منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

  مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة Empty
مُساهمةموضوع: مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة    مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة Emptyالسبت 20 نوفمبر 2021, 2:40 pm

 مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة Book_Cover_Egypt_Two_Eras_Morsi_alSisi
مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة

أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات مجلداً، من إعداد باسم جلال القاسم وربيع محمد الدنّان، وإشراف وتحرير د. محسن محمد صالح، يحمل عنوان ”مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة“، ويتناول المجلد الأوضاع السياسية والقانونية والأمنية والاقتصادية والإعلامية التي شهدت مصر خلال عهدي مرسي والسيسي.

ويحتوي هذا المجلد على سبعة فصول، يتناول الفصل الأول تطورات الأحداث في مصر في الفترة 2011-2015، ويتناول الفصل الثاني التغيرات السياسية والانتخابات، أما الفصل الثالث فيتحدث عن العلاقة بين السلطة والأحزاب والقوى السياسية، فيما يناقش الفصل الرابع الأداء الاقتصادي، أما الفصل الخامس فيتناول الأداء الأمني والقضائي، في حين يتحدث الفصل السادس عن الأداء الإعلامي، أما الفصل السابع فيتناول ملف السياسة الخارجية.

وأظهرت الدراسة في فصلها الأول، الذي يحمل عنوان ”تطورات الأحداث في مصر بعد ثورة 25 يناير 2011 حتى نهاية 2015“، أنه وبالرغم من المكاسب والنجاحات التي واكبت ثورة 25 يناير، فإن مسار الأحداث المصرية بعد عزل مرسي شهد أزمة حقيقية تعيشها البلاد، وبقي البلد خاضعاً للمؤسسة العسكرية، حيث رسّم قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي سيطرته على مقاليد الحكم من خلال انتخابه رئيساً، في انتخابات ذكّرت العالم بالمشهد المصري قبل ثورة 25 يناير.

كما تشير تطورات الأحداث إلى أن المشهد المصري بدا وكأنه قد عاد إلى ما كان عليه قبل تنحي مبارك؛ حيث عادت عملية كبت حرية الرأي والتعبير، وحرية الصحافة، والحريات العامة.

وتسلط الدراسة في فصلها الثاني، الذي يحمل عنوان ”التغيرات الدستورية والانتخابات“، الضوء على تطور العمليتين الدستورية والانتخابية في مصر بعد ثورة 25 يناير. فقد تمّ تعديل الدستور والاستفتاء عليه في ثلاث مناسبات، وتمّ إجراء انتخابات تشريعية في مناسبتين، كما تمّ انتخاب رئيسين للبلاد خلال سنتين، تمّ بينهما تعيين رئيساً مؤقتاً.

وتشير الدراسة إلى أن الشعب المصري خاض، حتى تاريخ الانقلاب العسكري على الرئيس مرسي في تموز/ يوليو 2013، خمس عمليات ديموقراطية انتخابية، أظهرت جميع الاستحقاقات الانتخابية، التي تمّ معظمها في عهد المجلس العسكري، قوة التيار الإسلامي ومؤيديه، وعلى رأسهم الإخوان المسلمون.

وبالمقابل، فقد جاء في الدراسة أن الانتخابات التي أجريت بعد الانقلاب العسكري شهدت شبهات تزوير، وعدم مصداقية الأرقام والنتائج، كما شهدت اتّهامات عدّة بانتشار الرشوة الانتخابيّة خلال إجرائها، حيث انتشرت ظاهرة شراء الأصوات، و”المال السياسي“.

وفي أجواء استبعاد وملاحقة الإسلاميين، وخصوصاً الإخوان، حسم السيسي نتيجة السباق الرئاسي بأغلبية ساحقة مع حمدين صباحي، وحصل على 96.9% من الأصوات مقابل 3.1% لصباحي. وكان لافتاً للنظر النسبة العالية لمقاطعة الانتخابات، حيث تحدثت تقارير صحفية عن ضعف كبير على الإقبال.

وتؤكد الدراسة في فصلها الثالث، الذي يحمل عنوان ”الأحزاب والقوى السياسية“، أن الحياة السياسية والدستورية لم تكن ممهدة بشكل جدي وميسَّر أمام الرئيس محمد مرسي عند تسلمه مقاليد الحكم؛ حيث واجه مرسي معارضين ومناهضين لحكمه، عارضوه انطلاقاً من دوافع سياسية، أو أيديولوجية، أو صراع نفوذ ومصالح، ولم تتح له فرصة معقولة ديموقراطياً لتنفيذ البرنامج الانتخابي الذي فاز على أساسه، وكان بعض هذه القوى المعارضة ظاهراً، وكان البعض الآخر مستتراً أو يحاول الاستتار كالمؤسسة العسكرية.

وتضيف الدراسة أن المصالح والاعتبارات الحزبية الضيقة لعبت دوراً كبيراً في تنظيم العلاقة وسبل التعاون بين أحزاب المعارضة ومرسي؛ كما أن التباينات الكبيرة التي ميزت أغلب البرامج والرؤى التي كانت تحملها الأحزاب في مصر في تلك الفترة، أسهمت في إضعاف أي إمكانية لإيجاد أرضية خصبة للتوافق؛ ما أدى إلى وقوع الصدام في نهاية المطاف.

وتتابع الدراسة أن البيئة الداخلية لم تكن مساعدة لتحقيق سياسات مرسي، على العكس من حكم السيسي. وأن الانقلاب مهد لاستنساخ معارضة شبيهة بمعارضة الرئيس المخلوع حسني مبارك، عبر إقرار تعديلات على قانون مجلس النواب الجديد الذي أصدره الرئيس المؤقت عدلي منصور قبل تسليمه السلطة للسيسي، وتمّ تعديله في قانون أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي في 29/7/2015. وتضيف الدراسة أن قانون الانتخابات التشريعية الذي وُضع في عهد السيسي، أدى إلى إضعاف الأحزاب، وتدهور الحياة السياسية، وعودة الأوضاع إلى ما هو أسوأ من أيام مبارك.

وتؤكد الدراسة في فصلها الرابع، الذي جاء بعنوان ”الأداء الاقتصادي“، أن المشكلات الاقتصادية الكبيرة التي واجهها مرسي عند بداية عهده، كان بعضها نتيجة السياسات الاقتصادية التي كانت سائدة خلال الفترة التي حكم فيها الرئيس مبارك، والبعض الآخر جاء بسبب الظروف السياسية والاقتصادية التي استجدت بعد ثورة 25 يناير، أو بسبب سلوك القوى والأطراف المحلية والإقليمية والدولية. على الرغم من ذلك، فقد أشارت المعطيات إلى أن الأوضاع الاقتصادية في عهد مرسي كانت أفضل منها في زمن السيسي.

وتبين الدراسة أن معظم الأزمات مثل نقص الوقود وانقطاع الكهرباء وارتفاع الأسعار كان مدبراً ومسنوداً من جهات داخلية وخارجية، كما أن معظم هذه المشاكل استمر خلال عهد السيسي، مما يفقده جدية مبررات الانقلاب على مرسي.

وتتابع الدراسة إجراء مقارنتها بين مشروعي مرسي والسيسي الاقتصاديين، والوقوف على حقيقة الوضع الاقتصادي خلال العهدين، ومدى تأثير الانقلاب على وضع الدولة الاقتصادي ومكانتها. وقد سلطت الدراسة الضوء على ملف زراعة القمح، فقالت إن هذا الملف احتل أهمية كبرى في مشروع مرسي الاقتصادي؛ ما أدت إلى قفز إنتاجية القمح في السنة المالية 2012/2013، من  7مليون طن إلى 9.5 مليون طن بزيادة 30٪ عن السنة المالية 2011/2012.

وتضيف الدراسة أنه بعد الانقلاب على مرسي، تراجع اهتمام الحكومات المصرية بزراعة القمح، حيث انكمشت مساحات القمح من 3.5 مليون فدان في عام 2012/2013، إلى 2.5 مليون فدان في كانون الأول/ ديسمبر 2016.

وتشير الدراسة إلى أن سياسات الحكومات بعد الانقلاب، والتي أدت إلى زيادة الديون المحلية والخارجية بالإضافة إلى ارتفاع معدلات التضخم إلى مستويات عالية جداً، أدت إلى انخفاض قيمة العملة المصرية بصورة خطيرة، فبعد أن كان سعر الدولار مقابل الجنيه 7.7 جنيهات في 30/6/2013، (في السوق السوداء) و7.05 جنيهات في السوق الرسمي، بلغ سعره في 26/4/2016 نحو 8.8 في السوق الرسمي، ونحو 10.7 في السوق السوداء.

وتشير الدراسة إلى أن الدَّين العام بشقيه المحلي والخارجي ازداد بشكل خطير بعد الانقلاب على مرسي؛ حيث إن الدين المحلي في عهد مرسي وصل إلى نحو 238.06 مليار دولار، كما وصل إلى نحو 43.23 مليار دولار، بينما بلغ الدين المحلي في عهد السيسي نحو 301.5 مليار دولار في نهاية كانون الأول/ ديسمبر 2015، أما الدين الخارجي فبلغ نحو 47.8 مليار دولار في الفترة نفسها. وتشير الدراسة إلى أن معدل البطالة تراوح بين 12.7 و13.4% خلال عهدي مرسي والسيسي.

وتناقش الدراسة في فصلها الخامس، ”الأداء الأمني والقضائي“، حيث تؤكد أن جهاز الأمن والسلك القضائي عملا على إضعاف وتقويض سلطة الرئيس مرسي وأسهما في الانقلاب عليه، في المقابل قاما بدعم السلطة التي انقلبت على مرسي.

وكمؤشر على حرية التظاهر التي كانت سائدة خلال عهد مرسي، تقول الدراسة إن الاحتجاجات التي تعرض لها مرسي بلغت 5,821 مظاهرة ومصادمة واشتباكات، بمعدل 485 مظاهرة كل شهر، و7,709 وقفات احتجاجية وفئوية، بمعدل 557 وقفة احتجاجية كل شهر، و24 دعوة لمليونية، بمعدل مليونيتين كل شهر. مع أن أعداد المشاركين فيما يسمى المليونيات، لم يكن يتجاوز بضعة آلاف في أحيان عديدة.

في المقابل كرست السلطات المصرية بعد الانقلاب، جلّ اهتمامها من أجل الحدّ من تنامي المظاهرات المعارضة للانقلاب ومنع تنظيمها، فأصدرت الحكومة قانون التظاهر الذي شدد العقوبات على كل من يتظاهر دون موافقة وزارة الداخلية، وتصدت بشكل عنيف لمظاهرات ”جبهة صمود الثورة“، وحملة ”لا للمحاكمات العسكرية“.

وتشير الدراسة إلى أن النظام العسكري بعد الانقلاب باشر بارتكاب المجازر المتتالية من أجل وقف الحراك الثوري، كما اعتقل أكثر من40  ألف من معارضي الانقلاب، وقد مارست الأذرع الأمنية عمليات تصفية جسدية مباشرة للمعارضين.

وفي ما يخص الملف القضائي، تقول الدراسة إن السيسي تصرف منذ الانقلاب كحاكم عسكري لمصر، وتدخل في عمل النائب العام والقضاء، فضلًا عن الشرطة، بالإضافة للقوانين التي تستهدف المعارضة.

وتشير الدراسة إلى أن القضاة المصريين المحسوبين على نظام مبارك لعبوا دوراً محورياً في الانقلاب على مرسي، ومارسوا حرية التعبير عن آرائهم ومواقفهم السياسية المناوئة للنظام الجديد.

وتظهر الدراسة في فصلها السادس، الذي جاء بعنوان ”الأداء الإعلامي“، أن الإعلام المصري دخل حالة استقطاب بعد ثورة 25 يناير، ولم تقم السلطة الانتقالية، ممثلة في المجلس العسكري، بأيّ خطوات لإعادة تنظيم الإعلام هيكلياً وتشريعياً، كما أن حالة الاستقطاب هذه استمرت خلال حكم مرسي.

ولعبت وسائل الإعلام المصرية المرتبطة ببقايا نظام مبارك أو برجال الأعمال وأجهزة الأمن والعسكر المعادية للثورة، دوراً مهماً في الانقلاب على الرئيس مرسي، خصوصاً فيما يتعلق بإشعال نقمة المصريين عليه، وعلى الإخوان المسلمين. فقد انتشرت شائعات لم تهدف فقط إلى إسقاط الإخوان وتهيئة الساحة للسيسي لتصدّر المشهد، بل لاستخدامها بعد ذلك عند اللزوم في تثبيت حكم السيسي ومحاولة احتواء أيّ إخفاقات يواجهها.

وتلفت الدراسة النظر إلى أن المشهد الإعلامي في مصر دخل مرحلة جديدة بالغة الدلالة والخطورة بعد عزل الرئيس مرسي، فقد تحول الإعلام بشكل واضح إلى أداة صريحة في الصراع السياسي بين السلطة الانتقالية الجديدة وبين الإخوان المسلمين وأنصار الثورة والتغيير في مصر.

وتشير الدراسة في فصلها السابع، الذي جاء بعنوان ”السياسة الخارجية“، إلى أن مؤسسة الرئاسة المصرية انفردت بتحديد السياسية الخارجية المصرية، وتوجهاتها العامة، بما يتناسب مع مصلحة نظام الحكم؛ حيث احتكرت الرئاسة العديد من الملفات التي تراها حيوية.

وتضيف الدراسة أن القضية الفلسطينية شكلت رافداً شعبياً للنظام المصري. كما مرّت العلاقات المصرية الفلسطينية بعدة متغيرات بحسب الظروف السياسة والعسكرية، وكان للتغيرات السياسية الداخلية التي شهدتها مصر بعد ثورة 25 يناير أثر كبير في تحديد هذه العلاقة.

