أبو جدعان .. الذي أرعب العدو الصهيوني في معارك القدس
سأكتب اليوم عن مقاتل أردني بث إسمه الرعب في قلوب الجيش الإسرائيلي في حرب 1967، عن مقاتل شرس قادم من أرض مؤتة
حيث يرقد الشهداء أصحاب رسول الله صل الله عليه وسلم ، سأكتب عن بطل لم يستسلم وإستمر بالقتال في أرض المعركة
رغم إصابته بثمانية رصاصات، عن بطل يتزين جسده الطاهر بأوسمة تركتها الرصاصات فيه وشماً يفوق أرفع الأوسمة والنياشين،
أوسمة تحكي إقداماً وفخراً يفاخر به ما دام حياً ويورثه لأبنائه وأحفاده، فخراً يضاف إلى بطولة أبناء الكرك
التي ما بخلت بالشهداء للوطن وكان أخرهم الشهيد الطيار معاذ الكساسبة .
عن البطل مصطفى جدعان وراد الخرشه «ابو جدعان» من مواليد قرية ام الينابيع لواء المزار الجنوبي في محافظة الكرك،
التحق بالجندية في اب من العام 1952 وتقاعد في حزيران من العام 1973 خاض خلال خدمته معارك الشرف والبطولة
في القدس عام 1967 ومعركة الكرامة في كتيبة الحسين الآلية الثانية ( أم الشهداء ) .
ابو جدعان الذي استبسل في معركة الشيخ جراح في القدس ولم تخفه طائرات ومدافع ودبابات وبنادق العدو وبقي على مدفعه الصغير
حتى دمر أربع دبابات إسرائيلية وقتل ما قتل من جنوده مما دفع العدو لإنزال مظلي وقصف جوي ومدفعي على تحصينات السرية
حتى إستشهد كافة المدافعين فيها وتم أسر الجنود الذين غلبتهم جراحهم ومن بينهم بطلنا ابو جدعان الذي بقي مع رفاقه في الاسر مدة اربعة شهور،
زاره يوماً موسي ديان في المستشفى بعدما كتبت عنه الصحف الإسرائيلية وكان يحمل بيده صحيفة الأهرام المصرية مكتوب فيها
بعنوان كبير رسالة من محمد حسنين هيكل «ان وصلتك صباحا فصباح الخير وان وصلتك مساء فمساء الخير يا ابا جدعان»،
فقام بسحبها من يد ديان قائلاً له إنها لي لأنها تخاطبني بإسمي، فسأله ديان عن رأيه بالجيش الإسرائيلي فقال له يا ديان المشجع هو السلاح ،
وجيشك جبان والحرب كَر وفر اليوم علينا وبكرا عليك ولا بد من يوم يجيك،
تم إعادته للوطن بصفقة تبادل أسرى، فاستقبلهم جلالة الملك الراحل الحسين في قاعدة المفرق العسكرية وقال لهم
«اهلا برافعي رؤس الاردنيين والعرب» ..
هذا البطل وغيره من ابطال الجيش العربي لم ننصفهم ولو بتدريس البطولات التي سطروها لتقرأها الأجيال القادمة أو الوفاء لهم
بتأمين العيش الكريم وهم يعيشون الآن سني عمرهم المتأخرة، يعيش بطلنا الذي ترسم تجاعيد وجهه خارطة الأردن
في بيت من الطين سقطت أجزاء من سقفه في العاصفة الثلجية الأخيرة ولكن فطرته السليمة وعزة نفسه وكبريائه
لا تسمح له أن يعلن عن حاجته أو أن يمد يده لأنه تعود أن تكون يده هي العليا .
إن وطننا يزخر بقصص البطولة والشجاعة والتي تستحق ان ُتروى وتحكى للأجيال القادمة فأجيالنا تريد ذاكرة وطنية
تحكي قصص البطولة والتضحيات التي قدمها أباؤهم وأجدادهم في سبيل فلسطين والأردن عبر الزمن،
وما تزال أرض القدس وفلسطين تحتفظ برفات شهداء أردنيين يفوح منها رائحة المسك والعنبر إستبسلوا وسقطوا شهداء في سبيل الدفاع عنها .