نعمة التعافي.. زينة الحياة
لم يكن وباء “كورونا” الذي حل بالعالم وتهديده بفقدان الحياة أقل ألما في تأثيره النفسي على العالم، حيث كان كابوس الخوف من شبح هذه الجائحة أشد وطأة من أي بلوى أخرى تلاحق الجميع. هذه الهواجس المرعبة التي عاشها الناس واستمرت معنا طوال سنة ونصف السنة كانت داهية عصيبة من القلق والترقب والرجاء في انتظار المجهول، كما صاحبها التخبط في الأخبار عن بدء اكتشاف اللقاحات والدعايات التي رافقتها كل دولة تسوق لمنتجها حيث عم شعور جديد من الخوف المتزايد بين الناس من فعاليات هذه اللقاحات واحتمالات مضاعفاتها، وقد بدأت توزع على نطاق واسع بين الدول. وفي هذه الأحوال وقع الإنسان في خوف ثان من الإصابة بالوباء أو بأعراض جانبية بعد أخذ اللقاح، خوف لا يقل عن سابقه. عاش العالم سنتين من الرعب وتصاعدت حوادث الوفيات إلى الملايين، وكأن قنوات الإعلام تحولت إلى مصادر لبث الرعب وتهويل الوباء، بدل أن تسهم في نشر الأمل والتخفيف من آثاره النفسية.
كورونا التي أخذت ملامحها الآن تنشقع عن الناس وفي أكثر الدول، تجعلني أتوقف قليلا أمام تجربة الإمارات وهي تجربة رائدة وجديرة بأن تقوم مراكز البحوث الطبية في العالم بدراستها والاستفادة من منجزاتها. لقد خطت الإمارات خطوات دقيقة ومدروسة منذ البداية حيث بادرت إلى إجراءات وقائية واحتياطية فطبقت قانون الحجر والوقاية على الجميع، مع متابعة الفحوصات، كما أمنت اللقاحات مجانا لجميع المواطنيين والمقيمين على حد سواء، وبمواعيد تاريخية دقيقة مسجلة على هاتف كل واحد منا. نعم، لقد عملت الطواقم الطبية بكافة طاقتها كانت تمر على البيوت لاستفقاد الناس والتأكد من إجراء الفحوصات في مواعيدها، إضافة إلى حملات الذظافة التي تمت في الشوارع والأحياء، مرفقة مع حملة توعية كبيرة صاحبتها إيضاحات لأهمية اللقاح الذي تم في الإمارات بنسبة 100 %، وهذا ما خفف الألم والخوف وآثارهما النفسية على الناس، واستجاب الجميع للمبادرة الوقائية والالتزام بالإجراءات الاحترازية، نتيجة للثقة والطمأنينة الشاملة في تنفيذ برامج الوقاية التي يبثها الإعلام والجهات الرسمية.
من هنا جاء الفرج قريبا بالتعافي الذي حصل وأخذنا خلال هذه الأيام نعود تدريجيا إلى حياتنا العادية مع الاحتفاظ بالكمامة والتباعد قدر المستطاع، هذا الحلم الكبير الذي تجاوز المحنة وحول خروج الناس منها إلى فرحة لا يضاهيها أي شيء آخر. كيف لا؟ وهي السلامة، سلامة الناس من وباء كاد أن يصيب الجميع. وليس لنا إلا أن نبتهل بخشوع: ربنا، لك الحمد أن منحتنا العافية والنجاة وعادت الابتسامة إلى كثير من الناس. إن عودة التعافي للناس شيء لا يضاهيه أي شيء آخر، إنها الصحة الغالية، الأمان الصحي لا يقدر بثمن لأنه هو الحياة. وما أغلى الحياة وأجملها مهما كان فيها من صعاب. هل تعلمنا أن نحافظ على محبتنا لبعضنا وبالمحبة ندرأ الخطر الذي يصيبنا. نعم، بالحب والأمل بالله وبلطفه نسير دائما نحو الأجمل.
هكذا بدأت الخطوات الأولى في أول فعالية ثقافية حضرها جميع الزملاء الإعلاميين في معرض فني افتتح منذ أيام بعد انحسار الجائحة والتخلص منها بإذن الله. كان لقاؤنا الأول مع فنون التشكيل في المينا بأبوظبي لمشاهدة معرض 421 الذي يقام دوريا، وكان قد توقف اضطراريا خلال مدة الجائحة، وقد افتتحت فيه أول الفعاليات الثقافية وضمت معرضين: الأول بعنوان “وبينما ننظر إليها”، والثاني “فريدة جدا، جذابة جدا”، شارك فيهما مجموعة كبيرة من الفنانين، وكان لقاء الإعلام مع الفنانين بعد غياب امتد حوالي سنتين غاية في الجمال والمتعة ومحبة الحياة مع التشكيل وجمال الألوان. وكل ما أرجوه للجميع أن يبدأوا حياة جديدة بعد أن تراجع شبح الجائحة حتى نعود إلى الحياة بنعمة المحبة والتسامح والبحث عن الأفضل في جميع مجالات الحياة، لنحب بعضنا مهما اختلفت وجهات النظر بيننا، لنعيش الحياة بالتفاهم والعطاء مستمتعين بالصحة مع الأهل والأصدقاء والمحبة لنعبر دروب الحياة بسلام واطمئنان