نُهِبَت مُدّخرات حياتي.. أين أذهب؟..
رسالة حارّة من مستثمر أردني أمريكي إلى الملك تنشد العدالة: كيف استغل عفو ملكي لصالح مجرمين؟.. 12 عامًا في القضاء لشكوى بشاهدين وهيئة الأوراق المالية تسمح للوسطاء بتحويل أموال المستثمرين لحساباتهم الشخصية
عمان- خاص بـ”رأي اليوم”:
نُهِبَت مُدّخرات حياتي، قد تكون مجرّد عبارة موسمية مكررة تصل مؤسسة القصور الملكية الأردنية العشرات منها في إطار الشكوى أو التذمّر أو البحث عن ملاذ ومناشدة الملك.
لكن المسألة تصبح أكثر إثارة عندما يصر مستثمر أردني متوسط من المغتربين على كشف “عورات” مهمة في هيكل السلطات والمؤسسات وبصورة غير مسبوقة في رسالة خاصة وجّهت للملك عبد الله الثاني شخصيا وباللغتين العربية والإنجليزية.
الرسالة توضّح قصة غير مسبوقة وغير مألوفة حصلت مع المستثمر الذي يحمل الجنسيتين الأردنية والأمريكية ويقيم الآن مع عائلته في عمان العاصمة “منهوبا” على حدّ وصفه بعدما فقد مدّخراته بسبب الآليات والتقنيات التي استخدمت في إنفاذ مضمون عفو ملكي صدر قبل سنوات عن مختلف أصناف المدانين حيث تضرّر المشتكي هنا بالرغم من الطبيعة الاقتصادية للجريمة التي ارتكبت في حقّه.
قد تكون من المرّات النادرة جدًّا التي يفقد فيها مواطن أردني ليس مدخراته فقط ولكن حقوقه القضائية والقانونية جرّاء عملية احتيال تعرّض لها وتفحصتها المحاكم قبل أن تطيح تطبيقات السلطات لمفهوم العفو الملكي بحقوق الضحية.
هي أيضا من المرّات النادرة التي ينتهي عفو ملكي صادر سابقا فيها بهضم وظلم حقوق مواطن أصبح ضحية.
خلافا لمن يتذمّرون فقط ويكثرون من الشكوى بدون إسناد قوي قرر المواطن الأردني عيسى محمد مطر مخاطبة الملك شخصيا وباللغتين في القصة الغريبة التي حصلت معه تحت عنوان “جلالة الملك لقد نهبوا مدخراتي”.
تبدأ القصة حسب الرسالة في عمان 2007 حيث اشترى الاردني مطر بمدخراته البالغة مليون دولارا اسهما في البنك العربي عن طريق شركة وساطة في سوق البورصة المالية وبعد عام واحد فقط سجن مدير شركة الوساطة في جريمة مالية وتبيّن أن الوسطاء في السوق المالي باعوا أسهم مطر بدون علمه ونهبوا امواله فلجا صاحب الرسالة الى القضاء وواجه الواقع حيث استغرق القضاء اثناء عشر سنة لإصدار حكم.
وتبيّن بعد هذه الفترة الطويلة بان المحكمة اجبرت على إصدار حكم بدون فترة سجن طويلة بسبب العفو الملكي حيث لم يعد ثمّة دافع للمدانين لإعادة المبلغ المنهوب والذي يقره القضاء لصاحبه.
ممتلكات الخصوم والمدانين كمجرمين محجوزة لمحكمة أمن الدولة أصلا وقد فوجئ المواطن مطر عندما اتّجه إلى محكمة التنفيذ بالحصول على حقوقه بأن حجز أموال المتخاصم معهم موجودة في امن الدولة وبالتالي لا يمكنه استعادة امواله.
مباشرة يسأل عيسى مطر الملك شخصيا: بدون حكم بالسجن وفي ظل عدم التمكّن من التصرّف بممتلكات من نهبوني المحجوزة.. أين أذهب؟
الأهم هو الشطر التالي في الرسالة المثيرة والتي يوضح فيها المستثمر الضحية للملك “ما جعل الجريمة ممكنة بحقه”.
عُنصران في المشهد هُنا:
الأول هو عدم كفاءة هيئة الاوراق المالية التي لا يوجد لها نظام واجراءات رقابية تحمي المستثمرين حيث تغيب منظومة الامان للمتداولين في سوق الاسهم وتسمح للوسطاء المرخصين ببيع الاسهم وايداع الاموال في حساباتهم الخاصة بدلا من حسابات المستثمرين الذين يقعون هنا تحت رحمة الوسطاء.
باختصار –يشرح مطر– الاجراءات المتبعة في الاسواق المالية توجّب إيداع ما ينتج عن بيع الاسهم بحسابات المستثمرين وليس باي حساب اخر.
تلك ثغرة مثيرة تكشف عنها رسالة المواطن الضحية لملك الأردن.
في الجزء الثاني من أركان الجريمة كما يسميها صاحبها عدم فاعلية وقدم النظام القضائي بصورة تخفق في ردع المجرمين وتعطيهم الوقت الطويل للمماطلة لا بل ارتكاب المزيد من الجرائم.
وهُنا يهمس مطر في الأذن الملكية قائلا: 12 عاما لإصدار حكم في قضية بها شاهدان فقط أنا أحدهما من الاسباب الكافية لان يفقد المواطن ثقته بسلطة القانون حيث كانت الفترة في حالتي كافية يا جلالة الملك لتمكين المجرمين من اخفاء المال المنهوب وتحويله لخارج المملكة.
وكان الملك عبد الله الثاني قد أمر بإزالة كل أصناف الإعاقات أمام المستثمرين وعشرات المرات فيما بقي ما يحصل في السوق المالي مع اشخاص مثل مطر في إطار الدلالة على ثغرات في غاية الأهمية.
أنا رجل مستقيم ومُكافح وعائلتي أهم ما لدي تلك عبارة يختم فيها مطر الجزء الانساني في ابلاغه المثير والمهم للملك مشيرا لأنه وقع ضحية وسطاء مجرمين وأنظمة مالية وقضائية غير فاعلة.
وأنه الآن في عمر التقاعد وبدلا من الاسترخاء وجد نفسه مشغولا بملاحقة مجرمين عبر متاهات قانونية لاستعادة اموال عمل بجد وجهد للحصول عليها طوال عقود.
اعتبر مطر في ختام رسالته للملك ان الحكومة مسئولة عن هذه الأسباب التي أدت لما حصل معه حيث الخلل كبير في هيئة الأوراق المالية وكونها تحتجز اصول المجرمين وطلب من الملك ان يأمر حكومته بإعادة امواله ومدخراته بعد معاناة عائلية استمرت 13 عاما بسبب جريمة مشينة تم التعامل معها من قبل الحكومة وكأنها مخالفة سير او غرامة سرعة قيادة سيارة.
يُخاطب مطر الملك في الخلاصة قائلا: صاحب الجلالة أنت أملي الوحيد لإحقاق العدالة”.