منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 الأردن وإسرائيل: ما الجديد في اتفاقات المياه المتجددة؟

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الأردن وإسرائيل: ما الجديد في اتفاقات المياه المتجددة؟ Empty
مُساهمةموضوع: الأردن وإسرائيل: ما الجديد في اتفاقات المياه المتجددة؟   الأردن وإسرائيل: ما الجديد في اتفاقات المياه المتجددة؟ Emptyالسبت 20 نوفمبر 2021, 3:10 pm

الأردن وإسرائيل: ما الجديد في اتفاقات المياه المتجددة؟


 تأتي هذه الورقة ضمن إنتاج المشاركين/ات في برنامج "التفكير الإستراتيجي وإعداد السياسات" - الدورة السابعة، الذي ينفذه مركز مسارات بالتعاون مع الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي.

مقدمة

اتفقت المملكة الأردنية الهاشمية مع الجانب الإسرائيلي على شراء 50 مليون متر مكعب إضافية من المياه سنويًا، وذلك خلال لقاء أيمن الصفدي، وزير الخارجية الأردني، مع يائير لبيد، وزير الخارجية الإسرائيلي، على الجانب الأردني من جسر الملك حسين، بتاريخ 8 تموز/يوليو 2021.[1] وجاء هذا اللقاء بعد أسبوع من لقاء الملك عبد الله الثاني برئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت.[2] وتأتي هذه اللقاءات بعد حالة من التوتر في العلاقات الأردنية الإسرائيلية خلال عهد رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو.

يعدّ هذا الاتفاق استكمالًا لبروتوكول تزويد المياه الملحق باتفاقية وادي عربة، الذي كان من المفترض تنفيذه منذ العام 2010، ويأتي في ظل إشكالات متصاعدة حول ملف المياه واتفاقية الغاز بين البلدين.

تناقش هذه الورقة دلالات توقيع هذا الاتفاق في ظل استمرار الخلاف السياسي الإسرائيلي - الأردني، ومساهمة الاتفاق في حل إشكالية الأمن المائي الأردني.

يبدو أن لقاء الملك عبد الله مع بينيت ساهم في كسر جمود العلاقة بين البلدين، ودفع باتجاه مزيد من التعاون بعد أكثر من عقد على التوتر، ويدلل على ذلك أن الاتفاقية الموقعة بين البلدين تناولت جوانب تجارية أخرى بالإضافة إلى موضوع المياه. كما أن الاستمرار في اتفاقية الغاز على الرغم من المعارضة الداخلية الأردنية يدفع نحو ذلك.

وفي المقابل، ينظر إلى هذا الاتفاق على أنه استمرار لما سبقه من اتفاقات تزيد من هيمنة إسرائيل، وقدرتها على التحكم في موارد الأردن الإستراتيجية واقتصاده.

المياه الأردنية

يعدّ الأردن ثاني أكثر البلدان فقرًا في مصادر المياه، إذ تبلغ موارده المائية المتجددة أقل من 100 متر مكعب للفرد، مقارنة بحصة الفرد عالميًا وإسرائيليًا البالغة 500 متر مكعب.

تتشكل مصادر المياه في الأردن من المياه الجوفية (60%)، والمياه السطحية (28%)، ومياه الصرف الصحي المعالجة (12%)، ويعد القطاع الزراعي المستهلك الرئيسي للمياه، إذ بلغت نسبة استهلاكه حوالي 53% في العام 2013، يليه القطاع المنزلي بحوالي 42%، ومن ثم القطاع الصناعي (صناعات البوتاس والفوسفات بشكل أساسي) بحوالي 5%.[3]

المياه بين الاتفاقات الموقعة والإخلال المستمر

يتشارك الأردن مع إسرائيل في مياه بحيرة طبريا ونهري اليرموك والأردن، إضافة إلى آبار جوفية. ويتشارك كل من الأردن وفلسطين وإسرائيل وسوريا ولبنان في مياه نهر الأردن، الواقع حاليًا تحت السيطرة الإسرائيلية.

ابتدأ وضوح النزاع على الموارد المائية عندما ادعت إسرائيل في خمسينيات القرن الماضي أن مصدر حصتها المائية هي منطقة "مثلث نهر اليرموك" (المنطقة الواقعة بين جنوب بحيرة طبريا وشرق نهر الأردن وشمال نهر اليرموك)، لكن قرر العرب مجتمعين، في العام 1953، أن حصة إسرائيل من نهر اليرموك لا تزيد على 17 مليون متر مكعب، وأن تأخذ باقي الحصة من بحيرة طبريا ونهر الأردن.[4] وفي نفس العام بدء تطوير "خطة جونستون"[5]، وبلغت فيها حصة كل من سوريا ولبنان 9%، وإسرائيل 26%، وباقي النسبة 55% للأردن والضفة الغربية التي كانت تابعة لها آنذاك.

وعلى الرغم من قبول الخطة من قبل اللجان الفنية للدول الواقعة على ضفاف النهر، إلا أنه لم يتم التصديق عليها، ما أدّى إلى استغلال مياه نهر الأردن بمشاريع أُحادية دون التقيّد بالتقسيم المُقترح.[6] ومع ذلك، استمّر الأردن بالتمسّك بحصته المنصوص عليها، متضمنة حصته من المياه المتدفقة من نهر اليرموك، لكنه لم يحصّل حقوقه المائية وفقا لخطة جونستون.[7]

اتفاق وادي عربة

بعد خروج بقية الأطراف من الخطة المذكورة، توّجهت الأردن إلى الاتفاق الثنائي بينها وبين إسرائيل، الذي مهّد بدوره لمعاهدة وادي عربة في العام 1994، إذ تم الاتفاق فيها على أن تزود إسرائيل الأردن بما يصل إلى 55 مليون متر مكعب سنويًا من مياه بحيرة طبريا، عبر قناة الملك عبد الله إلى عمان، مقابل سنت أميركي واحد لكل متر مكعب[8]، إلا أن إسرائيل تزوّد الأردن فقط بـ 30 مليون متر مكعب.[9] واتفق الطرفان أيضًا على الحصول على فيضان نهر اليرموك دون التطرق إلى حصة سوريا، وهي الأكبر والأكثر إشكالية.[10]

 ووفقًا للملحق 2 من اتفاقية وادي عربة، الذي يفصّل المادة 6 من نص المعاهدة، تحصل إسرائيل على 12 مليون متر مكعب من مياه نهر اليرموك في فترة الصيف، و13 مليون متر مكعب في فترة الشتاء، فيما يحصل الأردن على "باقي التدفق"؛ لكن هذا المصطلح الفضفاض أعطى المجال لإسرائيل بالاستيلاء على حصة الأردن بطرق غير مباشرة، كإنشاء ستة سدود على الأودية التي تصب في روافد نهر اليرموك وقبل نقطة المصب في نهر الأردن، مما أدّى إلى فقر منسوب الأخير عبر الزمن.[11]

ومن دلالات سياسة إسرائيل الممنهجة لفرض التبعية المائية على الأردن وتجفيف نهرها الرئيسي، عرقلة مشاريع عربية مشتركة عدّة، منها مشروع ماكدونالد في العام 1950، ومشروع بونجر في العام 1953، من خلال الضغوطات المستمرة على الإدارة الأميركية، إضافة إلى وضع شروط لإتمام مشروع سد الوحدة بين الأردن وسوريا والمطالبة بحصص منه، بينما أنشأت هي سدودًا على اليرموك من غير شروط.[12] كما عملت أيضًا على مشروع تحويل نهر الأردن من الشمال إلى النقب، ومشروع تحويل مياه البحر المتوسط المالحة إلى وادي الأردن لتوليد الطاقة الكهربائية.[13]

استغلت إسرائيل استئجارها لأراضي الغمر والباقورة من الأردن بعقد لمدة 25 سنة، إذ ركّبت مضخات ضخمة في منطقة الباقورة لسحب المياه الفائضة بالكامل من نهر اليرموك بنحو 70 مليون متر مكعب، وصبّها في طبريا، وهذه المياه من حق الأردن وفق اتفاقية وادي عربة.[14]

ومن أهم البنود التي نصّت عليها معاهدة وادي عربة أن "يعمل الطرفان لإيجاد مصادر مائية توفر للأردن 50 مليون متر مكعب إضافية"، وتوّصل الأردن مع إسرائيل لاتفاق في العام 1998 لتزويد المملكة بـ 25 مليون متر مكعب سنويًا في الصيف، و25 مليون متر مكعب مياه محلاة، إلا أن إسرائيل لا تزال تتنصل من هذا الاتفاق حتى الآن".[15]

