اليوم التالي لوقف العدوان عن غزة… الكرة لا تزال في ملعب أبو مازن
كما في كل مرة، نعيش في هذا الوطن السليب سنوات هدوء مرتقب، حتى تتفجر الأمور من كل الاتجاهات،
وتحط دمارا على غزة.
بقدر الألم والوجع والخسارة، تدب فينا حياة نتذكر بها اننا لا زلنا موجودين. لا يزال نبض الحياة كما يجب
ان تكون فينا. نبض الحياة التي تؤكدها القدس في صمودها وتعززها غزة في مقاومتها.
بعيدا عن التضحيات الجسيمة التي قدمتها فلسطين في هذه الأيام، فكلنا نتنفس الصعداء بتوحدنا كما تمنينا
دوما ان نتوحد. ولو للحظات مؤقتة. فهذه الوحدة وهذا الإصرار على الوجود وهذه المقاومة هي الشوكة التي
ستبقى عثرة، مؤرقة، قاتلة في حلق اعدائنا. ستبقى شوكة في حلق كل من تسول نفسه على المساومة
والمهادنة والتنازل عن حقنا بالوجود الذي نريده لنا. شعب واحد بوطن ممتد واحد، مهما تشرذم وتقسم
وانقسم تبقى روحه واحدة.
لا فلسطين بلا القدس.
لا فلسطين بلا غزة.
لا فلسطين بلا حيفا واللد وعكا وام الفحم.
وحدتنا وايماننا بأحقية قضيتنا وعدالتها هي الثابت الوحيد والدائم في وجودنا كفلسطينيين. لا يهم كم يمر
الزمن.
فجيل وراء الجيل تكبر فلسطين في وجداننا وقولبنا مهما تقسّمت وتشتت واستلبت.
ولكن….
كما دوما، للحقيقة وجه يقودها.
وما نحققه كشعب تجني ثماره القيادة.
سأقف اليوم بعيدا عن مجريات الأمور، ومخططاتها، وتوقعاتها السياسية، والإقليمية.
سأقف عند اللحظة الحالية التي لا يزال يتحكم أبو مازن بمعطياتها، ومؤقتا- ربما- مجرياتها.
فمهما قررنا تحييد قيادة رام الله الممثلة بفتح، وتحديدا أبو مازن شخصيا، الممثل بفتح والسلطة ومنظمة
التحرير. فأبو مازن وحده يملك قرار التغيير وإنقاذ الوضع لما تجلبه لنا هذه اللحظة التاريخية. فنحن امام
فرصة للتغيير نحو الأفضل بقرار منه، او الانحدار أكثر نحو الحضيض بقرار منه.
فهذه اللحظة اما ان تجلب لنا وحدة نلملم من خلالها شرذمتنا وانقسامنا وتشتتنا، واما تقسمنا أكثر وتقربنا
أكثر وسط كل هذه التضحيات الى فرقة حاسمة، تأخذ فيها غزة دولتها وتتشرذم الضفة في ولايات الى ملوك
طوائف.
الحل يكمن في قرار مبدئي يأخذه أبو مازن، وهو في إعادة الحياة لمنظمة التحرير الفلسطينية التي لا يزال
الشعب الفلسطيني يجد نفسه ممثلا بها. نحن امام فرصة تاريخية كشعب ان نجتمع من جديد تحت مظلة
المنظمة فضخ دماء حقيقية جديدة بها، وفتح بابها نحو الكل الفلسطيني: فصائل وكتل وحراكات وأحزاب،
وشباب من النساء والرجال.
ما نراه من مقاومة وإصرار لدى شباب فلسطيني من القدس الى حيفا الى رام الله يؤكد ان نبض هذا الوطن
ممثل وحي بهؤلاء الشباب. كما الشباب الذي كأنه افراد المنظمة الحاليين قبل خمسين وستين سنة.
الحل ليس بإلهائنا بوهم انتخابات لن تحدث بخيار أبو مازن وعلى يبدو لن تكون بحياته. “فجهوزية” (على
حسب تعبير أبو مازن بخطاب الجامعة العربية بالأمس) الامر بارتباطه بالقدس على طريقة أبو مازن لن
تحدث، على الرغم من ان اهل القدس أكدوا رغما عن الاحتلال ورغما عن كل من حاول ان يسلخ القدس
عن فلسطينيتها ان القدس ستبقى العنوان بأهلها لا برمزيتها. والانتخابات بشكليتها ورمزيتها، يمكن ان تظل
عنوان مشاركة القدس بطرق خلاقة يمكن التجهيز لها. فلقد أثبتنا للسلطة ولإسرائيل وللعالم، ان هويتنا
الفلسطينية ملك لنا لا يستطيع أحد ان ينتزعها منا مهما حاول استرضاءنا او تهديدنا.
