامن سكان البلاد التام في الجهاد ورمزاً لكون جميع من في البلاد ثائراً ابتداءً من 27/8/1938م. وهكذا سار الثوار مع الشعب جنباً إلى جنب بلباس الرأس: الكوفية والعقال وهذا أعاق خطة الإنجليز بالقبض على الثوار الذين يلبسون الحطة والعقال على رؤوسهم. وقد ذكر تشارلز تيغارت الضابط الإنجليزي المسؤول عن القضاء على الثورة الفلسطينية ومطاردة الثوار أنه تشكلت في فلسطين منظمات وخلايا تضم ما بين 6-50 ثائراً في كل مجموعة. كما شكل الثوار جمعية ثورية للدفاع عن القدس كان من بين أعضائها شباب من الخليل وكانت الجمعية تعطي من 5-10 جنيهات فلسطينية لكل من يقوم بعملية فدائية أو قتل جندي إنجليزي. وعدت سلطة الانتداب بتقديم مكافآت مالية للذين يقدمون معلومات عن مكان وجود المجاهدين، “واعترف وزير المستعمرات البريطانية بالفشل أمام لجنة الانتداب عام 1938م حيث قال أنه أعلن عن مكافآت مجموعها عشرون ألف جنيه لاعتقال المتهمين بقيادة الثورة فلم يتقدم أحد”. وقد زار وزير المستعمرات البريطانية فلسطين وذلك للاطّلاع عن كثب على الحالة في فلسطين، وكانت زيارته قبل صدور قرار اللجنة الفنية بالنسبة للتقسيم، وأذاع الوزير أثناء عودته إلى لندن قائلاً: “إن فلسطين أسوأ بلد في العالم، وأن قمع الثورة ليس بالسهولة المظنونة وأنها قد تستمر أمداً طويلاً، ولهذا أقدم الوزير على العدول عن فكرة التقسيم والجنوح إلى تهدئة العرب وإيجاد حل مناسب بالتباحث مع الأمة العربية بحكوماتها ووصفت الرواية الإسرائيلية الحالة في فلسطين قائلة أن “الشارع والبيت والمسجد والمقبرة جميعها في قبضة الإرهاب” أي في قبضة الثوار الأبطال.
- الهجوم على مركز البوليس الإنجليزي في بئر السبع:
وقرر المجاهدون برئاسة الجيلاني الهجوم على مركز البوليس الإنجليزي في بئر السبع، فخططوا أولاً لرصد ومراقبة تحركات الجيش الإنجليزي في بئر السبع، واعتمد الثوار في عملية الرصد على أساتذة من الخليل كانوا يقومون بالتدريس هناك وهم الأساتذة عمر التكروري وإسماعيل حجازي وأكرم دودين وهاشم التكروري، واجتمع الثوار مراراً مع الأساتذة كي يعلموا عن تحركات الجيش، وساعد الأساتذة في مراقبة الجيش الإنجليزي الشيخ سلمان أبو الربيعات من بئر السبع والشاويش العربي داود العقيلي وهو من جماعة الربيعات. خرج المجاهدون من الخليل بقيادة الجيلاني من شعب الملح إلى بئر السبع وعددهم ألف مجاهد وقام الجيلاني بوضع مجاهدين على طريق القدس الخليل وفرقة أخرى لحراسة جنوب الخليل وقطع طريق غزه الخليل وذلك لضمان عدم تمكين وصول نجدات إنجليزية إلى بئر السبع. سار المجاهدون بتاريخ 9/9/1938م على متن 11 مركبة تحمل الثوار وقطعت 40كم، وانطلق الثوار من الظاهرية ظهراً إلى نقطة التجمع (عين الأنقر) وكانت أربع فصائل وزعها الجيلاني. وفي الساعة الثالثة من ظهر ذلك اليوم تمكن الجيلاني من السيطرة على مستودعات الأسلحة في المدينة وغنموا 250 بندقية و250 صندوق من الذخيرة و50 مسدساً و200 قنبلة ومائة بندقية ومدفع رشاش سريع الطلقات، استعمله الثوار في المعركة وتمكنوا من إسقاط طائرات بريطانية. ثم فتح أبواب السجن وأطلق سراح السجناء العرب وتمت هذه العملية كلها في نصف ساعة. وقد أعطى القائد كل منهم بندقية وذخيرة. وقد قتل من الإنجليز كبير موظفي البوليس وعدد من الجنود الإنجليز وظل الثوار يسيطرون على بئر السبع مدة 70 يوماً حتى قدم الطيران وسيطر عليها مرة أخرى. وبعد المعركة سار المجاهدون إلى دوائر الحكومة يهللون ويكبرون، فاحتلوا دوائر الحكومة وفتشوها واستولوا على ما يفيد ثم أحرقوها، وفي الصباح انسحبوا وهذه أول معركة كبيرة تقع في الجنوب مما أذهل الإنجليز الذين كانوا مطمئنين إلى منطقة بئر السبع لا تسهم في الثورة. أهدى القائد الجيلاني للأستاذ عارف العارف الذي كان يشغل منصب القائم مقام لمدينة بئر السبع بندقية كرمز للأخوة الإسلامية التي تجمعهم وكرمز للكفاح. وتم تعيين السيد عبد الله أبو ستة رئيس فصيل بئر السبع لحفظ الأمن. وعندما سمع عبد الرحيم الحاج محمد قائد منطقة الشمال أخبار انتصارات الجيلاني في بئر السبع بعث له رسالة طلب منه تزويد الثوار في الشمال ببضع الأسلحة التي غنمها الجيلاني والثوار. وجرت معركة بني نعيم الكبرى في 4/10/1938م بين المجاهدين وبين القوات الإنجليزية، وقصة هذه المعركة أن الإنجليز استطاعوا شراء بعض ذوي الضمائر الشريدة للإيقاع بعبد القادر الحسيني ورجاله الثوار الذين كانوا خارج الخليل، فأرسل مختار قرية بني نعيم خطاباً إلى عبد القادر الحسيني يدعوه للحضور إلى بني نعيم لحل إفساد مزعوم وقع بين المجاهد عبد الحليم الجيلاني وبين أهالي جبل الخليل. لبى عبد القادر الدعوة وذهب إلى بني نعيم مع 30-40 رجلاً وقصد دار المختار المتآمر مع الإنجليز ضد المجاهدين، فأخر المختار موعد الغداء حتى يكتمل التطويق البريطاني الذي كان متمركزاً في قرية يطا. قام الإنجليز بتطويق القرية وجرت معركة خطط لها الإنجليز، وعددهم 3000 جندي تدعمهم الطائرات والدبابات بقيادة القائد الإنجليزي ويفل. انسحب عبد القادر من القرية خشية تدميرها وجرت المعركة خارج القرية، وقد خف لنجدته عبد الحليم الجيلاني الذي قام بتطويق القوات البريطانية المحاصرة لعبد القادر في بني نعيم. خسر المجاهدون 30 شهيداً منهم علي حسين الحسيني الذي دفنه الجيلاني. وفي روايات ذكرت أن عدد الشهداء 80 شهيداً من جماعة عبد القادر الحسيني وشهيداً واحداً من جماعة الجيلاني. ومن الشهداء عمر الحسيني شقيق سليم الحسيني وهما نجلا رئيس بلدية القدس الأسبق حسين سليم الحسيني. كما استشهد إبراهيم خليف قائد فصيل بيت لحم وعيسى أبو قدوم قائد فصيل عرب التعامرة والقائد عبد الله مشعل وغيرهم. نقل الجيلاني سراً الجريح عبد القادر الحسيني على جمل من بني نعيم ليلاً إلى بيت الشيخ عبد الكريم القواسمي ثم اصطحب معه حسن عابدين وخليل عابدين كممرضين وطلب من الدكتور مستر صوفر معالجة هذا الجريح لأنه يهمه أمره، دون أن يذكر اسمه، واستمرت مدة العلاج 13 يوماً، وفي النهار قام الجيلاني بدفن علي الحسيني وآخرين من الشهداء. وأحضر المجاهد الجيلاني بعد فترة العلاج سبعين مجاهداً لنقل عبد القادر للأردن، فحمله على فرسه واتجه نحو نهر الأردن حيث ينتظره جماعة من آل الجيلاني. ثم تم نقل عبد القادر الحسيني إلى بيروت حيث قام الجيلاني بتسليمه إلى سماحة الحاج أمين الحسيني لوضعه تحت العلاج الكامل. ثم رجع الجيلاني إلى فلسطين.
- معركة “جورة بحلص” و اسقاط الطائرات البريطانية:
بتاريخ 11/10/1938م خطط الجيلاني وجماعته في شعب الملح القيام بمعركة كبرى مع الإنجليز فكانت معركة جورة بحلص ، استطاع الجيلاني مع إخوانه الثوار التصدي لقافلة إنجليزية مكونة من أربع سيارات فيها 70 جندياً بريطانياً في منطقة جورة بحلص بين حلحول والخليل، وبعد معركة ضارية قتل فيها سبعين جندياً واستولى القائد الجيلاني وإخوانه الثوار على كافة أسلحتهم بعد أن حرقوا سياراتهم، وقد اشترك في هذه المعركة أكثر من مائتي متطوع من أبناء القرى بالإضافة إلى المجاهدين المتفرغين الذين يزيد عددهم على خمسين مجاهداً وعلى رأسهم الجيلاني، واستطاع الجيلاني أن يسقط ثلاث طائرات إنجليزية في معركة جورة بحلص علماً أنه لم يكن معه من الأسلحة إلا البنادق الخفيفة، أما القوات الإنجليزية فكانت مجهزة بالأسلحة الثقيلة كالمدافع والرشاشات والطائرات. سقطت إحدى الطائرات في جورة بحلص بين حلحول والخليل ونزل الطيار في مظلته وسقف في محجر الحاج عثمان التكروري، وألقى التكروري القبض على الطيار الإنجليزي، وبدلاً من أن يقضي على الطيار الأسير، قام التكروري بالحفاظ عليه وألبسه اللباس العربي خوفاً من تدمير الإنجليز لمدينة الخليل، وعلم الجيلاني أن الطيار الأسير وقع في محجر الحاج عثمان التكروري فذهب الثوار للقبض عليه ولكن التكروري رفض تسليمهم الطيار خوفاً من شنقه من قبل الثوار واستطاع التكروري أن يقنع الثوار أنه من الأفضل عدم قتل الأسير حفاظاً على أرواح الأسرى الثوار المتواجدين بأيدي الإنجليز، وخوفاً من غضب الإنجليز على مدينة الخليل والانتقام منها. وعلم الإنجليز عن مكان وجود الطيار الأسير فطوقوا البيت وسألوا عن مكان الأسير فسلمه التكروري للإنجليز وشكروه على ذلك. وقام الإنجليز بجمع الشباب في الخليل وضربهم كي يعترفوا عن مكان وجود الطيار الثاني الذي سقط شرقي الخليل، لكن العرب لم يعترفوا عن مكان الطيار الثاني، علماً أنهم شاهدوه وهو يهبط في مظلته التي سقطت شرقي المدينة، وربما قتل من قبل الثوار ولم يظهر له أثر، وقد هدد الإنجليز أهل الخليل بإحضار الطيار الأسير الثاني وإلا فإنهم سيدمرون الخليل، عندئذ قام التكروري وقال للإنجليز “إن أهل الخليل لا يعلمون شيئاً عن الأسير الثاني، أما الأسير الأول فأمسكناه وحافظنا عليه كأسير”. واقتنع الإنجليز بكلامه، وبذلك استطاع أن يجنب الخليل من تدمير الإنجليز لها، وأثناء وداع الطيار الأسير الأول قال للعرب أنه لن يضرب أي عربي مدى الحياة لأنهم حافظوا على حياته.رغم المحاولات المتكررة من الإنجليز للقضاء على الجيلاني إلا أنهم فشلوا وذلك بسبب النجدات (الفزعات) التي كان يقوم بها ثوار الخليل لنجدته ومساعدته، فعندما حوصر الجيلاني في منطقة شعب الملح ذهب لنجدته محمد سليمان عصفور وهو من آل أبو اسنينه ومعه مجاهدون مسلحون وساروا إلى جنوب الخليل كي يعترضوا السيارات العسكرية الإنجليزية القادمة لضرب الجيلاني، إلا أن الطائرات الإنجليزية شاهدت محمد سليمان عصفور وجماعته فقذفته بقنابلها وفتلته وقد استشهد قبل وصوله إلى شعب الملح حيث وجود الجيلاني.استشهد في هذه المعركة خمسة من المجاهدين هم هاشم الدويك رئيس فصيل حمولة الدويك وعبد الرحمن شاكر الجنيدي رئيس فصائل المنطقة الغربية، وعبد الأشهب رئيس فصيل عائلة الأشهب، والحارس الخاص لقائد الثورة وهو محمد عمر النتشة، والشهيد عبد الفتاح محمد بن بني نعيم، كما جرح سبعة أفراد.بقي الجيلاني قوياً في منطقة الخليل حتى سقوط مناطق فلسطين بيد اليهود عام 1948م. وهناك ثوار آخرون لعبوا دوراً هاماً في الثورة ( لا مجال هنا لذكر أدوارهم ) ومن هؤلاء عيسى البطاط الذي استطاع أن يهرب من السجن وتمكن من قتل مدير الآثار الإنجليزي ستاركي. وهناك ثائر ثالث هو سالم السيخ من قرية دورا، الذي هرب من سجنه في عكا والتحق بالثورة في الشمال مع عبد الرحيم الحاج محمد وغيره من الثوار. وقد بث الإنجليز دعاية كاذبة قالوا بأن البطاط والشلف وسالم السيخ هم قطاع طرق ولصوص وذلك كي لا يقوم أهل الخليل بمساعدة هؤلاء الثوار. لكن الشعب في منطقة الخليل قدموا للثوار كل ما طلبوه من مؤنة وغذاء. وهناك ثوار آخرون مثل الحاج ناجي الني القواسمي كان رئيس فصيل وموسى يونس (ضابط المدينة) وحمزه النتشة (مسؤول التجنيد) وداود الحاج داود القواسمي وقد عينه الجيلاني جابياً والجباية عبارة عن تبرعات من الأهالي وليس فرض على السكان. ويوسف جنيد وعبد شاكر جنيد ومحمود عبدا لحافظ شاهين (زريق شاهين) وبدوي جنيد العجوري وغيرهم.وخططت قيادة الثورة لهجوم جديد على القوات البريطانية وذلك عندما علموا عن وجود قافلة عسكرية بريطانية على طريق الخليل بيت لحم قاصدة بئر السبع، فرابط المجاهدون في قرية بيت خيران، وعندما وصلت القوة العسكرية البريطانية الكمين، أصلاها الثوار ناراً حامية، فطلب الإنجليز النجدة، فسارعت عشر طائرات وقوات بريطانية من القدس والرملة إلى ميدان المعركة، وجرت معركة على طول خمسة كيلو مترات، حاول الإنجليز تطويق الثوار، إلا أن وصول القائد الجيلاني على رأس قوة من مئة مجاهد وعدد من رجال قرى بيت لحم والقدس والخليل أحبط خطة الإنجليز واستمر القتال لمدة 9 ساعات خسر الإنجليز أكثر من 80 قتيلاً واستطاع الثوار من حرق خمس دبابات والاستيلاء على كمية من الأسلحة بينما خسر الثوار ثمانية شهداء وستة من سكان القرى.اشترك الجيلاني في معركة خربة قلقس في بداية عام 1939م. قتل فيها عشرون جندياً بريطانياً واستشهد من الثوار ثلاثة وجرح خمسة. كانت المعركة الفاصلة والتي تعرف بمعركة شعب الملح حيث مقر الجيلاني، وقد وقعت في أيار عام 1939م، اشترك في المعركة عدة آلاف من الجنود الإنجليز و36 طائرة، وقد خطط لها الجنرال دل، استمرت المعركة طوال النهار استشهد خلالها 12 مجاهداً، اتسع ميدان المعركة واشترك فيها مجاهدون من بيت جالا وبئر السبع وخان يونس والساحل الغربي وبيت جبرين. وقد أصيب الجيلاني بعدد من الشظايا وجرح 15 شخصاً. بينما كانت الخسائر الإنجليزية 400 قتيل وجريح. اضطر الثوار المغادرة خاصة بسبب قيام الحرب العالمية الثانية فمنهم من غادر إلى سوريا ومنهم من التحق بالحاج أمين الحسيني، أما القائد الجيلاني فقد رحل إلى مصر وبقي فيها حتى عام 1941م. قابل عبد الحليم الجيلاني أثناء وجوده في مصر الشيخ حسن البنا المرشد العام للإخوان المسلمين وشرح له ما يعانيه الشعب الفلسطيني ومصير فلسطين المظلم بسبب الإنجليز واليهود، وتوطدت العلاقة بينهما، وأرسله البنا إلى عمان وفلسطين لتأسيس جمعيات للإخوان المسلمين بعد الحرب العالمية الثانية.وفي عام1944م سافر الجيلاني إلى عمان ومعه سعيد رمضان والشيخ عبد الحي عرفه وإسماعيل البلبيسي من شباب القدس، وقابلوا الأمير عبد الله الذي سمح لهم بتأليف جمعية للإخوان المسلمين في عمان، ثم تشكلت عدة فروع في الزرقاء وإربد وتشكل فرع في القدس. سافر الجيلاني بعد ذلك إلى العراق للاشتراك في ثورة رشيد عالي الكيلاني، وعندما وصلته الأخبار بفشل الثورة اضطر للعودة إلى سوريا والمكوث متخفياً حتى صدر قرار العفو عنه من المندوب السامي مكمايكل في 24/4/1944م، ومما جاء فيه ست بنود تقيده من التحرك ومنها:“أ- عليه أن يسكن ضمن حدود مدينة الخليل، كما أن عليه أن لا يبرح من حدود مدينة الخليل المذكورة إلا بتصريح قانوني.ب- عليه أن يمثل لأقرب نقطة بوليس إذا ما طلب منه ذلك من قبل أي فرد من البوليس في اللواء الذي يسكنه، هذا وعليه أن يمتثل مرة في الأسبوع لمركز بوليس الخليل.جـ- عليه أن يمكث ضمن أبواب منزله من الساعة الواحدة بعد غروب الشمس حتى شروقها ويكون عرضة للتفتيش في منزله من قبل البوليس في أي وقت كان”.انتهت الحرب العالمية الثانية عام 1945م، وخطط الإنجليز والصهاينة لرفع ملف فلسطين إلى الأمم المتحدة للحصول على قرار دولي بتشكيل كيان صهيوني في فلسطين، وقد صدر قرار التقسيم من الأمم المتحدة بتاريخ 29/11/1947م فدخلت القضية الفلسطينية مرحلة جديدة من الجهاد. فبدأت قوات الجهاد المقدس برئاسة عبد القادر الحسيني بتشكيل اللجان القومية للدفاع عن الوطن.وعين سماحة المفتي المناضل عبد الحليم الجيلاني قائداً للمنطقة الجنوبية لفلسطين، وتشكلت في تلك الفترة منظمات عسكرية منها “الفتوة” وقد شكلها كامل عريقات، و”النجادة” وقد شكلها نمر الهواري، وقد بلغ عدد المجاهدين في هاتين المنظمتين 500 مجاهد، واتخذوا اللباس العسكري لأفرادها، وقد قابلوا المفتي الحاج أمين الحسيني والملك فاروق الملك المصري وهذه المنظمات كان يصرف عليها الجيش المصري لأن المجاهدين هم جيش نظامي. وكان الجيلاني وتقي الدين النبهاني يرافقان هذا الجيش من المجاهدين. إلا أن المشاكل الداخلية بين الفتوة والنجادة أدت إلى حملها، لذا شكل الجيلاني منظمة الشباب في يافا وشكل النبهاني حزب التحرير الفلسطيني.بدأ الجيلاني من جديد في نضاله ضارباً عرض الحائط التقيدات التي فرضها عليه المندوب السامي. ففي 22/12/1947م استطاع الجيلاني السيطرة على سيارة من سيارات الجيش البريطاني كانت متجهة لبئر السبع فاستولى على مدفعين وعتاد وملابس عسكرية.ومن المعروف أن أهل الخليل عندما كانوا يسمعون عن حدوث معركة كان يجتمعون أمام مقر اللجنة القومية، وكانوا يعرفون عن وجود معركة عن طريق إشارات حمراء تطلق من باب الزاوية حيث مركز اللجنة القومية، وكان يشاهد هذه الإشارات معظم أهل الخليل فيذهبون إلى مقر اللجنة القومية بسرعة ويسيرون إلى ساحة المعركة كي يقدموا النجدة إلى إخوانهم في العركة، وعملهم هذا يسمى “فزعة”.وعندما بدأ الجهاد في فلسطين عام 1948م قام الشيخ حسن البنا بتجهيز بعض الإخوان المسلمين في مصر للاشتراك في الجهاد والدفاع عن قبلة المسلمين الأولى. وبناءً على تكليف المفتي الحاج أمين الحسيني قام المجاهد عبد الحليم الجيلاني بمرافقة الشيخ حسن البنا والشيخ محمد الفرغلي الذين جهزوا عدداً من السيارات وذلك لنقل المجاهدين والأسلحة والتموين إلى غزة ومنها إلى جميع أنحاء فلسطين. مكث الشيخ حسن البنا في غزة مدة أسبوع ثم عاد إلى مصر بعد أن سلّم القيادة للشيخ محمد الفرغلي.اشترك علماء الدين في الجهاد، فكانوا يقاتلون مع المجاهدين ليلاً ويلبسون العمامة نهاراً، وقد عرف من هؤلاء الشيخ عبد الحي عرفه الذي أصبح مندوب الثورة الفلسطينية في سوريا، والذي قام بتعليم الجيلاني مبادئ الجهاد، والشيخ محمد خلوي الجيلاني الذي كان إمام طابور في الثورة عام 1936م، والشيخ حلمي المحتسب الذي كان يعلم المجاهدين مبادئ الجهاد، وغيرهم من علماء الدين.ومن المعارك التي اشترك بها الجيلاني معركة بيت لحم الكبرى- أو معركة الدهيشة وكانت بتاريخ 27/3/1948م، وبدايتها أن المجاهدين في القدس علموا أن هناك قافلة يهودية عليها حراسة مشددة وصلت مستعمرة كفار عتصيون قرب الخليل، وأنها ستعود للقدس، لذا اجتمع عدد من المجاهدين من مناطق بيت لحم وبيت فجار وبيت جالا والخضر وبيت ساحور وعرب التعامرة وجبل الخليل وغيرها تجمعوا على الطريق العام قرب بيت لحم وأعدوا كميناً بعد أن تمنطق بحزام ناسف، وكان المجاهدون قد أغلقوا الطريق في عدة مواقع واشتبكوا مع رجال القافلة في قتال مرير، فأخذ اليهود يهربون، انتصر المجاهدون والتجأ اليهود إلى بيت مهجور واستنجدوا بالقوات البريطانية التي أرسلت لهم الكولونيل هاربر ومعه عدد من الضباط والجنود الإنجليز لإنقاذ اليهود المحاصرين، هدد المجاهدون بإطلاق النار عليهم إن هم تقدموا خطوة واحدة، وأبى المجاهدون إلا أن يستسلم اليهود، لذا تم عقد اتفاق مكتوب بين قائد الجيش الإنجليزي والهاغانا من جهة وبين كامل عريقات نائب القائد العام الذي كان يقود المجاهدين يساعده عبد الحليم الجيلاني ورفيق عويس وجاد الله الخطيب، ثم خرج اليهود من البيت المهجور نحو المجاهدين الذين جردوهم من أسلحتهم وذخائرهم واستلمهم رجال الجيش الإنجليزي، كان عدد قتلى اليهود 129 واستشهد 12 مجاهداً.استولى الجيلاني على أسلحة اليهود ووزع الأسلحة على المجاهدين، كما استولى على أسلحة إنجليزية نتيجة هجومه على ثكنات الجيش الإنجليزي ومراكزهم كما ذكرنا سابقاً. ومن المعروف أن المجاهدين كانت تنقصهم الأسلحة والذخيرة، وكان المجاهد يبيع أحياناً قطعة أرضه أو يبيع ذهب زوجته كي يشتري قطعة سلاح أو طلقات رصاص.كان الجيلاني قد اتخذ مقره في دير الطنطورة بتاريخ 22/4/1948م وكان يعمل تحت قيادته أكثر من 500 مناضل، ستة منهم برتبة ضابط وهم عبد القادر زلوم وعبد الحفيظ عسيله ويونس أحمد أبو عمر الجيلاني ومصباح مصطفى حجازي ومحمد يوسف الجيلاني وشحادة أبو ميالة، وكان هؤلاء يتقاضون رواتبهم من الهيئة العربية العليا، وكان الجيش المصري يمونهم بالمؤن والذخائر.واشترك الجيلاني في معركة جبل المكبر حيث حاول اليهود، وكان عددهم 300 جندي، إخراج الجيلاني من جبل المكبر لأن الجبل كان تحت إشرافه وسيطرته وتحت أمرة الضابطين عبد القادر زلوم وعبد الحفيظ عسيله، إلا أن قوات الجيلاني وبمساعدة قوات صور باهر والقدس والخليل استطاعت أن ترد القوات اليهودية على أعقابها إلى تل بيوت.واشترك الجيلاني في معركة القسطل في 7/4/1948م عندما أرسل عبد القادر الحسيني رسولاً يطلب المدد والنجدة من المناطق المجاورة. وما أن تمت محاصرة اليهود لعبد القادر الحسيني ورجاله في القسطل حتى زحف المتطوعون والمجاهدون من كل حدب وصوب لنجدته.كما أرسل السيد أنور نسيبه – سكرتير اللجنة القومية في القدس – إلى عبد الحليم الجيلاني رسالة ذكر فيها أن يسرع إلى الالتحاق بقوات عبد القادر الحسيني لمساندته في القسطل، فوصل القسطل قاسم الريماوي يقود مجموعة من شباب الجهاد المقدس، والحاج عبد الحميد المدني يقود عدد من حراس الحرم الشريف، وعبد الحليم الجيلاني يقود مجموعة من أهل الخليل وبهجت أبو غربية ومحمد عادل النجار على رأس مجموعة من شباب القدس ورشيد عريقات وجمال رشيد يقودان بعض جماعات المتطوعين. وقد استشهد عبد القادر الحسيني في هذه المعركة بسبب عدم التوازن بين العرب واليهود في الأسلحة والعتاد وعدد النجدات اليهودية المتكررة ويذكر بهجت أبو غربية في مذكراته بعد استشهاد عبد القادر الحسيني أن المجاهدين في هذه المعركة الذين كانوا مع أبو غربية والمجاهدين الذين مع محمد عادل النجار بقوا في القسطل للدفاع عنها. وأن الجيلاني بعث لبهجت رسولاً أخبره بأنه على استعداد لمساعدة أبو غربية إذا طلب ذلك. وأنه على بعد 5كم منه وأنه يقيم في قرية صوبا.وفي 6/5/1948م هاجم اليهود قافلة عربية كانت في طريقها من القدس إلى الخليل وكانت القافلة مكونة من 30 سيارة مدنية وعسكرية، طلبت القافلة نجدة عربية فجاءت النجدة من القدس يقودها حكمت مهيار من الجيش الأردني، كما وصلت نجدة من الخليل بقيادة الجيلاني ومعه 400 مجاهداً، زحف الجميع نحو دير الشعار الذي يقيم فيه اليهود الذين اعترضوا القوافل العربية، وبعد معركة قصيرة هرب اليهود إلى كفار عتصيون، بينما ذكر القائد الأردني عبد الله التل في مذكراته عن هذه المعركة أن اليهود كانوا قد استولوا على دير الشعار المشرف على الطريق الرئيسية بين الخليل والقدس، ,أن التل اتفق سراً مع الضابط الذي يقود القافلة العربية أن يتحرش بالمستعمرة عند عودته من رفح للقدس، وبعد ظهر 7/5/1948م استلم برقية مستعجلة من قائد القافلة يشير فيها إلى اشتباكه مع يهود المستعمرة، فعرض البرقية على غلوب باشا قائد الجيش الأردني (الإنجليزي) وتظاهر التل أن المستعمرة هي المعتدية واستأذنه في السفر لإنقاذ القافلة، فاشتبك مع اليهود وأنقذ القافلة وبدأ يخطط أثناء الليل لهجوم يشنه على المستعمرة في الصباح. احتل الجنود الأردنيون والمجاهدون دير الشعار وهرب اليهود منه لكن وصلت برقية من غلوب إلى التل تقول: “كفوا الهجوم عن المستعمرة إذا لم يهاجموكم لا تعتدوا عليهم”. كان اليهود في كفار عتصيون يعيقون حركة التنقل العربية من القدس للخليل لكثرة الهجوم على العرب في هذه الطريق، عندئذ قرر الجيلاني إنهاء هذا الخطر الخبيث في المنطقة، فوضع خطة لاحتلال المستعمرات الواقعة على طريق القدس الخليل، وكانت الخطة تقضي التعاون مع بعض ضباط الجيش الأردني مثل عبد الله التل ومحمد أبو رغدة ونزار المفلح وحكمت مهيار وقسيم محمد قاسم الناصر وحمد أبو دخينة وسعود الخشمان ومدير البوليس في بيت لحم والخليل محمد العناني. اقتحمت الدبابات الأردنية والمناضلون الفلسطينيون في فجر 12/5/1948م مستعمرة كفار عتصيون، وقتل من اليهود حسب إحصاءاتهم 100 جندي يهودي بينما ذكر الجيلاني أن قتلى اليهود بلغ أكثر من 700 جندي يهودي، واستشهد من العرب 100 شهيد وهكذا انتصر العرب في كفار عتصيون. وفي 15/5/1948م سلّم الصليب الأحمر رسالة إلى الجيلاني من اليهود الذين يقطنون المستعمرات الثلاث المجاورة موفقتهم على التسليم، وهي مستعمرات نحالين والحبيلة وبيت اسكاريا (ريفاديم وعين تسوديم وماسوتوت يسحق). أبرق الجيلاني إلى ضابطي البوليس الأردني في الخليل وهما حكمت مهيار ونزار المفلح القدوم إلى كفار عتصيون لاستلام اليهود الذي بلغ عددهم 297 رجلاً و53 امرأة.ويذكر عبد الله التل في مذكراته أنه استلم برقية من حكمت مهيار قال فيها أن المستعمرات المجاورة لكفار عتصيون عرضت أن تسلم بواسطة الصليب الأحمر حسب الشروط التالية:تسليم السلاح للعرب. أخذ الرجال أسرى حرب. تسليم النساء والأطفال والعجزة للصليب الأحمر. وأن الوكالة اليهودية وافقت على هذه الشروط، ويضيف التل أن الجيش الأردني أخذ 350 أسيراً إلى المفرق شرقي الأردن وأن المستعمرات الثلاث استسلمت.وتأكيداً لرواية التل ذكر الجيلاني أنه استطاع أسر هذا العدد من اليهود 350 أسيراً يهودياً ولم يضرهم ولم يؤذهم بل سلمهم للجيش الأردني وكان قادراً على إبادتهم لكنه لم يفعل ذلك. واستطاع الجيلاني من تدمير رامات راحيل ثلاث مرات مع الضابط المصري أحمد عبد العزيز.كانت الحراسة على أماكن تواجد المجاهدين مستمرة، وكانت كلمة سر الليل التي يحفظها الحارس الليلي عن ظهر قلب تتغير كل أسبوع وذلك كي لا يستطيع اليهود اقتحام أماكن وجود المجاهدين.وبهذا استطاع المجاهدون مسح هذه المستعمرات من طريق الخليل ونتيجة لتدميرها زال الخطر الذي كان يهدد لواء الخليل. وهكذا أدى التعاون بين الجيش الأردني والمناضلين نتائج باهرة ويعود هذا النجاح إلى عبد الله التل وسامي الحسيني ونواف جبر وتفاني مناضلي الخليل بقيادة الجيلاني. |
| | | ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| | | | ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| | | | ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: رجالات وشهداء ثورة 1936 الجمعة 06 نوفمبر 2020, 11:52 am | |
|
- إجراءات الاحتلال البريطاني للقضاء على الثورة:
تضايق الاحتلال من أعمال الثوار، وقرر القضاء عليهم بأي ثمن، فماذا فعل لتحقيق هذه الغاية ؟قام الإنجليز بسلسلة من المضايقات للسكان والأعمال التعسفية، فتارةً يقذفون المناشير من الطائرات، التي كانت تحرض الأهالي ضد الثورة، وتارةً يقومون بفرض منع التجوال على السكان ولمرات عديدة خاصةً في قريتي عزون وكفر ثلث اللتين اعتبرتا حاضنتين لفصيل الموت ثم سائر القرى التي تؤويه مثل قرى: حبلة، وصير، وقلقيلية والزاوية من قرى جبل نابلس وقد فرض حظر التجوال ثماني مرات على قرية كفر ثلث لوحدها، وقد رافقتها حملة قمع وممارسات تعسفية راح ضحيتها عدد من الشهداء والجرحى . كانت سلطات الاحتلال البريطاني حريصةً كل الحرص على القضاء على فصيل “فارس”، وقد اتخذت سبلاً للضغط عليه وكلفت أشخاصاً للتوسط بينه وبين سلطات الاحتلال البريطاني حتى من أقرب الناس إليه ولكن الثائر “فارس” رفض هذه الوساطات أو أن يخدم أغراضها، أو أن يكون طوع إرادتها، ورفض التساهل أو التجاوب مع السلطات الاستعمارية والتخلي عن مواصلة أسلوبه في الكفاح المسلح.حدثنا فضل عبدالجليل نقلاً عن أبيه أن أحد أخوته طلب للحاكم العسكري البريطاني، وأن الحاكم عرض عليه أن تقوم بريطانيا بدعم الفصيل بالمال على أن لا يتعرض للإنجليز بالقتل وأن يسير وفق ما تمليه السياسة البريطانية، ولكن “فارس” طلب من أخيه أن لا يعود للحديث معه بمثل هذا، وطلب منه أن لا يلبي طلبهم إذا أرسلوا مرة ثانية في طلبه وإذا فاتحه بهذا الحديث مرة أخرى سيقتله بمسدسه. وعن الإجراءات التعسفية مع أبناء القرى التي تؤويه قام الجيش البريطاني في يوم الثالث من آذار عام 1939 بفرض منع التجوال على كفر ثلث، حيث منع فيه السكان من الخروج، وجمعوا في جامع القرية رجالاً ونساءً وأطفالا، وأعلن المحتلون في مناشير قذفوها من طائراتهم أن على السكان أن يلتزموا بقرار منع التجوال. وأخذت طائراتهم تحلق في سماء القرية ومحيطها، في حين كانت مجموعة من رجال القرية ونساؤها يعملون في الحقول. أخذت طائرات الإنجليز تسقط المناشير، التي تحذرهم وتطلب منهم العودة إلى القرية، وعدم خرق حظر التجوال. سمع أبناء القرية بمنع التجوال، فعاد بعضهم إلى القرية، ومنهم: عبدالله القصاص، وأحمد حامد شواهنة، وفاطمة حامد عوده، وصديقه إبراهيم موسى شواهنة، وكان هؤلاء قد رجعوا للقرية عند سماعهم خبر منع التجوال فعادوا عبر وادي العجمي (وادي حامد) عند ظاهرها الشمالي، لكن طائرات العدو حلقت فوق رؤوسهم استعداداً لإطلاق قذائفها عليهم. لقد اختبأوا في جذوع “الزيتون الرومي “، وقام طيار بريطاني بتصويب قذائفه باتجاههم، فاستشهد عبدالله قصاص، بعد أن احترق جذع الزيتون الذي اختبأ فيه فخر شهيداً. استشهد عبد الله بينما كان في طريقه إلى مدينة يافا، وقد توجه لإحضار ملابس الزفاف لعروسه وكان خروجه من السجن قبل فترة وجيزة من استشهاده، حيث اعتقل في معتقل عتليت مع آخرين من كفر ثلث وعزون وجرح يومها عدد من أبناء القرية الذين كانوا يعملون في حقولهم. ومن الإجراءات التعسفية المتبعة في هذا العهد سن قانون الاعتقال الإداري، الذي يجيز لسلطات الاحتلال البريطاني اعتقال وحجز وسجن أي شخص تتهمه بالخطر على أمن الدولة دون محاكمة، وقد طبقت السلطات هذا القرار وراحت تعتقل من تشاء في منطقة قلقيلية، وقد اقتيد عدد كبير منهم إلى سجن عتليت، بهدف عزل الثوار عن الفلاحين، وفي عام 1938 قام الإنجليز بهدم بيت الثائر “فارس” العزوني، وقد صادف يوم عيد الأضحى المبارك، وقاموا باعتقال زوجته ووالدته في محاولة واضحة للانتقاص من معنوياته القتالية . وتعرضت أسرة الشهيد لمختلف الضغوط للانتقاص من عزيمته التي لا تلين ومن قوته الفولاذية، وقد صمم على مواصلة الكفاح مهما كانت الصعاب.حدثتنا عيشة جودة أرملة الشهيد: تزوجت قبل العيد الصغير، وبعد العيد بثلاثة شهور نسفوا الدار، أي بعد العيد الكبير، وهي دار اشتراها من حسن حمد الشبيطة ب600 دينار. حضر الجيش البريطاني الساعة العاشرة ليلا، وقد جاءه مكتوب من الثوار وهو في البيت معنا، وقد أوعز له شخص بالخروج قبل تطويق المكان، عندها أرسل “فارس” شخصا لأحد أفراد المجموعة في واد أبو شعر شرقي عزون، طالبا اللحاق به غرب عزون، قام الجنود بطرق الباب وركلوه بأرجلهم وقد طوقت المنزل قوة كبيرة من جنود الإنجليز وفتحوه بالقوة وفاجأني القائد بتسليط المسدس علي، ولم يجد أحد.سألني أين زوجك ؟قلت:ـ ليس لي زوج، وسألني من معك ؟قلت:ـ هي أمي.أخذونا غصبا عنا إلى قلقيلية ومعي حماتي التي أصيبت بالإغماء وقبضوا على أشخاص كانوا قرب المنزل ومنهم كامل القنبر من عزون وأحمد عبدالرحمن من نابلس واتجهوا بنا غربا. قام “فارس” بوضع بعض حراسه عند النبي الياس، و في هذه الأثناء نادى أحد الثوار وقال: سر الليل. سمع الجنود البريطانيون هذا الصوت، فانبطحوا أرضا واشتبك الثوار معهم ، وأخذ الإنجليز يجرون اتصالاتهم حتى تأتيهم قوة أكبر ولحقوا الثوار إلى عِسلة دون القبض عليهم، وواصلوا المسير فينا حتى وصلنا مركز بوليس قلقيلية وقد وصلنا عند أذان الصبح، ولم يحصلوا منا على إفادة، وأخذونا على مستعمرة نتانيا. وجاءت شرطية تطلب منا الإمضاء أنه لم يحدث للدار شيء فرفضت فادخلوا حماتي ووقعوها على الإمضاء وأفرج عنا وروحنا إلى عزون.القبض على “فارس”، وتسليمه للسلطات البريطانية: دفعت الخسائر الفادحة التي حلت في عناصر ” فصيل الموت ” واستشهاد الأهل والأصحاب ، ومنهم أقربائه وأخلص الناس إليه ومريديه والذين يشكلون الحلقة المركزية في نضاله إلى قناعة “فارس” العزوني بضرورة الهجرة للخارج، وأن الظروف لم تعود مهيئة للاستمرار في الثورة، وكان قد سبقه رحيل القائد العام عارف عبد الرازق وتسلله إلى الحدود السورية ومعه اثنا عشر شخصا، وهذا أدى إلى تشجيعه على الهجرة خارج البلاد، ويظهر أنه بات يدرك الصعوبات البالغة والظروف القاسية التي مرت بها فلسطين قبيل الحرب العالمية الثانية واللقاء الذي تم بين الحليفتين بريطانيا وفرنسا، كما دفعت مشاعر العزلة والكراهية لقادة الثورة المسلحة التي انتشرت بين أبناء المنطقة إلى الترتيب لهذه الهجرة القسرية. تمت الترتيبات مع عبد الرحيم الشنطي من مدينة قلقيلية الذي أحضر وثيقة السفر لوالدته وزوجته، وأخيه من أمه أحمد الزماري. في حين توجه “فارس” عبر الحدود ووصل إلى مدينة طرابلس اللبنانية، وسمى نفسه باسم مستعار وكانت هذه المرة الثانية التي يتوجه فيها إلى سورية ولبنان. وإذا كان “فارس” قد نجا في المرة الأولى من العملاء والجواسيس؛ حيث كان قد رحل إلى لبنان وسوريا، إلا أن قدر الشهادة رافقه هذه المرة. فقد قامت مجموعة من العملاء والحاقدين بمتابعته إلى لبنان ورصد حركاته فيها، وكانوا ككلاب الصيد يقتفون آثاره، ويراقبون تحركاته، وقد عرفوا بالحقد على الثورة والثوار، حيث اندفعوا يطالبون بثأرهم أو لارتباطهم بحزب المعارضة العميل لبريطانيا.حدثنا فضل حواري نقلا عن محمد مصطفى شريم الذي يقيم في عمان أن “فارس” العزوني أرسل شخصين إلى مدينة قلقيلية لاغتيال محمد قاسم أحد أبناء القرية، وقد شعر محمد قاسم بقدوم الثائرين الذين وجها له رصاصةً فرمى بنفسه في حضن نمر السبع فسقط مضرجاً بدمه، وراح المرحوم نمر ضحية الحادث، بينما نجا محمد من القتل وتشافى بعد فترة من الزمن، وقد أرسل “فارس” لآل شريم يعتذر لهم عما جرى، وأعرب عن استعداد فصيله لدفع دية مقابل ما حدث، ولكن طرأ ما هو جديد، فقد قتل أحمد الشطارة ـ أحد أبناء العائلة ـ الذي ساعد “فارس” في الخروج من سجن عكا، وعرفت سلطات الاحتلال أنه وراء هروبه من السجن، فضغطت عليه، وخّيرته بين السجن والإعدام أو اغتيال “فارس”، فخضع لابتزازهم، والتحق ب”فارس” وفصيله وحاول أن يتصيده ويطلق النار عليه من الخلف، وتذرع أنها بالغلط، وشجع هذا العمل “فارس” على تصفيته، وأرسل “فارس” إلى آل شريم يطلب مالاً للثورة، فاجتمعوا في ديوان العائلة، وكان رأي شيوخ العشيرة وبحضور محمد مصطفى شريم أن يشتروا سلاحاً بهذا المال على أن لا ينصاعوا لفصيل “فارس” مستهزئين بهذا الدور الذي يقوم به ، وقد تعمقت الخلافات وشعر الإنجليز بهذه الحركة وغذوها من طرفهم حتى عرف بعضهم بمكان “فارس” في طرابلس ـ لبنان راحوا يجرون اتصالاتهم مع شيف وهو ضابط يهودي في البوليس البريطاني، وضغطوا على إبراهيم النصار المرافق ل”فارس” حيث أعلمهم بمكانه وكان ذلك مقابل الوعد بالإفراج عنه، واتصلت السلطات البريطانية مع الفرنسيين وطالبتهم بتسليمه باعتباره مجرماً فاراً من فلسطين، وقد أراد الضابط اليهودي شيف الانتقام من مقتل “الشرطة الإضافية” من اليهود الذين قتلوا عند رأس العين، وقبض الفرنسيون على “فارس” وسلموه للسلطات البريطانية . لقد تبسم الحظ للثائر “فارس” أكثر من مرة، وقد نجح في الانسحاب أو التخفي ولم تنجح أعمال منع التجول في القبض عليه، الا أنه في هذه المرة قبض عليه كمغنم كبير. جاء قبض السلطات الفرنسية على “فارس” ليشكل النهاية المحتمة لكفاحه. لقد اقتيد في أغلاله إلى سجن عكا ومعه عدد من الثوار الذين قبض عليهم في فلسطين، ومنهم إسماعيل أبو هنية (كفرثلث)، ومحمود قرعوش (دير بلوط) وعمر طبنجة (سنيريا) وآخرين من كفرالديك وقرى رام الله.وحول الطريقة التي اتبعتها بريطانيا للقبض عليه، ثم إعدامه حدثنا الحاج محمد عواد: ” هرب إلى سوريا ومعه إبراهيم النصار قبض الفرنسيون على إبراهيم حطوه في السجن، وضغطوا عليه، ثم قبضوا على “فارس” ثم هرب إبراهيم إلى فلسطين وضغط عليه بعض الأشخاص في قلقيلية كي يعرفهم بمكان “فارس” مقابل العفو عنه من قبل سلطات الاحتلال البريطاني، وعرف بمكانه الضابط اليهودي شيف رئيس قسم المباحث الجنائية، وسلمه الفرنسيون للإنجليز، جاءوا به إلى عكا، واتهم إسماعيل أبو هنية بمساعدته وذهب صالح عبدالهادي عيسى لحضور جلسة المحكمة، وقال: ” والله يا “فارس” لو أن الرجال تفدى بالمال لفديتك الآن “وحول محاكمته، وموقف “فارس” من جلاوزة الاحتلال البريطاني، حدثنا الراوي السابق عن محاكمته” سألوه يا ”فارس” من قتل الإنجليز في رأس العين ؟قال: أنا من قتلهم.ـ أين ذهب الذين كانوا معك ؟ـ غادروا إلى بلادهم أو انتقلوا للرفيق الأعلى.ـ ماهي علاقتك بإسماعيل أبو هنية، ومحمد قرعوش وعمر طبنجة ؟“فارس”: هؤلاء أولاد، وانا لم أتخذ غير السوريين أصحاب.وسأله المدعي العام البريطاني : الا تطلب الاسترحام ؟ضحك “فارس” وقهقه: لا لن أطلب الاسترحام.القاضي: وهل تفضل الموت على الحياة ؟ـ “فارس”: نعم وسأبقى أحارب الاستعمار من داخل قبري، ولوكان معي مسدس لأفرغته في رأسك الاّن.وردد “فارس” قول الخالق عز وجل “ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل احياء عند ربهم يرزقون “.أعدم “فارس” بعد أسبوع، بقرار فاجأ الأهل والأحباب حتى أن زوجته لم تتوقع إعدامه، وحكم على رفاقه بأحكام مختلفة، حيث حكم على إسماعيل أبو هنية بالسجن سبع سنوات، وسجن عمر طبنجة من سنيريا بالحكم المؤبد، واستأنف قرار المحكمة، فجاء إعدامه في المرة الثانية، وحكم على محمود قرعوش بالسجن عشرة أعوام وأفرج عنه، وخرج للعمل في الولايات المتحدة الأميركية. وأعدم الأخوين حافظ، ومحفوظ عبدالمجيد من كفر الديك، وبإعدام هؤلاء الثوار انتهت الثورة في جنوب طولكرم وبقي بعض الثوار يتنقلون من مكان لآخر، ولكن دون فعاليات تذكر، وقد لاذوا بالتخفي عن العيون . كان الثائر حمد زواتا أوفرهم حظا ولكن سلطات الاحتلال البريطاني قبضت عليه صيف عام 1941، حيث أنهكه الجوع والتعب ونام في بيادر قرية حجة، وبعد سنوات أفرج عنه بوساطة مجموعة من الشخصيات الفلسطينية. وقام الإنجليز بحملة قمع شرسة استخدموا فيها سلاح الطيران، وقبض على الأخوين الثائرين حافظ ومحفوظ بعد أن غدر البعض بهما وقبض عليهما بخيانة، ونقلوا إلى سلفيت، وسجنوا في بيت أحد المعارضين للثورة، وجاءت نسائهم يولولن، ويصحن، وأعربن عن استعدادهن لإعطاء حليهن وأساورهن مقابل الإفراج عنهما، لكن مجموعة المعارضة كانوا يشددون الخناق عليهما وقيدوهما، وحضرت دوريات الإنجليز التي نقلتهما إلى سجن عكا، وتحركت “عصابات السلام ” العميلة للاحتلال البريطاني لمضايقة السكان، والبحث عن الثوار، وقادها في المنطقة عزيز بلاطة، ولم يبق في منطقة غربي نابلس مشردا وثائراً غير الثائر أحمد عوده (كفر الديك)، الذي اختبأ في الكهوف، والمغارات المهجورة، وبين الصخور العالية، وقد حفّته الرعاية الإلهية، وساعدته خفة حركاته ونشاطه ويقظته وسهره الدائم، ومساعدة الفلاحين على النجاة، وكان ذكياً لا يقيم في مكان واحد.تقول وفاء أرملة الشهيد “فارس”: رحل “فارس”، وقذف الإنجليز جثته في وسط القرية دون بلاغ مسبق، وأخذ أهله الجثة، وقبل أن يدفن ودعته زوجته الوداع الأخير قبل أن يوارى جثمانه ويدفن في ساحة بيته، وتقدم العديد لخطبة أرملته بعد بضعة شهور من استشهاده لكنها رفضت الزواج منهم، وأخلصت لزوجها في حياته وأصاب والدته مس من الجنون، حيث مات ابنها الذي كان يحظى بنصيب وافر من محبتها وتقديرها ولقد انفعل الناس بهذا الحادث الجلل وعز على نساء عزون وكفر ثلث وخريش وسائر قرى قلقيلية، استشهاده بعد إعدامه، فبكت النساء وقلن هذه البكائية:قلن انكسر ريح المراكب وانكسر مركب نحاسياخسارة يا أبو معروف يا قايد كل الناسقلن انكسر ريح المراكب وانكسر مركب ذهبيا خسارة يا بو معروف يا قايد كل العربقلن إنكسر ريح المراكب وانكسر مركب حديديا خساره يابو معروف يا قايد كل الاجاويد .تقييم التجربة الثورية مسيرة فصيل الموت تحت المجهر: سُجلت على هذا الفصيل عدد من المآخذ مما حمل البعض للقول أن “فارس” يمثل سلوك “مجرم ” أكثر منه ثائراً، وقد وصفه الكاتب الصهيوني سمسار الأراضي عزرا دانين والحاقد على الثورة الفلسطينية 1936ـ 1939 بهذا الوصف ويظهر أن العديد من الفلاحين تأثروا بهذه الرواية، كما أن المتضررين أشاعوا بين الناس هذا القول رغم بطولته النادرة ومقارعته لقوات الاحتلال.وقد وجد الباحث أن الانتقادات تتمحور حوله في المسائل الآتية: 1) لم يكن فصيل “فارس” يمتلك وعياً ثورياً كافياً أو نظرية ثورية تحدد توجيه بوصلة الثورة، وتكشف الطريق المناسب للعمل. كان عمله عفوياً وفردياً يقوم على ردة الفعل المباشرة مصحوباً بهاجس أمني كبير، وذلك بسبب كثرة العملاء والجواسيس الذين لاحقوه وفصيله، كما أن “فارس” كان صغير السن قياساً بغيره من الثوار، ومنهم: عبدالرحيم الحاج محمد وحمد زواتا، وعارف عبدالرازق.2) يظهر أن بعض العملاء والمشبوهين استطاعوا التسلل في الفصيل، ويشاع أنهم من اليهود ومنهم: محمد الحاج مسلم الحجازي الذي التحق بفصيل عارف عبدالرازق ثم انضم إلى فصيل “فارس” لاحقاً، وكان هذا الشخص قاسياً في ردة فعله تجاه أي مشكلة تعترض الفصيل أو تُهم توجه للبعض وضد رجال المعارضة الموالين للبريطانيين، ووصفت ممارساته بالابتزاز والقسوة بذريعة العمل لمصلحة الثورة. وكأنه كان يُسعر نار الخلافات العائلية و كان حضوره قوياً في اغتيال عدد من قادة حزب المعارضة والمخاتير، وحوله دارت شبهات عديدة، وهو يقوم بتعذيب الأشخاص وابتزازهم إذا ما تأخروا عن دفع المال، ويجلدهم بسوطه بطول مترين وبه رصاصة في مقدمته وله قصص عديدة رواها لنا أشخاص في حبلة وكفر ثلث ورأس عطية وطيرة بني صعب وخريش وغيرها، ويبدو أنه على علاقة باغتيال حسن صدقي الدجاني وربما اخترق فصيل “فارس” ومن قبله فصيل عارف عبدالرازق واستغل تكليفه ببعض المهمات وراح يعمق الشرخ بين العائلات الفلسطينية لمصلحة الاستعمار البريطاني والصهيونية وقد تصرف محمد الحاج مسلم بتصرفات قاسية أوحت للكثيرين على أن يده غير نظيفة، بل اتهموه بأن يهودي مندس في الثورة، ولقد كان عنواناً للاستياء العام، ومثالاً صارخاً للقسوة في تعامله مع الجماهير التي كرهت الثورة لوجود أمثاله في صفوفها. |
| | | ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: رجالات وشهداء ثورة 1936 الجمعة 06 نوفمبر 2020, 11:54 am | |