وجاء في الدراسة أن العلاقات الإسرائيلية المصرية مرت بمرحلة تحوّل تاريخي ‬عقب نجاح ثورة ‬25 ‬يناير، فقد استمرت حساسية الموقف الإسرائيلي وغموضه حتى تنحي مبارك… كما أولت المؤسسات الإسرائيلية اهتماماً كبيراً بتأثيرات الثورة على ”إسرائيل“. وزادت عناصر القلق الإسرائيلي بصعود الإسلاميين المعروفين بعدائهم لـ”إسرائيل“ ورفضهم لاتفاقيات كامب ديفيد، إلى سدّة الحكم. لكن هذا الحال اختلف بعد الانقلاب العسكري، حيث لم تُخفِ النُّخب السياسية والعسكرية والمثقفة في ”إسرائيل“ ارتياحها من الذي حدث في مصر.

لتحميل الجلد كاملاً، اضغط على الرابط التالي:

https://www.alzaytouna.net/arabic/data/attachments/BooksZ/Book_Egypt_Between_TwoEras_Morsi_al-Sisi/Egypt_BetweenTwoEras_Comparative-Study_FullBook.pdf


عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في السبت 20 نوفمبر 2021, 2:43 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة Empty
مُساهمةموضوع: رد: مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة    مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة Emptyالسبت 20 نوفمبر 2021, 2:41 pm

 مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة Egypt_BetweenTwoEras_Comparative-Study-1_ConstitutionalChanges_Elections



التغيرات الدستورية والانتخابات

ناقشت دراسة صدرت عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، من إعداد ربيع محمد الدنان وباسم جلال القاسم وإشراف وتحرير د. محسن محمد صالح، التطورات الدستورية والعمليات الانتخابية التي شهدتها مصر في الفترة منذ 25 كانون الثاني/ يناير 2011 وحتى نهاية 2015.

وتأتي هذه الدراسة التي تحمل عنوان ”التغيرات الدستورية والانتخابات“، وهي الإصدار الأول ضمن سلسلة دراسات تصدر تباعاً تحمل عنوان “مصر بين عهدين: مرسي والسيسي – دراسة مقارنة”، وتتناول الأوضاع السياسية والدستورية والأمنية والاقتصادية والإعلامية التي شهدتها مصر خلال عهدي الرئيسين.

وتظهر الدراسة، الواقعة في 79 صفحة من القطع المتوسط، أنه قد تمّ تعديل الدستور والاستفتاء عليه في ثلاث مناسبات، وتمّ إجراء انتخابات تشريعية في مناسبتين، وحكم البلاد ثلاثة رؤساء.

وتشير الدراسة إلى أن الشعب المصري خاض، حتى تاريخ الانقلاب العسكري على الرئيس مرسي في تموز/ يوليو 2013، خمس عمليات ديموقراطية انتخابية، شُهد لها بالنزاهة والحيادية، حيث أُجريت تحت إشراف قضائي، وبمراقبة من مؤسسات المجتمع المدني المحلية والدولية. وأظهرت جميع الاستحقاقات الانتخابية، التي تمّ معظمها في عهد المجلس العسكري، قوة التيار الإسلامي ومؤيديه، وعلى رأسهم الإخوان المسلمون، حيث قالت الصناديق “نعم” لتعديل الدستور في مناسبتين، وأعطت الأغلبية لهم في مجلسي الشعب والشورى، وتوجتها بفوز محمد مرسي بالرئاسة. وذلك بالرغم من الحملات الإعلامية المضادة، والدعاية المحرضة على الحركات الإسلامية ورجالاتها، والتي لم تتوقف مع الانقلاب على الشرعية، من خلال إبطال مجلس الشعب، وعزل الرئيس مرسي، وتعطيل الدستور.

وتوضح الدراسة أن الاستفتاء الأول على التعديلات التي اقترحتها لجنة التعديلات الدستورية جرى في 19/3/2011، حيث قال 77.27% من المصريين الذين شاركوا في التصويت “نعم” للدستور، وبلغت نسبة التصويت 41.19%، كما أقر المصريون خلال كانون الأول/ ديسمبر 2012 الدستور الجديد لمصر، بانتخابات حرة نزيهة وشفافة، بمشاركة واسعة، عكست رأي الأغلبية الشعبية الواسعة بدعم المسار الديموقراطي بقيادة الإسلاميين، وأظهرت نتيجة الاستفتاء، الذي شاركت فيه القوى المعارضة، أن 63.8% من المصريين الذين شاركوا في التصويت قالوا “نعم” للدستور الجديد.

وعلى الرغم من الاستعدادات المسبقة بدا إقبال المواطنين المصريين في الاستفتاء على دستور 2014 ضعيفاً جداً قياساً باستفتاء 2012، حيث شهدت لجان الاقتراع حالة من الهدوء الشديد، واختفت الطوابير التي كانت سمة بارزة في كل الاستحقاقات الانتخابية التي أعقبت ثورة 25 يناير. وبالرغم من ذلك، فقد أعلنت اللجنة المنظمة للاستفتاء أن نسبة الذين أيدوا الدستور 98.1% من المصريين الذين شاركوا في التصويت. وهو ما أثار علامات استفهام كبيرة في العودة إلى أساليب نظام مبارك في تزوير الانتخابات والاستفتاءات، حيث تحدثت التقارير عن شبهات تزوير، وعدم مصداقية الأرقام والنتائج التي أعلنتها اللجنة المنظمة للاستفتاء.

وفي ملف الانتخابات التشريعية تذكر الدراسة أنه خلال الفترة 28/11/2011–11/1/2012 جرت أول انتخابات مصرية بعد ثورة 25 يناير، بمشاركة واسعة، وإقبال كثيف. وكانت أبرز النتائج حصول حزب الحرية والعدالة، الذي أسسته جماعة الإخوان المسلمين، على 235 مقعداً، بنسبة 47.2% من المقاعد، يليه حزب النور بـ 123 مقعداً، بنسبة 24% من جملة المقاعد، واحتل حزب الوفد الجديد المركز الثالث، بحصوله على 38 مقعداً، وفاز ائتلاف الكتلة المصرية بـ 35 مقعداً،… وبلغ عدد الأحزاب الممثلة في المجلس 15 حزباً. غير أن هذا المجلس لم يستمر عملياً سوى خمسة أشهر، حيث قضت المحكمة الدستورية العليا في مصر في 14/6/2012 بعدم دستورية بعض مواد قانون انتخابات مجلس الشعب، وقضت بحله، وأكدت أن تكوين المجلس بكامله باطل منذ انتخابه.

كما أُجريت انتخابات مجلس الشورى في بداية سنة 2012، وتصدّر أيضاً التحالف الذي شكله حزب الحرية والعدالة المشهد بحصوله على 105 مقاعد، بنسبة 58.3% من المقاعد، فيما جاء تحالف حزب النور في المركز الثاني بعد حصوله على 46 مقعداً، بنسبة 25%، وجاء حزب الوفد في المركز الثالث بعد حصوله على 14 مقعداً، بنسبة 7.7%.

وجاء في الدراسة أن انتخابات 2015 شهدت اتّهامات عدّة بانتشار الرشوة الانتخابيّة خلال إجرائها، حيث انتشرت ظاهرة شراء الأصوات، وانتشر “رأس المال السياسي”، وكانت الرشوة الانتخابية الأكثر تأثيراً. وفازت قائمة “في حب مصر”، المؤيدة للسيسي، والتي تضم أحزاب المصريين الأحرار والوفد ومستقبل وطن، بـ 120 مقعداً، هي إجمالي المقاعد المخصصة للقوائم. وفيما فاز المستقلون بالعدد الأكبر من المقاعد المخصصة للفردي، والبالغ عددها 448 مقعداً، فقد عيّن السيسي 28 نائباً. وتصدر حزب المصريين الأحرار قائمة الأحزاب الفائزة، إذ حصد 65 مقعداً، موزعة على القوائم والفردي. وحلّ حزب مستقبل وطن في المركز الثاني، بعد حصوله على 50 مقعداً، فيما أعلن حزب الوفد حصوله على 45 مقعداً.

وفيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية فقد أشارت الدراسة إلى أن أول انتخابات رئاسية بعد ثورة 25 يناير جمعت بين 13 مرشحاً، ناهيك عن العشرات ممن لم يكملوا سباق الترشح لسبب أو لآخر، وكانت الأجواء تنافسية، حيث امتلك خمسة من المرشحين حظوظاً حقيقية في الفوز، وانتهى الأمر إلى جولة إعادة حاسمة خاضها مرشح حزب الحرية والعدالة محمد مرسي، مع آخر رئيس وزراء في عهد مبارك أحمد شفيق، وحسمت بفارق بسيط من الأصوات، حيث فاز مرسي بعد حصوله على 51.73% من إجمالي عدد الأصوات الصحيحة، بينما حصل أحمد شفيق على 48.27%.

وكان إقبال المصريين كبيراً وواسعاً على المشاركة في هذه الانتخابات على أمل إنهاء المرحلة الانتقالية، حيث بلغت نسبة المشاركة في الجولة الثانية 51.85%، بعدما كانت 46.4% في الجولة الأولى. وحاول المجلس الأعلى للقوات المسلحة الاستمرار في السيطرة والهيمنة على الحكم، من خلال إعلان دستوري مكمل، أصدره قبل إعلان نتائج الجولة الثانية، حيث حصن الإعلان أعضاء المجلس من العزل، ومنحهم حقّ تقرير كل ما يتعلق بشؤون القوات المسلحة إلى حين إصدار دستور جديد للبلاد، غير أن الرئيس مرسي أنهى هيمنة المجلس الأعلى بعد أقل من شهرين على استلام السلطة.

لكن هذا الحال اختلف كثيراً عن انتخابات الرئاسة 2014، والتي جرت بعد تطورات يراها مصريون مؤامرة وانقلاباً أطاح برئيس منتخب، ويراها مصريون آخرون ثورة على ما يصفونه بحكم جماعة الإخوان المسلمين. وفي أجواء استبعاد وملاحقة الإسلاميين وخصوصاً الإخوان حسم السيسي نتيجة السباق الرئاسي بأغلبية ساحقة مع حمدين صباحي، وحصل على 96.9% من الأصوات مقابل 3.1% لصباحي. وكان لافتاً للنظر نسبة مقاطعة الانتخابات، حيث تحدثت تقارير صحفية عن ضعف الإقبال. وشكل عزوف الشباب المصري عن التصويت عاملاً رئيسياً في ضعف المشاركة. وذكرت مراكز حقوقية أن سلطات الدولة المصرية تدخلت في العملية الانتخابية الرئاسية لتحسين نسبة الإقبال الضعيفة، ولمساعدة مرشح محدد، عبر التهديد الرسمي، أو غير الرسمي بغرامات انتخابية، أو تحويل المواطنين للنيابة العامة، وتمديد فترات التصويت ليوم ثالث، وتقديم رشاوي انتخابية.

وأظهرت الدراسة، أنه وبالرغم من المكاسب والنجاحات التي واكبت ثورة 25 يناير، فإن مسار الأحداث المصرية بعد عزل مرسي شهد أزمة حقيقية تعيشها البلاد، وبقي البلد خاضعاً للمؤسسة العسكرية، حيث رسّم قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي سيطرته على مقاليد الحكم من خلال انتخابه رئيساً، في انتخابات ذكّرت العالم بالمشهد المصري قبل ثورة 25 يناير. وجعلت من النتائج التي وصل إليها تطور الأحداث أقل بكثير من طموحات الثوار، وآمالهم التي عقدوها على ثورة 25 يناير، وأقل بكثير من التضحيات التي قدّموها لإنجاحها، كما أنه لم يعد هناك ضمانات في حال فوز مرشح من خارج منظومة “الدولة العميقة”، ألا يتم الانقلاب عليه كما تمّ من قبل.


https://www.alzaytouna.net/arabic/data/attachments/BooksZ/Book_Egypt_Between_TwoEras_Morsi_al-Sisi/Egypt_BetweenTwoEras_Comparative-Study-1_ConstitutionalChanges_Elections.pdf
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة Empty
مُساهمةموضوع: رد: مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة    مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة Emptyالسبت 20 نوفمبر 2021, 2:44 pm

 مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة Cover_Egypt_BetweenTwoEras_Comparative-Study-2_Parties_Political-Forces




الأحزاب والقوى السياسية

أكدت دراسة صدرت عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، من إعداد باسم القاسم وربيع الدنان، وإشراف وتحرير د. محسن محمد صالح، أن الحياة السياسية والدستورية لم تكن ممهدة بشكل جدي وميسر أمام الرئيس محمد مرسي عند تسلمه مقاليد الحكم؛ حيث واجه مرسي معارضين ومناهضين لحكمه، عارضوه انطلاقاً من دوافع سياسية، أو أيديولوجية، أو صراع نفوذ ومصالح، ولم تتح له فرصة معقولة ديموقراطياً لتنفيذ البرنامج الانتخابي الذي فاز على أساسه، وكان بعض هذه القوى المعارضة ظاهر والبعض الآخر كان مستتراً في بنى ما يُعرف بـ”الدولة العميقة“.

وتأتي هذه الدراسة التي تحمل عنوان ”الأحزاب والقوى السياسية“، وهي الإصدار الثاني ضمن سلسلة دراسات تصدر تباعاً تحمل عنوان ”مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة“، وتتناول الأوضاع السياسية والدستورية والأمنية والاقتصادية والإعلامية التي شهدتها مصر خلال عهدي الرئيسين.

وتقول الدراسة إن الرئيس مرسي اعتمد عند بداية حكمه على استراتيجية تتلخص في مسارين، المسار الأول، محاولة استمالة المؤسسة العسكرية التي كانت وما زالت تمسك بتلابيب الحكم في مصر، وتبنيه سياسة عدم الصدام المباشر معها؛ من أجل كسب المزيد من الوقت لتثبيت أركان حكمه وتفريغ الجهد الأكبر من أجل الإصلاح السياسي والإداري والقضائي للنظام.

