عبدالقدير خان مؤسس المشروع النووي الباكستاني
توفي عالم الذرة الباكستاني، عبد القدير خان، بعد إصابته بفيروس كورونا. وينظر إلى خان كبطل قومي لأنه جعل بلاده أول قوة نووية إسلامية في العالم، فيما يعتبره الغرب مسؤولا عن تهريب التكنولوجيا النووية إلى بلدان أخرى.
وهذه أبرز المعلومات عنه:
عبد القدير خان: قصة الرجل الذي يعد "أبا للقنبلة النووية الباكستانية"
توفي الدكتور عبد القدير خان، الرجل الذي يعتبر "أبا للقنبلة النووية الباكستانية"، عن عمر يناهز 85 عاما بعد نقله إلى المستشفى جراء إصابته بفيروس كورونا.
وكان قد اُشيد بالدكتور خان باعتباره بطلا قوميا لتحويله بلاده إلى أول قوة نووية إسلامية في العالم.
لكنه اشتهر أيضا بتهريب أسرار نووية إلى دول من بينها كوريا الشمالية وإيران.
وقال رئيس الوزراء عمران خان إن باكستان فقدت "أيقونة وطنية".
وكتب رئيس الوزراء على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي تويتر يقول: "كان محبوبا من أمتنا بسبب مساهمته الحاسمة في جعلنا دولة نووية"
مواضيع قد تهمك نهاية
وكان للعالم المعروف باسم إيه كيو خان، دورا أساسيا في إنشاء أول محطة تخصيب نووية باكستانية في كاهوتا بالقرب من إسلام أباد.
وبحلول عام 1998، أجرت البلاد تجاربها النووية الأولى.
وبعد فترة وجيزة من الاختبارات المماثلة التي أجرتها الهند، ساعد عمل الدكتور خان في الحفاظ على مكانة باكستان باعتبارها سابع قوة نووية في العالم مما أثار الابتهاج الوطني.
لكنه اعتقل في عام 2004 لمشاركته التكنولوجيا النووية بشكل غير قانوني مع إيران وليبيا وكوريا الشمالية.
وقد صدمت باكستان إزاء الكشف عن قيامه بنقل أسرار نووية إلى دول أخرى.
وفي خطاب تليفزيوني، قدم الدكتور خان "عميق أسفه واعتذاراته غير المشروطة".
حقائق عن باكستان
وقد تم العفو عن الدكتور خان من قبل الرئيس الباكستاني آنذاك، برويز مشرف، لكنه ظل رهن الإقامة الجبرية حتى عام 2009.
وقد أثار التساهل في معاملته غضب الكثيرين في الغرب حيث أطلق عليه لقب "أعظم ناشر نووي في كل العصور".
لكنه ظل في باكستان رمزا للفخر لدوره في تعزيز أمنها القومي.
وقال الرئيس عارف علوي: "لقد ساعدنا في تطوير الردع النووي لإنقاذ الأمة، ولن تنسى الدولة الممتنة خدماته".
من الهند إلى باكستان
تقول دائرة المعارف البريطانية إن الدكتور خان ولد في الأول من أبريل/نيسان من عام 1936 لعائلة متواضعة في بوبال بالهند، وهو مهندس باكستاني وشخصية رئيسية في برنامج الأسلحة النووية الباكستاني، كما أنه شارك أيضا لعقود في السوق السوداء للتكنولوجيا النووية وبيع التصميمات والصواريخ والخبرات أو تداولها مع إيران وكوريا الشمالية وليبيا وربما دول أخرى.
من اليسار، الزعيم الهندي جواهر لال نهرو، والمندوب السامي البريطاني في الهند اللورد ماونتباتن، وزعيم عصبة المسلمين في الهند محمد علي جناح
وخلال طفولة خان وتحديدا في 14 أغسطس/ آب من عام 1947 احتفلت باكستان باستقلالها عن بريطانيا، وفي اليوم التالي احتفلت الهند بالاستقلال أيضا عن التاج البريطاني، وذلك بعد أن انسحبت بريطانيا من بلد كانت تعتبره درة تاجها الامبراطوري، وخلفت وراءها دولتين مستقلتين هما الهند العلمانية ذات الغالبية الهندوسية وباكستان الإسلامية.
ولم يكن البريطانيون قبل الحرب العالمية الثانية على استعداد لمنح الهند استقلالها، ولم يدعم كثير من المسلمين والسيخ وغيرهم رؤية الزعيم الهندي غاندي الخاصة بالهند كبلد موحد، ولم يؤمنوا أنه يتحدث نيابة عن جميع الهنود.
وقدم غاندي بعد ذلك استقالته من حزب المؤتمر واعتزل الحياة السياسة، لكنه واصل حملته من أجل المساواة الاجتماعية لصالح "الداليت"، وهي الطبقة المعروفة باسم "المنبوذين".
وأجبرت قدرته على تعبئة الجماهير ونهجه السلمي الثابت، السلطات البريطانية على التفاوض.
كان يحيك جواربه ولا يغير عمامته رغم أنه كان الأغنى في العالم
تحققت أهداف غاندي عندما أضعفت الحرب العالمية الثانية قبضة بريطانيا على إمبراطوريتها، والتي قررت إنهاء وجودها في شبه القارة الهندية وتسليم السلطة إلى إدارة هندية.
ولكن كانت الخلافات مهيمنة آنذاك بين أكبر قيادتين سياسيتين في البلاد، وهما جواهر لال نهرو ومحمد علي جناح.
وكان نهرو، زعيم حزب المؤتمر وأول رئيس وزراء في الهند المستقلة، معارضا لمبدأ تقسيم البلاد على أسس دينية.
ولكن محمد علي جناح، زعيم عصبة مسلمي الهند، والذي أصبح حاكما عاما لباكستان عقب التقسيم، كان مصرّا على أن لمسلمي الهند الحق في تأسيس دولة خاصة بهم.
وكان جناح نفسه من دعاة الوحدة بين الهندوس والمسلمين، وعضوا في حزب المؤتمر في البداية قبل أن يغير موقفه ويقطع علاقته بالحزب الذي شك في انه يسعى لتهميش المسلمين، وبعد خروجه من المؤتمر ترأس جناح عصبة عموم مسلمي الهند.
وقد قاد وزير الدولة البريطاني لشؤون الهند وبورما، بيثيك لورانس، شخصيا في عام 1946 وفدا وزاريا إلى نيودلهي على أمل حل الأزمة بين حزب المؤتمر والعصبة وبالتالي نقل السلطة البريطانية إلى إدارة هندية واحدة، لكن الخلافات تفاقمت.
بدأت حرب أهلية دموية في الهند حيث أدت أعمال الشغب والقتل بين الهندوس والمسلمين التي بدأت في كالكوتا، إلى إرسال شرارات قاتلة من الغضب والجنون والخوف إلى كل ركن من أركان شبه القارة الهندية حيث بدا أن ضبط النفس قد اختفى.
فتم تكليف اللورد ماونتباتن، أحد أعمدة الأسرة البريطانية المالكة وقُتل في عام 1979 بانفجار قنبلة زرعها في يخته الجيش الجمهوري الأيرلندي، بمهمة إخراج بريطانيا من أكبر مستعمراتها.
وبعد وقت قصير من وصوله إلى دلهي، قرر مونتباتن أن الوضع خطير للغاية ويستلزم اللجوء إلى خيار التقسيم بدلا من المخاطرة بمزيد من المفاوضات السياسية، كما قرر أنه من الأفضل أن تتم عملية انسحاب القوات البريطانية من الهند بسرعة.
حقائق ومعلومات اساسية عن الهند
وقد أقر البرلمان البريطاني في يوليو/تموز من عام 1947 قانون استقلال الهند، وأمر بترسيم حدود الهند وباكستان بحلول منتصف ليل 14-15 أغسطس/آب من عام 1947.
لذلك تم الانتهاء من رسم خط تقسيم شبه القارة إلى دولتين في خمسة أسابيع فقط، وأعلنت الهند وباكستان استقلالهما في منتصف أغسطس/آب من عام 1947.
وعقب ذلك انضمت الولايات ذات الأغلبية الهندوسية للهند، ونظيرتها ذات الأغلبية المسلمة لباكستان بينما استمرت الخلافات حول كشمير إلى اليوم.
اضطر ملايين الأشخاص إلى مغادرة منازلهم عندما حدث تقسيم الهند في عام 1947
كان عدد سكان الهند آنذاك يناهز 400 مليون نسمة، غالبيتهم من الهندوس، وكان المسلمون يشكلون 25 في المئة تقريبا من مجموع سكان البلاد.
وقال مسؤول بريطاني عليم ببواطن الأمور حينذاك: "جاء التقسيم والاستقلال سوية. فقد كان الواحد منهما ثمنا للآخر".
وعندما أعلن قرار التقسيم، نزح 12 مليون لاجئ على الأقل من إحدى الدولتين إلى الدولة الأخرى، وقتل في العنف الطائفي نصف مليون إلى مليون شخص على الأقل كما اختطف عشرات الآلاف من النساء.
آلام تقسيم الهند مستمرة رغم مرور 70 عاما
لماذا تتقاتل باكستان والهند على كشمير؟
تعرف على منطقة كشمير المتنازع عليها بين الهند وباكستان
وبعد خمس سنوات من التقسيم، هاجر خان إلى باكستان عام 1952، وفي عام 1960 تخرج من جامعة كراتشي بدرجة علمية في علم المعادن، قبل أن ينتقل إلى أوروبا لمزيد من الدراسات.
في أوروبا
وعلى مدار العقد التالي، تابع دراساته العليا في الخارج، أولا في برلين الغربية ثم في دلفت بهولندا حيث حصل في عام 1967 على درجة الماجستير في علم المعادن.
وفي عام 1972 حصل على درجة الدكتوراه في هندسة المعادن من الجامعة الكاثوليكية في لوفين في بلجيكا.
وتزوج في عام 1964 من هندرينا ريترينك، وهي مواطنة بريطانية وُلدت لأبوين هولنديين في جنوب إفريقيا وترعرعت في ما كان يعرف آنذاك بروديسيا (زيمبابوي الآن) قبل أن تنتقل إلى هولندا.
وفي السبعينيات من القرن الماضي، تولى عبد القدير خان وظيفة في مصنع لتخصيب اليورانيوم يديره كونسورتيوم بريطاني هولندي ألماني "أورينكو".
وقد حصل خان على تصريح أمني منخفض المستوى، ولكن من خلال الإشراف المتراخي تمكن من الوصول إلى مجموعة كاملة من المعلومات حول تقنية أجهزة الطرد المركزي الفائقة وزار المصنع الهولندي في ألميلو عدة مرات.
وكانت إحدى وظائفه ترجمة الوثائق الألمانية الخاصة بأجهزة الطرد المركزي المتقدمة إلى اللغة الهولندية.
تأثير الهزيمة
وتقول دائرة المعارف البريطانية إن خان تأثر بشدة بالأحداث في الوطن، خاصة هزيمة باكستان المهينة في حرب قصيرة مع الهند في عام 1971، والخسارة اللاحقة لباكستان الشرقية من خلال إنشاء دولة مستقلة جديدة هي بنغلاديش، واختبار الهند لجهاز تفجير نووي في مايو/آيار من عام 1974.