وانبثق أيضًا اتفاق فرعي بين البلدين بموجب وادي عربة، في العام 2010، لشراء 10 مليون متر مكعب[16]، وعلى هذا الأساس وافقت حكومة تل أبيب على الطلب الأردني الأخير بالحصول على الإمدادات الإضافية اللازمة، وبسعر مرتفع (65 سنتًا للمتر المكعب)، وسيستمر بالارتفاع مع استمرار الطلب.[17]

المياه: ما الجديد؟

تصل حاجة الأردن السنوية من المياه إلى 1.3 مليار متر مكعب، وبما أن أغلب موارده محدودة لأسباب عدة، منها سحب دول الجوار المستمر للمياه الجوفية، والسحب الداخلي الجائر، وانخفاض منسوب نهر الأردن، وسوء إدارة تجميع مياه الأمطار؛ فإن تلك العوامل تدفع الأردن باتجاه مساومات اقتصادية تعمّق التبعية الجيوسياسية لإسرائيل والدول المجاورة.

يتضح ما سبق من خلال توقيع الأردن على اتفاقية استيراد الغاز الإسرائيلي رغم المعارضة الشعبية القوية، واضطراب العلاقات الثنائية بين الأردن وإسرائيل خلال فترة نتنياهو، الذي رفض باستمرار إمداد الأردن بالمياه، وعرقلة زيارة ولي العهد للأراضي المقدّسة.

يأتي كل ما سبق في سياق سياسي تتكرر فيه انتهاكات إسرائيلية لاتفاق وادي عربة والبروتوكولات التي تليه؛ من خلال سحبها فائض مياه اليرموك، وإقامة سدود لا شرعية، ومشاريع تحويل مائي تؤدي جميعها إلى تجفيف نهر الأردن.

يمكن الاستنتاج من خلال تتبّع النهج الإسرائيلي بمؤسساته السياسية عبر الزمن، أن هذه الخطوة تأتي ضمن إطار إعادة ضبط العلاقة على مستوى سياسي أكثر منها لتعزيز التعاون الاقتصادي الحقيقي، إذ لا يوجد أي حديث رسمي من الجانبين عن مراجعة أو استرداد الحقوق الأردنية المنصوص عليها في الاتفاق، أو التطرّق إلى المشاريع الإسرائيلية القائمة التي تؤثر على التوزيع البيئي الطبيعي للموارد.

وتظهر تصريحات رسمية من الجانبين تدعم هذه الخطوة، وتعتبرها بمنزلة تحريك للعلاقات الراكدة لكن بغلاف تجاري؛ مثل تصريح كارين الحرار، وزيرة الطاقة الإسرائيلية، "وقعنا بروتوكولًا لزيادة كمية المياه التي نزود بها الأردن، وهذا إعلان لا لبس فيه بأننا نريد علاقات حسن جوار"[18]، وكذلك تصريح لبيد حول أن الأردن جار وحليف مهم لإسرائيل، وأن "الحوار الدائم بين البلدين سيستمر لتعزيز الروابط الثنائية".[19]

ولعل أوضحهم إثباتًا للفرضية ما صرحت به صحيفة "جيروزاليم بوست" حول لقاء الملك وبينيت بالقول "يجب على البلدين رأب الصدع، واتخاذ خطوة في هذا الاتجاه، وأن تطرق إلى صفقة مياه".[20]

أما على الصعيد الأردني، فقال الملك عبد الله خلال مقابلة مع شبكة سي إن إن: "خرجت من تلك الاجتماعات (لقاءي بينيت وغانتس) وأنا أشعر بالتشجيع الشديد، وأعتقد أننا رأينا في الأسبوعين الماضيين، ليس فقط تفاهمًا أفضل بين إسرائيل والأردن، ولكن الأصوات القادمة من كل من إسرائيل وفلسطين تشير إلى أننا بحاجة إلى المضي قدمًا".[21]

خاتمة

أثبت التاريخ السياسي أن إسرائيل ليست جديرة بالثقة، خصوصًا على مستوى الالتزام بالاتفاقات الموقعة؛ إذ لا تكتفي بخرق معظم بنود الملحق الثاني من وادي عربة واستغلال غير واضح منه لمصالحها فحسب، بل توّظف حاجات الأردن الماسّة لبيعها موارد هي بالأصل من حقها الطبيعي ومنصوص عليها؛ وهو ما يثير التساؤل حول فرص التوجه إلى القانون الدولي لاسترداد حقوقها بديلًا من الحلول المطروحة، وآخرها عملية الشراء.