أما المسار الثاني، فكان توجه مرسي نحو الأحزاب السياسية المعارضة والقوى الشبابية التي شاركت في ثورة 25 يناير، من أجل إيجاد أرضية وطنية مشتركة، قادرة على وضع خطة استنهاض وطنية شاملة، تؤسس لقيام نظام حكم ديموقراطي حقيقي، يلبي طموحات وأهداف ثورة 25 يناير، ويضع مصر على سُلّم التنمية البشرية والاقتصادية والسياسية لتحقيق دولة الرفاه والسيادة والحكم الرشيد.

وتضيف الدراسة أن المصالح والاعتبارات الحزبية الضيقة لعبت دوراً كبيراً في تنظيم العلاقة وسبل التعاون بين أحزاب المعارضة ومرسي؛ كما أن التباينات الكبيرة التي ميزت أغلب البرامج والرؤى التي كانت تحملها الأحزاب في مصر في تلك الفترة، أسهمت في إضعاف أي إمكانية لإيجاد أرضية خصبة للتوافق؛ ما أدى إلى وقوع الصدام في نهاية المطاف.

وتتابع الدراسة أن البيئة الداخلية لم تكن مساعدة لتحقيق سياسات مرسي، على العكس من حكم السيسي، فالجيش والمؤسسات الأمنية وأقطاب الدولة العميقة عمدوا إلى إيجاد بيئة غير متعاونة بل معرقلة داخل مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية والإدارية والاقتصادي والإعلامية والقضائية، إضافة إلى التأثير الجلي داخل المؤسسات الخاصة بكل أشكالها خارج نطاق الدولة. ووجد عدد من الأحزاب والقوى السياسية المعارضة في هذه البيئة السياسية الداخلية فضلاً عن البيئتين الإقليمية والدولية، فرصة سانحة لتحقيق أهدافها في إفشال حكم مرسي، حتى ولو بدعم الانقلاب العسكري عليه.

وتضيف، أن الاختلاف كان واضحاً في سياسة تعامل هذه الأحزاب وسلوكها مع كلا الرئيسين، ففي الوقت الذي عارضت فيه الرئيس مرسي في عدة مواقف وقرارات، نجدها تساند بقوة قرارات الرئيس السيسي في المواقف والقرارات نفسها، وظهر ذلك بوضوح من خلال الوقفة القوية ضدّ مرسي حينما أصدر الإعلان الدستوري في نهايات 2012، فيما غضت الطرف عن العديد من التشريعات التي سنها السيسي، والتي كرست سيطرته وسيطرة العسكر وتراجع الحالة الديموقراطية، كما وقفت الأحزاب وقفة المعارض لمرسي في تعامله مع أزمة سدّ النهضة فيما أشادت بحكمة السيسي في التعامل مع الأزمة، بالرغم من أن السيسي لم يكن أكثر وطنية أو تشدداً من مرسي. كما طالبت الأحزاب بتواجدها في حكومة هشام قنديل بينما لم يكن لها تمثيل في أيّ حكومة شكلها السيسي حتى كتابة هذه السطور.

وتبين الدراسة أن هذه القوى والأحزاب لم تحرك ساكناً عندما أصدر الرئيس السيسي العديد من التشريعات التي قيَّد من خلالها الحريات ووضع العديد من السلطات الإدارية والتنفيذية والتشريعية في يده؛ فتولى سلطة التشريع في غياب البرلمان تحت ستار ما يحق له من قوانين في الحالات الاستثنائية.

وكانت أبرز القوانين والتشريعات التي أصدرها السيسي، قانون الانتخابات الصادر في حزيران/ يونيو 2014، والذي قلص فرص الأحزاب الليبرالية التي نشأت بعد الثورة، حيث إن نظام التصويت الجديد فسح المجال للنخب القديمة للعودة من جديد، كما صدر قانون الجامعات في حزيران/ يونيو 2014، الذي منح للسيسي سلطة تعيين وفصل رؤساء الجامعات، وسمح له، على غرار مبارك، بالسيطرة على الجامعات.

بالإضافة إلى قانون الجمعيات الأهلية الصادر في أيلول/ سبتمبر 2014، الذي فرض مزيداً من القيود على الجمعيات الأهلية، وتضمن أحكاماً بالسجن مدى الحياة حال تلقي أموال من جهات أجنبية بهدف ”الإضرار بالمصالح الوطنية“، وقد أثار القانون حفيظة الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني، والتي تعتمد في تمويلها على مصادر التمويل الخارجي.

على النقيض من ذلك، وجدت هذه الأحزاب والقوى في قرارات مرسي وإصداراته الدستورية فرصة لتدعيم عضد هذه المعارضة ورصّ صفوفها، فأطلقت موجة تحريض غير مسبوقة ضدّ النظام القائم آنذاك، مستغلة حالة التقاطع في الأهداف مع المؤسسة العسكرية والدولة العميقة، إضافة إلى استثمار حالة العداء أو غير الرضى التي أظهرتها القوى الإقليمية والدولية تجاه مرسي.

وتوضح الدراسة أنه على الرغم من انتهاج النظام في عهد السيسي سياسة الإقصاء والقمع في حقّ خصومه ومعارضيه، خصوصاً جماعة الإخوان المسلمين، واستمرار رفعه شعار ”لا مصالحة مع الإخوان“، إلا أن المعارضة السياسية وعلى رأسها الإخوان استمرت في ممارسة الضغط المتصاعد على النظام، من خلال الشارع، في ظلّ عدم قدرة النظام على الوفاء بالتزاماته تجاه الشعب؛ فالأوضاع الاقتصادية، والأمنية، والسياسية، ازدادت سوءاً يوماً بعد يوم.

وتتابع أن الانقلاب مهد لاستنساخ معارضة شبيهة بمعارضة الرئيس المخلوع حسني مبارك، عبر إقرار تعديلات على قانون مجلس النواب الجديد الذي أصدره الرئيس المؤقت عدلي منصور قبل تسليمه السلطة للسيسي، وتمّ تعديله في قانون أصدره الرئيس عبد الفتاح السيسي في 29/7/2015.

وتضيف الدراسة أن قانون الانتخابات التشريعية الذي وُضع في عهد السيسي، أدى إلى إضعاف الأحزاب، حيث منح الأفراد المستقلين حقوقاً مساوية للأحزاب في التنافس على 448 مقعداً، مع الإشارة إلى أن القانون الجديد الذي صدر في 5/6/2014 أي قبل تعديله في 29/7/2015، كان قد نصّ على أن 420 عضواً يُنتخبون بالنظام الفردي و120 بنظام القوائم؛ أي أن زيادة 28 عضواً على الفردي أتى على حساب تقليل نسبة حصة الأحزاب في المجموع الكلي لعدد النواب في المجلس.

وقد أدت نتائج الانتخابات التشريعية إلى عدت متغيرات سياسية منها: عودة بعض رموز الحزب الوطني في إطار العديد من الأحزاب التي نشأت بعد الثورات المصرية، وفي إطار الترشح كمستقلين عن القوائم الفردية، وغياب الأحزاب المعارضة الوازنة ذات الثقل الانتخابي والتمثيلي، حيث بات البرلمان الجديد مشكلاً من فسيفساء أحزاب لا تقوى على تشكيل معارضة قوية، بسبب تشتتها وولاء أكثرها للنظام الحاكم، وسيطرة أحزاب رجال الأعمال على العدد الأكبر من المقاعد التي حصلت عليها الأحزاب، وتقدم حصة المستقلين من حيث الشكل لأن الكثير منهم محسوبون على النظام السابق، حيث بلغت حصة النواب المستقلين المنتخبين 322 نائباً بنسبة 56.7%، وممثلو الأحزاب حصلوا على 246 مقعداً بنسبة 43.3%، بينما حصل حزب الحرية والعدالة في انتخابات 2012 منفرداً على 235 مقعداً، بنسبة 46.3% من إجمالي مقاعد مجلس الشعب البالغ عددها آنذاك 508 نواب.

كما فشل 26 حزباً من أصل 42 حزباً، خاض مرشحوها الانتخابات التشريعية في حصد أي مقعد، وفي مقدمتهم: التحالف الشعبي الاشتراكي، والكرامة، والغد، والجيل، ومصر العروبة، والعربي للعدل والمساواة.

وفي ما يتعلق بالعوائق والتدخلات الخارجية في وجه مرسي، فتقول الدراسة إن هذه العوائق تمثلت في رفض العديد من الدول العربية التعامل الجدي مع نظام مرسي ودعمه مادياً؛ فقد رفضت هذه الدول مخرجات الربيع العربي وخافت من انتقال عدواه إليها، كما وجدت في ”الإسلام السياسي“ تهديداً لمصالحها؛ فدعمت الثورة المضادة والانقلاب على مرسي، واعترفت بنظام السيسي سياسياً وساعدته اقتصادياً. كما وقف المجتمع الدولي متفرجاً على الأحداث التي وقعت في مصر بعد الانقلاب، وكان ما يعنيه هو مصالحه الخاصة، وليس تحقيق الديموقراطية واحترام الشرعية خصوصاً عندما تأتي بـ”الإسلاميين“.

وختمت الدراسة بالتأكيد على أن الكثير من مكتسبات ثورة 25 يناير تبخر بعد انقلاب 3 يوليو؛ فالحريات أعيد تقييدها، والأحزاب بعضها زُج بقيادتها في السجون، وهُمّش البعض الآخر وحُجّم وأقصي وتمّ استئصال القوى التي قادت المسار الديموقراطي، كما تمّ قمع فريق من المؤيدين، بالإضافة إلى عسكرة مفاصل الدولة، ومحاولة إنتاج معارضة جديدة مصطنعة. وبذلك دخلت البلاد في أزمات خطيرة أثرت على مكانتها ومستقبلها


https://www.alzaytouna.net/arabic/data/attachments/BooksZ/Book_Egypt_Between_TwoEras_Morsi_al-Sisi/Egypt_BetweenTwoEras_Comparative-Study-2_Parties_Political-Forces.pdf
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة Empty
مُساهمةموضوع: رد: مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة    مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة Emptyالسبت 20 نوفمبر 2021, 2:44 pm

 مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة Cover_Egypt_BetweenTwoEras_Comparative-Study-3_Economic_Performance


الأداء الاقتصادي

أكدت دراسة صدرت عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، من إعداد باسم جلال القاسم وإشراف وتحرير د. محسن محمد صالح، أن المشكلات الاقتصادية الكبيرة التي واجهها مرسي في بداية عهده، كان بعضها نتيجة السياسات الاقتصادية التي كانت سائدة خلال الفترة التي حكم فيها الرئيس مبارك، والبعض الآخر جاء بسبب الظروف السياسية والاقتصادية التي استجدت بعد ثورة 25 يناير، أو بسبب سلوك القوى والأطراف المحلية والإقليمية والدولية. على الرغم من ذلك، فقد أشارت المعطيات إلى أن الأوضاع الاقتصادية في عهد مرسي كانت أفضل منها في زمن السيسي.

وتأتي هذه الدراسة التي تحمل عنوان “الأداء الاقتصادي”، وهي الإصدار الثالث ضمن سلسلة دراسات تصدر تباعاً تحمل عنوان “مصر بين عهدين مرسي والسيسي دراسة مقارنة”، وتتناول الأوضاع السياسية والدستورية والأمنية والاقتصادية والإعلامية التي شهدتها مصر خلال عهد الرئيسين.

وتشير الدراسة إلى أنه منذ اليوم الأول لرئاسته، شنّ خصوم مرسي ومعارضيه حملة إعلامية منظمة ضدّ سياسته الاقتصادية، موظفين ملايين الدولارات لإنجاح هذه الحملة الإعلامية، والتي كان أهم مظاهرها؛ التقليل من إنجازاته الاقتصادية، واستغلال التعثر أو البطء الذي واكب تحقيق بعض الأهداف الاقتصادية التي وعد بها.

أدت هذه الحملة المنظمة بالإضافة إلى وسائل القوة التي يملكها خصوم مرسي، من أطراف محلية كالمؤسسة العسكرية وباقي مؤسسات الدولة العميقة وفلول النظام السابق، وأطراف إقليمية ودولية، في نهاية المطاف إلى تهيئة الظروف لإنجاح انقلاب عسكري على مرسي، تحت غطاء “ثورة شعبية” عنوانها “تظاهرات مليونية”؛ تمّ تضخيمها ومضاعفة أرقام المشاركين فيها عبر توظيف وسائل الإعلام المختلفة.

وتتابع الدراسة أنه مع تعيين عدلي منصور رئيساً مؤقتاً للبلاد، كمرحلة انتقالية استمرت قرابة سنة، وانتخاب عبد الفتاح السيسي رئيساً جديداً للبلاد بعد ذلك، وُجِّهت الأنظار مرة أخرى إلى القطاع الاقتصادي خلال هذه المرحلة، خصوصاً بعد حالة التدهور والشلل التي أصابت الكثير من مرافق هذا القطاع؛ نتيجة للاضطرابات السياسية والأمنية التي سادت في هذه المرحلة، وكمحصلة للسياسات الاقتصادية التي اتبعتها السلطات الجديدة، في ظلّ غياب وتعطيل المؤسسات التشريعية والرقابية.

وتقول الدراسة أن التردي في الجانب الاقتصادي، وما نتج عنه من معاناة معيشية طالت شرائح واسعة من المجتمع المصري، خصوصاً الطبقتين المتوسطة والفقيرة، لم يؤدِّ إلى تهيئة الظروف للإطاحة برموز النظام الجديد؛ ليس لأن الأوضاع الاقتصادية تحسنت عما كانت عليه إبان ثورة 25 يناير أو انقلاب 3 يوليو، بل بسبب استخدام سياسة القوة التي انتهجتها هذه السلطة في مواجهة خصومها وإضعافهم، لفرض واقع سياسي جديد، مع استمرار امتلاك هذه السلطة لقوة الإعلام التي جُرّد منها الخصوم.

