تَأْثِير أَلْعَوْلَمَة عَلَى إِضْعَافْ وَحْدَةْ أَلْأُمَةَ أَلْعَرَبِيَةَ
شبكة البصرة
أَ.د. أَبو لهيب
مِنْ الواضح أَنَ القوى العالمية لها مصالحها على الساحة العالمية، وقد تبنت أيدولوجيا وعمليات العولمة والاجراءات المصاحبة لها حتى يمكنها تمهيد العالم لتحقيق هذه المصالح، في هذا الاطار يدرك المتامل لسلوك هذه القوى أَنَّ مصالحها أَلْأَكثر اهمية قائمة في المنطقة العربية. ففي هذه المنطقة تكمن الثروة النفطية التي يحتاجها العالم المتقدم، سواء الثروة المستخرجة حالياً أَو الاحتياطي الكامن في باطن الارض، ويعني ذلك سيطرة الولايات المتحدة الامريكية (القوة المحورية في عالم العولمة) على هذا المصدر الطبيعي أَنْ تضمن سيطرتها لفترة طويلة على ضبط توجهات التفاعل العالمي بما يحقق مصالحها، بِألْإِضافة إلى ذلك فإِنَّ العوائد البترولية تشكل العمود الفقري لرأسمالية الولايات المتحدة الامريكية، يتضح من ذلك إِنَّهُ كلما واجهت الولايات المتحدة أَزمةً في ميزان المدفوعات، كلما باعت إِلى المجتمعات دول الخليج العربي سِلَعَاً و سلاحاً لاتحتاجها، حيث تستخدم الولايات المتحدة العائدات البترولية لضمان دوران عجلة الانتاج في داخلها.
إِضافةً إلى ذلك أَنَّ المنطقة العربية بحكم عدد سكانها ووجود الترف النسبي لبعض مجتمعاتها، تشكل سوقاً له قيمته بالنسبة لِإِقتصاديات القوى العالمية، وبخاصة الولايات المتحدة الامريكية، ومِنْ ثُمَّ فَمِنَ الضروري أَنْ اعمل مِنْ خلال إِعْلام وتكنولوجيا المعلومات لِإِعادة تشكيل أَذواق البشر في المجتمعات العربية حتى يكونوا جاهزين لِإِستهلاك المنتوجات الامريكية، إضافة إلى ذلك فَإِنَّ السيطرة غير المباشرة على الانظمة السياسية في المجتمعات العربية سوف تسير الحفاظ على التوازن الاستراتيجي بين العرب وإِسرائيل مِنْ الناحية الاولى وَمِنْ الناحية الثانية تجعل القوة العربية في كل الحالات تحت السيطرة، أَما أَهم مِنْ ذلك في النهاية الحفاظ على أَمن إسرائيل ودوام شعورها بِألْأمن مِنْ الناحية الثالثة. هذا إلى جانب أَنَّ موقع العالم العربي يشكل الموقع الاكثر ملائمة إِذا رغبت القوى الكبرى والولايات المتحدة الامريكية التوجه إلى أفريقيا، حيث تشير التقارير الاقتصادية إِلى وجود ألنفط والغاز في دارفور وجنوب السودان، أو بِإِستطاعتهم التوجه إلى قارة آسيا، حيثُ أَنَّ أفغانستان وإيران التي تزعج الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل ببرنامجها النووي.
وحتى تضمن الولايات المتحدة الامريكية هيمنتها على المجتمع العربي فَإِنها تبنت لتحقيق هذا الهدف آليات كثيرة، أَول هذه أَلْآليات إِستخدام تكنولوجيا الاعلام والمعلومات لتشكيل أذواق البشر وتوجهاتهم، بحيث تصبح التبعية ذات طبيعة استراتيجية وليست تكتيكية إذا كانت مع الانظمة السياسية، حتى تفرض على المجتمع والانظمة السياسية الهيمنة والتبعية، فإِنها إِمتلكت آليات إِضافية أَولها العمل بِأتجاه تفكيك المجتمع العربي بِأساليب عديدة، لنشر حالة مِنْ عدم الاستقرار الاجتماعي، تصبح فيها هذه الانظمة في حاجة إِلى الولايات المتحدة الامريكية لضمان بقائها، ولتحقيق ذلك فإِنها قد تستفيد مِنْ التكوين الفسيفسائي للعالم العربي حيث تعمل على إِستنفار الجماعات الاثنية في مواجهة الانظمة السياسية عن توفير الظروف الملائمة للتعبير الحر لمختلف هذه الجماعات في إِطار الثقافة العامة للمجتمع أَو إِنها تقوم بتلويح بعض الشعارات الديمقراطية وحقوق الانسان وتداول السلطة وهي اعلانات تدرك الولايات المتحدة أنها تستطيع بواسطتها تركيع الانظمة السياسية الابوية التي على إستعداد فعلي لأي شيئ يضمن لها الاستمرار في مقاعدها وإِذا كانت الولايات المتحدة الامريكية والقوى العالمية الاخرى قد عملت باتجاه هز الاستقرار الاجتماعي للمجتمعات العربية مِنْ أجل السيطرة عليها، إضافة إِلى ترهيب الانظمة السياسية، فَإِننا نجدها لَمْ تتوقف عند حدود إِخضاع المجتمعات العربية في الوقت الحاضر ولكنها سعت إلى قطع الطريق عليها حتى لاتمتلك أية إِمكانية للاستقلال وذلك مِنْ خلال سلب ثرواتها الحالية، إَضافة إِلى سلب إِمكانيتها ألتي يمكن بواسطتها أَنْ تبني المستقبل وذلك مِنْ خلال العمل بِإِتجاه تهجير عقولها المؤهلة إلى المجتمعات المتقدمة فهي بذلك تكون ضربت عصفورين بحجر واحد، حيث نجدها مِنْ ناحية تكون قد أجهضت أَية إِمكانية لبناء مجتمع معرفة عربي، ومِنْ ثم أَية إِمكانية لبناء تحديث عربي مستقل إِضافة إِلى سلب إِقتصادي متضمن أَنفق على هذه العقول التي هاجرت، ومِنْ ناحية ثانية فإِنَّ هذه العقول حينما تهاجر إِلى مجتمعات القوى العالمية، فإِنها سوف تساعد على مزيد مِنْ تقدمها، بحيث ينضم هذا الاستلاب إلى كافة الإستلابات الاخرى تلك التي تسبب في وقوع الاستقطاب العالمي بين الدول العربية كافة أو بين الدول الفقيرة والدول الغنية، وهي حالة التي تحتاج إلى إرادة وطنية وقومية عربية أصيلة لمعالجتها وتجاوزها.