“صراع خفي خلط جميع الأوراق”.. صواريخ المقاومة في غزة تُحير منظومة إسرائيل الأمنية وتثير خوف الجيش والساسة.. أسرار الحرب القادمة لا تزال غامضة والاحتلال يخشى المفاجآت والضربات الحساسة.. كلمة السر بيد المقاومة.. فماذا سيكون عنوان جولة التصعيد القادمة؟.. خبايا عسكرية من نوع آخر لم تبح بكل أسرارها
منذ مرور أكثر من نصف عام تقريبًا على انتهاء آخر جولة تصعيد عسكرية دامية وعنيفة على قطاع غزة، وسؤال واحد غامض فقط هو ما يُحير ويقلق المنظومة الأمنية والسياسية بأكملها داخل دولة الاحتلال الإسرائيلي.. “ماذا تملك غزة من مفاجئات عسكرية قادمة لنا؟”.
إجابة هذا السؤال لا تزال تتخبط يمينًا وشمالاً بجدار غرف واجتماعات قادة إسرائيل السياسيين والعسكريين، خاصة بعد ورود تقارير سرية خاصة تفيد بأن “قدرة المقاومة بغزة بعد جولة التصعيد الأخيرة قد تضاعفت، وستكون الصواريخ هي كلمة السر والمفاجئة الكبرى في حال اندلاع أي مواجهة جديدة”.
التخبط الإسرائيلي حول الغموض والتكتيك العسكري الذي تلعبه باقتدار ونجاح فصائل المقاومة في غزة وعلى رأسها حركتي “حماس والجهاد الإسلامي”، والذي يندرج كذلك ضمن الحرب النفسية المستمرة بين الجانبين، جعل إسرائيل تبحث عن حلول لـ “صندوق المقاومة الأسود”، علها تجد وتفسر بعض المفاجئات التي باتت تخشاها، في ظل تهديدات المقاومة وقادتها المتكررة بأن “التصعيد القادم سيكون الأخطر على دولة الاحتلال”
بالنسبة لإسرائيل فالخطر الأكبر هو صواريخ المقاومة، ومدى قوة وقدرة وصول تلك الصواريخ لمناطق حساسة أمنية وعسكرية وحتى سياسية لم تصل لها في جولة التصعيد الأخيرة، وكذلك صمود المقاومة في إطلاق الصواريخ على المدن الإسرائيلية والرشقات الصاروخية التي ترسلها يوميًا رغم كثافة القصف الإسرائيلي، خاصة في ظل التجارب التي تجريها في عرض البحر بشكل يومي.
المقاومة الفلسطينية، كثفت في الأيام الأخيرة من التجارب التي تجريها على الصواريخ المصنعة محليًا والتي يتم تطويرها من حين إلى آخر.
وتتابع قوات الاحتلال الإسرائيلي، ووسائل الإعلام العبرية، تلك التجارب باهتمام في ظل إمكانية أن تشهد الأوضاع في غزة تصعيدًا جديدًا مع استمرار الانتهاكات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية.
وركز الإعلام العبري خلال الساعات الماضية على التجارب الصاروخية التي تنفذها كتائب القسام في قطاع غزة، معتبراً أنها تشكل هاجساً لقيادة الجيش الإسرائيلي من تسارع تعاظم القوة الصاروخية لحماس، ووفقاً للإعلام العبري، فإن كتائب القسام الذراع المسلح لحركة “حماس” كثف من تجاربه الصاروخية تجاه البحر في إطار التطوير المستمر على مدى ودقة الصواريخ.
من جانبه، قال موقع “والا” العبري إن “الجناح المسلح لحركة حماس أطلق صباح اليوم الجمعة صواريخ تجريبية تجاه البحر، وهي المرة الثانية خلال الأسبوع، والرابعة في الشهر الماضي.
بدورها ذكرت صحيفة “يديعوت” العبرية، أنه “بات من الواضح أن عملية “المترو” ضد أنفاق المقاومة في غزة خلال العملية العسكرية الأخيرة، قد فشلت”، وأضافت أن “الاستخبارات الإسرائيلية لم تقم بتقييم نوايا حماس التي افتتحت الجولة بإطلاق صواريخ على منطقة القدس ، ويجب أن نتذكر أن الجبهة الداخلية الإسرائيلية بما في ذلك غوش دان تعرضت لهجوم صاروخي شديد خلال هذه العملية”.
ويوضح الخبير في الأمن القومي إبراهيم حبيب، أن “الصواريخ التجريبية، هي مؤشر على الاستمرار في عملية التطوير ومراكمة القوة لدى المقاومة الفلسطينية، غير المعنية بكشف كل ما تملكه أمام العدو، وهذه استراتيجية مهمة جدا لدى أي جيش أو فصيل مقاوم”.
وتابع : “المقاومة تجد نفسها مضطرة لهذا الفعل، لتجريب ما طورته من أسلحة من خلال البحر الذي يعتبر مجالا مفتوحا أمام المقاومة يمكن لها أن تمارس فيه أعمالها المختلفة، في حين أن هناك بعض الدول التي تمتلك الصحارى والأراضي المفتوحة”.
ونوه حبيب إلى أن “الاحتلال يرصد ويتابع هذه التجارب بدقة، ونحن لاحظنا أن المقاومة لا تعلن عن تلك التجارب الصاروخية نحو البحر، في حين أن الحديث يأتي عنها من خلال جيش الاحتلال الذي يحاول رصد ما يجري في القطاع، وتحديد مدى تلك الصواريخ”، مشيرًا إلى أن “المقاومة الفلسطينية تعلمت من التجارب السابقة، وتحاول أن تفقد الاحتلال منطق المبادأة واستنزاف القوة، عبر الوصول لحالة الردع والإبقاء على حالة تراكم القوة، التي لا بد أن يأتيها يوم وتفرض فيه معركة مع الاحتلال”.
وشدد الخبير الأمني على ضرورة أن تكون “المقاومة جاهزة، لا أن تستنزف قدراتها لحظة بلحظة، وعند المواجهة الحقيقية تجد نفسها في موقف لا تحسد عليه، وما يجري يدلل على فهم عميق لدى المقاومة الفلسطينية التي استغرقها الأمر عدة سنوات حتى وصلت إلى هذا الفهم”.
وأطلقت “حماس” سلسلة صواريخ تجريبية من قطاع غزّة باتجاه البحر، وذلك ضمن محاولات جناحها العسكري، كتائب القسام، إلى تحسين قدراته العسكرية، وترى الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أن تجارب الحركة الصاروخية تهدف إلى رفع كفاءتها، وقدرتها العسكرية، وتحسين مداها.
وبحسب الجيش الإسرائيلي، فإنّ القيادة السياسية في تل أبيب هي التي منحت “حماس” فرصة لتطوير عتادها العسكري، حينما دخلت معها في مسار التسوية من خلال التفاهمات التي جرت أخيراً، ووفرت الهدوء للقطاع مقابل الهدوء في غلاف غزّة.
وكانت “حماس” قد صنعت أوّل صاروخ محليّ عام 2001، واستمرت في تطويره حتى أصبح لديها ترسانة من الصواريخ، تقدرها إسرائيل بحوالي 30 ألف صاروخ، فيما رصدت إسرائيل أوّل تجربة صاروخية للحركة باتجاه البحر في 3 نوفمبر (تشرين الثاني) 2009، وقد وصل مدى الصاروخ حينها إلى 60 كيلومتراً