وتبين الدراسة أن نقص الوقود وانقطاع الكهرباء وارتفاع الأسعار، كانت من الأزمات الأكثر حضوراً وتأثيراً في تأجيج غضب الشارع المصري ضدّ نظام الرئيس محمد مرسي، وتضيف أن عدداً من هذه الأزمات كان مفتعلاً ومسنوداً من جهات داخلية وخارجية، وأن انتهاء أزمة الوقود مباشرة بعد أيام من الانقلاب أكبر دلالة على ذلك. في حين استمرت أزمة الكهرباء بعد انقلاب 3 يوليو، وعاشت الحكومة المؤقتة مأزقاً صعباً، كما ارتفع سعر الكهرباء في مطلع عهد السيسي بنسبة 27.9%، بالرغم من أن دولاً خليجية أمدت الحكومة بمساعدات تشمل منتجات بترولية بقيمة أربعة مليارات دولار من السعودية والكويت والإمارات. كما استمر ارتفاع أسعار السلع في عهد منصور والسيسي.

وتضيف الدراسة أن الغريب في الأمر أن الأزمات، التي أطاحت بمرسي معظمها بقي موجوداً خلال عهد الرئيس السيسي، لكن أدوات نظام مبارك الإعلامية أججتها في عهد مرسي، وقللت من شأنها في عهد السيسي.

وتتابع الدراسة إجراء مقارنتها بين مشروعي مرسي والسيسي الاقتصاديين، والوقوف على حقيقة الوضع الاقتصادي خلال العهدين، ومدى تأثير الانقلاب على وضع الدولة الاقتصادي ومكانتها. وقد سلطت الدراسة الضوء على ملف زراعة القمح، فقالت إن هذا الملف احتل أهمية كبيرة في مشروع مرسي الاقتصادي، وقد واجه مرسي عدة تحديات وقفت في وجه النهوض بهذا القطاع، ولم يكن التدهور الحاصل في هذا القطاع بسبب سياسة الحكومات المصرية وقضايا الفساد خلال عهد مبارك فحسب، بل تعدى ذلك ليكون على رأس هذه العقبات فرض سياسة التبعية على مصر من خلال ربط قوتها اليومي بما تُصدّره إليها الدول الكبرى، على رأسها الولايات المتحدة.

وتقول الدراسة أنه في مواجهة سياسات الحكومات المصرية المتعاقبة، التي قامت على إهمال إنتاج القمح محلياً والاعتماد على استيراده من الخارج بأسعار تخضع لسياسة السوق العالمية، ما كان يؤدي إلى ارتباطه بالأزمات الاقتصادية العالمية، اتبع مرسي استراتيجية بعيدة المدى؛ أدت إلى أن تقفز إنتاجية القمح في السنة المالية 2012/2013، من 7مليون طن إلى 9.5 مليون طن بزيادة 30٪ عن السنة المالية 2011/2012، على الرغم من أن مساحة الأرض المزروعة بالقمح لم تزد على 10% من مجمل المساحة المخصصة للزراعة، ووعد مرسي بأن مصر ستحقق الاكتفاء الذاتي من القمح خلال الأربع سنوات القادمة، كما أن هشام قنديل رئيس الوزراء في عهد مرسي، أكد أن مصر قد تحقق ما يتراوح بين 65 و70% من الاكتفاء الذاتي من القمح خلال السنة المالية 2012/2013 بفضل الزيادة المتوقعة في الإنتاج المحلي.

وتضيف الدراسة أنه بعد الانقلاب على مرسي، تراجع اهتمام الحكومات المصرية بزراعة القمح، حيث انكمشت مساحات القمح من3.5 مليون فدان في عام 2012/2013، إلى 2.5 مليون فدان في كانون الأول/ ديسمبر 2016. وتراجعت كمية ما تشتريه الحكومة من القمح من المزارعين المحليين وازداد الاعتماد على استيراده خارجياً، ففي 27/4/2016، أصدرت وزارة الزراعة المصرية بياناً يشير إلى أن المزارعين ورّدوا إلى شون (مكان يُخزن فيه القمح) وزارة التموين 99 ألف طن قمح فقط على مستوى الجمهورية، في الوقت الذي تمّ توريد عشرين ضعفاً في أثناء حكم مرسي في السنة المالية 2012/2013. وعلى النقيض من خطة الاكتفاء الذاتي التي اتبعتها حكومة مرسي، وُجهت الاتهامات إلى حكومات السيسي باتباع سياسة اقتصادية أدت إلى تهميش وإفقار قطاع القمح.

وتتابع الدراسة أن مشكلة القمح في مصر لم تكن مشكلة زراعية تتعلق بالمياه والأراضي الصالحة للزراعة أو التمويل، بل كانت مشكلة إرادة سياسية تتعلق بالنظام الحاكم، الذي كان يخضع لإملاءات بعض الدول من خلال ما يفرضه صندوق النقد الدولي والبنك الدوليين من شروط للإقراض، وهو ما حاول نظام مرسي أن يتحرر منه، فكان أن أُطيح به بعد أقل من عام.

وفيما يتعلق بقيمة العملة المصرية، تشير الدراسة إلى أن سياسات الحكومات بعد الانقلاب، والتي أدت إلى زيادة الديون المحلية والخارجية بالإضافة إلى ارتفاع معدلات التضخم إلى مستويات عالية جداً، أدت إلى انخفاض قيمة العملة المصرية بصورة خطيرة، فبعد أن كان سعر الدولار مقابل الجنيه 7.7 جنيهات في 30/6/2013، (في السوق السوداء) و7.05 جنيهات في السوق الرسمي، بلغ سعره في 26/4/2016 نحو 8.8 في السوق الرسمي، ونحو 10.7 في السوق السوداء.

وتتابع الدراسة أن البنك المركزي قام، خلال 14 شهراً التي تلت الانقلاب، بطباعة نقود بدون رصيد بلغت 35 مليار جنيه (نحو 5.04 مليارات دولار)، من أجل سدّ العجز في الموازنة، مع الاستمرار بطرح سندات مالية للاستدانة من القطاع المحلي، ما أدى إلى ارتفاع الدين العام المحلي، وقد أدت هذه السياسة، إضافة إلى البدء في رفع الدعم عن المنتجات البترولية والكهرباء، إلى وصول معدل التضخم خلال الفترة أيار/ مايو – تموز/ يوليو في السنة المالية 2013/2014 إلى نحو 10.3%، مقابل نحو 6.7% في الفترة نفسها من السنة المالية 2012/2013، وقد بلغت أعلى نسبة لها خلال العام الأول من ولاية السيسي، حيث وصلت إلى 13.1% خلال أيار/ مايو 2015، وكانت السلع الغذائية أكثر السلع ارتفاعاً في أسعارها، مما زاد من معاناة المواطنين وأدخل شرائح جديدة من المصريين إلى دائرة الفقر.

وتشير الدراسة إلى أن الدين العام بشقيه المحلي والخارجي ازداد بشكل خطير بعد الانقلاب على مرسي، في ظلّ غياب المحاسبة البرلمانية، وتواطؤ الأحزاب والقوى التي دعمت الانقلاب؛ تحت ذريعة الحفاظ على استقرار النظام، وقطع الطريق أمام عودة “الإسلاميين” إلى الحكم.

وتضيف الدراسة أن الحكومات المصرية اتبعت بعد الانقلاب سياسة القفز إلى الأمام في تعاملها مع الوضع الاقتصادي ومعالجة المديونية؛ فراكمت الديون وما يستحق عليها من خدمة تلك الديون، بل وزادتها من خلال اقتراض وطرح سندات خزينة، ومن خلال طباعة كميات كبيرة من الجنيهات المصرية مع خفض قيمتها من حين إلى آخر؛ ما فاقم الوضع الاقتصادي وأدخل البلاد في دوامة خطيرة من المستبعد أن تخرج منه إذا استمرت في سياستها هذه.

وتشير الدراسة إلى أن معدل البطالة تراوح بين 12.7 و13.4% خلال عهدي مرسي والسيسي، فيما أكدت نهلة زيتون مسؤولة البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة، في أيار/ مايو 2015، أن 40% في مصر باتوا يعيشون تحت خطّ الفقر.

وفيما يتعلق بمشروع توسعة مجرى قناة السويس، فتوضح الدراسة أنه لم تكن هناك جدوى اقتصادية حقيقية لهذا المشروع؛ الذي دُفع فيه مبالغ كبيرة كان من الممكن أن تنعش الاقتصاد المصري لو وُظفت في مشاريع حيوية إنتاجية أخرى، كما تشير الدراسة إلى أن الهدف الأساسي للمشروع ربما كان رفع شعبية السيسي ودعم شرعيته. وقد حاول النظام الجديد الترويج لإنجازات اقتصادية من خلال افتتاح بعض المشاريع، عدد منها بُدئ في إنشائه خلال عهد مرسي، غير أن تراجع قيمة العملة المصرية وازدياد معدلات التضخم والدين العام وانتشار البطالة والفقر عرى تلك المشاريع من إنجازاتها، وكشف حقيقة الوضع الاقتصادي للبلاد.

وتضيف الدراسة أن القوات المسلحة كانت متحكمة تماماً بالوضع الاقتصادي خلال وبعد عهد مرسي، وتتابع أن الجيش المصري اكتسب نفوذاً غير مسبوق منذ أن أشرف على الانقلاب، وأن حجم أعمال المؤسسة العسكرية في المشروعات الاقتصادية زاد بشكل كبير، كما دخل المؤسسة العسكرية كشريك في عدد من المشروعات الاقتصادية الكبرى في البلد.

وتخلص الدراسة إلى أن الانقلاب في مصر، مع حلول الذكرى السنوية الثالثة على تنفيذه، لم يؤدِّ إلى انتشال مصر من أزمتها الاقتصادية، بل على العكس عمق أزمتها أكثر فأكثر بحسب ما أكدت المعطيات الاقتصادية، كما حرم الانقلاب على نتائج انتخابات سنة 2012، البلاد من إمكانية النهوض من خلال آلية ديموقراطية، تضمن تداول السلطة، وترسخ مبدأ المحاسبة والمساءلة؛ فباتت البلاد مرتهنة لفئة معينة تُسيّر مقدرات الدولة الاقتصادية وثرواتها القومية وفق مصالحها.


https://www.alzaytouna.net/arabic/data/attachments/BooksZ/Book_Egypt_Between_TwoEras_Morsi_al-Sisi/Egypt_BetweenTwoEras_Comparative-Study-3_Economic_Performance.pdf
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة Empty
مُساهمةموضوع: رد: مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة    مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة Emptyالسبت 20 نوفمبر 2021, 2:49 pm

 مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة Cover_Egypt_BetweenTwoEras_Comparative-Study-4_The-Judicial_Security_Performance



الأداء الأمني والقضائي

أكدت دراسة صدرت عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، من إعداد باسم القاسم وإشراف وتحرير د. محسن محمد صالح، أن جهاز الأمن والسلك القضائي عملا على إضعاف وتقويض سلطة الرئيس مرسي، في المقابل قاما بدعم السلطة التي انقلبت عليه. وقد تحولت الحرية غير المسؤولة في عهد مرسي، إلى فوضى واستغلت من أجل تنفيذ مخطط الانقلاب ودعم الثورة المضادة، في حين تميز عهد السيسي بعودة ممارسات الأجهزة الأمنية إلى سابق عهدها، كما شهد عهده حالات قتل واعتقال طالت آلاف المدنيين.

وتأتي هذه الدراسة التي تحمل عنوان “إدارة الملف الأمني والقضائي”، (هي الإصدار الرابع) ضمن سلسلة دراسات تصدر تباعاً تحمل عنوان “مصر بين عهدين مرسي والسيسي دراسة مقارنة”، وتتناول الأوضاع السياسية والدستورية والأمنية والاقتصادية والإعلامية التي شهدتها مصر خلال عهد الرئيسين.

وتبيّن الدراسة أن مرسي سمح لمعارضيه بالتظاهر والنزول إلى الشارع، على الرغم من أن العديد من التظاهرات كانت تهدف إلى إحراج مرسي وإضعاف حكمه. كما أن “التظاهرات الفئوية” التي يقوم بها قطاع عمالي معين بهدف تحقيق مصالحه الخاصة، برزت بشكل كبير في عهد مرسي، وقد عمل أركان الدولة العميقة والمتضررون من حكم مرسي على إذكائها وتأجيجها، بالإضافة إلى تفاقم أزمتي الوقود والكهرباء، اللتين اتُخذتا كأحد أهم الذرائع لقلب الرأي العام على مرسي والانقلاب عليه.

وتذكر الدراسة أن استراتيجية مُسيّري حملة إسقاط مرسي قامت على التركيز على الملف الأمني، فنظموا حملات إحراق وتفجير لمقرات حزبية ومراكز شرطة، وتسيير مظاهرات معارضة لمرسي تنتهي معظمها بعمليات إحراق وإحداث فوضى أمنية في شوارع مصر.

ومن الوسائل التي لجأوا إليها إنشاء مجموعة تسمى “بلاك بلوك”، التي ظهرت في 24/1/2013 عشية الذكرى الثانية لثورة 25 يناير، وقد حامت حول المجموعة شكوكٌ حول دورها وخلفيتها، وبرزت تساؤلات حول توقيت ظهور مثل هذه المجموعة التي قام أفرادها بتغطية وجوههم بالأقنعة لإخفاء هويتهم، خصوصاً أنه لم يكن هناك ضرورة لتشكيل مثل هذه المجموعات في ظلّ سيادة القانون، وحماية الحريات وحقّ التظاهر في عهد مرسي. وتضيف الدراسة، أن اختفاء هذه المجموعة بعد أيام من عزل مرسي، أثار الشبهات والريبة حولها، كأن الهدف من هذه المجموعة كان إحداث فوضى منظمة في البلاد لإضفاء صبغة عسكرية على هذه التحركات.

وكمؤشر على حرية التظاهر التي كانت سائدة خلال عهد مرسي، تقول الدراسة إن تقريراً أصدرته الرئاسة المصرية في عهد مرسي، بيّن أن الاحتجاجات التي تعرض لها الرئيس بلغت 5,821 مظاهرة ومصادمة واشتباكات، بمعدل 485 مظاهرة كل شهر، و7,709 وقفات احتجاجية وفئوية، بمعدل 557 وقفة احتجاجية كل شهر، و24 دعوة لمليونية، بمعدل مليونيتين كل شهر. مع أن أعداد المشاركين فيما يسمى المليونيات، لم يكن يتجاوز بضعة آلاف في أحيان عديدة.

في المقابل كرست السلطات المصرية بعد الانقلاب، جلّ اهتمامها من أجل الحدّ من تنامي المظاهرات المعارضة للانقلاب ومنع تنظيمها، فأصدرت الحكومة قانون التظاهر الذي شدد العقوبات على كل من يتظاهر دون موافقة وزارة الداخلية، وتصدت بشكل عنيف لمظاهرات “جبهة صمود الثورة”، وحملة “لا للمحاكمات العسكرية”.

ومنذ وصول السيسي إلى الحكم، واصلت السلطات الإنفاذ المتشدد لحظر التظاهر فعلياً، وتفريق المظاهرات المعارضة للحكومة بالقوة وعلى نحو روتيني، كما اتبعت السلطات سياسة القمع الجسدي تكتيكاً أساسياً للتعامل مع أعضاء الإخوان والنشطاء العلمانيين على السواء.

وتوضح الدراسة أنه مع تطبيق قانون التظاهر، عادت القبضة الأمنية تسيطر على الشوارع والميادين، كما عاد نظام “زوار الفجر” يلازمه الاختفاء القسري الذي تزايدت حدته، فيما انطلقت قوات الأمن لمواجهة المتظاهرين بالطريقة ذاتها التي كانت عليها وزارة الداخلية قبل 25 يناير. ووفق منظمة العفو الدولية في حزيران/ يونيو 2015، تُقدر أعداد المعتقلين في مصر بأكثر من 41 ألف شخص.

في المقابل، تقول الدراسة إن السجون والمعتقلات وأماكن الاحتجاز لم تخلُ في عهد مرسي من بعض حالات التعذيب، لكن من الظلم نسب هذه التجاوزات إلى الرئيس مباشرة، لأن الأجهزة الأمنية التي كانت تمارس القتل والتعذيب إبان عهد مبارك لم تتغير ولم يتسنَّ تطهيرها وإعادة تشكيلها من جديد، وسنّ التشريعات التي تكفل محاسبة هذه الأجهزة عند تقصيرها. ونشر موقع ويكي ثورة تقريراً حول القتلى في عهد الرئيس مرسي في الفترة 1/7/2012–3/7/2013، حيث أحصى التقرير سقوط 470 قتيلاً في 26 محافظة مختلفة؛ كما أن عمليات القتل هذه لم تكن بتوجيه من مرسي ولم يكن فيها توظيف سياسي لصالحه أو لصالح التيار الذي يمثله.

وتشير الدراسة إلى أن النظام العسكري بعد الانقلاب باشر بارتكاب المجازر المتتالية من أجل وقف الحراك الثوري، ففي مجزرتي فض ميداني رابعة والنهضة سقط أكثر من ألف ضحية من بين المحتجين، وفق ما صرح به رئيس الوزراء حينها حازم الببلاوي بينما أعلن التحالف الداعم لمرسي في 15/8/2013، أن إجمالي الضحايا في فض اعتصام رابعة وحده بلغ 2,600 ضحية من المدنيين، بينما صرحت مصادر في “الإخوان المسلمين” أن عدد القتلى بلغ 5,000، ويُعزى سبب هذا التضارب بالأرقام إلى احتراق سجلات المستشفى الميداني أثناء عملية الفض، بالإضافة إلى تعمّد سلطات الانقلاب التقليل من عدد القتلى.

بالإضافة إلى اعتقال عشرات الآلاف من معارضي الانقلاب وعجز النظام الجديد عن ترسيخ الحكم العسكري بالقوة، مارست الأذرع الأمنية عمليات تصفية جسدية مباشرة للمعارضين، زادت وتيرتها بعد تعيين مجدي عبد الغفار وزيراً للداخلية في عهد السيسي في 5/3/2015. وقد أخذت هذه التصفيات أشكالاً متعددة، فإما أن تكون في أثناء عمليات الاعتقال، أو بعد ساعات من الاختطاف على يد عناصر الشرطة.

وحسب بيان للمنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، فإنه في الفترة 3/7/2013–9/1/2016، بلغ عدد من تمّ توثيق مقتله بالتصفية المباشرة من قبل قوات الأمن 53 شخصاً، كما قُتل 39 آخرون في الفترة ذاتها في ظروف ملتبسة لم تتوافر معلومات كافية حول ملابسات مقتلهم، ادعت وزارة الداخلية وفاتهم في أثناء تنفيذهم لـ”عمليات إرهابية” دون أن تباشر أيّ جهة تحقيقاً محايداً حول مقتلهم. أضف إلى ذلك عمليات القتل الممنهجة داخل السجون بالتعذيب تارة وبالإهمال الطبي تارة أخرى، وهو ما رفع عدد القتلى لأكثر من 129 ضحية في عام السيسي الأول بالسلطة.

وتؤكد الدراسة أن حالة عدم الانسجام والتعارض بين مؤسسات الدولة المختلفة، من إعلام، وجيش، وشرطة، وغيرها، وبين مؤسسة الرئاسة أسهمت في حدوث قصور في معالجة ومواجهة التحديات الأمنية التي عصفت في وجه حكومة مرسي، فهذه المؤسسات، لم تكن لتساعد أحداً، من خارج منظومة النظام السابق. كما أن هناك قطاعاً من ضباط وزارة الداخلية، والثقافة السائدة في الوزارة، معادية لحكم مرسي، وربما لكل نظام ما بعد الثورة، ولأن الرئيس يواجه معارضة قوية، ولا يريد فتح جبهات متعددة معارضة له، لم يستطع أن يعيد هيكلة جهاز الشرطة؛ ما أدى إلى حدوث حالات من الانفلات الأمني في عهده، أظهرت الحكومة كأنها عاجزة أو مقصرة في إدارة شؤون البلاد.

وتتابع الدراسة أن الساحة المصرية شهدت بعد الإطاحة بمرسي، عودة سريعة وكثيفة لقوى الأمن والشرطة، في محاولة لإظهار عودة الاستقرار الأمني ونهاية الفلتان الأمني. على الرغم من ذلك، لم تخلُ مدن ومناطق الدولة المصرية من الاضطرابات الأمنية مصحوبة بحالة من الفلتان الأمني.
وتضيف الدراسة أن طريقة التعاطي بالملف السياسي، والأمني، والاقتصادي المتعلق بسيناء، اختلفت من رئيس إلى أخر؛ فبينما سعى النظام في عهد مرسي إلى بناء نظرية أمن جديدة تقوم على اتباع منهج الحوار مع شيوخ القبائل والمواطنين، ونزع فتيل العصيان المسلح، فضّل السيسي العودة إلى المسار الأمني في مقاربة ملف سيناء.

وفي ما يخص الملف القضائي، تقول الدراسة إن السيسي تصرف منذ الانقلاب كحاكم عسكري لمصر، وتدخل في عمل النائب العام والقضاء، فضلًا عن الشرطة، بالإضافة للقوانين التي تستهدف المعارضة، والتي أصدرها الرئيس المؤقت عدلي منصور، ومنها تحرير محكمتي النقض والجنايات من قيود مدة الحبس الاحتياطي للمتهم إذا تعلق الأمر بعقوبة الإعدام أو المؤبد، مما يعني عدم وجود سقف زمني أقصى للمتهم؛ ما أوجد حالة من القمع غير مسبوقة، من اعتقال عشوائي، وتلفيق للتهم، وتعذيب ممنهج، إلى أحكام عشوائية دون دليل، إلى قضاء استثنائي مخالف لكل الدساتير المصرية، بما فيها الدستور الذي أُقر برعاية السيسي، والذي ينص “يحاكم المواطن أمام قاضيه الطبيعي” بمعنى أمام المحكمة الكائنة في المنطقة التي حدثت فيها الواقعة، وحسب الدور في الجدول دون تدخل من أحد.

وتضيف الدراسة أن التعديلات والقرارات والقوانين التي اتخذتها السلطات المصرية منذ انقلاب 3 يوليو 2013 والتي استمرت حتى بعد انتخاب عبد الفتاح السيسي رئيساً للبلاد، عكست الطبيعة العسكرية للنظام في مصر، حيث لا يوجد تمثيل حقيقي للمواطنين المصريين سواءً في السلطة التنفيذية، أم التشريعية، أم القضائية. وقد قامت الدولة المصرية بالتحصن خلف ترسانة عتيدة من التشريعات، والتي تتيح لها انتهاك ما نصّ عليه الدستور من حماية المواطنين والحريات.

وتشير الدراسة إلى أن القضاة المصريين لعبوا دوراً محورياً في الانقلاب على مرسي، ومارسوا حرية التعبير عن آرائهم ومواقفهم السياسية المناوئة للنظام الجديد. بل يمكن القول إن بعض القضاة مارسوا العمل السياسي، وظهروا في وسائل الإعلام بصورة متكررة ويومية لمهاجمة النظام الجديد، وساندهم في ذلك نادي القضاة، الذي كان رئيسه المستشار أحمد الزند يهاجم قضاة تيار الاستقلال قبل ثورة 25 يناير بزعم اشتغالهم بالسياسة، لكنه لم يجد حرجاً في ظلّ نظام حكم الإخوان في اتخاذ مواقف سياسية، والإعلان صراحة عن أن القضاة سيكون لهم كلمة وموقف في الشؤون السياسية.

وتتابع أن القضاة انخرطوا في التحريض السياسي على الرئيس مرسي، بل وشاركوا في أعمال تدعم التمرد على مرسي، كما استخدموا عدة وسائل لممارسة الضغط على مرسي؛ منها توجيه إنذارات إلى رئيس الجمهورية لسحب الإعلان الدستوري الصادر في 21/11/2012، ومنها التهديد بتعليق العمل في المحاكم، وهو ما حدث فعلاً، ومنها التهديد بعدم الإشراف على الانتخابات، لإجبار السلطة السياسية على التراجع عن بعض قراراتها.

وتضيف الدراسة أن النشاطات القضائية اتخذت خلال هذه الفترة شكل الأحكام القضائية المناوئة لنشاط السلطة السياسية، والتي حولت القضاء إلى لاعب أساسي على المسرح السياسي. كما لجأ نادي القضاة إلى توجيه الإنذارات للسلطة للعدول عن قراراتها التي رآها النادي عدواناً على استقلال القضاء. وقد اختلف المشهد القضائي بعد الانقلاب على مرسي، حيث هدأ النشاط القضائي المناوئ للسلطة السياسية الجديدة.

وفيما يخص مسار ملف المحاكمات خلال عهد السيسي فقد شهد تحولاً دراماتيكياً متسارعاً عكس طبيعة التحول السياسي الخطير بعد انقلاب 3 يوليو.

وتشير الدراسة إلى أنه على النقيض من المحاكمات الصورية التي نالها أركان نظام عهد مبارك، فإن محاكمات معارضي انقلاب 3 يوليو، ومعارضي الرئيس السيسي بعد ذلك سلكت مساراً مغايراً، فقد شهد العام الأول من حكم السيسي انتهاكات كبيرة فيما يتعلق بقضايا الاعتقال والاحتجاز والمحاكمات، فقد تمّ الحكم على 464 بالإعدام، وتمّ التنفيذ الفعلي لحكم الإعدام بحق 7 متهمين، كما تمّ الحكم على 4,800 متهم بالسجن بإجمالي عدد أعوام 39,040 عاماً، ومن بين هؤلاء المحكومين هناك 772 محكوم عليهم بالمؤبد.

وقد شكل الارتفاع البارز في إصدار أحكام الإعدام إحدى العلامات الفارقة في عهد السيسي، وما يميز هذه الأحكام أنها بالأصل ذات طابع سياسي غُلفت بأغلفة الإرهاب وتهديد الأمن القومي المصري وما نحوه، إلا أن حقيقة الأمر أن معظم هذه الأحكام إن لم يكن جميعها، صدرت ضدّ معارضي النظام الحالي، أو ضدّ من رفضوا الانقلاب، والحالة التي سادت بعد 3/7/2013.


https://www.alzaytouna.net/arabic/data/attachments/BooksZ/Book_Egypt_Between_TwoEras_Morsi_al-Sisi/Egypt_BetweenTwoEras_Comparative-Study-4_The-Judicial_Security_Performance.pdf
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة Empty
مُساهمةموضوع: رد: مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة    مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة Emptyالسبت 20 نوفمبر 2021, 2:50 pm

 مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة Egypt_BetweenTwoEras_Comparative-Study-5_Media_Performance-Cover



الأداء الإعلامي

ناقشت دراسة صدرت عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، من إعداد ربيع محمد الدنان وإشراف وتحرير د. محسن محمد صالح، تطور الأداء الإعلامي المصري منذ ثورة 25 يناير حتى نهاية سنة 2015.

وتأتي هذه الدراسة التي تحمل عنوان “الأداء الإعلامي”، وهي الإصدار الخامس ضمن سلسلة دراسات تصدر تباعاً تحمل عنوان “مصر بين عهدين: مرسي والسيسي – دراسة مقارنة”، وتتناول الأوضاع السياسية والدستورية والأمنية والاقتصادية والإعلامية التي شهدتها مصر خلال عهدي الرئيسين.

وتظهر الدراسة، الواقعة في 40 صفحة من القطع المتوسط، أن الصحف المملوكة للدولة حافظت على ولائها لنظام مبارك حتى قبل أيام قليلة من الإطاحة به، وأنها استمرت في خطابها السابق، مع فارق وحيد هو أنه تمّ استبدال المجلس الأعلى للقوات المسلحة بمبارك. فالصحف نفسها التي مجّدت مبارك ومن ثمّ شعب مصر لفترة وجيزة جداً، سرعان ما بدأت تمجّد المجلس العسكري وزعيمه، في حين بقيت العقلية الاستبدادية مكانها كما عكستها وسائل الإعلام؛ وأصبح الجيش هو المنقذ، وأصبح كل مَن يتحدّث ضدّه أو يهاجمه مهدداً بالمحاكمات العسكرية.

وتوضح الدراسة أن الإعلام المصري قد دخل حالة استقطاب وتجاذب سياسي بعد ثورة 25 يناير، حيث شكّلت لحظة رحيل مبارك نقطة فارقة في مسيرة الإعلام المصري، الذي وجد نفسه فجأة متحرراً من معظم القيود الأمنية والإدارية التي كانت تحكمه طوال عقود، فتحولت الحرية وسقوط القيود إلى فوضى إعلامية، بينما لم تقم السلطة الانتقالية بأيّ خطوات لإعادة تنظيم الإعلام المصري هيكلياً وتشريعياً بما يتناسب مع الواقع الجديد. وتعرّضت الأصوات الناقدة لأداء الإعلام إلى المضايقات والتهميش، من جانب جهات حكومية وغير حكومية. وتأثّرت وسائل الإعلام الخاصة بملاّكها من رجال الأعمال الذين ارتبطوا بعلاقات مع نظام مبارك والدولة العميقة.

وعلى الرغم من تولي محمد مرسي الرئاسة فقد أصبح هدفاً مفضلاً للإعلام المحلي الذي أوسعه نقداً واستهدافاً، بل سخرية واستخفافاً، حيث تبارت في ذلك سلسلة من القنوات الخاصة الذائعة الصيت التي يملكها رجال أعمال يرتبطون بمبارك وعهده. ولم ينته الأمر عند هذا الحد، بل إن وسائل الإعلام المملوكة للدولة من قنوات تلفزيون ومحطات إذاعة وصحف ومواقع إلكترونية، كثيراً ما شاركت بقدر أو بآخر في هذه الحملات تحت مظلة الحرية.

وعانى الإعلام المصري حالةً من الاستقطاب خلال حكم مرسي. ولم يستطع مرسي أن يحدَّ من الحملات التي استهدفته وجماعة الإخوان المسلمين، والتيار الإسلامي عموماً. وامتلأت القنوات الإعلامية بعبارات مثل “أخونة الدولة”، و”ميليشيات الإخوان المسلمين”… ونتج عن ذلك رفع عدد غير مسبوق من القضايا أمام المحاكم ضدّ الصحفيين والإعلاميين بتهمة “إهانة الرئيس”.

وتشير الدراسة إلى أنه وعلى الرغم من تعيين وزير جديد للإعلام موالٍ لجماعة الإخوان المسلمين، وتعيين مجلس الشورى، الذي يُعَدّ الكثير من أعضائه من الإسلاميين، رؤساء تحرير جدداً، فقد تعامل مجلس الشورى مع موضوع التعيينات بموضوعية لافتة، حيث لم يعيين سوى اثنين من المحسوبين على الإخوان من أصل خمسين. كما بقي العديد من هذه المؤسّسات موالية لنظام مبارك، وكان الصراع صراع سلطة وولاء لنظام دون آخر، بدل أن يكون الولاء للمعايير الصحفية المهنية أو للشعب.

وتلفت الدراسة النظر إلى أن وسائل الإعلام المصرية لعبت دوراً مهماً في الانقلاب على الرئيس مرسي، خصوصاً فيما يتعلق بإشعال نقمة المصريين عليه، وعلى الإخوان المسلمين. فقد اعتمدت وسائل الإعلام المصرية الهجوم المنظم والمستمر، وحرصت على تحميل مرسي والإخوان مسؤولية أيّ إخفاق أو سلبيات، حتى لو كانت مزمنة ومتوارثة منذ عهد مبارك. وانتشرت شائعات لم تهدف فقط إلى إسقاط الإخوان وتهيئة الساحة للسيسي لتصدّر المشهد، بل لاستخدامها بعد ذلك عند اللزوم في تثبيت حكم السيسي ومحاولة احتواء أيّ إخفاقات يواجهها. وهو ما أكده الإعلامي توفيق عكاشة الذي أعلن عن وجود علاقة وتعاون بين إعلاميين وأجهزة الأمن المصرية بهدف إسقاط جماعة الإخوان المسلمين والرئيس مرسي، وقال عكاشة، إن جميع الإعلاميين هم “أصدقاء الأمن وكانوا عايزين يطيحوا بالإخوان”.

وتذكر الدراسة أن وسائل الإعلام المصري اعتمدت في الشائعات في عهد مرسي على ثلاث استراتيجيات رئيسية، هي: الطعن في شرعيته، والطعن في وطنيته ووطنية الإخوان، وفي تشبيهه بمبارك والإخوان بالحزب الوطني.

وتوضح الدراسة أن المشهد الإعلامي في مصر دخل مرحلة جديدة بالغة الدلالة والخطورة بعد عزل الرئيس مرسي، فقد تحول الإعلام بشكل واضح إلى أداة صريحة في الصراع السياسي بين السلطة الانتقالية الجديدة وبين الإخوان المسلمين وأنصارهم. وزادت صعوبة إيجاد مكان للأصوات الناقدة في وسائل الإعلام التقليدية. فقد دعمت الكثير من وسائل الإعلام في مصر بقوّة سردية النظام للأحداث، أما الأصوات المعارضة، فكانت شبه غائبة عن الصحف والبرامج التلفزيونية، حيث أغلقت الحكومة وسائل الإعلام المعارضة للانقلاب.

وقام الجيش المصري بإغلاق القنوات الإسلامية والمحسوبة على التيار الإسلامي في غضون ساعات من عزل مرسي، وفُرضت الرقابة على المؤسسات الإعلامية، وتعرضت مكاتب إعلامية أخرى للمداهمات. واتهمت السلطات المصرية وسائل الإعلام الأجنبية بتقديم تغطية منحازة.

كما أصبح المشهد الإعلامي المصري غير مهني عموماً بعد عزل الرئيس مرسي، وبالغت معظم وسائل الإعلام المصرية في دعم نظام ما بعد مرسي، في ظلّ وجود بضعة استثناءات فردية تحاول الحفاظ على بعض التوازن. وفي العموم، امتلأت موجات الإذاعة والتلفزيون بالأغاني والبرامج الحوارية التي تمجد الجيش. ولعب الإعلام المصري دوراً مؤثراً في المشهد السياسي المصري، لا يقتصر على التحيّز فقط، وإنما يتخطاه إلى ما يقول عنه مراقبون ونشطاء إنه “فبركة وتزييف حقائق”.

كما زاد الخطاب التحريضي والعنصري في وسائل الإعلام المصرية حيث تعالت دعوات فضّ اعتصامات مؤيدي عودة الرئيس مرسي بالقوة، وتضمّن بعضها تحريضاً على العنف وسفك دماء المصريين. وتبنّى الإعلام حملات شيطنة المعتصمين في ميداني رابعة والنهضة؛ حيث وصفهم تارة بالمغيبين والمخطوفين ذهنياً، وتارة أخرى بـ”الإرهابيين المسلحين”، وتارة ثالثة بالقتلة المجرمين. ونظرت أوساط ثقافية مصرية باستغراب إلى ما تصفه بالضحالة الفكرية لدى بعض النخب التي تتصدر المشهد الثقافي والإعلامي في مصر.

ومن جهة أخرى، خصصت نحو 28 قناة مصرية رسمية وخاصة تغطيتها لفعاليات المظاهرات تجاوباً مع دعوة السيسي بالنزول إلى الميادين لتفويضه من أجل مواجهة ما أسماه بـ”الإرهاب”. وألغت هذه القنوات برامجها، وركزت تغطيتها على فعاليات تلك المظاهرات. وسبقت مجزرة فضّ اعتصامي رابعة والنهضة حالة من التمهيد الإعلامي للجماهير، بهدف إقناعها بضرورة الفض العنيف للاعتصامات، حتى لو أدى ذلك لوقوع خسائر كبيرة في الأرواح. واستمرت هذه الحملة الشعواء حتى تمّ فض الاعتصام بمجزرة تعدّ الأسوأ في تاريخ مصر الحديث. وعدّ الإعلام المصري الداعم للسيسي عملية الفض كأنها إنجاز قومي، ولم يرَ في هذه العملية إلا عملية نظيفة، وحاول تقديم المشرفين عليها إلى الشعب على أنهم فدائيون وأبطال. وتعمدت وسائل الإعلام المصرية المحسوبة على النظام الشحن والتعبئة ودقّ طبول الحرب مستخدمة كافة الأساليب، حيث تفننت في الكذب مثل الادعاء بوجود جثث أسفل منصة رابعة، وهو الأمر الذي لم يثبت صحته، وذهبت بعض التحليلات إلى تأكيد “فبركة” تلك الصور وتزييفها، مروراً بالادعاء بوجود أسلحة ثقيلة مثل صواريخ الجراد والأسلحة الكيماوية، ووصولاً إلى الافتراء المتعلق بـ”جهاد النكاح”.

وحتى بعد عملية فضّ الميدان وسقوط مئات الضحايا، هاجم بعض الإعلاميين رمز “رابعة”، وأكدوا أنه رمز غير مصري، لتجريم أيّ تعاطف إنساني مع المجزرة.

في المقابل غابت تغطية المظاهرات المؤيدة لمرسي إلى حدّ كبير عن تغطية القنوات المصرية الرسمية والخاصة، والتي اقتصرت في تغطيتها على عرض لقطات محدودة من ميدان رابعة العدوية ضمن مظاهرات أخرى مؤيدة لدعوة السيسي، وكان التركيز الأكبر في تغطيتها على ميدان التحرير، وذلك بالرغم من استمرار اعتصامي رابعة والنهضة لأكثر من أربعين يوماً بحشود هائلة.

وتظهر الدراسة أن النظام المصري بقيادة السيسي لم يُظهِر الكثير من الاهتمام بجعل وسائل الإعلام الحكومية أكثر انفتاحاً وديموقراطية. وشهد الأداء الإعلامي المصري تراجعاً كبيراً، حيث شهد ممارسات حادة ومنفلتة. وراوح الإعلام المصري مكانه في نفق عميق، على صعيد التنظيم والأداء والعائد، وتواصلت الانتهاكات بحق عددٍ من وسائل الإعلام والإعلاميين والصحفيين؛ وهي انتهاكات تنوعت بين الاحتجاز، والاعتداء، والاستهداف القضائي، بحسب عددٍ من المنظمات الحقوقية، وبين المنع، والتقييد، وفق عددٍ من الوقائع الموثقة. ومن بين الانتهاكات التي تمّ رصدها، استمرار غلق القنوات والصحف التابعة للتيار الإسلامي، ومنع بعض الكتاب والمذيعين من تقديم برامجهم، ومصادرة بعض أعداد الصحف وإجبارها على تغيير عناوين معينة أو إزالة مقالات. وتدل المؤشرات إلى أن نظام السيسي كان أكثر قسوةً من سابقيه، حيث تمّ إلغاء عرض البرامج المعارضة والناقدة للنظام، كما قامت وزارة الداخلية بطلب عروض لشراء برمجيات لرصد شبكات التواصل الاجتماعي على الإنترنت.

وعكست تصريحات السيسي المتكررة، بشأن دور الإعلام وأهميته في بناء الدولة الجديدة، حتى قبل توليه السلطة، رؤيةً تنظر للإعلام بوصفه خادماً للسلطة ومكرِّساً لشرعيتها من خلال إقناع الرأي العام بإنجازات الحكومة والحشد والتعبئة للشعب خلفها.

وخلصت الدراسة إلى أنه وبعد مرور نحو خمسة أعوام على ثورة 25 يناير، ما تزال مصر تعاني من وجود قطاع إعلامي سلطوي، وقيود على حرية التعبير. فالإعلام في مصر يتسم بدعمه للنظام. فعلى الرغم من استمرار الأزمات وتفشيها واتساعها خلال فترة السيسي، دافعت وسائل الإعلام هذه عن السيسي، ورأت بأن ما قام به إنجاز لا يتكرر، ويستحيل تحقيقه في أيّ عهد آخر. كما صورت وعود السيسي بشكل مبالغ فيه، وبنت آمالاً كبيرة على السيسي.


https://www.alzaytouna.net/arabic/data/attachments/BooksZ/Book_Egypt_Between_TwoEras_Morsi_al-Sisi/Egypt_BetweenTwoEras_Comparative-Study-5_Media_Performance.pdf
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة Empty
مُساهمةموضوع: رد: مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة    مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة Emptyالسبت 20 نوفمبر 2021, 2:52 pm

 مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة Egypt_BetweenTwoEras_Comparative-Study-6_The-Foreign-Policy_Cover




السياسة الخارجية


ناقشت دراسة صدرت عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، من إعداد ربيع محمد الدنان وإشراف وتحرير د. محسن محمد صالح، السياسية الخارجية المصرية خلال المفترة الممتدة ما بين 25 كانون الثاني/ يناير 2011 وحتى نهاية 2015؛ حيث تناولت الأداء المصري تجاه القضية الفلسطينية، وتطوراتها، كما تحدثت عن العلاقة المصرية – الإسرائيلية، وناقشت السياسة الخارجية المصرية مع أبرز الدول العربية والإسلامية والدولية.

وتأتي هذه الدراسة التي تحمل عنوان ”السياسية الخارجية“، وهي الإصدار السادس ضمن سلسلة دراسات صدرت تباعاً تحمل عنوان ”مصر بين عهدين: مرسي والسيسي – دراسة مقارنة“، وتناولت الأوضاع السياسية والدستورية والأمنية والاقتصادية والإعلامية التي شهدتها مصر خلال عهدي الرئيسين.

وتظهر الدراسة، الواقعة في 90 صفحة من القطع المتوسط، أن مؤسسة الرئاسة المصرية انفردت بتحديد السياسية الخارجية المصرية، وتوجهاتها العامة، بما يتناسب مع مصلحة نظام الحكم؛ حيث احتكرت الرئاسة العديد من الملفات التي تراها حيوية.

فقد اختلفت طريقة واستراتيجية كل من الرئيس محمد مرسي والرئيس عبد الفتاح السياسي في التعامل مع إدارة ملف السياسة الخارجية، ففيما حاول الأول أن يقيم علاقات مع الدول الفاعلة تقوم على مبدأ الندية والتكافؤ، وتعود بالمنفعة والفائدة على مصر أولاً وعلى الدول المستهدفة ثانية، وظّف الثاني حالة الاستهداف والرفض وعدم التعاون التي اتبعتها الكثير من الدول، خصوصاً المتضررة، من صعود ”التيار الإسلامي“، مع النظام المصري في عهد مرسي، وظّف السيسي هذا الواقع لتنفيذ مخطط الانقلاب بدعم واضح من هذه الدول.

القضية الفلسطينية:

تشير الدراسة إلى أن القضية الفلسطينية شكلت رافداً شعبياً للنظام المصري. فمصر تربطها بفلسطين علاقة جيو-سياسية من نوع خاص جداً، حيث تربطها روابط دينية وقومية وتاريخية. واختلفت طريقة تعامل الأنظمة في مصر مع القضية الفلسطينية، وتنوعت ما بين داعم للقضية الفلسطينية، ومدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية، مشرِّع مقاومته للاحتلال، وبين من يرى أن المقاومة لا تصبُّ في صالح مشروع الدولة الفلسطينية وانسحاب الاحتلال. لذلك فقد اختلفت المواقف من خلال تتبع الملفات التي تربط القضية الفلسطينية بمصر. كما مرّت العلاقات المصرية الفلسطينية بعدة متغيرات بحسب الظروف السياسة والعسكرية، وكان للتغيرات السياسية الداخلية التي شهدتها مصر بعد ثورة 25 يناير أثر كبير في تحديد هذه العلاقة.
وجاء في الدراسة أن الحياد المصري في مرحلة ما بعد سقوط نظام مبارك شكّل أحد أهم الأسباب الدافعة لإنضاج ملف المصالحة الفلسطينية والتهيئة الواضحة للتوقيع على الورقة المصرية. وبدأ الدور المصري الراعي لمسيرة المصالحة يستعيد مكانته، ويعيد إنتاج دوره تجاه القضية الفلسطينية وما تفرضه من أولوية تطبيق المصالحة بين الفلسطينيين. فقام المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتحويل ملف المصالحة من جهاز المخابرات إلى وزارة الخارجية. كما أشرف على لقاءات متتابعة جادة بين حركتي حماس وفتح، وصولاً إلى لحظة الإعلان عن توقيع اتفاق المصالحة بالأحرف الأولى بين الحركتين في القاهرة في 27/4/2011، ثمّ التوقيع الرسمي في 3/5/2011.

وعلى الرغم من تأكيد الرئيس مرسي على أن مؤسسة الرئاسة ستعمل ”على إتمام المصالحة الوطنية الفلسطينية“، غير أن ملف المصالحة لم يشهد تقدماً يذكر في عهده. كما انعكست الأحداث في مصر بعد عزل الرئيس مرسي على ملف المصالحة، خصوصاً بعد توتر العلاقات بين الإدارة المصرية الجديدة وحماس.

وتوضح الدراسة أن فوز مرسي شكّل نقطة تحول فارقة في العلاقة بين حماس والحكومة في غزة من جهة ومصر من جهة أخرى. فبعد أن كانت قناة الاتصال الوحيدة بين حماس ومصر تنحصر في جهاز المخابرات العامة، فإن قنوات الاتصال في عهد مرسي باتت تديرها المستويات السياسية العليا في الجانبين. وتوصلت الحكومة المصرية والحكومة الفلسطينية في غزة لاتفاقات بشأن قضايا حساسة، منها اتفاق تشكيل لجنة أمنية مشتركة لمراقبة الحدود وتبادل المعلومات الاستخباراتية والتعاون الأمني.

وفي تطور لافت للنظر، أصدر مرسي قراراً بسحب السفير المصري لدى ”إسرائيل“، على خلفية العدوان على غزة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، ووصف ‏ ما يحدث بأنه ”أمر خطير وعدوان سافر“، محذراً من تداعيات هذا العدوان. كما قام رئيس الوزراء المصري هشام قنديل بزيارة قطاع غزة في أثناء العدوان، على رأس وفد كبير يضم وزراء وقيادات أمنية، أعلن خلالها تضامن بلاده مع الشعب الفلسطيني.

وبعد عزل الرئيس مرسي خيّمت حالة من التوتر وعدم الثقة على العلاقة بين مصر وحماس. وشهدت هذه الفترة حملة تحريض كبيرة ضدّ قطاع غزة بشكل عام، وضدّ حماس بشكل خاص، شنتها أحزاب ووسائل إعلام وشخصيات مصرية متعددة. حيث اتهمت الإدارة المصرية الجديدة حماس بالتدخل في الشأن المصري، من خلال تهريب أسلحة، وإرسال عناصر فلسطينية للمشاركة بأحداث مصر بعد الانقلاب، وذلك على الرغم من أنها لم تقدم أيّ أدلة حقيقية على ذلك. وازدادت العلاقة سوءاً بعد قيام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة في 4/3/2014 بحظر أنشطة حماس مؤقتاً داخل مصر. ورأت حماس أن القرار يُكرّس عداءً للمقاومة الفلسطينية، وأنه جاء تساوقاً مع حملة تحريضية إعلامية مصرية طويلة ضدّ الفلسطينيين وحماس.

وأظهرت الدراسة أنه وبالرغم من القرار المصري بفتح معبر رفح بشكل دائم بعد ثورة 25 يناير، وتسهيل حركة مرور المواطنين الفلسطينيين من المنافذ المصرية، وفق الآلية التي كان معمولاً بها قبل سنة 2007، إلا أن الجانب الفلسطيني لم يشعر بأي تحسينات. كما تمّ منع مرور بعض القوافل الإنسانية والتضامنية، ومنع وفود عربية من دخول غزة. لكن هذا الحال اختلف بعد استلام الرئيس مرسي للحكم، حيث اتخذ موقفاً واضحاً ضدّ الحصار، وقال: ”إن المعابر بيننا وبين غزة مفتوحة لتقديم ما يحتاجه أهل غزة من غذاء ودواء وتعليم وتواصل بين العائلات، فالحدود والمعابر مفتوحة لنقوم بدورنا وبواجبنا تجاه أشقائنا في غزة“.

وبدأ التغيير في سياسة السلطة الجديدة في مصر تجاه قطاع غزة يظهر بشكل ملحوظ بعد أيام قليلة من عزل الرئيس مرسي؛ وذلك من خلال ازدياد وتيرة هدم الأنفاق، وسياسة الغلق والفتح غير المنتظمة لمعبر رفح، والتي كان نظام مبارك ينتهجها؛ ليصل الإغلاق إلى ذروة خانقة في سنة 2015 وبما مجموعه 343 يوماً في السنة، حيث لم يفتح المعبر سوى 21 يوماً.

السنة 2013 2014 2015
أيام الفتح 263 قبل 30/6/2013: 175
بعد 30/6/2013: 88 123 21
أيام الإغلاق 101 قبل 30/6/2013: 5
بعد 30/6/2013: 96 241 343
 

العلاقات الإسرائيلية المصرية:

وجاء في الدراسة أن العلاقات الإسرائيلية المصرية مرت بمرحلة تحوّل تاريخي ‬عقب نجاح ثورة ‬25 ‬يناير، فقد استمرت حساسية الموقف الإسرائيلي وغموضه حتى تنحي مبارك… كما أولت المؤسسات الإسرائيلية اهتماماً كبيراً بتأثيرات الثورة على ”إسرائيل“، وشمل ذلك الكثير من المجالات، أهمها: مستقبل معاهدة كامب ديفيد، ووضع ”إسرائيل“ العسكري والاقتصادي، وميزان القوى في المنطقة، والقضية الفلسطينية بملفاتها المختلفة. وزادت عناصر القلق الإسرائيلي بصعود الإسلاميين المعروفين بعدائهم لـ”إسرائيل“، ورفضهم لاتفاقيات كامب ديفيد، إلى سدّة الحكم.

وعلى الرغم من أن ”إسرائيل“ عملت، منذ اليوم الأول لتسلم مرسي الرئاسة، على إظهار أن العلاقة طبيعية بين البلدين، من خلال إرسال رسائل تهنئة للرئيس مرسي بمناسبة انتخابه، وبمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، رأى باحثون ومعلقون إسرائيليون أن العلاقات بين مصر و”إسرائيل“ خلال حكم مرسي كانت هشة ومتأزمة، بالرغم من محافظتها على معاهدة كامب ديفيد.

لكن هذا الحال اختلف بعد الانقلاب العسكري، حيث لم تُخفِ النُّخب السياسية والعسكرية والمثقفة في ”إسرائيل“ ارتياحها من الذي حدث في مصر. ومما لا شكّ فيه أن تحولاً قد طرأ على العلاقات المصرية الإسرائيلية بعد الانقلاب، حيث جاء هذا التحول بفعل الاعتبارات التي تحكم كلاً من قادة الانقلاب والنخبة الحاكمة في تل أبيب. ولم يكن من المفاجئ احتفاء الإسرائيليين بالانقلاب، حيث إن محافل التقدير الاستراتيجي في تل أبيب رأت أن الانقلاب قد حسَّن بشكل كبير من البيئة الاستراتيجية لـ”إسرائيل“، مما دفع صناع القرار فيها إلى التحرك بشكل فاعل للمساعدة في دعم نظام السيسي، من خلال المساعدة في تأمين شرعية دولية له، عبر تحرك ديبلوماسي ودعائي نشط في أوروبا، والولايات المتحدة، والمحافل الدولية.

كما أعرب عدد من المسؤولين الإسرائيليين عن ”ارتياحهم“ لانتخاب السيسي، ودعوا إلى دعم السيسي، الذي ”أنقذ مصر من السقوط في الهاوية“، بحسب تعبير إيهود باراك. ومن جهته فقد أكد السيسي على أنه لن يسمح بأن يتمّ تهديد أمن ”إسرائيل“ من خلال سيناء، وأكد على إقامة علاقات قوية ودافئة مع ”إسرائيل“، وشدد على أنه “توجد ثقة وطمأنينة ضخمة بين مصر وإسرائيل”.

وتشير الدراسة إلى أنه من الواضح أن الواقع المصري خلال عهد السيسي ارتبط ارتباطاً قوياً بـ”إسرائيل“، ونسق معها في شؤون المنطقة الملتهبة نتيجة الصراعات، إضافة إلى ما يمكن أن يحققه التنسيق مع ”إسرائيل“ من توافق مع واشنطن. ونتيجة لذلك فإن القضية الفلسطينية افتقدت الدور المصري المؤثر، مما يشجع الاحتلال على مزيد من الانتهاكات ضدّ الفلسطينيين.

العلاقات العربية والإسلامية والدولية:

اختلفت طريقة واستراتيجية كل من مرسي والسيسي في التعامل مع الدول العربية والإسلامية والغربية. كما اختلفت وجهات النظر بين السلطات المصرية خلال عهدي مرسي والسيسي، بين مؤيد للثورات وحرية الشعوب، وبين داعم للثورات المضادة، تحت عنوان محاربة الإرهاب. وظهر ذلك واضحاً في تصريحات الرئيسين، ومواقفهما من تطور الأحداث.

ومع وصول مرسي إلى سدة الحكم، برزت تساؤلات عن مدى طبيعة العلاقة التي ستتشكل بين الرئيس المنتمي إلى التيار الإسلامي، مع العالم الغربي وفي مقدمته الولايات المتحدة الأمريكية. ومن جهته فقد حاول الرئيس مرسي أن يولي اهتماماً متساوياً قدر الإمكان في تعامله مع الدائرة العربية، ثمّ الدائرة الإسلامية، فالدائرة الإفريقية، وصولاً إلى الدائرة الدولية. حيث حاول بناء جسور ثقة متبادلة مع الدولة العربية الأكثر تأثيراً في العالم العربي، وربما في المحيط الإسلامي، أي السعودية. كما شهدت العلاقة مع إيران انفتاحاً محسوباً من قبل مرسي، بعد انقطاع دام لأكثر من ثلاثين سنة، ضمن استراتيجية الانفتاح مع العالم الإسلامي وليس وفق اصطفاف دول ضدّ أخرى.

وبالمقابل عكست السياسة المصرية الخارجية، بعد عزل مرسي، هواجس النظام المصري الداخلي، حيث عملت على ترويج ما يحاول النظام ترويجه، من أجل إضافة المزيد من الإنجازات الافتراضية؛ التي تخدم نظام الحاكم وهواجسه في المقام الأول. وعانت السياسية الخارجية من غياب الرؤية؛ مما أفقد مصر دورها كفاعل رئيسي في المنطقة، وجعل مصلحتها تدور في فلك النظم الديكتاتورية؛ في الوقت الذي ارتبطت فيه مصالح النظام بتقوية العلاقات مع ”إسرائيل“، والقوى المناهضة للتغيير والديموقراطية.

وعلى الرغم من تركيز أنصار السيسي على السياسة الخارجية كأبرز نجاحاته، فإن هذه السياسة ارتبطت في مجملها بغاية حرص النظام على الحصول على الاعتراف والقبول الدولي. وبالرغم من أن هذه السياسة بدت وكأنها حققت نجاحات في الحيلولة دون عزلة نظام السيسي، فإن عدداً من الدول الكبرى رأت في علاقتها به أداة لتحقيق مصالحها في المنطقة.



https://www.alzaytouna.net/arabic/data/attachments/BooksZ/Book_Egypt_Between_TwoEras_Morsi_al-Sisi/Egypt_BetweenTwoEras_Comparative-Study-6_The-Foreign-Policy.pdf
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة Empty
مُساهمةموضوع: رد: مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة    مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة Emptyالخميس 09 ديسمبر 2021, 12:46 pm

صحيفة البوستن غلوب انحازت في افتتاحيتها إلى مرسي، مؤكدة أنه "كان يستجيب لقلق مشروع عندما أصدر المرسوم ليحد من سلطات..المحكمة الدستورية..التي يتكدس فيها قضاة من عصر مبارك، ولها تاريخ من الأحكام الملفقة. لقد أيدت قراراً بحل كل الغرفة السفلى من البرلمان لما يبدو من هيمنة زملاء مرسي من الإخوان المسلمين عليه، وهم أعداء النظام القديم. المحكمة أيضاً حلت جمعية منتخبة من 100 عضو أنيط بها كتابة دستور جديد. ربما كانت تعد لحل الجمعية الجديدة أيضاً. كان مرسي على حق في منع ذلك من الحدوث. يجب أن يُكتب الدستور الجديد" (30 تشرين الثاني/نوفمبر 2012)
انتهى الاقتباس

هذا ما آمنا به منذ تسع سنوات وهذا ما يجعلني على ثقة أننا تبنينا الموقف الصحيح اتجاه تأييد الشهيد الرئيس محمد مرسي في مواجهة معركة مع الجميع الفاسد ... الدولة العميقة ..مؤسسات الجيش والمخابرات و القضاء والمحكمة الدستورية والنخب السياسية المصرية والماكنة الاعلامية والدعم الخليجي (ونصف شعب) بالكامل اطاح بمبارك وليس لديه مانع ان يأتي بشفيق ..
رحم الله شعلة الأمل التي لو قدر الله ان تبق لملأت المحيط العربي بأكمله ..لكن الأمر لله من قبل ومن بعد وهو غلاب على أمره...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة Empty
مُساهمةموضوع: رد: مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة    مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة Emptyالخميس 09 ديسمبر 2021, 12:46 pm

شيطنة مرسى.. زفرة الفلول الأخيرة

    يذكر الجاحظ في كتابه (البخلاء) أن رجلاً من أهل مرو كان يسافر كل عام للتجارة، فيمر على تاجر من أهل بغداد يحسن وفادته. وكان هذا التاجر المروزي يقول لمضيفه: لو زرتني في مرو لأرد إليك الجميل. وذات يوم، سافر البغدادي إلى مرو، فرأى صاحبه، فأكب عليه معانقاً، لكنه أنكر معرفته به. قال البغدادي في نفسه: ربما لم يعرفني لأنني ألبس العمامة، فخلع عمامته، وقال: هل عرفتني الآن؟ قال المروزي: لا أعرفك! فظن البغدادي أنه لم يعرفه لأنه كان معتمراً القلنسوة، فخلعها وقال: والآن؟ فأنكره المروزي. فقال البغدادي في نفسه: مستحيل، لعله لم يعرفني لأنني ألبس الجلباب، فلما هم بخلعه، صاح المروزي: يا هذا لو خلعت جلدك ما عرفناك!

    تذكرت هذه القصة وأنا أرقب موقف كثير من النخب السياسية التقليدية في المجتمع المصري المعارضة لسياسات الرئيس محمد مرسي منذ فوزه في انتخابات الرئاسة قبل 6 أشهر. إنه موقف الرفض لخيار الشعب والتنكر لما أفرزته صناديق الاقتراع، رغم الدعاية والكلام المزدوج. قبل إعلان فوز الرئيس مرسي في الانتخابات، أجرت فضائية البلد لقاء مع الصحافي مصطفى بكري أكد فيه أنه لن يعترف بمرسي حتى لو انتخبه الشعب. خاطب بكري مرسي وقتها: "حتى لو جئت رئيساً فانتخابك باطل" (23 حزيران/يونيو 2012). بعد أشهر من اللقاء (29 تشرين الثاني/نوفمبر 2012) سأل محمود الورواري، مذيع قناة العربية، بكري: لو تراجع مرسي عن بند أو بندين من الإعلان الدستوري، هل ستقبلون ذلك؟ أجاب: "يجب أن يسحبه كله، ثم يعتذر للشعب، ثم يذهب إلى المحكمة الدستورية، فيقسم أمامها مجدداً، لأنه حنث بالقسم". كان بكري يتكلم بعاطفة جياشة عن الرئيس مرسي، وكأنه يريد أن يعاقب موظفاً في صحيفته أساء الأدب.

    لكن هذا المشهد ليس استثناء من الحملة الشرسة التي ترمي ليس إلى إسقاط الإعلان الدستوري فحسب، بل إلى إهانة الرئيس مرسي، وإظهاره بمظهر القائد الذي لا يدرس قراراته، وصولاً إلى هز الثقة الشعبية بقدرته على إدارة البلاد. لا أجد في التاريخ القريب رئيس دولة تعرض لكل هذا الأذى التي تعرض له الدكتور مرسي. هنا بعض الأمثلة: محمد أبو الغار، رئيس الحزب المصري الديمقراطي، قال إن مرسي ينظر إلى قراراته بوصفها أحكاماً إلهية، ويسير على خطى المستبدين كهتلر وموسوليني (العربية نت، 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2012). ضيف آخر التقت به قناة العربية قال إن "مرسي فعل ما لم يفعله هتلر في ألمانيا، وموسوليني في إيطاليا، وفرانكو في إسبانيا". واستضافت القناة من قال: "أقترح أن يعلن مرسي نفسه خليفة، وأن يُغيّر اسم مصر إلى جمهورية مرسي العربية، وأن تصبح جنسيتي "مرسي" بدلاً من "مصري"، وأن يضع صورته على الجنيه". وحتى قبل الإعلان الدستوري كان هناك من يقارن مرسي بالفاشيين والنازيين. الطبيب النفسي أحمد عكاشة سخر من الرئيس قائلاً إنه لا يبتسم، ويفتقد الكاريزما التي كان يملكها عبد الناصر والسادات، وإن مصيره ربما يكون مماثلاً لمصير موسوليني وهتلر (المصري اليوم، 8 تشرين الأول/أكتوبر 2012).

    راجت في أقنية الفلول والمعادين للإسلاميين شيطنة الرئيس (demonization)، أو نزع الإنسانية عنه (dehumanization) بطريقة فجة ومقرفة في آن. الممثل حسين فهمي خاطب مرسي بقوله: "لا نريد أن يضعك التاريخ في خانة موسوليني وهتلر". اللافت أن صحيفة كيهان الإيرانية وصفت مرسي بأنه فرعون في طور التشكل، وكذلك قالت صحيفة "إسرائيل هايوم" التي نشرت تقريراً عن مرسي بعنوان: "مرسي نصّب نفسه فرعوناً جديداً لمصر". (23 تشرين الثاني/نوفمبر 2012). وظهر في مجلة الإيكونومست البريطانية رسم كارتوني يصور مرسي في شكل هرم (أبو الهول) وهو يسحق مواطناً مصرياً (2 كانون الأول/ديسمبر 2012). واتفقت معها إلى حد ما مجلة "ذا ترمبِت" الأميركية الشبكية الشهرية التي نشرت رسماً كارتونياً يصوّر الرئيس في هيئة الفراعنة، إلى جانب مقال لأحد معلقيها بعنوان: "مرسي: فرعون جديد". فرانس 24 نشرت هي الأخرى تقريراً تساءلت في عنوانه: "مرسي رجل دولة في الخارج وفرعون في الداخل؟" (22 تشرين الثاني/نوفمبر 2012). وكرر مأمون فندي هذا الربط في صحيفة الشرق الأوسط زاعماً أن مرسي أصبح "الفرعون الذي لا يُسأل عما يفعل" (26 تشرين الثاني/نوفمبر 2012)، وقراراته توجّته "فرعوناً يتضاءل أمامه أي ديكتاتور عرفه التاريخ المصري الحديث" (3 كانون الأول/ديسمبر 2012).

    مدير قناة العربية، عبد الرحمن الراشد، هاجم الإخوان زاعماً أنهم "أكدوا كل ما كان يقال عن فاشيتهم"، فهم "ليسوا أهل ثقة، وفي جوع شديد للحكم"، ولقد "حاولوا 80 عاماً الوصول إلى الحكم بالقوة وفشلوا فشلاً ذريعاً"، وهاهم يصفون الإعلاميين "بالكفرة الفجرة"، فصارت "الشتائم والتهديد والإقصاء..سمات تجربة الحكم الإخوانية" (3 كانون الأول/ديسمبر 2012). حتى تعبير "الإخونجية"، وهو من دعايات النبز بالألقاب التي تترفع عنها الصحافة، وجدت طريقها إلى صحف سائدة كالشرق الأوسط. والتقت قناة العربية بالمخرج خالد يوسف الذي قال: "إن لم يتراجع مرسي، سنسقطه ونحاكمه"، ونقلت عن معارضين قولهم إن مرسي "أغرق مصر في الاستبداد، وأدخلها نفقاً مظلماً" (23 تشرين الثاني/نوفمبر 2012). وفي صحيفة "اليوم السابع" خاطبت الممثلة شريهان الرئيس المصري بالقول: "لقد أسقطت قناعك الزائف بيدك"! (23 تشرين الثاني/نوفمبر 2012).

    في المقابل نجد أن في الصحافة الغربية أصواتاً تتفهم قرارات الرئيس، وتضعها في إطار إعادة بناء مؤسسات الدولة بعيداً عن تغول المحكمة الدستورية التي ألغت في طرفة عين برلماناً انتخبه 32 مليون مصري، وجمدت جمعية كتابة الدستور، وكانت تتحفز لحل مجلس الشورى والجمعية التأسيسية الجديدة للدستور، وربما لعزل الرئيس نفسه، فبادر الرئيس إلى تحصين قراراته مؤقتاً، حتى يكتمل الدستور ويجري التصويت عليه. نوح فيلدمن، أستاذ القانون بجامعة هارفرد، ألقى باللوم على الدستورية التي "تمتعت بسمعة حسنة في تمرير الحكم الاستبدادي"، لنظام مبارك، ولم تكن، بحسب ناقدين، سوى "خاتم يمهر قراراته". ولما سقط النظام، اجتهدت المحكمة في "تقييد الحكومة"، وانضمت إلى "شراكة ضد الديموقراطية مع الجيش". ويضيف فيلدمن أن "ثمة سبباً وجيهاً للاعتقاد بأن المحكمة كانت تتأهب لحل مجلس الشورى، تماماً كما صنعت بالبرلمان- مجرد خطوة لإلغاء الانتخابات الرئاسية، محدثة بذلك انقلاباً دستورياً ضد مرسي" (صحيفة نيوزدي، 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2012).

    صحيفة البوستن غلوب انحازت في افتتاحيتها إلى مرسي، مؤكدة أنه "كان يستجيب لقلق مشروع عندما أصدر المرسوم ليحد من سلطات..المحكمة الدستورية..التي يتكدس فيها قضاة من عصر مبارك، ولها تاريخ من الأحكام الملفقة. لقد أيدت قراراً بحل كل الغرفة السفلى من البرلمان لما يبدو من هيمنة زملاء مرسي من الإخوان المسلمين عليه، وهم أعداء النظام القديم. المحكمة أيضاً حلت جمعية منتخبة من 100 عضو أنيط بها كتابة دستور جديد. ربما كانت تعد لحل الجمعية الجديدة أيضاً. كان مرسي على حق في منع ذلك من الحدوث. يجب أن يُكتب الدستور الجديد" (30 تشرين الثاني/نوفمبر 2012).

    مع هذا كله، فقد أبلغ أحمد عبدالفتاح، نائب رئيس النيابة الادارية قناة المحور (3 كانون الأول/ديسمبر 2012) أن الرئيس اتفق مع المجلس الأعلى للقضاء على تعديل الإعلان الدستوري بحيث يشمل التحصين القرارات السيادية فقط. ثم أكد محمود مكي، نائب الرئيس، في لقاء مع قناة الجزيرة، تعهد الرئيس بعدم استخدام الإعلان الدستوري خلال الفترة التي تسبق الاستفتاء على مشروع الدستور (3 كانون الأول/ديسمبر 2012)، لكن ذلك لم يغير من الواقع شيئاً. وبينما تحبس مصر أنفاسها، يهدد السياسي الناصري حمدين صباحي بالمضي في المعركة حتى إسقاط الإعلان، أو إسقاط الرئيس، داعياً إلى مقاطعة الاستفتاء على الدستور بوصفه غير شرعي (المصريون، 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2012).

    لكن مرسي لا يمكن أن يتراجع. لقد وضع لبنات الديموقراطية الوليدة، ولن يكون التراجع إلا انتحاراً. إما أن ينقل مصر إلى الديموقراطية والتعددية بعيداً عن تغول "الدولة العميقة"، وبلطجية "الفلول"، وإما أن ترتكس إلى الوراء وتختطفها قوى الثورة المضادة. هذا لا يعني ألا يمد الرئيس يد الحوار إلى المعارضة سعياً إلى البحث عن قواسم مشتركة، لكن لا سبيل له إلا المضي في الاستفتاء، والاحتكام إلى إرادة الأمة، واستكمال تطهير الدولة، وتفويت الفرصة على "ديكتاتورية الأقلية" التي لم تكف عن الصراخ، حتى قبل الإعلان.

    وكما قال ستيف كليمونز، من مجلة ذا أتلانتك الأميركية (25 تشرين الثاني/نوفمبر 2012)، فإن مرسي قد يكون إبراهام لنْكِنْ الذي ينتشل مصر من وهدتها. يضيف كليمونز: "إذا أراد مرسي أن يصبح زعيماً عظيماً، وينجح في إنجاز الديموقراطية، والانتقال من عصر مظلم إلى عصر أفضل لمصر، فإن عليه الاستمرار في تحدي القطاعات الهشة والمترهلة من المجتمع، في الوقت الذي يرحب فيه بالمعارك المؤسسية التي ستفضي في نهاية المطاف إلى تقييد سلطاته".

    إنها معركة مصر. وربما معركة الأمة برمتها.

    أحمد بن راشد بن سعيد
    *أستاذ الإعلام السياسي بجامعة الملك سعود
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
مصر بين عهدين مرسي والسيسي: دراسة مقارنة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث متنوعه-
انتقل الى: