منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 العالم الإسلامي وفلسطين

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

العالم الإسلامي وفلسطين Empty
مُساهمةموضوع: العالم الإسلامي وفلسطين   العالم الإسلامي وفلسطين Emptyالسبت 13 نوفمبر 2021, 8:12 am

العالم الإسلامي وفلسطين

 التَّغيُّرات التي طرأت على أوضاع الحركات والاتجاهات الإسلامية المشاركة في السلطة السياسية وأثرها على حركات المقاومة الإسلامية الفلسطينية …

 د. أسامة جمعة الأشقر

مدخل عام:

لعل الإسلاميين هم الفئة الأكثر استفادة من ثورات الربيع العربي والأكثر حضوراً في أحداثها المتتالية، حيث استطاعوا بسرعة الانخراط فيها والوصول إلى الصدارة في إدارة مشهدها، بعد أن كانوا في جملة الأسباب للوصول إليها.

ونظراً لأن المجتمع قد تحرك هذه الحركة الكبيرة؛ فإن الزلزال السياسي قد فرض على الطبقات الحاكمة التعامل مع هذه الحركات، على الرغم من تخوّفاته الشديدة منها، باعتبارها الأقدر على المنافسة في قيادة البلدان، والأكثر حضوراً وشعبية وتنظيماً من غيرها.

وقد قدّمت الحركات الإسلامية نفسها بقناعات منفتحة تتمثل في اعتماد الديموقراطية سبيلاً للعمل السياسي، والتزام الاعتدال في النهج الفكري والسلوكي، ومواجهة الأفكار المتطرفة والعصبيات السياسية، والالتزام بحقوق الإنسان.

للاطلاع على ورقة العمل بصيغة بي دي أف، اضغط على الرابط التالي:
>> ورقة عمل: التَّغيُّرات التي طرأت على أوضاع الحركات والاتجاهات الإسلامية المشاركة في السلطة السياسية وأثرها على حركات المقاومة الإسلامية الفلسطينية … د. أسامة جمعة الأشقر  (16 صفحة، 2.2 MB)
الأنظمة الشمولية في المقابل لم تجد مناصاً من التعامل المباشر مع هذه القوة الصاعدة المسنودة شعبياً دون أن تتغير قناعاتها الأساسية فيها، ونظراً لخبرة هذه الأنظمة في إدارة المجتمعات والمنظومات الأهليّة فقد عملت على استيعابها ورميها في أتون العمل السياسي الثقيل، ولا سيّما في مربع الخدمات والسلطة التنفيذية الميدانية، وهي المجالات التي يشتد النقد الشعبي فيها إزاء أيّ تقصير أو غفلة أو إهمال أو ضعف خبرة، وهو المربّع الأكثر عرضة للاتهام والتعريض والنقد مهما بلغت درجة الخدمة وجودتها.

والنتيجة الحتمية لهذه المشاركة هي في انخفاض إقبال الناس على هذه الحركات التي لم تجرّب في معظمها السلطة من قبل، فضعف حضورها، وضعفت قناعات الناس بإمكانية نجاحها.

وقد انخرطت بعض هذه الحركات في السلطة إلى حدّ التماهي معها، واتُّهمت بتجاوز الخطوط الحمراء لدى حاضنتها الشعبية المحافظة والمتدينة، بل وُجِّه الاتهام لبعض هذه الحركات بمحاولة علمنة الدين وقيمه، وإخراجه من المشهد السياسي، وتحويله إلى قضية جدلية تتنازعها النخب في المكاتبات.

ونلاحظ أن جميع الدول التي قبلت بمشاركة الإسلاميين في السلطة لم تقم بأيّ محاولة لإقامة جسور ثقة معها، بل كان السلوك القولي والفعليّ والنمط العام يكشف دائماً عن نزعة رافضة لمشاركتهم والسعي لإقصائهم وإفشالهم وإعادة إخراجهم، وتتفاوت هذه الدول في مستوى هذه النزعة، ولكنها تشترك جميعاً في فلسفة الاحتواء الحاسم أو المتدرج وصولاً إلى أدنى حضور ممكن وصولاً إلى الإلغاء أو هامش بقاء.

وفي العموم فإن الإسلاميين لديهم قدرة عالية على الصمود في الأزمات والصبر في المحن، ولديهم قناعات داخلية ومعتقدات راسخة تساعد على نمو مشاعر التحدي والإصرار لديهم مما يجعلهم خصوماً أشداء في العمل السياسي، لذلك يشتد استهدافهم وتتكاثر التحالفات الداخلية والخارجية المناوئة لهم؛ هذا الإصرار جعلهم يتجهون بعدة اتجاهات في السنوات العشر الماضية، وهي اتجاهات وصفيّة تقريبيّة حاولنا في تقريرها أن نجمع الأوصاف المتقاربة لكل اتجاه مع مثاله التقريبيّ، الذي يمكننا إلحاقه به مع إمكانية اشتراك المثال مع اتجاه آخر في بعض الأوصاف:

1. فهناك اتجاه براجماتي يدفعهم نحو مزيد من التنازلات على الصعيد الفكري والسياسي مما يمسّ بعض الثوابت، على اعتبار أنها تنازلات انتقالية مرحلية لها ما يبررها، ضمن فضاء المقاصد، وإكراهات السلطة، وضرورات المرحلة، وفقه التدرّج، واكتساب الخبرة القيادية، وتثبيت قيمة الحريات السياسية وعدم الانقطاع عن الجماهير، وأن المرحلة تتطلب اقتناص الفرص المتاحة، والتعامل مع التحديات المستجدّة، والقبول بوظيفة الديكور الأساسي أو ترس الماكينة الدوّارة أو حوش الدار، ولعل تجربة حركة النهضة التونسية وتجربة حزب العدالة والتنمية المغربي من أوضح الأمثلة على ذلك في تقدير كاتب هذه السطور، ولكن تطورات المشهد التونسي والمغربيّ القاضي بإقصاء هذين التنظيمين، مرة عبر إجراءات رئاسية غير دستورية، ومرة عبر إخراجهم من بوابة الانتخابات التي دخلوا منها، أضعفَ منطق هذا الاتجاه، وعزز منطق الاتجاهات الأخرى، وثبت لهم عدم القدرة على تحقيق معادلة “اللعب وفق قواعد الملكية، لَكن من دون الاصطفاف كليّاً مع القصر”.[2]

2. وهناك اتجاه لم يعُدْ يؤمن بإمكانية المشاركة السياسية مع هذه الأنظمة مع قناعة هذه الحركات بالعمل السياسي، وترى أن المنطقة العربية والإسلامية ما تزال مسكونة بديكتاتورية قوية متحكّمة، وثقافة شعبية مهادِنة لا تدافع عن حقوقها السياسية الأساسية، وترفض المراجعات السياسية وتعدّها تراجعات، وأن الجميع في أزمة، وأنها معركة عضّ أصابع يجب الصمود فيها حتى النهاية وتحصينها وتقوية مناعاتها والالتفاف حولها، وأن جميع المحاولات للمشاركة السياسية المعتدلة وُوجهت باستبداد عنيف، ولم تستطع المشاركةُ فتْحَ أيّ نافذة في جدار الديكتاتورية السميك. وتعاملت هذه الحركات مع دعاة المراجعات الداخلية بسياسة متشددة تخدم الديكتاتوريات العربية، وتشيع التردد في الصف الداخلي والجيوب التنظيمية الضارة، وأضرّت بالمكوّن المتين المدرّب على مواجهة الديكتاتورية، وأنهم عزّزوا ما سموها بالتقشّرات اللِّحائيّة في الأجسام الداخلية؛ وبالتالي تندفع هذه الحركات نحو استئناف عملها الدعوي وتطوير أساليبها، وتجديد محاولات استئناف حراكها النقابي والمجتمعي وتطوير أدائها الحقوقي والإعلامي من منصات الخارج لإضعاف هذه الأنظمة ودفعها لتغيير سلوكها الشرس، وتمثل حركة الإخوان في مصر بعد الانقلاب على رئيسها نموذجاً لهذا الاتجاه.

3. وهناك حركات أخرى أيقنت أن المشاركة السياسية يجب أن تتأسس على نظام فوقيّ يزيل جميع العقبات من الأعلى نهائياً، ويقوم على تنزيل مبادئ الشراكة السياسية وفق رؤية مغايرة لكل الأنظمة، وأن هذا التنزيل يستلزم استخدام قوة قاهرة تفرض هذا النمط عبر مقاومة هذه الأنظمة وإزالتها، وليس إضعافها أو تفكيك سلوكها المعادي، مهما بلغت التضحيات، وتمثل حركة طالبان النموذج الأوضح لهذا الاتجاه. وهناك حركات عديدة باتت تعيد التنظير لهذا الاتجاه عبر بعض منصاتها غير الرسمية، لكنها عاجزة ولا تملك القدرة على التغيير، فتضاءلت تنظيمياً وعملياً وكادت تختفي عن العمل السياسي، أو خرجت منه، وتكيّفت مع ظرف الجمود أو السكون التنظيمي، وتبنت سياسة البقاء السلبي ضمن الظروف الراهنة. وبعضها قرر المشاركة العسكرية ضدّ الأنظمة والتشكيلات العسكرية المتنفذة حتى لو كانت قدراتها محدودة مثل الحركات الموجودة في ليبيا وسورية، كما شاركت في جميع التشكيلات السياسية المعارضة والائتلافات؛ ويبدو النموذج الأفغاني الطالباني الآن مغرياً جداً للتعبئة واستقطاب الشباب الغاضب المحافظ المندفع. ويتوقف نجاح النموذج على قدرة طالبان على رفع مستوى هذا النموذج من خلال ممارسة ناجحة على الأرض بعد سيطرتها الكاملة على السلطة.

4. وهناك حركات تموضعت في حالة مزدوجة من الانفراد والمشاركة مع قناعتها الكاملة بالمشاركة وسعيها الدائم لبلوغها، ولكنها أدركت أن أيّ مشاركة ستواجه بتعقيدات مركّبة داخلية وخارجية، وأنها يجب أن تكون محمية بقوة غالبة تمنع الاستفراد بها وإضعافها والقضاء عليها. وهذا النموذج المعقد، يتمثل كثيراً في حركة حماس التي سعت للمشاركة السياسية بكل قوتها لتحقيق برنامجها المقاوم على الأرض، وحاولت أن تستخرج حدوداً دنيا للتفاهم مع البرنامج المقابل لمنظمة التحرير الفلسطينية (م.ت.ف)، لمنع الوصول إلى أيّ حالة اشتباك تخدم العدو المشترك. فظلت حماس تدعو إلى مصالحات فلسطينية وبرنامج وطني مشترك على قاعدة المقاومة بكل مستوياتها، وفي الوقت نفسه مكّنت حضورها العسكري ونفوذها الشعبيّ واستفادت من شبكة علاقاتها لحماية مكتسباتها على الأرض. وهي معادلة صعبة، وما تزال تصارع لإحداث اختراق دون جدوى بالرغم من اقتراب هذه السياسة من عقدها العشرين في ظلّ ظروف معاكسة، وما تزال المعادلة التي أعلنها رئيس المكتب السياسي لحماس الأستاذ خالد مشعل بعد فوز الحركة في انتخابات المجلس التشريعي سنة 2006: “كما أبدعت حماس في المقاومة فإنها قادرة على الإبداع في الجمع بين السلطة والمقاومة”،[3] غير متحققة في الحالة الفلسطينية التي تخضع لاحتلال متمكّن نافذ وسلطة مسؤولة وظيفيّاً عن الأمن المشترك للفلسطينيين والإسرائيليين تحت أيّ ظرف.

5. وهناك اتجاه اقتنع بضرورة القبول بالهامش المتاح له من السلطة التشريعية أو التنفيذية، وضمان استمرار الاعتراف به، وعدم التصعيد مع السلطة لئلا تعود الأمور إلى سابق عهدها من التعامل الأمني، والمناورة في بعض الملفات التي لا تثير حساسية السلطة، ولا ترى بأساً في المعارضة فيها، وضرورة الحفاظ على التنظيم وبنائه وأفكاره وحمايتها من ردود الأفعال المتطرفة، وردم شقوق التصدّع التي تنفتح في أثناء المواجهات السياسية مع الأنظمة.

6. وهناك حركات إسلامية كانت في مربع السلطة المسنودة عسكرياً، ولكنها فقدت السلطة بعد ثورة شعبية عليها، كما حدث مع الحركة الإسلامية السودانية بعد ثورة 18/12/2018، وقد تعرضت هذه الحركة للكثير من الاستهداف الذي حرمها من نفوذها وحضورها، وأعاد لها اهتمامها بملفاتها الداخلية وترميم أوضاعها والتكيّف مع واقعها الجديد، وتنظيم كياناتها وإعادة اكتشاف قدراتها وتصدير كوادر جديدة لها، ودخلت في مربع المعارضة عبر واجهات أخرى ذات طبيعة قبلية أو تحالفيّة.

7. وهناك حركات قررت تذويب حالتها التنظيمية بادّعاء عدم جدواها وعدم قدرتها على تحقيق التغيير المنشود في هذه الظروف، وأن الإطار المتاح حالياً؛ هو في الجهد الفرديّ الواعي غير المنظّم، والذي يقوم القادرون بدعمها دون تنسيق مسبق استناداً إلى وعيٍ أصيل بدعم أيّ اجتهادات تسهم في تعزيز الإدراك المجتمعي وتطوير قدرته على حماية قيمه، ويمثّل هذا التوجه بعض التنظيمات الخليجية الصغيرة.

