ما أسباب تدهور الليرة التركية وإقالة أردوغان 3 مسؤولين في البنك المركزي؟
في وقت تضاربت فيه أسباب إقالة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان 3 أعضاء في لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي، سجلت الليرة التركية انخفاضا جديدا في سوق العملات الأجنبية وصل إلى مستويات قياسية.
وقالت الجريدة الرسمية التركية إن الرئيس أردوغان أقال نائبي المحافظ -سميح تومين وأوجور ناميك كوجوك- إلى جانب عضو آخر في لجنة السياسة النقدية، عبد الله يافاش.
وأضافت أن أردوغان عين طه جكمك نائبا لمحافظ البنك المركزي ويوسف تونا عضوا في لجنة السياسة النقدية.
سياسة نقدية
وتراجعت الليرة إلى مستوى قياسي منخفض عند 9.1900 مقابل الدولار بعد هذا الإعلان، بخسارة 1% أمس الجمعة، فقد ضعفت بنحو 19% حتى الآن هذا العام، مدفوعة بمخاوف بشأن السياسة النقدية.
وجاء إصلاح لجنة السياسة النقدية بعد أن قالت الرئاسة إن أردوغان التقى محافظ البنك المركزي شهاب كافجي أوغلو، ونشرت صورة لأردوغان وهو يقف بجانبه.
والشهر الماضي، خفض البنك المركزي سعر الفائدة الرئيسي إلى 18% من 19% رغم التضخم السنوي الذي يقارب 20%.
ويوصف أردوغان بأنه عدو أسعار الفائدة، ويتبنى نظرية مفادها أن خفض أسعار الفائدة سيؤدي إلى انخفاض التضخم.
وصرح كافجي أوغلو بأن خفض سعر الفائدة لم يكن مفاجئا، وليس له علاقة كبيرة بعمليات بيع الليرة.
ومنذ أشهر، تقول الحكومة التركية إنها تتحرك بموجب سياسة اقتصادية جديدة ترتكز على تخفيض سعر الفائدة من أجل محاربة التضخم الذي وصل إلى مستويات خطيرة.
وهذه السياسة بدت ملامحها بشكل أوضح بعد تعيين أردوغان لشهاب كافجي أوغلو محافظا جديدا للبنك المركزي، في مارس/آذار الماضي، في تغيير هو الرابع من نوعه في أقل من عامين، بعد سلسلة الإقالات التي طالت المحافظين القدامى، وهم ناجي أغبال، ومراد أويصال، ومراد تيشتين قايا.
وبلغ معدل التضخم الرئيسي أعلى مستوى له خلال عامين ونصف العام عند 19.58% في سبتمبر/أيلول الماضي، بينما كان المقياس الأساسي الذي أكده كافجي أوغلو خلال الشهر الماضي هو 16.98%.
أسباب الإقالات الجديدة
وأرجع الخبير الاقتصادي ورجل الأعمال التركي علاء الدين شونكولار إقالة المسؤولين الثلاثة إلى الخلاف الحاصل بين رؤية الرئيس الرافضة لرفع معدل الفائدة من أجل تخفيض معدلات التضخم، ورؤية المقالين الداعمة لرفع معدل الفائدة من أجل رفع قيمة الليرة.
وقال شونكولار -للجزيرة نت- “عدم استقلالية البنك في قراراته المالية والتمويلية وفقا لتعديلات الدستور في أبريل/نيسان عام 2017 الذي سمح للرئيس بالتدخل أفسح المجال للخلاف بين الرئيس والمسؤولين في البنك المركزي الذي يؤدي في النهاية إلى الإقالات، فالتعارض بين الطرفين يؤدي إلى تقلبات سريعة في أسعار العملات الصعبة والذهب والفضة”.
وأشار أيضا إلى أن البنوك دائما ترجع بأصولها إلى البنك المركزي الأميركي، وهي نقطة ضعف بالنسبة للاقتصادات الناشئة، وبينها تركيا.
تأثير انخفاض الليرة
خلال الأشهر الستة الماضية، كانت الليرة في مرحلة استقرار، إذ بقي سعر الصرف يتراوح ما بين 8.4 و8.5 ليرات مقابل الدولار الواحد.
لكن منذ أواخر سبتمبر/أيلول الماضي وحتى الآن، كسر انخفاضها حاجز الـ9 ليرات مقابل الدولار بسبب تطورات عدة.
وكانت العملة التركية عانت خلال سنوات قليلة، حيث فقدت 59% من قيمتها مقابل الدولار منذ بداية عام 2018.
ويتوقع الاقتصادي التركي شونكولار ألا يؤثر تدهور الليرة على أسعار السلع والخدمات بنسبة عالية، كون الاقتصاد التركي قائما على الإنتاج الوطني بنسبة 65-70%، وفى اليد العاملة 96%، وفى الوقت نفسه تصدر تركيا سنويا 225 مليار دولار إلى 140 دولة في العالم.
ولفت إلى أن السياحة في تركيا لم تعد تتحقق في موسم الصيف فقط، فهي مستمرة طوال 12 شهرا مع اختلاف بسيط في أشهر الشتاء.
في حين يرى اقتصاديون أن خفض الفائدة له تأثيره في ارتفاع الدولار والمعادن الثمينة وذلك بسبب العجز الموجود في ميزانية الجمهورية التركية بين الاستيراد والتصدير، وأيضا بسبب وجود ديون عليها بمبلغ 450 مليار دولار حاليا، وفي حال كانت ميزانية الدولة أقوى من هذا لما كان يحدث هذا الهبوط في الليرة.
باب نقاش
وفي غضون ذلك، فتحت الخطوة التي أقدم عليها الرئيس أردوغان باب نقاش وجدل واسعين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وكان ملاحظا منذ منتصف ليل الخميس تصدر وسم “
#dolar” (دولار) قائمة الأكثر تفاعلا على موقع التواصل تويتر في تركيا.
وقال زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كلشدار أوغلو “أردوغان ورئيس البنك المركزي يتكاتفان ويفقران شعبنا. ومن الواضح أن هذه قسوة على الأمة. واسمحوا لي أيضا أن أقول إن مسؤولية رئيس البنك المركزي في هذه الخيانة تتزايد يوما بعد يوم”.
وطالب وزير الاقتصاد الأسبق في تركيا، إيشين جلبي، بأن يكون البنك المركزي “مؤسسة مستقرة للغاية”.
وقال -في تصريحات لصحيفة “دنيا” التركية- إن “أهم قضية في ما يتعلق بالاقتصاد الكلي هي تجنب عدم اليقين وخلق بيئة موثوقة”