ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75477 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: الهجرة النبوية الشريفة الثلاثاء 10 أغسطس 2021, 9:29 am | |
| الهجرة النبوية الشريفة لقد تركت الهجرة النبوية المباركة آثارًا جليلة على المسلمين، ليس فقط في عصر النبوة، ولكنها امتدت لتشمل حياة المسلمين في كل عصر ومصر، كما أن آثارها شملت الإنسانية عامةً، لأن الحضارة الإسلامية التي قامت قدمت ولا زالت تقدم للبشرية أسمى القواعد الأخلاقية والتشريعية التي تنظم حياة الفرد والأسرة والمجتمع. لقد كانت الهجرة النبوية من مكة المشرفة إلى المدينة المنورة حدثًا تاريخيًا عظيمًا، ولم تكنْ كأيِّ حدث، فقد كانت فيصلًا بين مرحلتين من مراحل الدعوة الإسلامية، هما المرحلة المكية والمرحلة المدنية، وإذا كانت عظمة الأحداث تُقاس بعظمة ما جرى فيها والقائمين بها والمكان الذي وقعت فيه، فقد كان القائم بالحدث هو أشرف وأعظم الخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أشرف مكانًا وأعظم من مكة والمدينة، وقد غيرت الهجرة النبوية مجرى التاريخ، وحملت في طياتها معاني التضحية والصحبة، والصَّبر والنصر، والتوكل والإخاء، وجعلها الله طريقًا للنصر والعزة، ورفع راية الإسلام، وتشييد دولته، قال الله تعالى: {إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة:40]. من الدار إلى الغار: لم تكن قريش تعلم أن الله أذن لنبيه صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى المدينة، وبينما هم يحيكون مؤامرتهم كان النبي صلى الله عليه وسلم قد غادر بيته في ليلة السابع والعشرين من شهر صفر السنة الرابعة عشر من النبوة وأتى إلى دار أبي بكر رضي الله عنه في وقت الظهيرة متخفّيًا على غير عادته، ليخبره بأمر الخروج والهجرة، وخشي أبو بكر أن يُحرم شرف صحبة النبي صلى الله عليه وسلم، فاستأذن في صحبته فأذن له، وكان قد جهّز راحلتين استعدادًا للهجرة، واستأجر رجلًا مشركًا من بني الديل يُقال له عبد الله بن أُريقط خرّيتا (ماهرًا وعارفًا بالطريق)، ودفع إليه الراحلتين ليرعاهما، واتفقا على اللقاء في غار ثورٍ بعد ثلاث ليالٍ، في حين قامت عائشة وأختها أسماء رضي الله عنهما بتجهيز المتاع والمؤن، وشقّت أسماء نطاقها نصفين لوضع الطعام فيه، فسمّيت من يومها بذات النطاقين، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه بأن يتخلّف عن السفر ليؤدي عنه ودائع الناس وأماناتهم، وأن يلبس بردته ويبيت في فراشه تلك الليلة. ثم غادر النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه من باب خلفي، ليخرجا من مكة قبل أن يطلع الفجر. ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أن الطريق الذي ستتجه إليه الأنظار هو طريق المدينة الرئيسي المتجه شمالًا، فقد سلك الطريق الذي يضاده وهو الطريق الواقع جنوب مكة والمتجه نحو اليمن، حتى بلغ إلى جبل يعرف بجبل ثور، وقام كل من عبد الله بن أبي بكر وعامر بن فهيرة وأسماء بنت أبي بكر بدوره. لا تحزن إن الله معنا: انطلق المشركون في آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه، يرصدون الطرق، ويفتشون في جبال مكة، حتى وصلوا غار ثور، وأنصت الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه إلى أقدام المشركين وكلامهم. يقول أبو بكر رضي الله عنه: "قلت للنبي صلى الله عليه وسلم وأنا في الغار: "لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا!"، فقال صلى الله عليه وسلم: «يا أبا بكر! ما ظنك باثنين الله ثالثهما»" (صحيح البخاري[4663]). ومكث رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه في الغار ثلاث ليال حتى انقطع عنهم الطلب، ثم خرجا من الغار ليلة غرة ربيع الأول من السنة الرابعة عشر من النبوة، وانطلق معهما عبد الله بن أريقط (الدليل) وعامر بن فهيرة يخدمهما ويعينهما فكانوا ثلاثة والدليل. وعلى الجانب الآخر لم يهدأ كفار قريش في البحث وتحفيز أهل مكّة للقبض على رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه أو قتلهما، ورصدوا مكافأة لمن ينجح في ذلك مائة ناقة، وقد استطاع أحد المشركين أن يرى النبي صلى الله عليه وسلم من بعيد، فانطلق مسرعًا إلى سراقة بن مالك وقال له: "يا سراقة، إني قد رأيت أناسًا بالساحل، وإني لأظنّهم محمدًا وأصحابه"، فعرف سراقة أنهم هُم، فأخذ فرسه ورمحه وانطلق مسرعًا، فلما دنا منهم عثرت به فرسه حتى سقط، وعاد مرة أخرى وامتطى فرسه وانطلق فسقط مرة ثانيةً، لكن رغبته في الفوز بالجائزة أنسته مخاوفه، فحاول مرة أخرى فغاصت قدما فرسه في الأرض إلى الركبتين، فعلم أنهم محفوظون بحفظ الله، فطلب منهم الأمان وعاهدهم أن يخفي عنهم، وكتب له النبي صلى الله عليه وسلم كتاب أمان ووعده بسواريْ كسرى، وأوفى سراقة بوعده فكان لا يلقى أحدًا يبحث عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا أمره بالرجوع، وكتم خبرهم. وفي طريقهم إلى المدينة نزل الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه بخيمة أم معبد، فسألاها إن كان عندها شيء من طعامٍ ونحوه، فاعتذرت بعدم وجود شيء سوى شاة هزيلة لا تدرّ اللبن، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم الشاة فمسح ضرعها بيده ودعا الله أن يبارك فيها، ثم حلب في إناء وشرب منه الجميع. وانتهت هذه الرحلة والهجرة المباركة بما فيها من مصاعب وأحداثٍ، ليصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى أرض المدينة المنورة. لقد كانت الهجرة النبوية الشريفة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة انطلاقة لبناء دولة الإسلام، وإعزازًا لدين الله تعالى, وفاتحة خير ونصر وبركة على الإسلام والمسلمين، ولذا فإن دروس الهجرة الشريفة مستمرة لا تنتهي ولا ينقطع أثرها، وتتوارثها الأجيال جيلًا بعد جيل، ومن هذه الدروس: دور المرأة في الهجرة: لمعت في سماء الهجرة أسماء كثيرة كان لها فضل كبير: منها عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، التي حفظت لنا القصة ووعتها وبلغتها للأمة، وأختها أسماء ذات النطاقين، التي ساهمت في تموين الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه في الغار بالماء والغذاء، وكيف تحملت الأذى في سبيل الله، كما روى ابن إسحاق وابن كثير في السيرة النبوية أنها قالت: "لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه أتانا نفر من قريش، فيهم أبو جهل بن هشام، فوقفوا على باب أبي بكر، فخرجت إليهم فقالوا: "أين أبوك يا بنت أبي بكر؟" قالت: قلت: "لا أدري والله أين أبي؟"، قالت: "فرفع أبو جهل يده، وكان فاحشًا خبيثًا فلطم خدي لطمة طرح منها قرطي" قالت: ثم انصرفوا". فهذا درس من أسماء رضي الله عنها تعلمه لنساء المسلمين جيلًا بعد جيل؛ كيف تخفي أسرار المسلمين عن الأعداء، وكيف تقف صامدة أمام قوى البغي والظلم. الصراع بين الحق والباطل: صراع قديم وممتد، وهو سنة إلهية قال الله: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ وَلَوْلاَ دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسمُ اللهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج:40]، ولكن هذا الصراع معلوم العاقبة كما قال تعالى: {كَتَبَ اللهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} [المجادلة:21]. ومكر وكيد أعداء الإسلام بالدعاة والدعوة إلى الله - في كل زمان ومكان- أمر مستمر ومتكرر، فعلى الداعية إلى الله أن يلجأ إلى ربه، وأن يثق به، ويتوكل عليه، ويعلم أن المكر السيئ لا يحيق إلا بأهله، كما قال عز وجل: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال: 30]. التوكل واليقين: إن المتأمل لحادثة الهجرة والتخطيط لها، يدرك حسن توكل النبي صلى الله عليه وسلم على ربه، ويقينه أن الله حافظه وناصر دينه، وهذا التوكل لا ينافي أو يتعارض مع الأخذ بالأسباب فقد شاء الله تعالى أن تكون الهجرة النبوية بأسباب عادية من التخفي والصحبة والزاد والناقة والدليل، ولكن لا يعني دقة الأخذ بالأسباب حصول النتيجة دائمًا، لأن هذا أمر يتعلق بأمر الله ومشيئته، ومن هنا كان التوكل واليقين والاستعانة بالله، لتقتدي به أمته في التوكل على الله، والأخذ بالأسباب وإعداد العدة. يقول أبو بكر رضي الله عنه: "نظرت إلى أقدام المشركين ونحن في الغار وهم على رؤوسنا، فقلت: "يا رسول الله لو أن أحدهم نظر إلى قدميه أبصرنا تحت قدميه؟!"، فقال: «ياأبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما»" (صحيح البخاري[4663])، يقول النووي: "وفيه بيان عظيم توكل النبي صلى الله عليه وسلم حتى في هذا المقام، وفيه فضيلة لأبي بكر رضي الله عنه وهي من أجَّل مناقبه". معجزات على طريق الهجرة: في هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وقعت معجزات حسية، هي من أعلام نبوته، ودلائل ملموسة على فضله ومنزلته، وحفظ الله ورعايته له، ومن ذلك ما جرى له صلى الله عليه وسلم مع أم معبد، وما حدث مع سراقة بن مالك ووعده إياه بأن يلبس سواري كسرى، فعلى الدعاة أن لا يتنصلوا من ذكر هذه المعجزات وغيرها ما دامت ثابتة بالسنة الصحيحة. أم معبد: عن قيس بن النعمان رضي الله عنه قال: "لما انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر مستخفيان، نزلا بأبي معبد فقال: والله ما لنا شاة وإن شاءنا لحوامل، فما بقي لنا لبن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسبه: «فما تلك الشاة؟»، فأتى بها، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبركة عليها ثم حلب عُسا (قدحا كبيرًا) فسقاه ثم شربوا، فقال: "أنت الذي تزعم قريش أنك صابئ؟!"، قال: «إنهم يقولون»، قال: "أشهد أن ما جئت به حق"، ثم قال: "أتبعك؟"، قال: «لا حتى تسمع أنا قد ظهرنا»، فاتبعه بعد (مجمع الزوائد[6/61]). وكانت هذه المعجزة سببًا في إسلام أم معبد هي وزوجها. سُراقة بن مالك: يصف أبو بكر رضي الله عنه ما حدث مع سراقة فيقول: "فارتحلنا بعد ما مالت الشمس وأتبعنا سراقة بن مالك، فقلت: "أُتينا يا رسول الله"، فقال: «لا تحزن إن الله معنا»، فدعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم فارتطمت به فرسه إلى بطنها، فقال: "إني أراكما قد دعوتما عليَّ، فادعوَا لي، فالله لكما أن أرد عنكما الطلب"، فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم فنجا، فجعل لا يلقى أحدًا إلا قال: "كفيتكم ما هنا"، فلا يلقى أحدا إلا رده، قال: "ووفَّى لنا" (صحيح البخاري[3615]). قال أنس: "فكان (سراقة) أول النهار جاهدًا (مبالغًا في البحث والأذى)على نبي الله صلى الله عليه وسلم، وكان آخرَ النهار مَسْلَحةً له (حارسًا له بسلاحه)". ومرت الأيام وأسلم سراقة بعد فتح مكّة وحنين، وفتحت بلاد فارس وجاءت الغنائم في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فأعطاه عمر سواري كسرى تنفيذًا لوعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى . إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} [النَّجم:3-4]. قال الماوردي: "فمن معجزاته صل الله عليه وسلم: عصمتُه من أعدائه، وهم الجمُّ الغفير، والعددُ الكثير، وهم على أتم حَنَقٍ عليه، وأشدُّ طلبٍ لنفيه، وهو بينهم مسترسل قاهر، ولهم مخالطٌ ومكاثر، ترمُقُه أبصارُهم شزرًا، وترتد عنه أيديهم ذعرًا، وقد هاجر عنه أصحابه حذرًا حتى استكمل مدته فيهم ثلاث عشرة سنة، ثم خرج عنهم سليمًا، لم يكْلَم في نفسٍ ولا جسد، وما كان ذاك إلا بعصمةٍ إلهيةٍ وعدَه الله تعالى بها فحققها، حيث يقول: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: من الآية67] فعَصَمَه منهم". لقد تركت الهجرة النبوية المباركة آثارًا جليلة على المسلمين، ليس فقط في عصر النبوة، ولكنها امتدت لتشمل حياة المسلمين في كل عصر ومصر، كما أن آثارها شملت الإنسانية عامةً، لأن الحضارة الإسلامية التي قامت قدمت ولا زالت تقدم للبشرية أسمى القواعد الأخلاقية والتشريعية التي تنظم حياة الفرد والأسرة والمجتمع، فسيرة النبي صل الله عليه وسلم لا تُحَّد آثارها بحدود الزمان والمكان، لأنها سيرة القدوة الطيبة والأسوة الحسنة، قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب:21]. https://trabceicima.tk/67d945c599/b66706537e33c6c56a29b60e53ec2759
عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الثلاثاء 28 سبتمبر 2021, 8:50 am عدل 1 مرات |
|
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75477 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: الهجرة النبوية الشريفة الثلاثاء 10 أغسطس 2021, 9:29 am | |
| الهجرة النبوية الشريفة.. دروس وعبر
بعد أن مُنيت قريش بالفشل في منع الصحابة رضي الله عنهم من الهجرة إلى المدينة على الرغم من أساليبها الشنيعة والقبيحة، فقد أدركت قريش خطورة الموقف، وخافوا على مصالحهم الاقتصادية، وكيانهم الاجتماعي القائم بين القبائل العرب، لذلك اجتمعت قيادة قريش في دار الندوة للتشاور في أمر القضاء على قائد الدعوة، وقد تحدث ابن عباس في تفسيره لقول الله تعالى: ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ (الأنفال، آية: 30) فقال: تشاورت قريش ليلة بمكة، فقال بعضهم: إذا أصبح، فأثبتوه بالوُثُق يريدون النبي صلى الله عليه وسلم، وقال بعضهم: بل اقتلوه، وقال بعضهم: بل أخرجوه، فأطلع الله نبيه على ذلك فبات عليّ على فراش النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة. وخرج النبي صل الله عليه وسلم، فلما أصبحوا، ثاروا إليه، فلما رأوا عليًا ردَّ الله مكرهم، فقالوا: أين صاحبك هذا؟ قال: لا أدري فاقتصُّوا أثره، فلما بلغوا الجبل، اختلط عليهم الأمر، فصعدوا الجبل، فمرُّوا بالغار، فرأوا على بابه نسيج العنكبوت، فقالوا: لو دخل هاهنا لم يكن ينسج العنكبوت على بابه، فمكث فيه ثلاثًا.
قال سيد قطب -رحمه الله- في تفسيره للآيات التي تتحدث عن مكر المشركين بالنبي صل الله عليه وسلم:
إنه التذكير بما كان في مكة قبل تغيُّر الحال، وتبدل الموقف، وإنه ليوحي بالثقة واليقين في المستقبل، كما ينبه إلى تدبير قدر الله وحكمته في ما يقضي به ويأمر، ولقد كان المسلمون الذين يحاطون بهذا القرآن أول مرة يعرفون الحالين معرفة الذي عاش، ورأى، وذاق، وكان يكفي أن يذكروا بهذا الماضي القريب، وما كان فيه من خوف وقلق في مواجهة الحاضر الواقع، وما فيه من أمن وطمأنينة، وما كان من تدبير المشركين ومكرهم برسول الله صل الله عليه وسلم في مواجهة ما صار إليه من غلبة عليهم لا مجرد النجاة منهم.
لقد كانوا يمكرون ليوثقوا رسول الله صل الله عليه وسلم ويحبسوه حتى يموت أو ليقتلوه ويتخلصوا منه، أو ليخرجوه من مكة منفيًا مطرودًا، ولقد ائتمروا بهذا كله، ثم اختاروا قتله، على أن يتولى ذلك المنكر فتية من القبائل جميعًا، ليتفرق دمه في القبائل، ويعجز بنو هاشم عن قتال العرب جميعًا، فيرضوا بالدية، وينتهي الأمر ﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾؛ إنها صورة ساخرة، وهي في الوقت ذاته صورة مفزعة، فأين هؤلاء البشر الضعاف المهازيل من تلك القدرة القادرة، قدرة الله الجبار، القاهر فوق عباده، الغالب على أمره، وهو بكل شيء محيط.
وقد قام النبي صلى الله عليه وسلم بالترتيبات اللازمة للهجرة ولم يعلم بخروج رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد حين خرج إلا علي بن أبي طالب، وكان أبو بكر الصديق في رفقته، وآل الصديق في خدمته صل الله عليه وسلم.
وعندما أحاط المشركون بالغار، وأصبح منهم رأي العين، طمأن الرسول صلى الله عليه وسلم الصديق بمعية الله لهما، فعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم وأنا في الغار: لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا، فقال صل الله عليه وسلم:
ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟.
ذكر المولى عز وجل في كتابه قوله تعالى: ﴿إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ (التوبة، آية: 40).
ولما سمع المسلمون بالمدينة مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة فكانوا يغدون كل غداة إلى الحرة فينتظرونه حتى يردهم حر الظهيرة، فانقلبوا يومًا بعد ما أطالوا انتظارهم، فلما أووا إلى بيوتهم، أوفى رجل من يهود على أُطُم من آطامهم، لأمر ينظر إليه، فبصر برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مُبيضين يزول بهم السراب، فلم يملك اليهودي أن قال بأعلى صوته: يا معاشر العرب، هذا جدكم الذي تنتظرون، فثار المسلمون إلى السلاح، فتلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بظهر الحرة، فعدل بهم ذات اليمين، حتى نزل بهم في بني عمرو بن عوف، وذلك يوم الاثنين، من شهر ربيع الأول، فقام أبو بكر للناس، وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم صامتًا، فطفق من جاء من الأنصار -ممن لم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم- يُحيّي أبا بكر، حتى أصابت الشمس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل أبو بكر حتى ظلل عليه بردائه فعرف الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك، فلبث رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة، وأسس المسجد الذي أسس على التقوى، وصلى فيه رسول الله صل الله عليه وسلم ثم ركب راحلته.
وبعد أن أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم المدة التي مكثها بقُباء، وأراد أن يدخل المدينة بعث إلى الأنصار فجاؤوا إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، فسلموا عليهما وقالوا: اركبا آمنين مطاعين فركب نبي الله صل الله عليه وسلم، وأبو بكر، وحطُّوا دونهما السلاح.
وعند وصوله صل الله عليه وسلم إلى المدينة، قيل في المدينة: جاء نبي الله فأشرفوا ينظرون ويقولون: جاء نبي الله.
فكان يوم فرح وابتهاج لم تر المدينة يومًا مثله، ولبس الناس أحسن ملابسهم كأنهم في يوم عيد، ولقد كان حقًا يوم عيد، لأنه اليوم الذي انتقل فيه الإسلام من ذلك الحيز الضيق في مكة، إلى رحابة الانطلاق والانتشار بهذه البقعة المباركة "المدينة"، ومنها إلى سائر بقاع الأرض. لقد أحسّ أهل المدينة بالفضل الذي حياهم الله به، وبالشرف الذي اختصهم به أيضًا، فقد صارت بلدتهم موطنًا لإيواء رسول الله صل الله عليه وسلم وصحابته المهاجرين، ثم لنصرة الإسلام، كما أصبحت موطنًا للنظام الإسلامي العام، والتفصيلي بكل مقوماته، لذلك خرج أهل المدينة يهللون في فرح وابتهاج، ويقولون يا رسول الله، يا محمد، يا رسول الله.
روى الإمام مسلم بسنده قال: عندما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة صعد الرجال والنساء فوق البيوت، وتفرق الغلمان والخدم في الطرق، ينادون: يا محمد يا رسول الله، يا محمد يا رسول الله. وبعد هذا الاستقبال الجماهيري العظيم الذي لم ير مثله في تاريخ الإنسانية، سار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل في دار أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، فعن أنس رضي الله عنه في حديث الهجرة الطويل: فأقبل يسير حتى نزل جانب دار أبي أيوب، فإنه ليحدث أهله، إذ سمع به عبد الله بن سلام، وهو في نخل لأهله يخترف لهم فعجّل أن يضع الذي يخترف لهم فيها، فجاء وهي معه فسمع من نبي الله صلى الله عليه وسلم، ثم رجع إلى أهله، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: "أي بيوت أهلنا أقرب؟" فقال أبو أيوب: أنا يا نبي الله، هذه داري، وهذا بابي قال: "فانطلق فهيئ لنا مقيلًا"، ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي أيوب حتى بنى مسجده ومساكنه. وبهذا قد تمت هجرته صلى الله عليه وسلم، وهجرة أصحابه رضي الله عنهم، ولم تنته الهجرة بأهدافها وغاياتها بل بدأت بعد وصول رسول الله صلى الله عليه وسلم سالمًا إلى المدينة، وبدأت معها رحلة المتاعب، والمصاعب والتحديات، فتغلب عليها رسول الله صل الله عليه وسلم للوصول إلى المستقبل الباهر للأمة، والدولة الإسلامية، التي استطاعت أن تصنع حضارة إنسانية رائعة، على أسس من الإيمان والتقوى والإحسان والعدل، بعد أن تغلبت على أقوى دولتين كانتا تحكمان العالم، وهما: دولة الفرس ودولة الروم. |
|
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75477 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: الهجرة النبوية الشريفة الثلاثاء 10 أغسطس 2021, 9:30 am | |
| موضوع تعبير عن الهجرة النبوية الشريفة بالعناصر
مقدمة عن الهجرة النبوية الهجرة النبوية من مكة الى المدينة أسباب الهجرة النبوية الشريفة إلى المدينة سبب اختيار المدينة للهجرة انتظار النبي الإذن من الله بالهجرة الإذن بالهجرة و خروج النبي طريق الهجرة النبوية الشريفة خاتمة موضوع تعبير عن الهجرة النبوية
مقدمة عن الهجرة النبوية موضوع تعبير عن الهجرة النبوية دروس وعبر ويصلح مقالتنا كموضوع تعبير عن الهجرة النبوية بالعناصر للصف الاول الاعدادى و موضوع تعبير عن هجرة الرسول بالعناصر للصف السادس فهى بمثابه بحث عن الهجرة النبوية من مكة الى المدينة تطل علينا كل عام ذكرى حدث من أهم الإحداث في تاريخ البشرية و الذي نتج عنه تغيير مسار التاريخ بشكل كامل ، و اختلاف أوضاع البشر في جميع أنحاء العالم ، و هذا الحدث هو الهجرة النبوية الشريفة ، حيث خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة إلى يثرب و التي تغير اسمها فأصبحت المدينة المنورة و التي نورت بمجيء النبي صل الله عليه و سلم إليها ، و جاءت الهجرة النبوية الشريفة بعد تمادي الكفار و المشركين في إيذاء المؤمنين .
و تعنت قريش و رفضها لدعوة النبي للدخول في الإسلام و ترك عبادة الأصنام ، و لم يكتفوا برفض الدعوة و حسب بل قاموا بأعمال غير إنسانية ضد المسلمين و ضد كل من يريد الدخول فيه ، وكان الرسول صلى الله عليه و سلم و أصحابه الكرام يصبرون على كل هذه المعاناة من أجل إيصال رسالة التوحيد لباقي البشر ، ثم جاء الإذن من الله سبحانه و تعالى إلى نبيه بالخروج من مكة و الهجرة ، فأمر النبي صل الله عليه وسلم أصحابه بأن يسبقونه و يخرجوا أولا و ذلك حتى يطمئن عليهم ، ثم تبعه بعد ذلك هو و صاحبه أبو بكر الصديق
الهجرة النبوية من مكة الى المدينة خرج الرسول صلى الله عليه و سلم و أعطى الإذن لأصحابه بالهجرة من مكة التي كانت قلوب أهلها مملوءة بالقسوة و الجفاء تجاه المسلمين ، إلى المدينة المنورة ، و سبق النبي صل الله عليه و سلم أصحابه لأنه أمرهم بالخروج أولا حتى يطمئن على نجاتهم ، بينما تأخر هو في الخروج ثم خرج مع صاحبه أبو بكر الصديق ، و كانت الهجرة النبوية الشريفة في العام الثالث عشر من الهجرة و أخذ المسلمون هذا الحدث تاريخا لهم فيما بعد .
و مثلت الهجرة النبوية الشريفة حدثا من أهم الأحداث في تاريخ البشرية و إن لم يكن هو أهمها بالفعل لأن هذه الهجرة كانت إيذانا بانتصار الحق و ظهوره على الباطل ، و كانت بداية نشوء الدولة المسلمة التي تقوم على المبادئ و الأسس التي لا تفرق بين الناس ولا تعطي أحد منهم حق استعباد الاخر لأن الناس سواسية كأسنان المشط ، ونجحت جموع المسلمين التي خرجت قبل النبي في الوصول إلى المدينة المنورة بسلام ، و فوجدوا هناك استقبالا وترحيبا من أخوة مسلمون بالمدينة حيث كانوا تعرفوا على الإسلام في السنين السابقة .
و انتظر الصحابة على أحر من الجمر مجيء النبي صل الله عليه و سلم حيث أنهم كانوا يشعرون بالقلق عليه من قريش و التي كانت تتربص بالنبي و تنتظر خروجه بل و وضعت جائزة ضخمة لمن يدل على النبي أو يقتفي أثره ، و لكن الله كان مع نبيه و لم يضيعه أو يسمح بأن يتعرض لأي خطر ممكن .
أسباب الهجرة النبوية الشريفة إلى المدينة و للهجرة البنيوية العديد من الأسباب التي جعلت منها ضرورة ، حيث أن النبي صل الله عليه و سلم لم يكن يحب أو يفضل الخروج من مكة ، و نلاحظ ذلك في موقفه و هو خارج من مكة إذ وقف و نظر إليها بحزن و قال عن مكة لأنها أحب بلاد الله عليه و لولا ان اهلها أخرجوه منها ما خرج .
و من أهم أسباب الهجرة النبوية هو رفض قريش لدعوة النبوي و التصدي لها و محاولة إجهاضها و القضاء عليها حتى بلغ بهم الأمر إلى التآمر على قتل النبي صل الله عليه و سلم ، وكانت الأجواء في مكة لا تسمح باستمرار الدعوة حيث أن أهل مكة قاوموا النبي و أصحابه و كل أتباعه ، و لاقى النبي و أصحابه على أيدي المشركين أشد أنواع العذاب و التنكيل و الاضطهاد بكافة الأساليب .
حيث حاولوا إتباع أكثر من أسلوب مع النبي صل الله عليه و سلم حتى يتوقف و يترك أمر الدعوة حيث عرضوا عليه الملك و الحكم و الأموال والسيادة و لما فشلت كل هذه المحاولات أمام إصرار النبي و إتباعه ، لجأ المشركين إلى الأساليب القاسية من تعذيب و غيرها من الأمور القاسية و كان بقاء النبي و أتباعه في مكة بدون حماية أمام بطش المشركين يهدد الدعوة و ل1لك كانت الهجرة النبوية إلى المدينة المنورة .
سبب اختيار المدينة للهجرة بعدما أصبح المكوث و البقاء في مكة أمر خطير و يهدد الدعوة و المسلمين ،فقد أصبح أمر الهجرة أمرا أكيدا ، حيث سبق بالفعل أن أذن النبي لبعض الصحابة أن يهاجروا إلى الحبشة و خرج هو لدعوة أهل الطائف سيرا على أقدامه و لكن كان أهل الطائف لا يقلون عن أهالي مكة شيئا في قوة قلوبهم و تعنتهم للدعوة حيث قاموا بإيذاء النبي و قذفه بالحجارة حتى سالت الدماء من قدميه ، و كانت المدينة أفضل خيار متوفر لهجرة النبي و أصحابه و ذلك لعدة أسباب .
و أهم هذه الأسباب هو أن المدينة كانت مهيأة لاستقبال الدعوة الإسلامية و ذلك لأن أهالي المدينة من الأوس و الخزرج علموا من علماء اليهود أن هناك نبي سيخرج و هو نبي آخر الزمان فلما سمع أهل المدينة بخروج النبي سارعوا إليه و أعلنوا إسلامهم ، و تم ذلك في بيعة العقبة الأولى و الثانية ، حيث عاد من اسلم منهم و قد عرفوا الإسلام و تعرفوا على أنه دين الحق وقد أرسل النبي مصعب بن عمير معهم ليعرفهم أمور الدين .
و بهذا كانت المدينة بيئة ممهدة لاستقبال الدعوة الإسلامية و استقبال النبي و أصحابه حيث ضرب أهل المدينة أجمل الأمثلة في الإيثار حيث رحبوا بالمهاجرين و قاسمهم أموالهم و بيوتهم و ممتلكاتهم حيث قام النبي صل الله عليه وسلم الإخاء بين المهاجرين والأنصار .
انتظار النبي الإذن من الله بالهجرة و بعدما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يسبقوه بالهجرة إلى المدينة ، بقي في مكة ولم يبق معه إلا ابن عمه علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه و أبو بكر الصديق ، وكان أبو بكر الصديق يطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يأذن له حتى يهاجر ولكن النبي كان يجيبه ويقول ” لا تعجل لعل الله يجعل لك صاحبا ” و كان أبو بكر الصديق يطمع في صحبة النبي صلى الله عليه و سلم فهى بالطبع رف عظيم ، و هكذا انتظر الرسول صل الله عليه و سلم الإذن بالخروج و الهجرة بينما كان المشركون يضعون الخطط و المؤامرات حتى ينالوا منه .
الإذن بالهجرة و خروج النبي و بعدما انتشر أمر الدعوة الإسلامية و تزايد عدد من يبايعون النبي صل الله عليه و سلم كل عام أكثر و أكثر ، شعرت قريش بالخطر و أن الأمور تنفلت من أيديهم و خاصة من بعد مبايعة الأنصار ، و لذلك اجتمع سادة مكة في دار الندوة يتباحثون في كيفية التصدي لخروج النبي و القضاء على دعوته ، و اختلفت آرائهم فمنهم من قال نخرجه من أرضنا و ننفيه إلى أرض أخرى و منهم من قال نوثقه و نحبسه حتى يدركه الموت .
و قال أبو جهل نأخذ من كل قبيلة رجل أو شاب قوي فينتظرونه و عندما يخرج يجتمعون و يضربونه ضربة رجل واحد و بهذا يتفرق دمه بين القبائل ولا يستطيع بنو عبد مناف أن يطالبوا بدمه من مكة كله و سيقبلون الدية فاستحسنوا هذا الرأي و وافقوا عليه ، و لكن الله أخبر النبي بكل ما يدور من مؤامرات و أذن له بالخروج و الهجرة ، و ذهب النبي صل الله عليه و سلم على صاحبه أبو بكر الصديق وأخبره أن الله أذن له بالهجرة وكان أبو بكر قد أعد ناقتين للسفر و اتفق مع عبد الله بن أريقط كي كون دليل لهما في هذه الرحلة ، ثم عاد النبي إلى داره وهو يعلم ما تنويه قريش فنام علي ابن ابي طالب مكان النبي و خرج النبي أمام أعين المشركين الذين يحاصرون داره بعد أن أغشى الله أبصارهم . موضوع تعبير عن الدروس المستفادة من الهجرة النبوية
طريق الهجرة النبوية الشريفة بعدما ذهب النبي وصاحبه أبو بكر الصديق إلى غار ثور حتى يتخفيان عن دوريات البحث التي يقوم بها المشركين و الذين قاموا بإعلان جائزة ضخمة لمن يدل على أثر النبي و صحبه ، و بقي النبي وصاحبه في الغار ثلاث ليال كانت أسماء بنت أبي بكر تأتيهما بالطعام والمؤن في حزامها و لذلك سميت بذات النطاقين.
و بعد ثلاثة أيام خرج النبي و صاحبه و دليلهما عبد الله بن أريقط في طريقهما إلى المدينة ، و لحق بهما سراقة بن مالك طمعا في الجائزة التي أعلنتها قريش لمن يدل عن النبي ، فدعا عليه النبي فغاصت أقدام راحلته في الرمال و لما رأى سراقة ذلك علم أن هذه معجزة فطلب من الرسول أن يعفو عنه و يدعو له حتى تسير راحلته و يرد المشركين الذين يبحثون عنه وبالفعل دعا له النبي وعاد إلى المشركين و اخبرهم انه بحث في هذه المنطقة وهو عالم بتقفي الاثر، واستكمل النبي و صحبه و دليلهما الطريق حتى وصلوا إلى قباء و أقاموا أول مسجد بها عرف بمسجد قباء .
خاتمة موضوع تعبير عن الهجرة النبوية و في نهاية هذا الموضوع يجدر بنا آن نقول أن الهجرة النبوية الشريفة لم تكن مجرد حدثا عابرا في التاريخ ، و إنما هى نقطة التحول والخروج من الظلام إلى النور ، و نستفيد بالكثير من الدروس والقيم من الهجرة النبوية الشريفة حيث نتعلم منها حب الوطن والتعلق به وأيضا الصبر على الشدائد والتمسك باليقين في الله ونتعلم منها الصداقة الحقيقية وكيف تكون الصحبة الجيدة النافعة من حب النبي لأصحابه و حبهم له وعرض أنفسهم فداءا له كما فعل على بن أبي طالب و أبو بكر الصديق . |
|
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75477 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: الهجرة النبوية الشريفة الثلاثاء 28 سبتمبر 2021, 8:50 am | |
| تاريخ الهجرة النبوية تاريخ هجرة الرسول إلى المدينة هاجر رسول الله -صل الله عليه وسلم- من مكَّة إلى المدينة في اليوم السَّابع والعشرين من صَفَر من السَّنة الثَّالثة عشر للبعثة، والذي يوافق اليوم الثَّالث عشر من الشَّهر التَّاسع من عام ستمئةٍ واثنين وعشرين من السَّنة الميلاديَّة.[١]
تاريخ وصول النبي إلى المدينة هاجر النَّبيُّ -صل الله عليه وسلم- من مكَّة المكرَّمة ليلة الجمعة، ولبث في غار ثور ليلة الجمعة والسَّبت والأحد، ومن ثمَّ انطلق ليلة الإثنين في الأول من الشهر الثالث من السَّنة الرَّابعة عشر من البعثة، الموافق لليوم السادس عشر من الشهر التاسع لعام ستمئةٍ واثنين وعشرين ميلاديَّة إلى المدينة المنوَّرة، ووصل إلى قباء في يوم الإثنين، الثامن من الشهر الثالث للعام الرابع عشر من البعثة، الموافق للثالث والعشرين من الشهر التاسع لعام ستمئةٍ واثنين وعشرين ميلادية، كما وصل المدينة في اليوم الثاني عشر من ربيع الأوَّل.[١]
مواقف مشرقة من الهجرة النبوية كان لبعض الصَّحابة -رضوان الله عليهم- بعض المواقف المشرقة في رحلة الهجرة المباركة مع رسول الله -صل الله عليه وسلم-، نذكرُ بعضها فيما يأتي: فداء علي بن أبي طالب لرسول الله عندما اجتمع كفّارُ قريش في دار النَّدوة ليكيدوا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويقتلوه، أوحى الله -تعالى- لنبيِّه بأنَّ كفَّار قريشٍ أجمعوا على قتلِك، فما كان من نبي الله -صل الله عليه وسلم- إلَّا أن يُفكِّر بإبقاء أحدِ أصحابه مكانه في سريره كي يظنَّ الكفَّار أنَّه ما زال نائماً، فطلب من علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- ذلك، وهنا تجلَّى موقفه البطولي حيث وافق على طلب رسول الله -صل الله عليه وسلم- مع أنَّ في هذا خطر على حياته، لكنَّ علي بن أبي طالب فضَّل أن يجعل نفسه فداءً لرسول الله -صل الله عليه وسلم-.[٢]
حماية أبو بكر الصديق لرسول الله كان أبو بكرٍ الصِّديق -رضيَ الله عنه- رفيق رسول الله -صل الله عليه وسلم- في الهجرة، وكان -رضي الله عنه- شديد الحرص على حمايته -صلى الله عليه وسلم-؛ فقد كان يمشي من أمامه تارةً، ومن خلفه تارةً، وذلك حتى لا يُباغتهما أحد في طريقهما فيؤذي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وحينما وصلا إلى غار ثور دخل قبله ليتفقَّد الغار وسدَّ ثغراتِه لكي لا يتسلَّل إليه شيءٌ فيؤذي الرسول -صل الله عليه وسلم-.[٣]
استقبال أهل المدينة لرسول الله كان أهلُ المدينة كلَّ يومٍ يصعدون منازلهم وينتظرون وصول رسول الله - صل الله عليه وسلم-، فلمَّا وصل نادى بهم يهوديٌ: "يا بني قيلة، هذا صاحبكم قد جاء"، فاجتمع أهل المدينة لاستقباله وكان كلٌ منهم يحاول أن يراه ويحتفي به،[٤] فعن البراء بن عازب أنَّه قال: (فَصَعِدَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ فَوْقَ البُيُوتِ، وَتَفَرَّقَ الغِلْمَانُ وَالْخَدَمُ في الطُّرُقِ، يُنَادُونَ: يا مُحَمَّدُ يا رَسولَ اللهِ، يا مُحَمَّدُ يا رَسولَ اللَّهِ).[٥]
وعن أنس -رضي الله عنه- قال: (إنِّي لأسعى في الغِلمان يقولون جاءَ محمَّدُ وأسعى ولا أرى شيئًا ثمَّ يقولونَ: جاءَ محمَّدٌ فأسعى حتَّى جاءَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ وصاحبُهُ أبو بَكرٍ فَكمنَّا في بعضِ جدرِ المدينة، ثمّ بعثا رجلًا من أَهلِ الباديةِ ليؤذنَ بِهما الأنصارَ قالَ: فاستقبلَهما زُهاءَ خَمسِمائةٍ منَ الأنصارِ حتَّى انتَهوا إليْهما فقالوا انطلقا آمنَينِ مطاعَينِ فأقبلَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ وصاحبُهُ بينَ أظْهرِهم، فخرجَ أَهلُ المدينةِ حتَّى إنَّ العواتقَ لفوقَ البيوتِ يتراءينَهُ يقلنَ: أيُّهم هوَ؟ قالَ: فما رأينا منظرًا شبيهًا بِهِ يومئذٍ).[٦]
أثر الهجرة النبوية على الدعوة الإسلامية
إنَّ لهجرة النَّبيِّ -صل الله عليه وسلم- آثار عظيمة على الدَّعوة الإسلاميَّة، نذكر بعضها فيما يأتي:[٧] خسرت قريش قوَّتها ومكانتها بعد الهجرة إلى المدينة، وضعفت هيبتها في نفوس القبائل العربيَّة؛ حيث إنَّ القبائل جاءت من جميع الأنحاء ليُبايعوا رسول الله -صل الله عليه وسلم- ويدخلوا في دين الله -عزَّ وجل-.
ارتفعت مكانة المدينة المنورة بعد الهجرة؛ فأصبحت هي عاصمة الدَّعوة الإسلاميَّة ومركزها، وكانت أوَّل مكانٍ للرسالة التي لا تقوم على أساس العِرق والقبيلة.
كانت الهجرة بدايةً لعصرٍ جديد تسودُه شعائر الإيمان والتوحيد، ونهايةً لعهد الوثنية والأصنام.
كانت الهجرة بمثابة إعلانٍ لقيام دولةٍ إسلاميَّةٍ يسكنها شعبٌ في أرضٍ محددة.
ساعدت الهجرة في قيام الفتوحات الإسلاميَّة والانتصارات، وبالتالي انتشار الإسلام في أنحاء العالم.
ولآثار الهجرة النبوية العظيمة قام عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بجعل الهجرة النبوية بدايةً للتأريخ الإسلامي.[٨] |
|