| وهذه بعض الأعمال التي شارك فيه الحاج مسلم وأثارت الاستياء الشعبي: أولاً: تجريد وتصفية حسن أبو نجيم قائد فصيل قلقيلية: نسب إلى “فارس” تصفية أبو نجيم، فهل كانت له علاقة بهذه التصفية ؟ كانت البداية الأولى للخلاف بين قادة فصائل الثورة في منطقة قلقيلية قد ظهرت في الخلاف الذي حدث بين حسن علي ابو نجيم قائد فصيل في مدينة قلقيلية، والقائد العام عارف عبدالرازق في صيف عام 1938. ضم فصيل أبو نجيم عددا من شباب قلقيلية وشباب كفر ثلث كان منهم: بركات يوسف عودة، وسلامة عودة، و يونس عبدالله أبو خالد وغيرهم. وقد تحدث عن هذا الخلاف وأسبابه رواه عديدون. وتذكر هذه الروايات أن حسن اتهم بسلب فرس من قرية مجدل الصادق، وأن الناس فيها اشتكوا لقائد الثورة العام عارف عبدالرازق، وبناءً عليه تقرر الاجتماع به في كفر ثلث، لبحث الشكاوى الموجهة ضده. عندما شعر حسن أبو نجيم أنه سيحاسب من قبل القائد العام عارف عبدالرازق ومن معه من قادة الثورة أمثال: حمد زواتا وفارس” العزوني. بيَّت خطة للانقضاض عليهم، بحسب المثل الشعبي القائل: ” بتغدى فيهم قبل ما يتعشوا فيي “، ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن. كتب فيصل عبدالرازق نقلاً عن القائد حمد داود زواتا وآخرين حول الأحداث التي أوصلت لتجريد قائد الفصيل أبو نجيم ” إن حسن من قلقيلية عين وسلح من قبل عارف وفصيله، وصلت إلى عارف تعديات قام بها في منطقة قلقيلية لأسباب شخصية ليس لها علاقة بالثورة. ثم جمع أموالاً وتصرف بها لحسابه الخاص، شكاه الناس لعارف فأرسل في طلبه ولكنه بدلا من الحضور أرسل من يتوسط له فوسط سيف أبو كشك، حضر سيف ومعه وجهاء آخرون إلى القيادة، قبل عارف الوساطة على أن يمتنع أبو نجيم عن القيام بأعمال مماثلة. عاد يتصرف كالسابق فاستدعاه عارف. عند ذلك تآمر أبو نجيم مع فصيله لاغتيال عارف. ففي أثناء وجود عارف وقسم من مساعديه في قرية كفر ثلث وكان حمد زواتا أحدهم. توجه أبو نجيم إلى كفر ثلث ومعه فصيله المكون من ستين ثائراً، ولكن قبل أن يدخل القرية أمر فصيله بالاختفاء في بقعة أرض مغطاة بالزيتون تابعة للقرية، وقد أمر ثوار الفصيل أنه عند سماعهم ثلاث طلقات عليهم التقدم نحو البيت الذي يتواجد فيه عارف ومن معه، وعند وصولهم للبيت عليهم تطويق البيت ثم القضاء على كل من بداخله من جماعة عارف. جلس أبو نجيم مقابل عارف وكان عارف في تلك الأثناء مشغولاً بأمور تتعلق بالثورة. كان بالغرفة حمد و ”فارس” العزوني. أخذ الثلاثة بالحديث، ولكن الشكوك جعلت حمد يهتم بمراقبة أبو نجيم بدقة، لاحظ حمد أن أبو نجيم يحاول فك أزرار سرواله العسكري فارتاب بالأمر وامسك بكلتا يديه خلف ظهره بينما شق حمد سروال أبو نجيم وأمسك “فارس” باليد الأخرى. ويحفظ عدد كبير من الرواة الذين قابلتهم قصة أبو نجيم ويتفق سردها، مع اختلافات وتلاوين بسيطة من شخص إلى آخر. حدثني عدد من الرواة، ومنهم: الثائر أسعد قاسم الذي كان مرافقاً لفارس” العزوني يومذاك حدثنا: صعد حسن أبو نجيم إلى الطابق الثاني في دار داود حسين شواهنة في كفرثلث، أحد أقارب “فارس”، وترك أعضاء الفصيل خارج الدار وقال لهم: إذا سمعتم إطلاق نار قوموا بتجريد الفصائل الأخرى من السلاح واستعد لمقابلتهم، و قد عقد العزم على تصفيتهم، وخبأ مسدسه بين لباسه وحذائه الطويل. جرى نقاش بين القادة الثلاثة وهم: عارف عبدالرازق وحمد زواتا، وحسن أبو نجيم، بينما كان “فارس” العزوني مختبئًا في شباك الغرفة، والمغطى بقماش رقيق وأثناء نقاشهما معه وتوجيه بعض الأسئلة له، وقد اتهموه بسرقة فرس في قرية مجدل والإساءة للثورة، واتهمه عارف بالتقصير تجاهه حينما طوقه الجيش البريطاني ومن معه في أحد المعارك ولم يحاول تخليصهم. حاول حسن أن يلتقط مسدسه في محاولة منه لتصفية عارف وحمد، فأسرع “فارس” بتحذير عارف عبدالرازق الذي اصفر لون وجهه و تعارك معه، وقبضوا على يديه وجردوه من سلاحه وأخذوه خارج البيت، وأمروا أعضاء فصيله بالتخلي عنه وترك بعضهم الثورة منذ ذلك اليوم وانضم الباقون لفارس” وطلب عارف من “فارس” أن يتولى مهمة تصفيته ، لكن “فارس” همس في أذن أسعد القاسم، ونمر القنبر أن يتظاهروا بأنه هرب ويطلقوا عليه رصاصات طائشة في الهواء، ونجح حسن أبو نجيم بالهرب و ُقبض عليه مرة ثانية في قرية سمسم من قرى غزة، وسلم مرة أخرى إلى عارف عبدالرازق الذي أمر فصيل حمد زواتا بتصفيته بعد أن جلدوه وعروه وعذبوه ثم أطلقوا النار عليه حيث وصلوا به إلى كفر لاقف، وبقيت جثته في العراء المكشوف أياما وليال، وبعدها حضر أهله ودفنوه في أحدى المغارات الأثرية . أثار قتل حسن في أهله مشاعر التذمر والتقزز من هذا العمل ؛ خاصة وأن حسن أبو نجيم سبق له أن شارك في أعمال جهادية ومنها: عملية قتل بضعة أشخاص من الشرطة الإضافية البريطانية في قرية عزون وهي عملية راح فيها ما لا يقل عن 6 أشخاص، وكان ثائرا تطارده القوات البريطانية للقبض عليه بعد أن قام بعمليات جريئة في السهل الساحلي الفلسطيني وهاجم فصيله عددا من المستعمرات القريبة من مدينة قلقيلية مثل كلمانيا وهكوفيش، ورعنانيا، وسكة حيفا ـ رأس العين. عن هذه العملية التي حدثت في عزون يروي الحاج محمد عواد ” تمركزت الشرطة الإضافية في دواوين عزون منها: ديوان رضوان، و ديوان عدوان، ودار سليم، وكان مطلوب من الناس خدمتهم، واطعام خيولهم عندها قرر الثوار وعلى راسهم عارف عبد الرازق الهجوم بغتة وهجمة رجل واحد، ووزعهم في مجموعات منها: مجموعة حسن أبو نجيم تتوجه لديوان رضوان، ومجموعة علي الهنطش (من صير ) تهاجم ديوان دار سليم، وتوجه حمد داوود زواتا إلى ديوان العدوان ومجموعهم ثلاثون ثائرا موزعين في ثلاث مجموعات، ولكن حسن أبو نجيم عاجلهم بإطلاق النار قبل الباقين وطوقهم، وأخذ الثوار سلاحهم وقتلوا من الشرطة البريطانية بضعة أفراد مع خيولهم وهرب الباقون. وبعد ذلك قام الجيش الإنجليزي بضرب الناس وتعذيبهم حتى جاء شوقي عبد الهادي أحد ضباط الشرطة، وقال: ” اللي بمد يده على عزون بورية، ويا فواز الهواش كفى ” ويضيف الراوي بأنهم حملوا القتلى الذين كان عددهم ثمانية، وصادر الثوار سلاحهم وانسحبوا بعد مقاومة وعلى أثر الحادثة نسف الإنجليز محلات شطارة، ودار “فارس”، وعددا من الدور ومجموعها 10 دور. كانت هذه العملية الثورية الجريئة عنواناً رئيساً لصحيفة الدفاع التي كان يحررها ابراهيم الشنطي، وجاء في صدر صفحتها الأولى “مقتل 6 من البوليس الإضافي وأخذ 11 بندقية ومسدسين. مسلحون يطوقون قرية كفر ثلث لمدة طويلة ” وأشارت الصحيفة إلى ان تطويق قرية عزون تم في الساعة الثانية صباحاُ حيث طوقت عزون بما يقرب من مئة مسلح، ثم دخل فريق منهم إلى القرية، حيث طوقوا ديوان اّل رضوان الذي كان فيه أحد عشر نفرا من البوليس الإضافي، ودخل المضافة ثلاثة مسلحين وطلبوا من البوليس الذي كان جالسا مع أهل المضافة الخروج خارج المضافة ثم أخذوا يطلقون النار عليهم وعلمنا أنه قتل منهم ستة انفار، وجرح اثنان وأخذ المسلحون أحدى عشرة بندقية، كما جاء في إخبارية وكيل المختار للبوليس، وعلمنا ان المسلحين قتلوا ثلاثة رؤوس خيل للبوليس الإضافي واستمر إطلاق النار بين الطرفين مدة ثلاث ساعات. حول مصير حسن أبو نجيم حدثني كايد عواد حدثنا: هرب أول مرة من قبل عبد الله القنبر، وجاسر سليمان وتظاهروا بأنه فر منهم، وقد أطلقوا النار عليه في الهواء وفي يوم من الايام قام شخص من قرية سمسم من قرى غزة بتقييده وإحضاره للثائر حمد زواتا الذي أعدمه على طريق عزون كفر لاقف. أدى قتل حسن إلى كراهية بعض أقاربه ومؤيديهم للثوار، وافتراق عدد كبير من أعضاء فصيله عن الثورة، وقد نسب إلى “فارس” مسؤوليته عن قتل حسن أبو نجيم وهي رواية ثبت للباحث عدم صحتها. ثانياً: قتل أحمد شطارة من مدينة قلقيلية: ومما نسب إلى “فارس” العزوني من ممارسات وأخطاء قيامه بقتل أحمد أبو شطارة من عائلة شريم في مدينة قلقيلية، وهو شخص ساعد “فارس” في هربه من سجن عكا، وتم تصوير “فارس” على أنه شخص ناكر للجميل ومجرم بحق أصحابه. حدثنا أسعد القاسم: ” التحق أحمد الشطارة مع الثورة وقالوا لفارس” إنه يريد اغتيالك قال: هذا صاحبي. ولكنهم في أحدى الليالي كانوا سائرين، وأحمد شطارة معهم وأخذ أحمد شطارة يطلق النار على “فارس”، وتظاهر “فارس” بعدم الاهتمام بما حدث، وقال لجماعته: انسحبوا وتوجهوا لمروج عِسلة. وقال له أحمد شطارة: لا تؤاخذني يمكن جاء الرصاص بالخطأ تجاهك. “فارس” لم يحتمل الموقف أخذه لعيون كفر قرع شرقي كفر ثلث وأطلق عليه النار فأرداه قتيلا، وأوصى بعد فترة من قتله بقدوم أخيه وابن عمه، وقام لطفي محمد عبد الرحمن عيسى وخليل أبو هنية من كفر ثلث بنقله على جمل مقابل الحصول على خمسة دنانير بعد أن تركه “فارس” في العراء المكشوف . ثالثاً: إعدام أربعة نساء وقتل مختار من قرية عزون: يرى الباحث أن إعدام بضعة نساء من قرية عزون يعد من الأخطاء الجسيمة، التي ارتكبت وأساءت للثورة برغم المسوغات والمبررات التي ساقها البعض ممن تحدثوا عن إعدامهن، حيث تم إعدامهن رمياً بالرصاص بتهمة الإساءة للأخلاق والشرف أثناء حصار الإنجليز المتكرر لبلدة عزون، وقد طالت أربع نساء متزوجات. وحول مسوغات قتل مجموعة النسوة توجهت بسؤال إلى المعلم المتقاعد والكاتب في تاريخ عزون عبد الخالق يحيى، فأجابني: “أن مسوغات، ومبررات قتلهن لم تكن منطقية، وغير مقبولة خاصة وأن بعضهن طالبن بميراثهن من الأهل، فاشتكوا لفارس” واتهموهن بإساءة الأخلاق “. حول الأسباب والطريقة التي تم فيها إعدامهن، حدثتني أرملة الشهيد “فارس” فقالت: ” جاء “فارس” من قرية الزاوية على دار رضوان، وقد وقعت مجموعة كبيرة من رجال عزون ورقة بهذا الخصوص وفيها توقيع شيخ كبير من البلد ومعه مجموعة من أهالي البلد، وطالبوا بمحاكمتهن واتهمن بالعلاقة مع الإنجليز وطلب إحضارهن وأخذ أبنائهن من بين أيديهن وأمر بإحضار أزواجهن، الذين شهدوا على سوء أخلاقهن، وقام “فارس” وصفّهن في صف واحد، وأعطاهن طلقا واحدا، وأغلق عليهن الباب وخرج وكانت أمه قد نصحته بأن لا يقتلهن. وقالت: هذا حرام يا بني. رد عليها هذا في رقبة الشيخ والذين شهدوا ضدهن . كانت عمليات القتل والتصفية التي طالت أيضاً أشخاصاً من قرى بيتلو ودير نظام قرب رام الله واغتيال حسن صدقي الدجاني و تعذيب آخرين سببا في نشر الرعب الذي طال أفئدة المخاتير والمعارضين والموالين لبريطانيا ويظهر أن المعارضين في منطقة رام الله نالهم قسط وافر من التصفيات والبطش، وما من شك أن قرارات التصفية التي قام بها فصيل “فارس” كانت تقف خلفها قيادة عليا توجه له التعليمات ولأوامر، وليس من المعقول أن تكون جميعها وليدة قرارات يتخذها “فارس” في غضون شهور من حياته الكفاحية. و يميل الباحث للرأي القائل أن اللجنة المركزية للجهاد كانت تعطي تعليمات للثوار للقيام بهذه الاغتيالات وكان الحاج أمين الحسيني على علم بها. ومما يجدر ذكره أن أعمال الاغتيال والدس والتخريب جرت في مناطق أخرى وقد اتفق سلوك يوسف أبو درة الذي اغتال أكثر من 42 مختاراً اتهموا بالعمالة، وكان أبو درة يحبسهم في أحد الآبار، واذا أشار بإيماءة وقال: “ريحوه ” فمعنى ذلك أنه قتل وراح في غيابة الجب، كذلك الحال غرق عبدالله الأسعد في قرى الشعراوية في عمليات قتل نساء وتصفية أشخاص اتهموا بالعمالة والجاسوسية ، وقد انتقدت الصحافة المقربة من المعارضة سياسة الاغتيالات والقتل لأكثر من سبعين رجلاً وامرأة قتلوا بمبررات ومسوغات شتى وهاجمت عارف عبدالرازق باعتباره اليد اليمنى للذراع المتطرف الذي يقوده مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني. كانت حادثة قتل مختار عزون وهو أحد أقربائه مدعاةً للتساؤل وفيها قيل وسمع الباحث قول كثير، وقد تراوحت بين اتهام “فارس” له بالعمالة للبريطانيين وبعضهم اعتبره دسا وافتراء راح “فارس” ضحيته، ومنهم من نسب قرار تصفيته للحاج مسلم المتهم بيهوديته ، وآخرون قالوا إن “فارس” قام بإعدامه عن سابق تصميم ولم تنجح شفاعة أمه فيه، وأجال الباحث النظر في مصادر عديدة فلم يجد أية وثيقة عربية أو إنجليزية تنفي أو تثبت صحة هذا الموضوع. ويظهر أن “فارس” أخذ بالشبهة ودون التحقق الكافي من خبر الوشاة. ففي كفر ثلث أخذ قرارا بتصفية عشرة أشخاص من حامولة عودة بتهمة الخيانة وبيع الأراضي ولولا توسط الثائر حمد زوتا وتصديه ومجيئه إلى كفر ثلث في اللحظة المناسبة ومنعه لعملية التصفية؛ لوقعت عملية سفك دماء غير محمودة العواقب وكانت التهمة من دس أشخاص منافسون من عائلات أخرى، وقال حمد: “بهذه الطريقة ستخرب الثورة يا “فارس”، وتجلب الأعداء “. أثار عمل “فارس” الغضب لدى عائلة عودة في خريش، ومنهم: عضو الفصيل حسن أبو عمر، الذي أبدى امتعاضه مما حدث من قتل وسواه من تعذيب لعدد من الأشخاص من أقاربه فقرر أن لا يعمل تحت لوائه. حضر “فارس” إلى خريش وطلب من حسن أبو عمر تصنيع كبسولات للثورة فاعتذر بأنه مشغول في بعض الأعمال الخاصة به .عندها استشاط “فارس” غضبا وهدده بالموت، وتعارك الاثنان أمام جمع من الناس. حدثنا حسن أبو عمر: ” كنا في دار رشيد عبد حسن وحضر “فارس” ومعه سليم عيسى حط فيه جلد، وتوسط له رشيد ويعقوب إسماعيل، فطلب منهم أن يدفع مالاً للثورة، وقد طلب خمسين جنيهاً، توسطوا حتى نزلها إلى عشرة، ثم طلب مني “فارس” أن أصنع كبسولات فاعتذرت، لكنه حاول أن يغصبني فرفضت واسودت الدنيا في ناظري وتخانقنا وتعاركنا، وحاول الحاج محمد مسلم أن يقتلني، لكنني دفعت “فارس” أمامه، والناس تحاول الفصل بيننا، وقلت أعطيني الأمان وأعطاني، وأصلحونا وعاد يطلب أن أعمل كبسولات. قلت: سأعمل خمسين كبسولة، ولكن بعدين. فقال “فارس”: اسمعوا يا الحاضرين لو أنكم جميعا بجرأة هذا الرجل لانتصرنا على العدو “. رابعاً: اتهام فصيل “فارس” باغتيال حسن صدقي الدجاني. حسن أحد الشخصيات الفلسطينية البارزة. كان سكرتيراً لحزب الدفاع، عرف كمعارض للحاج أمين الحسيني، عرف بدوره في إضراب سائقي السيارات. كان على صلة وثيقة مع القائد عارف عبدالرازق واجتمع معه مراراً، وتدارس معه شؤون الثورة، وقدم العون للثوار من ملابس ومال، و في يوم 12/ 10/ 1938 اجتمع مع عارف و أثناء عودته إلى القدس تعرض للاغتيال، وكان عارف أكثر الناس حزناً وتأسفاً على اغتياله خاصة أن مصرعه يرتبط بزيارته له، واعتبر أنه عمل جبان وغادر، وأنهم سيقولون إن عارف مسؤول عن اغتياله، ولم يكن هذا العمل بعيدا عن عملاء المخابرات البريطانية والصهيونية، وقد سبب هذا العمل فسادا في البلاد، ولقد أخذ فخري النشاشيبي يوزع منشورات في فلسطين وخارجها وفيه يتهم “عارف” بأنه وراء حادثة قتله، وأخذ يثير أحقادا مختلفة في منشوراته كان اغتيال حسن من أكثر أعمال القتل سببا لحدوث الفتنة والفوضى في فلسطين، وتسعير الخلافات العائلية، والعصبيات الحزبية، و ثارت الاسئلة الكثيرة حول اغتياله وظل السر مجهولاً، وتضاربت الأقوال في هذا الاغتيال ومن المسؤول عنه، وقد ألصقها البعض بعارف عبدالرازق وأخرون قالوا إن داود الحسيني كان وراء الاغتيال، ونسبها البعض إلى عملاء دوائر بريطانية ويهودية. بعد البحث والتقصي وسماع روايات من مصادر مختلفة رجح الباحث أن أعضاء من فصيل الموت بقيادة “فارس” العزوني كانوا على علاقة باغتياله ويظهر أنه كان من عمل الحاج محمد مسلم الحجازي، ومشاركه اثنين من أعضاء الفصيل، وشاع في منطقة قلقيلية أن أحدهما من قرية عِسلة والآخر من قرية عزون، ويرجح أن أوامر القتل جاءتهما من داود الحسيني، مع مباركة ضمنية من المفتي الحاج أمين الحسيني ومعرفة مسبقة من قائد الفصيل “فارس” العزوني، وكان خروج حسن بعد اجتماعه بعارف عبدالرازق مدعاةً للظن به واتهامه وأنه لا يوجد ما يبرئ عارف عبدالرازق منها إلا أن الخلق العربي المسلم يرفض الغدر بالضيف، حيث قتل بعد اجتماعه معه وإعرابه عن مد يد العون للثورة والثوار !. لقد اتهم عارف بأنه وراء اغتياله رغم نفيه لهذه التهمة ولكن كيف اغتيل حسن ؟ تذكر بعض الروايات التي تناولها أحد الباحثين أن حسن صدقي الدجاني دعي إلى عارف عبدالرازق و بناءً على طلب القائد عارف للبحث في وضع الثورة والحاجة للمساعدة، وتقديم ملابس للثوار، وقد جرى اجتماع ودي بينهما، وفي الوقت الذي كان يجتمع فيه عارف مع حسن، كان يتواجد ثلاثة من الرجال يلبسون ألبسة شامية هم الدكتور داود الحسيني وسليم حسين الحسيني ومحمد سليم أبو لبن؛ كانوا في مهمة تتعلق بالثورة ومبعوثين من اللجنة المركزية للجهاد في دمشق وبيروت وعند وصول حسن صدقي دخلوا إلى غرفة أخرى، ولم يشاهدهم حسن وعارف عبدالرازق ، وغادر هؤلاء المكان قبل تناول حسن العشاء مع عارف. كان محور السؤال أين ذهب هؤلاء ؟ ومع من اجتمعوا بعد ذلك وماذا فعلوا، وهل كان لهم صلة بمصرع حسن صدقي ؟ وهل كان للصهاينة والاستعمار البريطاني ضلع في هذه المسألة؟. ما أن خرج حسن من اجتماعه مع عارف وقاربت الشمس على المغيب، واقترب من قرية رأس ابن سمحان (راس كركر) حتى التقى به ثلاثة أشخاص وقتلوه وفوجئ عارف عبد الرازق في اليوم التالي بالصحف وأقلام حزب المعارضة التي دقت طبولها في طول البلاد وعرضها، والتي اتهمته بقتله، وكان على رأس هذه الأقلام فخري النشاشيبي. أنكر عارف ما نسب إليه وراح فخري يغذي مشاعر الحقد والكراهية ضد الثورة ونشط في إقامة صلاته مع البريطانيين واليهود، وأصدر منشورات تهاجم عارف ونشرها في كتيب سماه (صوت من قبور فلسطين )، واعتبر الحاج أمين شخصا يغذي الأعمال الهدامة ويعتمد فيها على عارف الذي باع نصف أراضي طولكرم لليهود والذي انحصرت جهوده في الفتك بزعماء البلاد، وأنه كان وراء تشتيت الفلاحين بعد أن سمسر وباع الأرض لليهود، وأن أوامر القتل جاءت من الشام، وقد رد عليه عارف بمنشور ثوري كذب ادعاءاته ووصفه بخائن الأمة والخارج عن دينها ووصفه ” بالأدون فخريوش ” تعبيرا عن يهوديته. شاع بين الناس في منطقة قلقيلية أن ثلاثة أشخاص من فصيل “فارس” كان لهم دور في اغتيال حسن بناءً على أوامر جاءتهم من داود الحسيني، ومنهم: الشهيد نمر القنبر من قرية عزون، والثائر المرحوم أسعد القاسم، ومحمد الحاج مسلم، حتى أن السلطات البريطانية أرسلت في طلبهم وسجنوا وأنكروا ذلك. اهتم الباحث بسماع عدد من الروايات وقابل الأشخاص المتهمين وسواهم وهذه عدد من الروايات التي قيلت حول مصرع حسن: حدثنا الثائر الشيخ عبدالفتاح المزرعاوي قائد فصيل رام الله وغور الأردن في مقابلة جرت معه بمنزله عام 1993في قرية المزرعة الشرقية أن فصيل “فارس” ومعه الحاج محمد المسلم كان وراء اغتيال حسن صدقي الدجاني و بأوامر من الدكتور داود الحسيني، وأن عدد الذين نفذوا مهمة الاغتيال كانوا ثلاثة أشخاص وقد رجاهم أن يتركوه وشأنه ويدفع لهم مالاً لكنهم رفضوا. وتوجه الباحث ومعه عبدالخالق يحيى وولده جهاد بسؤال الثائر أسعد القاسم إن كانت له علاقة بمصرع حسن فأنكر ثم لم يقدم معلومات عن القاتل. حدثنا أسعد أنه سجن ومعه نمر القنبر لمدة شهر في سجن طولكرم وعذبوا تعذيباً شديدا، حيث اتهموا باغتيال حسن صدقي الدجاني وأنكروا بعد تعذيب شديد، وأفرج عنهم دون اعتراف، وبسبب ذلك شاع بين الناس أنهما مسؤولان عن اغتياله. حدثنا أحمد البدوان من قرية عزون الذي كان عضواً في فصيل “فارس”:” قام الحاج مسلم وأسعد القاسم، ونمر القنبر بقتل حسن الدجاني، وأخذت من أسعد القاسم القلم الذي أخذه من حسن بعد اغتياله، وكانوا قد أخذوا قلمه وساعته وخاتمه “ حدثنا عبدالعزيز إسماعيل عودة عن مختار كفر ثلث أحمد عبدالرحمن الخطيب صديق “فارس” في زمن الثورة أنه قال ” لقد كلفني “فارس” ان أحمل خاتم حسن صدقي، وتوجهت به إلى لبنان إلى دار مفتي فلسطين، واجتمعت به بعد أن فوجئ حراسه بي، ومنعوني من الدخول ولكن حينما اطمأن المفتي وعرف سبب قدومي سمح لي بالدخول، وقلت له “فارس” يهديك السلام ويقول هذه علامة قتل حسن، وكان الخاتم هو العلامة “ وحول هذا الموضوع أورد فيصل عارف تقارير لجواسيس عرب محفوظة في الأرشيف الصهيوني المركزي في القدس تحت رقم 10098/ 25 س وفيه: لقد كان حسن صدقي أكثر رجال المعارضة مقاومة للمفتي، لم يترك أي مناسبة بدون أن يتحداه سواء في داخل البلاد وخارجها. حاول المفتي عدة مرات مصالحته ولكن بدون جدوى… ومع ازدياد الإرهاب في القدس ومنطقتها طلب من عائلة الدجاني عدة مرات مساعدة العصابات ماليا فاستجابت لذلك الطلب. عائلة الدجاني طلبت من حسن أن يكون الوسيط بين العائلة والإرهابيين وبدأ حسن بالتقرب من عارف عبدالرازق وأقام صداقة معه وكان عارف يدعوا حسن لمقابلته كلما كان في منطقة القدس ويتشاور معه، هذه الأمور وصلت المفتي فأثارت غضبه فطلب المفتي من عارف أن يستغل زيارة حسن صدقي إليه ويقتله، ولكن عارف أجل الموضوع من يوم لآخر وفي النهاية ازداد ضغط المقتي عليه فرفض وطلب إيضاح الأسباب لقتله وتكرر طلب المفتي. بعث المفتي مواد كثيرة تتهم حسن صدقي ولكن ذلك لم يساعد في اقناع عارف، ونتيجة لذلك توجه المفتي لعبد الرحيم الحاج محمد. أصر عبد الرحيم على عارف فوافق عارف على اغتيال حسن صدقي ولكن بشرط ان لا يتم تنفيذ ذلك على يده أو على يد أحد من الثوار التابعين له.”. وفي تقرير آخر قدمه أحد الجواسيس العرب للصهاينة ويسمى حسن والمرقم برقم 150 / 281 الموجود في ارشيف الهاغانا في تل أبيب “… كان في الاجتماع لجنة قضاة جرى تركيبها في سوريا، أعضاؤها كانوا الدكتور داوود الحسيني، عارف الجاعوني، عزالدين الشوا، أبو ابراهيم الكبير وكان رئيس اللجنة الدكتور داود الحسيني ( قتلوا حسن صدقي الذي حكم عليه بالموت من قبل اللجنة المذكورة التي حضرت من سوريا، وكان ذلك في قرية رأس كركر، عندما حضر اليها حسن صدقي وأخوه داوود وابن عمه عزيز الداودي بناء على دعوة من عارف تتعلق بقضية شكوى قدموها على أحد الثوار، ارسلوا وراءهم شخص يدعى الحاج محمد المسلم ومعه بعض المسلحين وعندما لحق المسلحون بحسن صدقي ومرافقيه قرب الحرش قتلوا حسن صدقي… ثم ذهبوا إلى بديا، حيث قاموا بهدم بيت طاهر أبو حجلة وبيت رفيق أبو حجلة ” . توجه الباحث بسؤال للثائر عبدالفتاح المزرعاوي فكانت روايته أقرب للرواية الأخيرة حيث أكد أن اجتماعا جرى مع عارف وأن “فارس” والحاج مسلم وداود الحسيني كانوا قريبين من المكان وربما خططوا لاغتياله. يبدو أن هناك مجموعة من الرعاع أو المستعربين نجحت في دخول الثورة ويمكن الاستدلال على دورها الواضح من خلال الدور الذي لعبه الحاج محمد المسلم، الذي قام بتعذيب العديد من الأشخاص، حيث طلب منهم تارةً المال لحساب الثورة أو سارع بقتل البعض بتهمة العمالة للاحتلال البريطاني، ومنها حادثة قتل حسن صدقي الدجاني، وقتل حسن علي أبو نجيم وقتل علي بدوان، وتعذيب أحمد صالح خروب من قرية حبلة، وإجباره على دفع مال لحساب الثورة رغم فقره المدقع إلى الحد الذي اضطر فيه أن يرسل ولده الشاعر الشعبي محمد خروب إلى كفر ثلث عند أخواله من آل عرار للاستدانة ودفع الضريبة للثورة ويظهر أن الشبهات راجت حول شخصية الحاج مسلم كيهودي تسلل لصفوف الثورة حدثني عبد الخالق سويدان: “ولقد أثارت اللكنة الغريبة عن اللغة العربية عند الحاج مسلم استهجان الفلاح أحمد خروب من حبلة الذي صاح بين الحاضرين، وقال: “بيقولوا حاج ومسلم والله ما هو مسلم هو من خور الواوي ( أي مستعمرة رعنانيا )“ |
| | | ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: رجالات وشهداء ثورة 1936 الجمعة 06 نوفمبر 2020, 11:55 am | |
| وحول شخصية الحاج محمد مسلم لم يؤيد أسعد القاسم أن يكون يهودياً مستعرباً، ولكنه أقر بأنه عمل لمصلحته الخاصة.حدثنا أسعد القاسم:” كنا مع بعض نتمازح فوجدت أنه يلف حول وسطه زنار من الذهب المرصع داخل التمر سألته لمن يجمع هذا.قال: لأهلي في السعودية، وقد غادر برفقة عارف عبد الرازق إلى العراق، ومنها توسط له عارف عند قنصل السعودية، وعاد إليها “.لقد أجمع رواة كثيرون على أن الثورة اخترقت من قبل مجموعة يهود كان أحدهم الحاج مسلم، وقد سمعت روايات شتى عن مصيره، فالبعض أشار أنه توجه للسعودية، وآخرين شاهدوه في مستعمرة رأس العين بعد حرب 1967.يميل الباحث للقول أن الحاج محمد المسلم وأمثاله أساءوا للثورة، سواء أكان مندسا أو يعمل لحسابه الشخصي وليس من الغرابة في شيء أن يندسوا في الثورة التي كان ينقص أصحابها الوعي الكافي، ويظهر أن “فارس” استجاب لرغبة الحزب العربي في اغتيال وتصفية عدد من معارضيهم، خاصة وأن “فارس” كان معجبا إلى حد كبير بالمفتي ويضع صورة المفتي على صدره، وربما أعطى داود الحسيني تعليماته بالاغتيال بعد أن رافقهم بذريعة أنه مفتش ثورة وأحيانا كثائر سوري يلبس ملابس شامية بلحية كثيفة ويميل للتخفي حسبما روى أسعد القاسم، وقد يتطابق هذا مع اتهامات لمصادر عديدة من أن مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني كان على علاقة بالاغتيالات والقتل لمعارضيه أو بمحاولته شراء الذمم بالمال.موقف القائد العام للثورة عارف عبدالرازق من تمرد “فارس” العزوني:أصدر عارف أمراً باعتقال “فارس” العزوني بعد أن كثرت الشكاوى ضد فصيله وتمرده على القائد العام عارف عبدالرازق ورفضه تطبيق بعض أوامره، وقرر عارف القبض عليه وتجريده سلاحه ومحاكمته ولكن كيف تمت هذه الخطوة؟يذكر فيصل عارف عبدالرازق نقلاً عن الثائرين حمد زواتا وذياب المرجان في مقابلاته معهما أن عارف أرسل صديقه حمد ومعه ثلاثة ثوار إلى كفرثلث حيث كان يتواجد “فارس” وفصيله. وقد وصل حمد إلى كفرثلث وتحدث مع “فارس” وأظهر له تجاهله لخلافه مع عارف، وذكر له أن مكاتيب جاءت من دمشق.مرت هذه الحيلة على “فارس” ووافق الذهاب معه. توجه “فارس” ومعه ما يقارب خمسة عشر ثائراً واتجهوا إلى سرطة وحينما وصلها “فارس” ومن معه كان متعباً فنزلوا في بيت. نام “فارس” في غرفة ونام حمد في الغرفة الأخرى، ونام الثوار المرافقين لفارس” في غرفة ثالثة وصل عارف إلى البيت الذي يقيم فيه “فارس” وكان يغط في نوم عميق. جلس حمد وعارف على جانبي “فارس” وبعد التحية أخرج عارف بعض الرسائل وقال إنها من دمشق، وقبل أن يتم عارف حديثه كانت أيدي عارف وحمد قد سبقت “فارس” على الإمساك به قبل أن يدخلها لجيبه حيث كان يحمل مسدسين، وحوكم “فارس” في محكمة الثورة وصدر بحقه حكم تلاه عبد المنان الجبالي حيث حكم عليه بالإعدام، ولكن رصيد أعماله الثورية غطت على أعماله وشفعت له.هذه لائحة بالاتهامات الموجهة لفارس” كما جاءت في منشور وزعه عارف عبد الرازق.مكتب الثورة الكبرى في فلسطينبسم الله الرحمن الرحيمالتاريخ 9/ 2/ 1939 قرار حكم صادر ضد “فارس” العزوني رقم 15/ 39.لائحة الاتهام 1– أهداف شخصية، عدم إطاعة الأوامر الصادرة عن القيادة العليا.2- تهديد السكان مما سبب انقلابهم إلى أعداء للثورة، نتج عن ذلك ازدياد عدد الجواسيس في البلاد.3- قتل كثير من الناس الأبرياء بينهم أربعة نساء من عزون بدون أي سبب أو مبرر.4- توجيه سلاح الأمة ضد الأمة من أجل المصالح الشخصية كما حدث في إطلاق الرصاص على عائلة شريم من قلقيلية عندما رفضت دفع مائتي جنيه، ونتيجة لهذا الحادث هرب أفرادها على سوريا من الظلم والاضطهاد.5- اختلاس ممتلكات السكان دون سبب مقنع وبدون تفويض من القيادة.6- إطلاق سراح الجاسوس الخائن فهمي صوفان بسبب أهداف شخصية.باسم الله والوطن: أنا القائد العام للثورة العربية في فلسطين آمر بإلقاء القبض على “فارس” العزوني وتجريده من سلاحه وإحضاره للمحاكمة أمام محكمة الثورة العسكرية بسبب الجرائم المذكورة التي نفذت على يده. محكمة الثورة العسكرية تعقد جلسة طارئة لمحاكمة هذا الرجل. وبصفتي رئيساً للمحكمة العسكرية بالدرجة الأولى وبدرجة محكمة استئناف فحصت الاتهامات، وحيث إنه وجد مذنباً بالاتهامات المذكورة التي تناقض وتلطخ اسم الثورة المقدسة، وتؤكد المسموعات السيئة المنتشرة ضدنا وضد الثورة العربية الكبرى.وبصفتي قائداً عاما للثورة ورئيسا للمحكمة العسكرية أحكم بما يلي:1- المتهم المذكور “فارس” العزوني يحكم بالموت رميا بالرصاص وهذا الحكم تلي أمامه وهو غير قابل للاستئناف.2- إرجاع الممتلكات التي اغتصبها من السكان.” الله مولانا وناصرنا… آمين “التوقيع: رئيس محكمة العدل العليا للثورة في فلسطينالمتوكل على الله عارف عبدالرازقختم قيادة الثورة في سوريا الجنوبية “انظر: وثائق وشخصيات: (عزرا دنين، ص 79ـ 80 )وحول الطريقة التي استدرج بها القائد العام عارف عبدالرازق قائد فصيل الموت العزوني . حدثنا أسعد القاسم، فقال: ” أرسل عارف لفارس” بواسطة رفيقه حمد زواتا كتابا يدعوه للقدوم إلى قراوة بني حسان للاطلاع على مكاتيب جاءت من سوريا وأمره بأن لا يأتي برجاله ومن الأفضل أن يجردهم من سلاحهم لأنهم سيغادرون إلى دمشق فانطلت الحيلة على “فارس” وخبأ السلاح شرق قرية عزون، وأبقى معه مسدسين.رفضت ومعي نمر القنبر أن نخلع سلاحنا، وراودنا الشك فيما قاله حمد، وتوجهنا إلى قراوة بني حسان ووصلها “فارس” وهو متعبً واستلقى على الأرض ونام، عندها جاء إليه عارف عبدالرازق وحمد داود واشهروا عليه سلاحهما، وطلبا منه أن يمتثل لأوامر محكمة الثورة ووقف “فارس” أمام المحكمة الشعبية ليوجه له عبد المنان الجبالي بعض التهم، منها: التمرد على أوامر القائد العام عارف عبدالرازق وارتكاب أعمال جرائم وقتل وقبل بدء المحاكمة، قال عارف: إن من يحاكم أمام محكمة ثورية عليه أن يخلع لباسه العسكري، والبسوه بدلا منها ملابس ممزقة، وكانت حالته تثير الشفقة، ونحن نراقب الموقف وقد أحضروا طاولةَ لمحاكمته ومدعيا عاما وشهودا، بعد أن أخذوا مسدسه وسألوا “فارس” أن يسلم قيادة الفصيل وزعامته لنمر القنبر فوافق، لكن القنبر رفض، وبعدها أركبوه فرسه، وساروا به إلى سرطة، وحينما أبعدوا عن الطريق قذفوا به عنها، وأركبوه جحشاً خوفا من أن يراه الناس، وفي الطريق حاول ذيب المرجان من قرية بديا أن يأخذ سلاحي فاستحكمت، وهددت من يقترب مني فقال عارف يا أخي ليس لنا حاجة عند أسعد، ووصلوا سرطة، وهناك في وسط القرية جمعهم عارف، وخطب فيهم، وقال: أصبحت نمرودا يا “فارس” !و تقتل فلاناً وفلانا.فرد “فارس”: هذا بأمرك، وهذا بأمرك.وسأله عارف: من أمرك بقتل نساء عزون.ـ هذا بأمري .وبأمر من قتلت مختار عزون ؟ـ قتلته بأمري.وقد قرأ فيها لوائح الاتهام التي صاغتها محكمة الثورة وجاءت على لسان أحد مساعديه المدعو عبد المنان الجبالي، الذي أدان “فارس” بالحكم شنقا. وحكم عليه عارف عبدالرازق بصفته القائد العام المسؤول عن محكمة الثورة بالإعدام. قابل الناس هذا الحكم بالهتاف والتهليل، وهتفوا بصوت مدو قائلين: الله أكبر ألله أكبر فليحيا العدل. وسار عارف و رفاقه و “فارس”. وعبروا وادي قانا متجهين إلى دير استيا، وحاول عارف أن يغير طريقه واتجاهه حتى لا نعرف وجهته، ولأني كنت أعرف أساليبه اتجهت نحو دير استيا، ونزلنا في بيت “أبو معروف ” من دار منصور، وتساءل قائلاً: مالكم شو صار لكم. ونزلوا بفارس” في دار زعيم القرية مصطفى موسى أبو حجلة وتضايق عارف من وجودي وما هي سوى لحظات وإذا بالإنجليز قادمون. فقال عارف: أنت أخبرت عنا، أنت جاسوس. قلت: هذا ليس عملي، وأنا جئت بالصدفة. ولما اقتربوا من البلد توجهنا إلى كفل حارس بناءً على أوامر عارف، وبعدها بساعات أرسل لنا مصطفى أبو حجلة تعالوا وأكلنا معه الحلوى حيث جاء الإنجليز اليه لتهنئته بالعيد عندها زالت عني الشبهة العاطلة، وفي اليوم الثاني حضر من عزون الشيخ رشيد عبدالسلام، ووجهاء البلد وأصدروا عريضة بتوقيع جميع أبناء عزون وهددوا عارف أنه اذا حصل لفارس” أي مكروه فستكون حرب بين قريتي عزون والطيبة الصعبية بلد عارف واتجهوا به ثاني يوم إلى قرية صير، وهناك تصالحوا، وأرجع له عارف مسدسه، فقال “فارس” هذا مسدس النجس حمد وليس مسدسي، وكان سلاح “فارس” جديد وبيلمع “. أبدى أبناء عزون أسفهم، وتعاطفهم معه حدثني عبدالخالق يحيى سويدان، أن أبيه قال بهذه المناسبة :” فخر الرجال سلاسل وقيود وفخر النساء أساور وعقود “يبدو أن وقفة أبناء عزون القوية كانت سبباً في العفو عنه وترجح على رأي فيصل عبدالرازق الذي ذهب إلى القول إن والده عفى عنه بسبب سِّجله وأعماله الثورية كما أن مصطفى الموسى زعيم دير استيا لم يرض هو الآخر عن عمل عارف عبدالرازق وتخطيطه لتصفية الثائر “فارس” العزوني ، بينما كان حمد زواتا ميالاً للتخلص منه، كما حدث مع حسن أبو نجيم. ويظهران يقظة أبناء عزون ومنهم: نمر القنبر وأسعد القاسم وغيرهم حالت دون الاستفراد بفارس” وإعدامه. ويجدر الذكر أن “فارس” خرج إلى سوريا وتغيّب قرابة شهرين بناءً على أوامر من عارف عبدالرازق، وعاد إلى البلاد بعد أن رحل عارف عنها. كانت هذه المسلكيات تبرز طبيعة الشروخات العميقة في داخل الثورة وضعف سيطرة القيادة على رجالاتها، وأنها سلبية تضاف إلى سلبيات الثورة.كان “فارس” العزوني شجاعاً إلى أبعد حد، وجريئاً إلى درجة التهور، وكان صلباً لا يعرف المهادنة ولا المرونة في علاقاته مع الجماهير ، ولما كان شابا في قمة تطوره وعطائه، حيث كان عمره 27 عاماً يوم إعدامه، وفي هذا السن كان ينقصه الحكم الرصين الهادئ، ويظهر أنه تسرع في قبول الأحكام وتأثر بالمسموعات، وكانت دائرة المحيطين به ممن يستمرئون القتل ويأخذون بالشبهة. كما أن ولاءه لقيادة وحزب الحاج أمين الحسيني أدى إلى قبوله تعليمات القيادة التي دفعته لاغتيال أشخاص معارضين، وهذا يفسر سبب مرافقة داود الحسيني للثوار والسير معهم، وربما يقدم أسباب إعدام “فارس” لعدة أشخاص من قرى رام الله ويافا ومنطقة رام الله وقلقيلية وطوباس. ورغم أن بعضهم عرض عليه المال ليطلق سراحه إلا أن “فارس” كان يرفض الارتشاء ويحكم بإعدام البعض ممن شهدوا على صلاته بالبريطانيين أو دارت حولهم الشبهات. لقد اتهم العديد من قادة الثورة بأعمال الاغتيال والمنافية للعمل الثوري العقلاني ورغم أن بعضهم رفض التورط في قتل واغتيال أشخاص ومنهم المجاهد عبدالرحيم الحاج محمد لكنه اتهم باغتيال أخوين من آل ارشيد، ومثله عارف عبدالرازق، وكذلك رفيقه عبد الله الأسعد. لقد توصل الباحث عبر الاستقراء والتقصي إلى أن عدداً من المشبوهين والمندسين وبعض المخاتير الموالين لبريطانيا حاولوا تخريب مسار الثورة وذلك بالتقرب من قادتها والتأثير عليهم. ومثل ذلك فعل يعض مخاتير القرى القريبة من عزون، وقد أثبتت الأيام أن بعضهم كان على اتصال مع بريطانيا وحزب المعارضة.في رأي الباحث أن “فارس” كان ابن مرحلته، حيث لم تسلم الثورة من أعمال الاغتيال، وكان هذا التصرف دأب الكثيرين منهم. ومما يؤسف له أن شراع الثورة أخذ يغرق في الاغتيالات في عام 1939، بينما اتجهت المعارضة وجهة سافرة وشكلت “عصابات السلام” المتعاونة مع البريطانيين التي راحت تلاحق الثوار وتهاجم القرى التي تحتضن القادة مما استنزف القوى الثورية وأنهكها وقوى جبهة الأعداء من بريطانيين وصهاينة. وفي ظل غياب الرؤية الثورية و النظرية الثورية الواضحة، كان لابد لقائد فصيل الموت الشاب “فارس” أن يمارس العمل الفردي الذي يهوى وأن يتورط في أعمال منافية للثورية، وهي أعمال كانت نتائجها سلبية ومخاطرها جسيمة على الثورة والثوار. ورغم كل الأخطاء المذكورة إلا أن أبناء المنطقة لم ينسوا آن “فارس” كان شجاعا وجريئا ، ولم يتورط أثناء الثورة في قضايا تسيء للشرف والأخلاق ، كما أنه حاول جهده إحياء الثورة في ظل تراجع الآخرين من القادة، وهذا سر قيامه بعملية رأس العين بعد أن رجع من سوريا إلى فلسطين في أواخر شهر نيسان 1939 بينما كان قائده عارف عبد الرازق قد شد الرحال خارج فلسطين ووصلت أخبار عبوره إلى دمشق في 12/4/ 1939. لقد تميز “فارس” برفضه الارتشاء ولم يتصالح مع البريطانيين وحزب المعارضة العميل للبريطانيين وما كانت بندقيته مأجورة لحسابهم في حين كانت بعض الفصائل مأجورة وتعمل لحساب البريطانيين. كان المأخذ عليه تسرعه في الأحكام وتنفيذه الأصم لما يأتيه من تعليمات من القيادة، ومما لا شك فيه أن لكل ثائر دائرة وعيه، وهذا هو الوعي الذي حكم سير وسلوك الثوار باستثناء القلائل منهم. |
| | | ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: رجالات وشهداء ثورة 1936 الجمعة 06 نوفمبر 2020, 11:56 am | |
| مدان (أبو العبد)ضريح الشهيد يوسف الحمدانضريح الشهيد يوسف الحمدان يوسف الحمدان العبد والملقب “ابو العبد علم” من آل طميش في حي المحاجنة بأم الفحم , من ابطال ثورة 1936 في فلسطين عامة ومنطقة ام الفحم خاصة , ولد حسب كل الدلائل في عام 1899 إذ انه عندما استشهد كان عمره اربعين سنة ، لا نعرف شيئا عن نشأته الأولى سوى أنه كان يتيم الأب ، في الثلاثينيات انضم الى عصبة الشيخ عز الدين القسام وخاض العديد من المعارك والاشتباكات مع القوات الانكليزية المستعمرة , وشهد له العدو قبل الصديق بالشجاعة والاقدام , حتى كان استشهاده في آخر معارك الثورة في منطقة ام الفحم ومرج ابن عامر في العام 1939.انضوى الشهيد يوسف الحمدان في الثورة الفلسطينية الكبرى في العام 1936 في بداياتها الاولى ,حيث كان ثوار ام الفحم وفصيل “البطيمات” بقيادة حديث الوراد من اهالي قرية البيار ,ملتحقون بفصيل الشيخ القسامي فرحان السعدي ومن بعده الشيخ عطية محمد عوض ليلتحقوا بعد استشهاده في معركة اليامون ,بقيادة القائد يوسف ابو درة قائد منطقة جنين ,وبقيت كذلك تعمل تحت امرته حتى تشكل في ام الفحم فصيل مستقل بقيادة بعض ابناءها المجاهدين وهم علي الفارس محاميد واخيه احمد الفارس محاميد ويوسف الحمدان محاجنه.وعن ظروف تشكيل هذا الفصيل الفحماوي المستقل ,يذكر الفحماويون ان مشاكل وخلافات برزت بين ثوار ام الفحم وبين يوسف ابو درة – ابو العبد – لدرجة انه مُنع من التواجد في ام الفحم , بعد ان كان القائد غير المنازع في جميع منطقة جنين, وكان يوسف الحمدان يعمل مساعدا له, وجاء في احدى الوثائق الموجهة الى قائد الثورة آنذاك عبدالرحيم حاج محمد – “ابو كمال” – ان ثوار ام الفحم وقرى رمانة ويعبد وعرابة اتفقوا على العمل ضد ابو درة قائد منطقة جنين .وهكذا تم تشكيل فصيل مستقل , وقف على قيادته الشهيد احمد الفارس وشقيقه علي الفارس محاميد ويوسف الحمدان محاجنه كما اسلفنا , وانضم اليهم احمد اسعد عزام جبارين واحمد ابو حلوة وعبد الوهاب مصطفى عثمان (مشيرفة) وتوفيق الصالح وخليل الصالح جبارين وغيرهم من الثوار الفحماويين .شارك ثوار ام الفحم وفي مقدمتهم يوسف الحمدان بمعارك الثورة منذ بداياتها , وخاضوا المعارك الكبرى قبل وبعد وصول القائد العربي – المثير للجدل- فوزي القاوقجي , وشارك “ابو العبد”(يوسف الحمدان) في اولى معارك الثورة تحت قيادة القاوقجي , “معركة بلعا الثانية” في 3-9-1936 وابلى فيها بلاء حسنا.(انظر تفاصيلها في مقالنا في موقعي “امد للإعلام” وفي موقع “برق نت”).“وزع القاوقجي القوات على ارض المعركة :المفرزة العراقية بقيادة “جاسم الحسين” ,المفرزة الدرزية بقيادة “حمد صعب” ويعاونه “محمود ابو يحيى”, والمفرزة الحموية – الحمصية بقيادة “منير الريس” , والمفرزة الشامية – الشرق اردنية بقيادة “محمد الاشمر” فالمفرزة الفلسطينية بقيادة “فخري عبد الهادي وعبد الرحيم حاج محمد والشيخ توفيق من علار , اضافة الى الشيخ فرحان السعدي والعريف يونس ومحمد الصالح (ابو خالد) والشيخ عطية احمد عوض ويوسف الحمدان ,وانيط بالمفرزة الفلسطينية حراسة جبل المنطار, : “فقد تقصدت ان لا اجعلهم في خط النار , يجابهون صدمة عنيفة ويجبرون على مجابهة الاسلحة الميكانيكية الفتاكة طيلة النهار, وذلك لعدم اعتيادهم على هذا النوع من الدفاع”- وفقا للقاوقجي .بدأت المعركة صباح 3-9-1936 , ولم يكن الانكليز يتوقعون مثل هذه المفاجأة , فكانت الاصابات منذ اللحظة الاولى”, ودخلت الطائرات المعركة , بلغ عددها تسع طائرات وفقا لمذكرات القاوقجي12 , و8 طائرات وفقا للبلاغ الذي اصدره القاوقجي عن المعركة وحمل رقم 3 , و15 طائرة وفقا لصحيفة فلسطين , وقد استطاع الثوار اسقاط 3 منها, وخاض الثوار معارك عظيمة, استبسل فيها القادة الشيخ محمد الاشمر والمجاهد الدرزي حمد صعب وقادة المفرزة العراقية, اضافة لاستبسال المفرزة فلسطينية بقيادة الشيخ فرحان السعدي حيث “جرت معركة عظيمة بين بعض النجدات وبين مفرزة شيخ المجاهدين “فرحان السعدي “استبسل فيها المجاهدون ايما استبسال”. انتهت المعركة “بفوز المجاهدين على المستعمرين ,وبفوز الايمان والارادة على الظلم وقوة الميكانيك, فوزا باهرا لا يقدر قيمته, ولا تأثيره ونتائجه , الا الاجيال المقبلة”, حسب اقوال القاوقجي.وقد انشد الفلاحون الفلسطينيون الاهازيج والاغاني بهذا النصر في بلعا قالوا فيه :بين بلعا والمنطار صار اشي عمره ما صارواضاف الفحماويون عليه قولهم :اسروا ابو العبد علَم هلي علم الثوارحبسوه في حاووز المي ومن حاووز المنطاراشارة الى وقوع يوسف الحمدان بالآسر وزجه بمعتقل عتليت كما سيأتي معنا ذكره لاحقا.ثم شارك ابو العبد في اول معركة فحماوية ضد الانجليز وهي المعركة التي يطلق عليها الفحماويون اسم “معركة عين الزيتونة” او “معركة خلة الحمارة” , لوقوعها في هذه المنطقة الفحماوية الواقعة على شارع وادي عارة الرئيسي, والتي اطلق عليها د. محمد عقل اسم “معركةالموابر وخلايل التفاح” واطلق عليها القيادي الفلسطيني نجيب الاحمد “معركة ام الفحم”.“مرت صباح يوم 12-9-1936 دورية – انجليزية – مؤلفة من ثلاث سيارات كبيرة مملؤة بالجند فهاجمها الثوار المتحصنون في الجبل الجنوبي واطلقوا النار عليها بكثافة, “ولكن السيارات قفلت راجعة بسرعة , دون ان تجاوب طلقة واحد, حسب اقوال القاوقجي . ومع انسحاب القوات الانكليزية ,حضرت طائرات حربية على ارتفاع قليل جدا وأخذت تطلق النار من رشاشاتها على مكامن الثوار , يذكر ان احد المحاربين الفحماويين يدعى – علي الطرشة , اصابته الطائرة ” بأكثر من عشرين رصاصة ” الا انه نجا من الموت المحتم . ويروي شهود عيان ان احدى هذه الطائرات اخذت تغير على ارتفاع منخفض , مطلقة رصاصها على الثوار الذين اتخذوا اشجار الزيتون غطاءً ومخبأً لهم , ويقال ان احد المقاتلين – سامي مصطفى الاحمد (من رمانة) – صاح بالثوار ان يفترشوا الارض واخذ يطلق النار باتجاه الطائرة, “وتمكنا من اسقاطها بعيدا عنا”. ويروي الكاتب خضر العلي ان الشيخ “محمدا لأشمر” (السوري) امتطى صهوة جواده وشهر سيفه من غمده وهجم لناحية العدو فكان اقدامه هذا يدعو للإكبار حقا وقمينا بالإعجاب”. ثم كانت مشاركة الشهيد ابو العبد فيما يُعرف بأدبيات الثورة الفلسطينية باسم: “معركة ام الفحم” (معركة المدرسة بلسان الفحماويين) في 30-1-1938م , والتي أذاق فيها الفحماويون ومن شاركهم بالفزعة من ابناء القرى المجاورة , القوات الانجليزية مرارة الانكسار والهزيمة , ما دفعها الى أتخاذ ام الفحم مقرا لقواتها لمحاصرة الثوار والثورة. ويذكر ابناء ام الفحم ذاك اليوم الذي حدثت فيه المعركة ويتحدثون عنه كما وكأنه حدث في الامس القريب, البعض يروي القصة ببعض المرح المجبول بالاسى والبعض الاخر يذكرها بتأوه وحسرة , الا ان جميعهم يروونها بفخر واعتزاز , كيف لا وهذه هي المعركة التي شاهدوا فيها المستعمر الانجليزي يفر مهزوما امام الثوار , “يبحث عن الملجأ عند النساء وفي الطوابين” .“كنا يومئذ في المدرسة ندرس , واذا بأحد المعلمين يدخل علينا الصف ويطلب منا ان نغادر لان الانجليز قرروا ان يتخذوا المدرسة مقرا لهم ومعسكرا لقواتهم في ام الفحم” , هكذا حدث من عاصروا الواقعة , فغادر الطلبة المدرسة وذهبوا ليستطلعوا الامر , وقد تجمعت الناس على التلة التي يتواجد عليها الان بيت السيد طلحة جبارين, وشاهدوا القوات الانجليزية وقد حملت معداتها ومدافعها وسلاحها على “حمير قبرصية” , اذ انه لم تكن هناك ,لا شوارع ولا سيارات في ذاك الوقت . ولما وصلوا قرب بيت حلمي شفيق الموسى ( اليوم) -في منطقة الكينا – اجبروا بعض الاهالي على حمل أمتعة الجنود ومعداتهم , وبدأ الجنود المسير باتجاه المدرسة. في هذه الاثناء كان الثوار بقيادة يوسف الحمدان وعلي الفارس والشيخ عطية احمد عوض والشيخ يوسف ابو درة قد انتشروا في البلدة, ووقف قسم منهم في منطقة الميدان – اليوم- وبدأوا بأطلاق النار على الجنود الانجليز الذين بلغ عددهم ما بين 300-400 جندي.“طبعا, الانجليز معهم سلاح افضل من سلاح الثوار” ,فبدأوا بملاحقتهم , فسار قسم منهم باتجاه الست خيزران حيث انسحب الثوار , وسار قسم آخر باتجاه المدرسة , مارا عن طريق البلدية .وما ان بلغت القوات الانجليزية بيت السيد طلحة ,حيث كان الثوار قد نصبوا كمينا للإنجليز بين اشجار الست خيزران , حتى صاح احد الثوار بالناس ان يبتعدوا ,واخذوا بإطلاق النار على الانجليز , ويروى ان بعضا لثوار كان يطلقون النار باتجاه الانجليز من خلف “مواشي السيد مروح السكران ” حتى قيل ان هذه الماشية انقذت الثوار.“واستمر الثوار بانسحابهم والانجليز من ورائهم حتى بلغوا المدرسة , وهناك كانت فرقة اخرى من الثوار قد نصبت كمينا لهم , وما ان وصلت القوات الانجليزية حتى فتحت عليهم النار من عدة اتجاهات فسقط الكثير منهم بين قتيل وجريح . وتشتت جمعهم واخذوا يولون الادبار باتجاه البيوت بحثا عن مخبأ لهم. واشتبك الثوار مع القوات الغازية في معركة “حامية الوطيس استمرت ثماني ساعات …واستولى الثوار والاهالي على اسلحة حربية وافرة … وحدث المعاصرون – ان الثوار الكامنين على جبل الست خيزران بدأوا بقنص الجنود الانجليز واحدا تلو الاخر , فغضب قائدهم وقرر الصعود بنفسه الى الجبل فقنصه الثوار وعلى رأسهم احمد اسعد عزام – ابو تيسير ,فأصيب هذا الضابط وأخذ “يشخر” حتى الموت. وقد شارك اهالي القرى المجاورة بالمعركة – الفزع-ومنهم ثائران من يعبد , عرفهما الاهالي باسمي : “ابوالللك” و”العرنيطي” – وفقا لاحدى رواتنا , مضيفة انا لقائد الانكليزي بعد انتهاء المعركة حضر لبيت المختار وقالله انه عرف اسماء بعض الثوار ويريد مساعدته للاستدلال عليهم , وقال له ان اسم احدهم “يعبد” , فقال له المختار ان هذا اسم بلدة جاء بعض ثوارها ليفزعوا لاهل ام الفحم وليس اسم شخص معين. وروى اخرون من اهلنا ان بعض الجنود دخلوا للاختباء في بعض الطوابين عند النساء , حتى يروى ان جنديا دخل الى احد هذه الطوابين وفيه احدى النساء واثناء دخوله مشيا الى الوراء , كوته بنار الطابون ,فولى هاربا. وبحلول المساء انتهت هذه المعركة مخلفة ورائها ما بين20-30 قتيلا انجليزيا حسب رواية الاهالي ,ولم يصب احدمن الثوار ,حسب روايتهم , رغم انه سرت اشاعة بأن يوسف ابو درة اصيب فيها, ولكنها كانت مجرد اشاعة. وانسحب الانجليز مرغمين “وهم يجرون اذيال الخيبة والانكسار , اما الثوار فقد انسحبوا دون ان تقع بين صفوفهم اية اصابة وبعد ان سجلوا نصرا رائعا , وقد كانت جولات رائعة للقائد يوسف الحمدان لا بد من ذكرها انصافا للحق”.اقوال المجاهد صبحي ياسين: فيما كتب القيادي الفلسطيني اكرم زعيتر في يومياته ان القتال استمر قرابة 8 ساعات استخدمت فيه مدافع جبلية وطائرات قاذفة, واستشهد خمسة مجاهدين وجرح ثمانية . ويضيف زعيتر ان :”اصابات الجيش (الانكليزي)جسيمة دلت عليها سيارات الاسعاف التي ظلت تغدوا وتروح حاملة القتلى والجرحى . وفي البلاغ الرسمي(الانكليزي) اعلن المندوب السامي اسفه لمقتل جنديين بريطانيين وجرح اثنين فيهما ضابط”. ….ومن المعارك الاخرى التي شارك فيها الفحماويون بما فيهم الشهيد ابو العبد , سواء بالعمليات العسكرية او بتوفير الملجأ والمأوى للثوار اثناء انسحابهم , نذكر “معركة اليامون” 3-3-1938م , حيث كانت القوات البريطانية وبعد هزيمتها النكراء في معركة ام الفحم ,قد قررت الانتقام من الثوار فتجمع ما يزيد عن 3000 جندي انكليزي مدججين بالسلاح والدبابات والمدرعات تساندهم الطائرات بفرض طوق محكم من جبل اسكندر لغاية قرية اليامون , بهدف تصفية الثوار الذين اتخذوا من هذه المنطقة منطلقا لهم. بدأت المعركة عند العاشرة من صباح يوم 3-3-1938 :”بعد نجاح القوة البريطانية في فرض طوق حول مواقع الثوار استمر حتى حلول الظلام , عندما استطاع الثوار فتح ثغرة ومن ثم الانسحاب, وقد اشترك فيها حوالي 3000جندي بريطاني بالاضافة الى مفرزة من قوات الحدود الاردنية وتسع طائرات استدعت بعد 15 دقيقة من بداية الاشتباك مقابل 300 ثائر فلسطيني, وقد اعترفت القوات البريطانية بجرح ضابط ومقتل جندي وجرح آخرين واصابة 5 طائرات اصابات طفيفة كما ادعت قتل 60 ثائر او اسر 16 آخرين .اما الثوار فقد اعلنوا من جانبهم عن استشهاد تسعة كان احدهم الشيخ عطية احمد عوض قائد الثوار , بالاضافة الى اكثر من ثلاثين مناضلا من النجدات العربية وسقوط عدد كبير من الجرحى, كما اعلنوا عن مقتل وجرح اكثر من 70 بريطانيا”.ويضيف المؤرخ العسكري الفلسطيني رجب الرضيع ان بريطانيا حاولت من خلال هذه المعركة – معركة اليامون – مفاجأه الثوار والقضاء على قيادة الثورة في المنطقة باستدراج اكبر عدد من المقاتلين والقوات المحلية , واستطاع الثوار الصمود على جبهة طولها كيلومترين ، من جبل اسكندر في ام الفحم وحتى اليامون . ونقلت صحيفة “دافار” (6-3-1938) تفاصيل المعركة معقبة عليها بالقول : “يبدو ان معركة يوم الجمعة – بعد الظهر- هي الاكبر منذ اندلاع الثورة” , واضافت الصحيفة ان من بين الاسرى مناضل عربي من السودان تم اسره وبحوزته بندقية المانية و50 رصاصة. ويذكر احد المعاصرين لتلك الفترة من ابناء ام الفحم انه تم نقل رفات الشهداء الى جنين . ويضيف ان قائد الفصيل الفحماوي يوسف الحمدان اوكله باعداد العدة للانتقام من الانجليز اثر معركة اليامون :“اوكل الي قائد الفصيل يوسف الحمدان مهمة الاستطلاع ومن داخل المعسكر- البريطاني الذي اقيم على ظهرة الشيخ (جبل اسكندر) , ارتديت ملابس العمل البسيطة وفوطة العمل على صدري وحملت عدة العمل والسندان ووليت وجهي صوب المعسكر ووصلت باب المعسكر”. الا ان امر هذا الفحماوي سرعان ما انكشف , “وعلى الفور جلبوا عشرات الزعماء العائليين والشخصيات الى المعسكر واعلنوا ان أي هجوم للثوار سيعقبه قتل المحتجزين ثم هدم القرية وحرق الاخضر واليابس ” ..ولما كان الثوار على علم بالحقد الذي يملأ قلب القيادة البريطانية وتصيدهم الفرص للانتقام من اهل ام الفحم ثأرا لمعركة ام الفحم قبل عدة اشهر, فقد تقرر العدول عن القيام بهذه العملية الانتقامية لمعركة اليامون . وكان لاعتقال يوسف الحمدان بعد مدة قصيرة من معركة اليامون عاملا آخرا في تأجيل الانتقام من القوات الانجليزية كما كان مقررا , فقد نجحت القوات الانجليزية من اعتقاله قرب “الخضيرة” وتم ايداعه في سجن عتليت , الا انه وخلال عمله خارج السجن استطاع الهرب ليلتحق مجددا بالثوار , ونقل “شلومو بن الكنا” في كتابه – “قصة تحقيق” ان اشاعات سرت حينها ان هروب يوسف الحمدان تم “بالاتفاق” مع مدير السجن الضابط “كلمان كوهين” لقاء تسليمه يوسف ابو درة , الا ان الحمدان تحايل عليه ونجح بالافلات والانضمام للثورة ,ليشارك بمعاركها حتى استشهاده في اواخر الثورة – 1939. لم تطل مدة حبس يوسف الحمدان في “حاووز” عتليت, فقد استطاع الافلات والهرب لينضم مجددا للثورة وليقود عملية الهجوم على مستوطنة “جفعات عادا” في10-7-1938 والتي قال عنها المؤرخون الاسرائيليون انها : “من اجرأ العمليات التي نفذها رجال العصابات طوال فترة الاحداث”. تلت عملية جفعات عادا, معركة اخرى حدثت في منطقة ام الفحم وهي المعركة التي عرفت باسم “معركة رمانة” ( 16-8-1938) رغم انها حدثت فعلا في قرية الطيبة التابعة لام الفحم .وقد ذكر اكرم زعيتر هذه المعركة في كتابه “الحركة الوطنية الفلسطينية 35- 1939” قائلا : ” وتلخص معركة رمانة في ان القوات -الانجليزية-طوقت قرى ام الفحم وعانين ورمانة وعرعرة وسيلة الحارثية و اليامون , فاصطدم بها المجاهدون في الطيبة واستمرت المعركة اربع ساعات , واستشهد منهم سبعة ابطال وجرح ثلاثة , اما الجند فقد قيل ان عدد قتلاهم يربو على الاثني عشر قتيلا ” .و”كرد فعل لما حدث في الطيبة-ام الفحم- ورمانة ,قامت مجموعة من فصيل يوسف ابو درة بقيادة يوسف الحمدان وعدد كبير من الثوار (قرابة المائة) من ام الفحم وقراها وكفر قرع (عرفنا منهم المرحوم مصطفى عرباصي) ومن عين غزال (ومنهم سليم الصعبي) بنفس ليلة 16-17-8-1938 باقتحام سجن عتليت , حيث تمكنوا من تحرير قسم من المعتقلين العرب ومن اختطاف ضابط السجن “موشيه لازاروفيتش” – ابو موسى- وزوجته واخيها واولاده الثلاثة, وضابط شرطة عربي (انعام جابر) , بعد تلقيهم المساعدة من بعض رجال الشرطة العرب الذين كانوا يخدمون في المعسكر, وفتحوا لهم الابواب , فيما وجه احد الضباط العرب من عائلة غريب امرا لرجال الشرطة العرب عدم اطلاق النار على الثوار المهاجمين , ليمكنوهم من اقتحام المعسكر … وقد اطلق ابو درة سراح الاولاد بعد 7 ايام حيث قامت بعض نساء قرية الغبيا التحتا العربية باعادة الاطفال ومعهم رسالة من القائد ابو درة لمختار مشمار هعيمق ينبئه فيها “ان العرب لا يقتلون الاطفال” , وقد البسوهم اللباس العربي – دمايات- واوصلنهم حتى مدخل مشمار هعيمق سالمين ,اما الباقون فقتلوا في ظروف غامضة …واستطاع الضابط بن الكنا – الذي اطلق عليه الفلاحون اسم ابن كنعان – بعد مشوار بحث طويل خلال سنوات الحكم العسكري زار خلالها ام الفحم وقراها وقرى اخرى في منطقة المثلث والساحل – التوصل الى مكان دفنهم قرب قرية “عين حوض” …..شارك ابو العبد والثوار الفحماويون في معركة ام الدرج في 11-9-1938 بقيادة يوسف ابو درة حيث “دارت رحى معركة حامية اتسعت حتى شملت مساحة طولها 12كم واستمر القتال مدة ثماني ساعات التحم خلالها الثوار بالسلاح الابيض مع الاعداء”, ويضيف صبحي ياسين : “ومن الحوادث التي تُذكر لابطالنا بكل فخر واعجاب , ان القائد يوسف الحمدان ضرب القائد الانكليزي بالسيف في تلك المعركة ففصل رأسه عن جسمه” , وقد اشتهر يوسف الحمدان باستعمال السلاح الابيض بالمعارك”. اضافة الى هذه المعارك فقد شارك الفحماويون الملتحقون بالثورة بالعديد من المعارك مع قوات الاستعمار الانجليزي , ومنها معركة الجعارة , وذكر احد الثوار الفحماويين ( توفيق صالح اسماعيل جبارين) , ان فصيل يوسف الحمدان شارك في هذه المعركة حيث اشتبك اثناء عودته من حيفا عن طريق ام الزينات ” فنصب الانجليز كمينا للثوار وحدث اشتباك استمر قرابة ثلاث ساعات ,ومررنا ولم يصب احد بأذى “.وشارك فصيل يوسف الحمدان والاخوين فارس ومعهم ثوار ام الفحم في معركة اجزم , التي استشهد فيها 12 ثائرا وكانت الطائرات الانجليزية تلقى القنابل الكبيرة الحارقة على الثوار . وشارك الفحماويون ايضا في معركة “بيت راس” , ويروي الشيخ صالح توفيق صالح اسماعيل ان الثوار قتلوا اربعة جنود من الانكليز واستشهد اربعة من الثوار ,ويضيف ان الاعداء استعملوا الدبابات : ” وقمنا بمهاجمتها, الا ان احدى الدبابات “طلعت” على احد الثوار , فلم نحتمل المنظر , فهجمنا نرفع الدبابة وقائدها لم يحرك ساكنا , ولم يطلق النار علينا “.في هذه الاثناء كان القائد احمد الفارس وفصيل يوسف الحمدان يوالون نشاطاتهم العسكرية ضد القوات الانجليزية , وحدث الصدام مع قائد ثورة منطقة جنين –يوسف ابو درة حتى كادت ان تنشب معركة مسلحة بين فصيل علي الفارس ويوسف الحمدان وبين فصيل ابو درة بعد اتهام(الاخير) بقتل مختار رمانة “رشاد المصطفى الاحمد” , ومرة اخرى كادت قوات الثورة تشتبك ببعضها البعض عندما عاد احمد الفارس من حيفا وجمع الثوار ومعهم يوسف الحمدان والتقوا بيوسف ابو درة في اللجون في بيت سليمان مصطفى العبدلله , وكادوا يشتبكون لولا تدخل وجهاء اللجون , وبعد يومين عُثر على سليم الصعبي مقتولا ومدفونا في “رجوم” الروحة , فغادر ابو درة البلاد ووصل الاردن وهناك القت القوات الاردنية القبض عليه وسلمته للانكليز وجرت له محاكمة بتهمة قتل رشاد الاحمد وشهد عليه مواطن من ام الفحم كان قد تعرض ظلما للتعذيب على يد ابو درة , وحكمت المحكمة باعدام ابو درة في 30-9-1939. غير ان ثوار ام الفحم حافظوا على نقاء ثورتهم وسيرتهم واستمروا في حربهم ضد المستعمر الانجليز يعدوهم الاول والاساسي , ولعل الحقيقة ان آخر معركة من معارك شمال فلسطين عامة ومنطقة ام الفحم – جنين خاصة , كانت معركة استشهاد البطل يوسف الحمدان في 1939تثبت ذلك.استمر فصيل احمد الفارس ويوسف الحمدان وثوار ام الفحم في تصديهم للانجليز فيما غادر علي الفارس البلاد الى دمشق بطلب من القيادة, وكانت القوات الفرنسية قد اعتقلته قرب درعا , وطالب الاردن تسليمه اليها بتهمة محاولة قتل جنود اردنيين , فتوجه وفد من عشائر المحاميد في درعا يرافقهم فياض الفارس وشخصيات اردنية للامير عبدالله طالبين العفو عن علي الفارس , فكان لهم ذلك , وقام “غلوب باشا” بتسهيل اطلاقه بعد تسلمه مباشرة من الفرنسيين بدعوى: “انه ليس لحكومة فلسطين(الانكليزية)أي ملف جنائي او غير جنائي ضد علي الفارس” –اقوال ابو فاروق , وصحب الوسطاء علي الفارس في العام 1941الى ام الفحم واستقبلوا احسن استقبال .يذكر الفحماويون ان “يوسف بيك الخليل” وهو ابن مصطفى باشا الخليل, احد الاقطاعيين الذين امتلكوا اراضي في فلسطين, والذي سكن بل وامتلك قرية الغبيةالتحتا (قرب اللجون) وكان على علاقة حميمة مع حكومة الانتداب والقادة الصهيونيين , وعلى علاقة مع مدير بوليس حيفا ومع مساعديه الضابط “كوهين” والضابط “صوصة”, اللذان عرضا عليه بحكم صداقته مع الثوار ايضا ان يعرض عليهم التسليم مقابل العفو ,فدعا اليه القائد يوسف الحمدان, بعد معركة المنسي وعرض عليه العفو الكامل والمعاش الابدي من الانجليز مقابل توقف فصيله عن الثورة , الا ان يوسف الحمدان رفض هذا العرض وتوجه من فوره الى القائد احمد الفارس واخبره بما حصل, ويقال ان احمد الفارس غضب من يوسف الحمدان لمجرد اجتماعه مع يوسف بيك الخليل , ثم غادر ام الفحم باتجاه بيت يوسف بيك في قرية الغبية التحتا ونادى عليه وسأله عن العرض الذي تقدم به ليوسف الحمدان, ولما اعترف يوسف بيك بذلك اطلق عليه احمد الفارس النار وارداه قتيلا. يذكر ان مختار كيبوتس مشمار هعيمق – “الخواجة سليم” – نقل بسيارته يوسف بيك لمستشفى العفولة الا انه فارق الحياة قبل وصوله متأثرا بجراحه. نذكر هنا ان بعض المصادر نقلت معلومات عن محاولة الشهيد يوسف الحمدان تسليم نفسه للانجليز والتعاون معهم ضمن قوات “فصائل السلام” , وقد كتب الضابط اليهودي شلومو بن الكنا ان الحمدان توجه عبر عائلة “مقبل” من قرية السنديانة للتوسط لدى الانجليز ولدى فخري عبد الهادي لهذا الغرض , ويضيف ابن الكنا ان هذا الامر لم يتم, ليستمر ابو العبد بجهاده ضد المستعمر الغاصب. تجدر الاشارة هنا انه وبعد قتل يوسف بيك الخليل ,امتطى الفارس احمد الفارس صهوة جواده وتوجه باتجاه قرية كفر قرع حيث كان الثوار مجتمعون , ولم تمض بضع ساعات حتى كانت القوات الانجليزية تحاصر احمد الفارس وتنصب له كمينا على مفرق كفر قرع وتنجح قوات الغدر اخيرا ان تغتال احد ابرز القيادات الشجاعة والحكيمة لثورة فلسطين – احمد الفارس- في اواخر 1938 .آخر معارك ثورة المرج واستشهاد يوسف الحمدان1939م: لم تتوقف الثورة بعد استشهاد احمد الفارس , فقد حدثت بعد ذلك العديد من المناوشات والاشتباكات والعمليات العسكرية المختلفة ضد قوات ومنشآت الاحتلال البريطاني . وبالمقابل استمرت القوات البريطانية في ملاحقتها للثوار واغتيالهم, وقبل اسدال الستار على احداث ثورة مرج بن عامر- او قل ثورة ام الفحم ومنطقتها حدثت معركتين هامتين الاولى اطلق عليها الفحماويون اسم معركة “خلة الحمارة” , وهي الثانية في هذه المنطقة, وشارك في هذه المعركة الحامية – الفصيل الفحماوي وبمشاركة العديد من الثوار في قرى المنطقة, من السيلة ومن اليامون, اضافة الى العديد من ثوار المرج من قبائل التركمان. واما المعركة الثانية وكانت عمليا آخر معارك الثورة في منطقة ام الفحم وهي “معركة الطفوف” التي اُستشهد فيها يوسف الحمدان كما سيأتي تفصيله لاحقا. كان العديد من قيادات الثورة قد التجأ الى سوريا ولبنان بعد استشهاد احمد الفارس, وكان القائد يوسف الحمدان احدهم , الا انه سرعان ما قرر العودة لمواصلة الثورة ضد الانكليز , وفعلا عاد يوسف الحمدان والقائد ابو بكر من قرية شعب ومحمود الديراوي من دير ابي ضعيف ومعهم قرابة 200 مقاتل ودخلوا فلسطين من جبال البصة شمال فلسطين :“وصلنا قرية كوكب ابو الهيجا وحاصرنا الانجليز واختبأنا اكثر من يوم , تقسمنا الى مجموعات من 20-25مقاتلا واكرموا جانبنا , وكنت ضمن مجموعة اختبأت في احد الكهوف , وغطونا بالقش ورفث الحيوانات حتى يئس الانكليز واخلوا المنطقة ثم تفرق كل فصيل الى منطقته وقواعده .عاد يوسف الحمدان الى الوطن في وقت حرج جدا للثورة, حيث انتقل زمام المبادرة من يد الثوار الى يد الانجليز واصبح من الصعب على الثوار ان يفرضوا المعركة وفق شروطهم , وبدأت القوات البريطانية ” عملية نزع سلاح عامة , بالتعاون مع العناصر المعادية للثورة استطاعت خلالها الاستيلاء على 2076 بندقية785 مسدسا, 235 بندقية صيد, كما استطاعت احتلال وتفتيش 758 قرية حتى تموز 1939. وادى الضغط المتزايد الى انهاك الثوار واهتزاز تنظيماتهم وخاصة بعد فقدان القيادة العسكرية والسياسية الفعالية القادرة على تحدي تفوق الخصم الساحق , فالقيادة العسكرية لم تعد موجودة في الداخل من الناحية الفعلية, وخاصة بعد استشهاد القائد العام للثورة عبد الرحيم حاج محمد في اذار 1939 , وقيام عارف عبدالرازق بتسليم نفسه للسطات الفرنسية على الحدود اللبنانية , ووجود عبد القادر الحسيني خارج البلاد منذ خريف عام 1938″. وبمجرد وصول يوسف الحمدان وفصيله الى منطقة ام الفحم قامت القوات الانكليزية ,قدر صبحي ياسين عددها ب5000 جندي بقيادة الجنرال “مورتون” القائد العسكري لمنطقة جنين (اسماه الفحماويون “مارتين”) بفرض طوق شامل على البلدة , بعد ان بلغها نبأ وصوله ومكان تواجده من احد رجاله , وفق ما ادعت وثيقة للهاغانا مؤرخة في17-12-1939, ويحدث الاهالي ان “مورتون” هذا كان “ظالما, مجرما ومتسلطا على المنطقة , يفعل ما يشاء بغير حساب”, وقد جمع اهل البلد عند منطقة الكينا- من احياء البلدة -واعتلى شجرة زيتون وجلس على فرع من فروعها وبدأ يخاطب الناس بعنجهية ووقاحة متناهية ويهز رجليه بغرور واستعلاء . واخذ يهاجم المخاتير والزعماء والوجهاء مخاطبا الاهالي بلهجته العربية قائلا :“كان لرجل ما ولد مدلل كان يطعمه احسن الطعام ويلبسه احسن اللباس ولكن الولد عندما كبر اصبح يشتم اباه ونحن ايضا كان لنا ولد وكان مدللا واضاف : كان بامكاننا ان نقمع الثورة ولكننا امتنعنا عن ذلك , ولكن الان لن نسمح باستمرار هجمات الثوار” . وطالبهم بأقناع يوسف الحمدان تسليم نفسه للسلطات واعدا اياهم انه لن يمسه بسوء . ولكن يوسف الحمدان رفض تسليم نفسه , وانتشر الثوار في مناطق ام الفحم , ويحدث الثائر توفيق صالح اسماعيل جبارين – من قرية مشيرفة :ويضيف الاهالي محدثين عن صدق جهاد القائد يوسف الحمدان , انه لما اشتد الطوق من حول الثوار ,حاول بعضهم اخذه واخبأءه في بيته الا انه رفض قائلا : انا عاهدت الله الا اخون او اهون او اتراجع .“لقد ذهب بعض الرجال لفحص امكانية افلاتنا من الطوق , وبالقرب من “الست خيزران” طوقتنا النساء وارغمتنا على دخول احد البيوت, لقد شاهدت عشرات الجنود ينقضون نحونا , دخلنا خوابي القمح في بيت ابو مصطفى الدوبلي وهاجمت الفرقة البيوت تبحث عنا, كنتا نا والثائر الشيخ محمد (يوسف الكرم) وكان يحمل مصحفا صغيرا يقرأ فيه , والخابية مكان ضيق فأخذوا يدخلوا يديهم من الطاقات- النوافذ- الصغيرة وكنا في كل مرة نرفع ارجلنا الى اعلى حتى كادوا يمسكوا بنا في اكثر منمرة “.اقوال الثائر توفيق صالح. واستطاع الثوار بعد ذلك الانسحاب والوصول الى منطقة طفوف ابو عويمر – الشارع الرئيس امام موشاف ميعامي – والانجليز وراءهم على “الصواري” (الخيول)وحدثت المعركة ولكنها لم تدم طويلا .وينقل الاستاذ تيسير خالد مؤلف كتاب “عرين الثوار”, عن السيدة عفيفة حمدان , شقيقة الثائر يوسف الحمدان ان اخاها واصحابه قاتلوا ببسالة وقاوموا قوات الاستعمار وقُتل وهو يقاتل ويقاوم لانه رأى الشهادة تزغرد كما حكى وكما صاح مخاطبا المقاتل الثائر ابو شتيوي – هو محمد اشتيوي من قبيلة بني سعيدان من عرب التركمان ,رفيق درب احمد الفارس – (المؤلف) حيث قال له :” فتحتا بواب الجنة يا اشتيوي ” . واستشهد البطل. هذا البطل الذي كتب عنه اكرم زعيتر قائلا انه :” المجاهد الشجاع يوسف الحمدان,” ومعه لفيف من اخوانه الابطال , عرفنا منهم :–الفحماوي محمد الشيخ يوسف كرم محاميد .– عبد الوهاب مصطفى عثمان جبارين (مشيرفة) قتل في منطقة بدرانة ,عين جرار.– عبد الرؤوف ابو شرقية من قرية جت– مسعود ابو رزق – جت– محمد مصطفى قرمانو من سكنة ابو كبير – قرب يافا.– عبد مصطفى قاسم من ربية.– محمد الشامي- ثائر سوري عاش في ام الفحم واستشهد في اخر معاركها , ويذكر الاهالي انه القي القبض عليه حيا, بعد ان اصيب بجراح في المعركة , الا ان الانجليز قتلوه وهو مكبل في الطريق للاسر في جنين .اضافة الى اخوانهم من المناضلين ابناء القبائل التركمانية, الشهداء :– محمد اشتيوي , من قبيلة بني سعيدان التركمانية .– القائد الشيخ ابراهيم شلهوب الحجات وهو من عرب العلاقمة من المنسي.– القائد خالد ابو فواز كاتب الثورة , من عرب العلاقمة .– الثائر احمد صالح المصطفى الجلجميني من عرب العلاقمة .– القائد محمد ابو رميلة من عرب العلاقمة– عبد الحميد قاسم الجندي من بني سعيدان.“وقد تم قتل عدد من الجرحى اثناء نقلهم الى جنين, “فقد جروهم بجروح دامية وقتلوهم في القيادة الانجليزية في جنين”. ويقول بعض الاهالي ان طبيبا عربيا كان من بين الثوار ونجا من المعركة ولا يعرفون شيئا عنه سوى انه كان قصير القامة ولم ننجح في الاستدلال عليه من يكون ؟وبعد انتهاء المعركة انسحب الانجليز بعد ان احضروا جثث الثوار والقوا بها على بيادر الميدان . وحدثنا بعض الرواة ان جنود انجليز حملوا جثمان يوسف الحمدان من يديه ومن رجليه في حين كان ظهره يرتطم بالأرض , وقد تقاسمت الحمائل الفحماوية الجثث ودفنتها ووضعت النساء التشاكيل على الجنازات , فيما النساء اقمن “زفة” لشهيدين من رمانة في الجامع , حتى حضر اهلهما واخذوهما على الجمال . وحين انسحب الانجليز هاجمت النساء صفوفهم ببسالة بالحجارة والعصي , ثم اخذن يعفرن (ينثرن) السكن (الرماد) على رؤوس الانجليز , ولم يجرؤ احد من الرجال على منع النساء من ثورتهن العارمة واستماتتهن في ايذاء الانجليز . ” اقوال عفيفة الحمدان .واخذ الجنود الانجليز بالاعتداء على النساء بالكرابيج (السوط) اثناء عملية الانسحاب . يُذكر ان الانتداب الانجليزي اعلن عن مكافأة قيمتها500 جنيه استرليني لكل من يساعد في القبض على القائد يوسف الحمدان , بينما كانت المكافأة المعلنة على القائد يوسف ابو درة 250 جنيه استرليني .وجاء في كتاب “العصابات العربية” لمؤلفه عزرا دانين ان المدعو “احمد ابو زيتون” من قادة الثوار في لواء طولكرم قرر ان يسلم نفسه للانتداب ويتعاون معهم ,واختار التعامل مع اليهود في حيفا ووهب نفسه في محاولة تسليم “صديقه وزميله” القائد يوسف الحمدان للقوات الانجليزية ,وقد كافأه الانجليز على ذلك بمبلغ من المال وان لم يكن كل قيمة المكافأة المعلنة 500 جنيه استرليني, لانها توزعت على الكثير من المتعاونين الذين تطوعوا على اخبار الانجليز موقع وتحركات يوسف الحمدان. ويضيف عزرا دانين في كتاب اخر له ان المخابرات الصهيونية – قبل قيام الدولة – ساعدت القوات الانكليزية على تصفية قيادات الثورة , ويؤكد ان ضابطا في شرطة “الخضيرة”- يدعى “بنحاس ميتال” هو الذي قاد القوات الانكليزية لمكان تواجد يوسف الحمدان بعد ان ساعدوه في ذلك بعض المتعاونين العرب . نُقل رفات الشهيد يوسف الحمدان الى قرية اللجون مع رفات الشهيد محمد الشامي ,فيما دُفن محمد اشتيوي في ام الفحم بجانب ضريح احمد الفارس تلبية لوصيته . وتروي عفيفة الحمدان وغيرها العديد من الاهالي ان عشرات الالاف من ابناء فلسطين هبوا للمسير في جنازة الشهيد البطل وتقول :” كان الرجال يردحون بالحطات والعُقل , هذه اول مرة ارى فيه الرجال تبكي وتنوح وتردح , اول مرة ارى الرجال يغنون ويزغردون مع المآقي الملتهبة المتفجرة, وكانت (زينب الشيخ عبدالله) تحدو بالاشعار الثائرة والرجال والنساء يرددون, مئات الحلقات تنط (تقفز) وتلوح وتبكي , وكل مجموعة تأتي الى اللجون تبكي وتنعي آخر الثوار …مرج ابن عامر يضيق ببني البشر …” . هذا وفي حين يذكر بعض الاهالي ان هذه المعركة واستشهاد يوسف الحمدان حدثت في فصل الشتاء, الا ان الاستاذ اكرم زعيتر يقول في يومياته انه تلقى يوم 25-5-39 ” تفاصيل عن محاصرة جديدة لقرية ام الفحم من قبل القوات البريطانية واشتباك مع الثوار حين محاولتهم الانسحاب استشهد فيه المجاهد الشجاع يوسف الحمدان(من ام الفحم ومساعد القائد ابي درة) ولفيف من اخوانه الابطال : محمد يوسف كرم وغيره ” , ويختم زعيتر اقواله بالقول :” ان الفلسطينيين قد يملون كل شيء الا الاستشهاد في سبيل الله“.واذا ما صحت يوميات زعيتر فأن استشهاد يوسف الحمدان كان في النصف الثاني لشهر ايار 1939 والارجح انه في 24- 5- 1939 , كما كتب ذلك ايضا صبحي ياسين في كتابه “الثورة العربية الكبرى”, كما وان بعض المصادر العبرية تؤكد هذا التاريخ . فيما قال مصدر عبري اخر ان المعركة التي استشهد فيها الحمدان وصحبه حدثت في 17-12-1939 , وتؤكد صحيفة “دافار” هذا التاريخ , وليس في شهر-5-1939 كما ذكر سابقا .فقد جاء في أحد تقارير الهاغانا والمؤرخ في 18-12-1939 الى أن القائد يوسف الحمدان قد استشهد في 17-12-1939مع أحد عشر مجاهدا كانوا معه في أم الفحم ، وجاء في التقرير :” أمس كان يوم الثأر الأكبر ويوم الحساب العسير الذي أنهى درب الآلام وسفك الدماء ، حيث تم القضاء على يوسف الحمدان ومعظم معاونيه منذ فترة طويلة ، تنقل يوسف الحمدان من مكان الى آخر دون أن يجد الراحة لنفسه ورجاله ، توجه الى فخري عبد الهادي كي يتوسط بينه وبين حكومة الانتداب لتعيينه رئيسا لفصيل سلام ولكن هذا الأمر لم يتم ، كما أن دور آل مقبل الذين اعتمد عليهم يوسف الحمدان انتهى تقريبا في الآونة الأخيرة فلم يعد لهم أي تأثير ، جاء يوم السبت جالبا معه الخير كله إذ خرجت اعداد كبيرة من الجنود في سيارات عسكرية الى أم الفحم وعلى رأسها جاسوس ، حدث تبادل لاطلاق النار في القرية استشهد على إثره ستة من الثوار على الفور ، أما الستة الباقون فعلى ما يبدو جرحوا وأسرعوا الى ملاقاة إخوانهم في الجنة ( يبدو أنهم أعدموا ) ، هرب اثنان وقد تم الاستيلاء على ثلاث عشرة بندقية ومسدسين وقنبلتين”.“بسقوط يوسف الحمدان, خسرنا الشاب الذي كان اول من استعمل السلاح الابيض ضد العدو“… اقوال الكاتب الفلسطيني صبحي ياسين .هذا ولم تمض فترة طويلة على استشهاد يوسف الحمدان وصحبه الثوار حتى قام مناضل ,نصف معوق من قباطية بالانتقام من “مارتين” القائد الانجليزي الذي لاحق فصيل يوسف الحمدان , فقد ادعى ان يده مكسورة ووضع السلاح في داخل الجبس , ودخل الى مكتب مارتين(مورتون) في مقره بجنين واخبره ان معه رسالة , فما ان بدأب قراءتها حتى قام هذا المناضل باخراج سلاحه واطلاق النار عليه , فاصابه بجراح بالغة ,وهرب من المكان ولاحقته القوات الانجليزية واغتالته ليسقط شهيدا اخر من شهداء الثورة.وعن شخصية يوسف الحمدان وفصيله ورد في تقرير استخباري صهيوني مفصل عنه (بعد استشهاده) بــ 19-8-1940 ما يلي:” في الاربعين من عمره، كان يتحرك في اغلب الاحيان بين القرى في الليل ، يروي القرويون عنه انه كان مؤدبا جدا، وذا اخلاق حميدة ، ويعامل الفقراء معاملة جيدة ويعطف عليهم ، إنصبَّ جل اهتمامه في مقاومة سلطات الانتداب البريطاني واليهود ،ولا توجد معلومات عن قيامه بتعذيب المعتقلين”.أما عن مصادر تمويله ، فقد ورد في التقرير آنف الذكر ما يلي:” يُروى انه لم يحصل من الخزينة المركزية( لقيادة الثورة في دمشق) على اي مبلغ من المال ، كان تابعا لمدة طويلة الى القائد يوسف ابو درة وباسمه أنشأ فصائل منظمة في قضائي جنين وطولكرم، لما هرب القائد يوسف ابو درة اعتمد يوسف الحمدان على الضرائب التي فرضه اعلى القرى … لأجل ذلك عين في كل قرية ممثلا عنه وظيفته تركيز الضريبة وجمعها من قمح وشعير وغيرها وبذلك أنشأ طريقة عصرية في جباية الضرائب، اذ ان قادة(العصابات) الاخرى اعتادوا اختلاس الاموال ورافقت ذلك بلبلة ، لم تواجه يوسف الحمدان أية مشاكل او صعوبات في جمع هذه الضرائب لأن ممثله في القرية كان يخبره على الفور باسم الممتنع الذي كان يعاقب امام الجمهور ، لم يجرؤ احد على الامتناع لان الجمهور كان يشارك في عقابه. عبر الاهالي عن تأييدهم ومحبتهم “لعصابة” الحمدان بواسطة الشعارات والصور ، لم يكن هناك من يجرؤ على اخبار الشرطة بأماكن تواجد افراد هذه العصابة لأن العقاب هو الاعدام بقرار حكم فوري . عادة كان يجمع المال نقدا بعد ان يقوم قائد الفصيل بزيارة القرية بنفسه. ولم تزد الضريبة على مئة جنيه فلسطيني وفي معظم الاحيان حتى خمسين جنيها فلسطينيا.أما عن قيادة فصيل يوسف الحمدان فقد ورد في نفس التقرير ما يلي: ” ساد بين رجاله نظام عسكري بحت، كانت الطريقة تركية-المانية وفي الآونة الاخيرة انكليزية جراء هروب قسم ممن خدموا في الشرطة . “كان الانضباط شديدا بحيث كان اي اخلال بالاوامر يجر في اعقابه قرارا بالاعدام ..كان الهدف من ذلك منع الخوارج من اختراق العصابة ، كان الفصيل متماسكا ومتحدا الى حد المثالية ولكن اعتماد يوسف الحمدان كان في الحقيقة على عشرة من رجاله لا اكثر، ورغم ان حكم الاعدام كان مخيفا الا ان احد رجاله هو الذي خانه واخبر الشرطة عن مكان تواجده ، كانت الاوامر الصادرة عن قائد الفصيل غير قابلة للجدل ويجب ان تنفذ مهما كانت الظروف، كما كان باستطاعة هذا القائد ان يأمر حتى اولئك الذين لا ينتمون الى فصيله بتزويده بمعلومات ،وقد نجح بعض هؤلاء في اختراق الشرطة المركزية ، كان العرب يخبرون القائد بكل حركة مهما كانت ووفقا لذلك كان يُغيّر مواقعه ،ولذا من السهل ان نفهم فشل الشرطة في القاء القبض عليه”.كان معظم سلاح فصيل يوسف الحمدان عبارة عن البارودة الالمانية والبارودة التركية وفي حالات نادرة لبارودة الانكليزية ، كانت حالة هذا السلاح سيئة للغاية اذ لم يكن هناك زيت خاص لمسح البارود او تنظيفه من الداخل، كان معظم هذا السلاح من مخلفات الحرب العالمية الاولى وخُزّن في مغاور مما ادى الى صدئه… في معظم الاحيان كانت البارودة تسمع صوتا او صدى وينفجر الرصاص بداخلها واحيانا كانت الباغة تخرج مفلوقة واحيانا لم يعمل الدفاش، نوع آخر من السلاح كان اللغم الذي هدد المستوطنات اليهودية وطرق المواصلات.ترك الشهيد يوسف حمدان محاجنه في اللجون زوجة (خديجة صالح محاجنه) بدون ابناء ولكنه كان متزوجا من امرأة اخرى من الغبيات( شناره ابو رميلة) التي مرت تحت اللحد يوم جنازته لتعلن انها حامل منه كما كانت العادة وكانت عده محاولات للعثور على الابن , ولكن عندما علمت زوجته بهذه المحاولات تركت منطقه طولكرم الى الاردن, وادعى فيما بعد شخص من اربد يدعى “ابو شاهر” من عشيرة ابو رميلة انه ابن القائد يوسف حمدان ,وحضر لزيارة الاهل في ام الفحم , ولم يتم التأكد من صحة نسبه كما اعلن احد الفلسطينيين المغتربين انه حفيد يوسف الحمدان ويدعى محمد حمدان يوسف الحمدان , مقيم بالولايات المتحدة الامريكية. |
| | | ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| | | | ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| | | | ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: رجالات وشهداء ثورة 1936 الجمعة 06 نوفمبر 2020, 11:59 am | |
| شهداء ثورة البراق الشهداء فؤاد حسن حجازي عطا أحمد الزير محمد خليل جمجوم فؤاد حسن حجازي: ولد فؤاد حسن حجازي في مدينة صفد- شمال فلسطين عام 1904. تلقى دراسته الابتدائية في مدينة صفد ثم الثانوية في الكلية الاسكتلندية واتم دراسته الجامعية في الجامعة الأمريكية في بيروت. شارك فؤاد حسن حجازي مشاركة فعالة في مدينته في ثورة البراق التي عمت أنحاء فلسطين عقب أحداث البراق سنة 1929 وقتل وجرح فيها مئات الأشخاص وقد اقرت حكومة الانتداب حكم الإعدام على كل من: فؤاد حسن حجازي ، محمد خليل جمجوم ، عطا احمد الزير كان فؤاد حسن حجازي الأول من بين المحكومين الثلاثة الذين اعدمتهم سلطات الانتداب البريطاني في يوم 17-6-1930، بسجن القلعة بمدينة عكا، وأصغرهم سنًا. وقد سمح له أن يكتب لأهله رسالة في اليوم السابق لموعد الإعدام فكتب وصيته وبعث بها إلى صحيفة اليرموك فنشرتها يوم 18-06-1930 بخط يده وتوقيعه وقد قال في ختامها: “إن يوم شنقي يجب أن يكون يوم سرور وابتهاج وكذلك يجب اقامة الفرح والسرور في يوم 17 حزيران من كل سنة، ان هذا اليوم يجب أن يكون يوما تاريخيًا تلقى فيها الخطب وتنشد الأناشيد على ذكرى دمائنا المهراقة في سبيل فلسطين والقضية العربية.” محمد خليل جمجوم: ولد محمد خليل جمجوم بمدينة الخليل عام 1902 م وتلقى دراسته الابتدائية فيها. أكمل دراسته الجامعية في الجامعة الأمريكية في بيروت وشارك في الأحداث الدامية التي تلت ثورة البراق ضد مواطنين يهود في زمن الانتداب البريطاني على فلسطين. عرف محمد خليل جمجوم بمعارضته للصهيونية وللانتداب البريطاني. جعلت مشاركته في المقاومة ضد الصهيونية أن تقدم القوات البريطانية على اعتقاله في 1929 م مع 25 من العرب الفلسطينيين وقد حوكموا جميعاً بالإعدام، ألا ان الأحكام تم تخفيفها إلى مؤبد، الا عن هؤلاء الثلاثة. وفي يوم الثلاثاء 17 يونيو 1930 تقرر إعدام الثلاثة، وكان تطبيق حكم الإعدام شنقاً في محمد خليل جموم الساعة التاسعة صباحاً في سجن القلعة بعكا. عطا أحمد الزير: ولد عطا احمد الزير في مدينة الخليل- فلسطين عام 1895م عمل عطا في عدة مهن يدوية واشتغل في الزراعة وعرف عنه منذ الصغر جرأته وقوته الجسمانية. كانت له مشاركة فعالة في مدينته في ما يسمى ثورة البراق سنة 1929 وشارك في مذبحة 67 يهوديا ، فأقرت حكومة الانتداب حكم الإعدام عليه مع كل من: فؤاد حسن حجازي ومحمد خليل جمجوم. وتم إعدامه في يوم 17-6-1930 في سجن القلعة بمدينة عكا على الرغم من الاستنكارات و الاحتجاجات العربية. كان الزير أكبر المحكومين الثلاثة سنا. و قد سمح له أن يكتب لأهله رسالة في اليوم السابق لموعد الإعدام وقد جاء في رسالته: كتب عطا الزير هذه الرسالة لوالدته (الرسالة باللهجة الفلاحية) : “زغردي يما لو خبر موتي أجاك زغردي لا تحزني يوم انشنق شو ما العدو يعمل روحي أنا يما عن هالوطن ما بتفترق بكره بعود البطل ويضل في حداكِ حامل معو روحه ليقاتل عداكِ لا تزعلي لو تندهي وينو عطا كل الشباب تردْ فتيان مثل الورد كلهم حماس وجدْ لما بنادي الوطن بيجو ومالهم عدْ وفري دموع الحزن يما لا تلبسي الأسود يوم العدا بأرض الوطن يوم أسود هدي شباب الوطن بتثور كلهم عطا كلهم فؤاد ومحمد والشمس لما تهل لازم يزول الليل يا معود فوق القبر يما ازرعي الزيتون حتى العنب يما والتين والليمون طعمي شباب الحي لا تحرمي الجوعان هدي وصية شاب جرب الحرمان اسمي عطا وأهل العطا كثار والجود لأرض الوطن واجب على الثوار جبال الوطن بتئن ولرجالها بتحن حتى كروم العنب مشتاقة للثوار سلمي على الجيران سلمي على الحارةْ حمدان وعبد الحي وبنت العبد سارةْ راجع أنا يما وحامل بشارَةْ عمر الوطن يما ما بينسى ثوارَهْ لما بطول الليل وبتزيد أسرارُه وجرح الوطن بمتد وبتفيض أنهارُه راجع بطلة فجر حامل معي انوارُه حتى نضوي الوطن ويعودوا أحرارُه”. وقد قدم الشاعر الشعبي نوح إبراهيم مع الفرقة الشعبية فرقة العاشقين مرثية للمحكومين الثلاثة ما زالت مشهورة لدى الفلسطينيين. من سجن عكا وطلعت جنازه محمد جمجوم وفؤاد حجازي وجازي عليهم يا شعبي جازي المندوب السامي وربعو عموما محمد جمجوم ومع عطا الزير فؤاد حجازي عز الذخيره انظر المقدر والتقادير بأحكام الظالم تا يعدمونا ويقول محمد انا اولكم خوفي يا عطا اشرب حسرتكم ويقول حجازي انا اولكم ما نهاب الردا ولا المنونا امي الحنونه بالصوت تنادي ضاقت عليها كل البلاد نادو فؤادي مهجه فؤادي قبل نتفرق تا يودعونا تنده ع عطا من ورا الباب وامي بستنظر منو الجواب عطا يا عطا زين الشباب يهجم علي العسكر ولا يهابونا خيي يا يوسف وصاتك امي اوعي يا اختي بعدي تنهمي لاجل هالوطن ضحيت بدمي وكلو لعيونك يا فلسطينا ثلاثه ماتو موت الاسودي وجودي يا امي بالعطا جودي علشان هالوطن بالروح نجودي ولاجل حريتو بيعلقونا نادي المنادي يا ناس إضراب يوم الثلاثا شنق الشباب اهل الشجاعه عطا وفؤادي ما يهابو الردا ولا المنونا Standard ثوار 1936 عبد الرحيم الحاج محمد (أبو كمال) 07/02/2016 ZYAD ZAKARIA LEAVE A COMMENT المناضل عبد الرحيم الحاج محمد (أبو كمال) (1892 – 1939) الولادة والنشأة: ولد الشهيد عبد الرحيم الحاج محمد في قرية ذنابة قضاء طولكرم ، عام 1892 لأسرة فلاحية من آل سيف الذين ينسبون أنفسهم أو ينسبهم بعض النسابين إلى (سيف بن ذي يزن)، ويقال أن أجداد آل سيف قدموا من اليمن ضمن نجدة لبت نداء القائد صلاح الدين الأيوبي، واختار المجاهدون اليمانيون –بعد معركتي حطين والقدس- سكنى (ذنابة) و(برقة) و(البروة). في هذا البيت الكريم ولد (عبد الرحيم الحاج محمد)، وتلقى تعليمه الأولي في أحد كتاتيب القرية. و حين أصبح شابا طلبته السلطات العثمانية للجيش، وتم فرزه إلى الوحدات العثمانية المرابطة في طرابلس بلبنان، نقل بعدها إلى بيروت حيث تم إلحاقه بمدرسة عسكرية تخرج منها وفي جعبته الكثير من العلوم العسكرية. التي وظفها في المعارك التي خاضها العثمانيون في مواجهة القوات البريطانية. و لما انتهت الحرب العالمية الأولى عام 1918 سرح عبد الرحيم من الجيش وعاد إلى مسقط رأسه، ليجد أن كل فلسطين باتت خاضعة للاحتلال البريطاني. فعمل في الزراعة والتجارة في مدينة طولكرم. وقد عرف بالنزاهة والاستقامة والخلق الرفيع والتهذيب والأمانة، لذا أحبه الناس، ولجأوا إليه في حل مشكلاتهم. في ذلك الوقت كانت فلسطين تمر بمرحلة قاسية بسبب الاستعمار البريطاني والخطر الصهيوني، فأخذ عبد الرحيم الحاج محمد يدعو إلى الجهاد ضد أعداء الأمة العربية من مستعمرين بريطانيين ومستوطنين صهيونيين، موضحاً خططهم ومشروعاتهم وأهدافهم، متبعاً في ذلك خطى الشهيد عز الدين القسام. وقام سراً بجمع التبرعات وتنظيم المجاهدين وتدريبهم مستفيداً من خبرته العسكرية السابقة. وبعد إعلان الإضراب العام الكبير في شهر نيسان 1936 قاد مجموعة من الثوار قامت بعدة هجمات على البريطانيين والمستوطنين الصهيونيين، فلاحقته سلطات الانتداب، فاضطر إلى ترك بيته وأهله، والانتقال إلى العمل الثوري السري، وأخذ يصعد عمليات الثورة، ثم ظهر علناً في معركة نور شمس، وهي أول معركة منظمة وأكبرها خاضها الثوار الفلسطينيون مع قوات الاحتلال لبريطاني والمستوطنين الصهيونيين في 22/6/1936. وتوالت الهجمات وأعمال المقاومة التي قادها عبد الرحيم الحاج محمد وحقق فيها نجاحاً كبيراً على قوات الاحتلال وخرب طرق مواصلاتها ودمر منشآتها العسكرية، وبذلك ازدادت شهرته، واتسعت دائرة نشاطه. وفي 25/8/1936 وصل فوزي القاوقجي إلى فلسطين لقيادة الثورة، وعلى رأسهم عبد الرحيم الحاج محمد. و بحث معهم أوضاع الثورة وكيفية تنظيم شؤونها، وأسندت إلى عبد الرحيم قيادة المنطقة الثانية، أهم مناطق الثورة، وتقع في المثلث وسط فلسطين. تابع عبد الرحيم الحاج محمد جهاده في ظل القيادة العامة الجديدة التي ترأسها فوزي القاوقجي، وانتصر، في هذه الفترة أيضاً، في جميع المعارك التي خاضها، ومن أهمها: معركة نابلس (24/9/1936) ومعركة بلعا (25/9/1936) ومعارك جبع ودير شرف. فشددت سلطات الانتداب على ملاحقته، ورصدت جائزة مالية كبرى لمن يأتي به، وقامت بنسف بيته. ولما غادر القاوقجي فلسطين في أواخر تشرين الأول 1936، بعد نداء الملوك والرؤساء العرب في الثاني عشر من ذلك الشهر، أوكلت إلى عبد الرحيم الحاج محمد القيادة العامة للثورة خلفاً له. ثم توقفت أعمال الثورة، ولجأ عبد الرحيم إلى دمشق في تشرين الثاني، مستأنفاً نشاطه الوطني مع من قدم إليها من قادة الثورة واتخذ قرية قرنايل اللبنانية مكاناً لتجميع السلاح وإرساله إلى فلسطين. وكان لهذا النشاط أثره في استمرار أعمال المقاومة، إلى أن اندلعت الثورة من جديد في شهر تشرين الأول 1937. فعاد عبد الرحيم الحاج محمد من دمشق إلى فلسطين على رأس عدد من المجاهدين، واتخذ من قرية النزلة الشرقية، قضاء طولكرم مقراً موقتاً لقيادة الثورة. وفي أوائل سنة 1938 اكتملت تنظيمات الثورة من جديد، ونظمت الفصائل وقيادات المناطق والقيادة العامة، وتولى عبد الرحيم الحاج محمد، إضافة إلى القيادة العامة، قيادة منطقة المثلث، يساعده عدد من القادة الثوار، منهم يوسف سعيد أبو درة ومحمد الصالح (أبو خالد) وعارف عبد الرازق، كما اتخذ له عدداً من المستشارين المثقفين الشبان، منهم الشاعر عبد الرحيم محمود وممدوح السخن، سكرتيره الخاص، وأحمد جميل. خلال هذه الفترة خاض الثوار، بقيادة عبد الرحيم الحاج محمد، معارك ضارية، وألحقوا بالقوات البريطانية خسائر كبيرة. ومنها معركة بيت أمرين التي جرح فيها القائد عبد الرحيم، ومعركة دير غسانة (20/9/1938) التي وقعت عندما كان قادة الثورة يعقدون مؤتمراً لتدارس أوضاع الثورة، وقد استشهد فيها القائد محمد الصالح (أبو خالد). وفي مطلع سنة 1939 سافر عبد الرحيم الحاج محمد إلى دمشق ولقي المفتي محمد أمين الحسيني وبحث معه أوضاع الثورة وما تحتاج إليه من سلاح ومساعدات. وفي 26/3/1939 عاد إلى فلسطين، مع نفر من أصحابه، وتوقفوا في قرية صانور، قضاء جنين، ليمضوا ليلتهم. وقد علمت سلطات الانتداب بوجودهم هناك ولا شك من جواسيس لهم، فوجهت قوة عسكرية كبيرة هاجمتهم في صباح 27/3/1939. و خاض القائد عبد الرحيم مع هذه القوة معركة غير متكافئة استشهد فيها، كما استشهد بعض مرافقيه ومنهم رفيقه في الجهاد (سليمان أبو خليفة الحوراني) بعد معركة بطولية في مواجهة قوة عسكرية بريطانية كبيرة تساندها الطائرات، ضربت ثلاثة أطواق حول القرية طالبة من أبي كمال الاستسلام، لكنه رفض واشتبك معها في قتال استمر من السادسة صباحا حتى الرابعة مساء، استطاع القائد عبد الرحيم خلاله أن يخترق مع إخوانه المجاهدين الطوق الأول والثاني، ليشتبك مع الطوق الثالث بالسلاح الأبيض، لكن رصاصة أصابت القائد في بطنه قضت عليه، أما رفيقه (سليمان أبو خليفة الحوراني) فقد جرح وأسر لكنه ما لبث أن قضى نحبه متأثرا بجراحه –كما قيل، وإن كان المرجح أن الإنكليز أجهزوا عليه-. وعثر الجنود البريطانيين على مسدسين مع أبي كمال، وعلى ثلاثة مسدسات مع رفيقه. قامت سلطات الانتداب البريطاني بدفن جثمانه سراً في صانور، ولكن الثوار استرجعوا الجثمان، ونقلوه إلى ذنابه، مسقط رأسه، ودفنوه فيها. كتب قائد القوة البريطانية التي داهمت صانور، جيوفري مورتسن، في مذكرات له عن القائد الشهيد أنه لم يكد خبر استشهاده يذاع في البلاد “حتى أقفلت الحوانيت حداداً على الرجل الذي كان يتمتع بأسمى درجات الاحترام” وأضاف: أنه لدى إذاعة النبأ جاء عدد من المسؤولين البريطانيين ليطلعوا على تفصيلات الحادث، ومن هؤلاء الجنرال هايننغ، القائد العام للقوات في فلسطين، واللورد غورت رئيس أركان حرب الامبراطورية قبل الحرب والذي أصبح مندوباً سامياً لفلسطين، والجنرال بيرنارد مونتغمري. كان الشهيد يوقع بياناته ورسالته بصفة “المجاهد الصغير خادم دينه ووطنه”، ويصدرها عن “ديوان الثورة العربية الكبرى في فلسطين”. وهذا يدل على مدى تواضعه وإيمانه وتفانيه من أجل وطنه، ويظهر هذا بوضوح أيضاً في البيانات والقرارات ذات الطابع السياسي التي أصدرها أو التي شارك في التوقيع عليها، ومنها الرد على بيان الحكومة البريطانية اثر تقرير لجنة وود هيد في 3/1/1938. وقد صدر هذا الرد باسم الثورة، ووقعه خمسة من القادة الفلسطينيين كان عبد الرحيم أحدهم. آمن عبد الرحيم الحاج محمد بالكفاح المسلح لتحرير الوطن ونيل الاستقلال، لذلك وقف ضد الذين اتصلوا بالحكومة البريطانية، وعند هجرة القادة الفلسطينيين إلى الدول العربية المجاورة. كما آمن أن العمل الثوري الحقيقي يكمن في مقاتلة العدو على أرض الوطن وعدم تمكينه من غرس نفسه في هذه الأرض العربية الطاهرة. لذلك أصدر الانذارات واتخذ الإجراءات الرادعة ضد سماسرة العقارات، وضد الذين يبيعون أراضيهم للمستوطنين الصهيونيين. وألف “محكمة الثورة العربية لفلسطين” برئاسة المجاهد عبد القادر اليوسف عبد الهادي، وأوقف دفع ديون الفلاحين إلى دائنيهم بسبب اشتداد الازمة الاقتصادية آنذاك، واتخذ موقفاً حازماً ضد أولئك الذين تعاملوا مع العدو، ومع قتل الأسرى من الأعداء. كان عبد الرحيم الحاج محمد قائداً فلسطينياً ثورياً، استطاع أن بقوة الثورة الفلسطينية بنجاح في فترة عصيبة من الزمن. وأن ينظم أوضاعها الداخلية وشؤونها الإدارية بحزم و حكمة. وباستشهاده فقدت الثورة إحدى دعاماتها الأساسية. في مدينة (وادي السير) إلى الغرب من عمان –عاصمة الأردن- من جهة الغرب، بين منطقة (تلاع العلي) و(صويلح) شمالا، و(بلدية الوادي الأخضر) جنوبا، و(منطقة زهران) شرقا، و(منطقة بدر الجديدة) غربا.. تم إطلاق اسم (الشهيد عبد الرحيم الحاج محمد) على شارع كبير يربط بين أحياء المدينة الأردنية. ويتردد المئات من الأردنيين على مطاعم هذا الشارع التي تحمل أسماء غريبة مثل (برجر كنج) و(ماكدونالدز) و(لبنان سناك).. من دون أن يستوقفهم اسم القائد الكبير الشهيد عبد الرحيم الحاج محمد. الذي دوخ الإنكليز إبان قيادته للثورة الفلسطينية بين عامي 1936-1939، ولو سألت أكثرهم لقلبوا شفاههم نفيا أو تعجبا.. عبد القادر الحسينيعبدالقادر الحسينيعبدالقادر الحسيني [size] عبد القادر موسى كاظم الحسيني قائد فلسطيني ولد في القدس في 1908 واستشهد في 8 أبريل 1948 في قرية القسطل القريبة من القدس بعد أن قاد معركة ضد العصابات الصهيونية لمدة ثمانية أيام. كان الأب موسى أول من رفع صوته في وجه الانتداب البريطاني، وأول من دعا أهل فلسطين إلى الاحتجاج والتظاهر وإعلان السخط والغضب ضد وعد بلفور، فتولى قيادة أول مظاهرة شعبية في تاريخ فلسطين عام 1920م، وبسبب ذلك عزلته سلطات الانتداب البريطاني عن رئاسة بلدية القدس، فلم يكترث واستمر في نضاله الدؤوب، واشترك في الكثير من المظاهرات، كانت آخرها المظاهرة الكبيرة في يافا في 27/10/1933، حيث أصيب فيها بضربات هراوات قاسية من قبل الجنود الإنجليز ظل بعدها طريح الفراش أياماً، حتى فارق الحياة سنة 1934م. التحق بالجامعة الأمريكية بالقاهرة ودرس في قسم الكيمياء بها، وطيلة فترة دراسته لم يظاهر بنشاطه الوطني أملاً في الحصول على شهادة، وما إن تحقق مأربه حتى أعلن في حفل التخريج أن الجامعة لعنة بكل ما تبثه من أفكار وسموم في عقول الطالب، وطالب الحكومة المصرية أن تغلقها مما حدا بالجامعة الأمريكية في اليوم التالي بسحب شهادته، الأمر الذي أدى إلى تظاهرة عظيمة قام بها رابطة أعضاء الطلبة التي أسسها الحسيني وترأسها أيضاً وانتهى الأمر بقرار من حكومة إسماعيل صدقي بطرده من مصر فعاد أدراجه إلى القدس عام 1932 منتصراً لكرامته وحاملاً لشهادته التي أرادوا حرمانه منها. على الرغم من المحاولات الحثيثة من جانب الإدارة البريطانية لضمه تحت جناحها من خلال توليته عدداً من المناصب الرفيعة إلا أن إيمانه بالجهاد المسلح من أجل الحرية والاستقلال كان أقوى من جميع إغراءاتهم وخططهم الدنيئة، وتأكد له صواب اعتقاده حينما رحل الشيخ السوري عز الدين القسام شهيداً مدافعاً عن حرية فلسطين فخطا على نفس دربه وراح منذ العام 1936 يعمل على تدريب شبان فلسطينيين لينظموا وحدات مسلحة تدافع عن حقها وأرضها إذا ما تعرضتا للهجوم من غزاة طغاة، وبالفعل في ذات العام قام عبد القادر الحسيني بإلقاء قنبلة على منزل سكرتير عام حكومة فلسطين تلتها قنبلة أخرى على المندوب السامي البريطاني، بالإضافة إلى اشتراكه مع أفراد الوحدات التنظيمية التي أسسها في مهاجمة القطارات الإنجليزية، وظلت هذه المناورات بصورة متفاوتة حتى عام 1939. وفقا لموسوعة «رجالات من بلاد العرب، للدكتور صالح زهر الدين، (المركز العربي للأبحاث والتوثيق، بيروت، طبعة أولى 2001، ص (445ـ452)، وكذلك وفقا ل «قضية فلسطين في سيرة بطل/ الشهيد الحي عبد القادر الحسيني» لنبيل خالد الآغا (المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، )1982، فقد كان الشهيد عبد القادر الحسيني أول من أطلق النار إيذاناً ببدء الثورة على الاستعمار البريطاني في 6 أيار 1936، حين هاجم ثكنة بريطانية (بيت سوريك) شمالي غربي القدس، ثم انتقل من هناك إلى منطقة القسطل، بينما تحركت خلايا الثورة في كل مكان من فلسطين. وبلغت الثورة الفلسطينية أوج قوتها في تموز عام 1936، حيث انضم إليها من بقي من رفاق الشهيد عز الدين القسام، وبلغت أنباؤها العالم العربي كله، فالتحق بها المجاهدون العرب أفواجاً، وخاض الثوار العرب معارك بطولية ضد المستعمرين البريطانيين والصهاينة، ولعل أهم هذه المعارك كانت (معركة الخضر) الشهيرة في قضاء بيت لحم، وقد استشهد في هذه المعركة المجاهد العربي السوري سعيد العاص وجرح عبد القادر جرحاً بليغاً، وتمكنت القوات البريطانية من أسره، لكنه نجح في الفرار من المستشفى العسكري في القدس، بعد مغامرة رائعة قام بها المجاهدون من رفاقه فهاجموا القوة البريطانية التي تحرس المستشفى وأنقذوه وحملوه إلى دمشق حيث أكمل علاجه. عاد عبد القادر إلى فلسطين مع بداية عام 1938، وتولى قيادة الثوار في منطقة القدس، وقاد هجومات عديدة ناجحة ضد البريطانيين والصهاينة، ونجح في القضاء على فتنة دينية كان الانتداب البريطاني يسعى إلى تحقيقها ليوقع بين مسلمي فلسطين ومسيحيها. و في خريف عام 1938، جُرح عبد القادر ثانية في إحدى المعارك، فأسعفه رفاقه في المستشفى الإنجليزي في الخليل، ثم نقلوه خفية إلى سورية، فلبنان. ومن هناك نجح في الوصول إلى العراق بجواز سفر عراقي يحمل اسم محمد عبد اللطيف. وعلى أثر اغتيال فخري النشاشيبي في شارع الرشيد ببغداد، اتُهم عبد القادر بتدبير خطة الاغتيال هذه، فبقي موقوفاً في بغداد قرابة السنة بهذه التهمة .. ثم نقل إلى معتقل العمارة، وهناك أمضى ما يقرب من سنة أخرى، حيث أفرجت الحكومة العراقية عنه في أواخر سنة 1943، بعد أن تدخل الملك عبد العزيز آل سعود ملك العربية السعودية. فتوجه إلى السعودية وأمضى فيها عامين بمرافقة أسرته. وفي مطلع عام 1944 تسلل عبد القادر من السعودية إلى ألمانيا، حيث تلقى دورة تدريب على صنع المتفجرات وتركيبها، ثم انتقل وأسرته إلى القاهرة وهناك وبسبب نشاطه السياسي وصلاته بعناصر من حزب مصر الفتاة وجماعة الإخوان المسلمين، وتجميعه الأسلحة، وتدريبه الفلسطينيين والمصريين على صنع المتفجرات، أمرت حكومة السعديين المصرية بإبعاده.. لكن الضغوط التي مارستها القوى الإسلامية المصرية حالت دون تنفيذ ذلك الإبعاد. وعندما أصدرت الأمم المتحدة قرارها القاضي بتقسيم فلسطين عام 1947، تسلل عبد القادر إلى فلسطين سراً مع بعض رفاقه، وفي نفس الوقت اجتاز الحدود الفلسطينية عدد من المجاهدين القادمين من سورية ولبنان، والتقوا جميعاً بعبد القادر ، وأخذوا يرسمون خطة جديدة للبدء في المرحلة القادمة من الجهاد. فأعادوا تشكيل قوات الجهاد المقدس، واتخذت بلدة (بير زيت) مقراً رئيسياً لتلك القوات، وتألفت في حيفا والناصرة وجنين وغزة قوات أخرى تابعة لها. وكان عبد القادر الحسيني قد غادر القدس متوجها إلى دمشق نهاية آذار من عام ثمانية وأربعين ،وذلك بهدف الاجتماع بقيادة اللجنة العسكرية لفلسطين التابعة لجامعة الدول العربية ،والحصول على السلاح اللازم لتنفيذ القدس والمحافظة على التفوق الذي حققه المجاهدون في معاركها . ومع وصول أخبار معركة القسطل إلى المجاهد الحسيني غادر دمشق على وجه السرعة متوجها إلى القدس ،وبدل نيل متطلباته الكثيرة والمتنوعة التي قدمها إلى اللجنة العربية العسكرية عاد بنصف كيس من الرصاص فقط .ومن القدس توجه الحسيني- وفقا للباحث نافز حسنة – إلى القسطل بسرعة فوصلها ظهيرة السابع من نيسان، وعمد على الفور إلى إعادة تنظيم صفوف المجاهدين ،وعين على الميمنة في الجهة الشرقية ،المجاهد حافظ بركات ،وعلى الميسرة من الجهة الغربية، الشيخ هارون بن جازي ،وفي القلب فصيلتان بقيادة إبراهيم أبو دية ،وفي موقع القيادة كان الحسيني ،وعبد الله العمري ،وعلي الموسوس إضافة إلى فصيلي استناد في الجهة المقابلة ،وبدأ الهجوم وفق هذا الترتيب ،لتتمكن قوات القلب والمسيرة من اكتساح مواقع العدو واستحكاماته الأمامية ،ولكن التقدم كان صعبا بسبب قلة الذخيرة ،وأصيب إبراهيم أبو دية مع ستة عشر من رجاله بجراح ،هنا اندفع عبد القادر الحسيني لتنفيذ الموقف ،فاقتحم القرية مع عدد من المجاهدين تحت وابل من نبران الصهاينة ومع طلوع فجر الثامن من نيسان ،وقع عبد القادر ومن معه في طوق الصهاينة ،فاندفعت نجدات كبيرة إلى القسطل ،كان من بينها حراس الحرم القدسي الشريف ،لكن هذه النجدات على كثرتها لم تكن منظمة . عند الظهر تمكن رشيد عريقات من الإمساك بزمام القيادة ، فأمر بتوجيه نيران الأسلحة المتبقية جميعها على القرية لاقتحامها، وبالفعل تمكن المجاهدون بعد ثلاث ساعات من الهجوم المركز من اقتحام القرية وطرد الصهاينة منها حيث فر من تبقى منهم بسيارات مصفحة باتجاه طريق يافا. حاول قادة المجاهدين استثمار النصر، بمطاردة فلول الصهاينة، ولكن العثور على جثمان الشهيد عبد القادر الحسيني، ترك في نفوس المجاهدين وقعا أليما، وساد صفوفهم الارتباك، وفقد القادة سيطرتهم على الأفراد الذين شرعوا في مغادرة القسطل لتشييع عبد القادر الحسيني وعند المساء لم يعد داخل القرية سوى رشيد عريقات وعبد الحليم الجيلاني مع عدد قليل من المجاهدين، وبقي أربعون مناضلاً من المقدسيين بقيادة بهجت أبو غربية، وقد انضم إليهم عصر 8/4/1984 ضابط مصري ومعه ثلاثة مناضلين . وقد اضطر ابو غربية ومن معه لمغادرة المكان بعد أن تعرّضوا لقصف شديد، وبعد أن سمعوا بأنّ هناك مجزرة حدثت في قرية دير ياسين وقد قدّر الصليب الاحمر الدولي عدد ضحايا هذه المجزرة من الرجال والأطفال والنساء بثلاثمائة وخمسين شهيداً . علماً أن من كان من الشبان والرجال هناك قاوم بشدة، وأوقع الخسائر في صفوف مجرمي ” الشتيرن ” و ” الارغون “، المنظمتين الارهابيتين الصهيونيتين . استشهد عبد القادر صبيحة 8/4/1948، حيث وجدت جثته قرب بيت من بيوت القرية و قام ضابط بوسني مسلم كان مع المهاجمين هو “شوقي بك” ومعه مصفَّحة بحمل جثة الشهيد عبد القادر في مصفحته، وكذلك إبراهيم ابو دية الذي أُصيب في سلسلة ظهره وتوجَّه بهما إلى القدس، ودفن بجانب ضريح والده في باب الحديد… وسمي بطل القسطل، وقد استشهد رحمه الله وهو في الأربعين من عمره، أي في أوج عطائه الجهادي. وارتبطت معركة القسطل باسم شهيدها المجاهد عبد القادر الحسيني .وكانت معركة القسطل رغم الظروف غير المتكافئة مثلا رائعا من أمثلة التضحية والحماسة والاندفاع ولكنها كانت أيضا انتصارا ضائعا نتيجة ضعف التسليح، والافتقار إلى التنظيم وقلة الذخائر وسوء الخدمات الطبية الميدانية ووسائل الاتصال. وبينما انشغل المجاهدون في وداع قائدهم الكبير، استغل الصهاينة الفرصة ليقترفوا المجزرة البشعة في دير ياسين. من أقوال الشهيد الحسيني- إن الشعب الفلسطيني لن يكون وحيداً، لأن له أصدقاء كفاح يؤيدون قضيته وعدالته.- نحن الفلسطينيين أقوياء على الرغم من قلة عددنا، لأننا نؤمن بقضيتنا، ولأننا نعلم أننا مؤيدين من جميع الشعوب التي ليس لها مطامع خفية كحكوماتها، سنقاتل حتى النهاية، وسيقاتل أبناؤنا وأصدقاؤنا من بعدنا، نحن مصممون على القتال. وعندما طلب عبد القادر الحسيني من الجامعة العربية سلاحاً.. فرفضت، قال: جئتكم أطلب سلاحاً لأدافع به عن فلسطين، وأما وقد خُذلت، فأبلغكم أننا لن نرمي السلاح حتى النصر أو الشهادة، أنا ذاهب إلى القسطل، ولن أسأل أحدكم أن يرافقني، لأنني أعرف حقيقة مواقفكم، ولكني أحذركم بأن التاريخ سيكتب أنكم خذلتم الأمة وبعتم فلسطين.. وإن التاريخ لا يرحم أحداً! <جريدة الدستور الاردنية 14/4/2011>. من ناحية اخرى ولشدة ما نحن فيه من اختراق من قبل الصهاينة، أكد مصور إسرائيلي أن الهاغاناه لا تزال تحتفظ بجواز سفر وخنجر يعودان لقائد جيش “الجهاد المقدس” الشهيد عبد القادر الحسيني، وذلك في معرض تعليقه على كتاب ضمنه عددا من الأسرار حول اختراق العصابات الصهيونية لتلك القوات خلال تلك المرحلة التاريخية من حياة فلسطين والمقاومة الشعبية قبل النكبة. ففي كتابه “وطني إسرائيل” يروي يسرائيل نيتح كيف انضم كجاسوس مندس باسم مستعار إلى قوات الجهاد المقدس بتكليف من قوات الهاغاناه وشارك في معركة القسطل ونهب بعض الأغراض الشخصية للحسيني بعد لحظات من استشهاده. ويزعم في كتاب سيرته الذاتية أنه انضم إلى الهاغاناه وانتحل اسما عربيا هو إبراهيم السيد، قبل البدء في أداء وظيفته باختراق فرق المجاهدين وجمع المعلومات الاستخباراتية بمساعدة رجل مقدسي يدعى محمود وكان يقيم في مدينة يافا وتم تجنيده في صفوف الهاغاناه. ويروي المؤلف الإسرائيلي كيف التقى الحسيني لأول مرة مطلع عام 1948 عندما دخل برفقه “محمود” صالون أحد المنازل حيث تم تقديمه للحسيني على أنه مصور. ويتابع نيتح “في اليوم التالي توجهنا إلى كفار عصيون بشاحنات وكان الثوار العرب يرتدون العباءات والكوفيات.. هناك انقسم الثوار إلى مجموعتين واحدة من المقدسيين وأخرى من الخليل بقيادة عبد القادر الحسيني ومحمد علي الجعبري”. ويقول الكاتب إن نشره صور المجاهدين في الصحف الفلسطينية ساعدته على التقرب منهم وكسب ثقتهم وتعزيز مكانته بينهم حتى بات جزءا لا يتجزأ منهم. عن (الجزيرة نت) موضوع الشهيد الحسيني بعد استشهاده وفي حديث للجزيرة نت قال نيتح إنه كان يجلس في مقر عبد القادر الحسيني يوم بلغه نبأ سقوط بلدة القسطل في غرب القدس بيد القوات الصهيونية التي انتقلت من الدفاع إلى الهجوم لاختراق الطريق نحو القدس في عملية “نحشون” يوم 4 أبريل/ نيسان 1948. وأضاف “كنت شاهدا على لقاء الحسيني قادة المجاهدين وهو يشرح لهم تفاصيل العملية المضادة التي بدأت يوم 7 أبريل/ نيسان مستعينا بخريطة، فصورته ولم أكن أعرف أن هذه صورته الأخيرة”. وكشف نيتح أن عبد القادر الحسيني استشهد في تلك الليلة فاغتنم فرصة وجوده بالقرب منه وسارع إلى تفتيش ملابس الشهيد بحثا عن وثائق، قبل أن يسرق خنجره وجواز سفره وخاتم الزواج، لافتا إلى أن جميع هذه الأشياء لا تزال محفوظة حتى الآن في متحف الهاغاناه بتل أبيب. يشار إلى أن بعض الروايات الفلسطينية تتحدث عن استشهاد الحسيني اغتيالا من الخلف على يد بعض الجواسيس المندسين في قوات الجهاد المقدس. الشهيد الحسيني وتتفق الروايات الفلسطينية على أن عبد القادر الحسيني استشهد إثر إصابته بطلقات نارية أثناء معركة الدفاع عن القدس والمعروفة بمعركة القسطل وهو في الأربعين من عمره. ويفيد الدكتور مصطفى كبها المتخصص في التاريخ الفلسطيني أن الحسيني نصب قائدا لقوات الجهاد المقدس طبقا لقرارات اتخذتها الهيئة العربية العليا برئاسة المفتي الحاج أمين الحسيني من منطلق معارضتها دخول جيوش عربية إلى فلسطين، وبادر بتشكيل جيش فلسطيني كان عماده قادة ومقاتلي فصائل ثورة 1936-1939. ويستذكر كبها في تصريح للجزيرة نت أن الشهيد عبد القادر الحسيني تخرج من الكلية العسكرية في بغداد مع ضباط فلسطينيين آخرين منهم حسن سلامة وذو الكفل عبد اللطيف وعبد الرحيم محمود وأكرم زعيتر وانضم جميعهم إلى ثورة رشيد عالي كيلاني عام 1941. ولفت الانتباه إلى أنه تم إلقاء القبض على الحسيني بعد فشل الثورة المذكورة ونجا رفاقه، حيث سجن سنتين وأفرج عنه بعدما ساءت صحته وتدخل بعض زعماء العرب ليعود إلى فلسطين عام 1946 في نفس الفترة التي ولد فيها ابنه الراحل فيصل الحسيني في بغداد. ويؤكد كبها أن استشهاد عبد القادر الحسيني انعكس سلبيا على معنويات كل الشعب الفلسطيني وعلى تماسك الجبهة الداخلية بعدما بنيت آمال كثيرة على “جيش الجهاد المقدس”. وأضاف “باستشهاده تعرض لضربة قاصمة وما لبث أن تعرض لأخرى باستشهاد القيادي حسن سلامة قائد منطقة المركز في هذا الجيش في معركة راش العين يوم 31 مايو/ أيار 1948”. المناضل أبو ابراهيم الكبير)خليل محمد عيسى عجاك قسامي، وأحد قادة الثورة الفلسطينية الكبرى سنة (1936-1939م) كني (أبا إبراهيم الكبير) تمييزا له من القائد الآخر أبى إبراهيم الصغير، وهو توفيق إبراهيم من قرية اندور قضاء الناصرة في مرج ابن عامر. ولد في أواخر القرن التاسع عشر في بلدة المزرعة الشرقية قضاء رام الله، ثم عمل فلاحا في بلدة شفا عمرو بالجليل وانتقل بعد ذلك إلى مدينة حيفا حيث افتتح حانوتا لبيع الصوف والأكياس. في مذكراته التي سردها قبل وفاته للكاتب نزيه أبو نضال وصدرت في رام الله سنة 2010 عن منظمة التحرير الفلسطينية، انه وجد نفسه وهو دون سن الخامسة عشرة مضطراً للعمل في الفلاحة، من أجل إعالة أسرته نظراً إلى وفاة والده، وسجن أخيه الأكبر بسبب حادثة دهس، وكان هذا في بداية الحرب العالمية الأولى سنة1914 ، وبقي مسؤولاً عن أسرته إلى أن خرج أخوه من السجن مع انتهاء الحرب سنة 1918 . نضم في حيفا إلى حلقة الشيخ المجاهد الشهيد عز الدين القسام وشاركه في مراحل جهاده التنظيمي والتنفيذي، ثم اصبح من قادة التنظيم القسامي، وقد ألح على الشيخ القسام بضرورة تدريب أفراد التنظيم على السلاح وتسليحهم، وساهم هو نفسه في إحضار محمد أبو العيون الذي تولى في نهاية جلسة الدعوة تدريب المجاهدين الموجودين، على البندقية الوحيدة المتوفرة آنذاك لديهم. اتهمته سلطات الانتداب البريطاني بمناوئتها، وفي سنة 1931م انفجرت قنبلة في مستوطنة نهلال الصهيونية الكائنة في مرج ابن عامر، فاعتقل أبو إبراهيم الكبير مع المجاهدين مصطفى علي الاحمد وزوجته واحمد الغلاييني واحمد التوبة وإبراهيم الحاج خليل. وبعد توقيفهم تسعة اشهر حكم على مصطفى الاحمد بالإعدام. ونفذ الحكم فيه، وعلى احمد الغلايني بالإعدام أيضا ثم خفف إلى السجن خمسة عشر عاما، وبرئت ساحة أبى إبراهيم الكبير وبقية المجاهدين في أوائل 1935م. وحين خرج الشيخ القسام وصحبه إلى الجهاد، كان لأبى إبراهيم الكبير رأي مخالف يدعو إلى التريث حتى تستكمل الأسباب والظروف الموجبة لإعلان الجهاد، وبعد استشهاد القسام، تولى قادة حركته قيادة قطاع الثورة الفلسطينية الكبرى الممتد من شمال فلسطين حتى وسطها، واستلم أبو إبراهيم الكبير قيادة المنطقة الشمالية، وكان يوقع بلاغاته وبياناته باسم “المتوكل على الله، أبو إبراهيم”. وقد رصدت السلطات البريطانية مكافأة مالية قدرها 500جنيه فلسطيني لمن يرشدها عليه. وفي فترة توقف الثورة سنة 1937م التقى أبو إبراهيم بالمفتي محمد أمين الحسيني في بلدة قرنايل اللبنانية، وأشار عليه بضرورة استمرار الثورة وعودة قادة الثورة إلى ارض فلسطين وبقائهم فيها لان بُعدهم عنها سيقضي على الثورة ويذهب تضحياتها عبثا. ولما عاد إلى ارض المعركة واستأنف القتال رفض وقف نقل السلاح إلى فلسطين عبر شرقي الأردن. غادر أبو إبراهيم الكبير فلسطين عندما توقفت الثورة سنة 1939م إلى دمشق، ثم العراق حيث اشترك في ثورة رشيد عالي الكيلاني سنة 1941، وعندما أخفقت هذه الثورة غادر بغداد إلى حلب في سوريا، ثم إلى اليونان فبرلين حيث أقام ما تبقى من سنوات الحرب. عا إلى فلسطين عقب انتهاء الحرب العالمية الثاني وساهم في تعبئة القوى ضد الأطماع الصهيونية، ثم اشترك في القتال قائدا لبعض القطاعات في شمالي فلسطين. عندما صدر قرار تقسيم فلسطين سنة 1947 ، انخرط في صفوف جيش الإنقاذ قائداً لمجموعة فلسطينية، تحت إمرة أديب الشيشكلي، وقد نشأ نزاع بينهما نتيجة لما اعتبره أبو إبراهيم الكبير تقصيراً وتهاوناً من الشيشكلي، خلال الهجوم على مستعمر جدّين في 21 كانون الثاني/يناير 1948 . وحين وقعت نكبة فلسطين لجأ إلى دمشق، لكنه تعرض لمضايقات من أتباع الشيشكلي، فارتحل إلى عمّان، وبقي فيها إلى أن توفي عن عُمْرٍ يُناهز الثمانين عاماً سنة 1979 . عاش أبو إبراهيم في عمّان فقيراً، وعمل مدة بائعاً متجولاً على عربة صغيرة. سار ابنه صلاح على دربه والتحق بالثورة المعصرة ،وكان مناضلا في صفوفها وتوفي في الاردن في نهاية القرن الماضي. ترسم مذكرات الكتاب لحياة أبو إبراهيم الكبير صورة مجاهدٍ ذي شخصية عصامية ونزيهة، وصاحب التزام عالٍ في الدفاع عن الوطن العربي بأكمله ضد الغزو الاستعماري الأوروبي، الفرنسي والبريطاني، ويتمتع بدرجة عالية من الحكمة وبُعْد النظر، ممّا جنّبه الوقوع في أخطاء وقع بها قادةٌ آخرون من قادة الثورة، خصوصاً في موضوعي المال واغتيال المشتبه بتعاونهم مع السلطات البريطانية. والمُطّلع على تاريخ الثورة الفلسطينية الكبرى، يعرف أنّ الكثير من قادتها، ومنهم قسّاميون، وقعوا في إحدى هاتين المشكلتين أو في كلتيهما؛ فمنهم من استخدم أساليب الغَصْب والإكراه gللحصول على المال من الفلاحين الفقراء، ومن أهل المدينة سواءً متوسطي الحال أو الأغنياء منهم، فيشير بالنقد إلى كل من عارف عبد الرازق ونائبه فارس العزّوني وجماعتهم، الذين نشطوا في منطقة طولكرم وقلقيلية ومغاريب نابلس، وتورطوا في ممارسات سيئة ضد الأهالي، ومنها غَصْب المال والقتل والتعذيب. والمعروف أنَّ عدداً من قادة الثورة تورّط في عمليات اغتيال لأشخاص لم يكن لهم أية صلة غير شريفة بالإنكليز أو الصهاينة، بل كان قتلهم بسبب معارضتهم لزعامة الحاج أمين الحسيني. الواضح أنّ أبو إبراهيم الكبير، رغم علمه ومساهمته في التخطيط لاغتيال متعاونين كبار مع الإنكليز، مثل حليم بسطة وأحمد نايف، اللذين ساعدا في الكشف عن المجاهدين، وساهما في قتل الشيخ القسّام ورفاقه، إلاّ إنّه وقف ضد اغتيال من لم يثبت تورُّطهم في الخيانة الواضحة، أو من كان بالإمكان ردعهم وإبعادهم عن العمل لمصلحة الإنكليز. [/size] [size] يزودنا أبو إبراهيم الكبير بصورة من الداخل عن وحدة جيش الإنقاذ، التي عمل معها وكانت تحت قيادة القائد السوري أديب الشيشكلي، وهي صورة سلبية بكل تأكيد، فيشير إلى جملةٍ من الأخطاء التي رافقت عمل الجيش في فلسطين، ومنها محاباة الشيشكلي لأخيه وأنصاره في الترقية؛ والتخاذل عن القتال وعدم الالتزام بالخطة المتفق عليها؛ والاستهانة بقدرات الصهاينة العسكرية؛ والقيام بأعمال مخالفة للدين والانضباط العسكري، مثل إقامة حفلة لشرب الخمر في معسكرالتدريب، اشترك فيها الشيشكلي وكبار معاونيه. [/size]
- الشيخ فرحان السعدي
الشيخ فرحان السعديالشيخ فرحان السعدي
[size] ولد الشيخ فرحان السعدي في قرية المزار من أعمال قضاء جنين، شمال فلسطين، في منتصف القرن التاسع عشر. تلقى علومه في كتّاب القرية ومدرسة جنين الابتدائية، إلا أنه كان مولعاً في شبابه بتلقي الدروس الدينية في المساجد، والاجتماع مع العلماء ورجال الدين، فأضفت عليه نشأته الدينية والعلمية مهابة واحتراماً في بيئته. ولما احتل الإنكليز فلسطين كان يُعرف بين الناس بـ“الشيخ فرحان”. حافظ للقرآن الكريم والأحاديث النبوية لذلك عرف بـ“الشيخ”. الجهاد شارك الشيخ فرحان في المؤتمرات الوطنية وفي المظاهرات ضد الانتداب البريطانية بصورة متواصلة، وألّف، في ثورة 1929، عُصبة من المجاهدين في قضاء جنين تصدت لسلطة الانتداب بالتمرد والعصيان، فقبضت عليه السلطة وسجنته ثلاثة أعوام في سجن عكا وسجن نور شمس. وانتقل، بعد خروجه من السجن، إلى حيفا، حيث اتصل بالشيخ عز الدين القسام وانضم تحت لوائه. [/size] [size] السعدي بعد إلقاء القبض عليه من قبل قوات الإحتلال البريطاني 1937.أعدم في وقت لاحق. في 17 أبريل 1936 هاجم الشيخ فرحان السعدي، ورفيقه الشيخ عطية أبو أحمد، القافلة اليهودية، ثم انتقل بعد هذه الحادثة (التي أدت إلى ثورة 1936) مع رفاقه إلى الجبال، معتصمين بوعورها وكهوفها، يناضلون طوال المرحلة الأولى. ومنذ مقتل ’أندروز’ (Andrews)، بثت السلطة عيونها، تتعقب القساميين، حتى تمكنت من القبض على الشيخ فرحان وثلاثة آخرين من رفاقه. ولما كانت السلطة تعلم أن الشيخ هو العقل الأول في العصبة بعد استشهاد القسام، فقد حاكمته محاكمة صورية في ثلاث ساعات موجهة إليه تهمة مقتل ’أندروز’، وأصدرت حكمها بعدها بالإعدام شنقاً. رفض السعدي أن يتكلم في أثناء المحاكمة مدافعاً عن نفسه، فكان هادئاً وكانت كلماته قليلة جداً وجريئة، وعندما سألوه: “أأنت مذنب؟” أجاب: “معاذ الله أن أكون مذنباً!” وعندما سألوه، أثناء مفاجأته في مخبئه والقبض عليه، إن كان يملك أسلحة، أجاب بـ“نعم”، وبأنه يملك مسدساً قديماً معلقاً على الحائط في بيته. تبرع عدد من المحامين للدفاع عن السعدي، وكانت حجتهم في الدفاع عنه أنه لم يقبض عليه وهو يستعمل السلاح، وأنه قد ذكر من تلقاء نفسه بأنه يملك مسدساً، كما أنه أكبر عمراً من أن يتمكن من القيام بأي عمل حربي. إلا أن المحكمة العسكرية (التي تألفت قبل أيام قليلة، في 11 نوفمبر) لم تأخذ بأي من هذه الحجج ولم تستمع إلى النداءات العربية الصادرة من فلسطين ومن خارجها بتخفيف حكم الإعدام، فقد قررت الحكم ونفذته في 22 نوفمبر1937، وقيل في 27 . ولم تبالِ بكون الشيخ السجين صائماً في شهر رمضان، فنفّذ فيه الحكم. إلا أن النتيجة جاءت على عكس ما توخته حكومة الانتداب، إذ لم يحدث في تاريخ البلاد أن أعدم شيخ في مثل عمره، وفي شهر رمضان المبارك. أدى إعدام السعدي إلى انبعاث الحماسة الجماهيرية الثورية من جديد، وقد اشتهرت حادثة إعدام السعدي إلى درجة أنها طغت على دوره الكبير، وعلى حقيقته كباعث رئيسي من بواعث الثورة، إلا أن رفاقه يعترفون له بذلك، فقد لقبه المؤرخ القسامي صبحي ياسين بـ“المجاهد الصادق”، كما ذكر بأنه “خليفة الشهيد القسام وأول من أطلق رصاصة في سنة 1936”. ويبقى الشيخ فرحان السعدي منارة من منارات الجهاد، ومدرسة للمقاومة ينهل منها المقاومون على مدار الزمان.[/size] ملاحظةالمراجع: عبد الحكيم سمارة الجيلاني.. رحل بعد ان حدد الطريق للتحرير!… بقلم: عرفات حجازي – جريدة الدستور السبت، 24 أغسطس/آب، 2002 صقر أبو فخر – تشرين الثاني 2010 شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية – 2016 الموسوعة الفلسطينية. جريدة “الزوبعة” التي كان يصدرها أنطوان سعاده في الأرجنتين. مجلة “اليرموك” في عددها رقم 13206 شهر مايو (أيار) سنة 1927. مجلة “الشرق” لصاحبها موسى كريّم الصادرة في سان باولو ، وفي العدد 20 تشرين أول 1936 الدباغ، مراد مصطفى، بلادنا فلسطين، إصدار دار الهدى كفر قرع، 1991، ص 617. النمر، إحسان، تاريخ جبل نابلس والبلقاء، ج1، مطبعة جمعية العمال التعاونية، 1975، ص 219. الحنبلي، مجير الدين: الأنس الجليل في تاريخ القدس الجليل جزآن، مكتبة المحتسب، عمان الأردن، سنة1973 الساريسي، عمر عبد الرحمن: الحكاية الشعبية في المجتمع الفلسطيني دراسة ونصوص، مؤسسة الدراسات العربية والنشر، ط1، سنة 1980. النمر، إحسان: قضية فلسطين في دورها البلدي، مطبعة جمعية العمال التعاونية، نابلس، سنة1975. حسين، أحمد خليل كايد، من سلسلة القرى الفلسطينية المدمرة ( رقم 22) قرية بيت نبالا، منشورات جامعة بيرزيت مركز دراسة وتوثيق المجتمع الفلسطيني، بيرزيت، سنة 1998 . دانين، عزرا: شخصيات ووثائق 1913666ـ 1939، ط11، مطبعة مغنيسن الجامعة العبرية، سنة 1944. زعيتر، أكرم، الحركة الوطنية الفلسطينية 1930ـ 1939، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، ط1، بيروت، سنة 1980. عبد الرازق، فيصل عارف: أمجاد ثورية فلسطينية وحياة بطل من أبطالها، الطيبة، دار ابن خلدون، ط1، سنة 1995. عرار، عبد العزيز، ومقبل، زياد: الفرية الفلسطينية بين المتحول والثابت، منشورات دار الفلم رام الله، سنة 1985. سرحان، نمر وكبها، مصطفى: سلسلة دراسات التاريخ الشفوي لفلسطين، وعبد الرحيم الحاج محمد القائد العام لثورة 1936-1939، رام الله، ط1، عام 2000. الجمعية العلمية الفلسطينية، الشيخ رشيد عبد السلام 1907-1994، الموسوعة التربوية الفلسطينية، منشورات الدار الوطنية للترجمة والنشر والتوزيع، نابلس، سنة 1995. صحيفة الدفاع- 12/5/1938-الجمعة-عدد1145-5 جريدة الجهاد ـ 1939ـ بدون عدد ـ ص 3. المقابلات الميدانية: أجرى الباحث مقابلات شفوية مع الأشخاص التالية: ـ أحمد بدوان: عزون ـ أسعد القاسم: قرية عِسلة ـ أمين موسى عرار: كفرثلث ـ توفيق أبو صفية: كفرثلث ـ حامد حسن عودة: كفرثلث ـ حسن عبدالهادي عرار: كفرثلث ـ حسن عمر مصطفى عوده: كفرثلث ـ داود أحمد الأشقر: كفرثلث ـ سلامة بكر: عزون ـ عبد الحافظ موسى عرار: جلجولية ـعبدالخالق يحي سويدان: عزون ـ عبدالعزيز إسماعيل عوده: كفرثلث ـ عبدالعزيز جوده: عزون ـ عبدالله عبدالعزيز جودة: عزون ـ عثمان مقبل: كفرثلث ـ عيشة جوده: عزون ـ فاطمة خاصكية زوجة ( محمد أبو دية):عِسلة ـ فضل حواري: عزون ـ محمد كايد سويدان: عزون ـ محمود أسعد خطيب: كفرثلث ـ مصطفى عبدالوهاب:كفرثلث ـ نعمه داود شقليه: كفرثلث ـ يحي سويدان: عزون أسامة العيسة القدس المحتلة ـ مؤسسة فلسطين للثقافة. مركز المعلومات الفلسطيني – وفا كمال نصار – 2014 مخيم غزة د. محمد عبد القادر أبو فارس – شهداء فلسطين ام الفحم واللجون , رحلة عبر الزمن. قراءة في سيرة المجاهد المناضل يوسف الحمدان من ابطال ثورة 1936 للكاتب : وجدي حسن جميل . موقع بلدتنا www.BLDTNA.com يوميات أكرم زعيتر – أكرم زعيتر العصابات العربية – عزرا دانين – أكرم زعيتر: الحركة الوطنية الفلسطينية (1935 – 1939)، بيروت، 1980 . – صالح مسعود بويصير: جهاد شعب فلسطين خلال نصف قرن، بيروت، 1970. – صبحي ياسين: الثورة العربية الكبرى في فلسطين، القاهرة، 1970 . – محمد علي الطاهر: خمسون عاماً في القضايا العربية، بيروت،1974 . – عبدالرحيم الحاج محمد: د. نمر سرحان و د. مصطفى كبها – محمد عقل : عارف عبدالرازق – القائد العام لجيش الثورة في سوريا الجنوبية ، حوليات القدس | العدد السادس عشر | خريف-شتاء 2013 عبدالعزيز أمين عرار/مشرف تاريخ وباحث فلسطيني ويكيبيديا العربية منتديات ستار تايمز – أسماء في الذاكرة إحسان النمر ، تاريخ جبال نابلس والبلقاء – أكرم زعيتر: الحركة الوطنية الفلسطينية (1935 – 1939)، بيروت 1980. – أكرم زعيتر: وثائق الحركة الوطنية الفلسطينية (1918 – 1939)، بيروت 1979. – أحمد طربين: قضية فلسطين 1897 – 1948، دمشق 1968. – صبحي ياسين: الثورة العربية الكبرى في فلسطين (1936 – 1939 ). – خيرية قاسمية (إعداد): مذكرات فوزي القاوقجي، ج2، بيروت 1975. – مؤسسة فلسطين للثقافة |
| | | ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: رجالات وشهداء ثورة 1936 الجمعة 06 نوفمبر 2020, 12:02 pm | |
| قصّة الشهيد أبو الفداء المقدسي "إحسان نعيم حسن صيفي شواهنه"
الاسم والنشأة: أبو الفداء المقدسي؛ إحسان نعيم حسن أحمد حسين شواهنه الخامس والعشرون من شهر شباط! كان يوما مباركا من عام 1977 ميلادية حين أطلّ على الدنيا إحسان في مستشفى قلقيلية وكان اسمه وصفا له منذ تلك اللحظة! نشأ وترعرع في كفر ثلث وعُرف عنه الإلتزام الديني والأدب والحياء منذ صغره وكأن عمله مع أبيه في المشتل منذ الصغر بين الورود وَهَبَه جزءا كبيرا من شذاها فكان رحمه الله دَمِث الأخلاق قريبا إلى كل قلب! لا يتعرّف إلى أحد إلا وترك فيه أثرا لا يمحوه الزمن! أحبّه كلُّ من عاشره وعاش معه! الدّراسة: درس المرحلة الأساسية في مدرسة كفر ثلث الثانوية للبنين, وحباه الله الذكاء من صغره فكان من المتفوقين الأوائل في المدرسة تشهد له شهاداته التي كان حريصا على الحفاظ عليها، ثم انتقل إلى مدرسة عزون الثانوية ليدرس في الفرع العلمي ، وفي عام 1995 أنهى الثانوية العامة بمعدل 86.8% ليلتحق في ذات العام بكلية الهندسة في جامعة النجاح الوطنية في نابلس ؟ ولم يكن يفكّر لحظة في مغادرة الوطن الذي أحبّ - ليصبح أحد طلاب قسم الهندسة الصناعية ، وخلال دراسته حصل على عدّة شهادات في علم الحاسوب, وشارك في عدة ورشات عمل عقدتها وزارة التعليم العالي حول مجالس الطلبة , وبعد سبع سنين من الدراسة بسبب الإعتقال المتكرر حيث لم يبق لتخرّجه من الجامعة سوى مناقشة مشروع التخرّج أصبح مطلوبا للصهاينة! فلم ينل شهادة الورق بل أكرمه مولاه بشهادة الخالدين( ) . مسيرته الدعوية: عُرف عنه الالتزام منذ نعومة أظفاره وهو بنفسه لا يذكر متى التزم بالصلاة فما بدأ يعي إلا وهو ملتزم بدينه ، ومع بداية التسعينيات التحق بالمسجد وحِلَقِه في قريته ، ليصبح مع بداية دراسته الثانوية عضوا في جماعة الإخوان المسلمين , وحين التحق بالجامعة أصبح عضوا فعّالا في الكتلة الإسلامية فكان رجلا لا كالرجال وفردا لا كالأفراد جنديا مجهول من الأبرار الأتقياء الأخفياء الذين إذا حَضَروا لم يُعْرَفوا وإن غابوا لم يُفْتَقَدوا ولم يُذكروا ، عمل في اللجنة الثقافية والإعلامية وأشرف على جريدة صوت الطلبة وعمل في الدعاية الصامتة لانتخابات مجلس الطلبة، ثم أصبح عضو مؤتمر عامّ في مجلس الطلبة حيث كان مسئول لجنة التخصصات , وكان مسئول الملف الأمني لمعتقلِي الكتلة الإسلامية فكان كثير الإهتمام بإخوانه الأسرى وذويهم ... إضافة إلى الكثير من الأعمال الني كان يقدّمها , فلا تكاد تنظر إلا وتجده مشمَّرا عن ساعد الجد والعمل متفان في دعوته لا يعرف اليأسُ إليه سبيلا ، وجه بشوش لا تكاد تفارقه الابتسامة , وقلب رؤوف لا يعرف الحقد, ويد سخية لا تعرف الشّح , عُرف عنه حبّه لإخوانه وكان هيناً لينا على إخوته، نقاءُ سريرةٍ وصفاءُ نفس، صفاء ظاهر وفداء باهر.. الاعتقالات والأسر: اعتُقِل بدية على يد أجهزة السلطة الفلسطينية الأمنية عام 1996 ولبث في السجن بضع شهور ثمّ في شهر آذار من العام 1997 أوقِفَ ثلاثة أسابيع في سجون الإحتلال الصهيوني تحت التحقيق بتهمة الإنتماء للكتلة الإسلامية، ثم اعتقل مرّة أخرى على يد أجهزة الأمن الفلسطينية , وفي أيلول من العام 1999 اعتقله الصهاينة لمدّة ثمانية أشهر قضاها في معتقَل مجدو , ومرّة أخرى يعود على المعتقَل الصهيوني في آذار 2001 ليقضي سبع عشرة شهرا , وما لبث بعد خروجه إلا اليسير ليُعتقَل في شهر شباط 2003 ليقضي عشرة أشهر ويخرج في الثامن عشر من شهر كانون الثاني للعام 2003 عاقدا النيّة على أن لا رجوع إلى السجن "فالصبر الصبر! ... وحياة المطارد لا حياة الجبناء ، وعيشة التشريد ونحن أعزّة خير من ذل الحديد"( ). فلله درّه! تنقّل في أقبية التحقيق ما بين مراكز تحقيق "الجلمة" و "بتاح تكفا" و "عكا" ولاقى فيها من الذلّ وألوان العذاب ما الله به عليم ومورِست ضدّه كل طرق التحقيق من أسلوب الصديق حتّى الأساليب الوحشية حتى التحقيق العسكري ليعترف ولو بكلمة على التّهم العسكرية الموجَّهة إليه , حتّى أنه كاد أن يفقد السمع في أذنه اليسرى تحت التحقيق , مما اضطره عندما أصبح مطاردا إلى تركيب سمّاعة ، غير أنّه لم يعترف أبدا طول فترات اعتقاله ولو بكلمة واحدة تشفي صدور جلاديه حتى أنه أنكر صورته مع بعض أصحابه في بعض جولات التحقيق , قال لي ذات مرّة:ـ "إسمع ، اعترفت في أوّل تجربة اعتقالية لي بأنني أنتمي للكتلة الإسلامية ففُتِحَت عليّ أبواب من الأسئلة... فأنكرت كلّ شيء وقلت لم ينظمني أحد!! ولم أذكر اسما لأحد ، وأنا حتى الآن أتندّم على ذلك الإعتراف!" فيا الله أيّ أسد كان! ثمّ قال لي: "لا تمسك القلم في التحقيق ولا تعترف بشيء ولا تكتب شيئا مهما كلّف الأمر". من التحقيق العسكري إلى الإستجداء: وأخبرني أنّ المحققين ذات مرّة قد يئسوا من أن يعترف بعد أن نفذت كلّ وسائلهم , فجاء أحمقهم وقال: اتركوه لي وأنا أعدكم أن يعترف على يديّ هذه المرّة , وأصبحت المسألة مسألة تحدي , فمارس معه كلّ ما وصلت إليه عقلية الإجرام من أساليب التحقيق , غير أنّ النتيجة بالنسبة لأسد من أسود التوحيد كانت محسومة وهي أن لا اعتراف حتى لو متّ تحت التعذيب , فما كان من ذلك الكلب إلا أن يستجدي إحسان أن يقول فقط " أنّ الطريق الذي أسلكه خاطئ" وأخذ يشدّ حذاء إحسان وهو مشدود الوثاق على كرسي التحقيق ليقبّله وهو يقول :ـ "أبوس كندرتك بس قول أن طريقي هذا خاطئ" حتى لا يخزى ذلك المحقق أمام إخوانه , لكن هيهات!! قال لي يرحمه الله " والله لقد كانت تلك أسوأ ما مرّ عليّ في التحقيق , فلم أدرِ بما أجيبه وهو يستجديني كالكلب , غير أنّي كنت أشعر بلذّة النّصر". ولذلك كان يقضى كلّ فترات سجنه في الإعتقال الإداري ، كلّما أنهى أشهرا جُدِّد له الاعتقال , جسم نحيل وهمّة كالشمّ الرواس وصبر قدوته فيه أيوب عليه السلام ، لا يشكو السجن ولا السجّان إلا لمولاه!! فلله درّه. ومِن صوَر يأس المحققين من أن يعترف أنّه في آخر اعتقال له ؟ وكان بسبب علاقته بكتائب القسّام ؟ لم يحَقَّق معه حول التّهم الموجهة إليه ، بل أخذ المحقق يناقشه في مسائل الدين الإسلامي وأنّ أرض فلسطين هي مُلْك ليهود بنصوص القرآن حيث أنّها قِبلة يهود وأن مكّة هي قِبلة المسلمين , والله عزّ وجلّ في كتابه يقول عن مكّة مخاطبا محمّد صلّى الله عليه وسلّم: " فلنولّينّك قبلة ترضاها" أي أنّه صلّى الله عليه وسلّم لم يكن راضيا عن قبلته وهي بيت المقدس!! وقد أخبرني أحد المحقّقين عن آخر حديث بينه وبين إحسان في التحقيق أنّ إحسان وعده أن لا يعود إلى السجن! وهو حديث كان قد أخبرنيه إحسان من قبل بعد خروجه من السجن ، وبالفعل أوفى بعهده! وحرّر روحَه من أصفاد الجسد وجَسَدَه من قيود يهود!
مسيرته الدعوية داخل السجون: لم يكن ليرضى بأقلّ ممّا كان عليه خارج السجن.. فهو صاحب همّة وعزم , حطّم الخوف واتّخذ الأخطار مركبا إلى الرفعة! جسور لا يُرَوَّع عند همٍّ ولا يَثني عزيمَتَه اتِّقاء فعمل في السجن مع بعض إخوانه في معتقل مجدو على كتابة "النضالية" ؟ وهي الوثيقة التي تنظّم علاقة التنظيمات فيما بينها داخل المعتقلات- وعمل في اللجنة الثقافية ، وفي جهاز الأمن وفي النضاليات ، وفي آخر اعتقال له كان المنسِّق العام لسجن النقب وكان عضو لجنة التنسيق مع إدارة السجن ، إلى غير ذلك من المهمّات التي أوكلت إليه داخل السجن , ومع كلّ ذلك فقد كان مثقفا من طراز فريد تراه منكبّا على الكتب يقرأ ويحفظ ويُلخّص يلتقط الكلمات كما تلقط الطير أطايب الثمر ، كثير القراءة واسع الإطلاع مجتهد في العبادة.. جهاده ومنهجه: حينما يتكلّم الإنسان عن أولئك الرجال تتزاحم الأفكار في الذهن فلا يدري من أين يبتدي! وبأي شيء يصفهم! أولئك الرجال أولئك الأبطال أولئك العمالقة العظام الذين رفعوا العار عن جبين أمتنا في زمن أضاع فيه الرجال رجولتهم! ولأن المقام لا يتسع لذكر هؤلاء الرجال بما هم أهله، والقلم يعجز عن حصر محاسنهم إلا أننا نحاول؛ فما لا يُدرَك كُلّه لا يُترك جُله! أبو الفداء المقدسيّ! فرّ من الدنيا و ترك كل شيء فيها يبتغي ما عند الله فكان قراره أنّه ما خرج من السجن إلا ليستشهد! رجل طلب الشهادة بصدق قائلا: "لن أعود إلى البيت إلا على الأكتاف" فنالها مقبِلا غير مُدبِر ، صدق الله فصدقه ، نحسبه والله حسيبه! نرجو الله أن يتقبله في الشهداء!. ومما قاله:"لا أحتاج منزلة ولا شهرة في الناس ، كل ذلك سراب تحسبه من بعيد ماء فإن جئته لم تجده إلا التراب ، وما أريد إلا دعوة صالحة من مسلم صالح تبقى سرّا بينه وبين الله". تأمل في حال الأمة فرآها تُسام ألوان العذاب والذل والقهر على أيدي اليهود والصليبيين "تريدون مني أن أكون مهندسا! ما قيمة الهندسة إن كان الذي يحكم البلاد بأكملها ويسِّيرها بنو يهود؟! لبطن الأرض خير لنا من ظهرها! ما قيمة الشهادات؟! ما نفع الأموال إن كان العرض مهدورا والمال منهوبا؟! وأي جندي يأتي في وهن من الليل يقرع علينا الباب يأخذ نسائنا وأطفالنا وإخواننا بحجة أن هؤلاء مطلوبون أخلوا بالأمن؟! ما قيمة الحياة وجندي عمره لا يتجاوز الثامنة عشر يقف على حاجز يتفنن في إذلال الكبار والصغار من الرجال والنساء والأطباء والمهندسين؟! آلاف المعتقَلين تُنتَهَك حُرُماتهم ليل نهار؟! أي قيمة للحياة؟! ما قيمة الحياة ؟! ما قيمة الأموال؟!" ونظر إلى شبابها فلم يجد إلا من طوى نشاطه عنه أو اثّاقل إلى نعيم الدنيا الزائل، نظر فإذا أكثرهم آثر الدّعة وركن إلى الذين ظلموا واستمرأ عيش الذل! "الناس في هذه الدنيا أمرهم جدّ غريب... فأغلب الناس سلكوا طريق السلامة وعاشوا مع أبنائهم كالعصافير خلف الزجاج يرقبون ما يحدث... هذا في وقت المدافع... يريدون أن يروا كلّ شيء على شاشة التلفاز ولا يريدون أن يقدموا شيء ... ولذلك بدأ الإنسان يحسّ بالغربة عن هذا المجتمع الذي أغلب أبنائه قد تربّى على الذلّ والقهر وحبّ الحياة المجرّدة والخلود إلى الأرض..." لمّا تدبّر في الأمر الإلهي بالنفير والجهاد نفر إلى قتال يهود قائلا: "الله سبحانه وتعالى طلب منا أن نجاهد اليهود وتكفّل لنا بالجنة.. ونحن سرنا على بركة الله في طريق جهادنا ، لا نبحث عن متاع دنيوي زائل..." وقال مبيّنا النهج: "نحن ننفِّذ أوامر الله في جهاد اليهود... نحن لا نبحث عن مناصب أو مراكز في هذه الدنيا ... ولو كان الأمر كذلك لنافقنا وتملّقْنا ولما سرنا عكس التيار... نحن طلاب آخرة ولسنا طلاب دنيا". حمل السلاح يوم ألقاه الجميع وتمسّك بالنهج يوم تخلى عنه أصحابه! نفر يوم أن قلّ الموافق، وعزّ النصير ، وقلّ المعين ، وكثرت الجراح واشتدّ الخطب وتخطفت يد المنون كثيراً من الفرسان الأوائل، والأبطال الأماثل. !! طلق الدنيا ثلاثا واشترى جنان الخلد! ترك الدنيا ونعيمها من أجل لا إله إلا الله! بطل من أبطال التوحيد، ورجل من رجال العقيدة , سلفيّ العقيدة جهاديّ الدّرب قسّاميّ الإنتماء! مجاهد عقائدي ينظر بعين الشرع لا بعين السياسة! ربط الجهاد وعاطفته بالعقيدة الصحيحة وبالعلم الشرعي فكان يرى أن الجهاد جزء من العقيدة وفرض عين كما الصلاة يحتاج للإعداد الشرعي فبدأ بإعداد سلسلة من الدروس الشرعية يبيّن فيها المنهج الجهادي ويؤصّل أحكامه ويرد على الشُّبَه التي تُثار حوله فبدأ بمقالة: "أيها الوالدان؛ لا استئذان في فروض الأعيان" ثم ما لبث أن أصبح مطلوبا للصهاينة فمن يُكمل المشوار؟!
المطاردة: مغوار لا يعرف القعود وصنديد لا يعرف الخَوَر وكَتوم لا يعرف الثرثرة ! تسلّم قيادة كتائب الشهيد عز الدين القسام في شمال الضفّة المحتلة بعد خروجه من السجن فعزم على إعادة بناء الكتائب من جديد فبدأ بتشكيل الخلايا العسكرية! وبدأ مشواره العسكريّ فعمل في تصنيع المتفجرات وتركيب الأحزمة والعبوات وإعداد الإستشهاديين وإرسالهم لتنفيذ العمليات الجهادية وكان المدبّر للعديد من العمليات الإستشهادية وشارك في بعض العمليات العسكرية حتى كُشفت إحدى الخلايا واعتقل بعض أفرادها فاعترفوا على إحسان ليصبح بعدها بأيام مطلوبا لقوّات الاحتلال! فلم يثنه ذلك عن إكمال ما بدأ به رغم ما عاناه في فترة المطاردة ورغم ما واجهه من مصاعب حيث لا مأوى ولا نصير ولا معين! فأخذ يتنقّل من مدينة إلى مدينة يعيد البناء وينظّم الصفوف ويدرّب , وكان رحمه الله يخطط لنقل المشروع الجهادي نقلة نوعية في الفكر والعمل! غير أنّه استشهد بعد بضعة أشهر من المطاردة وطويت أحلامه! وكان جادّاً في التزام المبدأ والثبات عليه... يعرف ذلك كل من عاشره من إخوانه....وبقي ثابتاً على المنهج والطريق حتى استشهد.. ولمّا سمع أن الحركة ستشارك في الإنتخابات البلدية دون التشريعية! وذلك في إحدى بيانات الحركة في محافظة قلقيلية أنكر ذلك وقال "لن يتمّ الأمر حتّى لو وصلت إلى خالد مشعل " وقبل استشهاده بشهر تقريبا جمع بيانات الحركة السابقة التي تدعو إلى عدم الدخول في الإنتخابات التشريعية عام 1996 والبيانات الداعية إلى خوض الإنتخابات البلدية ليكتب خطابا إلى خالد مشعل يدعوه إلى عدم الموافقة على الأمر! إلا أنّ الرحيل عاجله! مسعّر حرب لو كان معه رجال، لا تأخذه في الله لومة لائم، شديدا ًعلى أعداء الله!
الاستشهاد: وفي مساء يوم الأحد الثاني عشر من شهر كانون أوّل 2004 كان الأسد على موعد مع أعداء الله , حيث تمّت محاصرته في إحدى البنايات في شارع الأرصاد من الجبل الشمالي في مدينة نابلس بقوّات كبيرة من الجيش تدعمهم الدبابات والطائرات , وحين شعر أنّ القوم يريدونه استعدّ للقاء وصلّى ركعتي الشهادة ورفع يديه عاليا إلى السماء يدعو ربّه ثمّ أخبر رفاقه بأنّه محاصر ، ليبدأ بعدها اشتباك بين جندي التوحيد وجنود الطاغوت استخدموا فيه قذائف الدبابات والقنابل والأسلحة الثقيلة أمّ هو فلم يكن معه سوى رشاشه ومسدّسه , واستمرّت المواجهة حتّى فجر الإثنين الثالث عشر من كانون الأوّل حيث اشتبك مباشرة معهم بمسدسه بعد أن حصل عطل في سلاحه الرشاش ، وحسب إعترافات العدو أنّه جرح ثلاثة من جنوده في المواجه ثم أصيب إصابة قاتلة في فمه مزّقت جزءا من رأسه لتصعد روحه الطاهرة مع أذان الفجر تشكو إلى الله ظلم الطواغيت! ولمّا نُقِل إلى المستشفى وُجد في جسده أكثر من ثلاثين موضع لشظية أو رصاصة! وهناك في مستشفى رفيديا في نابلس تجمّعت حشود الناس من محبّيه وأصحابه وعمّ المدينة الإضراب وخرجت جنازة مهيبة حضرها الآلاف من المستشفى إلى جامعة النجاح بعد تعليق الدوام فيها وتمّ تأبينه هناك وسط جمع كبير من الناس ثمّ ودّعه أحباؤه وألقوا عليه النظرة الأخيرة لتُكمِل الجنازة مسيرها نحو دوّار الشهداء في نابلس لينقل بعدها إلى بلدته كفر ثلث حيث كان الناس ينتظرونه في قرية عزّون المجاورة لتنطلق منها جنازة لم تشهد المنطقة مثلها جنازة من قبل , ووصل بيته على الأكتاف كما أراد رحمه الله ليودّعَه أهل بيته بالدموع والأنات والصبر الجميل, وضجّت البلدة بحشود البشر حتّى امتلأت شوارعها وضاقت بالناس وأُبِّن ثانية عند المقبرة وصلّى عليه الناس ليُوارى جثمانه الثّرى وتهنأ روحه بعرس الشهادة في الجنان وتبقى ذكراه في نفوس كلّ من عرفه! وهكذا عاش طيلة سنة مشرداً طريداً يترقب العدو ليل نهار، سلاحه لا يفارقه، وحذره واحتياطه دائم..ولم يرَ أهله طيلة فترة المطاردة بالرغم من شوقه إليهم وعظيم اشتياقهم إليه , وبقي حاملا روحه على كفّه حتى قتل رحمه الله شهيداً بعد أن دافع عن نفسه بما يستطيع وفضل أن يُقتَل في سبيل الله على أن يصبح أسيرا لدى يهود. وأسوته في ذلك الصحابي الجليل الذي قال لما أدركه الطلب (أما أنا فلا أنزل اليوم في ذمة كافر). فرحمك الله يا إحسان رحمة واسعة، لقد كنت - والله - الأخ الحبيب والصديق الشفيق، وكنت السمع والبصر، فوالله إن مكانك مازال شاغراً، لا يستطيع أن يملأه أحد، وبموتك فقدت عضواً من أعضائي, وإن القلب ليحزن...وإن العين لتدمع... وإنا على فراقك يا إحسان لمحزنون..ولكن لا نقول إلا ما يرضي ربنا وحسبنا الله ونعم الوكيل... |
| | | ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: رجالات وشهداء ثورة 1936 الجمعة 06 نوفمبر 2020, 12:31 pm | |
| |
| | | | رجالات وشهداء ثورة 1936 | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |