بعد تعمد تعطيل تشكيل الحكومة في لبنان.. هل يفعلها قائد الجيش؟
نايف المصاروه
بعد نحو تسعة أشهر عجاف، على تكليف الرئيس سعد الحريري بتأليف حكومة المهمة وفق المبادرة الفرنسية، وبعد مخاض طويل من جدليات وتعقيدات الشروط والعراقيل، التي وضعها رئيس الجمهورية ميشال عون وصهره رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، المتحالفين مع حزب الله، سواء لناحية نيل الثلث المعطّل أو تسمية الوزيرين المسيحيين، وما رافقها من توترات سياسية، وحرب بيانات بين بعبدا وبيت الوسط، وبعد أن حسم الحريري قراره واعتذر عن تشكيل الحكومة، في لقاءه الثاني الذي عقده مع رئيس الجمهورية، بعد ظهر الخميس الماضي في قصر بعبدا، وبعد مضي 24 ساعة على تقديم تشكيلة حكومية جديدة من 24 وزيراً.
الحريري، في تصريحه المقتضب من قصر بعبدا، قال “التقيت الرئيس عون وأجرينا مشاوراتنا في الموضوع الحكومي. ومن ضمن الكلام، كانت هناك تعديلات يطلبها الرئيس، أعتبرها جوهرية في التشكيلة.
والنقاش بالثقة أو بتسمية الوزراء المسيحيين الآخرين وغير ذلك.
ثم قول الحريري.. الواضح أن الموقف لم يتغيّر في هذا الموضوع، والواضح أننا لن نتمكن من الاتفاق مع فخامة الرئيس، وخلال الحديث مع فخامته، طرحت عليه أنه إذا كان يحتاج إلى مزيد من الوقت لكي يفكّر بالتشكيلة، فقال لي” إننا لن نتمكن من التوافق” .
ولذلك،قدّمت اعتذاري عن تشكيل الحكومة، والله يعين البلد”.
السؤال لكل ذي لب وعقل، لأجل من تعطل البلاد، وتضرب مصالح العباد؟
ترى هل يعلم رئيس الجمهورية وصهره، أحوال الشعب اللبناني الذي بدأ يعد العدة لموجات من النزوح واللجوء، بسبب سوء الاحوال المعيشية، وبسبب انسداد الافق السياسي، وبسبب الخوف من تكرار مشهد الحرب الأهلية ؟
وهل يعلم رئيس الجمهورية، ومن يشد على يده أن سعر صرف الدولار قفز الى 24 الف ليره خلال 24 ساعة فقط، جراء خيبة اللبنانيين بتشكيل الحكومة؟
إنسداد الأفق السياسي، لم يقف فقط عند حد رفض الرئيس عون، تشكيلة الحكومة التي قدمها الحريري .
بل بإمتناع الحريري نفسه ، عن تسمية أي شخصية، ولو من طيفه السياسي، لخلافته في رئاسة الحكومة،واضعا نصب عينه، الانتخابات النيابية المقررة في ربيع العام المقبل 2022.
موقف الحريري يتوافق أيضا مع موقف “رؤساء الحكومات السابقين”، فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي وتمام سلام، الرافض للدخول بـ”لعبة تسمية البديل” تحت عنوان أن “من يرفض التعاون مع الحريري يجب أن يقابل بموقف سياسي متكامل”.
مما يعني دخول الفرقاء، في لعبة جديدة لشد الحبل، تلك اللعبة التي بدأت آثارها السلبية تطفوا بوضوح على كل الاتجاهات.
والرئيس عون من جهته، أكد على أن الدعوة لاستشارات نيابية جديدة لـتكليف رئيس للحكومة ستتم بأقرب وقت!
لكن من دون تحديد الموعد حتى الآن، وسط ضبابية في الأسماء المطروحة لحمل كرة النار التي تركها الحريري لمن سيخلفه قبل الانتخابات.
مما يعني أيضا دخول لبنان في مرحلة مخاض عسير ، فلا توافق على تشكيل الحكومة، ولا توافق على تسمية بديل للحريري.
فيما يشير بعض المحللين إلى أن هناك أسماء مطروحة لتولي رئاسة الحكومة منها الوزير السابق فيصل كرامي، والنائب فؤاد المخزومي، ورئيس لجنة كورونا عبد الرحمن البزري.
وإذا استقر الأمر عند اهل الثلث المعطل… ،وتم إعادة النظر بالمصلحة الاولى والعليا للبلاد، بضرورة تشكيل حكومة وبشكل عاجل، فستكون نسخة عن حكومة حسان دياب ولن تحظى بقبول دولي.
وعلى الرغم من اعلان فرنسا، عقد مؤتمر لدعم لبنان في اغسطس المقبل، وخلق شبكات أمان لدعم الجيش والمدارس وتقديم مساعدات مباشرة للشعب اللبناني.
لكن المؤكد أنه لا أحد ينظر إلى حكومة جديدة، بل الأنظار متجهة إلى الانتخابات النيابية، بدليل إرتفاع وتيرة الخطاب الطائفي على جميع الجبهات.
وبحسب أراء بعض المطلعين والخبراء، وبما أن رئيس حكومة تصريف الأعمال معتكف في منزله، فسيتولى مهام إدارة البلاد، مجلس الدفاع الأعلى برئاسة رئيس الجمهورية، الذي بدأ يكثف اجتماعاته في الآونة الأخيرة،
مما يعني الحصول على ما يريده عون وثلثه المعطل، من التقارب أكثر مع إيران بشكل خاص، بحجة حالة التردي الاقتصادي والفراغ السياسي.
من يقرأ المشهد الأمني اللبناني حاليا، يجد أن هناك خشية من إثر الفوضى والفقر، أن تتحول لبنان إلى سوريا جديدة على المستوى الاجتماعي، ومن الممكن ان تنفلت الأمور بالشارع الى مظاهر احتجاج وعنف بشكل اكثر وأكبر في أي لحظة، مما ينذر بوقوع حرب أهلية مجددا ، وهو ما سيؤدي إلى موجة جديدة من الهجرة!
حالة الشارع وما قد يتبعها، استشعرها قائد الجيش العماد جوزيف عون، وحذر منها مساء الجمعة ، خلال تفقُّده وحدات الجيش المنتشرة في البقاع، قائلا.. أن الوضع في البلاد يزداد سوءاً، وسيتفاقم مع تأجيج التوترات السياسية والاجتماعية بسبب الأزمة المالية، ومشدّداً على أن “الأمور آيلة إلى التصعيد، لأننا أمام مصير سياسي واجتماعي مأزوم”.
ووفق بيان للجيش نُشر على موقعه الرسمي بـ”تويتر”،
خاطب العماد عون، العسكريين في منطقة بعلبك بشرق لبنان، قائلاً: “مسؤوليتنا كبيرة في هذه المرحلة، ومطلوب منا المحافظة على أمن الوطن واستقراره ومنع حصول الفوضى، وتفويت الفرصة على من أراد إحداث فتنة”.
العماد عون والذي سبق وأن ناشد الدول المانحة والمجتمع الدولي، بضرورة تقديم مساعدات عاجلة الى الجيش، أعاد بالأمس التحدَّث إلى جنوده بالقول: “أعلم حجم المهمات المُلقاة على عاتقكم في هذه الظروف الصعبة والدقيقة في وقت تعيشون هاجس توفير أدنى مقومات الحياة الكريمة لعائلاتكم، بسبب تدني قيمة رواتبكم”.
وفي ذات الوقت دعا العماد عون، المجتمع الدولي إلى “المراهنة على الجيش اللبناني، لأنه العمود الفقري للبنان وعامل استقراره”، مشدداً على أن “الأمن خط أحمر”.
وأن شعبنا يثق بنا، وكذلك المجتمع الدولي، الجميع يعلم أن المؤسسة العسكرية هي الوحيدة التي لا تزال فاعلة والجيش هو الرادع للفوضى”.
فيما أعرب عن أمله بأن يكون ما تعيشه البلاد هذه الأيام “أزمة مرحلية ستجتازها بفضل عناصر الجيش”.
قلت سابقا ، بأنه خلال عام 1989-1990 عندما وقعت ما يسمى بحرب التحرير، والتي اعلنها ميشال عون ، بمساعدة القوات اللبنانية، والتي أدت إلى دمار كبير ونتائج كارثية على لبنان.
وردا على ذلك وفي تشرين الأول 1990، تحالفت بعض القوات السورية مع الجيش اللبناني بقيادة اميل لحود، واجتاحت المناطق الخاضعة لسلطة ميشال عون، ووصلت إلى موقع ميشال عون في القصر الجمهوري، مما أجبره على الالتجاء إلى السفارة الفرنسية طلبا للحماية، وكان ذلك نهاية الحرب الأهلية اللبنانية.
برأيي… ما يجري صراع من قبل دول شتى على الساحة اللبنانية، ووجد آذانا صاغية وشخصيات طامعة وطامحة، لم تراعي لليلاد مصلحتها ولا حرمتها، ولم تراعي حق المواطن في الأمن والعيش الكريم، بعيدا عن الصراع على المصالح.
حالة التعفن والخمج السياسي، تحتاج الى عملية جراحية طارئة لا تحتمل التأجيل، وهذا يحتاج الى كل أهل الغيرة والمروءة، وأذكر قائد الجيش العماد جوزيف عون، بما فعله سلفه السابق العماد اميل لحود عام 1990 وما كان لتدخله، وفي الوقت المناسب من دور في معالجة الإختلال والإعتلال الامني والسياسي والسيادي، ووضع حد للحرب الاهلية!
لذلك اكرر النداء اولا… الى كل الأشقاء والأصدقاء، بضرورة إغاثة لبنان ارضا وشعبا ومؤسسات وبشكل عاجل لا تأخير ولا تسويف فيه.
ولا زلت أسال اين الجامعة العربية، ولماذا تغيب عن المشهد اللبناني؟
وأين العرب… وأين مواقف الرجال لنصرة الشقيق في وقت الشدة والضيق؟
وأذكر الجميع، بأنه عندما تداعى أهل الإرهاب والخراب على سوريا، وبدلا من إغاثتها ونصرتها، تركت تصارع كل الطامعين، ليستقر بها الأمر في الحضن الإيراني!
وهو نفس الامر الذي يتكرر بالحالة اللبنانية بكل اسف. والأمر الثاني والمخرج من كل ذلك، هو تدخل وبشكل عاجل من قبل الجيش وبالتنسيق مع كل الأجهزة الأمنية ،لإعلان حالة الطوارئ ولإستلام زمام السلطة، ووقف حالة العبث السياسي والتدهور الأمني والإقتصادي ، وإعادة الامور الى نصابها بقوة القانون والعدل، ومساءلة كل من كان له علاقة بتدهور احوال لبنان