والحل ليس بحكومة وفاق “ممكنة- يلتزم بها ” (على حسب تعبير أبو مازن بخطاب الجامعة العربية
بالأمس)، لأننا نعرف جيدا ان الحكومة كالانتخابات في ذهن صاحب السلطة، عملية الهاء يبتغي منها
ديمومة الوضع على ما هو عليه لا تغييره.
فاي حكومة تأتي بلا حلول حقيقية ومساحة حقيقية للعمل ليست الا مضيعة للوقت، واستهلاكا للموارد،
والأموال، والارزاق. فهذه الحكومات التي يتم تشكيله تباعا نتكلف نحن الشعب بالدفع لمخصصاتها واجورها
مدى الحياة.
نحن شعب تعدى الجميع في عدد الحكومات والوزراء، وبنفس القدر حرمنا من الانتخابات.
بينما يبحث أبو مازن في الوقت الضائع عن مخرج يتيح له الديمومة في الهائنا بحكومة وفاق على شروط
الرباعية، أي انها ستكون حكومة تخلو من اهم مقومات وحدتنا وتعزز الانقسام وتؤكده. نحن لا نحتاج الى
حكومة وفاق لاقتسام ثمن العدوان على غزة لتتيح للدول المانحة ضخ الأموال من اجل الاعمار من جديد.
نحن بحاجة للم الشمل الفلسطيني عن طريق منظمة التحرير الان، بفتحها امام الشعب لتمثله.
نحن بحاجة للترتيب لانتخابات حقيقية نستطيع من خلالها البدء بعملية الإصلاح للوضع المتصدع. فنحن
امام دمار شامل لا يختلف في شكله عن الدمار الفعلي الذي نشاهده اليوم في غزة.
نحن بحاجة لإعادة بنائنا الداخلي. وعلينا المطالبة الجادة كفلسطينيين في كل مكان بإعادة الحياة لمنظمة
التحرير بما يمثلنا كشعب فلسطيني، لا بما يريده أبو مازن لبقائه الابدي.
الحقيقة، انني دوما احترت بما يجول في عقل أبو مازن. تمنيت لو ان مشكلته فقط فيمن يحيطه من
مستشارين. فلقد رأينا المآسي بالشهور الأخيرة من عدم كفاءة وقرارات كارثية فضائحية، جعلت من القيادة
الممثلة بما يمثله أبو مازن اضحوكة للقاصي والداني. للمحب والحاقد. للصديق والعدو.
لا اعرف ان كان سوء الحظ هو حليف أبو مازن، ام هي قراراته الواضحة بإبقائه الوضع على ما هو عليه
ببقائه. لم يتبق من الحظ ما يحالفه، فلقد انتفضت عليه فتح نفسها، والتشرذم والتنحي والتمرد الحاصل في
فتح لن يزيد الا دمارا لهذه الحركة المهمة والاصيلة بالوجدان الفلسطيني العام. فلا أحد يريد لفتح ان
تتحطم.
وما جرى من هبة وانتفاضة ضد الاحتلال مبطن بغضب واستياء وتحذير ضد السلطة. فلا يحتاج الامر الى
تحليل عميق. فالأمور واضحة. نحن شعب بغض النظر عن عملية كي الوعي الممنهجة التي طالته، لا تزال
بوصلتنا موجهة في مقاومتها ضد الاحتلال. ولكن، بينما يتأجج الوضع بسبب الفساد المستشري،
والدكتاتورية الناظمة لحياتنا كفلسطينيين تحت السلطة، والمحاباة، وانعدام الامن وغياب القانون وانتشار
السلاح وقمع الحريات، تنتظرنا بالتأكيد حربا أهلية بشعة، ستطال الأخضر واليابس. السلطة والشعب.
وعليه، أتمنى لو يتحرك ضمير أبو مازن ويمارس دوره كرئيس فعلي لفلسطين. لا كرئيس لزمرة من ارباب
المصالح التي تبقيه وتبقي مصالحهم كأن الوطن مشروعهم الاستثماري.
“طفح الكيل”.. الرئيس الفلسطيني: القدس خط أحمر ولا سلام أو استقرار إلا بتحريرها
قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن إن “القدس خط أحمر ولا سلام ولا أمن ولا استقرار إلا
بتحريرها الكامل من الاحتلال الإسرائيلي”.
وأضاف عباس، في كلمة متلفزة، الأربعاء، قبيل اجتماع للقيادة الفلسطينية بمدينة برام الله، أن “شعبنا قال
كلمته ونحن معه نريد مستقبلا بلا عدوان وبلا استيطان”.
وأردف “نواصل التحرك والعمل لوقف العدوان الهمجي على شعبنا في القدس وغزة والضفة”.
وأوضح عباس “تحركنا على كل المستويات التزاما بمسؤوليتنا الوطنية وسنواصل العمل بكل ما يمكن
للدفاع عن شعبنا وكف الاحتلال عن مقدساتنا وسندرس اليوم كل خياراتنا”.
وزاد “في كل يوم تجري اتصالات بيننا وبين أمريكا لنقول لهم كفى”.
ووجه رسالة للولايات المتحدة وإسرائيل قائلا
“طفح الكيل. ارحلوا عنا، سنبقى شوكة في عيونكم، لن نغادر
انهوا احتلالكم لبلادنا اليوم وليس غدا”.
ارتفاع حصيلة الشهداء
وفي السياق، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أن سلاح الجو التابع له شن أكثر من 500 غارة على أهداف
في قطاع غزة، بينما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية عن حصيلة جديدة لضحايا الغارات الإسرائيلية،
وقالت إنها أسفرت عن سقوط 65 شهيدا بينهم 16 طفلا و5 سيدات، بالإضافة إلى 365 مصابا.
وكانت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) قد قصفت المدن والمستوطنات في
محيط قطاع غزة بـ130 صاروخا ردا على تدمير برج الشروق وسط مدينة غزة، وكرد أولي على اغتيال
القيادي باسم عيسى ورفاقه، بينما أعلنت سلطات الاحتلال عن سقوط قتيل وعدد من الإصابات في
سديروت.
وبثت وسائل إعلام إسرائيلية مقاطع فيديو لإصابة منزل في سديروت بعد تعرضه لسقوط صاروخ أطلق من
غزة واندلاع الحرائق وانقطاع التيار الكهرباء عن مستوطنات غلاف قطاع غزة.
ونقل مراسل الجزيرة أن 3 إسرائيليين أصيبوا جراء القصف على مدينة سديروت شمال شرق غزة، وقال
إن إصابة أحدهم خطيرة، كما تعرضت المباني في المدينة لإصابات مباشرة في عسقلان بعد رشقات
صاروخية متتالية.
وقالت كتائب القسام إنها أطلقت صواريخ استهدفت بلدة أسدود وأصابت مرفأها إصابة مباشرة، وقد بثت
وسائل إعلام إسرائيلية صورا مسجلة أظهرت آثار دمار في ميناء أسدود إلى الشمال من قطاع غزة في
أعقاب إطلاق صواريخ على الميناء انطلقت من القطاع.
وكانت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد قالت إنها وجهت ضربة صاروخية باتجاه تل أبيب
ومحيطها ومدن أخرى بـ100 صاروخ، فجر اليوم الأربعاء، وقد ارتفع عدد القتلى الإسرائيليين جراء
صواريخ المقاومة إلى 6.
وقال الناطق العسكري لسرايا القدس -الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي- إن السرايا وجهت رشقة
صاروخية بـ100 صاروخ باتجاه تل أبيب ومحيطها ومدن أخرى.
وقصف جيش الاحتلال الإسرائيلي، مساء الأربعاء، برجا سكنيا وسط مدينة غزة هو الثالث منذ بدء التصعيد
مساء الإثنين.
وأفاد شهود عيان بأن طائرات الحربية التابعة للاحتلال الإسرائيلي قصفت بعدة صواريخ برج (الشروق)
المكون من 13 طابقا في شارع عمر المختار وسط مدينة غزة.
وتسببت الصواريخ الإسرائيلية بانهيار نصف المبنى وإلحاق دمار هائل بالنصف الآخر حتى بات على
وشك الانهيار كما أحدثت أضرارا كبيرة في المباني والمنشآت المجاورة له.
وأسفر القصف العنيف عن انقطاع التيار الكهربائي في المنطقة المحيطة به.
ويضم البرج المستهدف شققا سكنية وعددا من مكاتب الشركات والمؤسسات الصحفية العاملة في غزة.
ومنذ أكثر من أسبوع، يشهد حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة مواجهات بين شرطة الاحتلال الإسرائيلي
وسكانه الفلسطينيين ومتضامنين معهم، حيث تواجه 12 عائلة خطر الإجلاء من منازلها لصالح مستوطنين
إسرائيليين بموجب قرارات صدرت عن محاكم إسرائيلية.
https://youtu.be/SKOLObl7jnAhttps://youtu.be/3I32i6yEsc4