القدس تحت سطوة الاحتلال.. حقائق وأرقام خلال 2020
كان عام 2020 محفوفًا بالمعاناة والتحديات، حافلًا بالأحداث المتلاحقة والاعتداءات الإسرائيلية والمشاريع الاستيطانية والتهويدية بحق مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى المبارك، ومحاولات حسم معركتها نهائيًا لجعلها مدينة ذات صبغة يهودية.
وُصف بالأشد قسوة وسوءًا على القدس وسكانها، بسبب ما شهده من تصاعد خطير في هجمة الاحتلال على المدينة وهويتها الإسلامية ومحاولات تغيير طابعها وطمس معالمها وحضارتها العريقة، واستهداف المسجد الأقصى وموظفيه ورواده بالملاحقة والاعتقال والإبعاد، بالإضافة إلى محاولات “جماعات الهيكل” المزعوم تكريس وجودهم الدائم بالمسجد.
لم تقتصر الهجمة على ذلك، بل واصلت قوات الاحتلال عمليات التطهير العرقي بحق المقدسيين، والتنكيل بهم على الحواجز، وهدم منازلهم والاستيلاء عليها، وفرض المخالفات والضرائب الباهظة، وخنق الاقتصاد المقدسي، وإغلاق عشرات المؤسسات وقمع الفعاليات والمبادرات الشبابية وملاحقة النشطاء والشخصيات المقدسية.
وما زاد من تغول الاحتلال في سياسته وعدوانه الممنهج ضد المقدسيين والمقدسات الاسلامية والمسيحية بالمدينة، التطبيع العربي مع “إسرائيل”، والدعم الأمريكي اللامحدود لها، ناهيك عن انشغال العالم في مواجهة وباء “كورونا”.
أيامٌ قليلة، ويطوي عام 2020 صفحاته الأخيرة، ليبدأ عامًا جديدًا لن يحمل للمقدسيين-وفق توقعاتهم-سوى المزيد من الاعتداءات والإجراءات التعسفية، وتضييق الخناق عليهم أكثر فأكثر، بهدف دفعهم للرحيل وترك المدينة المقدسة لقمة سائغة للمستوطنين.
إحداث تغيرات
وشكل العام 2020 بؤرة استهداف غير مسبوقة للقدس، ومحاولة الاحتلال إحداث تغيرات في وجهها الحضاري والتاريخي والجغرافي، وخنق اقتصادها، لفرض سيطرته الكاملة عليها، كما يقول الباحث في شؤون القدس فخري أبو دياب.
ومن أبرز الأحداث هذا العام، وضع حكومة الاحتلال خطة (20-30) بهدف رفع نسبة الوجود اليهودي بالقدس إلى 90% مقابل 10% للعرب، يعيشون في مساحة 9% من أراضي المدينة، تحيطها المستوطنات، لمنع التمدد جغرافيًا.
ويضيف أبو دياب لوكالة “صفا” أن الاحتلال صادق خلال العام نفسه، على عشرات المشاريع التهويدية والاستيطانية بالمدينة، بعضها بدأ تنفيذها، وأخرى سيتم خلال العام 2021.
ومن ضمن هذه المشاريع، “إقامة درج كهربائي من حارة الشرف حتى ساحة البراق، وعجلة القدس بجبل المكبر، و5 حدائق توراتية، ووادي السيليكون في وادي الجوز، والشارع الأمريكي، بالإضافة إلى محاولة السيطرة على باب الرحمة واقتطاع 12% من مساحة المقبرة، واستهداف مقبرة الشهداء.
أرقام واحصائيات
وخلال العام 2020 ضاعف الاحتلال عدد المستوطنين والوحدات الاستيطانية، ويخطط لزيادة العدد إلى مليون و200 ألف مستوطن حتى العام 2030، بالإضافة إلى سيطرته على الأراضي الفلسطينية لإقامة مشاريعه، ومنع الفلسطينيين من استغلالها والبناء فيها.
ووفق أبو دياب، فإن “إسرائيل” تخطط لجعل المقدسيين أقلية هامشية، لا يتجاوز عددهم 35 ألف مواطن من أصل 370 ألفًا، أي بنسبة 12% فقط.
ويبين أن الاحتلال أعطى أوامر إخلاء منازل لـ 49 مقدسيًا بحي الشيخ جراح وبلدة سلوان، بادعاء أنها “أملاك لليهود”، وتسليم أوامر هدم إدارية وقضائية لـ 819 منزلًا.
ويوضح أن الاحتلال فرض خلال العام 2020، مخالفات بناء على المقدسيين بقيمة 9 مليون و785 ألف شيكل، ونحو 3.5 مليون شيكل مخالفات، بحجة عدم الالتزام بالتعليمات الصحية اللازمة للوقاية من “كورونا.
وطالت الإجراءات عشرات المؤسسات المقدسية، إذ تم إغلاق أو تمديد إغلاق 25 مؤسسة ثقافية وتعليمية وإعلامية، ناهيك عن هدم نحو 153 منزلًا، من بينهما 28 تم هدمه قسريًا.
ويشير أبو دياب إلى أن العام 2020 شهد اعتقال واستدعاء 817 مواطنًا، واقتحام 463 منزلًا بالقدس، فيما أصدر الاحتلال 142 قرار إبعاد عن المسجد الأقصى، من بينها 7 أشخاص تم إبعادهم عدة مرات، وكذلك 16 مرة مُنعت طواقم الأوقاف الإسلامية من إجراء أعمال ترميم بالمسجد.
ونتيجة الحفريات والأعمال التي نفذتها الجمعيات الاستيطانية والاحتلال، جرى إحداث تشققات في 15 منزلًا بباب السلسلة بالبلدة القديمة، و16 في سلوان.
وكان هذا العام قاسيًا على العمال المقدسيين، إذ فقد 17 ألف مقدسي أعمالهم، بسبب انتشار “كورونا”، وما تضمنه من إجراءات إسرائيلية مشددة، بالإضافة إلى الضغط المتزايد على الاقتصاد المقدسي وإغلاق المحلات التجارية، إذ يعيش 79.6% من المقدسيين تحت خط الفقر.
أشد قسوة
ويقول المختص في شؤون القدس ناصر الهدمي إن العام 2020 يعتبر الأشد قسوة عن الأعوام السابقة، لما شهده من عمليات استيطان غير مسبوقة وتهويد متسارعة، وهدم للمنازل، وزيادة اقتحامات الأقصى، ومحاولات للتغير الواقع التاريخي فيها.
ويوضح الهدمي لوكالة “صفا” أن الوضع السياسي العام بالمنطقة، خصوصًا تهافت دول عربية على التطبيع مع “إسرائيل”، وزيارة المطبعين العرب للأقصى، لم يكن بعيدًا عما جرى بالقدس، والذي أثر على قضيتها بالكامل.
توقعات 2021
ولم يُبد أبو دياب تفاؤلًا حيال تغيير الوضع للأفضل بالقدس خلال العام المقبل، بل يرى أن “القادم سيكون قاتمًا، بحيث سنشهد تغييرًا كبيرًا وكاملًا في واقع المدينة ووجهها العام والحضاري، وسيعمل الاحتلال على حسم موضوع القدس بشكل نهائي”.
ويضيف “2021 عام التغيير والتنفيذ لمشاريع الاحتلال، بعدما وضع كل البرامج والأمور اللوجستية لتهويد المدينة بشكل عام، وأخذ الضوء الأخضر لبسط سيطرته، في مقابل عدم وجود أي رادع حقيقي عربيًا أو فلسطينيًا أو دوليًا لوقف مخططاته، وضعف الدعم العربي والإسلامي للقدس”.
أما الهدمي؛ فيتوقع أن “يشهد العام 2021، مزيدًا من الاعتداءات وفرض السيادة على القدس، وتتويج مخططاته فيها وتغيير طابع المدينة الإسلامي، وقطف ثمار ما أصدره من قرارات بحق القضية الفلسطينية”.
لكن رغم إجراءات الاحتلال، يشدد الهدمي على أن “المقدسيين سيفشلون تلك المخططات، وسيقفون صفًا واحدًا بمواجهة الاحتلال”.
ويضيف “نرى بالعام المقبل أملًا بواقع أفضل، لكننا بحاجة لإعداد كامل لإزالة الاحتلال عن أرضنا المحتلة”.