8. أما التجربة التركية التي كثيراً ما توصَف في منصات أصدقاء تركيا وأعدائها بأنها ذات مرجعية إسلامية، فهي لم تستطع حتى الآن تقديم نفسها فكريّاً إلى الحركات الإسلامية، على الرغم من الإعجاب بنجاحاتها الخدمية، وتطور حضور تركيا ووزنها في المشهد الإقليمي والدولي. ومردّ ذلك أن زاوية النظر إليها محصورة في نطاق الإعجاب والإسناد والاستفادة من الحياد الإيجابيّ لقوانين الدولة التركية، وسياسات حزبها الحاكم المنفتحة على قضايا الأمة والجوار، ولكن لا يوجد تواصل حقيقي من أجل فهم التجربة وخصوصياتها وإشكالاتها وعوامل نجاحها. فالترجمات من التركية إلى العربية محدودة، والحاجز اللغوي ما زال قوياً فاصلاً، وأكثر ما هو متاح خاضع للنظر الشخصي، والذين يملكون القدرة على النظر يعملون في أطر شخصية بعيداً عن منظومات الحركات الإسلامية بالرغم من علاقتهم القديمة بها.

الواقع الراهن للحركات الإسلامية وإمكاناتها:

يبدو واضحاً في النتيجة المشهدية أن الحركات الإسلامية التي دخلت العملية السياسة قد وصلت إلى حالة عجز، ذاتية أو خارجية، عن تقديم مقاربة هادئة مقنعة لحاضنتها؛ تجمع بين فضاء المبادئ الفكرية والسلوكية والاجتماعية، والمواقف السياسية التي تعتنقها وتلتزم بها نظرياً، وتلك الممارسات المستقرة التي تأسست عليها الدول التي ينتمون لها. وحالة العجز هذه وصفٌ للواقع؛ وليس يعني بالضرورة نهاية العمر الافتراضي لهذه الحركات سياسياً، فالمنطقة التي نعيش فيها تمتاز بسيولة سياسية سريعة لكثرة المؤثرات الداخلية والخارجية وسرعة التفاعل بينها بسبب منظومات الاتصال السريعة، ونموّ برامج التواصل العملية وعموم الخبرة بها.

وما تزال هذه الحركات تعاني من رفض منظومات السلطة وامتداداتها العميقة لها، كما تعاني من رفض المنظومات الإقليمية لها، والتي تضع جميع الحركات الإسلامية باختلاف توجهاتها ومرجعياتها الفكرية في سلة واحدة إذا قررت المشاركةَ السياسية باستقلالٍ عن ترتيبات الأنظمة وعن الأدوار المرسومة لها، وبالتالي فإن هذه الحركات ستُحرم من التواصل الطبيعي مع مجتمعاتها، وسيزداد الانفصال عنها بطول الزمن؛ وما تزال الحركات الإسلامية التي تشارك في السلطة واقعة بين كمّاشة الحوار والتفاوض مع شركائها في السلطة والاستجابة لمطالب الحاضنة الجماهيرية لها.

وتزداد القناعة بأن الأحزاب السياسية ذات المرجعية الإسلامية ستكون فائدتها محدودة وقليلة في المدى القصير والمتوسط على قضايا الأمة التي تتبنّاها هذه الأحزاب في أدبيّاتها التنظيميّة المؤسِّسة لوعيها الفكريّ الجماعيّ، ما دامت هذه الحركات المندفعة باتجاه المشاركة السياسية في مرحلة تثبيت الاعتراف بها، والقبول الطبيعيّ بمشاركتها كأيّ حزبٍ سياسي، لأن جُلّ تركيزها سيكون في قطاعات محلية تشغلها عن ممارسة أدوار خارجية، إلا في مربعات اهتمام خيرية ومعرفيّة تخدم أفكارها الأساسية ستقوم بها حاضنتها الشعبيّة والتنظيمية بشكل أساسي، وستشارك بها على مستوى سياسي إذا ترافق ذلك مع مصلحة سياسية تكتيكية تراها.

ويجب النظر إلى طبيعة المجتمعات التي تتعامل معها هذه الحركات، فهذه المجتمعات ذكية بمجموعها، وتتحرك بموجب انطباعات قوية شديدة التحفيز ترتبط باحتياجاتها الأمنية والمعيشية والنفسيّة، وهي مجتمعات بطيئة الإجراءات لكنها قابلة للتحفيز ضمن شروط معيّنة؛ وفي العادة فإنها لا تنشط في فترات متقاربة إلا بوجود محفّزات أقوى، عند بروز قناعتها بوجود بدائل صالحة وقادرة ومتمكّنة وفق الانطباعات المجتمعيّة المتخلِّقة بالمدافعات الاجتماعية والسياسية.

أثر تجارب الإسلاميين في السلطة على الواقع الفلسطيني ومقارباته:

ينبغي التأكيد هنا، أن درجة استجابة الحركات الفلسطينية الإسلامية ولا سيّما حماس لهذا الواقع الذي تعانيه الحركات الإسلامية؛ لا يقع عليها بدرجة واحدة نتيجة لاختلاف مستوى الضغوط عليها من الاحتلال، والسلطة، والدول العربية، والأنظمة التي تعيش تحت مظلتها. فاستجابة الحركات في قطاع غزة مختلف عن استجابتها في الضفة الغربية، وفي الداخل المحتل، وفي جغرافيات الشتات الفلسطيني خارج فلسطين، وبين تجمعات كبيرة في مخيمات الجوار الفلسطيني أو الجاليات المنظمة في المغتربات؛ وإن كانت التنظيمات ذات القيادة الموحدة تظهر عادة بمظهر وحدويّ في استجابتها لهذه الارتدادات عليها، وتحاول تغطية التناقضات الطبيعية التي تتعرض لها أقاليمها الجغرافية التنظيمية؛ فقطاع غزة يقود حالة فريدة من السلطة المقيدة المعزولة التي تحميها قوة عسكرية ذات عقيدة قتالية متماسكة، ولكنها لا تحظى باعتراف سياسي ولا تمثيل في السلطة الرسمية؛ بينما واقع الضفة الغربية يعاني من الشلل التنظيمي الناجم عن استهداف ممنهج من الاحتلال والسلطة الفلسطينية، وأما أراضي الـ48 فالواقع الفلسطيني للحركات الإسلامية يعاني من قهر سياسي وأمني وقانوني في جغرافية لا تعترف بفلسطينيتهم وقضيتهم ابتداءً وتعدّهم أقلية ذات خصائص مشتركة في مجتمعها، وأما الشتات الفلسطيني فإن قدرة هذه الحركات على الظهور باسمها محدودة للغاية، وضمن ترتيبات أكثرها سرّيّ.

ونتيجة لخصوصية الحالة الفلسطينية وشدّة اختلاف ظروفها وكونها تعيش تحت احتلال استعماريّ متمكّن، فإن انعكاسات واقع الحركات الإسلامية عليها يظلّ محدوداً في مجال محاكاة التجارب، ويكاد يكون محدوداً جداً في مربع العلاقات والنشاط الخيري والتنموي العام والنشاط الإعلامي…، إلا أنه قد يتطور في بعض المراحل التاريخية كما حصل في مرحلة ما بعد الثورات العربية؛ حيث تطورت العلاقة مع قطاع غزة إلى انفراجات متعددة في التسليح والتدريب وتخفيف الحصار وآثاره على القطاع؛ ولكن ثمة مُدرَكات كلية يمكن لهذه الحركات الفلسطينية أن تناقشها في اكتشاف آثار تجارب هذه الحركات العربية والإسلامية عليها، منها:

1. إن تجارب الإسلاميين في أيّ قُطر من الأقطار تنعكس عليهم بدرجات متفاوتة، فهم يشعرون بتقارب روحيّ تلقائي، ويشعرون بأنهم امتداد لبعضهم، لكونهم يحملون أفكاراً متقاربة، وأن أيّ نجاح لأحدهم هو نجاح للآخر، وأن أيّ فشل أيضاً ينعكس عليهم، ولا شكّ أن الحركات الإسلامية في العالم تستمدّ جزءاً كبيراً من شعبيتها وشرعيتها من ارتباطها المعنويّ والروحي بحركات المقاومة الإسلامية الفلسطينية، وكلّ قصة نجاح وصمود فلسطينية تشكّل مدداً إعلامياً وشعبيّة تلقائيّة لهذه الحركات؛ كما أنها بالنسبة لهذه الحركات العربية والإسلامية بمثابة الدليل العمليّ القائم على إمكانية نجاحها في إدارة بلدانها بكفاءة. وفي الحالة الفلسطينية فإن مستوى التفاعل مع أيّ مشروع سياسي إسلامي يكون أكبر من غيره بسبب خصوصية القضية الفلسطينية، وأبعادها الدينية التي تشترك فيها ثقافة مستندة إلى نصوص شرعية تعظّم مكانة فلسطين وبيت المقدس، وتكثّف النظر إلى الفئة الدينية المذكورة في القرآن وتحذّر منهم ومن عداوتهم، وهي الفئة التي تحوّلت نخبتها إلى كيان عنصري يحتل فلسطين ويمارس فيها سياساته القاتلة. كما أن الحركات الإسلامية الفلسطينية تنظر في فلسفتها الاستراتيجية إلى العالم الإسلامي على أن له دوراً أساسياً في مشروع تحرير فلسطين، وأن أيّ مشروع إسلامي ناجح لا بدّ أن يكون له إسهامٌ في هذا الأمر، وبالتالي فإن حسابات الحركات الفلسطينية ترتفع وتنخفض مع واقع الحركات الإسلامية في المحيط؛ وتجربة الحكم المحدودة التي مارستها مدرسة الإخوان المسلمين مع بدايات الربيع العربي وسقوطها القاسي انعكست بشكل سالب على الحركات الفلسطينية الإسلامية، ولا سيّما في قطاع غزة بوصفها الإقليم الأكثر حضوراً في النشاط السياسي والعسكري والاجتماعي ولديها سلطة تنفيذية مسيطرة على الأرض، وفي انكشاف ظهر هذه الحركات وتعرّضها لضغوط كبيرة فوق الضغوط التي تتلقّاها من الاحتلال ومن أجهزة السلطة الفلسطينية. ومع أن هذه الضغوط تراجعت كثيراً إلا أن ظلالها ما تزال حاضرة بقوة في سياق العلاقات بين هذه الحركات والإدارة المصرية، وما تزال العلاقة حساسة يمكنها أن تتأثر بأيّ عارض صغير أو متوسط. ولا تجد أجهزة السلطة الفلسطينية حرجاً في إيقاع أشد السياسات بحق الحركات الفلسطينية الإسلامية المتمسكة بخط المقاومة لعدم وجود ظهير قوي ذي تأطير فكريّ تنظيمي لهذه الحركات في المحيط العربي والإسلامي يمكن أن يقدّم المساعدة المؤثرة للحركات الفلسطينية التي تحتاج إلى أيّ إسناد خارجيّ، ولا تبالي السلطة الفلسطينية بإعلان خطّ عدائي تجاه جميع الحركات الإسلامية السياسية، وتعدّها امتداداً لحماس وداعماً خلفيّاً لها. وأما علاقة بعض هذه الحركات الفلسطينية بالتوجه العام للحزب الحاكم في تركيا أو تشكيلة من الأحزاب الحاكمة ذات المنشأ المتقارب في ماليزيا؛ فهي مسنودةٌ برغبة الطرفين في التعاون في الملف الحقوقي العام وفي الملف الإنساني والإسناد السياسي العام للقضية الفلسطينية، الذي تشترك فيه السلطة الفلسطينية ولم يتطور إلى ما هو أبعد من ذلك، على الرغم من وجود مشاعر مشتركة إيجابية بين الطرفين، وذلك راجع بالأساس إلى طبيعة نظام الحكم في تركيا وطبيعة علاقاته التي أسسها الفكر العلماني الجمهوريّ التركيّ، وبالتالي فإن العلاقة مع تركيا هي علاقة مع حزب حاكم قويّ ذي مرجعية شعورية إسلامية منفتحة، أكثر من كونها علاقة مع فلسفة الدولة ونظامها ومؤسساتها وأحزابها؛ وكذا الحال مع الواقع الماليزي الذي يعدّ امتداداً للواقع العرقيّ وعمقه الإقليمي وهوية كل عرق وثقافته الجمْعيّة.

2. إن ما أصاب الحركات الإسلامية المشاركة في السلطة بدأ يرفع من الوعي الفلسطيني بأن مشاركة الأمة في مشروع التحرير لا يعني العمل مع الحركات الإسلامية فحسب؛ فالأمة لديها مكونات جمْعيّة تمثّل جماعات فكرية، ودينية، وطائفية، وثقافية، ومرجعيات مختلفة ينبغي العمل عليها لإقناعها بمشروع المشاركة، والعمل مع ذوي القناعات منهم بغض الطرف عن توجهاتهم ومرجعياتهم ما داموا يلتقون في محطة فلسطين، ويؤمنون ببعض الأصول الجامعة في قضيتها.

3. وتبدو الحركات الفلسطينية متفهّمة للواقع الصعب الذي تعيشه هذه الحركات منذ أن انخرطت باندفاع في مسيرة الثورات العربية ثم تراجعت في مراحل تالية، وباتت الآن أكثر تفهّماً لهذا الأمر. ومقياس هذا التفهّم يأتي في التعاطي الإيجابيّ الموحي بقبول إدراج القضية الفلسطينية في مربع الاهتمامات بفضاء العلاقات الخارجية أو السياسات الخارجية لأي حركة، وعدم التشدد في رفع مستوى القضية إلى مربع الأولويات في سياستها الخارجية، وعدم التشدد في إدراجها في الأولويات السياسية العامة في المجال الوطني، كما كان يحدث عادةً مع الأنظمة ذات المرجعية القومية أو البعثية أو الاشتراكية أو اليسارية.