لكن الأسوأ، أن إسرائيل تسوّق هذا التلاعب إعلاميًا كمبادرات ديبلوماسية لتحسين علاقات الجوار والاستقرار في المنطقة، هذا بالطبع من غير تأويل الممارسات اليومية الممنهجة لتلويث الموارد المائية الأردنية، مثل رمي مخلفات مزارع الأسماك الإسرائيلية في نهر الأردن وغيرها.[22]

الهوامش

** ما يرد في هذه الورقة من آراء تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعكس بالضرورة موقف مركز مسارات.

[1] بيان وزارة الخارجية الأردنية حول محادثات وزير الخارجية مع وزير خارجية إسرائيل، حساب وزارة الخارجية الأردنية على تويتر، 8/7/2021: bit.ly/3g1NUnI

[2] مقابلة الملك عبد الله الثاني مع شبكة سي إن إن، قناة الديوان الملكي الهاشمي على يوتيوب، 25/7/2021: bit.ly/3xFfUUo

[3] استهلاك المياه، موقع فَنَك للمياه، 2015:bit.ly/3E09XWe

[4] تنصل من بعض حقوق الأردن المائية، قناة المملكة، 28/10/2018:bit.ly/3hpsG3Q

[5] الخطّة المائية الأساسية والموحدة لتوزيع الحصص المائية بين الدول المتشاركة في وادي الأردن، وقد أدار مفاوضاتها وطوّرها السفير الأميركي إريك جونستون بين عامي 1953 و1955، بناء على خطة سابقة طُوِّرت لحساب وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا).

[6] الموارد المائية المشتركة في فلسطين، موقع فَنَك للمياه، 19/6/2015: bit.ly/3jZxJK9

[7] تنصل من بعض حقوق الأردن المائية، مصدر سابق.

[8] الأردن يوقع اتفاقًا لشراء 50 مليون متر مياه مكعب من إسرائيل، بي بي سي عربي، 12/10/2021:bbc.in/3brAS0d

[9] ملك الأردن ورئيس وزراء إسرائيل "التقيا سرًا لبحث فتح صفحة جديدة في العلاقات"، بي بي سي عربي، 9/7/2021: bbc.in/3EtROQc

[10] 25 عامًا على "وادي عربة" .. هل أنقذت الأردن من العطش؟ الجزيرة نت، 26/10/2019:bit.ly/3BVJuaK

[11] المصدر السابق.

[12] تبعات الهيمنة المائية الإسرائيلية على الأمن المائي الأردني، حبر، 10/7/2021: bit.ly/3tq64W4

[13] المياه في الصراع العربي- الإسرائيلي، وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا): bit.ly/3BH4pxD

[14] تنصل من بعض حقوق الأردن المائية، مصدر سابق.

[15] المصدر السابق.

[16] نقص مياه الأردن .. أزمة طبيعية وميل إسرائيلي لاستغلالها سياسيًا، وكالة الأناضول، 4/5/2021:bit.ly/3jVu4ws

[17] إسرائيل تضاعف كمية إمدادات المياه السنوية للأردن في إطار "علاقات حسن الجوار"، فرانس 24، 12/10/2021: bit.ly/3BBRtt1

[18] المصدر السابق.

[19] إسرائيل تبيع الأردن 50 مليون متر مكعب إضافية من المياه، دويتشه فيله، 8/7/2021:bit.ly/2ZLM1GM

[20] بعد رحيل نتنياهو .. هل تتجه العلاقات الأردنية الإسرائيلية إلى التعافي؟ الجزيرة نت، 15/7/2021:bit.ly/3byW04H

[21] مقابلة الملك عبد الله الثاني مع شبكة سي إن إن، مصدر سابق.

[22] نهر الأردن يحتضر .. الاحتلال يمتص حقوق الأردن المائية، عربي 21، 7/3/2021: bit.ly/3BEz92f
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

الأردن وإسرائيل: ما الجديد في اتفاقات المياه المتجددة؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأردن وإسرائيل: ما الجديد في اتفاقات المياه المتجددة؟   الأردن وإسرائيل: ما الجديد في اتفاقات المياه المتجددة؟ Emptyالسبت 18 ديسمبر 2021, 9:54 am

الدولة الأردنية ومخاطر الاستحقاقات المستقبلية: زيادة الاندماج الاقتصادي مع الكيان تهديد امني

 

د. خالد مفضي الدباس
واجهت الدولة الأردنية منذ تأسيسها استحقاقات مفصلية، وخطيرة، كنتاج لتداعيات القضية الفلسطينية، التي كانت وما زالت الواسطة في عقد بناء هوية الدولة الاردنية، وتحديد مستقبلها، فقد بقي الأردن عبر تاريخه ينتهج سياسات تطالب بالحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني، وحل الدولتين، وحق اللاجئين في العودة، وغيرها…. من حقوق الشعب الفلسطيني، فهي قضايا مصيرية وحاسمة تحدد مستقبل الاردن، ولذلك فإن إمكانية الانفصام بين الأردن والقضية أمر غير كائن، والعلاقة بينهما بنيوية في جوهرها وتداعياتها.
 لكن شواهد العصر في وقتنا الراهن قد بدأت تشير الى ان المرحلة القادمة هي الأخطر، فإذا كانت فلسفة تشرشل قد قضت بضرورة خلق كيان سياسي ضعيف الى الجوار من الكيان الصهيوني، ويمتاز بالهشاشة ولا يشكل خطرا عليه، فأن المسألة قد بدأت تأخذ منحا تصعيديا، على نحو أخطر، باتجاه تكريس سياسة التبعية على نحو يجعل من مستقبل الدولة الاردنية بكليته رهينا لحسابات الكيان الصهيوني، وبما يضمن افراغ أي إرادة سياسية اردنية مناوئة في المستقبل، ولا يمكن ان يتحقق ذلك الا عبر التحكم بالسلع الاستراتيجية ومنها الطاقة، والمياه.
 وفي ظل الاشكاليات الاقتصادية البنيوية المتعاظمة التي يعاني منها الاقتصاد الأردني، فإن الفرصة قد بدت مواتيه على نحو يعمق ارتباط الاقتصاد الاردني بالاقتصادي الصهيوني، ولتسريع هذا الاتجاه فإن الامر لا يتم الا عبر افتعال مزيد من ألازمات الاقتصادية في الداخل الأردني التي تمس حياة المواطنين ومقدراتهم، وبصورة مباشرة، كما حصل في موضوعي الطاقة والمياه، فما كانت الدولة لتجرؤ نحو مزيد من الاندماج الاقتصادي مع الكيان الصهيوني دون خلق المبررات الموضوعية اللازمة لتحقيق ذلك. فقد استبقت تفجيرات سيناء عام 2014 التوقيع على اتفاقية الغاز الاردني مع الكيان الصهيوني، واتهم داعش في وقتها بأنه الفاعل والشيطان الأكبر الذي يريد تنغيص عيشة الشعوب، وذلك قبل ان تجلي الحقائق بأن هذا التنظيم الإرهابي ما هو الا صنيعة استخباراتية لغايات التوظيف السياسي من قبل مجموعة من الشركاء الإقليميين والدوليين. وبين عشية وضحاها، تبخرت مياه السدود في الاردن، وظهرت بحيرات حمراء، وتنادى الائمة لصلاة الاستسقاء، لكن النجدة هذه المرة لم تأتي من السماء، فقد جاء اعلان النوايا ليبشر بحل الإشكالية، فقد غدونا أبناء عمومة، وأصبح العدو الصهيوني مصدر ثقة لتزويدنا بماء طهور، وتناسينا الماضي عندما شربت عمان من المياه الملوثة.
لكن التساؤل الأبرز الذي يثور هنا: الا يعلم الساسة وصناع القرار في الاردن بهذه الحقائق؟، ولماذا على الأردن ان يبقى رهينا للحسابات الصهيونية، ولمصلحة من هذا؟ فهل غدت الدولة رهينة القرار الخارجي، ولم تعد تملك من امرها شيئا، ام اننا وصلنا الى مرحلة يتعذر معها البقاء الا في إطار الاحتماء بضلال الكيان الصهيوني، وفي جميع الأحوال فإن الخطر كامن.
فلا يخفى على أحد منا، ان زيادة الاندماج الاقتصادي مع الكيان الصهيوني، يعني مزيدا من الانكشاف الأمني، على كافة الصعد، فالأمن الغذائي سيغدو مهددا، والامن الاجتماعي سيشهد مزيدا من الانشطار، وامن النظام السياسي سيكون عرضة للابتزاز السياسي، ولسنا من ذلك ببعيد، الم يحاصر الأردن في عهد ترامب سياسيا، وجرى تهميش دوره؟،  وفرضت عليه ضغوطات هائلة من اجل تصفية القضية الفلسطينية على حسابه، بدءا من ضرورة التخلي عن الوصاية الهاشمية للمقدسات الإسلامية، والتنازل عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين واسقاط حق العودة، وتجفيف المصادر المالية للأونروا، والقائمة تطول.
والمراقب الجيد للأحداث يلحظ بكل وضوح ان الاجندات الامريكية بالتعاون مع الكيان الصهيوني تتبنى استراتيجية شرق اوسطية تقوم على ربط الأردن اقتصاديا، وامنيا بالمشروع الصهيوني، بعيدا عن محيطه العربي، لكي يتحول بالتدريج الى كيان سياسي هش لا يملك إرادة سياسية حقيقية، ولا حتى حق المناورة، كما هو حال السلطة الوطنية الفلسطينية، التي يطلق عليها البعض اسم سلطة التنسيق الأمني، لكن لماذا هذا الخيار؟
 ولا تتأتى الإجابة عبر موقف أيديولوجي متزمت، لكن المراقب الجيد للأحداث يلحظ بكل وضوح، وبما لا يدع مجالا للشك، بأنه العمل جار على تحويل الأردن من دولة لها إرادة سياسية حقيقية الى مجرد سلطة تنسيق أمني مع الكيان الصهيوني، على شاكلة السلطة الوطنية الفلسطينية في الضفة الغربية، ولا يتحقق هذا الهدف الاستراتيجي للكيان الصهيوني الا بالسيطرة على شريان الحياة وهو التحكم بالموارد المائية ومصادر الطاقة، وهو  ما يجعل مستقبل الأردن ومصير شعبه، تحت رحمة الاحتلال الصهيوني وفقا لمعادلة الهيمنة التامة،  حيث تتكرس سياسية التبعية المطلقة، والقدرة على ابتزاز النظام السياسي الأردني،  ويتم افراغ أي مشروع سياسي اردني مستقبلي مناوئ ، وهو ما يخلق خلق حالة من عدم الثقة بين بين النظام والشعب، وهذه المعادلة تفضي في الحسابات النهائية الى هيمنة مطلقة لهذا الكيان وتعزيز إمكاناته في تحقيق الاختراق السياسي للدولة الاردنية.
لن يقف الامر عند هذا الحد، فمصادرة القرار السياسي الاردني ستغدو امرا حتميا، وسيتحول مجرى الصراع ليكون صراعا بينيا بين السلطة والشعب، وهو ما يستدعي تضخيم قوى الامن الداخلي الأردني، ومضاعفة اعدادها على حساب القوات القتالية(الجيش)، وذلك لضمان تحقيق الامن الداخلي، وستعمل إسرائيل مع حلفاؤها الغربيين على دعم هذا التوجه، وسيتم ربط المساعدات الاقتصادية بتحقيق هذا الهدف، وتحت مسميات إعادة الهيكلة، وغيرها من المصطلحات الجميلة التي يتقنونها، وسيتحول الأردن رويدا رويدا(وفقا للمخطط الصهيوني) الى سلطة تنسيق امني حامية للحدود….وهو ما لا نتمناه، لكن من عرف أسباب علته، فقد باءت هذه العلة، على حد تعبير فرويد.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
الأردن وإسرائيل: ما الجديد في اتفاقات المياه المتجددة؟
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: اعرف عدوك - أصول اليهود العرقية-
انتقل الى: