لا تزال صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينية تراوح مكانها، في ظل رفض تل أبيب الشروط التي طرحتها حركة حماس من أجل إتمام الصفقة.
وتستضيف مصر منذ الأحد الماضي، وفد حركة حماس برئاسة إسماعيل هنية، حيث يعد الاجتماع الأول للمكتب السياسي للحركة، والذي يضم الأقاليم الثلاثة، غزة والضفة الغربية وخارج فلسطين.
اجتماع القاهرة
ونقلت صحف محلية فلسطينية من بينها "قدس برس"، عن مصادر بحركة حماس قولها، إن وفد حماس أجرى لقاء مطولا في القاهرة مع مدير المخابرات المصري عباس كامل، ومن المقرر أن تستمر المباحثات حتى غدا الأربعاء.
وقبل أيام نقلت قناة "كان" الإسرائيلية عن مصادر لم تسمها، قولها إن القاهرة تلقت رسائل وصفتها بـ "المفاجئة وغير المسبوقة" من إسرائيل لإعادة تحريك الملف بعد جمود استمر شهورا.
وكان عضو المكتب السياسي لحركة حماس، زاهر جبارين، قال إن الحركة قدمت للوسطاء خارطة طريق واضحة لصفقة تبادل الأسرى، مشيرا إلى أن الكرة الآن في ملعب إسرائيل.
ونقلت القناة الإسرائيلية عن مصادر أن "المسؤولين الإسرائيليين أبلغوا الوسيط المصري هاتفيًا بإمكانية عقد جلسات خاصة للتباحث في ملف صفقة تبادل الأسرى بشكل عام والشروط التي وضعتها حماس"، مؤكدة أن وقت استعادة الجنود الإسرائيليين ورفاتهم قد حان فعلًا وفق ما جاء في المكالمة.
تقدم ملموس
واعتبر مصباح أبوكرش، المحلل السياسي الفلسطيني أن فصائل المقاومة الفلسطينية على رأسها حركة حماس تحرص على الحفاظ على دور مصر المركزي والرئيسي عندما يتعلق الأمر بهذا النوع من الصفقات، كما حدث في صفقة وفاء الأحراء عام 2011 حيث نجح الوسيط المصري في إتمام هذه الصفقة بطريقة عكست حرص الأشقاء هناك على إنجازها بشكل مشرف ينسجم مع تطلعات الفلسطينيين من مثل هذه الصفقات.
وقال في حديثه لـ "سبوتنيك": "أما فيما يخص الزيارة التي يقوم بها وفد رفيع المستوى من حركة حماس للقاهرة فالهدف الرئيسي من هذه الزيارة هو عقد اجتماع الأطر القيادية الثلاث لهذه الحركة (غزة، الضفة، الخارج) ولقد جاء اختيار القاهرة كمكان لعقد هذا الاجتماع من باب تأكيد الخصوصية التي تتمتع بها الشقيقة الكبيرة مصر عندما يرتبط الأمر باجتماع أحد أكبر الفصائل الفلسطينية التي تدافع عن الحق الفلسطيني المسلوب.
ويرى أبوكرش أن ملف المفاوضات حول صفقة تبادل أسرى جديدة مطروح على طاولة الوسيط المصري منذ فترة ليست بالقصيرة من الزمن وهو ما يجعلنا نتوقع استغلال مثل هذه الزيارة بهدف تحقيق تقدم ملموس في مفاوضات هذا الملف من خلال عرض آخر ما توصل له الوسيط المصري مع الطرف الإسرائيلي ومحاولة تقريب وجهات النظر بين الطرفين قدر المستطاع.
وتابع: "يأتي ذلك مع ضرورة التأكيد على أن الوسيط المصري يعلم جيدا متى يمكن إحراز تقدم جوهري في مفاوضات مثل هذا الملف بالنسبة لحركة حماس التي لا تقبل بأقل من تنفيذ شروطها لإتمام صفقة من هذا النوع؛ وهي الشروط التي تؤمن بعدالتها الشقيقة مصر وأي وسيط عادل".
وأكد أنه من الممكن إنجاز تقدم حقيقي في هذا الملف من خلال هذه الزيارة في حال تراجعت إسرائيل عن كل محاولاتها السابقة للتلاعب في الركائز التفاوضية التي يمكن بموجبها إتمام صفقة تبادل جديدة؛ أما في حال استمر الطرف الإسرائيلي في المراوغة فلن يتجاوز الأمر حدود مناقشة هذا الملف مع مصر بشكل عابر تؤكد من خلاله حماس على ضرورة تنفيذ شروطها ليقابل ذلك تفهم الوسيط المصري لذلك وسعيه لإتمام هذه الصفقة بشكل لائق تقبله المقاومة.
وساطة مصرية
بدورها اعتبرت الدكتورة حكمت المصري، الباحثة الفلسطينية أنه رغم حالة التكتم والسرية التى تخيم على اجتماعات القاهرة التى لم تتوقف منذ انتهاء العدوان الأخير على غزة فيما يتعلق بملف الأسري والملفات الأخرى إلا أن هذه الاجتماعات تؤكد بأن جمهورية مصر العربية تسعى من خلال وساطتها إلى تسجيل نجاح في ملف تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس رغم المعيقات والعتراث التي تواجه هذا الملف الصعب منذ سنوات.
وبحسب حديثها لـ "سبوتنيك"، بالمقابل يبدو أن الوقت أصبح مهيئاً لإنجاز صفقة تبادل الأسرى أكثر من أي وقت مضي، بالتأكيد حركة حماس التى تصر على موافقة إسرائيل على شروطها ستسعي من وراء إتمام هذه الصفقة إلى كسب رأي الشارع الفلسطيني خصوصًا في ظل تردي الأوضاع الإنسانية بقطاع غزة بعد الحرب الأخيرة.
وتابعت: "لقد وضعت حركة حماس شروطها الخاصة لإتمام هذه الصفقة منذ بدء المفاوضات في هذا الملف لكن التعنت الإسرائيلي هو الذي أعاق إتمام هذه الصفقة بسبب رفض إسرائيل لشروط الحركة وإصرارها على ربط هذا الملف بالملفات الأخري المتعلقة بإعادة الإعمار وإنهاء الحصار وفتح المعابر وتحسين الأوضاع الإنسانية في القطاع".
من جانبه، اعتبر مصطفى الصواف، المحلل السياسي الفلسطيني أن ملف الأسرى يراوح مكانه رغم الجهد المصري، والسبب مماطلة إسرائيل.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، هناك جهد مبذول وحماس قدمت خارطة طريق ذو اتجاهين وأي منهما يحقق شروطها سواء كان الإفراج عنهم على مرحلة واحدة أو مرحلتين في النهاية وهو الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين.
وتابع: حتى اللحظة هناك حديث طويل بهدف التوصل إلى إبرام الصفقة ولكن حتى الآن لا يوجد تقدم يذكر، وأما توصل مصر مع إسرائيل إلى صفقة تحقق ما تطلبه حماس، يبدو أن ذلك يحتاج لمزيد من الوقت.
يذكر أن مصر كانت قد أعلنت استضافة اجتماعات الفصائل الفلسطينية في شهر يونيو/ حزيران الماضي لمناقشة ملفات عالقة والوصول لتوافقات حولها، تمهيدا لإنجاز المصالحة وإنهاء الانقسام وتوحيد الصف الفلسطيني والاتفاق على آليات إعادة إعمار غزة، إلا أنها عادت وقررت التأجيل لمنح الفصائل فرصة للتشاور.
وفي شهر مايو/ أيار الماضي، عرض رئيس المخابرات المصرية مشروع صفقة تبادل أسرى بين حماس وإسرائيل، وربطت إسرائيل تخفيف الحصار عن غزة بإنجاز صفقة تبادل الأسرى