4. كما تولدت القناعة لدى الحركات الفلسطينية التي تمرست في العمل السياسي نتيجة ظروفها الخاصة؛ أن الحركات الإسلامية الفاعلة في المنطقة ما تزال بحاجة إلى اكتساب الخبرة السياسية وصقل التجارب وتدريب الكوادر المتخصصة، وأن إضافة بعض الأبعاد الحساسة في القضية الفلسطينية عليها قد يدفع للإبطاء أو الهروب أو الانصراف عن الواجبات الملحة داخلياً، ولذلك ينبغي إمهال هذه الحركات حتى تكون مستعدة للعطاء وأداء واجباتها تجاه القضية الفلسطينية، فيما تتعاطى هذه الحركات مع كافة القوى النشطة سياسياً في هذه البلدان وتحاول جذبها لأدوار فاعلة تجاهها، ولكن الحركات الفلسطينية قد تجد نفسها أمام واقع جديد تجاه هذه الفئة من الحركات الإسلامية المنخرطة في النظام السياسي لبلدانها، وهي أن هذه الحركات قد تكتسب خصائص منظوماتها السياسية التقليدية الحاكمة بحكم المجاورة والاقتراب والمشاركة. وقد تكون عامل ضغطٍ عليها أكثر من كونها عامل إسناد، أو تكون حالة وسطية تمدّ يدها وتقبضه وفق المصلحة الكلية المقدّرة باعتباراتها الداخلية والخارجية، وربما تكون محايدة. وبالتالي فإن على الحركات الإسلامية الفلسطينية أن تعزز علاقتها مع حواضن هذه الحركات وتمكّنها أكثر من اعتمادها على تشكيلاتها السياسية، وهذه المقاربة مُقامة على فهمٍ اجتماعيّ يقرر أن كلّ حزب أسيرٌ لحاضنته الجماهيرية في نهاية المطاف، وأن أيّ حزب أو حركة يعتمد على امتداداته الجماهيرية في أيّ تغيير أكثر من اعتماده على النظام السياسي والشركاء السياسيين وأكثر من اللوائح التنظيمية أيضاً.

5. وهناك جانب مهم باتت تفتقر إليه معظم الحركات السياسية الإسلامية وهي أن مفهوم الجهاد لديها يتضاءل ويرتبط إلى حدٍّ كبير بمشروع الدولة، وأن قرار الحرب والسلم بيد الدولة، وأن المصلحة الوطنية هي الضابط في هذا القرار. وهذا التوصيف يبتعد عن أصل التنظير في الفكر الحركي الإسلامي؛ أن هذه الحركات تشترك مع بعضها في الهمّ العام، وكثيراً ما تتجه التنظيرات إلى وجوب نصرة كلّ حركة إسلامية تقاتل من أجل التحرر الوطني أو السياسيّ أو الحقوقيّ أو الإنسانيّ؛ ويكون هذا الأمر شديد الوضوح بما يتعلق بفلسطين. وبالتالي فإن هذه الحركات عند وصولها للسلطة تكون مفتقرة إلى إيجاد مقاربة سياسية تجمع بين أدبيات تفكيرها في المستوى الخارجي وبين واقع التزاماتها السياسية الوطنية المحلية؛ ومما يرتبط بهذا الشأن أن الحركات الإسلامية السياسية استقرت طبيعتها على تثبيت مفاهيم السلمية في قيمها السياسية، والابتعاد عن أيّ حركة ذات طبيعة عسكرية، ولعل الاستثناء الوحيد القائم يتمثل في العلاقة مع حركات المقاومة الفلسطينية. ولكن هذه العلاقة تتأثر بمواقف الأنظمة من هذه الحركات ارتفاعاً وانخفاضاً، كما تتأثر بمدى تطور العلاقة بين هذه الحركات الإسلامية مع المجتمع الإقليمي والدوليّ؛ حيث تميل بعض هذه الحركات إلى تقليص مستوى علاقاتها مع الحركات الفلسطينية والاكتفاء بالدعم الإعلامي والسياسي العام للقضية الفلسطينية.

6. ولعل نموّ العلاقة الفلسطينية مع الحركات الإسلامية في العالم العربي والإسلامي مرتبط أكثر —في علاقة طرديّة— بنمو المقاومة، ونجاحها، وقوتها في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، ومواجهة السياسة الدولية المتشددة تجاه المقاومة الفلسطينية وبرنامجها التحرري. فكل نجاح فلسطيني سيؤدي إلى تطور إيجابي في علاقاتها وتعميق هذه العلاقة وتحسين امتيازاتها وفتح آفاق جديدة لها، وكلّ تراجع سيرتدّ بشكل سالب على الحركات الفلسطينية المتفاعلة مع محيطها الفكريّ المقارِب لها. وهذا يتطلب من الحركات الفلسطينية إيجاد مؤسسات تُوازِن هذه العلاقة وتحافظ عليها، وتمنع اتجاهها نحو علاقات وهميّة غير مجدية، وتفتح قنوات تواصل فاعلة في بعض المجالات التنظيمية والشعبية إذا تضررت مجالاتها السياسية أو الفنية المتخصصة. وربما تحتاج هذه الحركات الفلسطينية إلى إيجاد صيغ داخلية لديها لاستيعاب بعض الكوادر المهمّين في تلك الحركات غير الفلسطينية، يكونون بمثابة جسور واصلة لاحقاً إذا كانت الظروف غير مواتية أو ستسبب ضرراً حقيقياً للطرفين، ولكن يجب أن تكون سياسة الجسور المقترحة هذه واضحة، ولديها رؤية قادرة على استثمارها في مربع التواصل الاستراتيجي، ولا نعني هنا مجرد التشغيل فحسب.

7. ونفترض أن الحركات الإسلامية الفلسطينية تحتاج الآن إلى إنجاز نموذج شراكة استراتيجية مع الحركات الإسلامية والوطنية خارج فلسطين، يقوم على برمجتها مشروعات قطاعية، يتفرع عنها خطط عمل منتجة… يخرجها من حالة التذبذب السياسي، حتى لو تباعدت مرحلياً لأيّ عارض سياسيّ، ويبقيها على مسافة قريبة فكرياً، ويحدّد الإطار العام للأهداف المشتركة، ويرسم دورها الممكن في مشروع مواجهة الاحتلال الاستيطانيّ؛ وينبغي التأكيد على وجوب أن يكون هناك التزامات لكل حركة إسلامية تجاه فلسطين تمثل الحد الأدنى من المشاركة الإيجابية ضمن شبكة خدمات متشعبة ذات إدارة موحدة أو مستقلة، وضمن رؤية في سياق استراتيجي سياسي أو فني أو إعلامي أو خدمي أو تنموي…، تؤكد من خلالها الانتقال من مربع التنظير إلى الفعل الملتزم والوعي المسؤول والمشاركة الميدانية، وتؤكد على إدراكها بالتحول من مواعظ الخلاص إلى برامج التخليص.

8. وفي الوقت نفسه، فإن على الحركات الفلسطينية أن تكون واعية بحساسية الأنظمة الشمولية وحتى الأنظمة المدنيّة ذات الأساس الشموليّ في ظروف نشأتها، وأن تكون واعية بأهمية عدم إثارة الأنظمة بعلاقاتها مع مكونات حزبية وشعبية محلية، وأن يكون هناك تواصل موزون مرن يُشعِر هذه الأنظمة بالطمأنينة، وأن هذه العلاقة الخاصة لا تمسّ أمنها ولا سيادتها ولا تصل إلى مرحلة إحراجها ووضعها في مربعات ضغط لا تقوى على مواجهتها، وينبغي أن يكون مفهوماً أن نموّ العلاقة يتأثر طرداً بنموّ حضورها في مجتمعاتها وتمكين علاقاتها الداخلية.

الهوامش
[1] كاتب ومؤرخ وروائي فلسطيني، مستشار سياسي بمركز الراصد للدراسات، حاصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة وفي الإعلام، مدير مؤسسة فلسطين للثقافة، صدر له أكثر من 30 كتاباً ودراسة فكرية وسياسية.
[2] محمد مصباح، إسلاميو الملك: التجربة المغربية، موقع مركز مالكوم كير– كارنيغي للشرق الأوسط، 23/3/2015، انظر: http://carnegie-mec.org/2015/03/23/ar-pub-59455
[3] مؤتمر صحفي عقده رئيس المكتب السياسي لحماس في دمشق؛ عقب الإعلان عن فوز حركة حماس بمعظم مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني، وحضره عدد من الصحفيين والكُتّاب منهم كاتب هذه الدراسة.


للاطلاع على ورقة العمل بصيغة بي دي أف، اضغط على الرابط التالي:

https://www.alzaytouna.net/arabic/data/attachments/AcademicArticles/PA_UsamaJomaaAlashqar_IslamicMovements-Authority-PlsIRM_9-21.pdf
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

العالم الإسلامي وفلسطين Empty
مُساهمةموضوع: رد: العالم الإسلامي وفلسطين   العالم الإسلامي وفلسطين Emptyالسبت 13 نوفمبر 2021, 8:15 am

تركيا ومعركة سيف القدس: الموقف والتداعيات المستقبلية … 

د. سعيد الحاج


ملخص تنفيذي: 

فتحت معركة “سيف القدس” مرحلة جديدة مختلفة نسبياً في الصراع مع الكيان الصهيوني، وخصوصاً على صعيد علاقات الفلسطينيين وفي مقدمتهم قوى المقاومة مع مختلف الأطراف الدولية والإقليمية، وموقف هذه الأطراف من الاحتلال واعتداءاته على الفلسطينيين ومن القضية الفلسطينية عموماً.

وتعد تركيا قوة إقليمية صاعدة وكذلك دولة مسلمة وصديقة للفلسطينيين، ولها علاقات جيدة مع المقاومة الفلسطينية ولا سيّما حركة حماس التي قادت المعركة الأخيرة من خلال موقع ذراعها العسكري كتائب القسام في غرفة العمليات المشتركة، بالإضافة إلى علاقاتها مع عدد من الأطراف المؤثرة في القضية الفلسطينية أو المهتمة بها.

تبحث هذه المادة في موقف تركيا من معركة “سيف القدس”، ومدى اختلافها عن مواقفها من الاعتداءات والحروب السابقة، وتقييم هذا الموقف، لا سيّما فلسطينياً، بعد تحليل أسبابه، والآفاق الممكنة لتطويره مستقبلاً.

للاطلاع على الورقة العلمية بصيغة بي دي أف، اضغط على الرابط التالي:
>> ورقة علمية: تركيا ومعركة سيف القدس: الموقف والتداعيات المستقبلية … د. سعيد الحاج  (18 صفحة، 2.4 MB)
مقدمة:

في 2021/5/10، بدأت معركة “سيف القدس” بين المقاومة الفلسطينية والكيان الصهيوني، وهي الحرب التي أطلقها الأخير رداً على صواريخ تحذيرية من المقاومة باتجاه القدس. فقد تزامنت عدة تطورات هي خطة الاحتلال لإجلاء سكان حيّ الشيخ جراح في القدس، وتسهيل مسيرة علنية وكبيرة للمستوطنين في المسجد الأقصى فيما يدعى “يوم القدس الموحدة”، وإغلاق باب العمود في المسجد الأقصى، ما استدعى ردود فعل فلسطينية عديدة، كان من بينها تهديد المقاومة الفلسطينية وتحديداً كتائب الشهيد عز الدين القسام الذراع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالردّ على ذلك.[2]

إنّ استمرار الاحتلال في خطواته وتصعيده في المسجد الأقصى وتعامله العنيف مع المصلين والمرابطين فيه عَقِبَهُ إطلاق صواريخ المقاومة باتجاه مدينة القدس، وهو ما ردّ عليه الاحتلال بإطلاق عملية أسماها “حارس الأسوار Operation Guardian of the Walls” ضد المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.[3] بينما أطلقت علية المقاومة معركة “سيف القدس”.[4]

توقف إطلاق النار بعد 11 يوماً من إطلاق العملية، أي في 2021/5/21، إثر وساطة مصرية ودون اتفاق نهائي لتثبيت التهدئة،[5] والذي تُرك لوقت لاحق من خلال التواصل المصري مع المقاومة والاحتلال. وقد دفع هذا الكثيرين لعدِّ التهدئة هشّة وقابلة دائماً للانهيار،[6] لا سيّما بعد تشكيل حكومة جديدة للاحتلال تركت بنيامين نتنياهو Benjamin Netanyahu لمقاعد المعارضة واحتمالات السجن بسبب ملفات الفساد التي تلاحقه.[7]

في الحصيلة المباشرة لجولة التصعيد هذه، ارتقى نحو 291 شهيداً فلسطينياً إضافة لآلاف الجرحى في غزة والضفة والقدس والأراضي المحتلة سنة 1948، مقابل 12 قتيلاً إسرائيلياً وعشرات الجرحى، بالإضافة إلى الدمار الذي لحق بالمباني السكنية والبنى التحتية والمراكز الطبية الفلسطينية.[8]

وقد اتفقت معظم التقييمات على أن هذه الجولة من المواجهة كانت مختلفة واستثنائية من حيث بعض تمظهراتها وكذلك نتائجها وارتداداتها. وقد تبدّى ذلك في الترابط الذي تبلور خلالها بين القدس وغزة، وكذلك في ظهور المقاومة الفلسطينية كحامية للكل الفلسطيني بشرياً وجغرافياً وسياسياً، والقدرات المتعاظمة للمقاومة،[9] ودخول مناطق الـ 48 داخل الخط الأخضر على خط المواجهة بشكل غير مسبوق، وحضور المقاومة في مشهد بدء المواجهة وختامها بما أعطاها تفوقاً واضحاً فيها،[10] وانتهائها بخسارة نتنياهو معركة تشكيل الحكومة بالرغم من أن ذلك كان أحد أهم دوافعه في جولة التصعيد.

كما أن الكثير من التقييمات ذهبت إلى أن معركة “سيف القدس” سيكون لها تداعيات على المشهد الداخلي الفلسطيني، والعلاقات العربية والإقليمية والدولية للفصائل الفلسطينية، ولا سيّما حماس، وكذلك على الصراع مع الاحتلال.

إنّ استثنائية المعركة من هذه الزوايا قد دفعت لتقييم الفواعل الإقليمية المختلفة، وبمعايير تقييم تختلف جزئياً عن الاعتداءات السابقة والمواجهات التي حصلت قبل ذلك بين الاحتلال والمقاومة، ومن بين هذه الأطراف تركيا لعدة اعتبارات ستأتي تفصيلاً.

أولاً: تركيا والمقاومة الفلسطينية:

لطالما كان موقف تركيا من القضية الفلسطينية جدلياً لا سيّما في السنوات الأخيرة، لما يشتمل عليه من تعقيدات متداخلة وتناقضات ظاهرية. حيث ما زالت تركيا تملك علاقات مع الكيان الصهيوني بالرغم من تراجعها في السنوات الأخيرة، وما زالت علاقاتها التجارية معه في نمو بالرغم من الجفاء السياسي، ولها في الوقت نفسه علاقات طيبة مع فصائل المقاومة الفلسطينية ولا سيّما حماس، وكذلك مع السلطة الفلسطينية.

يعني ذلك أن أنقرة لها علاقات أكثر من جيدة مع طرفي المشهد الفلسطيني الداخلي (حماس وفتح أو السلطة)، ومستوى من العلاقات كذلك مع الكيان الصهيوني عدو الفلسطينيين والمعتدي عليهم، بالإضافة إلى السقف المرتفع لخطابها تجاه الأخير.

وفي الأصل فإن الموقف التركي من القضية الفلسطينية محكوم بعدة محددات من بينها الخلفية التاريخية للعلاقات مع الكيان الصهيوني، حيث كانت أول دولة مسلمة تعترف به وتنسج معه علاقات تحالفية،[11] وعضوية تركيا في حلف شمال الأطلسي (الناتو) North Atlantic Treaty Organization (NATO)، وعلاقاتها مع الكتلة الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية.

ومن ذلك أيضاً الروابط التاريخية والجغرافية والدينية والثقافية مع الفلسطينيين، وكون الدولة العثمانية آخر دولة ذات سيادة على الأراضي الفلسطينية قبل الانتداب البريطاني ثم إعلان الكيان الصهيوني، بالإضافة إلى التعاطف العابر للشرائح الاجتماعية والسياسية والفكرية مع القضية الفلسطينية. وفي الموقف السياسي، فإن تركيا ملتزمة بحل الدولتين والمبادرة العربية للسلام.[12]

هذا الإطار العام لمحددات الموقف التركي من القضية الفلسطينية تضاف له خصوصيتان:

الأولى: القدس لما لها من أهمية خصوصاً لدى الأتراك، دينياً وتاريخياً وكذلك للآثار العثمانية الموجودة فيها.

الثانية: غزة والملف الإنساني فيها بعد الحصار.[13]

وفيما يتعلق بالمقاومة الفلسطينية، تحتفظ أنقرة بعلاقات أكثر من جيدة مع عدد من الفصائل في مقدمتها حركة حماس. تقليدياً، تبرر تركيا علاقاتها بالأخيرة بأنها حركة سياسية منتخبة من الشعب الفلسطيني،[14] وتشجيعاً لها للانخراط في حل سياسي للقضية.[15] لكن السنوات الأخيرة شهدت استخدام الرئيس التركي مصطلحات المقاومة، وخصوصاً مقاومة الظلم، لوصف حماس.[16]

هذه المحددات وغيرها صاغت موقفاً تركياً معقداً من القضية الفلسطينية وكذلك تجاه الاحتلال. فمن جهة تعلن أنقرة رغبتها في تطوير العلاقات مع “إسرائيل”، محمّلةً الحكومة الإسرائيلية مسؤولية تردّيها، ومن جهة ثانية لا تكاد تمرر عدواناً أو مشروعاً استيطانياً أو انتهاكاً للحقوق الفلسطينية دون أن ترفع السقف في مواجهة الاحتلال. وقد شهدت الاعتداءات الإسرائيلية السابقة في السنوات 2008 و2012 و2014 مواقف تركية متقدمة في انتقاد العدوان ووصف “إسرائيل” بـ”دولة الإرهاب” وما إلى ذلك.[17]

ثانياً: الموقف التركي من سيف القدس:

بالعودة لموقف تركيا قبل معركة “سيف القدس” وخلالها، ينبغي الإشارة إلى أن الاهتمام بموقفها ينبع من كون تركيا دولة إقليمية صاعدة، ومنخرطة في عدة قضايا وملفات إقليمية مهمة، ودولة مسلمة في المقام الأول، إضافة لعلاقاتها الغربية وعضويتها في حلف الناتو، وسقفها المرتفع تقليدياً في وجه الاحتلال، وعلاقاتها الجيدة مع الفلسطينيين سلطةً ومقاومة.

ومن العوامل التي تزيد من أهمية تقييم موقف تركيا، أن المواجهة الأخيرة أتت في ظل تصريحات أشارت إلى رغبتها في تحسين العلاقات مع الاحتلال. فقد قال الرئيس رجب طيّب أردوغان Recep Tayyip Erdoğan إنّ بلاده تريد تطوير العلاقات مع “إسرائيل”، محمّلاً حكومة نتنياهو وسياساتها تجاه الفلسطينيين مسؤولية عدم حصول ذلك.[18] كما قال مستشار الرئاسة للسياسة الخارجية مسعود جاشين Mesut Caşın، إنّ بلاده مستعدة لذلك وأنها لا تريد أزمة جديدة مع الاحتلال، متوقعاً عودة العلاقات الديبلوماسية في آذار/ مارس 2021.[19] كما أن بعض المصادر توقعت تعيين سفير تركي في تل أبيب مع جملة التعيينات الديبلوماسية في الشهر ذاته، وقد طُرح اسم السفير المتوقع والذي لم تعلن أنقرة لاحقاً عن تعيينه.[20]

وأخيراً، أتى التصعيد الأخير قبيل اللقاء المنتظر بين الرئيسين التركي أردوغان والأمريكي جو بايدن Joe Biden على هامش قمة الناتو في بروكسل، وهو اللقاء الذي سعت إليه أنقرة بما تملك لإنجاحه وتجنب أي أزمة جديدة مع إدارة بايدن خلاله. فقد كان واضحاً أنه كان لموقف تركيا من التصعيد ارتداد على العلاقات مع واشنطن، فقد دانت الأخيرة ما عدَّته عداءً للسامية في تصريحات أردوغان،[21] بينما قال الأخير إنّ الدول الداعمة للاحتلال شريكة في ظلمها للفلسطينيين.[22]

رسمياً، صدرت مواقف منددة بالعدوان الإسرائيلي على القدس ثم غزة، وبما اقتُرِفَ خلال المعركة من جرائم من مختلف المستويات السياسية، الرئاسة والبرلمان والحكومة والأحزاب السياسية. فعلى صعيد الرئاسة التركية، وصف الرئيس رجب طيب أردوغان دولة الاحتلال بأنها “دولة إرهاب”، واتهمها بارتكاب جرائم حرب على مرأى ومسمع العالم أجمع.[23] كما هاجم أردوغان الدول التي دعمت الكيان خلال المعركة واصطفت إلى جانبه، محمّلاً إياها مسؤولية مشتركة عن الجرائم المرتكبة.

كما هاتف أردوغان كلاً من الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، وأجرى اتصالات وحوارات بخصوص الأمر مع عدد كبير من رؤساء وقيادات دول عربية ومسلمة وعالمية، في مقدمتها قطر والأردن والكويت وماليزيا والباكستان وروسيا بالإضافة إلىمنظمة التعاون الإسلامي Organisation of Islamic Cooperation (OIC).ا[24]

وأعلن أردوغان أن بلاده سوف “تدعم القدس كما دعمت أذربيجان” سابقاً خلا حرب تحرير أراضيها من الاحتلال الأرميني،[25] وقدّم مقترحات تتعلق بالقضية الفلسطينية عموماً والقدس على وجه الخصوص، مثل توفير حماية دولية للفلسطينيين وإدارة القدس من قبل هيئة مشكلة من الديانات السماوية الثلاث.[26]

ودعا الرئيس التركي إلى تدفيع الاحتلال الإسرائيلي ثمن الجرائم التي يرتكبها ضد الفلسطينيين،[27] الأمر الذي عرّضه لانتقادات من قبل الإدارة الأمريكية الجديدة. أمّا اتهام واشنطن لأردوغان بـ”معاداة السامية”، فقد ردّت عليه أنقرة بحدة، من خلال تصريحات عدد من المسؤولين، منهم الناطق باسم حزب العدالة والتنمية Justice and Development Party (AKP) الذي وصف الاتهامات الأمريكية بـ”الكذبة”.[28]

أما رئيس البرلمان مصطفى شانتوب Mustafa Şentop، فلقد كرّر بدوره اتهام دولة الاحتلال بممارسة “إرهاب الدولة”،[29] ونظّم البرلمان برئاسته جلسة خاصة “للتضامن مع الفلسطينيين وإدانة جرائم الاحتلال”.[30] وأصدر البرلمان بياناً يدين الاعتداءات الإسرائيلية، وقّعت عليه الأحزاب المنضوية تحت قبته، وهو أمر نادر الحدوث بسبب الخلافات البينية الداخلية.[31]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

العالم الإسلامي وفلسطين Empty
مُساهمةموضوع: رد: العالم الإسلامي وفلسطين   العالم الإسلامي وفلسطين Emptyالسبت 13 نوفمبر 2021, 8:16 am



تركيا ومعركة سيف القدس: الموقف والتداعيات المستقبلية … 

وقد صدّرت الأحزاب كذلك بشكل منفرد مواقف تضامن مع الفلسطينيين وإدانة للاحتلال. فوصف الناطق باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم عمر جليك Ömer Çelik ما يفعله الاحتلال بـ”الوحشية” و”الانتهاك الصارخ للقانون والأعراف الدولية” مطالباً العالم يوقف العدوان.[32] وأكّد زعيم المعارضة ورئيس حزب الشعب الجمهوري Republican People’s Party كمال كليتشدار أوغلوKemal Kılıçdaroğlu استمرار حزبه في دعم الفلسطينيين واصفاً ما تقوم به دولة الاحتلال بـ”المجزرة”.[33]

من جهته قال رئيس حزب الحركة القومية Nationalist Movement Party (MHP) دولت بهجلي Devlet Bahçeli إنّ “الإرهاب الإسرائيلي بلغ حدوداً لا تطاق” داعياً لمحاكمة نتنياهوأمام المحكمة الجنائية الدولية International Criminal Court (ICC).ا[34]كما صدرت مواقف مشابهة من رئيس الحزب الجيد İYİ (Good) Party ميرال أكشنار Meral Akşener، ونائب رئيس الدولة فؤاد أوكتاي Fuad Aktay، والناطق باسم الرئاسة إبراهيم كالين İbrahim Kalın، ورئيس دائرة الاتصال فيها فخر الدين ألتون Fahrettin Altun، وعدد من الوزراء،ورئيس الشؤون الدينية علي أرباش Ali Erbaş.ا[35]كما دعا رئيس الوزراء الأسبق ورئيس حزب المستقبلFuture Party أحمد داود أوغلو Ahmet Davutoğlu الأحزاب التركية للتوحد من أجل القدس والحكومةَ إلى خطوات عملية لدعم الفلسطينيين.[36]

شعبياً، تصدر العدوان الإسرائيلي على القدس ثم غزة عناوين نشرات الأخبار التركية وكذلك وسائل التواصل الاجتماعي وخصصت مختلف وسائل الإعلام ساعات لتغطية الأحداث بشكل موسع.[37] كما شهدت مختلف المدن التركية مظاهرات حاشدة للتنديد بالعدوان الإسرائيلي. وقد نُظّمت المظاهرات بالرغم من “الإغلاق الكامل” في البلاد بسبب جائحة كورونا، وهو ما عنى ضمناً تسهيلاً رسمياً للمظاهرات، وتركزت المظاهرات في أنقرة وإسطنبول أمام سفارة الكيان وقنصليته.[38]

وإضافة لمواقف سجّلها عدد كبير من مؤسسات المجتمع المدني، فقد خصصت رئاسة الشؤون الدينية خطبتـَيْ العيد والجمعة خلال المعركة عن فلسطين، مع الدعاء للفلسطينيين وجمع التبرعات لهم.[39]

ثالثاً: تداعيات:

وبناء على ما سبق، فإن تركيا صدّرت موقفاً مرتفع السقف من العدوان الصهيوني على القدس ثم على قطاع غزة في معركة “سيف القدس”، وهو موقف بدا موحَّداً سياسياً وشعبياً، ومن مختلف الشرائح والتوجهات.

وبالرغم من ذلك، كان ثمة تقييم أن الموقف التركي كان جيداً ولكنه غير كافٍ، أو على أقل تقدير لم يرتقِ لما يكافئ المعركة الدائرة وما كان منتظَراً من تركيا. فالموقف في مُجمله كان خطابياً وسياسياً/ ديبلوماسياً وإعلامياً مكرراً، شبيهاً بمواقف تركيا من الاعتداءات السابقة على غزة، في حين أن الجميع متفق على أن المعركة الأخيرة مختلفة تماماً عن كل سابقاتها.

هذا التقييم ورد على لسان رئيس حماس في قطاع غزة يحيى السنوار في لقائه مع وكالة الأناضول Anadolu Agency، حين شكر وأثنى على موقف أنقرة، لكنه أكد أنّه بانتظار ما هو أكثر، وبما يليق بمعركة القدس، التي هي معركة تركيا كما هي معركة الفلسطينيين وفق تصريحه.[40]

في التحليل والقراءة، يبدو أن علاقات تركيا المتراجعة مع مصر والتي لم تصل بعد محاولاتُ ترميمها لنتيجة ملموسة حالت دون إيصال مساعدات إنسانية وإغاثية للقطاع، كما حصل في مرات سابقة. كما يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية، التي أظهرت اهتماماً واضحاً بجولة التصعيد وسعت لإيقافها عبر بعض حلفائها في المنطقة، قد حرصت على استبعاد أنقرة ومنعها من لعب دور محوري، ومن دلائل ذلك تجنب بايدن الاتصال بأردوغان خلال جولة التصعيد، واستثناء تركيا من جولة وزير الخارجية الأمريكي في المنطقة.[41]

في خطابه الأول بعد وقف إطلاق النار، لم يأت رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية على ذكر تركيا بالنص بين الدول والأطراف التي شكرها بشكل مباشر. قرئ ذلك من قبل البعض على أنه زلة لسان وخطأ غير مقصود، بسبب طبيعة خطابات الرجل الارتجالية، لكن البعض أيضاً فهم أنها رسالة عتب من هنية وحركته لتركيا، من باب انتظاره منها ما هو أكثر.[42]

وفيما بدا حرصاً من حماس على نفي الاحتمال الثاني، فقد خصّ هنية إحدى قنوات التلفزة التركية (خبر تورك Habertürk TV) بحديث تلفزيوني مطوّل، أثنى خلاله على الدور التركي. بل وأكّد هنية على أن مقترحات الرئيس أردوغان بخصوص الحماية الدولية وإدارة مدينة القدس، إضافة لفكرة ترسيم الحدود البحرية مع تركيا، هي مواضيع يمكن مناقشتها مع أردوغان بشكل مباشر لدى لقائه.[43] كما حرص رئيس الحركة في غزة، السنوار، على أن يكون أول لقاء إعلامي له بعد الحرب مع وكالة الأناضول التركية، وقد كرر خلال اللقاء نفس المعاني تقريباً.[44]

في المقابل، لم يُعلن عن حصول أي اتصال هاتفي أو لقاء مباشر أو افتراضي بين أردوغان وهنية بعد وقف إطلاق النار حتى لحظة كتابة هذه الورقة، وهو أمر يُعزى جزئياً إلى أجندة الأول المزدحمة وحرص بلاده على إتمام لقائه مع بايدن على هامش قمة الناتو في حزيران/ يونيو 2021 بشكل سلس، لكنه أيضاً يطرح علامات استفهام حول ما إذا كان ذلك ردة فعل على خطاب هنية الذي أسقط تركيا لفظاً من قائمة الشكر بشكل صريح.

كما أن تركيا أعلنت لاحقاً، منتصف حزيران/ يونيو الفائت، عن توصّلها لاتفاق مع السلطات المصرية لإيصال مساعدات إنسانية لقطاع غزة.[45]

رابعاً: آفاق مستقبلية:

إذا كانت القراءة في تعليقات وسائل التواصل الاجتماعي وتصريحات بعض قيادات حماس تشير إلى أن موقف تركيا من العدوان الأخير مقدّر ومشكور، ولكن هناك توقع وانتظار لما هو أكثر، بما يرتقي لمرحلة ما بعد “سيف القدس” وكذلك لمكانة تركيا وإمكاناتها وما هو متوقع منها، فإن البحث ينبغي أن ينصب على ما هو فعلاً المطلوب منها مستقبلاً، وكذلك على كيف يمكن تحقيق ذلك.

في نظرنا، يمكن لتركيا تبنّي مسارات ترفع سقف موقفها وتعطيه زخماً إضافياً عملياً، إضافة للسياقات السياسية والديبلوماسية والإعلامية والإغاثية سالفة الذكر. ومن البديهي أن المنتظر من تركيا يفترض أن يضع في الحسبان علاقاتها الدولية وعضويتها في حلف الناتو وغيرها من العوامل.

من هذه المسارات على سبيل المثال لا الحصر:

1. التراجع عن مسار تطوير العلاقات مع الاحتلال، بل وتخفيض مستوى التمثيل الديبلوماسي بينهما، بغض النظر عن سقوط نتنياهو وتشكيل حكومة مختلفة.

2. قيادة محور من دول صديقة للفلسطينيين لتشكيل لوبي ضاغط على الدول الداعمة للاحتلال، وكذلك لرفع سقف المنظمات الدولية (مثل الأمم المتحدة United Nations) بخصوص القضية الفلسطينية على المدى البعيد.

3. تطوير العلاقات بمختلف أنواعها ولا سيّما السياسية مع المقاومة الفلسطينية، بما يناسب المكاسب التي حصلت عليها بعد المعركة ويوفر لها شبكة أمان سياسية.

4. المقاطعة الاقتصادية والتجارية للكيان الصهيوني، على الأقل في البعد الرسمي إن لم يمكن على صعيد القطاع الخاص.

5. المقاطعة الأكاديمية والثقافية والسياحية (وأنواع أخرى) للكيان الصهيوني.

6. تطوير المساعدات لتركّز على تقوية صمود الشعب الفلسطيني وتطوير البنية التحتية في قطاع غزة، ورفد الأخير بمعدات الدفاع المدني والإنقاذ التي يحتاجها خلال العدوان وجولات التصعيد.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

العالم الإسلامي وفلسطين Empty
مُساهمةموضوع: رد: العالم الإسلامي وفلسطين   العالم الإسلامي وفلسطين Emptyالسبت 13 نوفمبر 2021, 8:17 am



تركيا ومعركة سيف القدس: الموقف والتداعيات المستقبلية … 



خلاصة:

ما زال وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال هشّاً ويمكن أن ينقضه الأخير في أي وقت، بالإضافة إلى أن سياسة العدوان لديه معتمدة (متى ما وجد هدفاً مناسباً)، ولم يطرأ عليها تغيير. كما أن نتائج معركة “سيف القدس” تبشّر بمرحلة جديدة ومختلفة في القضية الفلسطينية على عدة صعد، من بينها مواقف الأطراف الإقليمية والدولية والعلاقات معها.

ومن هاتين الزاويتين، الميدانية والسياسية، بات لزاماً على الفلسطينيين، ولا سيّما قوى المقاومة، أن تعمل على استثمار نتائج المعركة فيما يتعلق بمواقف هذه الأطراف، لزيادة أوراق قوتها وإضعاف الاحتلال.

ومن الأمور التي ينبغي العمل عليها إيصال رسالة للاحتلال بأن سياساته العدوانية والجرائم التي يرتكبها لا ولن تمر دون أن يدفع ثمناً، سياسياً كان أم اقتصادياً أم على صعيد العلاقات مع مختلف الأطراف أم غير ذلك من السياقات.

ولأن موقف أي طرف إقليمي أو دولي ليس معطى جامداً وإنما عملية تتأثر بالمعطيات الميدانية والسياسية، فإنه يمكن بعد متغيرات “سيف القدس”، وبكثير من التخطيط والعمل والتواصل، رفع سقف عدد من الأطراف تجاه القضية، ومن بينها تركيا، خصوصاً وأن المطروح على المدى القريب على الأقلّ، يقع في إطار الممكن.

للاطلاع على الورقة العلمية بصيغة بي دي أف، اضغط على الرابط التالي:
>> ورقة علمية: تركيا ومعركة سيف القدس: الموقف والتداعيات المستقبلية … د. سعيد الحاج  (18 صفحة، 2.4 MB)
[1] طبيب فلسطيني مقيم في تركيا، وكاتب ومحلل سياسي في الشأن التركي خاصة وقضايا المنطقة عامة. وله مئات المقالات الدورية والمقابلات في الصحف والمواقع ومراكز الدراسات العربية، والقنوات الفضائية؛ بالإضافة إلى مشاركته في عدد من الملتقيات والمؤتمرات الدولية.
[2] قائد القسام يتوعد بالرد على اعتداءات الاحتلال بالشيخ جراح، موقع عربي 21، 2021/5/4، انظر: https://bit.ly/3dFID48 (تاريخ الدخول: 2021/6/28)
[3] غزة: الاحتلال يطلق عملية “حارس الأسوار” والمقاومة تتوعد، موقع العربي، 2021/5/11، انظر: https://bit.ly/2Tyiu0f (تاريخ الدخول: 2021/6/28)
[4] “المقاومة” بغزة تطلق اسم “سيف القدس” على عملياتها ضد إسرائيل، وكالة الأناضول للأنباء، 2021/5/11، انظر: https://bit.ly/3hvvjAr (تاريخ الدخول: 2021/6/28)
[5] وقف نار غير مشروط في غزة بوساطة مصرية، صحيفة الشرق الأوسط، 2021/5/11، انظر: https://bit.ly/3heLhjJ (تاريخ الدخول: 2021/6/29)
[6] مع استمرار التحذيرات الإسرائيلية.. هل تعود الاشتباكات مجدداً إلى قطاع غزة؟، موقع سبوتنيك عربي، 2021/5/27، انظر: https://bit.ly/2UTOLiH (تاريخ الدخول: 2021/6/29)
[7] بينيت يطيح بنتنياهو من رئاسة وزراء دولة الاحتلال، موقع الخليج الجديد، 2021/6/13، انظر: https://bit.ly/2V98ifr (تاريخ الدخول: 2021/6/29)
[8] سعيد الحاج، “سيف القدس” تفتح فصلاً جديداً في القضية الفلسطينية، موقع الجزيرة.نت، 2021/5/28، انظر: https://bit.ly/3hgU5pk (تاريخ الدخول: 2021/6/29)
[9] المرجع نفسه.
[10] أبو عبيدة يحذر إسرائيل: أعددنا ضربة تغطي كل فلسطين من حيفا حتى رامون (فيديو)، موقع الجزيرة مباشر، 2021/5/20، انظر: https://bit.ly/3hxLgpV (تاريخ الدخول: 2021/6/29)
[11] تقدير استراتيجي (84): تركيا والقضية الفلسطينية بعد الانتخابات البرلمانية، موقع مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 2015/11/26، انظر: https://bit.ly/3Anowl (تاريخ الدخول: 2021/6/29)
[12] المرجع نفسه.
[13] المرجع نفسه.
[14] واشنطن تعترض على لقاء أردوغان بقيادة “حماس”.. ورد تركي، عربي 21، 2020/8/25 ، انظر: https://bit.ly/2UqvZiY (تاريخ الدخول: 2021/6/29)
[15] تركيا: حماس مستعدة لإلقاء السلاح والاعتراف بإسرائيل، رام الله نيوز، 2017/3/22، انظر: https://bit.ly/3hdCNJy (تاريخ الدخول: 2021/6/29)
[16] أردوغان عن حركة حماس: تناضل من أجل استقلال فلسطين، عربي 21، 2020/2/3، انظر: https://bit.ly/3hBhXCX (تاريخ الدخول: 2021/6/29)
[17] أنظر مثلاً: أردوغان: نحن أمام دولة إرهابية تسير على نهج هتلر، الأناضول للأنباء، 2014/7/20، انظر: https://bit.ly/3qLJeqr (تاريخ الدخول: 2021/6/30)
[18] أردوغان: نريد علاقات أفضل مع إسرائيل ونهجها يحول دون ذلك، موقع دي دبليو DW، 2020/12/25، انظر: https://bit.ly/3qLbwS3 (تاريخ الدخول: 2021/6/30)
[19] اختبار نوايا لإعادة التطبيع بين تركيا وإسرائيل.. لماذا الآن؟، موقع الحرة، 2020/12/24، انظر: https://arbne.ws/3jArooO (تاريخ الدخول: 2021/6/30)
[20] تركيا تعين سفيراً لها في إسرائيل، موقع روسيا اليوم، 2020/12/10، انظر: https://bit.ly/3xk33Yj (تاريخ الدخول: 2021/7/3)
[21] واشنطن تندد بتصريحات أردوغان “المعادية للسامية”، موقع فرانس 24، 2021/5/19، انظر: https://bit.ly/3dCbQgf (تاريخ الدخول: 2021/7/3)
[22] أردوغان: إسرائيل “دولة إرهاب” وعلى العالم وقف وحشيتها، الأناضول للأنباء، 2021/5/8، انظر: https://bit.ly/3heDx0S (تاريخ الدخول: 2021/7/3)
[23] أردوغان: إسرائيل دولة إرهاب ترتكب جرائم حرب على مرأى العالم، موقع TRT عربي، 2021/5/14، انظر: https://bit.ly/3qLSLO0 (تاريخ الدخول: 2021/7/3)
[24] للجم العدوان الإسرائيلي.. أردوغان يقود حملة دبلوماسية مكثفة، الأناضول للأنباء، 2021/5/14، انظر: https://bit.ly/2SLwweN (تاريخ الدخول: 2021/7/3)
[25] أردوغان: تركيا ستدعم القدس كما دعمت أذربيجان في قره باغ، سبوتنيك عربي، 2021/5/14، انظر: https://bit.ly/2V4VgPX (تاريخ الدخول: 2021/7/3)
[26] أردوغان يدعو لإدارة “القدس” من قبل لجنة تمثل الديانات الثلاث: أفضل معالجة، موقع ترك برس، 2021/5/18، انظر: https://bit.ly/2SLwUdf (تاريخ الدخول: 2021/7/3)
[27] أردوغان يدعو لـ”تلقين إسرائيل درساً” وروحاني يدين جرائم الاحتلال، الجزيرة .نت، 2021/5/12، انظر: https://bit.ly/3qHNaIO (تاريخ الدخول: 2021/7/3)
[28] تركيا تصف بـ”الكذبة” اتهامات واشنطن لأردوغان بالإدلاء بتصريحات “معادية للسامية”، صحيفة القدس، 2021/5/19، انظر: https://bit.ly/3jAuBom (تاريخ الدخول: 2021/7/3)
[29] رئيس البرلمان التركي: إسرائيل تمارس إرهاب الدولة، الأناضول للأنباء، 2021/5/10، انظر: https://bit.ly/3dBVEvC (تاريخ الدخول: 2021/7/3)
[30] البرلمان التركي يعقد جلسة تضامن ودعم لفلسطين.. وزعماء الأحزاب يدينون الجرائم الإسرائيلية، صحيفة القدس العربي، 2021/5/18، انظر: https://bit.ly/2UjMcGr (تاريخ الدخول: 2021/7/3)
[31] أحزاب البرلمان التركي يدينون بشدة اعتداءات إسرائيل على المسجد الأقصى، ترك برس، 2021/5/10، انظر: https://bit.ly/3As0C88 (تاريخ الدخول: 2021/7/3)
[32] “العدالة والتنمية” التركي يطالب العالم بوقف العدوان على الأقصى، الأناضول للأنباء، 2021/5/10، انظر: https://bit.ly/3jBYm8l (تاريخ الدخول: 2021/7/3)
[33] زعيم المعارضة التركية: سنواصل تضامننا مع فلسطين رغم صمت العالم، الأناضول للأنباء، 2021/5/18، انظر: https://bit.ly/3ypkvef (تاريخ الدخول: 2021/7/3)
[34] حزب تركي: الإرهاب الإسرائيلي قد يقود إلى حرب عالمية أو إقليمية، الأناضول للأنباء، 2021/5/18، انظر: https://bit.ly/36fZ5Uw (تاريخ الدخول: 2021/7/3)
[35] Turkey Condenms İsraeli Raid on Al-Aqsa Mosque, Hurriyet Daily News newspaper, 8/5/2021, https://bit.ly/2TxiXQu (Entrance Date: 3/7/2021):
[36] شاهد: داودأوغلو يدعو الأحزاب التركية للتوحد من اجل القدس، ترك برس، 2021/5/11، انظر: https://bit.ly/3ApJaRs (تاريخ الدخول: 2021/7/3)
[37] كيف تفاعل الأتراك مع قضية الشيخ جراح؟، موقع نون بوست، 2021/5/8، انظر: https://bit.ly/3jGcpty (تاريخ الدخول: 2021/7/3)
[38] غليان شعبي وسياسي في تركيا دعماً للقدس، صحيفة العربي الجديد، 2021/5/10، انظر: https://bit.ly/368Uq6P (تاريخ الدخول: 2021/7/3)
[39] تركيا.. خطبة الجمعة تبعث رسالة لفلسطين: لن يبقى الظلم دون عقاب، وكالة أنباء تركيا، 2021/5/21، انظر: https://bit.ly/36cpy5C (تاريخ الدخول: 2021/7/3)
[40] فيديو متداول للقاء يحي السنوار مع وكالة الأناضول على وسائل التواصل.
[41] غزة وإسرائيل: بلينكن يزور الشرق الأوسط لتعزيز وقف إطلاق النار، موقع بي بي سي عربي، 2021/5/24، انظر: https://bbc.in/3wfto8C (تاريخ الدخول: 2021/7/3)
[42] هنية يشكر إيران على دعمها حماس بالمال والسلاح، دي دبليو DW، 2021/5/21، انظر: https://bit.ly/3xi5pH4 (تاريخ الدخول: 2021/7/3)
[43] هنية: سواحل فلسطين غنية بالغاز ومن الممكن عقد اتفاقية بحرية مع تركيا، ترك برس، 2021/5/25، انظر: https://bit.ly/3hdJBH6 (تاريخ الدخول: 2021/7/3)
[44] السنوار للأناضول: التهدئة “هشة” ونقدر الدعم التركي لشعبنا، الأناضول للأنباء، 2021/5/27، انظر: https://bit.ly/3xfgvww (تاريخ الدخول: 2021/7/3)
[45] بتنسيق مع مصر.. قافلة مساعدات تركية تعبر إلى غزة الثلاثاء، الأناضول للأنباء، 2021/6/15، انظر: https://bit.ly/3hAkhdc (تاريخ الدخول: 2021/7/3)


للاطلاع على الورقة العلمية بصيغة بي دي أف، اضغط على الرابط التالي:

https://www.alzaytouna.net/arabic/data/attachments/AcademicArticles/PA-SaidAlHaj-SwordJerusalemBattle-Turkey_8-21.pdf
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

العالم الإسلامي وفلسطين Empty
مُساهمةموضوع: رد: العالم الإسلامي وفلسطين   العالم الإسلامي وفلسطين Emptyالسبت 13 نوفمبر 2021, 10:11 am

آفاق العلاقة بين الأردن وحماس في ضوء المتغيرات السياسية

ملخص:

بالرغم من التقلبات التي شهدتها علاقة الأردن بحركة حماس على مدى الثلاثين عاماً الماضية، إلا أنها لم تصل درجة القطيعة؛ مع ملاحظة أنه قد غلب عليها في العقدين الماضيين سقفها الأمني، وبُعدها الاجتماعي.

حدثت تغيرات كبيرة في الساحة الفلسطينية في الأشهر الماضية، جعلت حماس، خصوصاً إثر معركة سيف القدس، تتصدر المشهد الفلسطيني، وتلقى تعاطفاً وتأييداً شعبياً واسعاً في الساحة الأردنية؛ في الوقت الذي تراجعت فيه السلطة الفلسطينية وقيادتها، وفقدت الكثير من مصداقيتها إثر تعطيلها للانتخابات.

للأردن العديد من الحسابات المتداخلة والموازنات الدقيقة في إمكانية تطوير علاقته بحركة حماس، وهي حسابات مرتبطة بالمصالح العليا للأردن، وبمواقف الشعب الأردني ونخبه السياسية، واحتمالات التأثير على الوضع الداخلي، وانعكاسات هذا التطوير المحتملة عربياً ودولياً وإسرائيلياً، بالإضافة إلى موقف قيادة السلطة الفلسطينية.

وضمن ثلاثة سيناريوهات محتملة، فإن السيناريو المرجح أن يحدث تطور جزئي محدود قد يحقق بعض المكاسب المعتبرة، ويجنّب الأردن الرسمي في الوقت ذاته تحمّل أعباء لا يرغب بدفع أثمانها في المرحلة الحالية.


مرت علاقة الأردن مع حركة حماس بحالات مدّ وجزر، وشهدت تقلبات عديدة خلال العقود السابقة، غير أنها لم تصل درجة القطيعة سوى في فترة قصيرة أعقبت اندلاع الأزمة بين الطرفين سنة 1999 على خلفية اعتقال عدد من قادة الحركة وإبعادهم إلى قطر. وبقيت قنوات التواصل مستمرة بين الطرفين بمستوى محدود يتقدّم أحياناً ويتراجع أحياناً أخرى، متأثرة بالعوامل المحلية ومتغيرات العلاقة مع القضية الفلسطينية، ومعطيات البيئة الإقليمية والدولية.

وقد شهدت الشهور الأخيرة العديد من المتغيرات المهمة على الساحة الفلسطينية والإقليمية، وتزايدت الدعوات داخل الأردن لإعادة النظر في سقف العلاقة مع حماس، ورافق ذلك رغبة قوية من الحركة بتطوير علاقاتها مع الأردن، الأقرب للقضية الفلسطينية، والمتأثر بصورة مباشرة بتداعيات الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي. وهو ما يطرح التساؤلات حول مستقبل العلاقة بين الطرفين وتأثير تلك المتغيرات على توجهات الجانب الرسمي في إدارة علاقته مع حماس وبقية أطراف المعادلة الفلسطينية.

أولاً: مسار العلاقة بين الطرفين:

بدأت العلاقة الرسمية بين حماس والأردن مطلع التسعينيات في أعقاب أزمة الخليج، حيث تمّ تسمية القيادي في الحركة محمد نزال ممثلاً للحركة في عمّان. وفي سنة 1992 سمح الأردن لمسؤول حركة حماس موسى أبو مرزوق وبقية أعضاء مكتبها السياسي بالإقامة في الأردن، وممارسة نشاطهم السياسي والإعلامي على أراضيه. وتأثر قرار الملك الحسين في حينه بالتقارب مع حماس بتوتر العلاقة الأردنية مع منظمة التحرير الفلسطينية، على خلفية انفرادها بمسار المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي.

وتأثرت العلاقة بين الأردن وحماس سلباً بعد توقيع معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية في وادي عربة سنة 1994. واستُدعي الناطق الرسمي باسم الحركة إبراهيم غوشة من قبل السلطات الرسمية وطُلب منه تخفيف حدة التصريحات الإعلامية، خصوصاً ما يتعلق بالعمليات الاستشهادية التي نشطت الحركة في تنفيذها خلال تلك الفترة، ليتطوّر الأمر سنة 1995 إلى طلب مغادرة رئيس المكتب السياسي للحركة موسى أبو مرزوق للأراضي الأردنية، قبل إن يُسمح له بالعودة مجدداً للأردن سنة 1997، بعد عامين من الاعتقال في الولايات المتحدة.

شكّلت محاولة جهاز الموساد Mossad الإسرائيلي اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل سنة 1997 على الأراضي الأردنية محطة مهمة في علاقة الأردن بحماس وبحكومة بنيامين نتنياهو Benjamin Netanyahu التي خرقت بنود الاتفاقيات والتفاهمات مع الأردن، وهو ما أثار غضب الملك الحسين، الذي نجح في تأمين الإفراج عن الشيخ أحمد ياسين وعدد من المعتقلين الفلسطينيين والأردنيين من السجون الإسرائيلية، مقابل الإفراج عن عضوَي الموساد المعتقلين في عمّان على خلفية تنفيذهما محاولة الاغتيال الفاشلة. وتمّ بالفعل استقبال الشيخ ياسين في الأردن قبل عودته إلى قطاع غزة.

واستمرت علاقة الطرفين بصورة معقولة حتى وفاة الملك الحسين سنة 1999، لتَدْخل العلاقة مرحلة سياسية مختلفة في العهد الجديد تمثّلت ذروتها في إغلاق مقرات الحركة في عمّان، واعتقال رئيس مكتبها السياسي وأعضائه بتهمة مخالفة الأنظمة والتعليمات، قبل أن يتم إبعادهم إلى قطر، لتطوى صفحة مهمة في العلاقة بين الطرفين.

عقب ذلك اختُزلت علاقة الأردن بحماس في قناة تواصل أمنية محدودة، وفي زيارات حملت طابعاً إنسانياً واجتماعياً، حيث تمّ السماح لخالد مشعل سنة 2009 بزيارة الأردن للمشاركة في تشييع جثمان والده. وفي السنة نفسها، أصدر العاهل الأردني توجيهاته بتأسيس المستشفى الميداني العسكري الأول في قطاع غزة، والذي استقبل أكثر من 3 ملايين مراجع، وكان يجري تبديل كوادره بصورة دورية.

وفي أجواء الربيع العربي وبوساطة قطرية، استقبل الملك عبد الله الثاني سنة 2012 أمير قطر تميم بن حمد يرافقه رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل، لكن هذا اللقاء لم يحدث انفراجة مهمة في العلاقة بين الطرفين، لتعود العلاقة إلى سقفها الأمني، وبُعدها الإنساني والاجتماعي.

وفي ظلّ توتر العلاقة بين الأردن وحكومة نتنياهو تلقى الملك عبد الله اتصالاً هاتفياً في 25/10/2017 من رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، غير أن هذا الاتصال لم تتبعه خطوات لاحقة تؤثر في حالة الجمود القائمة، وتسهم في إعادة الدفء للعلاقة بين الطرفين.

ثانياً: متغيّرات مهمة ودعوات لإعادة التقييم:

وجدت دوائر صنع القرار في الأردن نفسها خلال الشهور الماضية أمام متغيرات مهمة محلياً وفلسطينياً وإقليمياً، تفرض إعادة تقييم الموقف في إدارة العلاقة مع حركة حماس ومع مجمل الوضع الفلسطيني.

فعلى المستوى المحلي، شهد الأردن تصاعداً كبيراً في التعاطف والتأييد الشعبي والسياسي لحركة حماس بتأثير الأداء المميز للمقاومة الفلسطينية في معركة سيف القدس (أيار/ مايو 2021). وتحوّل قادة المقاومة والمتحدثون باسمها كمحمد الضيف وأبو عبيدة إلى رموز وطنية تحظى بإعجاب الأردنيين وتستقطب اهتمامهم، لا سيّما فئة الشباب. وقد عبّرت المسيرات العفوية الحاشدة نحو الحدود واقتحام عدد من الشبان الحدود مع الأراضي الفلسطينية المحتلة، عن مشاعر جارفة في دعم المقاومة وفي التعاطف مع الشعب الفلسطيني في مواجهة جرائم الاحتلال. وكان الأردن من أكثر الساحات العربية تفاعلاً مع معركة سيف القدس، وشهد مئات الفعاليات الشعبية، التي شملت مختلف المدن والبلدات والقرى الأردنية من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب.

ولم يقتصر الأمر على الحالة الشعبية التي دعت بشكل قوي لتعزيز علاقة الأردن بحماس والمقاومة، بل تجاوزها ليشمل القوى السياسية والعشائرية والنخب السياسية والوطنية، بما في ذلك كثير من المسؤولين السابقين الذين دعوا صراحة إلى ضرورة إعادة النظر في الموقف الرسمي من العلاقة مع حماس، وأكدوا أهمية إقامة علاقات متوازنة مع مختلف الأطراف الفاعلة في الساحة الفلسطينية، وعدم اختزالها في العلاقة مع طرفٍ واحدٍ تراجعت شعبيته بصورة كبيرة، وباتت حقيقة تمثيله للشعب الفلسطيني موضع شكّ، على الرغم من الاعتراف الإقليمي والدولي بشرعيته السياسية.

ثم جاءت مراسم التشييع والعزاء لجنازة الناطق الرسمي وعضو المكتب السياسي الأسبق لحركة حماس إبراهيم غوشة في 27/8/2021، لتشكّل حدثاً بارزاً على الساحة الأردنية يؤكد حجم التأييد الشعبي لحماس في الشارع الأردني وفي أوساط النخب الوطنية والسياسية. حيث تحوّلت المراسم إلى حدث وطني يشبه التظاهرة السياسية، وهو ما رآه البعض استفتاءً على تأييد الشارع الأردني للمقاومة الفلسطينية.

وعلى المستوى الفلسطيني، وجّه قرار الرئيس محمود عباس في 29/4/2021 بتأجيل الانتخابات التشريعية والرئاسية واستكمالات انتخابات المجلس الوطني إلى أجل غير مسمى، ضربة قوية لجهود إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة، وأدخل الساحة الفلسطينية في حالة من التوتر والإرباك والانسداد السياسي، وأعاد الأمور إلى نقطة الصفر.

في الوقت نفسه، شكَّلت معركة سيف القدس بين المقاومة والاحتلال الصهيوني في 10/5/2021 تحوّلاً مهماً في الساحة الفلسطينية، وحفرت عميقاً في الوعي الفلسطيني والعربي، وأثَّرت بصورة كبيرة في أوزان اللاعبين الرئيسيين في الساحة الفلسطينية، حيث أظهرت استطلاعات الرأي المحايدة تعاظم شعبية حماس بصورة كبيرة في الشارع الفلسطيني على حساب السلطة وحركة فتح، التي تدهورت شعبيتها إلى مستويات متدنية للغاية.

ولعل التأثير الأهم لمعركة سيف القدس تمثّل في تكريسها حركة حماس قيادة لمشروع المقاومة، ومُعَبِّراً عن تطلعات الشعب الفلسطيني، وأمراً واقعاً يصعب تجاوزه في أي ترتيبات سياسية أو أمنية مستقبلية في الساحة الفلسطينية. فقد باتت الحركة في نظر كثير من الأطراف الإقليمية والدولية العنوان الأبرز في المعادلة الفلسطينية، واللاعب الأهم في معادلة التهدئة والتصعيد. ونتيجة لذلك وجدت الأطراف الإقليمية والدولية نفسها مضطرة للتعامل مع حماس وفتح قنوات التواصل معها بصورة مباشرة أو غير مباشرة، علانية أو من وراء ستار، وهو ما حصل بالفعل من قبل العديد من الدول الغربية المهمة، ولم يقتصر الأمر على بعض الدول العربية التي استقبلت قيادة حماس بحفاوة بالغة.

وعلى المستوى الإقليمي، شهدت المنطقة خلال الشهور الأخيرة عملية إعادة تموضع وانفراجاً في العلاقات السياسية بين العديد من الدول التي تأزمت علاقاتها فيما مضى، ولم تجد تلك الدول حرجاً في إعادة تقييم مواقفها وعلاقاتها السياسية، والسعي لاعتماد مقاربات جديدة في إدارة منظومة علاقاتها الإقليمية بما يخدم مصالحها ويساعدها على التعاطي بصورة أفضل مع التحولات والمتغيرات الإقليمية والدولية. حيث تقاربت مصر والسعودية والإمارات، كلٌّ على حدة، مع تركيا وقطر، وجرى إنهاء حالة القطيعة والخصومة السياسية، وتتجه العلاقات بين تلك الدول نحو تجاوز الأزمات وبناء علاقات تعاون سياسي واقتصادي. الأمر الذي يوفّر فرصة لإجراء مراجعات لمجمل العلاقات الإقليمية، في بيئة سياسية تشهد حالة سيولة شديدة.

ثالثاً: تفاعل رسمي حذر مع المتغيّرات:

حملت الموافقة الرسمية على السماح بمشاركة رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية ورئيس الحركة في الخارج خالد مشعل وعدد من رموزها القياديين في مراسم العزاء دلالات سياسية مهمة؛ على الرغم من حرص المسؤولين الأردنيين على حصر الزيارة في بعدها الإنساني والاجتماعي، وتجنّبهم عقد أي لقاءات سياسية مع قيادة الحركة. ومن غير المستبعد أن يكون قرار السماح لقادة حماس بزيارة الأردن قد تأثر بالمزاج السياسي والشعبي في الأردن، وبحسابات مستجدة لدى أصحاب القرار الرسمي.

وكانت حركة حماس قد عبرّت بعد انتهاء معركة القدس عن رغبة قوية بزيارة الأردن والتواصل مع قياداته السياسية، غير أن هذه الرغبة لم يتم تحقيقها بالكامل، واقتصر الأمر على اتصال هاتفي جرى بين هنية ومدير المخابرات الأردنية.

فعلى الرغم من أهمية العامل الشعبي وتأثيره في توجهات الجانب الرسمي، إلا أن العامل الإقليمي ما يزال قوي الحضور والتأثير في الحسابات الرسمية، حيث شارك الأردن في القمة الثلاثية التي انعقدت في القاهرة بتاريخ 2/9/2021 وجمعت العاهل الأردني والرئيسين المصري والفلسطيني وغاب عنها رئيس الوزراء الإسرائيلي، وكان البند الأهم على جدول أعمالها دعم السلطة الفلسطينية ومنع انهيارها في ظل التحديات التي تواجهها.

رابعاً: السيناريوهات المحتملة لمستقبل العلاقة:

مع استبعاد سيناريو التصعيد والتوتر في العلاقة بين الطرفين وخروجه من دائرة السيناريوهات المنطقية المحتملة في ظلّ المعطيات الحالية، يُرجّح أن يراوح مستقبل علاقة الأردن مع حركة حماس على المستويين القريب والمتوسط بين السيناريوهات الثلاثة التالية:

الأول: استمرار الفتور والعلاقات المحدودة بسقفها الأمني وبعدها الإنساني والاجتماعي، وهو السيناريو القائم حالياً والمتواصل منذ نحو عقدين من الزمن.

الثاني: تطوير سقف العلاقة مع حركة حماس بصورة نوعية ونقلها إلى المستوى السياسي، وبناء علاقات متوازنة مع حماس والسلطة، بعيداً عن الانحياز لأي من أطراف المعادلة الفلسطينية.

الثالث: تطوير جزئي لسقف العلاقة بين الطرفين بما يحقق بعض المكتسبات ويجنّب تحمّل أعباء لا يرغب الجانب الرسمي بدفع أثمانها في هذه المرحلة.

خامساً: محددات الترجيح بين السيناريوهات:

للترجيح بين السيناريوهات الثلاثة، تبرز المحددات والعوامل التالية التي يتوقّع أن تؤثر على مستقبل العلاقة بين الطرفين خلال الفترة القادمة:

1. قراءة الجانب الرسمي للمصالح الأردنية العليا، ومدى تأثرها بالاقتراب من حماس أو الابتعاد عنها.

2. موقف الشعب الأردني ونخبه الوطنية وقواه السياسية من الانفتاح الرسمي على العلاقة مع حماس.

3. التأثير المتوقع لتطوير العلاقة مع حماس على وضع الحركة الإسلامية في الأردن وعلاقتها بالجانب الرسمي. حيث تُروّج بعض الأطراف المحلية المتحفّظة على تطوير العلاقة مع حماس أن الانفتاح عليها من شأنه أن يعزّز قوة الحركة الإسلامية وحضورها الشعبي، وهو ما ترى فيه تلك الأطراف خطراً على مصالحها وتراه تهديداً للنظام السياسي.

4. حساسيات العلاقة مع السلطة الفلسطينية، والرغبة بإدامة التنسيق معها بعيداً عن أسباب التوتر؛ في ظلّ حساسية عالية لدى السلطة من التقارب مع حماس، التي تبرز كمنافس قوي لها في الساحة الفلسطينية، خصوصاً بعد تداعيات معركة سيف القدس.

5. الانعكاسات المحتملة للتقارب مع حماس على علاقة الأردن مع الجانب الإسرائيلي.

6. الرغبة المصرية باحتكار إدارة الملف الفلسطيني وتحسّسها من دخول الأردن أو أي طرف آخر على ملفات القضية الفلسطينية.

7. التوجهات السلبية لبعض الدول الخليجية تجاه حركات الإسلام السياسي، ومن ضمنها منها حركة حماس.

8. موقف الإدارة الأمريكية والدول الأوروبية من تطوير الأردن علاقته مع حماس في ظلّ تصنيف الإدارة الأمريكية لها كـ”حركة إرهابية”.

سادساً: التوقعات:

بقراءة التأثير المحتمل للمحددات السابقة في خيارات الأردن المستقبلية تجاه إدارة علاقته مع حماس، يمكن توقّع ما يلي:

1. يُتوقّع أن تحضر العديد من المصالح المعتبرة في حسابات الجانب الرسمي في إدارة علاقته المستقبلية مع حركة حماس. فالخيارات السياسية للجانب الرسمي الداعمة لمسار التسوية والمفاوضات قد تقف حجر عثرة في طريق تطوير علاقته مع حماس، في حين أن مخاوفه من المخططات الإسرائيلية التي تبحث عن حلول للقضية الفلسطينية على حساب الأردن تدفع في الاتجاه المعاكس. كما أن الحسابات الأمنية الأردنية والرغبة بضبط الحدود والحيلولة دون استخدام الأراضي الأردنية منطلقاً لأيّ أعمال عسكرية ضدّ الاحتلال الإسرائيلي، تؤثر بوضوح في خيارات الجانب الرسمي، وظلت على الدوام أولوية حاضرة في اعتبارات إدارة العلاقة مع مختلف الفصائل الفلسطينية.

2. يُرجّح أن يؤثر التأييد الشعبي الواسع لحركة حماس في الشارع الأردني على توجهات الجانب الرسمي خلال الفترة القادمة، وأن يدفع باتجاه مزيد من التوازن في الموقف من أطراف المعادلة الفلسطينية. وتتأثر نظرة الشارع الأردني لحماس بالعلاقات الأخوية والارتباط الوثيق مع الشعب الفلسطيني، كما تكرّست قناعة قوية في أوساط النخب السياسية بأن المقاومة الفلسطينية التي تقودها حماس باتت تشكّل خط الدفاع الأول عن الأردن في مواجهة الأطماع والمؤامرات الصهيونية، التي يرى فيها الأردنيون خطراً وجودياً يهدد مستقبل كيانهم.

3. من المتوقّع أن تستمر التخوفات الرسمية من انعكاسات غير مرغوبة لتطوير العلاقة مع حماس على شعبية الحركة الإسلامية في الأردن وعلى موقفها من الجانب الرسمي. لكن المتابع للسياق التاريخي للعلاقة بين الأردن وحماس، يلحظ حرص الحركة طيلة فترة وجودها في الأردن على تجنّب التدخل في الشأن المحلي، وحتى بعد خروجها من الأردن كان موقفها المعلن يشجع على موقف إيجابي للحركة الإسلامية تجاه العلاقة مع الجانب الرسمي الذي استعان في بعض المحطات بحركة حماس لإقناع الحركة الإسلامية بضرورة المشاركة في الانتخابات النيابية، وهو ما استجابت له حركة حماس في حينه. وقد حرص إسماعيل هنية وخالد مشعل في كلماتهما خلال مراسم تشييع إبراهيم غوشة على توجيه رسائل طمأنة مهمة للجانب الرسمي حظيت باهتمام وسائل الإعلام الأردنية.

4. في العلاقة مع السلطة الفلسطينية، يدرك الأردن أن تحولات مهمة حصلت على موازين القوى في الساحة الفلسطينية ينبغي أن تؤخذ بالحسبان، وتفرض إجراء تعديلات على الموقف الرسمي من التواصل مع حماس؛ لكن مع الحرص في الوقت ذاته على أن لا يؤثر ذلك على الشراكة السياسية مع السلطة كطرف رسمي يتبنّى ذات الخيارات السياسية تجاه المفاوضات ومسار التسوية السياسية.

وفي مؤشر إلى تعديل محتمل على موقف الجانب الرسمي من التواصل مع حماس، قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي خلال مؤتمر صحفي عقده في عمّان مع نظيره المصري سامح شكري في أيار/ مايو 2021: “اتصالاتنا مع أشقائنا في فلسطين مستمرة، وكان هنالك اتصال بين المملكة وحماس عبر الأسابيع الماضية، نحن نتعامل مع الشعب الفلسطيني كشعب شقيق ونقارب الأمور من منطلق موقفنا الثابت من أننا نعترف بدولة فلسطين دولة فلسطينية، ونتعامل مع القيادة الفلسطينية ونتعامل مع كل أشقائنا في فلسطين في إطار العلاقات الطبيعية”.

وأضاف: “وفق هذه العلاقات فالتواصل مستمر مع الجميع، وهدفنا الأساس خدمة فلسطين، وإسناد أشقائنا الفلسطينيين”.

5. يتوقّع أن تؤثّر العلاقة مع “إسرائيل” سلباً على مستقبل علاقة الأردن بحركة حماس، في ظلّ التحسن الذي طرأ على العلاقات الأردنية الإسرائيلية خلال الشهور الأخيرة بعد رحيل بنيامين نتنياهو الذي تسبب بتوتير العلاقة مع الأردن طيلة السنوات الماضية. ويتخذ الجانب الإسرائيلي موقفاً معارضاً لتطوير العلاقة بين الأردن وحماس، ويرغب في حصر إدارة العلاقة معها عربياً بالجانب المصري.

6. يُرجّح أن يستمر التأثير السلبي للموقف المصري على خيارات الأردن في العلاقة مع حماس. حيث يحرص الجانب المصري على مواصلة احتكار التأثير في الساحة الفلسطينية، ويسعى في الوقت ذاته لحصر علاقته مع حماس بالبعد الأمني.

7. خليجياً، يُتوقّع أن يتأثر موقف الأردن من حماس بتطورات علاقتها مع السعودية والإمارات. حيث تراعي الديبلوماسية الأردنية اعتبارات تلك الدول وخياراتها السياسية، وتتحاشى مصادمة توجهاتها في الملفات الإقليمية، ومن ضمنها العلاقة مع حماس. وقد أصدرت المحاكم السعودية في 8/8/2021 أحكاماً بالسجن لفترات طويلة بحق العديد من أفراد حماس والمقربين منها.

8. من غير الواضح حتى هذه اللحظة طبيعة الموقف الذي ستتبناه الإدارة الأمريكية والحكومات الأوروبية إزاء انفتاح الأردن على العلاقة مع حماس؛ لكن المرجّح أن يعتمد موقف الإدارة الأمريكية على مدى تأثير ذلك على فرص التهدئة في الساحة الفلسطينية. فقد بات الحفاظ على التهدئة وتجنّب التصعيد أو اندفاع الأمور نحو مواجهة جديدة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، أولوية لدى الإدارة الأمريكية. كما أن الجانب الأمريكي وبعض الأطراف الأوروبية أبدت اهتماماً بعد معركة سيف القدس بفتح قنوات تواصل مباشرة أو غير مباشرة مع حماس.

سابعاً: السيناريو المرجّح:

في ضوء ما سبق يُرجّح أن لا يذهب الجانب الرسمي الأردني بعيداً في تطوير علاقته مع حركة حماس في ضوء المعيقات التي ما زال يأخذها بالحسبان على الرغم من المتغيرات المهمة التي طرأت على المشهد الفلسطيني والإقليمي، وهو ما يُضعف فرص نجاح سيناريو تطوير العلاقة مع حماس بصورة تحقّق نقلة نوعية.

غير أن قراءة الأردن لحجم الخسائر التي ترتبت على اختزال علاقته السياسية مع طرف واحد في الساحة الفلسطينية، وحالة التعارض مع الموقف الشعبي المؤيد للانفتاح على حركة حماس، والشعور بأن فتور العلاقة مع الحركة فوّت على الأردن فرصة تعزيز دوره الإقليمي وإمكانية لعبه دوراً سياسياً مؤثراً خلال مواجهة سيف القدس، التي حضر فيها دور مصر وقطر بشكل قوي وانعكس إيجاباً على علاقاتهما مع إدارة جو بايدن Joe Biden…؛ كل ذلك يدفع باتجاه إعادة النظر بشكل إيجابي في العلاقة بحماس.

ويبدو السيناريو الثالث، أي التطوير الجزئي لسقف العلاقة مع حماس، السيناريو المرجّح خلال الفترة القادمة، حيث يحقق بعض المكتسبات المعتبرة، ويجنّب الأردن الرسمي في الوقت ذاته تحمّل أعباء لا يرغب بدفع ثمنها في المرحلة الحالية. وهو يشكّل نصف خطوة إلى الأمام تُلبّي بعض مطالب الشارع الأردني ونخبه السياسية والعشائرية، وتوفّر فرصة لتعزيز الحضور الإقليمي، وفي الوقت ذاته تُجنِّبه الحرج في العلاقة مع السلطة و”إسرائيل” وبعض الأطراف العربية والدولية.

ثامناً: التوصيات:

انطلاقاً مما سبق نقترح ما يلي:

1. ضرورة انفتاح الأردن على مختلف الأطراف الفاعلة والمؤثرة في المشهد الفلسطيني، والوقوف على مسافة واحدة من فصائل العمل الوطني، وتطوير العلاقة مع حركة حماس ونقلها من بُعدها الإنساني وسقفها الأمني إلى المستوى السياسي. واستثمار العلاقة مع أطراف المعادلة الفلسطينية لتعزيز دور الأردن وحضوره الفاعل في الإقليم، بما يخدم مصالحه الوطنية ومصالح الشعب الفلسطيني.

2. تعزيز التعاون بين الأردن، الذي يتولى إدارة شؤون المقدسات، وبين مختلف القوى السياسية والشعبية في الساحة الفلسطينية، من أجل حماية القدس والمقدسات والتصدي للانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة للمسجد الأقصى.

3. استثمار ما يتمتع به الأردن من علاقات جيدة مع أطراف العمل الوطني الفلسطيني لإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة وترتيب البيت الفلسطيني، بما يُعبّر عن الإرادة الحرة للشعب الفلسطيني.

4. تنسيق الجهود بين القوى الوطنية في الأردن وفلسطين لمواجهة المخططات الإسرائيلية التي تستهدف الأرض الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، وللدفاع عن الأردن في مواجهة الأطماع الصهيونية وإفشال مؤامرات الترانسفير والتوطين ومشروع الوطن البديل.

لتحميل التقدير، اضغط على الرابط التالي:

https://www.alzaytouna.net/arabic/data/attachments/St-Assessment/Str-Ass_125_9-21.doc

https://www.alzaytouna.net/arabic/data/attachments/St-Assessment/Str-Ass_125_9-21.pdf
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

العالم الإسلامي وفلسطين Empty
مُساهمةموضوع: رد: العالم الإسلامي وفلسطين   العالم الإسلامي وفلسطين Emptyالسبت 13 نوفمبر 2021, 11:15 am

حقائق وثوابت في القضية الفلسطينية: رؤية إسلامية 
(الحقائق الأربعون في القضية الفلسطينية)

أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات طبعة محدَّثة ومنقَّحة من كتاب: “حقائق وثوابت في القضية الفلسطينية – رؤية إسلامية” من تأليف الأستاذ الدكتور محسن محمد صالح، وأتت هذه الطبعة مزوَّدة بالصور والرسوم التوضيحية. وقد وفّرها المركز للتحميل الإلكتروني.

جاء الكتاب في 66 صفحة من القطع المتوسط، وقد صدر في طبعته الأولى سنة 2001 وانتشر تحت عنوان “الحقائق الأربعون في القضية الفلسطينية” ولقي رواجاً واسعاً، فطبعت منه مئات الآلاف من النسخ باللغة العربية، كما تُرجم إلى ثلاث عشرة لغةً الأخرى.


– العنوان: حقائق وثوابت في القضية الفلسطينية: رؤية إسلامية (الحقائق الأربعون في القضية الفلسطينية)
– تأليف: د. محسن محمد صالح
– عدد الصفحات: 66 صفحة
– طبعة مزيدة ومنقحة ومصورة، تشرين الثاني/ نوفمبر 2020.
– السعر: 7$
– جهة الإصدار: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات – بيروت
– ISBN: 978-9953-500-83-6

يقدّم الكتاب للقارئ مدخلاً مختصراً وشاملاً وسهلاً لفهم قضية فلسطين. ويعرض معلومات وحقائق وثوابت ومفاهيم لا غنى عنها عند التعامل مع القضية الفلسطينية، ويقدِّم قاعدة بيانات مكثفة مختصرة تصلح أن تكون منطلقاً للفهم الإسلامي للقضية الفلسطينية.

ويزوّد هذا الكتاب القرّاء بمعلومات أساسية مستندة إلى مصادر علمية حول أرض فلسطين وشعبها، ويعرض لأبرز المحطات في تاريخها القديم والمعاصر، مروراً بنشوء الحركة الصهيونية وأهدافها، ويوضح الاحتلال البريطاني لفلسطين، وقيام الكيان الصهيوني، وتهجير الشعب الفلسطيني وتهويد الأرض والإنسان والمقدسات. كما ينبّه إلى عناصر قوة الكيان وعناصر ضعفه.

ويتحدّث الكتاب عن المقاومة الفلسطينية وانتفاضات الشعب الفلسطيني منذ الاحتلال البريطاني وحتى وقتنا الحالي، وإنشاء منظمة التحرير والمنظمات الفلسطينية الرئيسية. ويشير إلى الدور العربي والدولي وإلى اتفاق أوسلو وانعكاساته والبعد الإنساني للقضية. كما يسلّط الضوء على الفهم الإسلامي لقضية فلسطين، والموقف من السلام والتسوية السلمية والموقف من اليهود، ويختم عارضاً الرؤية الإسلامية لتحرير فلسطين.

وقد كتب المفكر المصري الراحل محمد عمارة مقدماً الطبعة الأولى للكتاب: “لأن هذا الكتيّب، قد نجح في استخلاص الحقائق الأساسية لهذه القضية المركزية، وفي تقديم هذه الحقائق الأساسية في إطار الوعي السياسي والفكري والحضاري المتميّز… فقد غدت صفحاته بمثابة “المتن” الذي يجب أن تستظهره وتعيه وتفقهه ذاكرة كل عربي وكل مسلم، بل وكل إنسان شريف ينشد الحقيقة والعدل والإنصاف… وبمثابة “الهيكل العظمي” الحامل لكل تفاصيل هذا الصراع المحتدم على أرض فلسطين”. وقد اعتبر عمارة الكتاب “دفتر أحوال” لقضية المسلمين الأولى.

https://www.youtube.com/watch?v=osc46r2xLFM





[rtl]لتحميل النسخة المحدَّثة والمصوَّرة من الكتاب (جودة عالية)، اضغط على الرابط التالي:[/rtl]




[rtl]لتحميل النسخة المحدَّثة والمصوَّرة من الكتاب (نسخة مخصصة للجوال/ جودة متوسطة)، اضغط على الرابط التالي:[/rtl]




[rtl]لتحميل النسخة النصية “غير المصوَّرة” من الكتاب، اضغط على الرابط التالي:[/rtl]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

العالم الإسلامي وفلسطين Empty
مُساهمةموضوع: رد: العالم الإسلامي وفلسطين   العالم الإسلامي وفلسطين Emptyالجمعة 19 نوفمبر 2021, 5:30 pm

تركيا والقضية الفلسطينية

يسلط هذا التقرير الضوء على المسار التاريخي للعلاقة التركية بالقضية الفلسطينية، وتطور العلاقة التركية – الإسرائيلية على المستويات الثلاثة: السياسي، والعسكري، والاقتصادي. ويتناول الدور التركي الجديد في القضية الفلسطينية انطلاقاً من وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم وأثره في تحول السياسة التركية في منطقة الشرق الأوسط، بما فيها عملية التسوية السلمية للقضية الفلسطينية، والمصالحة الوطنية الفلسطينية. ويتحدث عن الموقف التركي من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، معرجاً على مؤتمر دافوس الذي شهد مشادة كلامية بين رئيس الوزراء التركي والرئيس الإسرائيلي. ويختتم التقرير بالحديث عن حصار غزة والموقف التركي الرسمي والشعبي منه، والمساعدات، والمحاولات التركية لفك هذا الحصار، التي كان أبرزها الاعتداء الإسرائيلي على أسطول الحرية لكسر حصار غزة، الذي كان ينقل مساعدات إنسانية للقطاع المحاصر، والذي سبب تـوتـراً غير مسبوق في العلاقة بين تركيا و“إسرائيل”.

info-report-17
لتحميل التقرير كاملاً ، اضغط على الرابط التالي:

https://www.alzaytouna.net/arabic/data/attachments/ReportsZ/17_Turkey_Pls_Issue-10-10.pdf
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
العالم الإسلامي وفلسطين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حكام العالم الإسلامي عبر التاريخ
» الفارابي - العالم والفيلسوف الإسلامي
» أكبر 10 مساجد في العالم الإسلامي
» العالم الإسلامي والمكائد الدولية
» بواعث الحملة الصليبية ضد العالم الإسلامي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: قصة قضية فلسطين-
انتقل الى: