منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 زياد حافظ: قراءة أولية في نتائج “سيف القدس”:

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

زياد حافظ: قراءة أولية في نتائج “سيف القدس”: Empty
مُساهمةموضوع: زياد حافظ: قراءة أولية في نتائج “سيف القدس”:   زياد حافظ: قراءة أولية في نتائج “سيف القدس”: Emptyالإثنين 31 مايو 2021, 7:58 am

[rtl]



 قراءة أولية في نتائج “سيف القدس”: “إن عدتم عدنا”

 زياد حافظ


منذ لحظات الأولى في المواجهة الأخيرة بين أهلنا في فلسطين، كل فلسطين، والعدو الصهيوني المتمثل بعصابات المستعمرين وقوّات الاحتلال، كنّا على يقين أن الأحداث بحد ذاتها كانت بضخامة تحرّك الصفائح التكتونية التي تخلق الزلازل والبراكين وتخفي القارات بأكملها.  وبغض النظر إذا كانت المواجهة إحدى أو جميعها من مظاهر التحرّك التكتوني فمما لا شك فيه أن المعادلات الفلسطينية والعربية والإقليمية والدولية تغيّرت إلى ما لا رجعة.  فمحو عار النكبة ومن دعمها أصبح في متناول اليد والمسألة لم تعد مسألة “إذا” بل مسألة “متى” وأن ذلك ال “متى” أصبح قريبا جدا.  فللمرّة الأولي لا يمكن القول إن هذه الحرب على غزّة التي شنّها العدو بل وحّدت فلسطين أجمع حيث كانت صواريخ المقاومة تدّك كل معاقل العدو في كل فلسطين، فلم يعد الكلام عن “غزّة” أو الضفّة الغربية، أو القدس، أو فلسطين المحتلّة يحمل معاني التجزئة بل مقاطعات لكيان واحد وهو فلسطين العربية من البحر إلى النهر.




وبالتالي كان لا بد لنا من وقفة تأمل لمقاربة بعض دلالات الحرب ونتائجها لأنها مفصلية في تاريخ الصراع العربي الصهيوني وليس فقط من منظور المواجهة بين الفلسطينيين والعدو التي تتصدّر المشهد.  فصحيح أن الميدان العسكري كان بين الفلسطينيين والعدو ولكن المشاركة الشعبية من المحيط إلى الخليج التي ظهرت خلال العشرة الأيام المجيدة من تلك الحرب أعادت ذكرى الجماهير العربية التي كانت تهبّ في المناسبات الكبيرة في الخمسينات والستينات من القرن الماضي نافية بشكل مطلق كافة الادعاءات التي تبجحت بتغييب الجماهير العربية لتدعم زعمها بخروج فلسطين من الوعي القومي.  فالمجابهة الأخيرة أكدّت أن المعركة معركة قومية بكل أبعاد الكلمة رغم أنف كل من تباهى بتراجع القضية أو أراد حصرها بين “فلسطينيين” والكيان.  ففلسطين البوصلة، وفي طليعتها القدس، كانت وما زالت وستستمر القضية المركزية الأولى في امتنا العربية.  بل نؤكّد أكثر من ذلك أن لن يكتمل الاستقلال العربي، السياسي والاقتصادي والثقافي، إلاّ مع تحرير فلسطين من البحر إلى النهر.  فتحرير فلسطين هي قضية وجود ليس لفلسطين فحسب بل الأمة العربية بأكملها.




وفيما يتعلّق بالدلالات والتداعيات للمواجهة الأخيرة هناك شبه اجماع على العديد منها عند المراقبين سواء كانوا من المؤيّدين لخيار المقاومة والمقاومة نفسها أو من الطرف الآخر.  والدلالات هي على مستويات عدّة: أولا المستوى الفلسطيني، وثانيا مستوى الكيان المحتلّ، وثالثا المستوى العربي، ورابعا المستوى الإقليمي، وأخيرا المستوى الدولي، وجميع هذه المستويات متداخلة يصعب الفصل بينها.




فعلى صعيد المستوى الفلسطيني نجد أنه للمرة الأولى كانت المبادرة العسكرية منذ بداية المجابهة بيد المقاومة حيث استطاعت الرد بندّية لم يكن يتوقّعها العدو وحلفاؤه الدوليون ومن بعض العرب.  وهذه المبادرة كانت في مبادرة المقاومة على تسمية المواجهة ب “سيف القدس” بينما في السابقة كان العدو في جميع مواجهاته في فلسطين ولبنان يطلق الأسماء.  لم يفلح الكيان المحتلّ هذه المرّة لأنه أُستدرج إلى مواجهة لم يكن متحضّرا لها وبالتالي غابت عنه فرصة التسمية المسبقة.  لكن بعيدا عن حرب المبادرات في التسمية تظهر الحقيقة أن المبادرة الميدانية والسياسية كانت لأول مرّة في تاريخ الصراع بيد المقاومة.  فوقف إطلاق النار بشكل احادي من قبل الكيان المحتلّ دون تحقيق أي هدف عسكري وسياسي هو بمثابة إقرار بالهزيمة وإن لم يجرؤ رئيس وزراء الكيان المحتلّ على ذلك.  بل جاء الإقرار من خصومه السياسيين كافيغدور ليبرمان على سبيل المثال وليس الحصر.  وتصريحات نتنياهو حول “تدمير كل البنية التحتية الصاروخية” و”قتل جميع قيادات المقاومة” تثير السخرية، فكيف يمكن لاستشهاد الأطفال والنساء “قتل القيادات”؟  هذا برسم المحكمة الجنائية الدولية للتحرّك في هذا الموضوع.




وهذه الظاهرة الجديدة في اتخاذ زمام المبادرة لقصف مواقع الكيان أظهرت أيضا فاعلية القدرات العسكرية الفلسطينية المقاومة كما كشفت الإخفاقات الاستخباراتية لدى الكيان المحتل الذي لم يستطع إسكات منصّات إطلاق الصواريخ رغم كثافة الغارات ولم تستطع “قبته الحديدية” بمنع سيل الصواريخ.  وهذه الظاهرة ستكون لها انعكاسات خاصة على صعيد أمن الكيان المحتل وعلى صعيد تسويق الشبكة من قبل الأميركيين خاصة أنها تأتي على اعقاب الإخفاقات في منع صواريخ الحوثيين من الوصول إلى أهدافها في بلاد الحرمين.  من جهة أخرى، فإن دقّة الصواريخ دلالة على وجود تقنّيات متطوّرة تملكها المقاومة تلغي فرضيات الحصار على قطاع غزّة خاصة إن تأكّد وجود العقول التي تستطيع أن تصنّع وتطوّر ما لديها من إمكانيات عسكرية.  وما لفت نظرنا كمراقبين غير عسكريين هو استيعاب المقاومة للتكنولوجيات المتقدمّة المتمثلة بشبكة الصواريخ وعدم التخلّي في آن واحد عن التكنولوجيات البدائية إضافة إلى استراتيجية ذكية في إطلاق الصواريخ التي استنزفت قدرات “القبةّ الحديدية” ومنعت في آن واحد فعّالية تلك القبة.  فمن جهة هناك الصواريخ الدقيقة المتطوّرة ومن جهة أخرى هناك الشبان الفلسطينيين يرشقون شرطة الكيان المحتّل بالحجارة عبر المقالع.  فداوود الفلسطيني يهزم جالوت الصهيوني دون أن يستطيع الأخير أن يعدّل شيئا!  هذا وقاد أشار العديد من الخبراء العسكريين أن كلفة الصواريخ هي جزء بسيط من الكلفة التي يتكبدّها الكيان المحتل بكل طلعة لطائراته ولإطلاق صواريخه الأميركية.




الظاهرة الأخرى على المستوى الفلسطيني هي وجود غرفة عمليات مشتركة ليست فقط بين الفصائل الفلسطينية المقاومة لكن أيضا بين مكوّنات محور المقاومة في المنطقة، ما يدل على الجهوزية والتقدّم في التنسيق وأن المواجهة لم تعد بين الكيان المحتل وفلسطين بل مع كل محور المقاومة.  من جهة أخرى ما يدعم فعّالية تلك الغرفة وحدة الموقف الفلسطيني الداعم بشكل كامل للمقاومة ولخيارها في مواجهة الكيان المحتل.




الظاهرة الثالثة على المستوى الفلسطيني هي أن المواجهة المستمرّة بين أهلنا في فلسطين وعصابات المستعمرين المستوطنين ووحشية تلك العصابات ساهمت إلى حد كبير في كشف الزيف الصهيوني لدى الرأي العام الدولي.  والمواجهة المستمرة التي لم تتوقف يوما وإن كانت تمر بوتائر مختلفة تدلّ للقاصي والداني في الغرب أن هناك شعبا يناضل من أجل التحرّر من الاحتلال وليس للحصول على “حقوق”.  فحقيقة المشهد هي أن المعركة معركة تحرّر وليست معركة نبذ العنصرية كما يريد بعض المريدين اختزال بل حصر الصراع في مواجهة العنصرية في الكيان دون المساس بوجود الكيان المحتل.  فلا تعايش ممكن مع كيان استعماري استيطاني محتل وإن نزع عن نفسه العنصرية!




الظاهرة الرابعة على صعيد المستوى الفلسطيني هي أن وقف إطلاق النار من قبل كيان العدو المحتل دون أن “يقبض” ثمنا سياسيا وعسكريا هو إقرار بالهزيمة.  ما يميّز هذه الجولة من الصراع مع الكيان المحتل هو غياب قرار أممي بوقف إطلاق النار وغياب “شروط” لتثبيته.  ما تقول المقاومة للكيان الصهيوني وللمجتمع الدولي هو “إن عدتم عدنا”.  قرار 1702 الذي أوقف العمليات العسكرية وليس وقف إطلاق النار) للعدوان الصهيوني على لبنان عام 2006 كان مرفقا ب “شروط” بينما القرار الأحادي الصهيوني لم يحمل أي شرط إلا ادعاءات فارغة ومضحكة من “نصر” حققّه رئيس وزراء الكيان.  هذا دليل واضح أن ميزان القوّة قد بدأ يميل لمصلحة المقاومة وهذا هو المتغيّر الاستراتيجي الذي افرزته معركة “سيف القدس”.  وهذا التحوّل في ميزان القوّة على الصعيد الفلسطيني هو أحد مظاهر التحرّك التكتوني الذي أشرنا إليه في مطلع هذه المقاربة.




الظاهرة الخامسة التي تدلّ بشكل قاطع على التحوّل التكتوني هو تصريح أحد القادة العسكريين للكيان المحتل لصحيفة “معاريف” الصهيونية هي خشيته من أن تقتحم المقاومة في غزّة الشريط الفاصل مع فلسطين المحتلة وأن تتوغّل المقاومة وتحتل مواقع في الغلاف الغزّاوي.  والمفارقة هنا هي بين كلام رئيس وزراء الكيان المحتل الذي يهدد تسوية غزّة بالأرض وخشية القادة العسكريين من “احتلال” المقاومة للغلاف العزّاوي.  فلأوّل مرّة نشهد ثقافة الهزيمة تغزو عقول القادة العسكريين في الكيان المحتل.




الظاهرة السادسة التي تؤكّد على ما نقوله في الفقرتين السابقتين تصريح الرئيس الأميركي جوزيف بايدن بإن “لا سلام في المنطقة” دون الاعتراف بحق الوجود للكيان المحتل وإن الحل هو “حل الدولتين”.  فبهذا التصريح ينسف الرئيس الأميركي اتفاقيات كامب دافيد، واتفاقية أوسلو، واتفاقية وادي عربة، والاتفاقات الابراهيمية التي اعترفت بحق الوجود وكأنها لم تعد كافية أو صالحة! فبالنسبة للرئيس الأميركي ما زال القبول بوجود الكيان مسألة جوهرية لإحلال سلام وأن هذا القبول غير موجود رغم الاتفاقات التي تقول عكس ذلك!




الظاهرة السابعة على المستوى الفلسطيني هو إلغاء مفاعيل وعد بالفور وإلغاء مفاعيل النكبة وإلغاء مفاعيل نكسة 1967 ليس على صعيد الانتصار فحسب بل على صعيد توحيد الأرض الفلسطينية التي أصبحت موحدّة وإن كانت تحت الاحتلال.  هذا متغيّر استراتيجي ينقض قرنا من الفرضيات والتعامل السياسي العربي والإقليمي والدولي.  فكيف يمكن للخارج أن يميّز اليوم بين غزّة واللد والضفة الغربية؟  وحدة المقاومة تلازمت مع وحدة الأرض، ووحدة الأرض في فلسطين تنذر بحتمية وحدة أرض الأمة العربية وإلغاء مفاعيل سايكس بيكو في المشرق العربي وإرث التجزئة الاستعمارية في المغرب العربي وفي الجزيرة العربية.  فالجماهير العربية التي خرجت لنصرة فلسطين في الأمس واليوم وفي الغد تقول ذلك، فوحدة الأمة هي تحرير فلسطين وتحرير فلسطين يوحّد الأمة.  ليست هذه أحلام كما سيسارع البعض ومروّجو ثقافة الهزيمة بل قراءتنا الموضوعية للتحوّلات التي نشهدها.  من كان ليصدّق أن العدو سيخرج مذلولا من لبنان، وها نحن على عتبة الاحتفال بذكرى الحادية والعشرين للتحرير؟  من كان يصدّق أن المقاومة في العراق ستفشل المشروع الأميركي الذي أعد في المنطقة لصالح الكيان؟ من كان يعتقد أن بإمكان المقاومة الصمود أمام العدوان الصهيوني في تموز 2006 رغم التآمر الداخلي والعربي عليها؟  من كان يعتقد أن سورية ستصمد وتنتصر على العدوان الكوني عليها خلال عشرية سوداء مدمرّة؟ من كان يعتقد أن قوى التحالف العدواني المدجّج بالسلاح الفتاّك سيفشل في اليمن؟  من كان يعتقد أن صواريخ اليمن ستدكّ آبار النفط في أنحاء بلاد الحجاز ونجد وإنها قد تصل إلى فلسطين؟  كل ذلك تحقّق وكنّا على يقين من تحقيقها منذ اللحظات الأولى.  فلماذا التشكيك بإمكانية النصر وتوحيد الأمة؟




وأخيرا وليس آخرا فإن المواجهة مع الكيان المحتّل أظهرت أن قرار المقاومة هو القرار الصحيح وأن التفاوض مع الكيان هو أمر عبثي يجب التخلّي عنه اليوم قبل الغد. وفي رأينا سيتم التخلّي عن ذلك النهج بسبب تآكله من جهة وبسبب عدم صدق من يروّج لذلك على الصعيد الدولي والعربي وبسبب عجز العدو وحلفائه عن تقديم أي شيء.  فمن يدّعي التمسّك بالشرعية الدولية وقف ساكتا أمام انتهاكات الكيان المحتل لتلك الشرعية كما أن الداعم الأكبر للكيان أقر بأن الاتفاقيات المبرمة مع بعض الدول لم تف بغرضها، وأن ليس لها ما تقدّمه كم سنشرحه في مقاربة لاحقة.
[/rtl]


عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الإثنين 31 مايو 2021, 8:02 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

زياد حافظ: قراءة أولية في نتائج “سيف القدس”: Empty
مُساهمةموضوع: رد: زياد حافظ: قراءة أولية في نتائج “سيف القدس”:   زياد حافظ: قراءة أولية في نتائج “سيف القدس”: Emptyالإثنين 31 مايو 2021, 7:59 am

زياد حافظ: قراءة أولية في نتائج “سيف القدس”: العجز والاهتزاز في أسس النظام الدولي

زياد حافظ
 في الجزء الأول من مقاربتنا لنتائج “سيف القدس” التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية مساندة بذلك انتفاضة الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال اعتبرنا الحدث تحرّكا للصفائح التكتونية التي تؤدّي إلى زلازل وتفجير براكين جديدة وحتى اختفاء قارات.  ومن التحوّلات العديدة على الصعيد الفلسطيني تغيير قواعد الاشتباك مع الكيان المحتل حيث أصبحت المقاومة الفلسطينية المبادرة بدلا عن الكيان المحتل وأن القاعدة الأساسية للمواجهة هي “إن عدتم عدنا”.  لكن هذه قاعدة الاشتباك الجديدة لها تداعيات كبيرة على الصعيد الدولي كما سنحاول شرحه في هذه المقاربة.
يشهد العالم تنافسا بين منظومتين سياسيتين تطلقان قواعد مختلفة للعلاقات الدولية.  فالمحور الذي تقوده الولايات المتحدة ومعها الدول الأوروبية بشكل عام يطلق شعارا جديدا للنظام الدولي الذي يجب أن يكون مبنيا على القواعد (rules based order) دون تحديد ما هي تلك القواعد إلاّ ما تطلقه الولايات المتحدة.  والمقصود بهذه التسمية التصدّي لصعود روسيا والصين الذي يتحدّى النظام القائم الذي تقوده الولايات المتحدة.  لكن هذه القاعدة الجديدة لا تُطبّق في كل انحاء العالم وخاصة الكيان المحتل الذي ينعم بمناعة مطلقة من أي مسائلة ومحاسبة لخرقه “القواعد” و”الشرعية الدولية”، بل أن جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية لا تخضع لأي نقاش عند الطغمة الحاكمة في الولايات المتحدة.  بالمقابل يطلق المحور الروسي الصيني شعار الشرعية الدولية المبنية على ميثاق الأمم المتحدة، وقرارات مجلس الأمن، والمواثيق والمعاهدات الدولية، والقانون الدولي المعترف من كل الدول، لكنه في حال سيف القدس لم يدين جرائم الكيان المحتل ضد الأطفال والنساء والشيوخ والمدنيين التي أبادتهم القنابل الصهيونية الأميركية الصنع.
المواجهة التي قادتها المقاومة عبر “سيف القدس” أدّت إلى نتيجتين في مفهوم العلاقات الدولية.  النتيجة الأولى هي اهتزاز وعجز الطرحين المتنافسين، أي النظام المستند إلى   “قواعد” الذي تطرحه الولايات المتحدة، ونظام الشرعية الدولية التي يطرحه المحور الروسي الصيني.  والعجز يعود إلى اخفاق المنظومتين في إيجاد حل للمعضلة في فلسطين.  أما النتيجة الثانية فهي ظهور طرح العلاقات الدولية على قاعدة العدل والحق.  القانون الدولي الوضعي يعكس موازين قوّة قد تتغير ومع التغيير يتغيّر مفهوم ومضمون القانون.  أما مفهوم العدل والحق فلا يعكس موازين قوة بل هو مبني على قاعدة أخلاقية وليس على قاعدة المصالح التي تختلف من حين إلى حين بينما قاعدة الأخلاق أكثر ثبوتا.  ففلسطين محتلة لا الشرعية الدولية ولا عالم مبني على قواعد يستطيع حلّ قضيتها إلا عبر العدل والحق.  وبما أن العلاقات الدولية ليست مبنية على هذه القاعدة نرى عجز العالم في التدخل لأن موازين القوّة الجديدة لم تعد تسمح للتدخل في حالة يصطدم الحق والعدل مع المصالح الدنيوية.
هذا يعني أن الولايات المتحدة والدول الأوروبية والمحور الروسي الصيني قد يتفقون على تدخل ما ولكن ليس على قاعدة الشرعية الدولية ولا على قاعدة نظام مبني على القواعد بل على قاعدة ميزان قوّة يهدف إلى نسف العدل والحق من أساسه وذلك لضمان ديمومة الكيان المحتل.
الشرعية الدولية أوجدت الكيان الذي رفض فيما بعد تطبيق كل قرارتها وذلك لحل مشكلة خارجة عن إرادة الشعب الفلسطيني.  ف “المسألة اليهودية” من نتائج سلوك الغرب وليس من سلوك العرب والمسلمين.  وبالتالي قرار تقسيم فلسطين هو قرار معاكس للحق والعدل أخذ به الكيان المحتل وضرب فيما بعد عرض الحائط القرارات المتتالية بحقه.  وقرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين قرار أعطى شرعية للاحتلال وعلى حساب أصحاب الحق في الأرض.  والمضحك المبكي أنه بالتالي أعطى الحق ب “الدفاع عن النفس” للمحتل بينما اعتبر العمل لاسترجاع الأرض لأصحابها عدوانا بل إرهابا!  اليوم تبيّن أن ميزان القوّة يسمح لأصحاب العدل والحق أن يصحّحوا الانحراف التاريخي للشرعية الدولية.  توحيد الشعب الفلسطيني هو أيضا توحيد للجغرافيا التي مزّقتها “الشرعية الدولية” بسبب ميزان قوّة كان سائدا آنذاك لم يعد قائما اليوم.  وهذا التوحيد سيفرض الحل المبني على الحق والعدل وليس شيئا آخرا.
أما على صعيد المقاربة لدور أميركي أو أوروبي ما أو حتى روسي وصيني، فإن ذلك الدور يصطدم بالوقائع التي أوجدها الكيان على الأرض والذي يسقط أي قاعدة للتفاوض.  كما أن ذلك الدور المرتقب يصطدم أيضا بالعجز الناتج عن تفاقم الأوضاع الداخلية في كل من الولايات المتحدة والدول الأوروبية وعن السكوت غير المفهوم لكل من روسيا والصين عند اندلاع الاحداث.
وبالنسبة لدور الولايات المتحدة، التي يعتبره العديد من المراقبين والنخب الحاكمة والمثقفة في الوطن العربي دورا اساسيا، فإن ذلك الدور محكوم بمعادلات داخلية لا يستطيع الخروج عنها. فمن جهة نرى إدارة بايدن تواجه معارضة متصاعدة من قبل القاعدة الشعبية والنيابية وفي مجلس الشيوخ للحزب الحاكم حول الموقف التقليدي المؤيّد للكيان بدون قيد أو شرط وبين الارتباطات العضوية للحزب الحاكم باللوبي الصهيوني التي تريد تأييدا أعمى بدون قيد ولا شرط.  فالمعارضة المتصاعدة تعكس وعيا جديدا ليقين الكيان ويعكس تراجعا في النفوذ للوبي الصهيوني في التأثير على هذه المعارضة.  لكن هذا الوعي المتصاعد لم يصل حتى الآن إلى مرحلة يستطيع تغيير مسار السياسة الأميركية.  لذلك أقصى ما يمكن تصوّره لدور أميركي ما هو إدارة الأزمة كي لا تتفاقم ولا تمس بمصالح الكيان.  هذا هو فحوى المقال الذي حرّره مارتين انديك في مجلّة “فورين افيرز” على موقعها الإلكتروني بتاريخ 21 أيار/مايو 2021، أي بعد وقف إطلاق النار.  ويضيف من جهة أخرى أن ” لا حلّ للمشكلة” وأن ليس دور الولايات المتحدة فرض حلّ ما.  هذه دعوة للتخلّي عن لعب دور أساسي والاكتفاء فقط ب “إدارة الأزمة” فهذا إقرار بالفشل لمسار امتد على أكثر من اربعة عقود.
من جهة أخرى فإن تصريح الرئيس الأميركي بضرورة حل الدولتين يصطدم بالوقائع على الأرض حيث الحركة الاستيطانية والمستعمرة ألغت الرقعة الجغرافية التي يمكن أن تقوم عليها “الدولة الفلسطينية”.  لكن ما هو أخطر من ذلك ويؤكّد تقييم مارتن انديك أن لا حلّ ممكنا في المرحلة الحالية حيث قال الرئيس الأميركي أن لا حل دون الإقرار بحق الكيان المحتل بالوجود. لم يتوقف المراقبون عند هذا التصريح بل ركّز على إعادة طرح حل الدولتين.  تصريح الرئيس الأميركي يلغي عمليا مفعول اتفاقيات كامب دافيد واوسلو ووادي عربة ومؤخّرا ما يُسمّى بالاتفاقات الابراهيمية التي جميعها تعترف بحق وجود الكيان المحتلّ.  لذلك يصبح السؤال من يعطي حق الوجود للكيان المحتل؟  هل الشعب الفلسطيني مطالب بإقرار حق الوجود للمحتل؟  وماذا عن السلطة الفلسطينية التي أقرّت بذلك؟  المأزق الأميركي حقيقي وليست مهمتنا مساعدته خاصة أن الطرح السائد لدى النخب الأميركية وحتى المعارضة لسياسات الكيان هي حق الدفاع عن النفس للكيان.  الواقع أن لا حق للدفاع عن النفس للمحتّل وهذه هي حقيقة الموقف.  تصريح الرئيس الأميركي أنهى سردية قائمة منذ أكثر من أربعة عقود كانت تدعو إلى الاعتراف المتبادل.  حقيقة الأمر هي أن الاعتراف حصل من طرف واحد بينما الطرف الصهيوني لم يقم بذلك بل عمل وما زال على إلغاء الطرف الفلسطيني من الوجود عبر إبادة بطيئة برضى سلطة أثبتت فشلها في الحفاظ على المصلحة الفلسطينية.  وأن الآوان على كل المطبّعين وكل المروّجين للتطبيع أن يعوا أن لا مجال للتعايش مع طرف لا يريد وجود الطرف الأخر ويعمل على إلغاءه تحت عباءة “الشرعية الدولية”.  الموضوع هو صراع حول الوجود وليس حول إمكانية التعايش.
وتأكيدا لحدود فعّالية الدور الأميركي تأتي الحركة التي تقوم بها الخارجية الأميركية من التواصل مع الكيان ومع الطرف الفلسطيني الذي لم يكن فاعلا في المواجهة الأخيرة.  والحركة الأميركية أقرب للعمل العبثي في محاولة بائسة لإعادة تدوير وسائل استخدمت سابقا وبرهنت عن فشلها.  فالإدارة الأميركية ومن يقف معها من بعض الدول العربية لا تستطيع أن تقدّم أي شيء للسلطة لتعويمها.  وتعويم السلطة ليس هدفه إيجاد “شريك” فلسطيني يستطيع أن يوقّع على تسوية ما بل لإشعال فتنة فلسطينية أخمدتها ما يُسمّى بصفقة القرن.  فتوحيد الموقف الفلسطيني أربك المحور الأميركي الصهيوني العربي الخليجي وبالتالي لا بد من الفتنة عبر التلويح مجدّدا بحلّ الدولتين الذي لم يعد من الممكن ماديا السير به بسبب حركة المستعمرين المستوطنين الصهاينة.  فلا قدرة، بل لا رغبة أميركية لإيقاف الاستيطان لتمكين حل الدولتين، ولا قدرة للتأثير على رئيس وزراء الكيان المحتل الذي يخشى الحركة الاستيطانية أكثر مما يخشى غضب الولايات المتحدة (غير الموجود أصلا).
بالمقابل فإن الإغراءات المالية التي يمكن أن تُعرض على المقاومة فهي إغراءات تمّ استخدامها في السابق ولم تؤدّ إلى التسليم بأمر الواقع.  هذا لا يعني أن تلك المحاولات لتعويم وأو لرشوة المقاومة ستتوقف لكن الوقائع الجديدة التي تحققت في الميدان تحول دون تحقيق الهدف المطلوب.  لذلك أقصى ما يمكن اعتباره هو هدنة موقّتة هشّة تنهيها الحركة الاستيطانية في الكيان تعيد المواجهة العسكرية إلى الصدارة هذا إن لم تستمر الانتفاضة في القدس وسائر المدن في فلسطين المحتلة.  وهنا تتبيّن أبعاد كلمة السيد حسن نصر الله وتحذيره بأن المس بالقدس هو خط احمر يلزم كل محور المقاومة في خوض حرب إقليمية تؤدّي إلى زوال الكيان.  فالمجهود الأميركي العبثي قد يصطدم بحماقة قيادة الكيان وجنون المستعمرين.
إضافة إلى كل ذلك جاءت كلمة أمين عام حزب الله السيد حسن نصر لله وكلمة رئيس حركة حماس في غزّة يحي السنوار لتجهض أي محاولة للالتفاف على النصر المبين الذي حققته المقاومة في المواجهة الأخيرة.  والانذار الذي وجّهاه كل من السيد حسن نصر الله ويحي السنوار هو إيقاف العمل الاستيطاني في القدس وإلاّ لقامت الحرب الإقليمية التي ستؤدّي إلى زوال الكيان المحتل.  فإما ينتهي المشروع الصهيوني علي يد الصهاينة أنفسهم وإما ينتهي على يد محور المقاومة أجمع.  هذا هو الخيار الفعلي للكيان المحتل ولمن يدعمه دوليا وعربيا.
الخطّة البديلة الممكنة للولايات المتحدة والدول الأوروبية المؤيّدة للكيان الصهيوني المحتلّ هو تكليف روسيا والصين بمهمة كبح جموح المقاومة في المنطقة.  وهذه الخطة تصطدم بعدّة عوائق منها أميركي ومنها روسي وصيني ومنها عربي أي العناصر العربية المكوّنة لمحور المقاومة ومعها الجمهورية الإسلامية في إيران.  فالعائق الأميركي هو القبول بدور ما لكل من روسيا والصين في المنطقة بعد كل الكلام التصعيدي من قبل إدارة بايدن بحق روسيا وقادتها والصين وقادتها أيضا.  فشخصنة الخلاف دليل على ضعف موضوعي في المشهد والموقف الأميركي لا تستطيع النخب الحاكمة الإقرار به حتى الساعة.  أما بالنسبة لروسيا والصين، فإن أي موقف يهدف إلى كبح المقاومة قد يفقدها أي مصداقية مع العناصر العربية المكوّنة لمحور المقاومة.  فتخسر الإنجازات المتراكمة لديها منذ اندلاع الحرب الكونية على إيران وسورية.  لدى روسيا أوراق عديدة تستطيع استعمالها في سورية لكبح دور المقاومة كما أن لديها أوراق داخل الكيان عبر المصالح الغازية المشتركة وعبر تواجد جالية روسية وازنة داخل لكن استعمالها هو انتحار سياسي لها.  وبالتالي ليس هناك ما يمكن عمله على الصعيد الدولي.  لتأخذ طبيعة الأمور مجراها التي ستنتهي بزوال الكيان أما بسبب حماقة قيادته وتناقضاته الداخلية أم عبر مواجهة مع محور المقاومة.
*باحث وكاتب اقتصادي سياسي والأمين العام السابق للمؤتمر القومي العربي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
زياد حافظ: قراءة أولية في نتائج “سيف القدس”:
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  قراءة أولية في نتائج “سيف القدس”: “إن عدتم عدنا”
» عاصفة الحزم.. قراءة أولية
» قراءة أولية في قانون الضمان الاجتماعي
» قراءة في كتاب: ‘فتح الأندلس والتحاق الغرب بدار الإسلام، موسى بن نصير وطارق بن زياد’
» "انتفاضة القدس".. قراءة "إسرائيلية" لنصف عام من العمليات

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: فلسطين الحبيبة :: احداث ما بعد النكبة-
انتقل الى: