فزّاعة الدولار.. وقوة الاقتصاد الصيني !
طارق بصمه جي
مازال العالم محكوماً بنظام اقتصادي أحادي القطب ، مرتبطاً بالولايات المتحدة الامريكية وذلك منذ سنوات عديدة، بعد أن انهالت الاستثمارات الأوروبية على أمريكا بعد الحرب العالمية الأولى ، لكونها منطقة آمنة آنذاك، و مع أواخر الحرب العالمية الثانية تهاوت معظم العملات الأوروبية في المنطقة ، مما اضطر ممثلي 44 دولة حول العالم للاجتماع بهدف تطوير نظام النقد الدولي الجديد، وإيجاد مخرج اقتصادي يمنع التخفيضات التنافسية ويحافظ على استقرار سعر الصرف .
استطاعت واشنطن عام 1944 اقناع تلك الدول أنها الأكثر أمناً في المنطقة ، فجاءت اتفاقية “بريتن وودز” ، التي نصّت على ضرورة ربط العملات المنهارة بالدولار ..! مع الحفاظ على إمكانية أن تحول كل دولة رصيدها متى شاءت من دولار إلى ذهب (وفق معادلة 35 دولار لكل أونصة) كما وتعهدت واشنطن أن تمتنع عن طباعة أي دولار جديد إن لم تكن تمتلك في رصيدها قيمة مساوية له من الذهب ، إلا أن ذلك لم يحصل..!!
فمع نهاية الحرب الامريكية الفيتنامية، اضطرت واشنطن أن تخرق الاتفاقية السابقة و تطبع مبالغ ضخمة من الدولارات دون رصيد يوازيها من الذهب، وذلك لتغطية النفقات الباهظة للحرب التي لم تعد تحتمل ، الأمر الذي كشف عورة الاقتصاد الاميركي وانتزع منه القناع..!!
صدمة نيكسون!
أمام الوعود “البراقة” التي اطلقتها أميركا في اتفاقية عام 1944 ، قرر الرئيس الفرنسي “شارل ديغول “في العام 1965 مبادلة دولارات المصرف المركزي الفرنسي بالذهب.. !! ، وهذا طبعاً حق مشروع حسب الاتفاقية..!! ، إنما جاء الرد الأميركي بالتهرّب والرفض ، حتى اضطرت واشنطن أن تنسحب من هذه الاتفاقية عام 1971 ، مما شكّل انهياراً متسارعاً في الاقتصاد الاميركي، أفقد العالم الثقة بهذه العملة التي تهاوت آنذاك مثل أحجار الدومينو.
السعودية انقذت اميركا !!
بعد تورط واشنطن بحرب فيتنام كان لا بد للرئيس الأميركي بالتعاون مع “هنري كيسنجر” أن يبحث عن الحلول السريعة ويتخذ قراراً ينقذ الاقتصاد الاميركي من الانهيار ، فقرر في العام 1973 ، أن يقدم عرضاً مغرياً للملك السعودي، وهو أن تقوم أميركا بتثبيت دعائم الحكم السعودي وحمايته وتقديم شتى الدعم اللوجستي والعسكري له ، وذلك مقابل أن تتعهد السعودية ببيع نفطها بالدولار الاميركي فقط..!! وهو ما عرف لاحقاً بمشروع “البيترو دولار” حيث استطاع الملك السعودي أن يقنع أيضاً دول الانتاج النفطي “أوبك” ، أن يبيعوا نفطهم بالدولار حصراً ..! ، مما شكّل عاملاً أساسياً في تثبيت دعائم عملة الدولار من جديد بعد أن كان مصيرها الانهيار..!